رواية يونس الفصل السابع عشر بقلم اسراء على
الفصل السابع عشر
الحب هو تلك اللحظة التي يحس بها المرء بأنه إنسلخ عن العالم...
ليعيش وحده مع الحبيب في عالمٍ بُني من الكلمات..وصُنع من أحاسيس..ورُصع بالأضواء
أزاحها بعيدًا عنه دون إستيعاب لما قالته بـ همس..أمسك وجهها بين راحتيه ثم تشدق بـ عذوبة
-كلنا بنغلط..كلنا بنغلط وبنتعلم..بس فـ حالتك أنتي مغلطتيش..أنتي وثقتي يا بتول..
-تنهدت بـ تعب ثم قالت بـ حزن:بس أنا وثقت فـ واحد مش بني أدم أصلًا..
-تحدث بـ صلابة مُصطنعة:خلاص بقى..إرمي ورا ضهرك عشان تعرفي تعيشي..
هزت رأسها بـ بطئ وهى تتنهد بـ حزن..حاول يونس تلطيف الأجواء فـ هتف بـ مرح
-وبعدين يلا الأكل اللي تعبت فيه هيبرد...
-ردت عليه بـ فتور:مليش نفس
جذبها من يدها دون الإلتفات إلى إعتراضها..وأجلسها بالخارج ثم تركها وإتجه مرة أخرى إلى المطبخ..وبعد مدة عاد ومعه صحنان متوسطان العمق وجلس أمامها..مدّ يده بـ الصحن الخاص بها وهتف بـ صرامة دون أن يلتفت لها
-الطبق دا كله يخلص..ومن غير إعتراض
-ردت بـ إستسلام:طيب
وشرعت في تناول الطعام دون شهية..كان يونس يُتابعها من طرف عيناه آسفًا لما آلت إليه الأمور..زفر بـ ضيق وألقى بـ ملعقته داخل الصحن بـ قوة جعلتها تعقد ما بين حاجبيها بـ تعجب..لتسمعه يصيح بها بـ حدة
-بتووول..كلي أحسنلك وشيلي أي هاجس من دماغك
-هتفت بـ حدة:أنا..آآآ
قاطعها وهو يُشير بـ كف يده ثم أكمل بـ شراسة
-فكرك أنا مش عارف بتفكري فـ إيه!!..
ترك صحنه ثم وضعه على الطاولة الخشبية أمامه..ثم ألتفت إليها وقال بـ جدية وحزم
-بصي يا بنتي..أنا عارف إن اللي عرفتيه مفيش حد يقدر يتحمله بس أحنا فـ وضع ميسمحلناش إننا نحط إيدينا ع خدنا زي المطلقين ونندب حظنا...
صمت يستشف نظراتها المُنكسرة..ليزفر بـ ضيق وغضب حارق..ألا تعلم أن تلك النظرات تحرقه!..تبعث في نفسه شعور بـ أن يقتل كل من يُؤذيها ويُظهر تلك النظرات التي يمقتها!!..أخفض نظراته يُخفي ذاك الغضب الممزوج بـ الحزن..ثم رفعها مرة أخرى وقد تحولت نظراته إلى الصلابة..ثم هتف بـ نبرة توازيها صلابة
-أسمعيني كويس..أنتي لما رميتي نفسك فـ حضني وقولتي هتيجي معايا وأنتي عارفة هنقابل إيه..خلتيني أحس أنك تقدري تساعديني..قولت أنها هتقدر تكون قوية..ودا اللي شوفته فـ الواحات...
نظرت إلى بحر عيناه بـ عمق تبحث عن صدق كلماته ولكنها لم تكن بحاجة..فـ حقًا من ينظر إليه الآن يرى نظراته العاشقة بـ وضوح..أكمل هو حديثه بـ جدية زائفة
-لو هتقعي فـ نص الطريق..لأ يبقى مع السلامة هنزلك مصر..أنا عايز لما مقدرش أحمي نفسي..ألاقيكي موجودة تحميني...
أغمضت عيناها لبرهة ثم فتحتهم مرة أخرى..كانت عيناها مزيجًا من العزم الذي شابهُ الإنكسار..هتفت بـ نبرة تكاد تكون قوية
-عشان خاطرك هحاول..
إنفرجت أساريره بـ شدة وإرتفع وجيب قلبه بـ حماس ليرد عليها بـ إبتسامة
-يلا بقى ناكل..دا أنا أول مرة أعمل أكل لواحدة
-أمالت رأسها إلى اليمين قليلًا ثم سألته بـ تعجب:أول مرة!!..أول مرة!!
-أماء بـ رأسه وقال بـ نفس الإبتسامة:أول مرة..أول مرة
-يعني محبتش قبل كدا؟!
هز رأسه نافيًا..ليجذب يدها ويُقبل باطن كفها بـ رقة أسارت في جسدها رجفة عنيفة جعلت مشاعرها تتأرجح في دوامة قربه الذي يبعث في نفسها إنذارات تُنبئها أنه يُشكل خطر عليها..بينما يونس أكمل حديثه وذلك اللئيم يعلم ما يحدث في نفسها
-لأ..أنتي أول واحدة قلبي دقلها...
**************************************
-ألو..أيوة يا سيف!
-رد عليها سيف بـ هدوء:أنزلي يا ورضة..عاوزك شوية
-سألته بـ توجس خفيف:خير في حاجة؟!
-إبتسم وقال بـ حب:لأ مفيش..بس وحشتيني وعاوز أتكلم معاكي
أغمضت عيناها بـ غضب..مُنذ قليل كانت في أعلى درجات سعادتها..والآن تدحرجت على درج الواقع..همست من بين أسنانها
-حاضر يا سيف..بس مش هينفع أتأخر
-وأنا مش هأخرك
-تمام
ثم أغلقت هاتفه وشرعت في إرتداء ثيابها المُكونة من كنزة ذات لون قُرمزي وأسفلها بنطال أسود من القُماش..خُصلاها عكصتها على هيئة جديلة فرنسة وضعتها على مكنبها الأيمن..أخذت هاتفها ودلفت إلى الخارج...
كان هو يجلس في سيارته يُفكر في لقاء عدي..ما الذي أتى به إلى هنا؟..قطع إسترسال باقي أسئلته..صوت طرقات على نافذة السيارة..لتشرق على وجهه إبتسامة..ترجل من سيارته و وقف أمامها..جذب يدها وقبل ظاهر كفها ثم قال بـ غزل
-كل مدى بتحلوي
-إبتسمت بـ إصفرار وقالت:مرسيه..مش يلا عشان وقفتي كدا غلط