رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثامن عشر 18 بقلم سميه عبد السلام



رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثامن عشر 18 بقلم سميه عبد السلام 






البارت 18

مر باقي اليوم في سلام ،انتهى يوم لـ يبدأ يوم جديد ،لتولد فرصة جديدة في تحقيق ما نريد وأن لم يكن اليوم يكن الغد وان لم يكن الغد يكن أي يوم المهم نسعى لتحقيق الأهداف التي وضعناها بالأمس ،و عندما نحقق هذا الهدف نصنع هدفاً اخر ونسعى لتحقيقه.

كانت تتأفأف من طول الإنتظار حتى اتت عليها سلمى ومعها علا مع ابتسامة كبيرة تزين وجوههن وقبل ان تصدر احدهن صوتاً اتجهت لين ناحيتهم هي الآخرى ،قامت بالتسليم عليهن وخصوصاً ندى التي نظرت لها وقالت معاتبة :

" كده يا ندى تغيبي يومين من الكلية وماتبعتيش رسالة تطمنيني عليكِ ؟"

تنفست بقوة وقالت :

" حقكِ عليَّ انا غلطانة في النقطة دي بس لو تعرفي اللي حصل ليَّ مش هتصدقي "

عقدت حاجبيها وقبل ان تسأل سؤالها المتوقع اجابتها سلمى ومعالم الفرحة على وجهها :

" دكتور رحيم يبقى ابن عم ندى ومش بس كده قدر اللي حكينا لكِ عنها طلعت اخته "

حاولت ان تستوعب ما تقوله سلمى فنظرت لـ ندى وقالت بعدم تصديق :

" يعني دكتور رحيم ابن عمكِ يا ندى ؟!"

امتعض وجه ندى وقالت بضيق :

" ايوة ياختي طلع إبن عمي "

هزت علا رأسها يأساً منها وقالت :

" الدكتور رحيم محترم و ذوق جداً معرفش انتِ بتكرهيه ليه ؟"

مطت شفتيها بسخرية وقالت :

" اه صح ذوق جداً"

ضحكت سلمى عليها وقالت بفرحة :

" يابنات انا مش مصدقة لما قدر كلمتني امبارح وقالت ان هي هتشتغل معايا في الشركة وكمان فرحت اوي لما عرفت ان مراد هيخطب هبة "

شاركها الجميع الفرحة ما عدا لين التي لا تفقه شيء في ما يحدث ،صمتت علا قليلاً ثم اردفت :

" بنات هو مش المفروض هبة صحبتنا ونقول لها ان مراد عايز يخطبها عشان متتفاجأش وتزعل اننا نعرف وما قولناش "

وافقتها ندى في الحديث ثم اردفت :

"عندكِ حق انا هبقى اكلمها و امهد لها الموضوع"

نفذ صبر لين التي قالت بضجر :

" ياجدعان ما حد يفهمني مين ابن عم مين ومين هيخطب مين ؟!!"

ابتسمت الفتيات عليها وقالت ندى وهي تمسك معصم يدها برفق :

" تعالوا نقعد الاول وبعدين انا هحكي لكِ كل حاجة "

انهت جملتها وهي تنظر لـ لين تحديداً.

نظرت سلمى في ساعة يدها وقالت مستأذنة :

" معلش يابنات مش هعرف اروح معاكم انا خلصت محاضرات وكلمت قدر وقالت انها رايحة الشركة وانا لازم اروح انا كمان عشان كده هتأخر "

تحركت من اجل الذهاب لكن اوقفها صوت علا وهي تقول :

" مش هتغيري هدومكِ الأول ؟!"

كانت تقصد الثياب التي اعتادت سلمى الذهاب بها إلى العمل بالإضافة إلى بعض من مستحضرات التجميل التي كانت تجعلها مخيفة وايضاً النظارة الطبية ،ابتسمت سلمى ثم اردفت بهدوء :

" لأ هروح كده ،هروح بطبيعتي "

ابتسمت الفتيات وقامت بتوديعهن ثم خرجت من مبنى الجامعة بأكمله لتحدث قدر في الهاتف 
خشيةً عليها من ان تضل طريقها ولا تعرف مكان الشَركة.

___________________________________

وقفت تنظر للمكان بتفحص حتى سمعت رنين هاتفها معلناً عن اتصال قادم من سلمى إجابتها قدر بحماس ظهر في صوتها :

" ايوة يا سلمى انتِ فين ،انا وصلت اهو "

ردت سلمى قائلة :

" قدامي نُص ساعة بالظبط و اكون عندكِ "

ردت قدر عليها بتذمر :

" و انا هفضل واقفة كده قدام الشركة لحد ما تيجي "

عقبت سلمى على حديثها قائلة :

" مش ذنبي ان الجامعة بتاعتك قريبة من الشركة انا خلصت محاضرات وجاية في الطريق أهو "

تنهدت قدر بقوة و اردفت بتحذير :

" بت ياسلمى اوعي تكوني جاية بلبس..."

لم تدعها تكمل جملتها حتى لترد عليها بضيق :

" لأ جاية بلبسي عادي "

اتسعت ابتسامة قدر و قالت :

" اسمعي كلامي انتِ بس وانا هربي لكِ سليم. "

 تذكرت سلمى حديثهم الاخير معاً عند منزلها حيث كان يسخر منها ولقبها بأسم سالم ،تصنعت اللامبالاة ثم اردفت :

" قدر لو سمحتي انا مليش دعوة بـ سليم ولا هو ليه دعوة بيا ،هو مديري في الشغل وبس."

حدثت قدر نفسها وقالت :

" نيلت إيه يا ابن عايدة "

انتبهت قدر انها مازالت تتحدث مع سلمى عبر الهاتف عندما قالت :

" قدر ادخلي الشركة انتِ عشان مش هينفع تقفي ده كله لوحدكِ ،بصي الشركة كلها تلت ادوار الدور الأخير في مكتب سليم و ادهم ومكتبي ومكتب أسامة سكرتير أدهم تمام ،انتِ اطلعي عشان لو اتأخرتي بشمهندس أدهم مش هيعاملكِ على انكِ بنت عمه و هو مش بيحب التأخير "

عقبت على حديثها :

" انا عارفة اني مش قده بس اعمل ايه في جدي هو اللي مصمم ،بس تمام "

انهت المكالمة لتدخل المبنى اتجهت ناحية المصعد وعندما رأت نفسها في المرآة ظهرت ابتسامة راضية على وجنتيها حيث كانت ترتدي فستاناً بسيطاً من اللون الاخضر وخِمار من اللون الابيض الغامق قليلاً بدت بسيطة للغاية ولم تضع اياً من مستحضرات التجميل خاصتها كعادتها صحيح ليست جميلة بما يكفي من دونها لكن لا بأس هي تشعر بالراحة اكثر عندما تكون على طبيعتها ضغطت على زر المصعد وانتظرت قدومه لكن انتبهت لورقة معلقة عليه ومكتوبٍ بها «المصعد معطل» زفرت بضيق لتصعد إلى وجهتها عن طريق درجات السُلم.

__________________________________

كان ينزل الدرج ويحمل بيديه صينية بها أكواب فارغة فـ هذا هو عمله إحضار المشروبات لكل من يعمل بهذه الشَركة لكن مهلاً لحظة كيف يحضر لهم المشروبات وهم في شهر رمضان ؟! و ذلك لأن ليس كل من يعمل بالشركة مسلم بل هناك من الاخوة المسحيين يعملون مع ادهم الذي لا يهتم بديانة الشخص كل ما يهمه هو عمله وكفاءتها في العمل فقط،صدح صوت هاتفه ليجد انها نرجس هي المتصلة قام بالرد عليها لتقول هي بصوت غاضب :

" مش بترد عليَّ ليه ؟"

توقف عن النزول و حاول ان يبقى هادئاً ثم اردف :

" نرجس انا في الشغل مش بعرف ارد عليكِ"

اجابته بحنق وغيرة :

" واشمعنا احمد في شغله مش بيبطل رن على علا "

مسح على وجهه بغضب وقال بصوت منخفض حتى لا يسمعه أحد :

" انتِ ليه مُصرة انكِ تنزلي من نظري ليه بتبصي على اللي مع غيركِ ومش شايفة اللي معاكِ "

شعرت بغضبه لتحاول تصحيح ما تفوهت به فقالت بنبرة مستعطفة :

" ده كله عشان بطلب منكِ انكِ تهتم بيا شوية،خلاص يا فارس انا مش هرن عليك في الشغل تاني و ازعجك."

انكمشت ملامحه بضيق و تحدث على مضض :

" اللي يريحكِ يا نرجس "

قال جملته ليجد قدر تصعد الدرج فأردف متسائلاً :

" قدر ؟!"

اما قدر كانت تحدث نفسها بتعب بادي على ملامحها :

" هي دي زهرة شبابي دي محصلتش حِزمة جرجير "

انتبهت للواقف على الدرج ويحمل الهاتف بيده واضعه على أذنه لتقول بتعجب :

" فارس ؟! انت بتعمل ايه هنا "

أبتسم واجاب على سؤالها مندهشاً :

" انا بشتغل هنا انتِ اللي بتعملي ايه هنا ؟!"

صعدت الدرج لتصبح أمامه مع مراعاة المسافة بينهم :

" هو المفروض ان انا جاية اشتغل بس شكلي كده مش هعمر كتير "

أبتسم فارس على حديثها ليقول ناسياً نرجس التي تشتعل على الجانب الاخر :

" لأ ده الشركة هتنور بوجودكِ "

لم تقدر نرجس التحمل اكثر من ذلك لتصيح في الهاتف حتى سمعتها قدر :

" فاااارس"

ابعد فارس الهاتف تلقائي عن اذنه لشدة ارتفاع صوتها ليقول بهدوء :

"في ايه يا نرجس مالك بتصرخي كده ليه ؟!"

ظهرت ابتسامة خبيثة على وجه قدر لتخفيها وتظهر وجه البرأة وتقول :

" هي دي نرجس ممكن اكلمها يا فارس عشان مش معايا رقمها وعايزة اكلمها "

أومأ لها لتأخذ الهاتف من يده وتحدث نرجس قائلة :

" ازيك نرجوسة عاملة إيه "

ردت عليها بغضب وتحذير :

" اسمعي كله إلا فارس الشويتين اللي بتعمليهم على الكل دول عشان تكسبيهم انا عرفاهم كويس واقسم بالله انا ممكن اندمكِ عمركِ كله لو فكرتي تقربي منه "

كانت تنظر لفارس مبتسمة الوجه حتى لا يشك في شيء ابتعدت عنه قليلاً لتستطيع محادثتها واردفت بهدوء :

" اللي بيحب حد بيدي له مطلق الحرية وما نخفش انه يسيبنا ويروح لغيرنا لأن لو بيحبكِ عمره ما هيسيبك ويروح لغيركِ عشان مش بيبقى شايف حد غير اللي بيحبه."

ردت عليها بحنق :

" انا قلت وحذرت وعايزة اقول لكِ حاجة انتِ لسه متعرفيش نرجس كويس"

عادت قدر لتقف أمام فارس واردفت بنبرة ماكرة تعلمها نرجس جيداً لكن فارس ظن انها بسمة عادية وهي تقول :

" لأ ما تقلقيش عليَّ انا كنت خايفة اكون في الشركة لوحدي بس دلوقت معايا سلمى و...فارس لو احتجت حاجة هقول له على طول متقلقيش خالص "

انهت جملتها لتغلق المكالمة سريعاً قبل ان تتحدث نرجس فكل ما كانت تريده هي استفزازها ونجحت في ذلك،اعطت الهاتف لفارس ثم بدأت في الصعود لـ الطابق الثالث حيث كل هذا حدث في الطابق الثاني.

___________________________________

انتهت ندى من قص كل ما حدث في الأيام السابقة لتفتح لين فمها ببلاهة غير مصدقة ثم اردفت :

" انتِ متأكدة ان اللي بتحكيه ده مش مسلسل تركي "

عقبت علا على حديثها ساخرة :

" لأ مسلسل مصري وبيتعرض دلوقت "

حملت ندى هاتفها لتقول :

" انا هرن على هبة و هحاول امهد لها الموضوع مش عايزة اسمع صوت واحدة فيكم "

اومأ الاثنين لتقوم ندى بالاتصال عليها منتظرة الرد منها.

اما هبة كانت في المشفى وتحديداً في قسم الطوارئ تقوم بأعطاء احدى السيدات حُقنة ،انتهت مما تفعله لتدعو لها السيدة بحب و أمتنان اكتفت هبة ببتسامة بسيطة على وجهها ثم ألقت بالحقنة الفارغة وسرنجتها في الحاوية الخاصة بهذا النوع من النفايات لكي تذهب إلى المحرقة في نهاية الأمر ،ثم سمعت رنين هاتفها ليبتهج وجهها حالما رأت اسم ندى يترقص على شاشة هاتفها :

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

ابتسمت ندى بتوتر وردت السلام عليها :

" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،ازيك ياهبة ؟"

جلست هبة على مقعد صغير في الغرفة لتجيبها بمرح :

" انا الحمدلله بخير يا ندوش انتِ عاملة ايه والبنات كمان ؟"

تلعثمت ندى لتقول بسرعة :

" هبة مراد عايز يخطبكِ"

اتسعت أعين الفتيات بصدمة مما فعلته ندى أهكذا مهدت لها ؟!! اغمضت ندى عيونها لتنتظر ردها على ما قالته ،تفاجأت هبة من حديثها لتحاول الاستيعاب قائلة :

" مراد؟! طب ازاي وانا بنفسي قلت له إني مخطوبة "

ابتسمت ندى بأحراج واردفت :

"لأ ما انا قلت له انكِ مش مخطوبة ،فاكرة يوم ما كنتِ بتغيري على جرح قدر عند خالتي نجلاء وانا سألتكِ وقتها انتِ مخطوبة قولتي لأ مش مخطوبة."

زفرت علا الهواء بضيق من طريقة ندى في الحديث لتأخذ منها الهاتف وتحادث هبة :

" هبة اسمعيني ربنا وحده اللي يعلم اني بعتبركِ اختي زي وردة بالظبط وتهمني مصلحتكِ و مراد إنسان محترم وجدع جداً وراجل وهيقدر يحافظ عليكِ انا مش بقول لكِ كده عشان هو ابن خالتي انا بقول لكِ من واجبي كصديقة ليكِ وفي النهاية القرار قراركِ ومهما كان قراركِ ده اكيد مش هيأثر على علاقتنا كصحاب."

لو كانت تظن بأنها هكذا تساعدها فقد اخطأت لقد جعلت القرار صعباً أكثر بالنسبة لها هي لا تنكر انها قد تكون اُعجبت به قليلاً لكن كلما طرأت هذه الفكرة إلى مخيلتها تطردها سريعاً وتستغفر الله ،تنهدت بقوة لتنظر للأعلى كأن الواجب مكتوبٍ في السماء ،طال الصمت بينهم لتشعر علا بالحزن من هذا الصمت فقالت حتى لا تخجلها اكثر من ذلك :

" خلاص ياهبة رأيك وصل لنا "

قطبت جابينها لم تفهم ماذا وصل إليها هي لم تنطق بحرف واحد فتابعت علا:

" انا هقول لـ مراد انكِ مش موافقة "

انقبض قلبها سريعاً عندما قالت جملتها لترد سريعاً دون تفكير :

" لأ انا موافقة "

ابتسمت علا بأريحية لتشير بيدها لـ ندى و لين بمعنى "كله تمام"
شعرت هبة بالخجل و تنحنحت مردفة :

" قصدي يعني خليه يتقدم وانا هصلي صلاة استخارة وخير بأذن الله"

اتسعت ابتسمتها اكثر لتقول بمرح :

" لأ خير ده هيكون كل خير "

اغلقت هبة الهاتف ونظرت إلى السماء لتدعو الله وهي تشعر ان صدرها يعلو ويهبط من الفرحة :

" اللهم ان كان زوجاً صالحاً ليَّ اجعله من نصيبي وإن كنت زوجة صالحة له اجعلني من نصيبه "

___________________________________

وصلت اخيراً للطابق الثالث لا تقدر ان تأخذ نفسها كمن صعد الطابق الثلاثون وليس مجرد ثلاث طوابق لتجد شابين يقفوا معاً عند الزاوية ذهبت عندهم من اجل ان تسألهم عن مكتب ادهم.

"لو سمحت فين مكتب بشمهندس أدهم ؟"

نظر لها الشبان بتفحص لترفع هي حاجبها بتقزز ثم اردفت :

" اعيد كلامي تاني ،فين مكتب رئيس الشركة دي ؟"

تكلم احد الشباب وهو ينظر لكل إنش فيها :

" ما براحة علينا يابطل ،عايزة تمشي ليه خلينا نتأمل الجمال ده شوية"

انهى جملته و هو يشير إلى وجهها بيده ليعقب الشاب الاخر بسخرية :

" جمال ايه يابني ده كله صناعي من الاخر Fake."

لم ترد ان تقف اكثر مع هكذا معاتيه ،تحركت من اجل الذهاب لكن ضحك هذا الشاب ساخراً عليها وتابع باقي حديثه :

" اغلبية البنات دلوقت Fake."

اعتدلت في وقفتها لتصبح أمامه وتنظر إلى عينيه بقوة لا أبالغ ان قلت انه شعر بالخوف منها لوهلة ثم اردفت بنبرة تملأها الثقة :

" أي يعني اغلبية البنات Fake ما انتم أغلبكم مش رجالة ومحدش أتكلم "

علَ وجهها ابتسامة النصر عندما رأت تحول وجهه إلى الغضب ثم تركتهم وذهبت.

___________________________________

كان يقود سيارة إبن عمه ويجلس جواره لطفي شقيق السيدة فاطمة التي تجلس في الخلف هي وهناء زوجة أخيها و معهم التؤم نور و نورهان النائمين منذ وصولهم ،ابتسم مراد ليقول مرحباً بهم بعدما استقبلهم من المطار متوجهين للمنزل :

" نورتوا مصر والله "

رد عليه لطفي بحنق :

" انت هتكدب من أولها"

تنحنحت هناء و شعر مراد بالحرج ليبتسم لطفي وقال :

" مصر منورة بناسها يا استاذ مراد ولا تحب نقول لكَ يامتر "

تنفس مراد بأريحية وقال :

" اللي يعجب حضرتك ناديني بيه"

نظر لطفي أمامه يراقب الطريق ثم اردف بجدية :

" انا كان عندي صاحب محامي زيك كده بس ماكنش متر كان نص متر"

انهى جملته بضحكة عالية ليحاول مراد أن يرسم إبتسامة على وجهه ،ثم تحدث لطفي بحماس :

" اقول لكم نكتة؟"

نظر الجميع لبعضهم البعض لكن لطفي لم ينتظر ردهم وقال:

" مرة واحد فكهاني والتاني ربط هاني"

ثم علت قهقهته في السيارة ومعه مراد الذي يبدو انها أعجبته اما هناء كانت تهز رأسها يأساً من زوجها اما فاطمة كانت تضحك وهي تربت على كتف هناء ،توقف لطفي عن الضحك فجأة وقال وهو يوجه حديثه لـ مراد :

" انت بتضحك وانا في فترة حُزني "

حمحم مراد و توقف عن الضحك ليقول متأسفاً :

" اسف انا بس.."

ليقاطعه لطفي قائلاً :

"حُزني مبارك "

ثم انفجر في الضحك بعدها لينظر له مراد بغضب مكتوم وعندما تقع عين لطفي عليه يبتسم بتكلف وقال محدثاً نفسه :

" هو أكيد دي هرمونات بس دي مش هرمونات واحدة حامل دي هرمونات واحدة مطلقة"

مرت خمس دقائق ولم يتحدث احد لكن هذا الصمت لم يدم طويلاً بسبب لطفي الذي قال:

" تعرف يا مراد يابني انا عندي 43 سنة "

كان مراد ينظر له تارة ولطريق تارة اخرى فأبتسم وقال :

" ربنا يديك طولة العمر "

تابع لطفي حديثه بكل جدية :

"أنا مش خايف أكبر ف السن ، أنا خايف أعقل وأبطل هزار ."

"يسمع منك ربنا"

نطق بها بكل عفوية ليقول لطفي معلقاً :

" بتقول ايه ؟"

ابتلع مراد ريقه وقال :

" بقول انا حضرتك بسم الله ما شاء الله بتحب الهزار ودمك خفيف فعلاً السعادة ليست بالمال"

" مين الحمار اللي قال كده؟"

خرجت منه هذه الجملة لتحاول فاطمة عدم الضحك اما هناء شعرت بالخجل من زوجها اما مراد كان يلعن نفسه ويندم على قدومه لهُنا .

رجع لطفي بظهره للخلف بأريحية وقال :

"اللي قال ان المال لا يصنع السعادة ماشافش وشي وانا بقبض المرتب اخر الشهر."

زفر الهواء بقوة واردف بهدوء:

" استاذ لطفي جدي كان عايز يقابل حضرتك ممكن اخد رقمك"

شعرت فاطمة بالذعر فـ هي لا تريد ان يعلم اخيها بما حدث مع ابنتها وان هذا الزواج كأي زواجاً عادياً رأها مراد من المرآة ونظر لها نظرة مُطمنة بمعني" لا تقلقي" وبالفعل اعطاه لطفي رقم هاتفه وقال :

" ياجماعة اللي مضايق من حاجة بقولها يقول ما يتكسفش عشان انا راجل ديموقراطي و كده كده هتكلم بردو "

وقبل ان يتحدث ويقول شيء اخر اوقف مراد السيارة وقال سريعاً :

" وصلنا"

نظر له لطفي وقال :

" طب اخبار عضلاتك اللي فرحان بيها دي ايه ؟تمام؟"

لم يفهم مراد مغزى حديثه ليقول :

" تمام بخير الحمدلله"

ليصيح لطفي :

" انا بسألك انت عامل إيه ،يلا عشان تشيل الشنط انا راجل كبير مش هقدر اشيل كل الشنط دي واطلعهم"

نظر له مراد بحنق وقال بصوت منخفض:

" لأ هو في حد باصص ليَّ في الجوازة النحس دي "

انتبه لهم مراد عندما اردفت هناء :

" لطفي تعال شيل نورهان عن فاطمة عشان نايمة ومش هنعرف نصحيها "

تحدث لطفي :

" هنرش شوية مية عليهم وهما هيصحوا"

اتسعت أعين مراد من الصدمة وقال بصوت عالي قليلاً :

" ايه اللي بتقوله ده انت عايز توقف قلبهم من الخضة هو حضرتك مافيش تمييز خالص"

تحدث لطفي ببرود وقال :

"‏شوف هو انت صح بس انا هعند واغلطك عشان طريقتك المستفزة اللي بتتكلم بيها دي."

اذداد غيظ مراد من هذا الرجل لكن حاول ان يسيطر على أعصابه صعدوا للأعلى بعدما صعد مراد ثلاث مرات حيث في كل مرة يحمل احدى الفتيات والمرة الاخير حمل الشنط ليقف في منتصف الشقة وقال :

" احط الشنط دي فين؟"

اقترب منه لطفي وقال وعلى محياه ابتسامة لم يعرف مراد تفسيرها اهي فرحة ام شماتة ام غباء ،ثم وضع ذراعه على كتف مراد وقال :

"ما تسألش حد مصري و تقول له احط ده فين لاننا كـ مصرين معندناش غير إجابة وحدة"

رفع مراد رأسه لأعلى وقال وهو على وشك البكاء :

" حسبي الله ونعم الوكيل"

___________________________________

"السلام عليكم"

قالتها قدر لـ أسامة سكرتير أدهم ليرفع رأسه وينظر له ورد السلام لتتابع هي :

" فين مكتب البشمهندس أدهم ؟ انا قدر اللي جاية اشتغل هنا"

وقف أسامة ورحب بها قائلاً :

" أهلاً يل انسة قدر بشمهندس أدهم بلغني ان حضرتك جاية "

ثم تحرك للغرفة التي بها المكتب وهو يشير لـ قدر بأن تتبعه دلف أسامة أولاً وبقيت هي بالخارج ليخرج بعدها اسامة وقال :

" اتفضلي "

دخلت قدر المكتب لتجده منهمك في عمله بشدة يبدو انه يحب عمله ويتقنه أيضاً تنهدت ورسمت ابتسامة على وجهها وفتحت فمها من اجل التحدث لكن سبقها أدهم بالحديث وهو مازال ينظر إلى الاوراق دون ان يرفع بصره عن الأوراق :

" هتنزلي الدور الاول هتلاقي الاستاذ عبدالله مسئول عن حسابات الشركة انتِ هتكوني معاه انا بلغته عنكِ و هو هيفهمكِ كل حاجة"

كانت تنظر له بفم مفتوح لم يجد رداً منها فرفع رأسه وقال :

" واقفة ليه ؟"

رمشت بعينيها عدت مرات وقالت بضجر :

" ولما هو انا هشتغل في الدور الاول بطلعوني التالت ليه ولا هي فرهدة وخلاص "

ترك الأوراق من يده وقال :

" احنا لسه فيها لو انتِ مش قد الشغل ،الباب اللي دخلتي منه ممكن تخرجي منه"

امتعض وجهها اكثر لكن تحدثت بحدة كأنها تتحداه :

" وانا قد الشغل وهتشوف بنفسك ومش قدر اللي تستسلم بسهولة ،عن إذنك هروح اشوف شغلي"

خرجت ليبتسم على ثقتها بنفسها ثم اردف :

" إن ما خليتك تعيطي وتقولي كل اللي جواكِ مابقاش أنا "

هو لا يفعل ذلك من اجل مضايقتها بل هو يريد ان تزيل قناع القوة التي ترتديه طوال الوقت وتفصح عما داخلها وظن بأن هذه الطريقة ستُجدي نفعاً.

___________________________________

خرجت تستشيط غضباً من طريقته في التحدث لكن يبدو ان حديث سلمى صحيح هو لن يعاملها كأبنة عمه في العمل لم تنتبه واصتدمت بشخص ما وكان هذا الشخص :

" سلمى ؟! أخيراً جيتي"

كانت قدر التي تحولت ملامحها إلى الفرح سريعاً حالما رأت صديقتها ابتسمت سلمى هي الاخرى وقالت :

" عاملة إيه وحشاني يابت ،انا فرحانة اوي اننا هنشتغل سوا "

اومأت لها لتتثأب وهي تضع يدها على فمها لتقول سلمى :

" مالك نعسانة كده ليه؟!"

زفرت الهواء بقوة وقالت :

" انا لو عليَّ عايزة افضل في السرير على طول ما اقومش "

فكرت سلمى قليلاً ثم اردفت :

" تعرفي انك عندكِ متلازمة كلينومينيا (Clinomania) ودي في علم النفس معناها الرغية القوية في البقاء في السرير طوال الوقت."

كانت تنظر لها بملل ثم اردفت ساخرة :

" يعني هبة عندها كازوزة بيبسي وانا طلع عندي كيلو بامية ،طب ومين بقى اللي هيكون عنده القطة العامية ؟"

ضربتها سلمى بخفة وقالت :

" ده علم انا ماجبتش حاجة من عندي كله مذكور في الكتب "

اومأت لها وقالت :

"صح ،ابقي فكريني لما اروح عندكِ امسك الكتب دي اقطعها او اولع فيها بدل ما انتِ ماشية توزعي أمراض على خلق الله كده"

___________________________________

عند الفتيات كانوا يتحدثن معاً لتنظر ندى إلى لين وقالت :

" هتروحي معانا ولا وراكِ محاضرات"

هزت رأسها بالنفي وقالت :

" لأ مش عندي ،كان عندي محاضرة لدكتور رحيم بس هو استأذن ومشي "

قطبت جابينها بتعجب واردفت بفضول :

" مشي ليه"

رفعت كتفيها دلالة على أنها لا تعرف السبب فعقبت علا على حديثهم :

" اكيد راح المستشفى ما هو بيشتغل هناك بردو"

كادت تتحدث لين لكن قاطعتها ندى قائلة :

" لأ هو مش بيشتغل في أيام الكلية في المستشفى ولا العكس وطالما استأذن ومشي يبقى اكيد فيه حاجة "

ابتسمت علا بخبث واردفت :

" وانتِ مالك مهتمية بالموضوع كده ،عادي ممكن بيكون بيعمل اي حاجة تانية وبعدين ما انتِ مركزة اهو وعارفة بيشتغل فين "

ارتفعت ضربات قلبها واحمر وجهها لتحاول ان تخفي هذا كله فأردفت بتلعثم وهي تحاول ان تتصنع اللامبالاة :

" انا مش مهتمة خالص فضولي بس خلاني عايزة اعرف "

اردفت علا بنبرة ماكرة :

" طب خلي بالكِ عشان الفضول ده بيقلب حاجة تانية بعدين "

توترت قليلاً من حديثها لتقول :

" حاجة تانية زي ايه ؟!"

وقفت علا واردفت ببتسامة :

" لأ ما تخديش في بالكِ ويلا عشان نروح "

___________________________________

توقف بالسيارة عندما وصل إلى وجهته وقال وهو ينظر للجالس بجانبه في السيارة :

" وصلنا ياجدي"

نظر زكريا المنشاوي حوله وقال بهدوء :

" ابوك مدفون هنا ؟"

أومأ له ليتابع زكريا :

"عشت طول عمري نفسي حد يجاوبني على سؤالي إبني عايش ولا ميت ويوم ما عرفت انه ميت بقيت عايز اروح ازوره في تربته بس ماكنتش اعرف انه هيبقا صعب كده "

تجمعت الدموع بعين رحيم الذي اشاح بوجه للجانب الآخر حتى لا تسقط دموعه فأردف زكريا :

" ما تكابرش ياولدي وسيب دموعك تنزل بقالي سنين بكابر بس خلاص هفضل أبكي لحد ما ارتاح "

نزل رحيم من السيارة وسند جده ليصعد السُلم كان صغير مكون من اربع درجات فقط ثم دلف للداخل حيث وجد قبرين كان لوالد و والدة رحيم وقف زكريا امام قبر حسن اما رحيم امام قبر امه فتح مصحفاً صغيراً اخرجه من جيبه وبدأ في القراءة اما زكريا كان يتحدث مع إبنه كأنه حي يرزق ويراه :

" ازيك يا حسن اتوحشتك يا ولدي ،كان نفسي اشوفك كنت بدعي ربك ان يطول في عمري لحد ما عيني تتملى منك وبعدها اموت بس ربك ليه حِكمه وتموت انت يا ولدي ،انا عايز اقول لك اني راضي عنك ياولدي راضي عنك وكنت مستنيك ترجع بس مرجعتش مرجعتش ياحسن"

انفجر في البكاء ليغلق رحيم المصحف ويذهب من اجل ان يواسي جده الذي خر في البكاء اخذه رحيم في حضنه ليقول زكريا من بين شهقاته بنبرة متألمة :

"آآآآه ياحسن وجعت قلبي وانت عايش ووجعته وانت ميت "

لم يستطع رحيم الصمود أكثر فجهش في البكاء فهو دائماً كان يخفي دموعه من اجل ان يظهر قوياً امام شقيقته لكن ان صمدنا نحن لن تصدم دموعنا فهي خلقت حرة ولن يقدر احد على منعها من حريتها هذه في النزول لتشق طريقها على الوجوه.

___________________________________

كانت تحمل بين ذرعيها بعض الاوراق متوجها لمكتب سليم من اجل الحصول على توقيعه ،طرقت على الباب لتسمع صوته يأذن لها بالدخول ،دلفت سلمى لتقول بجدية وهي تضع الاوراق أمامه على المكتب :

" محتاجة توقيع حضرتك على الورق ده"

نظر لها سليم وجدها تأتي بملابسها العادية ليقول بمزاح حتى يستفزها :

" حتى بعد ما رجعتي لطبيعتك شكلكِ سالم بردو"

قهقه ليجد ملامحها جادة غير عادتها ثم اردفت بقوة :

" حضرتك لو مش عاجبك لبسي ولا شكلي فانا بصحى كل يوم عشان احقق اهداف في دماغي مش عشان اثير إعجابك "

ترك القلم من يده ورجع بظهره للخلف ليعلم أنها لم تنسى الموقف الاخير بينهم من نبرتها المتضايقة ابتسم سليم على حديثها وقرر بداخله أن يصلح ما افسده ليقف ويتحرك حتى اصبح امامها شعرت سلمى بالتوتر من قربه لكن تصنعت اللامبالاة اما هو نظر إلى عينيها بقوة وقال :

" تعرفي ان عنيك بتفكرني بفيلم رعب"

امتعض وجهها وردت عليه بحنق :

" اشمعنا فيلم رعب؟!"

ابتسم هو اكثر و هو مازال مثبت بصره على عينيها وقال بنبرة هادئة :

"عشان عنيكِ Halloween أوي"

شعرت بحرارة تكتسح وجهها وتوترت اكثر لتفقد ثابتها امامه ورغماً عنها ابتسمت على جملته ليشعر هو بالرضى انه استطاع ان يتخلص من ضيقها منه لم تقدر سلمى الوقوف اكثر من ذلك وهربت من امامه ليضحك سليم عليها وقال :

" طب استني خدي الورق طيب"

___________________________________

 يجلس في غرفته يقوم بستذكار مواده وايضاً كان يحادث صديقه ديشا عبر الهاتف :

" لازم نشد على نفسنا يا ديشا شوية الإمتحانات قربت "

وافقه ديشا في الحديث وقال :

" انا معاك ولازم نبطل استهتار ونحاول نلم المواد واللي يقف قدام التاني التاني يشرح له "

ايده عمر في حديثه فتابع ديشا :

" وانت دلوقت عامل اي في المذاكرة؟"

"كوسة و انت؟"

هكذا رد عليه عمر ثم اردف ديشا مجيباً عن سؤاله :

" بتنجان ياسطا"

اردف عمر ساخراً :

" متجمعين في حلة محشي ان شاء الله"

___________________________________

رجعت من جامعتها وصعدت السُلم متجهة لشقتهم من اجل ان تقوم بتبديل ثيابها وقبل ان تدلف لداخل صدح رنين هاتفها اخرجته من حقيبة الظهر التي ترتديها لتجده رقم غير مسجل بجهة اتصالاتها لكن ندى ليست من النوع الذي يخشى الأرقام غريبة ظناً منه انها ارقام مزعجة بل هي من النوع الثاني التي يدفعها فضولها لمعرفة من هو المتصل ،

ولو لم تستطع الرد قبل انتهاء مدة الإتصال تقوم هي بالاتصال على هذا الرقم لتعرف من صاحبه ،سحبت بأصبعها على الشاشة لتجيب على الهاتف :

" الو"

اتاها صوت شاب لكن لم تسطع تمييزه جيداً :

" انتِ ندى؟"

تنهدت واجابته متعجبة :

" ايوة انا ندى انت مين ؟"

" واحد بياكل بأيده اليمين"

              ...لسه الحكاية مخلصتش...

#صدفة_ام_قدر

#العشق_الخماسي

#سميه_عبدالسلام

الفصل التاسع عشر من هنا

 

تعليقات



×