رواية عروستى ميكانيكي الفصل العاشر بقلم سما نور الدين
استقبلت أصلي زوجها عند البوابة وهي تصيح به :
-اتأخرت ليه ؟ خلاص كتبوا الكتاب وبقت البتاعة دي مراته .
أسرعا كل من مراد وأخته نيرمين للحاق بوالدتهم التي وقفا خلفها وهي تشكو لسمير تأخره وتحكي له عما جرى من تلك الفتاة التي اقتحمت حياتهم .
تركت زهرة إبراهيم ليهدا قليلاً ثم اتجهت ناحية إيمان التي أمسكت بمرفقها وقالت وهي تمشي بجانبها ناحية عمها :
-تعالي سلمي على عمك سمير ، تقوليله إزيك ياعمي وحمدالله على السلامة وبس ، متقوليش حاجة تاني .
التفتت إيمان برأسها ناحية عمتها وقالت متسائلة :
-ليه يا عمتي هو مبيفهمش من العربي غير الكلمتين دول بس !!
وقفت زهرة وإيمان أمام سمير الذي توقف أمامهما ينظر إلى إيمان من أسفل لأعلي بكل ازدراء ، مدت إيمان يدها لتصافحه وهي تقول الإبتسامة تزين شفتيها :
-حمد الله على السلامة يا عمي .
وقفت أصلي ونيرمين بجانب سمير الذي وضع كلتا كفيه بجيبي بنطاله وقال بنبرة ساخرة :
-عمك !! عمك مين يا شاطرة ؟! أنتي مين يا بت أنتي وبتعملي هنا إيه ؟!!
صاحت به زهرة بصوت قوي خافت وهي تنظر حولها خوفاً من أن يسمع أحدهم ما يجري :
-سمير وطي صوتك !! إيه اللي بتقوله دا .
أخفضت إيمان يدها بجانبها وهي تقول بنبرة صوت واثقة قوية :
-عارف يا .. عمي ، لولا أنك عمي أنا كنت رديت عليك رد يلوحك ويزعلك ، بس أنا مش هعمل كدة ، مش عشانك ، لا عشان خاطر الراجل الكبير التعبان دا .
رفع سمير يده لكي يضربها بعد أن ارتسمت بملامحه علامات الغضب الشديد ولكنه وجد من يوقفها بالهواء عالياً ، كان إبراهيم يقف بقبالته وهو يقول بعد ما أنزل بيد عمه لأسفل :
-مش هسمحلك يا عمي تمد ايدك على مراتي ، واللي هي في الأصل بنت أخوك الله يرحمه ، يعني في مقام بنتك .
كذلك مراد الذي قال وهو يتلفت حوله :
-بابا من فضلك الناس بتبص علينا ، وجدي بيشاور من بعيد .
ضربت إيمان كتف إبراهيم باصبعها وقالت غاضبة :
-لا يا باشا بعد إذنك ، أنا أقدر أدافع عن نفسي تمام أوي ، سيبه سيبه خليه يوريني هيمد إيده عليا إزاي .
استدار إبراهيم لزوجته وقال أمراً إياها :
-إيمان اطلعي أوضتك دلوقتي ، وهنتفاهم كلنا بعدين .
حاوطتها عمتها بذراعيها وقالت وهي تحاول أن تسير بها :
-يالا حبيبتي ، يالا .
زمجرت إيمان وهي تحاول أن تتسمر مكانها فقالت :
-سيبيني يا عمتي الله يخليكي ، هو عشان شايفني بالفستان فاكرني إكسلانس ، لا ياعمتي دا أنا الاسطى إيمان .
جمعت زهرة كل قوتها لكي لا تدعها تفلت منها ويحدث ما لا يحمد عقباه ، دلفا الاثنتان لغرفة إيمان التي زفرت بصوت عال وضيق ملحوظ فقالت :
-أنا عايزة أمشي من هنا يا عمتي ، عايزة أرجع بلدي وبيتي .
صاحت بها عمتها وهي تهز كتفيها بقوة :
-مفيش حاجة اسمها عايزة أمشي من هنا ، لأن هنا بيتك زي ما هو بيتهم بالظبط ويمكن أكتر .
تهدلت كتفي إيمان واتجهت للفراش لتجلس فوقه وهي تقول بصوت حزين :
-أنا معرفش ليه قال كدة ، مع إني أول مشوفته لقيته فيه شبه من أبويا الله يرحمه ، اتصدمت فيه ، الله يسامحه..مع إني كنت ممكن أعملها معاه ، بس كويس إنك حوشتيني ، عشان خاطر جدي ، بس بردو أنا عايزة أمشي ، حلو أوي اللي حصل لغاية كدة .
جلست عمتها بجانبها تمسد فوق ظهرها بحنو وهي تقول :
-وتسيبيني وتسيبي جدك بعد ما اتعلقنا بيكي ، وجوزك إبراهيم .
التفتت إيمان برأسها بسرعة وحدة وهي تقول :
-جوزي !! جوز مين يا عمتي ، أنتي عارفة كويس أنها جوازة حلواني ، يعني شوية كدة وبخ .
ضاق ما بين حاجبي زهرة وقالت متعجبة :
-حلواني وبخ !! أنتي بتقولي إيه يا بنت ؟؟
مطت إيمان شفتيها وهبت لتقف أمامها ، مالت بجذعها وصفقت بكلتا كفيها وقالت :
-يعني جوازة أونطة ، حبة وقت وفينش finish ، وكل واحد يروح لحاله .
صدح صوت إبراهيم عالياً وهو يقول :
-ومين اللي هسيبك تروحي لحالك بعد ما بقيتي خلاص مراتي ، يعني أنا بس اللي أقول وأحكم ، فهمتي !!
تخصرت إيمان وهي تقف بقبالته وتقول بنبرة صوت قوية :
-لاااااا !! الكلام دا يا باشا عندها ، لكن عندي أنا ، تدوس فرامل وتقف انتباه ، أنا محدش يتحكم فيا لموأخذة .
اقترب إبراهيم منها وينظر لها بقوة قائلاً :
-اتأدبي وأنتي بتتكلمي معايا ، أنتي خلاص بقيتي مراتي ، يعني تحترمي نفسك .
رفعت سبابتها أمام وجه إبراهيم وهي تقول :
-أنا محترمة غصبن عن أي حد هنا ، وانسى خالص كلمة مراتي دي .
كانت العمة زهرة تريد أن تقف حائلاَ بينهما وهي تردد قائلة :
-اتفاهموا بالراحة يا ولاد .
لكن إبراهيم لم يدع لها فرصة بذلك عندما أمسك بكتفي إيمان ودفع بها ناحية الحائط وهو يقول :
-أنتي اللي غصبن عنك لازم تفهمي إنك بقيتي واحدة تانية غير اللي ساكنة بالحارة هناك ، أنتي هنا إيمان حرم إبراهيم بيه ، واللي على هذا الأساس هتتصرفي وهتكون حياتك الجديدة .
حاولت إيمان أن تتملص من بين يديه ولكن دون فائدة ، وقبل أن تصيح بوجهه ، دلفت دادة فاطمة وهي تقول :
-إبراهيم بيه الحقنا !! جدك تعب وبينادي عليك .
هرع إبراهيم مسرعاً ووراءه زهرة تارك ورائه إيمان التي تنظر للفراغ بأعين زائغة ، افترشت الأرض وهي تقول لنفسها :
-أنا بحلم !! أنا أكيد بحلم ، يمكن لما أقع الجزمة أصحى وأفوق من الكابوس دا .
نزعت الحذاء وهي تتأوه بشدة وتفرك أصابع قدميها وتقول :
-ملعون أبو الكعب العالي .
كانت دادة فاطمة تنظر لها بتعجب حتى قالت :
-حبيبتي مش هتنزلي تشوفي جدك .
رفعت إيمان رأسها وهبت لتقف وتقول وهي تهرول بعيداً عن غرفتها بعد أن استعادت وعيها كاملاً :
-يعنى حقيقة !! وبكل مرة يمسك فيا ويزعق في وشي ، ماشي حاضر لما نشوف آخرتها إيه مع الناس دي .
دلفت إيمان لغرفة جدها وهي حافية القدمين لتجدها مكتظة بالجميع ، والطبيب يقوم بفحص جدها النائم بفراشه ، اقتربت من فراش جدها لتجد من يصيح بها غاضباً :
-أنتي السبب في كل اللي بيحصل !!
أشارت لنفسها وهي تردد قوله بصوت ضعيف :
-أنا !!
فصاح إبراهيم بقوة وهو يقول :
-عمي من فضلك ، كلامك معايا أنا.
رفع الجد يده وهو يقول بصوت ضعيف :
-مش عايز حد في الأوضة غير إيمان وإبراهيم وسمير بس ، الكل يطلع برة ، يالا .
خرج الجميع من الغرفة وقبل أن تخطو زهرة خارجها ، قال الجد :
-استني يا زهرة .
هزت زهرة رأسها وأغلقت الباب ، قال الجد وهو يشير لهم :
-اقعدوا و اسمعوني كويس ، أنا كنت ناوي أكتب نص ثروتي بيع وشرا لابني أحمد الله يرحمه ، لكن بما إن قضاء الله كان أسرع مني ، أنا كتبتها باسم إيمان ، لأن هي الأحق بثروة أبوها كاملة .
هب سمير ليقف ويصيح :
-بتقول إيه يا بابا ، كتبت نص ثروتك لبنت جاية من الشارع ، منعرفش أصلها إيه !!
وقف إبراهيم ليقول بصوت قوي وهو يلوح بيده :
-أصلها تبقى بنت أخوك يا عمي ، ومش هسمح بأي كلمة تمسها أو تمس كرامتها ، لأن كرامة مراتي من كرامتي .
صاح به سمير وهو يضحك ضحكة ساخرة وقال :
-لا يا ابن أخويا ، المسألة مش مسألة كرامة ، المسألة إنك وافقت تتجوز واحدة زي دي عشان الثروة اللي بقت ملكها ، بس صدقني أنت أخدت أكبر مقلب في حياتك ، لأني مش هسمحلها تاخد قرش واحد منها .
ظهرت الصدمة بملامح إبراهيم والذي انقبض صدره خوفاً من أن تصدق إيمان قول عمها ، فقبل أن ينطق قال الجد بصوت هادئ مخيف :
-إيه يا سمير هتعملها إيه ، هتهددها بالقتل وتطردها زي ما عملت مع أبوها من تلات سنين لما جيه يزورني بالمستشفى وأنت منعته حتى يشوفني ، لولا إنك ابني أنا كنت اتصرفت معاك تصرف يخليك تندم ندم عمرك على تهديدك لأخوك .
ازدرد سمير ريقه بصعوبة وقال متلعثماً بكلماته :
-إيه !! يا بابا .. اللي بتقوله دا تهديد إيه ، أنا .. أنا !!
كانت إيمان تنتقل بعينيها بينهم بنظرات زائغة وفاه مفتوح ، لم تشعر بنفسها إلا وهي تقف وتتجه ناحية الباب ، ليصيح بها جدها قائلاً :
-إيمان !!
وقفت إيمان مكانها وقالت بصوت قوي وظهرها لهم جميعاً :
-أنا همشي من هنا ، أنا عايزة أروح بيتنا ، واللي خايف على عمره ميقربش ناحيتي .