![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الخامس عشر 15 بقلم سميه عبد السلامالبارت 15 كان يحمل الاكياس البلاستيكية في كلتا يديه وقال بتذمر وهو يسير بجانب زوجة عمه ريهام : "عمري في حياتي ما اتخيلت اني اروح السوق " ضحكت ريهام عليه لتقول مواسية : "معلش يا رحيم ما انت اللي لاقيتك في وشي " رد مستفسراً : " عايز اعرف حاجة واحدة ،هو في سوق يوم الجمعة ؟!" ابتسمت على حديثه وقالت : " هو مش سوق اوي ،دول ناس بييجوا بعد الصلاة بيفرشوا بضاعتهم عشان يسترزقوا وانا بحب اشتري منهم عشان حاجتهم بتكون نضيفة " اومأ لها بتفهم لتشهق ريهام فجأة وتقول : " شوفت يا رحيم ادينا نسينا نجيب الخُضرة " توقف عن السير ليصبح وجهه مقابل وجهها واردف : " خلاص نرجع نجيبها مفيش مشكلة " هزت رأسها بالنفي وقالت : " لأ رَوح انت الحاجات اللي معاك عشان انت تعبت معايا وانا هروح اشتريهم واجاي وراك " هَم ليعترض لكن سبقته ريهام بحديثها : " يابني متغلبنيش معاك روح انت ياحبيبي " ابتسم رحيم عند ذكرها لاسم "يابني " و "حبيبي" لاحظت ريهام تعلق بصره بها فقالت : " مالك بتبص لي كده ليه ؟" ابتسم لها وقال : " افتكرت امي الله يرحمها كانت طيبة زيكِ كده " ربتت على كتفه وقالت بنبرة حنينة : " ربنا وحده اللي يعلم اني بعتبرك زي ابني ،وانا كمان عايزاك تعتبرني زي والدتك لو معندكش مانع تنولني المكانة دي " ترك الاكياس من يده وقام بتقبيل مقدمة رأسها وقال : " ده شرف لي ان يكون لي امي زي حضرتكِ" تجمعت الدموع بعين ريهام لكن اردفت بمشاكسة : " افضل انت واقف تتكلم كده لحد ما العصر يأذن ومنلحقش نعمل فطار " اخذ الاكياس من على الارض وذهب هو للمنزل اما ريهام عادت مرة اخرى للسوق . ___________________________________ يجلس في غرفته يقوم برسم التصميمات الهندسية بكل مهارة حتى دلف مراد بعدما طرق على باب غرفة ادهم واذن له بالدخول . تحرك مراد وجلس امامه فسأله ادهم وهو يركز في عمله : " مالك شكل كده في مصيبة ؟" كل ما نطق به هو اسم : " الشيمي " رفع ادهم رأسه له وترك القلم من يده ليقول بهدوء : " ماله ؟!" اخذ نفساً واخرجه لينظر بعين ادهم وهو يتحدث : " الشب اللي جاب لي قبل كده معلومات عن مخزن الشيمي وروحنا انا واحمد وبعدين انتم لحقتونا رن عليَّ من شوية وقال لي ان الشيمي ناوي على الشر " لم تتغير ملامحه الجادة حتى قال : " فين سليم واحمد ؟" اردف مراد قائلاً : " سليم جه من الصلاة طلع ينام في اوضته واحمد خرج عشان هيروح باليل عند خطيبته " تكلم بنبرة هادئة وقال : " رن لي على سليم خليه ينزل " اخرج مراد هاتفه وبدأ بالبحث عن اسم سليم ثم ضغط على زر الاتصال وقال قبل ان يجيب سليم عليه وهو يضع الهاتف على أذنه: " وارن على احمد ؟" هز رأسه بالنفي وقال : " لأ سيب احمد هبقا اكلمه بعدين " مرت دقيقة على اتصال مراد بـ سليم واخبره ان ينزل من شقتهم إلى شقة عمه دلف الى الغرفة وجلس بجوار مراد وامامهم ادهم الذي قال وهو يحرك عينيه بين الاثنين : " اسمعوني كويس في اللي هقوله " ثم استرسل في حديثه وهُم ينصتوا لكل كلمة تخرج منه. ___________________________________ وصل رحيم للمنزل و اتجه للمطبخ من اجل وضع الاكياس البلاستيكية التي يحملها من السوق في المطبخ لكن تفاجأ بها تجلس على الطاولة المستديرة منتصف المطبخ وبيدها سِكين تقطع به البطاطس حمحم رحيم ثم دلف للمطبخ وهو يقول بنبرة هادئة : "خلي بالكِ لـ تجرحي ايدكِ " رفعت رأسها ونظرت له ثم اردفت بنبرة قاسية وصوت مليء بالسخرية : " ليه داخل عليَّ سيدنا يوسف " تجهمت ملامحه وحاول التحكم بغضبه وقال : " سبحان الله،ويخلق ما لا تعلمون ،انتِ شبر ونص ولسانكِ مترين " رفعت السكينة تلوح بها في الهواء وقالت بضجر : " اخلص جاي عايز ايه " اجابها على مضض: " وهكون عايز منكِ انتِ ايه ،اتنيلي خدي " ثم رفع الاكياس والقاها بوجهها. رفعت سبابتها في وجهه وقالت بنبرة تحذيرية : " انا خط احمر متتعداش حدودك معايا يعني اتكلم معايا كويس " ابتسم بخبث ثم اردف : " تعرفي انكِ Tiamo (تياَمَو ) " عقدت ندى حاجبيها وقالت مستفهمة : " واللي هي ايه بقا ان شاء الله " رد على سؤالها وبنفس الابتسامة الخبيثة قال : " لأ دي شتيمة بالايطالي" جحظت عينيه ثم اردفت بعصبية : " اهو انتَ اللي Tiamo وستين Tiamo " ابتسم بسماجة وقال : " شكراً " ثم تركها وخرج لتحدث نفسها : " عبيط ده ولا ايه يعني انا بشتمه وهو يقول لي شكراً ؟!!" ___________________________________ خرج من عندها ليصعد إلى شقتهم العلوية ،اخرج هاتفه وقام بالاتصال على صديقه وطبيب اخته في نفس الوقت : " ازيك يا علي " ابتسم الاخر وهو يجيبه : " الحمدلله بخير يا رحيم " تنحنح ثم تابع : " كنت محتاج اقابلك عشان حالة رحمة " رحب التاني به وقال : " انت بتستأذن تيجي عيادة اخوك يارحيم ،تعالى في اي وقت " رد قائلاً : " خلاص تمام هعدي عليك بكره في العيادة بعد ما اخلص شغل في المستشفى " انهى المكالمة ليجد اسر يتصل به اجابه ليقول الاخر بمرح : " ايوة بقا يابخت الناس اللي قاعدة في البيت " رد عليه بعصبية مصطنعة : " ما هو بقرك ده بعمل حاجات متخيلتش في حياتي اعملها " اتسعت ابتسامة اسر واردف بنبرة ماكرة : " حاجات زي ايه مثلاً ؟" رمق الهاتف بتقزز وقال بمقت : " مش اللي في دماغك يا وسخ " قهقه اسر ثم تنحنح ليقول بجدية : " طيب انتَ هتروح المستشفى بكره ؟" رد بسخرية : " هو فرح خالتك بتعزمني عليه ،اكيد رايح " "خلاص ياعم متبقاش قفل كده " اتسعت عينيه بصدمة وقال : " انا قفل يا ترباس " قهقه اسر عليه ثم تابع بجدية : " المهم انا رنيت عليكَ عشان تقول لي اماكن حلوة افسح فيها زين عشان عندي بكره اجازة " ثم اكمل بمكر : " بس في ناس تانية عندها شغل وهتتنفخ بكره في العمليات " انهى جملته وهو يضحك بشدة ليقوم رحيم بغلق المكالمة في وجهه ثم تابع صعوده إلى شقتهم في الطابق الرابع . ___________________________________ «كَم منْ حَزَينٍ مُبتَسمْ وبداخلهُ قلباً يَتمزق» تجلس في غرفتها وتحمل بين يديها اطار يحمل صورة والديها تنظر لهم بصمت مع دموع شقت طريقها في النزول ،فـ هذا الوجه المبتسم دائماً خلفه حزن يعتلي القلب كله ،شردت في ذكرى قديمة . كانت تلتفت حولها الطفلة التي تبلغ من العمر عشرة اعوام فقط وقالت بسعادة : "الله المكان جميل اوي يابابا ،مش كده يارحيم " نظرت لاخيها المنشغل بلعب الكرة فـ والدته لا تسمح له بالنزول للعب مع باقي الاطفال رسُمت ابتسامة على محياه وقال : "هاتنا هنا يابابا كل جمعة ،عشان العب براحتي " ابتسم والده وقال وهو ينظر لنهر النيل : " حاضر يا سـي رحيم " ثم نظر للتي تقطن بحضنه وقال : " روحي العبي مع اخوكِ يا رحمة " شددت من عناقها له وقالت : " لأ انا عايزة افضل في حضنك يا بابا " ربت عليها ثم قال بنبرة ماكرة : " يعني نفضل قاعدين كده " اومأت له بالموافقة ثم تابع حديثه : " انا كنت ناوي نركب مركب في النيل ،بس خلاص طالما انتِ عايزة نفضل قاعدين كده " خرجت بسرعة من بين احضانه وقالت ببتسامة بداية من اذنها اليمنى إلى اذنها اليسرى واردفت : " لأ يلا بينا " اما رحيم اخذ كرته وقال : " يلا يابابا انا كمان عايز اركب مركب معاكم " ضحك حسن على والديه وقال : " بس بشرط تشربوا حُمس الشام معايا وانا اللي هدفع الحساب " فرح الاثنين بشدة وبدأو في القفز في كل مكان وقالت رحمة بفرحة : " انا بحبك اوي يا بابا " اخذ حسن الاثنين في حضنه وقال بصوته الحنون : " وانا بحبكم يا قلب بابا " استفاقت من شرودها على صوت غلق باب الشقة فعرفت انه رحيم قامت بمسح دموعها سريعاً ثم عدلت من وضع ثيابها وخرجت له. قالت مازحة وهي ترى ثيابه الغير مهندمة : " ياعيني على الحلو لما تبهدله الايام " ابتسم على حديث اخته وقال : " امال الحلو اللي عندي مش متبهدل ليه " كان يقصد بحديثه هي ابتسمت له بحب ثم اردفت : " ايه مبهدل هدومك كده " اردف بالامبالاة : " ابداً كنت مع مرات عمك بنشتري حاجات من السوق وزي ما انتِ شايفة كده جيت اغير هدومي عشان اروح اصلي العصر " ردت قائلة : " غير هدومك وانا نازلة تحت اشوف البت ندى بتعمل ايه " رد عليها قائلاً : " لأ ام اربعة واربعين قاعدة تحت في المطبخ " ضحكت قدر عليه وهزت رأسها يأساً منه كادت تخرج حتى اوقفها صوت رحيم الذي فكر في شيء وقال : " قدر هاتي رقم دكتور «علي» عشان كنت عايز اتكلم معاه اصله اتمسح من عندي " رفعت هاتفها وقالت : " دقيقة هطلع لك الاسم" تحدث بسرعة : " لأ هاتي انا هطلعه " مدت قدر يدها بالهاتف بعدما قامت بفتحه اما هو اخذ الرقم ثم اعطى الهاتف لاخته اخذته وهبطت لاسفل . ابتسم رحيم وهو يقوم بتسجيل الرقم بأسم «العمر لحظة و الاوزعة مش ملاحظة» ثم رفع عينه ونظر لنقطة وهمية وقال : " ان ما علمتك الادب يا ندى يابنت ام ندى مبقاش انا رحيم " ___________________________________ "ها فهمتوا هتعملوا ايه ؟" كان ادهم وهو يتحدث معهم هز سليم ومراد رأسهم إيجاباً ثم تابع حديثه وهو ينظر لـ مراد : " وانت يا مراد لو الشب ده كلمك وقال لك حاجة جديدة كلمني " ثم وقف وقال : " يلا عشان ننزل نصلي العصر " وقف مراد وخرج من الغرفة نظر ادهم لـ سليم بتعجب وقال : " واقف ليه يلا " تنهد سليم وقال : " ادهم كنت عايز اطلب منك طلب " " اتكلم انا سامعك " اقترب منه بضع خطوات وقال : " عمر على طول ماسك الفون بتاعه او بيلعب ومش واخد باله من مذاكرته والسنة دي مهمة وامتحاناته قربت انا كنت عايز اتكلم معاه بس انت عارف ان انا وهو ناقر ونقير " ابتسم على حديثه وقال : " انا كمان ملاحظ ده بس كنت مستني الوقت المناسب اتكلم معاه فيه " وضع سليم يده على كتف ادهم واسترسل حديثه : " بس بالله عليك كلمه براحة ومتزعلوش انت اكتر واحد بيحبك وهيسمع كلامك " رفع احدى حاجبيه وشبك ذراعيه امام صدره وقال : " اللي يشوفك وانت بتوصيني على اخويا ما يشوفك وانت ناقص تولع فيه " انكمشت ملامحه وقال على مضض : " لأ ما انا مش هترتاح غير لما اولع فيه بجد العيل المستفز ده " قهقه ادهم على تعبير وجه وقال : " بالنسبة لموضوع عمر متخفش انا بعرف امته اخليه يخاف مني وامته يسمع كلامي وهو راضي ،وعلى فكرة عمر بيستفزك بس بيحبك " ابتسم الاخر وقال : " لأ ما انا عارف والمصيبة ان انا كمان بحبه " ذادت ابتسامته ثم اردف بجدية : " طيب يلا عشان كده هنتأخر على الصلاة " فتح سليم باب الشقة وخرج ومن بعده كان ادهم الذي رفع رأسه للاعلى رأى قدر وهي تنزل الدرج وللمرة الثانية يلتوي كاحلها وتسقط على الارض ولحسن حظها انهم كانوا درجتين سلم فقط. وقفت سريعاً محاولة ان تخفي آلمها من السقوط حمحم ادهم وقال : " انتِ كويسة؟" ردت عليه بتذمر : " وهبقا كويسة منين طول ما في عين ديناصور راشقة في حياتي " عقد حاجبيه وقال بسخرية : " ليه هو انتِ من الزواحف " تجهمت ملامحه وقالت بنبرة يشوبها العصبية : "لأ مايغركش شكلي الهادي ده ، ده انا حرباية. " ابتسم بمكر وقال : " مش واخدة بالكِ انكِ قصفتي جبهتك من شوية " تركها ورحل مع ابتسامته عليها اما هي نظرت في اثره بصدمة ومع فمها المفتوح ليقول ادهم وهو يهبط الدرج دون النظر إليها : " اقفلي بوقك بدل ما الدبان يدخل " وضعت يدها سريعاً على فمها وبقيت تنظر في اثره بغيظ . ___________________________________ خرج اربعتهم من المسجد بعد اداء صلاة التروايح ماعدا مراد الذي مازال بالداخل . " ايه رأيكم في الطقم ؟" كان احمد وهو يرتدي بنطال من خامة الچينز لونه اسود مع قميص باللون الابيض وبالإضافة لتصفيفة شعره التي ذادته وسامة. واول منَ تكلم كان رحيم : " تحفة يا احمد الطقم جامد عليك،والساعة كمان " نظر ادهم وسليم للساعة التي يرتديها احمد اخذ سليم نفساً عميقاً واخرجه وتحدث بهدوء : " احمد اخلع الساعة دي " شرع بالنفي فـ هو يريد معرفة سببب عدم موافقة سليم في ارتدائه لهذه الساعة بالخصوص : " انا عايز اعرف اشمعنا الساعة دي مش عايزني البسها " نظر سليم لـ ادهم فقام ادهم بخلع ساعته من معصمه وقال : " بلاش الساعة دي يا احمد وخدي ساعتي لايقة على الطقم اكتر " ضيق احمد عينيه بشك شعر ان هناك خطب ما بشأن هذه الساعة لكن فكر في تأجيل سؤاله في وقت اخر وبالفعل خلع ساعة سليم من يده واخذ ساعة ادهم. تدخل رحيم في الحديث وقال : " بس الشياكة دي كلها رايح فين ؟" ابتسم احمد له وقال : " رايح اقعد مع خطيبتي شوية " رد سليم وقال : " خدني معاك يا احمد " امتعض وجه احمد وقال بسخرية : " اخدك فين ياخدك ربنا هو انا رايح دريم بارك ،بقول لك رايح عند خطيبتي ياللي معندكش دم " زفر بضيق وقال : " انا مش رايح عند خالتي نجلاء انا رايح هناك هزور واحد صحبي " نطق اخر جملة ورُسمت ابتسامة على وجهه ليقول احمد بتسائل : " صحبك مين ده ؟" ابتسم ادهم وقال بنبرة ماكرة : " واحد صحبه ماشفوش من امبارح " رفع احمد حاجبه الايمن وقبل ان يتحدث سليم خرج مراد من المسجد رأه ادهم فشرع في سؤاله : " جدك كان عايز ايه ؟" وقف بجانب احمد وقال : " بعتني مشوار هروح لست فاطمة اطمن عليها واشوفها لو عايزة حاجة " تحدث سليم قائلاً : " خلاص ادهم ورحيم يستنونا على السطح لحد ما نيجي " تنحنح رحيم وقال : " معلش مش هقدر اسهر معاكم النهاردة " نظر له ادهم وشعر ان هناك خطب ما فـ قال قبل ان يتحدث احد : " كل واحد يشوف هو رايح فين وانا ورحيم هنروح مشوار كده " نظر رحيم له بتعجب لكن البقية هز رؤاسهم في هدوء ثم ذهب كل منهم في طريقه. ___________________________________ وصلَ الاثنين للبناية التي تقطن بها نجلاء وابنتها وايضاً...سلمى ،صعد احمد الدرج للطابق الثالث اما سليم بقيَ في الاسفل ظناً منه انها ربما تهبط من العمارة ويراها ،وضع يديه الاثنين في جيوب بنطاله وبدأ بالسير ببطىء ،ركلَ حجر صغير بقدمه ونظر إلى اين وصل الحجر لكن رأها تخرج من مسجد السيدات كانت ترتدي عباءة باللون الاسود مع خمار بنفس اللون . تحركت من اجل العودة لمنزلها رأت بِـركة وحل صغيرة قامت برفع طرف العباءة من الاسفل وخطت بقدمها فوق هذه البِركة ليأتيها صوته من خلفها وهو يقول : "مافيش داعي ترفعي العباية وانتِ ماشية طالما لابسة بنطلون متعشميش الناس على الفاضي." استدرات له سريعاً وقالت : " انت بتعمل ايه هنا ؟" وقف امامها مع حفظ مسافة بينهم وقال : " في واحدة تكلم مديرها في الشغل وتقول له بتعمل ايه هنا " جحظت عينيها بصدمة ولكن تابع حديثه ببرود : " من اول يوم و انا قافشكِ يا... سالم " انهى جملته بضحكة ساخراً عليها لتسشيط غضباً بداخلها ثم اردفت : " ممكن تكون شايفني كده عشان شكلي وجسمي مش حلوين وانا عارفة ده بس اصحابي وبابا واخويا كلهم بيحبوني كده وانا راضية عن كل حاجة ربنا خلقها فيَّ و..." صمتت قليلاً لتتذكر حديث الارعن خطيبها السابق وهو يقول : " مش كفاية مستحمل شكلكِ وجسمكِ اللي يسدوا النفس دول " رقرقت الدموع بعينيها وقالت وهي لا ترى سليم بل ترى كل شخص انتقدها : " واكيد هيجي يوم الاقي اللي يستاهلني زي ما انا عن اذنك " تركته ورحلت ليشعر سليم بالخذي من نفسه اردف وهو يحرك يده خلف رأسه : " هي فهمت ايه انا مش قصدي كده ،هي البت دي معندهاش مرايات في بيتهم ،دي قمر " ليأتي من العدم هو الاخر فـ هو يكون تؤم عمر الروحي أنه ديشا الذي قال : " لأ عندنا مرايات ياخفيف بس المهم يكون انت عندك مرايات عشان تشوف نفسك بعد ما العب في وشك شوية " امسكه سليم من ياقة قميصه وبدأ يحركه لامام والخلف وهو يقول بسخرية : " تلعب في وش مين يالا ؟!" اردف ديشا بجدية : " سيب القميص لسه مكوي ،هتكرمشه " عقب سليم على حديثه : " ولما انت خايف على القميص بتطول لسانك ليه " اردف ديشا بصوت عالي : " يعني اسيبك تعاكس اختي ،على فكرة اللي بتعمله ده مش اخلاق ولاد البلد " تركه سليم وقال : " خلاص يلا غور " شد ديشا قميصه وهندم ملابسه تحرك بعيداً عن سليم الذي مشي بضع خطوات من اجل العودة لمنزله حتى سمع صوت ديشا من خلفه وهو يصيح بصوت عالي : " هتمشي كده من غير ما نضايفك يابشمهندس " التفت له سليم ونظر له بسخرية وقبل ان يتحدث كان ديشا قام بالتصفير لم يفهم سليم فعلته هذه حتى رأى كلب لا بل وحش صغير لونه اسود مفترس وليس كلباً يركض بأتجاه هكذا رأه سليم توسعت اعينه من الخوف ابتسم ليخفي خوفه من هذا الكائن وقال : " انا بقول شكلك مش فاضي يا ديشا ياحبيبي ،ابقى اضايف بعدين انا مش غريب بردو " وبعد جملته فر هارباً ليركض الكلب خلفه وديشا يضحك عليه. ___________________________________ كان بجلس على الاريكة بعدما رحبت به نجلاء واحضرت له العصير وقالت له : " دقيقة و علا تخرج ياحبيبي " تركته نجلاء وبعدها بدقيقة دلفت علا وهي ترتدي فستان لونه وردي على خِمار من اللون الابيض جعلها رقيقة ،جلست على مقربة منه ،ابتسم لها تلقائي عندما رأها وقال : " الجسم جسم غزال ،والعين ما شاء الله تتقال بالمال " ابتسمت بخجل وتوردت وجنتيها لتقول : " قلت لكَ قبل كده اني بحبكَ ؟" تصنع التفكير وقال : " حوالي خمس تلاف مرة كده " ضربته بخفة على صدره ليضحك عليها وقال : " لو انتِ قولتيها خمس تلاف مرة ،فانا بقولها كل دقيقة " ابتسمت له بحب ،فأخرج احمد علبة صغيرة و مد يده بها لتسائله : " ايه ده يا احمد " ابتسم وقال ساخراً : " لأ دي حصالة عشان تحوشي فيها غبائكِ " ثم اردف بجدية : " هتكون ايه ياعلا هدية " اخذتها منه وفتحتها كانت عبارة عن خاتم من الفضة منقوش عليه لقبها المفضل الذي نعتها به احمد «صغيرتي» رقرقت الدموع بعينيها وهي ترى الخاتم حتى تكلم احمد : " الجرام بـ 50 جنيه بس مش خسارة فيكِ " اخرجت الخاتم من العُلبة واعطته لـ احمد من اجل ان يقوم بوضعها في اصبع يدها ، اخذ احمد الخاتم منها وقال وهو يضعه في اصبعها ثم نظر إلى شفتيها بعمق فأبتسمت بخجل وقال : " علا ؟" خرجت منها امأة بسيطة فتابع حديثه : "على قد شفايفك حطي روچ لكن حركات الچوكر اللي ع المسا دي بلاش منها " صعقت مما تفوه به ليضحك عليها بشدة وقال : " قصدي انكِ حلوة من غير حاجة " اردفت بضيق : "على فكرة انا في العادي مش بحط ،ده عشانك " ابتسم على ضيقها منه وكاد يتحدث حتى صدح هاتفه بالرنين ليجد اسم جده هو المتصل رفع الهاتف على اذنه وقال : " ايوة يا جدي " رد عليه زكريا ليتحدث احمد : " حاضر يا جدي " ثم اغلق الهاتف لاحظت علا ضيق احمد من المكالمة لتسأله : " في ايه يا احمد " اردف بضجر : " منك لله يا مراد حتى وانت بعيد منكد عليَّ انت واخوك " ___________________________________ كان يقود سيارته ويجلس بالمقعد جواره رحيم الشارد في ذكرياته كان ادهم ينظر له تارة ولطريق تارة اخرى ثم اوقف السيارة وقال : " وصلنا " انتبه رحيم له لينظر حوله وقال : " وصلنا فين " فتح باب السيارة وقال: " انزل بس " نزل رحيم من السيارة ومعه ادهم الذي كان يسير امامه اتجه وجلس على الكرسي فكان المكان عبارة عن اشجار ونخيل ذات اللون الاخضر المريح لاعصاب ليس خالي من الناس تماماً ولكن أيضاً كان هادئ ،اشار ادهم له بالجلوس جواره تحرك رحيم وفعل كما طلب منه ومعالم الدهشة لا تفارق وجه حتى اردف ادهم وهو ينظر للمكان ببتسامة على محياه : " بحب اجاي المكان ده عشان افصل من الدنيا كلها " ابتسم رحيم بتعجب وقال : " وليه جبتني معاك... عشان افصل انا كمان" نفى الامر برأسه وقال : " لأ عشان تحكي لي مالك ،ايه اللي مضايقك " كاد يكذب عليه حتى قاطعه ادهم : " متكدبش يا رحيم باين اوي في عنيكَ ان في حاجة زعلتك " اخفض رحيم رأسه للاسفل فتنحنح ادهم وقال : " انا مش هضغط عليك عشان تحكي لي ،انا بس كل اللي عايزك تعرفه انك مبقتش لوحدك وليكَ اربع اخوات يشيلوك وقت تعبك ويخففوا عنك الوجع ،وفي اي وقت هتحتاج حد فينا كلنا هنكون في ضهرك ومعاك " تجمعت الدموع بعين رحيم رفع رأسه ونظر لـ أدهم وقال : " نفسي احكي اللي جوايا يمكن ارتاح " اقترب ادهم منه ووضع ذراعه حول كتفه وقال بنبرة هادئة : " اتكلم انا سامعك " حرك رأسه لينظر في عينيه وقال : " اوعدني ان محدش يعرف حاجة عن كلامنا ده ،حتى اختي رحمة " عقد حاجبيه ثم اردف : " ما بحبش اوعد حد على حاجة معرفهاش بس تمام اوعدك " تنهد رحيم بقوة وقال : " بعد ما ماما وبابا اتوفوا في الحادثة انا مبقاش لي غير رحمة اختي ولان رحمة كانت متعلقة بابا اوي موته اثر فيها لدرجة انها جالها اكتئاب " ابتلع ادهم ريقه واردف بهدوء : " وانت عرفت منين انه اكتئاب مش يمكن حزن عادي بس شديد شوية " رد عليه موافقاً وقال : " ده كان سؤالي بردو على كلام «علي» " عقد حاجبيها بستفاهم وقال: " «علي» مين؟!" اجابه : " «علي» ده صحبي ودكتور امراض نفسية وعصبية لما جه يعزيني في موت بابا شاف رحمة وقال انه محتاج يتكلم معاها عشان يهون عليها وعشان يتأكد من حاجة سألته ايه الحاجة دي قال لي ابقى هات رحمة العيادة عندي وتعالى " تنفس بقوة وثم تابع حديثه : " في الاول انا رفضت اصل هيكون عندها ايه ،ده بس من زعلها على موت بابا وماما الله يرحمهم وبعدين... " كان يتابع الحوار بهدوء حتى صمت رحيم عن الكلام فسأله ادهم : " وبعدين ايه اللي حصل ؟" حول بصره للاشجار امامه وقال : " وبعدين لحظت تغير رحمة الملحوظ " ليتذكر ما مر به سابقاً مع اخته، دخل إلى شقتهم ويحمل بين يديه اكياس كثيرة شرع في النداء عليها حتى وجدها تجلس على الاريكة لا تفعل شيء سوى النظر للسقف بملامح خالية من اي تعبير جلس رحيم بجوارها وتنفس بهدوء ونظرة الحزن في عينيه كانت واضحة لكن رسم ابتسامة على وجهه وقال بمرح : " خلصت شغل وقلت بدل ما اجاي اطبخ واعك في الاكل زي كل مرة ،انا عارف ان بطنك وجعتك من اكلي فـ قلت ايه روحت اشتريت البروست اللي بتحبيه ومش بس كده كمان لأ ده سبايسي " وقفت بهدوء وقالت : " معلش يارحيم كُل انت انا مليش نفس ،عن اذنك داخلة انام في اوضتي شوية " نظر في اثرها بحزن ثم استفاق من هذه الذكرى ليذهب بعقله ذكرى اخرى ،كانت تشاهد التلفاز بملل وتقوم بتغير القنوات غير مهتمة بما تشاهده حتى ات رحيم وكان يحمل خلف ظهره حقيبة ثم اردف بمشاكسة وهو يقف امامها : " غمضي عنيكِ يا رحمة عمل لكِ مفاجأة " ولكن كل ما صدر منها هو قولها له وهي تقول : " معلش يارحيم ممكن تركن عايزة اتفرج على التلفزيون " التفت خلفه ثم نظر لها مجدداً اخرج الحقيبة من خلف ظهره ومد يده له وقال ببتسامة : " دي الرواية اللي كان نفسك فيها من زمان اول ما شفتها جبتها لكِ يارب تعجبكِ " اخذت الحقيبة بعدم اهتمام ثم وضعته بجوارها وبدأت في تغيير قنوات التلفاز بملل مرة اخرى. استقيظ من قوقعة الذكريات ونظر لـ ادهم بعدما تكونت طبقة شفافة من الدموع في عينيه وقال : " ماكنتش رحمة اختي اللي بتضحك وتهزر و اول ما تشوفني تجري عليَّ وتحضني كل الحاجات اللي كانت بتفرحها بقت بالنسبة لها عادي مبقتش تفرح ولا تزعل حتى فاقدة الشغف من كل حاجة فاقداه حتى من حياتها انا اوقات بدخل عليها أوضتها عشان اطمن عليها الاقيها نايمة بس دموعها نازلة على وشها خوفت عليها ، فـ قررت اروح لـ«علي» بس المرة دي اقنعني اروح له العيادة وفعلاً روحت ومعايا رحمة " ثم عاد ليتذكر ذلك اليوم . تجلس على المقعد وامامها رحيم الذي يبتسم بحزن لها وامامهم كان الطبيب «علي» تحدث «علي» وطلب من رحيم الانتظار بالخارج وبالفعل فعل كما طُلب منه ،وقف «علي» وتحرك ليجلس على الكرسي المقابل لها تحدث بهدوء وهو يرى ملامحها الباهتة وعيونها المتورمة من شدة البكاء وقال : " ازيك يارحمة ؟" لم تجيبه بل اكتفت برسم ابتسامة مزيفة على وجهها ثم اختفت سريعاً اقترب منها بجذعه العلوي وقال : " انا عايزك تفتحي لي قلبكِ ،اتكلمي قولي كل حاجة مزعلاك اعتبري نفسكِ بتتكلمي مع رحمة مش معايا " ردت عليه ولكن ليس كما توقع ان تتحدث عن نفسها بل كل ما قالته : " عايزة انهي حياتي بس مش قادرة " لجمته الصدمة من حديثها حاول ان يكون طبيعي ثم نطق بنبرته المعتادة : " تعالي اقعدي على الشازلونج هيكون اريح لكِ وعرفيني عايزة تنهي حياتكِ ليه " تحركت معه وجلست بسترخاء لتنظر للسماء اما هو جلس على مقعد جوارها ومسك قلم ومذكرة صغيرة يدون بها بعض الكلمات ،اخذت نفساً ثم سقطت دمعة من عينيها وقالت و هي تنظر لسقف الغرفة : " مش عندي طاقة اتكلم حتى " دون شيء في هذه المذكرة وقال في نفس الوقت : " و هو ده السبب بردو انكِ عايزة تنتح'ري بس مش قادرة ،عشان معندكيش طاقة انكِ تعملي اي حاجة حتى انكِ تحاولي تقت'لي نفسكِ مش كده ؟" حركت رأسها بأتجاه و اومأت له بتعجب اما هو تحرك ناحية الحائط ثم قام بغلق الانوار الموجودة في الغرفة وسألها : " شايفة ايه يارحمة ؟" "سواد" لم تنطق اكثر من هذه الكلمة وبقيت كما هي ساكنة لم تتحرك ،قام «علي» بتشغيل الاضواء ثم عاد سؤاله عليها : " شايفة ايه دلوقت ؟" " سواد " لم تتغير اجابتها وظلت محلها ساكنة تحرك الطبيب ناحيته وجلس على مقعده وهو يدون بعض الاشياء بها ثم اردف : " خلاص يارحمة كفاية عليكِ لحد كده ،ممكن تخرجي وتبعتيلي رحيم من برى " اومأت له وتحركت للخارج ولم تكلف نفسها بأن تقوم بسؤاله عن حالتها خرجت ودلف رحيم بعدما قالت له انه يريده. نطق بنبرة متوترة وقال : " ها يا «علي» طمني ،رحمة مالها ؟" خلع نظارته الطبية واشار لـ رحيم بالجلوس وربع يديه على المكتب وقال : " من خلال كلامك عنها و لما اتكلمت معاها ،اتأكدت ان هي عندها اكتئاب حاد " اعتدل ادهم في جلسته في السيارة و وعاد سؤاله مجدداً : " هو ليه قال ان عندها اكتئاب ما يمكن كانت حزينة على وفاة باباها ومامتها ومع الوقت هتنسى " نظر له رحيم وقال : " سألته نفس سؤالك لاني مكنتش اتمنى فعلاً ان يكون عندها اكتئاب ويكون مجرد حزن عادي وانا هقدر اخرجها منه بس هو رد عليَّ وقال : " بسؤالك ده كده بتشكك في قدراتي كدكتور نفسي بس حاضر يا رحيم هشرحل لكَ الفرق بين الاكتئاب وبين الحزن " تنفس بعمق واسترسل في الحديث : " الحزن بيكون مدته قصيرة يعني بيكون «ساعات ،ايام» انما الاكتئاب مدته طويلة بيكون « اسابيع ،شهور وسنين كمان » واكبر دليل على كلامي ان لما جيت اعزيك من شهر وشوفت رحمة حزينة مكنتش متأكد بس لما جت العيادة النهاردة كأن الشهر اللي فات ده معداش عليها ولسه زي ما هي حزينة فـ ده مش مجرد حزن عادي " كان ينصت لكل كلمة تخرج منه فتابع الطبيب حديثه واردف : " الحزن ما بيعطلش الحياة ،بس الاكتئاب بيعطل الحياة بشكل واضح ،وانت بنفسك قولت لي انها مبقتش تعمل اي حاجة في يومها غير النوم والسرحان لدرجة انها متقدرش تجيب لنفسها تشرب ، وتالت فرق ان الحزن ممكن تتغلب عليه لوحدك عكس الاكتئاب " بدأ رحيم في الاقتناع بكلام «علي» ثم سأله : " وايه يوصلها انها تدخل في اكتئاب ؟" رجع بظهره للخلف وقال : " الاكتئاب ممكن يحصل بسبب ان الشخص مر بحادثة شديدة ،او بسبب تراكم لحاجات صغيرة كتير او يحصل بدون اسباب ظاهرة للشخص اللي بيعاني منه " تحولت ملامحه للحزن على شقيقته ابتلع ريقه ثم قام بسؤاله : " طيب وايه الاعراض اللي ظهرت عليها عشان تقول ان عندها اكتئاب" " امته نقول على الشخص ده عنده اكتئاب من خلال شوية اعراض كده " وقف من على كرسيه وتحرك ليجلس امام رحيم واثناء ذلك كان يتحدث : " زي مثلاً عندها فقدان في الشهية ،الحزن المستمر ومزاجها حزين اغلب الوقت وبيكون واضح على وشها ، و ما بتكونش سعيدة لاي حاجة كانت بتبسطها قبل كده زي ما انت عملت وجبتل لها الرواية اللي بتحبها ومفرحتش لان عندها فقدان الرغبة في اي حاجة ،وكمان النوم بكترة والحلم بكوابيس ،ودايماً معندهاش طاقة انها تعمل حاجة " اومأ له بموافقة وهو ينظر له وقال : " فعلاً انا لحظت كل ده عليها بس قلت عشان موت بابا مأثر فيها وبعدين هتتقبل الوضع وترجع لطبيعتها " تنهد الاخر وقال : " دي الاعراض اللي عرفتها من خلال كلامك عنها وعن المواقف اللي حصلت بينكم ،بس اهم عرض انا شفته بنفسي لما اتكلمت معاها " ضم حاحبيه بستفاهم لكن اردف «علي » : " ان مريض الاكتئاب دائماً بيكون عنده ميول انتحارية ،بس معندوش طاقة انه ينفذها ،ممكن يكون نايم على السرير ومكسل يوم ينط من البلكونة ،لان بيبقى في صراع ما بين عقل عايز يمو'ت وجسم عايز يعيش " شعر رحيم بالخوف عند ذكره الانتحا'ر ربت «علي» على فخذه وقال : " متخفش الاكتئاب مرض زي اي مرض ليه علاج وبأذن الله رحمة هترجع رحمة بتاع زمان ،وانا هبدأ انفذ معاها خطة العلاج وكل اللي عليك انك متسبهاش مع نفسها كتير حتى لو هتقعد ساكت " استفاق من شروده لينظر لنقطة وهمية وهو يحدث ادهم المتابع بصمت : " في الاول كنت فاكر ان ده سببه ان رحمة بعيدة عن ربنا لان هي كانت بتلبس بناطيل ودايماً حاطة MakeUp وعلاقتها بربنا مش قريبة بس لما رحنا الجالسة التانية سألته " تجلس في وضع النصف جالس تنظر لسقف الغرفة وبجوارها «علي» الذي بدأ في التحدث : " عاملة ايه النهاردة " " زي كل يوم " كانت اجابة مختصرة بشدة فتابع حديثه بسؤال اخر : " دلوقت هنبدأ الجلسة بأن اقول لكِ اسامي وانتِ اوصفيهم بكلمة واحدة " اومأت له و بدأ في التكلم : " رحيم" "تؤامي" عدل من وضعية نظارته وقام بذكر اسم اخر : " ماما " " اختي" لاحظ تكون الدموع بيعنيها لكن لم تسمح لها بالنزول حتى ذكر اسم والدها : " حسن او بابا " " وحشني " سقطت الدموع من عنيها وبدأت في البكاء لم يوقفها الطبيب او حتى يواسيها بل ظل يراقبها في صمت انتهت من بكائها فمد يده لها بمنديل لتجفف دموعها ثم سألها : " دلوقت عايزك تتخيلي معايا لو معاكِ مصباح علاء الدنيا والجني بتاعه طلع لكِ اي اول حاجة هتتمنيها " " اني اخلص " شرع في سؤالها ليتأكد من ما يدور بخاطره : " قصدك تطلبي منه انكِ تموتي " حركت رأسها له وقالت وهي تنظر لعينيه : " عايزة اخلص من اللي انا فيه مش مهم بقى اعيش او امو'ت المهم ارتاح " دون بعض الاشياء في مذكرته وتحدث مرة اخرى : " هسألك سؤال وبكده تكون الجلسة خلصت " هزت رأسها ليقوم بالتحدث ويسألها : " ممكن توصفي انتِ حاسة بأيه ؟" اخذت نفساً عميقاً واخرجته ثم بدأت في وصف ما تشعر به : "حاسة بالذنب ،واني مليش لازمة حاسة ان ربنا بيعاقبني على حاجات كتير غلط عملتها ،حاسة ان لو مو'ت محدش هيزعل عليَّ" وضع القلم والمذكرة من يده على سطح طاولة صغيرة وقال : " ده عقلك الباطن اللي بيقنعك بكده وده مش صحيح لان لو مو'تي اكتر حتى هيزعل عليكِ هو رحيم اخوك ، وخلي دايماً معاك ورقة عبري بيها عن مشاعرك وكل اللي بتحسي بيه ،واكتبي كمان اي موقف ضايقك حتى لو تافه في ورقة واعملي في الورقة دي اللي انتِ عايزاه يعني ممكن تولعي فيها ممكن ترتاحي شوية ،بس اهم حاجة دايما عبري عن مشاعرك " هزت رأسها بمعني حسناً ليقول هو : " كده الجلسة خلصت اشوفك الجالسة الجاية وتكوني عملتِ اللي قولت لكِ عليه وتحكي حسيتي بأيه " وقفت وخرجت من الغرفة لكن رحيم طلب الدخول له وبالفعل جلس امامه وسؤاله عن حالتها ليقول : " احنا دلوقت مشيين في العلاج النفسي انها تطمن ليّ وتحكيلي عن كل حاجة وبعدين ندخل على العلاج الدوائي اللي هيكون ادوية مضادة للاكتئاب واخر حاجة هيكون العلاج الجماعي " اومأ له رحيم ثم قال باعتراض : " بس لسه زي ما هي مفيش حاجة اتغيرت " ابتسم «علي» ثم قال : " اكيد مش هيكون في حاجة اتغيرت من مرتين يعني " ابتلع الغصة في حلقه وقال بصوت مهزوز : " تفتكر ده كله عشان هي يعني... ممكن يكون بسبب تقصيرها في الصلاة " تحدث «علي» ليرد عليه بسرعة وجدية : " اوعى يا رحيم تقول لها كده ،انت بكده بتقت'لها بجد ،الاكتئاب ده مرض زي بقية الامراض ملوش علاقة دي كفاية انها بتكون حاسة بالذنب نيجي احنا نخليها تحس بالذنب اكتر " اخرج زفيراً قوي ليتابع «علي» حديثه بهدوء : " مريض الاكتئاب مش بيحس بالسعادة مع اقرب الناس لقلبه ولا حتى الجفاء في بعدهم ، الاكتئاب هو ان كل حاجة حلوة تبقى حوليك وانت ولا شايفها ولا حاسس بيها ولا بقيت عايزها وتبقى خايف تفرح ومش عايز تستمتع بحاجة ، الاكتئاب بيفقدك الاحساس بطعم الحياة وحلاوتها ويخليك تحس بطعم المُر اللي في الحياة وبس " تنهد بقوة وعاد في الحديث : " هقولها لكِ تاني الاكتئاب عبارة عن صراع بين عقل عايز يمو'ت وجسم عايز يعيش" استمع ادهم لحديثه وقال : " بس انا شايفها طبيعية يعني بتضحك وتهزر مش زي ما انت بتوصفها كده " ابتسم رحيم وقال : " ده كان في الاول بس مع الجلسات والادوية اللي كانت بتاخدها الحمدلله كان في تغير ملحوظ في حالتها وبعدها انا اتكلمت مع «علي» وقلت له لو راحت عاشت وسط عيلة هيساعدها تتحسن ولا لأ ،رد عليَّ وقال : " الحمدلله مع الجلسات والادوية بدأت تستجيب وانا كنت ناوي استخدم اخر حاجة في خطة العلاج وهي العلاج الجماعي ،بس بردو مفيش مانع لو عاشت في بيت فيه عيلة ده هيساعدها انها تتحسن اكتر " تحدث ادهم ليسأله : " والعيلة دي اللي هي احنا مش كده ؟" هز رأسه إيجاباً ثم اردف : " لما اسر اقترح عليَّ الخطة عشان احميها من طارق عبدالحميد روحت لـ «علي» ولقيته بيشجعني على ده مفكرتش لحظة وفعلاً نفذنا الخطة ورحمة عاشت معاكم لدرجة انها حبت اسم قدر اللي انتم اخترتوه عشان تنادوا لها بيه " عقد حاجبيه بستفاهم وقال : " الـ انا فهمته من كلامك انها كانت مريضة اكتئاب واتحسنت الحمدلله ورجعت تهزر وتضحك زي الاول اللي انا مش فاهمه بقى انت ليه زعلان " تنهد بقوة وقال : " مش هكدب عليك واقول لكَ اني مش فرحان ان رحمة خفت بس حاسس ان فيه حاجة غلط ،عشان كده كلمت «علي» واتفقت اروح له بكره العيادة عشان اطمن عليها " ربت على فخذه وقال : " متقلقش انا متأكد انها هتكون كويسة " ابتسم رحيم بخفة فتابع ادهم حديثه وهو يقف : " استنى هنا متتحركش " تحدث رحيم بسرعة وقال : " رايح فين ؟" لكن لم يجد رد من ادهم الذي تحرك واختفى عن نظره وبعد خمس دقائق تقريباً رجع مرة اخرى ومعه كوبان من الشاي الساخن مد بواحد منهم لرحيم وقال : " مفيش احلى من شاي عم صابر ،بيروق المزاج" اعترض رحيم بأدب وقال: " لأ انا عايز قهوة " ادهم وهو مازال على نفس الوضع يُمسك بالكوبان في يده وقال : " يابني ده شاي عم صابر يعني تشرب وانت مطمن " اردف رحيم بعصبية مزيفة : " ايوة يعني ايه شاي عم صابر مش فاهم ،راح الحج شاي عم صابر . " رمقه بمقت وقال : "طيب عشان خفة دم اهلك دي مفيش قهوة وبردو هتشرب شاي عم صابر " نظر الاثنين لبعض ثم انفجروا في الضحك ،اخذ رحيم الكوب منه وبدأ في ارتشافه . بعد قليل من الوقت . اردف رحيم وهو يشرب الكوب الثاني من الشاي : " حلو شاي عم صابر ده " قهقه ادهم عليه ليبتسم رحيم بخفة وقال : " عشت طول عمري بتمنى يكون لي اخ ولد يكون سند لي انا كمان والحمدلله ربنا كرمني بأربعة انا كنت محتاج اتكلم ولما فضفضت معاك حاسس اني ارتحت " ابتسم ادهم على كلامه ثم حمحم واردف بجدية : " رحيم انا عايز اشوف الدكتور ده معاك " ...لسه الحكاية مخلصتش... الفصل السادس عشر من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الخامس عشر 15 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات