روايه عروستى ميكانيكي الفصل الرابع عشر14 بقلم سمانور الدين


 روايه عروستى ميكانيكي الفصل الرابع عشر بقلم سما نور الدين

أغمضت إيمان عينيها حزناً على جدها وعلى مآلت إليه الظروف لذلك مؤكدة لنفسها أنها السبب فيما جرى ، نظرت لعمتها وهي تقول بصوت باكي خافت :

- طب هو كويس ، الدكتور قال حاجة طيب .

فتح الجد عيناه وقال بصوت واهن ، يرفع ذراعه بضعف واضح :

- أنا كويس يا إيمان تعالي ، تعالي اقعدي جمبي .

جلست بجانبه ووضعت كفها الصغير فوق كفه وقالت :

- أنت كويس ؟؟

هز الجد رأسه بالإيجاب بعد أن التمعت عينيه بغشاوة رقيقة من الدموع ، استطردت إيمان قولها وهي تربت فوق كفه :

- شوفت يا جدي قلتلك بلاش ، لكن أنت دماغك ناشفة طالع لبنت ابنك ، اسمع كلامي يا جدي رجع كل حاجة لأصلها ، أنا نا عايزة أكون حفيدتك وبس ، لا عايزة ورث ولا فلوس .

مالت شفتي الجد بابتسامة جانبية وقال :

- أنا فعلاً رجعت كل حاجة لأصلها ، وأصلها أنك أنتي أحق واحدة بفلوس أبوكي ، اوعي تتنازلي عن قرش واحد من حقك ، ولو على عمك سمير أنا هأعرف أتصرف معاه ، وأنتي مالكيش دعوة خالص .

شدت قبضة يدها بكف جدها وهي تقول :

- يا جدي عشان خاطري الحوار وصل للمحاكم وهنقف قصاد بعض والناس تتفرج علينا ، وعشان إيه دا كله الدنيا مش مستاهلة يا جدي ، أنا مش محتاجة أنا بصرف على نفسي من عرق جبيني ، ورشتي مكفياني والحمد لله .

تجهم وجه الجد بالغضب وقال بصوت حاد :

- وووبعدين معاكي كلامك دا هو اللي بيتعبني زيادة ، يالا يالا سيبوني عايز أرتاح .

كتم إبراهيم غضبه بشق الأنفس ولكنه حاول أن يكون ثابتاً أمام جده فقال بصوت قوي :

- ارتاح أنتي يا جدي ومتقلقش ، أنا هتصرف .

استطرد قوله وهو يمد يده لإيمان :
- يالا يا إيمان .
نظرت ليده الممدودة فأشاحت بوجهها بعيداً عنه ، هبت لتقف وقالت لجدها :

- لما نرجع مصر إن شاء الله ساعتها هيحلها اللي لا يغفل ولا ينام .

استدارت وتخطت إبراهيم الذي اصطكت أسنانه غيظاً من تلك العنيدة ، وقبل أن يلحق بها سمع صوت جده وهو يقول :

- إبراهيم حفيدتي أمانة في رقبتك ، دي وصيتي ليك ، إيمان بنت معدنها أصيل ، حافظ عليها ومتزعلهاش ، وأول ما تتاكد أنها تقدر تقف على رجليها لوحدها في الدنيا دي ، ساعتها بس تقدر تتجوز اللي تختارها ، اوعدني يا بني .

مال إبراهيم بجذعه ليقبل يد جده وقال بوجه تعلوه ملامح هادئة مطمئنة :

- أوعدك يا جدي ، متقلقش حبيبي أهم حاجة دلوقتي هي صحتك .
هز الجد رأسه وربت فوق وجنة إبراهيم وكانت عينيه تنطق بإمتنان وحب لحفيده الذي سيكون هو كبير العائلة القادم ، خرج إبراهيم من الغرفة ليجد عمته تقف بقبالته وتقول بوجه جامد الملامح :+

- هنعمل إيه يا إبراهيم في الكارثة دي ؟!

كان يبحث بعينيه عنها ولكنه لم يجدها ، ربت فوق كتف عمته وقال :

- ننزل مصر يا عمتي ونقعد مع المحامي عشان نفهم ، وعلى الأساس دا هنتصرف متقلقيش بس أنتي وخلي بالك من جدي ، هي .. هي إيمان فين !!

أشارت زهرة برأسها ناحية السلم وقالت :

- جريت على أوضتها بس حبيبتي كانت بتعيط ، حتى متدنيش فرصة أتكلم معاها .

شعر إبراهيم بضيق يغلف صدره ، سب نفسه بعدما شعر أنه السبب في حزنها بعد قسوته عليها ، صعد لغرفته ولكنه توقف أمام غرفتها ونقر بأصابعه فوق بابها طرقات خفيفة ليسمع صوتها الباكي وهي تقول :

- مين ؟

أجابها :

- أنا يا إيمان ، افتحي الباب عايز أتكلم معاكي .

رجع برأسه للوراء وهو ينظر للباب فور سماع صراخها وهي تقول :

- مش فاتحة ومات الكلام ما بينا .

زفر بضيق وقال :

- إيمان افتحي نتفاهم .

أسرعت إيمان لتقف أمام بابها وهي تقول بصوت غاضب :

- هو أنت في عنكبوت معشش في ودانك ، قلت مات الكلام ومفيش تفاهم ، واتفضل بقى شوف كنت رايح فين .

ضرب إبراهيم الباب بقبضته وقال :

- لولا حالة جدك والظرف اللي بنمر بيه أنا كنت .. كنت ..
ضرب الباب مرة أخرى ثم أسرع ناحية غرفته قبل أن يكسر الباب فوق رأسها ، فقد تذكر وعده لجده بأنها أمانة لديه ويجب أن يكتم غيظه حفاظاً عليها وعلى وعده .

ظلت إيمان بغرفتها ترفض أي محاولة من عمتها للخروج أو حتى لتناول الطعام إلي أن حل الظلام فضاق صدرها فقررت الخروج ولكنها كانت تدعو ألا تلتقي بهذا الإبراهيم ، فتحت الباب وطلت برأسها فقط لترى إن كان أحداً بالجوار ، وعندما لم تجد أحداً أسرعت بالخروج من الغرفة وعلى أطراف أصابع قدميها سارت بخفة حتى نزلت السلم وبالنهاية زفرت بأريحية عندما خطت خطوتها الأولى داخل حديقة الفيلا ، وعندما اتجهت للارجوحة التي أصبحت مكانها المفضل لتجد من يجلس متهدل الأكتاف وعندما اقتربت أكثر وبتمعن أكبر همست بصوت مسموع :

- أسطى إمام ؟!

هب السائق مفزوعاً واستدار وهو يقول :

- أهلاً آنسة إيمان ، آسف إني قاعد هنا بعتذر .
رفعت إيمان ذراعها وهي تقول معترضة بضيق :

- بس ..بس ..في إيه يا أسطى إمام ، هو أنا قفشتك قاعد في أوضتى ، أنت قاعد في الجنينة وأنا أهو جاية أقعد معاك .

جلست إيمان ونظرت للذي يقف أمامها مطأطأ الرأس ، تأففت بصوت عال وقالت بصوت غاضب :

- أسطى إمام وحد الله كدة واقعد ، أنا النهاردة عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي ومش عايزة مناهدة لأني أصلاً مفرهدة ، اقعد واحكيلي .

رفع رأسه وقال بتساؤل :

- أحكيلك عن إيه ؟!

أشارت له بيدها بأن يجلس وهي تنظر له شزراً بأعين متسعة ، انصاع على الفور لأمرها وجلس فوق الأرجوحة ولكن بنهايتها لتكون هناك مساحة كبيرة متسعة بينهما .
صفقت إيمان بكلتا كفيها وهي تقول بنبرة صوت ساخرة :

- أستغفر الله العظيم هو أنا هاكلك يا بني ، أنت ليه محسسني إني هتحرش بيك !!

ارتسمت على وجه إمام البلاهة ولم يجبها ، استطردت قولها بعد جلست القرفصاء فوق فراش الأرجوحة وقالت :

- شكلك زعلان وقاعد كدة زي اللي جيه يزرعها فراولة طلعت قلقاس ، بس هو أكيد عشان خسرت السباق ، صح ؟

التوت زواية فم السائق بابتسامة باهتة وهو يراها ترفع ذراعيها لأعلى وتقول :

- الحمد لله يا رب أنه خسر السباق ، ماهو أنا اللي ييجي عليا مايكسبش ، شوفت أحسن عشان بعد كدة تسيبني وتخلع ، طب كنت استنيت حبة كنت خدتني معاك أساعدك وأشوفلك العربية ، بس نقول ايه وعلى رأي المثل اللي يحفر حفرة لأخوه هاييجي عليه يوم ومياخدهوش أبوه .

ضاق ما بين حاجبي السائق وضاقت عينيه وهو يقول :

- إيه !! إيه المثل دا ، مفيش مثل كدة .

رددت إيمان وهي تقول بثقة :

- عشان أنت واحد جاهل بالأمثلة القديمة اللي كلها فول وكلور ، بس مش مهم أنا هبقى أعلمك ، أهو حاجة تنفعك ، ها قولي بقى مالك ؟

تنهد إمام وهو يقول :

- بغض النظر عن اللي قولتيه ، بس أنا كسبت سباق السيارات لكن خسرت أهم مسابقة في حياتي ، مسابقة الحصول على عيشة.
ظهر الإهتمام جلياً على ملامح إيمان وقالت بلهفة :

- ليه بس اللي حصل ، اتقدمت وهي رفضتك ، بس لأ مش معقول عيشة شكلها مايل ليك ، يبقى أكيد أمها ، بس بردو لا دادة فاطمة ست طيبة و أكيد مترفضكش ، يوووه إيه الحيرة دي ، انجز يا أسطى اؤمؤم وقول ليه ؟

رجع للوراء بظهره بعد أن شبك ذراعيه أمام صدره ، وقال بنبرة صوت حزينة وهو ينظر أمامه :

- لأن دادة فاطمة مستحيل تجوز بنتها الوحيدة لابن مرات جوزها الله يرحمه .

ظلت إيمان تحدق به لكي تفهم وعندما فشلت بذلك ، هزت رأسها أكثر من مرة ثم قالت :
- معلش هو مين اللي اتجوز أبو مين ، قول تاني بس واحدة واحدة عشان أفهم .

نظر إليها وقال وهو يشير لها بيده :

- يا آنسة إيمان بقول لحضرتك ، إن أبو عيشة كان يبقى جوز أمي ، الله يرحمهم جميعاً بقى .

اتسع فاه إيمان وهي تقول :

- آاااه قولتلي بقى ، جوز أمك يبقى جوز أم دادة فاطمة .

ارتسمت الخيبة بملامح وجه السائق وقال بصوت يشوبه اليأس :

- ياااا أنسة إيمان لو سمحتي ركزي ، جوز دادة فاطمة كان جوز أمي ، يعني أبو عيشة كان متجوز اتنين ، فهمتي حضرتك ؟

عاودت إيمان اتساع فاهها مرة أخرى وهي تقول :

- آااه فهمت فهمت ، جوز دادة فاطمة اتجوز أمك ، أحيييه دا أنت فعلاً حكايتك معقدة ، بس ولا يهمك يا زميلي أنا هساعدك .

أسرع السائق بقوله :

- بجد يا آنسة إيمان هتساعديني ، بس إزاي ؟! دادة فاطمة دماغها ناشفة ومستحيل توافق .

مطت إيمان شفتيها وهي تقول :

- أنت هتعقدها ليه وكمان عيب عليك دا أنا الأسطى إيمان ، محدش هيلين دماغها غيري ، آمين يا أسطى ؟

ردد إمام بصوت خافت :

- آمين .

اعتدلت إيمان بجلستها وهي تقول :

- عارف القعدة دي كانت عايزة إيه ، شوية لب وكوبايتين شاي ، بس يا خسارة قعدة ناشفة .

صاح بغضب من ورائهما إبراهيم الذي اشتاط غضباً فور رؤيتهما سوياً من شرفة غرفته ليسرع إليهما وهو يتوعدهما :

- وليه ناشفة نطلب حالاً شاي وقهوة ولب ، وتبقى سهرة للصبح كمان .

انتفض السائق ليهب واقفاً ، أما إيمان فقد وضعت يدها فوق صدرها بعد أن شهقت بفزع وهي تقول :

- بسم الله الرحمن الرحيم !!

استدار إبراهيم حول الأرجوحة وأمسك بمقدمة قميص إمام واقترب بوجهه منه وهو يقول بصوت غاضب :

- قسما بالله لولا إن عم عبد الله موصيني عليك لكنت دلوقتي مرمي برة الفيلا .

أسرعت إيمان تحاول أن تقف حائلاً بينهما وهي تصيح :

- سيبه يا باشا ، سيبه !!

دفع إبراهيم بالسائق بيده ليتراجع إمام عدة خطوات متعثرة للوراء حتى كاد أن يقع أرضاً ، لتقف إيمان متخصرة وهي تصيح أمامه :

- هو في إيه ، حصل إيه لدا كله ؟!!

لم يجبها إبراهيم بل أشار للسائق وهو يصيح به :

- أنت لسة واقف !!
أسرع السائق ناحية الجراج هرباً من غضب صاحب العمل ، أما إبراهيم فمال بوجهه ناحية وجه زوجته وقال :
- عايزة تعرفي حصل إيه ، حصل إن مراتي قاعدة مع السواق بتاعها في نص الليل ومقضياها .

رفعت إيمان سبابتها أمام وجهه وهي تقول محذرة إياه :

- حاسب على كلامك ، إيه مقضياها دي و إيه مراتي دي كمان ، إحنا هنكدب الكدبة ونصدقها .

قال إبراهيم وهو ينظر لها بقوة :

- لا يا هانم مش كدبة ، دا حقيقة أنتي مراتي ، شرعاً وقانوناً مراتي يعني تاخدي بالك كويس أوي من تصرفاتك ، فاهمة ولا لا ؟!!

وبنظرة تحدي قالت :

- لأ مش فاهمة واللي لازم تفهمه أنت إن مالكش حاجة عندي ، وإن العقد اللي اتكتب دي حتة ورقة وهتتقطع قريب أوي ، فاهم أنت ولا لا ؟!!

أمسك إبراهيم بمرفقها وهو يقول بغضب :

- متعصبنيش يا إيمان وفي الأخر أنتي اللي بتزعلي !!

دفعت بيده عن مرفقها وهي تقول :

- اللي تقدر عليه اعمله أنا مبخافش ويكون في علمك مشكلة عمي تخلص ، وبعدها كل واحد فينا هيروح لحاله ، حط أنت بقى الكلام دا في دماغك .

التفتت لتتخطاه فعاود ليمسك مرفقها مرة أخرى وهو يقول :

- هنشوف كلام مين اللي هيمشي يا بنت عمي .

دفعت بيده وهي تقول :

- هنشوف يا باشا .

ظل يحدق بها بعد أن تخطته متجهة لباب الفيلا ، ليزفر بضيق يأساً منه على استقطاب تلك الفتاة العنيدة ، وبعد مرور يومان قضتهما إيمان ما بين غرفتها وغرفة جدها متحاشية تماماً أن تجتمع بإبراهيم بأي مكان حتى لا يحدث مالا يحمد عقباه ، لتجد نفسها بالنهاية تجلس فوق كرسيها بالطائرة بجانب عمتها زهرة ، التي ربتت فوق كفها وهي تقول :

- حبيبتي على فكرة إبراهيم قلبه أبيض وطيب زيك تمام ، بس أنتو عايزين تلاقو طريقة تتفاهموا بيها مع بعض .

لتسرع إيمان بقولها :

- لا يا ستي مش عايزة أتفاهم معاه ، هو في حاله وأنا في حالي والله يخليكي بلاها السيرة اللي تضايق دي ،  سيبيني مبسوطة كدة يااه أخيراً راجعة بيتي .

قالت عمتها بحزم :

- إيمان إحنا كلنا هنروح الفيلا بتاعتنا في مصر .
وقبل أن تصيح بها إيمان استطردت العمة قولها بعد ما أمسكت بيدها :

- إيمان مش وقت عناد إحنا بنمر بأكبر مشكلة ، قضية وفضيحة وممكن كمان نخسر كل حاجة في الأخر ، ومحدش هيخرجنا من الأزمة دي غيرك أنتي .

أشارت إيمان لنفسها وهي تقول بتساؤل :

- أنا يا عمتي ، إزاي يعني أنا لا القاضي ولا المحامي .

أجابتها عمتها بوجه باسم وقالت :

- المحامي مستنينا في الفيلا وهيفهمنا على كل حاجة ، أوكي يا حبيبتي .

ضربت إيمان ظهرها بظهر الكرسي وهي تقول بغيظ :

- عشان خاطرك بس يا عمتي أنتي وجدي ، أهم حاجة إن أبو ثقب دا ملوش دعوة بيا .

ضحكت العمة وهي تهز رأسها بالإيجاب وبعد برهة من الوقت كانت إيمان تجلس بغرفة المكتب بفيلا جدها وحولها عمتها ومراد وإبراهيم و المحامي الذي يجلس بكرسي المكتب يشرح لهم جوانب القضية ، إلي أن انتفضت عندما نطق المحامي بإسمها قائلاً :

- واضح كلامي يا إيمان هانم .

انتقلت بعينيها بينهم جميعاً ثم قالت وهي تنظر للمحامي :

- تصدق بالله يا حج واللي خلق الخلق أنا ما فاهمة ولا كلمة من اللي اتهبدوا من شوية دول .

سمعت همهمات إعتراضية مكتومة حولها والجميع يهز رأسه بيأس واضح ، لتجد المحامي يبتسم لها وهو يقول :

- هفهمك يا بنتي ، اسمعيني كويس .
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1