رواية حسن العطار وبثينه الفصل الحادى عشر 11 بقلم كاتب مجهول

 

رواية حسن العطار وبثينه الفصل الحادى عشر بقلم كاتب مجهول

رواية #حسن_العطار_وبثينة الجزء الحادي عشر 
قبل الاخير

كانت مهمّة حسن صعبة لقد طلب السّلطان مائتي قطعة من كلّ سلاح ،في سبعة أيّام فقط ،وكان ينقصه الصّناع المهرة ، فكّر طول الليل في حلّ، ومرّ بخاطره كيف يملئ زجاجات العطر ، كان يرصفها في صفّ طويل ثم يملئها الواحدة تلو الأخرى ،وفرح بهذه الفكرة . ستصنع الأغلبية وهم أقلّ مهارة القطع ،أمّا المتمرّسون سيراقبونهم ، ثم يرصفونها وراء بعضها ،ويجمعونها معا .سيأخذ الأمر يومين لكلّ سلاح، و فّي اليوم السّابع سيتم تجربتها ،والتأكد من جاهزيّتها للقتال .






أمّا العطار كلفه حسن بصناعة المواد الحارقة ووضعها في براميل ، ولما علم السّلطان بفكرة حسن أعجبته، و أعطاه قلعة خارج بغداد لتحويلها لورشة ضخمة ،وفيها أروقة طويلة ،تصلح لوضع الأسلحة في صفوف ، أمّا الطوابق العلوية ستستعمل لصنع القطع . وجعل على كل فريق قيّما ليراقب العمل .قرّر حسن أن يبدأ بالعربات فهي الأكثر صعوبة ، وسيكتسب العمال مهارات كبيرة عند صناعتها ،وكلما مرت الأيام ستزيد كفائتهم. كان اليوم الأول صعبا ، صانعو البراميل هم من كلفهم حسن بالعجلات، فمن يتقن هذه المهنة قليلون جدا.
في البداية لم تكن العجلات متينة ،وبعد عدة محاولات وجدوا الحلّ ،أمّا بالنّسبة لبقية القطع كانت أسهل ،وكان الحدّادون يصنعون الحدوات و الدروع ،الشفرات الفولاذية، واقترح أحد الحدّادين أن تكون مسنّنة، فاستحسن الغلام ذلك ، وقال: لا أريد أن أكون في طريقها يوم المعركة فستقطع البشر والشّجر ،أمّا صانعو الجلد فكانوا يصنعون السّيور وأعنّة الخيل،لما جاء الليل لم يكونوا قد إنتهوا من العمل ،وبدأوا يحسون بالتعب فأنشد حسن :
...
أعلوا راية السّلطان
كونوا كالصّقور في الميدان
يوم يحين وقت الطّعان
لن نخلف الوعد
باقون كما كان آبائنا على العهد
سيثبت الشّجعان
أسود إنقضّت على قطعان
ففرّوا الكباش منهم والحملان
...
طرب الصنّاع لهذا الشّعر ،وقام أحدهم وكان صوته جميلا فغنّاه ،وغنّى معه القوم في مرح ، وجاءتهم الجواري بطعام وخمر ،فأكلوا وانبسطوا ،ورجعوا للعمل بحماس ،وواصلوا الغناء ،وعندما لاح الفجر إستلقوا على الأرض وناموا ،في الصّباح كانت آلاف القطع الخشبيّة والمعدنيّة مكوّمة بجانب العمّال النائمين ،كان حسن أول من نهض من النوم ،وصاح سيأتي السلطان اليوم ،يجب أن ننزل ما أعددنه من قطع إلى أروقة القلعة و هناك نضعها في صفوف ونجمعها قطعة قطعة ، هيا أسرعوا نحن في حرب، وسيدي يعوّل علي ّ .
نهض الصّناع و هم يفركون أعينهم ، فلم يناموا البارحة إلا ساعة واحدة ،لكنهم سرعان ما إسترجعوا نشاطهم عندما شاهدوا الجواري الجميلات يحملن الحليب و الخبز و الجبن . وبعد ساعة كانت قطع مائتي عربة تغطي الأروقة ،قال حسن سنبدأ الآن ،ركبّوا العجلات على محور العربة !!! وصاح عبد قوي الصّوت بما طلبه حسن ،وكان كلما يقول شيئا يصيح العبد ليسمع كلّ الصّناع الأوامر .
بعد منتصف النهار جاء السّلطان ،ووجد العمّال قد طلوا العربات بلون بنّي فاتح ونقشوا عليها آيات من القرآن ،ولم يتبقّ إلا تركيب الشّفرات القاطعة على جوانب العربة ،وهناك أيضا شفرات صغيرة على جوانب درع الحصان ،إندهش نجم الدين لرؤية صفوف لا تنتهي من العربات مصنوعة بنفس الدقة ،قال في نفسه : شيئ لا يصدّق كيف نجح غلام صغير بصناعة كل ذلك في وقت قصير ،أسرع حسن وسلّم على السّلطان، وقبّل يديه، وقال خلال ساعة ننتهي من العربات ،وسيذهب الجميع للراحة إنّهم يستحقون ذلك ، أجاب نجم الدين : كيف جاءتك فكرة رصف العربات، وصناعتها في وقت واحد إبتسم حسن ،وقال له :من قوارير العطور يا مولاي !!!





و أضاف : لن نحتاج إلى يوم إضافي، في المساء سنجرّب كلّ العربات، وفي اليوم السّابع يمكن لجيشك أن يتحرك ،تكفيني ستة ايام فقط ليكون سلاحك جاهزا .قال السلطان: حسنا سأمر بعد أيّام لأرى النار اليونانية ، فهي من سيحسم المعركة . في الأيّام الموالية صنع العمال قواذف العقرب و ذخيرتها و مدافع النار اليونانية ، وصنع الشيخ نصر الدين عشرين برميلا من السائل الحارق .
صباح اليوم السّابع كان الجيش جاهزا، وأراد السلطان أن يظهر له قوة أسلحته الجديدة ،فأمر بصنع دمى من الخشب و القشّ وأرسل عليها أحد عرباته الحربية ،كان شكلها رهيبا فقد غطت الدّروع الخيل وبرز من جانبيها صفّان من الشفرات المسنّنة ،وعندما وصلت إلى الدّمى مزّقتها إلى قطع صغيرة و تطاير الخشب و القش في الهواء ،صاح الجنود صيحة عظيمة سمعتها كلّ مدينة بغذاد ،ثم أحضروا العقرب، ووضعوا فيها حربة قصيرة، واطلقوها على جدار من الطوب فثقبته ،صاح الجنود مرة ثانية ،ثم جاء دور النار اليونانية ، ووضعوا عل بعد مائة خطوة جذوعا من النخل الجافّة ،ثم أشعلوا المدفع ،فخرج لسان طويل من اللهب أحرق الأشجار ،وبقيت النار تشتعل، ولم تنطفئ . 
هلل الجنود ورفعوا سيوفهم ،وحملوا حسن على الأعناق ،و تجمّع العمّال و الصناع حوله و هم يهنئونه على براعته . نظر الوزير إلى السلطان ، وهمس له : لقد عظم شأن الغلام ، ولو أعطيته ما وعدته به سيصبح له أنصار ومريدون . قال السلطان : بعد المعركة سأقتله مع ذلك الشيخ نصر الدين واحرق بيته ودكاكينه .أما الآن إلى مستنقعات الكوت سيكون لنا الوقت الكافي لنصب كميننا وإختيار مكان أسلحتنا لن ينجوا أحد منهم ..
...
يتبع الحلقة الأخيرة


تعليقات