رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سميه عبد السلام



رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سميه عبد السلام 






البارت 23(حسن الخاتمة)

عندما تعاقب على شيء خاطئ ارتكبته قد تحزن قليلاً من العقاب لكن ماذا لو تمت معاقبتك وانت لم تفعل شيء هكذا اخبر مدير المستشفى رحيم الجالس على كرسي امام مكتبه عندما قال :

" انت دكتور شاطر يا رحيم و غير كده بتراعي ربنا في شغلك بالرغم ان غيرك مش بيبقا هامه غير الفلوس"

كان يحاول ان يستشف اي شيء من خلف حديثه هذا لكن لم يجدي نفعاً لذلك قرر سؤاله :

" ممكن حضرتك توضح اكتر عايز ايه من غير مقدمات "

انحنى بنصفه العلوي للإمام ووضع يديه الإثنين على مكتبه وظهر الحزن في صوته عندما قال :

" انت هتكون خسارة كبيرة للمستشفى لما تسبها و تمشي"

لم يفهم رحيم كلياً مغزى حديثه حتى الآن ليطلب منه ان يقوم بالتوضيح اكثر :

" وانا ايه يخليني اسيب المستشفى؟!"

" لأن قرار رفدك قدامي اهو وواقف على امضتي "

"رفدي؟!"

رددها بذهول ليتابع مديره :

" انت من يوم ما جيت وانا بعتبرك إبني وعشان كده انا لحد دلوقتي ما مضتش على القرار هخليك تكتب استقالتك وانا هقبلها كده هيكون احسن اقله عشان متبقاش نقطة سودة في ملفك لما تشتغل في اي مكان تاني"

ابتسم بسخرية وقال:

" كتر خيرك"

رد عليه قائلاً :

" صدقني انا مش بأيدي حاجة القرار ده جاي من فوق...شكلك مزعل حد من الناس الكبار"

اومأ له بهدوء واخذ ورقة بيضاء يكتب بها استقالته من العمل وهو يعلم جيداً من خلف هذا الموضوع.

___________________________________

يحب الأطفال بشدة لهذا قرر العمل كطبيب لهم لأنه يعلم انهم غير قادرين على الإفصاح عما يشعروا به من آلم ، أراد ان يكون سبباً لتخفيف آلامهم.

خرج آسر من قسم الحضانات فـ هو يعمل طبيباً في هذا القسم ،ركض نحوه رجل في العقد الخامس من عمره واردف بقلق :

" زين العابدين عامل ايه يا دكتور؟"

خمن أسر انه قد يكون جده ، ابتسم بهدوء وقال و هو يعلم هذا الطفل جيداً نظراً لأنه يحمل نفس اسم إبنه زين :

" اطمن يا حج يومين و ها يخرج من الحضانة ،ده حتى انا لسه مرضعه بنفسي"

نظر له الرجل مستحقراً ليفهم أسر ما يدور في ذهنه و ما وصل إليه من هذه الجملة لـ يصيح بصوت عالي :

" صناعي يا حج اقسم بالله صناعي"

اردف ساخراً :

" و مرضعتوش طبيعي ليه ولا لسه اللبن مانزلش"

اردف أسر بضيق :

" لأ نزل وراح مشوار وجاي "

ثم هرول من أمامه عندما رأى رحيم يقف امام المصعد.

" انت مش في العمليات ليه؟"

التفت له رحيم وقال بسخرية لاذعة :

" طارق عبدالحميد خلاهم يرفدوني بس المدير خلاني اكتب استقالتي"

نزع أسر البالطو وقال دون ان يفكر لحظة واحدة :

" استنى انا كمان هدخل اقدم استقالتي "

لم يتعجب رحيم من تصرف أسر فـ هو دائماً يتبع رحيم كـ ظله لا يتركه بمفرده لكن هذه المرة لا اظن ان رحيم سيوافق على ذلك ،اردف بهدوء :

" اهدأ يا اسر وبلاش الجنان بتاعك ده كفاية واحد فينا مش هنبقا احنا الاتنين"

رد معترضاً:

" أقسم بالله ابداً"

زفر الهواء بضيق وقال :

" اسر فكر فيها شوية هو عايز ينتقم مني أنا يبقا له تجيب الضرر لنفسك"

هز رأسه بالنفي وقال :

" أقسم بالله ما يحصل"

صاح رحيم بصوت عالي :

" في ايه يا اسر كل ما اقول كلمة اقسم بالله اقسم بالله انت لسه داخل الإسلام جديد وعاجبك الحلفان كل شوية"

ثم سمعوا رنين الهاتف ولم يكن سوى هاتف رحيم الذي حالما رأى المتصل قال :

" شكل الرفد مش على اد المستشفى ،بيكلموني من الكلية"

وضع أسر يديه على كتف رحيم وقال :

" ما ضاقت إلا ما فرجت"

ثم تابع بجدية :

" لازم تعمل اللي قلت لك عليه لازم تقول لـ أدهم لما تكونوا مع بعض هتقدروا على الزفت طارق ده "

شعر بالحيرة والقلق على شقيقته لكن لابد ان يحسم أمره ،اومأ لها موافقاً ثم اردف اسر بسؤال :

" هتروح فين كده"

اجابه ببساطة تخفي خلفها الحزن :

" هروح البيت وبكره اطلع على الكلية اجيب حاجتي انا مش هستنى لما يرفدوني وبعدين ابقا ادور على شغل"

اردف اسر يعرض عليه بصدق :

" طب استنى هوصلك انا وبلاش تسوق انت"

رد معترضاً وهو يعلم ان صديقه خائف عليه لكن هو لا يريد ان يتأذى هو الاخر :

" لأ انت وراك شغل ما ينفعش تمشي وتسيبه وما تقلقش صاحبك جامد مش طارق اللي يلوي دراعي"

رد عليه اسر ممازحاً :

" عملت له اشاعة وطلع ما بيتلويش و لا ايه "

ابتسم رحيم على مزاحه ونظر له بمعنى اطمئن ثم دخل إلى المصعد متجه إلى سيارته ثم الذهاب إلى المنزل.

___________________________________

كانت تشعر بالسعادة التي فقدتها منذ وفاة والديها وشقيقها يفعل ما بوسعه لأجل ان يرجع ابتسامتها من جديد ،اكثر انواع الحب صدقاً هي التي بين الاخوة،كانت ملابسها ملطخة بالطحين ومعها ندى تساعدها في المطبخ من اجل صنع الحلويات سوياً ،حتى دخل مراد المطبخ عندما سأل والدته واخبرته ان الإثنين في المطبخ في الطابق السفلي.

دخل وعلى وجهه ابتسامة واردف بهدوء :

" بتعملوا ايه يا بنات"

التفت الإثنين له لتمسح قدر وجهها المتناثر عليه حبيبات الطحين الصغيرة بساعد يدها وقالت :

" انا بعمل كيكة و ندى بتعمل كنافة عشان رحيم بيحبها وانا مش بعرف اعملها"

تدخلت ندى في الحديث قائلة :

" بس خلاص قربنا نخلص باقي ربع ساعة ونخرجهم من الفرن"

اومأ بهدوء ثم اردف وهو يخرج يديه الاثنين المخبأة خلف ظهره وقال :

" عشان انتم السبب اني اتعرف على هبة جبت لكل واحدة فيكم هدية"

اخذتها ندى وهي ترقص بفرحة وفتحتها سريعاً نظرت له بعدم تصديق قائلة :

" سماعات البلوتوث اللي كان نفسي فيها "

ركضت نحوه وارتمت بين أحضانه قائلة بأمتنان :

" شكراً يا مراد ربنا ما يحرمني منك "

ربت على ظهرها بحنان ونظر إلى قدر وقال :

" ايه مش هتفتحي الهدية ؟"

كانت تنظر إلى الهدية بفرحة لا تقل عن سعادة ندى فـ اول مرة يحضر لها احد هدية غير شقيقها ،فتحت العلبة المغلفة وجدتها مجموعة من الحجاب _الخمار_ متعددة الألوان ،رفعت رأسها له والدموع تجمعت بعينيها ليعقب مراد :

" لاحظت انكِ بتلبسي الخمار من عند ندى عشان لبسك كله طرح اتمنى يكونوا عجبوكي "

"تحفة"

نطقت بها وهي تشعر ان نبضات قلبها ستتوقف من السعادة ثم اردفت بأمتنان :

" شكراً يا مراد انت فعلاً اكتر من اخ ليَّ "

حمحم مراد وقال :

" انا مش عايز شكر انا عايز طبقين بسبوسة وكنافة يشتالوا ليَّ على جنب عشان العيال مش بيخلوني ألسح الطبق حتى"

ضحكت ندى وقدر عليه ليروا رحيم وهو يصعد لاعلى ركضت نحوه قدر بفرحة وقالت :

" شوف يا رحيم مراد جاب ليَّ ايه"

لم ينظر لها رحيم و اردف بهدوء تعجبت منه قدر :

" معلش يا رحمة خليها وقت تاني انا تعبان دلوقت "

تركها وصعد لأعلى اقترب منها مراد وندى واردف بتسأل :

" ماله رحيم شكله زعلان هو مش المفروض يبقا في المستشفى ايه جابه بدري "

كانت صامتة تفكر ماذا قد يكون حدث مع اخيها وقالت :

" بس هو ما فيش غيره اسر هو اللي هيقول لنا رحيم ماله "

اخرج مراد هاتفه وقام بالاتصال على اسر الذي اخبره بما حدث ،اغلق الهاتف ليرى السؤال في عيون قدر وندى فقرر ان يطمئنهم ولا يحكي ماحدث تقريباً بل اكتفى بقول :

" شوية مشاكل في الشغل مش اكتر يعني اطمنوا "

تنفست قدر بهدوء ثم نظرت إلى ندى التي قالت :

" يلا احنا عشان الحاجات ما تتحرقش في الفرن"

مسحت قدر جبينها واردفت بتعب :

" شغل البيت صعب اوي ،يابخت الشباب حياتهم سهلة"

وقبل ان يعقب مراد ات سليم من خلفهم وقال :

"فاكرين حياة الشباب سهلة طب جربي كده تصحي الصبح تقولي لـ 30 بنت صباح الخير"

نظرت له قدر وندى بدهشة ليتحدث مراد جدياً :

" ياض اتلم انت التربية ماعدتكش عليك "

رد بهدوء استفز مراد :

" لأ الحقيقة ما كانتش فاضية عشان تعدي عليَّ"

ثم نظر إلى قدر واردف ممازحاً :

" بنت عمي القمر "

رمقته ندى بحنق وقالت :

" حتى قدر هتعاكسها ؟!"

هز رأسه بمعنى نعم فخرجت ضحكة من قدر فـ هي تعلم ما يريده خلف هذا المزاح لتعقب ندى على حديث سليم :

" يعني ينفع ابقى معاك وحد يعاكسني ؟"

اردف مراد بطريقته المعتادة دون تفكير :

" وهي دي خلقة حد يعاكسها يا ندى"

اتسعت اعين ندى بدهشة فحاولت قدر عدم الضحك ام سليم وقف كالصنم يكتم ضحكه ليستوعب مراد ما قاله فأردف مصححاً :

" ندوشة "

اردفت بغيظ :

" نعم"

تحدث مراد بخوف زائف :

" هتشيلي ليَّ طبق البسبوسة صح؟"

امتعض وجهها وتركتهم ودلفت إلى الداخل لتحلق بها قدر التي قالت وهي تنظر إلى سليم :

" ما تقلقش طول ما انا موجودة"

اردف سليم بسعادة :

" مش بقول لكِ انتِ اللي فيهم"

___________________________________

ليلاً

كان يجلس بمفرده في الحديقة الأمامية للمنزل يتذكر كل ما مر بها سابقاً منذ وفاة والديها مروراً بأصابة قدر بمرض الاكتئاب وصولاً إلى ووجده هنا في منزل زكريا المنشاوي حتى رفده من العمل ،نظر إلى السماء واخرج زفيراً قوياً ليسمع صوت أقدام تقترب منه استدار برأسه بهدوء ولم تكن سوى ندى التي اقتربت منه وكانت تحمل طبق صغير به بعض من الحلويات التي صنعتها هي وقدر وقالت متسائلة :

" قاعد لوحدك ليه؟"

تنهد رحيم وقال :

" مستني العشاء تأذن عشان اروح اصلي بس"

شعرت انه لا يقول الحقيقة فأرادت تغيير مجرى الحديث و مدت يدها بالطبق له وقالت مبتسمة :

" قدر قالت انك بتحب الكنافة ،اتفضل"

اخذ منها الطبق و بادلها الإبتسامة وقال :

" تعرفي يا ندى انكِ البنت اللي بحلم بيها "

شعرت بالخجل وتذكرت حديث سلمى بأن افعاله تدل على حبه لها حتى وان لم ترى ندى ذلك، ابتسمت بخجل وهي تنظر إلى الأرض قائلة :

" بس انا مش حلوة اوي كده عشان تحلم بيا "

" لأ ما انا كل أحلامي كوابيس "

اردف بها ممازحاً ،رفعت ندى رأسها مندهشة قبل ان تأتيها نوبة من الغضب فـ لوهلة شعرت انه يتحدث بجدية.

" تصدق انا غلطانة اني عبرتك و سألت فيك اصلاً "

كادت تمشي لكن وقف رحيم سريعاً واردف وهو يحاول عدم الضحك :

" ندى،بهزر معاكِ ماتزعليش مني"

نظرت له بأقتضاب ،اخذ هو يتذوق من الطبق وقال وهو يأكل بتلذذ :

" تسلم ايدكِ ،الكنافة حلوة اوي"

هدأت قليلاً وقالت وهي تنظر له :

" لو عجبتك ممكن اجيب لك طبق تاني"

لم تختفي ابتسامته و مد يده بقطعة من الطبق معطيها اياها :

" اتفضلي "

هزت رأسها نافية وقالت :

" لأ ده طبقك انا طبقي جوا"

قال و مازالت يده ممدودة :

" ما اكيد انا مش هاكل وانتِ تتفرجي عليَّ كده ، يلا خدي "

مدت يدها بتوتر لتأخذها منه وشرعت في أكلها 
وظلت تراقبها وهو يأكل كـ الأطفال حتى ظهر طيف ابتسامة على ثغرها.

__________________________________

على سطح المنزل يجتمع الشباب كعادتهم بعد الإنتهاء من صلاتهم ، لاحظ الجميع شرود رحيم على الإفطار ليخبرهم مراد بما اخبره به أسر ،كان اربعتهم ينظروا لبعضهم البعض فتحدث أدهم حتى يخرج رحيم من شروده ويخفف عنه بعدما اخبره رحيم بما حدث معه.

" بكره ربك يعدلها و اخواتك هيفضلوا واقفين في ضهرك لحد ما توصل للي بتحلم بيه"

أبتسم رحيم لكن اخفى خلفها حزنه فـ هو قد مر بالكثير والكثير ولم يقدر حتى عن الإفصاح عن ذلك.

تحدث بنبرة يائسة :

"ما كنتش اعرف ان تحقيق الحلم صعب كده "

تحدث سليم الراقد على الارض يضع يديه الإثنين خلف رأسه مردفاً بمزاح :

" اجري ورا حلمك اوعى تسيبه، وحتى لو موصلتش أهو تكون خسيت "

رفع احمد شفته العلوية مستنكراً :

" شوف مين بيتكلم وبيدي نصايح "

ثم تابع احمد حديثه بسخرية :

" بيكلم 20 بنت و 6 طلقات و 8 ارامل و 3 مخطوبين ويقول لك على الفيس اللهم قصراً في الجنة، ده انت خيمة في الصحرا خسارة في أهلك"

قهقه رحيم على حديث الاثنين ليعتدل سليم ويصبح جالساً مردفاً :

"اطمن يا اخويا شكلي هتنيل على عيني و اتلم"

ثم حول بصره حول مراد الذي يأكل بنهم غير مبالي بهم :

" اجيب لك فاتح شهية يا مراد اصل باين عليك نفسك مسدودة"

بالرغم من سخرية سليم الواضحة في حديثه تحدث مراد بهدوء وهو يمضغ الطعام في فمه بأستمتاع :

"ياريت ده حتى الواحد زعلان على رحيم وعلى اللي حصله "

انتفض رحيم وقال بصرامة :

" ماله رحيم يا عسل انت و هو انتم هتاخدوني التسلية بتاعتكم "

تحدث احمد وهو يمثل الاستعطاف :

" اسكت يا رحيم ، ده لما مراد حكى لنا اللي حصل معاك قطع قلبي "

رفع رحيم حاجبه وقال ساخراً على حديث احمد :

" يا كبدي يا ابني "

قهقه الشباب عليه ليتحدث بجدية زائفة :

" طب اوعى بقا انت و هو انا نازل تحت "

امسك به سليم الذي قال :

" قلبك ابيض ،بص اطلب اي حاجة و انا اعمله لك دلوقت "

هدأ رحيم وقال :

" عايز ديناصور"

اردف سليم بجدية :

" لأ اطلب حاجة بجد"

نظر رحيم إلى أدهم ولمعة نظرة المكر في عينيه وقال :

" انزل اقول لـ جدك عايز اتجوز "

تحدث سليم سريعاً :

" عايز الديناصور عادي ولا بيطير"

قهقه الشباب جميعهم بما فيهم رحيم لينظر له أدهم قائلاً بجدية من وسط ضحكه :

" مش عايز اي حاجة تزعلك و اول حد تلجأ ليه بعد ربنا احنا يا رحيم زي ما بنشارك فرحتنا بنشارك زعلنا بردو و زعلك مش لوحدك زعلك هو زعلنا "

اومأ له بحب وحمد الله للمرة التي لا يعلم كم عددها ، و حمد الله على وجود صديق كـ اسر الذي يرشده دائماً للصواب عندما تنتباه الحيرة بشأن امر ما و في كل مرة يكون على صواب فقد اخبر ادهم بعداوته مع طارق وانه حاول قت'ل ندى سابقاً،صحيح فقد رحيم والديه لكن رزقه بصديق لن تنجب الدنيا مثله و بعائلة يتولد بينهم المحبة والصدق وايضاً...الألفة.

  ليتدخل احمد في الحديث :

" خليك زي مراد كده ،شايل هم الأكل اكتر ما هو شايل هم نفسه"

رمقه مراد بضيق وقال بهدوء :

" عارف انت لو دخلت السجن عشان مخالفة مرور انا هاترافع عنك واجيب لك إعدام "

تحدث رحيم وهو يشعر بأنه استطاع التخلص من حزنه و تبدل للسرور :

" قعدتكم حلوة لدرجة انها نستني زعلي "

نظر الشباب لبعضهم بفرح أنهم استطاعوا ان يجعلوا رحيم يبتسم ولا يبقى بمفرده ،صمت الجميع عن الكلام ونظروا إلى السماء ليجذب سليم انتباهم بقوله:

" يا شباب ،هو الواحد مننا مسموح له بكام Ex لحد ما يتجوز عشان حاسس إنها سرحت مني اوي "

عقب أدهم على حديثه قائلاً :

" لحد ما جدك يعلقك على باب الحارة "

ظل صوت الضحكات الذي يعلو بينهم والمرح والمزاح كان سيد هذه الأمسية.

___________________________________

دعوة واحدة كانت دائماً ترددها في صلاتها بأن يرزقها الله زوجاً صالحاً وها قد رزقها الله بـ مراد الذي يقود السيارة وهي تجلس بجانبه والإبتسامة لم تفارق تقاسيم وجهها قائلة بهدوء :

" احنا رايحين فين يا مراد "

نظر لها بطرف عينه وقال :

" قربنا نوصل "

انتهز مراد ان اليوم هو يوم السبت و هبة ليس لديها عمل في هذا اليوم و تحدث مع لطفي الذي كلما تحدث معه رفع له الضغط وقام بالاستأذن منه من اجل اصطحابها والخروج سوياً رغم انها زوجته لكن هكذا علمهم زكريا المنشاوي.

توقفت السيارة عن السير لينظر مراد لها ببتسامة قائلاً :

" وصلنا"

فتح مراد باب السيارة ونزل منها لكن هبة ظلت في السيارة تنظر حولها بتعجب حتى جاء مراد وفتح الباب الاخر وقال :

" هنقضي الخروجة في العربية ؟"

نزلت هبة من السيارة و التقط مراد يدها وتحرك سريعاً وخلفه هبة التي لا تفهم شيء و اوقفها امام عربة مزخرفة بكلامات من اللغة العربية و بآيات من القرآن واحبال من النور في لمبات صغيرة ذات الألوان المبهجة وحولها بعض الطاولات والكراسي الملتفة حولها وقال بعدما التفت لـ هبة :

" اعرفك بأكتر واحد بيعمل احسن الحلويات الشرقي عم رمضان "

كانت تنظر إلى المكان بأنبهار حتى اقترب منهم رجل ظهر الشيب في رأسه وقال مُرحباً بمراد :

" نورت المكان يا مراد يا بني "

رد عليه مراد بود :

" عامل ايه يا راجل يا طيب "

حمدالله فتابع مراد :

" عايز طبق ليَّ وطبق لـ هبة مراتي يا عم رمضان "

ابتهج وجه الرجل ونظر إلى هبة قائلاً بود:

" من عنيا احلى طبقين ،نورتي المكان يا مرات الغالي "

ابتسمت بخجل واردفت :

" شكراً"

ثم اردف ببتسامة ودودة :

" اطيب قلب هو مراد يا بختك بيه"

تحدث مراد وهو ينظر إلى هبة قائلاً بحب :

" يابختي انا بيها ياعم رمضان "

عاد رمضان إلى العربة اما هبة كادت تجلس على احدى الطاولات الموجودة لكن سحبها مراد خلفه وجلسوا على صخرة كبيرة امام نهر النيل فهذا مكان مراد المفضل لتتحدث هبة قائلة وهي تتأمل المكان :

" جميل المكان ده وعم رمضان شكله بيحبك"

اومأ لها بتأكيد وقال مردفاً :

" عرفت المكان ده وانا بتمشى انا و أدهم كان البلدية جايين عشان ياخدوا العربية عشان مش معاه ترخيص يقف هنا جريت عليه انا و أدهم وعرفت انه راجل متجوز وعنده 5 بنات على وش جواز والعربية دي هي اللي بياكلوا منها ،عملت كل اللي اقدر عليه وجبت له التراخيص ومن وقتها بيعاملنا انا و اخواتي زي ولاده بس عشان انا باجي هنا كتير فـ معزتي عنده كبيرة"

اقترب منهم رمضان واعطاهم الطبقين قائلاً :

" و دول هدية مني عشان عروستنا اللي أول مرة تنورنا"

اردف مراد بأمتنان :

" تسلم يا عم رمضان "

بدأ مراد الاكل من الطبق لكن هبة ظلت تتأمله وابتسامتها تتسع رويداً رويداً لاحظ مراد ذلك وقال :

" بتبصي ليَّ كده ليه "

هذه المرة لم تخجل هبة وتحدثت بهيام :

" بحسك طفل صغير حتى وشك برئ "

أبتسم مراد على غزلها الصريح له وقال :

" ده معاكِ انتِ بس ،كل مرة بكون معاك فيه بكون مرتاح عن المرة اللي قبلها "

اخذت تأكل من الطبق تهرباً من النظر إليه قائلة وهي تغير مجرى الحديث :

" اجمل بسبوسة كلتها في حياتي "

ترك مراد الطبق من يده وقال بجدية :

" تعرفي ليه سمو البسبوسة بسبوسة"

"ليه"

اردفت بها وهي تأكل منها ليجيبها مراد بجدية :

"كان فيه راجل دخل على مراته المطبخ وقرب منها عشان يبوسها بعدت هي عنه وقالت :

ٲنا مشغولة في تحضير نوع جديد من الحلويات.

فرد عليها وقال :
 بس بوسة وحدة.

و باسها فعلاً، ولما كلوا الحلويات اللي هي عملتها عجبتهم اوي وكان طعمها حلو،
وبعد شهر جالهم ضيوف وقرروا ٲنهم يعملوا نفس الحلوى للضيوف أكلو منها الضيوف وعجبتهم بردو و قالوا:
اسمها ايه الحلوى دي ؟

اتصدموا من السؤال احتاروا ها يقولوا ايه فأفتكروا الموقف الجميل في المطبخ فرد الزوج و قال :
بس بوسة.

ضحكت زوجته وقالت :
نعم بسبوسة.

وبعدين اشتهرت بالاسم ده ، وده سبب تسميتها (بسبوسة)

وبعد فترة اتخانق الزوج مع زوجته فراحت الزوجة المطبخ عشان تاخد اي حاجة تضربه بيها بس فكرت بالانتقام منه عن طريق الاكل وعملت البسبوسة بس بدل ما تحشيها مكسرات وسكر و حطت بصل وثوم وبقدونس ولحم وبهارات وخضروات وعملتها على شكل مثلثات عشان تعرفها هي وما تكلش منها ، وقدمتها له مع الشاي وكلها وعجبته ٲكتر من البسبوسة . وقال لها :
ٲنت بارعة في الطبخ ياحياتي ايه الطبخة دي؟

 ومن قهرها قالت :
 سم بوسة.

ومن ساعتها واسمها بقا سمبوسة"

كانت تنظر له بذهول واردفت بعدم تصديق :

" انت بتجيب المعلومات دي منين يا مراد؟"

امسك الطبق واكل منه بأستمتاع وقال بهدوء :

" من كتاب الخبر المنقوش لترويض الافاعي و الوحوش "

ضحكت هبة وهي تهز رأسها بعدم تصديق فهو دائماً يقول اشياء غريبة عنها لاول مرة تسمعها منه اخفضت رأسها لتأكل من الطبق لكن سقط بصرها على خاتم الخطبة في يدها التي تمسك الطبق وقالت وهي مثبتة بصرها عليه :

" ماما كانت دايماً تقول ليّ لما تختاري شريك حياتكِ اختاري اللي تضحكي معاه من قلبك تكوني على طبيعتك معاه من غير تصنع او تزييف "

وضع الطبق بجانبه وامسك بيد هبة ونظر داخل عينيها بنية اللون و قال وعيناه تلمع بوميض الحب :

"وعد مني، هاحبك الحب اللي يخليني اكلبش في ايدكِ لحد باب الجنة"

ذادت نبضات قلبها تجزم انها تسمعها لشدة ارتفاع صوتها وقلبها يتراقص في قفصها الصدري فرحاً لكن ات دور العقل ليذكرها بمكالمة نرجس لها هذا الصباح بعدما أخبرتها هبة عن خروجها مع مراد ليلاً لانها تعتبرها كصديقة لها لكن نرجس تحدثت بطريقة غير مباشرة عن نحافة هبة وجسدها الضئيل في الوزن وقالت وهي تشعر بعدم الثقة في نفسها :

" مراد هو انا وحشة"

وهنا غلبت مراد طبيعته وقال :

" ما تزعليش دي خلقة ربنا "

اسمحوا ليَّ ان اقول مثلاً شعبياً يقول "

«الدبش دبش حتى لو لبسوه كلبش»

___________________________________

كيف لشخص هادئ يحب الهدوء يصبح مرح وثرثار يريد التحدث في اي شيء إلا اذا لم تكن طبيعة هذا الشخص الهدوء بل الحياة هي من أجبرته على ألتزام الصمت عندما وجد ان الحديث لا يفيد بشيء سوى تذكر الألم والمعاناة التي مر بها سابقاً.

اخرجت المفتاح من حقيبتها الصغيرة و ادخلته في الفتحة المخصصة له في باب الشقة وترجلت إلى الداخل وهي تدندن كلمات اغنية ما على غير العادة لتلتقي بأبنة خالتها إسراء لكن لم تتوقف عن الدندنة بصوت وصل إلى مسامع إسراء التي قالت ببتسامة وهي ترى سعادة هبة :

"هو ما فيش غيره اللي بيعمل كده"

سمعتها هبة وسألتها بقولها :

" هو مين"

ذهب إسراء وجلست على أريكة طويلة موضوعة في الردهة وفوقها نافذة تطل على الطريق ثم سحبت وسادة وضمتها إليها قائلة بعشق :

" الحب"

تحركت هبة وجلست جوارها صامتة حتى باغتتها إسراء بسؤالها :

" بتحبيه يا هبة؟"

رجعت رأسها للخلف مستندة على الحائط تنظر إلى سقف المنزل وتتنفس الهواء الطلق الذي أنعش جسدها مردفة :

" مطمنة معاه و دي حاجة اعظم من الحب بكتير"

ثم شردت في عالم اخر تتجول بين الأحلام التي رسمتها منذ لقياه لكن هل كتب لهذه الأحلام ان تتحقق ام أن الأحلام تبقى احلام.

___________________________________

قبل ان يغص في نوم عميق اثر تعبه من العمل سمع رنين هاتفه المزعج وبالتأكيد لن تكون سوى نرجس المتصلة من أجل أن تبث الكره لعائلة المنشاوي دون إستثناء او ان تحدث شجار مع فارس وبالتأكيد سيكون من ضمن أسباب هذا الشجار المفتعل هو فرد من عائلة المنشاوي أيضاً.

فتح الهاتف و رد بأنزعاج بدى في صوته الناعس :

" ايوة يا نرجس"

لكن هذه المرة سمع بكاءها واردفت من بين شهقاتها :

" فارس انت بتحبني صح؟"

نظر في ساعة الهاتف ليجدها تعدت منتصف الليل ليعلم انها هرمونات ليلية ،اعتدل في جلسته على الفراش وقال بسخرية:

"بترني عليَّ الساعة 1 عشان تعرفي بحبك ولا لأ"

تنهد ثم تابع بهدوء بعدما طار النوم من عينه :

" اه بحبكِ يا نرجس ،ممكن تسبيني انام بقا"

مسحت دموعها وسمع هو شنشنة أنفها اثر البكاء وقالت :

" طب مش بتخرجني ليه زي هبة و مراد"

صدق ظنه انها بالتأكيد سوف تتكلم عن احد منهم عاجل ام اجل وزفر الهواء بضيق ورد ساخراً :

" هو مش كان احمد وعلا دلوقت هبة ومراد انتِ كل ما حد يخطب في العيلة دي تكرهيني فيه عشان عايزة تعملي زيه"

يبدو أنه كشف مخططها وغيرتها في ان تبقى افضل منهم لتمثل الحزن بقولها المصطنع :

" انا يافارس ،انا والله بحبك ونفسي نعمل حاجات كتيرة مع بعض ليه شايف اني بقلدهم"

رد بتهكم واضح :

" عشان دي الحقيقة يا نرجس ، وعلى فكرة بسبب عمايلاكِ الكل واخد منكِ جنب بس عاملين خاطر ليَّ و لأبوك الراجل الطيب"

اثار حنقها بقوله لها الحقيقة التي تنكرها نرجس وترى ان من حقها ان تبقى هي السعيدة فقط لا احد غيرها ولا تترك فرصة تسبب فيها الضيق لهم.

ردت معنفة إياه بقوة :

" لأ وعلى ايه نفضها أحسن "

دقيقة واستوعبت ما هرتلت به منتظرة جواب فارس من الناحية الاخرى الذي أتاها ببرود ظهر في صوته لكن كلماته لم تكن سوى خناجر مزقتها :

" يبقا انتِ اللي اختارتي يا نرجس، سلام"

اغلق الهاتف ووضعه بجانبه بهدوء ما قبل العاصفة ليمسك بكوب زجاجي يلقي به عرض الحائط ظناً منه ان هذا سوف يطفيء ناره التي كلما هدأت اشعلتها نرجس من جديد ،التقط صورة والدها من جوار الفراش ونظر له بعينين دامعتين :

" مشيت ليه وسبتني انا محتاجك جمبي"

على الناحية الاخرى مازالت تضع الهاتف على أذنها غير مصدقة بما تحدث به فارس تقف كالصنم لا ترمش بعين حتى، تردد بل وعي :

" هو اكيد ميقصدش ،فارس بيحبني صح ايوة فارس بيحبني"

وسقط الهاتف أرضاً وبدأت وصلة البكاء والنحيب فهكذا نحن البشر لا نقدر قيمة الشيء إلا عند فقدانه لكن ليس دائماً كل شيء نفقده يعود.

___________________________________

تخطط لشيء لتأتي رياح الحياة تبعثر كل الخطط لتنبهك انها لم ولن تسير كما تريد بل كما يريد خالقها و لو سارت كما نريد لن تكون دنيا بل تصبح جنة تجد بها ما تشتهي.

دلفت سلمى الى مكتبه وهي تحمل بيدها اوراق العمل بملامح جادة غير قابلة للمزاح ولكن عينيها افصحت عن الحزن الكامن بداخلها ولم تصرح به لأحد حتى لـ اقرب الاقربين.

وضعت الأوراق امامه مردفة بنبرة عملية :

" الورق اللي حضرتك طلبته يا بشمهندس"

رفع رأسه ورجع بظهره للخلف بتعب فـ هو يعمل كثيراً هذه الفترة نظراً لقرب موعد المناقصة التي ان حصلوا عليه سوف تغير كيان الشركة بأكملها وقال بهدوء :

" تمام تقدري تروحي انتِ يا سلمى"

لم تتحرك إنش واحداً ليسألها سليم وهو يتأمل تقاسيم وجهها التي تحمل تعابير غير مفهومة إليه :

" في حاجة يا سلمى؟"

ابتلعت ريقه بهدوء قائلة :

" امتحاناتي قربت وكنت محتاجة اجازة من الشغل"

لم تكن تريد هذه العطلة من اجل الامتحانات فقط بل أيضاً من اجل الهرب لكن السؤال هنا...الهرب من ماذا؟!

وافقها سليم في الحديث ولم يبدي اية اعتراض وقال :

" مافيش مشكلة ،انزلي عند الاستاذ عبدالله في الحسابات يصرف لكِ المرتب"

ردت معترضة :

"ايوة بس انا مكملتش شهر هنا"

" بس اشتغلتي كويس و الورق اللي بتخلصيه في يوم غيركِ بيخلصه في يومين"

وضح لها لتكتفي بأمأة بسيطة من رأسها وبعدها خرجت من كتبه تلملم اشيائها استعداداً لرحيل.

___________________________________

وبنفس التوقيت يجلس أمامه اكثر شخص من المنطق عدم وجوده في هذا المكان لكن أدهم دائماً يعلم ان المنطق ما هو سوى شيء يدركه العقل ويصدقه لكن اين المنطق في كل ماحدث هل توقع احد ان يكون له عم وابناء عم ظهروا بعد كل هذه السنين ،فليس كل شيء يحدث تحت قانون المنطق.

توقع طارق الثوران والهجوم منه بعدما فعله وما سيفعله لكن وجد كتلة من الهدوء الغير مبرر له وابتسامة لا يعلم تفسيرها اهي إبتسامة سخرية ام مكر داهي خلفها ،عدل من وضعية ربطة عنقه علها تحميه من نظرات أدهم الحارقة وقال محاولاً ان يظهر قوياً غير عابئ بنظراته تلك:

" طبعاً ماكنتش متوقع مجيتي لحد هنا ،بس انا جاي ومعايا deal حلو اوي ليك صعب انك ترفضه"

امتنع عن الكلام ليرى هل نجح في اثارة فضوله لكن لم يكلف ادهم نفسه عناء الرد عليه وظل ينظر إليه بهدوء حتى ينتهى طارق من اخراج كل ما بداخله الذي تابع بقية الحديث :

" تخرج من المناقصة هسيبك في حالك، اظن مافيش احلى من كده عرض"

اقترب أدهم من مكتبه بجزعه العلوي مردفاً
بنظرات قوية مشتعلة نجحت في بث الرعب في نفس طارق :

"غلط ،اسمها انا هاخد المناقصة و انت تدعي ربنا ان انا اسيبك في حالك"

تهجمت ملامحه إلى الغضب لكن حاول ان يبقى هاديء فقد نجح أدهم في استفزازه :

" انت بتهددني بتهدد طارق عبدالحميد؟!"

رفع سبابته يحركها يميناً ويساراً مع قوله :

" لأ انا ما بهددش انا بنفذ مش بيهدد غير الجبان اللي زيك وعشان واثق انك هتخسر جاي لحد عندي تترجاني اخرج من المناقصة بس بشياكة"

ضرب سطح المكتب بيده تنفيثاً عن غضبه وهب واقفاً :

" انت اظاهر مبلبع لك حابيتين شجاعة قبل ما تيجي"

من يراه يقول انه فاز على مراد في بروده لكن عيناه ملأها السواد ولم يكن للون الاخضر مكاناً بها وقال ولم يتحرك له ساكن :

" اوعدك هعمل حسابك في شريط منهم عشان هتحتاجهم الفترة الجاية كتير"

لمعت نظرة المكر والدهاء في عينيه ليذاد اشتعال طارق من الغضب الذي قال ساخراً من أدهم :

" وانت تطلع مين عشان تكلمني كده؟"

" انا بابا يالا"

هنا ولم يستطع طارق الصمود اكثر امام أدهم الذي نجح في ثوران بركانه الكامن ليخرج حِممه على كل جماد يجده في طريقه حتى انه اصتدم بعماد الذي أبتسم عند رأيته لأنه يعلم جيداً من هو طارق عبدالحميد وامنية من امنياته ان يعمل معه ابتسم قائلاً بود :

"انا البشمهندس عماد كنـ..."

دفعه طارق عنه ليسقط أرضاً ووقف يتألم اثر الوقعة وعلى مسافة قريبة كان ينظر له سليم بتشفي فهو ابداً لم يحب المدعو عماد هذا.

___________________________________

دخل إلى المكتب بأندفاع ونظرة الغضب تشع من عينيه قائلاً :

"الزفت اللي إسمه طارق ده كان بيعمل ايه هنا؟"

ترقب انفعاله بهدوء مجيباً على سؤاله بسؤال اخر :

"اوعى تكون عملت له حاجة"

تحرك وجلس على الكرسي امام المكتب متذكراً وجه طارق الغاضب :

"انا لحقت اعمل حاجة ،ده خرج زي الصار'وخ ،بس انت شكلك علمت عليه جامد"

انهى جملته الاخيرة بغمزة ،ابتسم أدهم بتشفي وقال وهو ينظر إلى سليم وعيناه تبث القوة :

" عشان يعرف هو بيتعامل مع مين ،لما يفكر يأذي حد من عيلة المنشاوي"

اردف بنبرة متعبة انهكها التعب خوفاً على إبن عمه :

" بس طارق اكيد مش هيوقف لحد كده "

حاول بث الطمأنينة في قوله :

" ما تقلقش اللي عمله طارق ده يدل على انه خايف مننا وعامل لنا حساب"

رمقه بعينين ضيقتين يحاول معرفة ما يفكر به :

" انت ناوي على ايه"

لم يعطه اجابة ترضي فضوله غير قوله :

" كل خير ، ناوي على كل خير"

هو لم يرد ان يكون طرفاً في هذه الحرب لكن طارق هو من بدأ عندما حاول قت'ل ندى في حادث سير وبالاخير إلحاق أضرار في عمل رحيم لكن ليكن مايريده طارق ،يريد الحرب وها قد بدأت.

___________________________________

مرت الدقائق وهي مازالت متنظرة سيارة تقلها للمنزل فـ هي لا تقدر على السير إلى موقف السيارات بالإضافة لتعبها الجسدي فقد بدأ الألم يصيبها ،نظرت في هاتفها تحديداً للساعة الرقمية به تتأفف بضيق لكن عزمت الأمر وقررت السير علها تجد سيارة تمر ،وضعت الهاتف في حقيبتها مجدداً وهي تسير اصتدمت بشخص ما ،شخص لم تتوقع هي اللقاء به ،تحدثت بسرعة متعذرة دون ان تعرف هويته :

"انا اسفة أنا مش قصدي..."

توقفت عن الحديث ثم اردفت بصدمة :

" إسلام؟!!"

نعم إنه إسلام العجرودي خطيب سلمى السابق وهو نفسه صديق انس الذي كان سبباً في حالته تلك وبالإضافة لتوريط إسراء في دائرة انتقامه الوهمية ، هو ابداً لم يحب سلمى حبه الوحيد كان رغدة التي رفضته لكن قَبل الخطبة بسبب إصرار والدته الغير مبرر بالنسبة له لكن في نهاية المطاف فسخ الخطبة تاركاً خلفه سلمى التي تبكي ليس عليه لكن على قدرها الذي يأتي دائماً عكس ما تريد لهذا تهرب من عالمها إلى عالم الروايات لتجد ما لا تستطيع إيجاده بالواقع.

صمتً خيم المكان لا يوجد غير النظرات المتبادلة بينهم نظرات ضيق و غضب وايضاً اشمئزاز ،فهكذا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

قطع لحظة الصمت إسلام بقوله وهو يتأمل تقاسيم وجهها المنزعج :

"وحشتيني يا سوسو ما شفتكش من لما فسخت الخطوبة ورميت الدبلة في وشكِ"

تذكرت تلك اللحظة المريرة التي لن تنساها.

" ليه عايز تسيبني بعد ما اتعلقت بيك ، انا كنت بعمل كل حاجة اقدر عليها عشان اسعدك وانت عند اول مطب تسيبني وتجري عايز تخلع"

نفخ دخان التبغ الموضوع في لفافة بيضاء مردفاً بضيق :

"وانا مش ذنبي اعيش مع واحدة الله اعلم هتعيش ولا لأ وبعدين العملية محتاجة فلوس كتير ده غير المتبرع وانا بصراحة ماعنديش استعداد ادفع جنيه واحد في حاجة زي دي"

كانت تسقط الدموع على وجهها كقطع من الجمرات المشتعلة لشدة حرارتها تنظر له مستحقرة والقهر ينهشها :

" انت ازاي كده جبت البجاحة دي منين"

القى بالتبغ المحترق أرضاً ودهسها بقدمه تمنت سلمى هي من تفعل ذلك ولكن ليس على التبغ بل عليه هو جذب انتباهها قوله المتبجح :

"اوعى يابت تكوني فاكرة نفسكِ أنجلينا جولي لا سمح الله والشباب هيموتوا عليكِ ،ده اول واحد جه وخبط على باب بيتكم قلت له اتفضل مش عايزين حاجة أهلك نفسهم مش باقيين عليكِ انا اللي هشتريك"

ثم نزع عنه الخاتم والقاه بوجه سلمى وتركها بمفردها في الغرفة تسمع نداء والدتها بأسم إسلام ثم دلفت إلى الغرفة تنظر إلى ابنتها بكره وحقد طغى معالم وجهها :

" انا مصدقت اتخطبتي بس هقول ايه ما انتِ بومة"

كان يعتصر قلبها على تذكرها لهذا اليوم الذي تغير فيه كل شيء فتسقط دمعة تأبه المكوث اكثر تشق طريقها على وجنتها لتمسحها سلمى ونظرت إلى إسلام بنظرات مشتعلة اقسم لو كانت سهام لأخترقت جسده وخر أرضاً ،استدارت تذهب من طريق اخر لكن سبقها اسلام وهو يمسك ذراعها يوقفها عن الحراك نفضت ذراعه بقوة ونظرت له مندهشة من جرأته تلك قائلة :

" انت إزاي تتجرأ وتلمسني ياحيـ....ـوان ياقذ...ر"

"اظاهر الفترة اللي سبتك فيها لسانكِ طول بس انا هقصهولك"

رفع يده من اجل صفعها حتى يريها من إسلام العجرودي رجعت سلمى بضع خطوات للخلف خوفاً منه ،لكن هناك من سبقه وامسك بيده قبل ارتطامه بوجه سلمى التي شعرت بالأمان عندما رأته وزين ثغرها ابتسامة في قولها :

" سليم"

نزع إسلام يده من قبضة سليم فتحدث اسلام موجهاً حديثه لـ سلمى التي تقف خلف سليم :

" وده مين جايبة واحد تتحامي فيه "

صحح له سليم قوله الذي ألقاه كقنبلة موقوتة :

" لأ خطيبها ،السؤال هنا بقا انت اللي مين"

كان ينظر مذهولاً فكيف شخص مثله يعجب بسلمى التي لا يوجد بها اية معيار للجمال ،رد عليه بأقتضاب :

" انا كنت خطيبها قبلك "

ثم وجه حديثه لـ سلمى التي تقف وجسدها تيبس كمن سكب عليها دلواً من الماء البارد عند نطق سليم لجملته.

" ما بتضعيش وقت بس كويس انكِ لقيتي حد يستحملكِ"

فرقع سليم اصابعه ليجذب انتباهه قائلاً :

" كلامك معايا انا "

تحدثت سلمى بعدما طفح كيلها :

"امشي يا إسلام ومش عايزة اشوف وشك تاني"

" انا ماشي بس هو كمان هيسيبك زي ما انا سيبتك زمان"

نطق بها وهو يرمقها بنظرات متبجحة لكن اختفت ابتسامته الواسعة عندما وقف سليم أمامه مباشرة وحجب الرؤية عن رؤيته لـ سلمى مردفاً بثبات :

" الرجولة مواقف إنما الشنب بيطلع للبنات عادي"

رغم حدة الاجواء، فلتت ضحكة من سلمى سمعها سليم لكن مازال مثبت بصره على إسلام الذي امتعض وجهه فهو يعلم انه هو المقصود بهذا الحديث حيث كان له لحية صغيرة وشارب فوق شفتيه.

اتاه صوت إسلام بتعابير وجهه المحتدة يرمقه بحنق وضيق :

"اوعى ياض تكون فاكر ان شوية النفخ اللي عملهم في جسمك دول هيخوفوني ومش هيخلوني اقل منك طالما عايز تعمل نمرة قدامها"

رفع سليم حاجبه مستنكراً ووضع ذراعه على كتف إسلام وقال بنبرة هادئة :

"ها تحترمني هاحترمك مش هتحترمني انا اصلاً متربتش ولساني طويل وبحب المشاكل"

نزع إسلام يد سليم وهو يدفعه بيديه الإثنين للخلف لكن هيهات فـ إسلام كـ فأر صغير أمام اسد.

تحدث سليم وهو يشير على نفسه :

" انت اد الحركة دي"

لم ينطق بحرف ليس لأنه امتنع عن الكلام بل اعطاه سليم لكمة قوية التحمت بوجهه ارجعته للخلف بضع خطوات ،وضع إسلام يده تحسساً مكان الضربة وجد الدماء تشق طريقها من انفه ليبلغ الغضب زروته عند إسلام الذي استغل انشغال سليم بسؤاله لـ سلمى :

" انتِ كويسة؟"

اومأت بهدوء لتجحظ عينيها عندما رأت إسلام يمسك حجراً ويركض بأتجاه سليم لكن التفت سليم له وامسك بذراعه وجعله يلقي به وانهال عليه بالضربات المبرحة لم يتوقف إلا عندما سمع صوت سلمى المترجي بأن يتركه.

كان يتأوه بألم لكن تماسك حتى نهض وهرب من امامهم ،اقترب سليم من سلمى التي قالت بأمتنان :

" شكراً انا مش عارفة لو ماكنتش موجود كان ممكن ايه يحصل"

تذكر عندما نظر من نافذة مكتبه ورأها تقف وحدها تتأفف بضيق فقرر النزول إليها وعرض المساعدة لكن حالما اقترب منها رأى ذلك المتحاذق يتعد حدوده معه.

 رد عليها بهدوء عكس الضيق بداخله كلما تذكر يد إسلام المرفوعة لضرب سلمى :

" ولا حاجة اللي زي ده مايقدرش يعمل حاجة لأن اللي يرفع ايده على بنت ما يبقاش راجل "

اومأت له لتفرك بيديها قائلة وقد اخذ التوتر مكاناً في صوتها :

" ماكنش لازم تحرج نفسك وتقول انك خطيبي ،هو اصلاً ما يفرقلوش انا اتخطبت ولا لأ"

لكن اتاها رده الصادم عندما اردف بنبرة حانية :

" بس انا يفرق معايا سلمى تتجوزيني"

اتسعت مقلتيها من الدهشة لكن حل مكانها الغضب عندما قالت :

" انت بتستغل الموقف عشان عارف اني مش هرفض لانك لسه عامل معايا جِميلة بس انا اسفة مش هعرف ارد عليه بجميلة و اوافق اتجوزك"

ربما تسرع بقوله لكن ماذا يفعل كان يريد فرصة وها قد سنحت له فرصته اخيراً لكن ليس دائماً تكون الفرصة متاحة للشخص الآخر.

___________________________________

جلسن الفتاتان ينظرن لبعض في حيرة من امرهم ليكسو وجه قدر الفضول بقولها :

" المغرب قرب يأذن يا سليم والمفروض فيه فطار بيجهز دلوقت واحنا بردو ما فهمناش انت عايز ايه مننا"

لم تجد اجابة من سليم لتتدخل ندى بأنفعال :

" لأ انجز والنبي امك لو جت وشافتنا قاعدين كده هتلم علينا الشارع عشان الفطار لسه ماجهزش"

أخيراً خرجت من فمه الكلمات ينطقها برجاء :

" محتاج مساعدتكم ، تفهموا الهبلة بنت الهبلة اني عايز اتجوزها فعلاً مش عشان جميلة عملتها هو اصلاً في حد بيتجوز عشان يرد جميلة حد عليه"

كانت تعلم ان كل افعاله السابقة تمهيداً لطلب مساعدتها في ذلك ابتسمت بمكر تحاول استفزاز سليم :

" مش يمكن ما بتحبكش يا سليم "

نظرت لها ندى تأكد على حديثها بقولها :

" فعلاً عندك حق يا قدر "

رفع حاجبه مستنكراً وعقب على حديثها بأنفعال حاول السيطرة عليه :

" انتم جايين تحرقوا دمي صح"

تنفست ندى الهواء حولها تتنهد قبل قولها :

" بالعقل كده ، واحدة قاعدة تحب الشخصيات الخيالية في كل الكتب اللي بتقرأها تتوقع تحبك انت"

ضحكت قدر فقد اثارت ندى حنقه لينظر لها سليم مع ابتسامة سمجة على وجه :

" ندى هي مراد بس بطرحة"

كان يقصد التشابه في لسانهم الذي ينطق الكلمات قبل مرورها على العقل.

زفر الهواء بضيق يقوم بطرد الإثنين من أمامه :

" انا بقول روحوا جهزوا الفطار انا قليل ادب اني اتكلمت معاكم أساساً "

بادلت ندى نظراتها مع ابنة عمها وعلى وجه كلاً منهما إبتسامة مرحة لتردف قدر بجدية :

" خلاص روق كده ، بعد صلاة التروايح هروح انا وندى ونخليها توافق "

ابتهجت اساريره قائلاً بأبتسامة مرحة :

" مش بقول لكِ بنت عمي القمر"

شبكت ندى ذراعيها متصنعة الضيق :

"وانا اطلع منها بقا"

اقترب منها واخذها في أحضانه وطبع قبلة رقيقة على رأسها قائلاً بتودد:

"ده انتِ بنتي مش اختي يا ندى ،صح جيتي غلطة بس غلطة بلسان طويل"

قال جملته الاخير بمزاح لتضربه بخفة على صدره لتعقب قدر على حديثهم :

" يعني مطلعة عنينا وفي الاخر تطلعي غلطة"

ضحك الجميع اثر جملتها تلك.

___________________________________

تركت الكتاب بنفور فقد اقترب موعد الإمتحانات وهذه تكون اسوء فترة يمر بها الطالب في مرحلته الدراسية ليقع بصرها على طبق يوجد به حلوى على الحامل المعدني ،اخذت تأكل منه بأستمتاع تلقي بكل شيء خلفها فمهما بدت قوية تضعف امام هذه المأكولات الشهية، حتى سمعت رنين جرس المنزل تركت الطبق وارتدت حاجبها بأهمال،وخرجت سريعاً حتى لا تأتي والدتها وتنتهز الفرصة لتوبخها.

فتحت الباب متوقعة انها ربما تكون علا لكن رأت اخر شخص يمكن ان تراه يطرق باب منزلها 

"نرجس؟!"

اخرجت صدمتها في تلك الكلمة في وجه نرجس الذي شحب من كثرة البكاء قائلة وهي تعلم جيداً ان سلمى اكثر شخص تبغضه هي لكن عندما تغلق جميع الأبواب في وجهك تضطر ان تفعل اسوء شيء تريده :

" رحت لـ علا فتحت ليَّ الباب وردة وقالت انها مش هنا وانا محتاجة اتكلم لأن لو ما اتكلمتش هنفجر"

" وما لقتيش غيري تضحكي عليه بالشويتين دول"

قالتها وهي تشبك ذراعيها مع قولها الساخر، مسحت نرجس دموعها قائلة بندم :

" اظاهر اني غلطت لما فكرت ألجأ لكِ"

شعرت بمصدقيتها في الحديث لتوبخ نفسها على ما قالته ونطقت معتذرة قبل ذهاب نرجس :

" خلاص متزعليش انا مش قصدي انا بس مستغربة الوضع"

" انا اللي مش عارفة ازاي ايدي طوعتني وخبطت على باب بيتكم"

اردفت بها نرجس وهي تجلس في غرفة سلمى بعدما رحبت بها بهدوء واحضرت لها عصير حتى تهدأ اعصابها وقصت عليها ماحدث معها وما قاله فارس بشأن تركه لها.

تنهدت سلمى قبل جوابها هي تعلم ان نرجس ليست سيئة لهذه الدرجة لكن ربما طريقة نشأتها وتربيتها هم السبب في ذلك.

"انتِ غلطانة يا نرجس انا عارفة انكِ بتحبي فارس بس انتِ على طول بتحطيه في مقارنة مع غيره بتحسسيه انه مش كفاية ودي اهانة كبيرة لاي راجل"

جففت اثر دموعها بمنديل ورقي اعطته لها سلمى قائلة مدافعة عن نفسها :

" انا مش قصدي بس انا اتحرمت من حاجات كتير ،اتحرمت من امي من وانا عندي 9 سنين وبابا اللي على طول في شغله حتى فارس دايماً مشغول عني ولما بكون معاكم بحس اني تقيلة عليكم ومكاني مش هنا"

تتابع كل ما قالته بصمت فأردفت بعدما انتهت بكامل جديتها :

" احب اقول لكِ يا نرجس انتِ عندكِ موناشوبسيس ( Monachopsis )"

انغلق حاجبيها لهذا الاسم الغريب الذي تلفظت به سلمى مردفة :

" ويطلع ايه منى شوبس ده يا سلمى؟"

ظهرت ابتسامة خفيفة على وجهها لتتابع بجدية باقي حديثها مجيبة على سؤال نرجس :

" دي معناها انكِ دايماً حاسة ان مافيش حد ملاحظ وجودكِ ،وحاسة ان المكان ده مش مكانكِ عشان موجودة في المكان الغلط"

هزت رأسها لكن ليس دليلاً على فهمها بما تفوهت به سلمى لكن على الحديث الذي يدور في ذهنها ان سلمى مهووسة بالكتب وعلم النفس.

تنحنحت وهي تشعر بالحرج مما صدر منها سابقاً من احاديث لاذعة تسبب الضيق للجميع.

" شكراً انكِ سمعتيني يا سلمى وماتزعليش مني لو قلت قبل كده كلمة تضايقك"

وقبل ان ترد على حديثها سمعت طرق الباب لتنفخ الهواء بوجنتيها بملل.

ولم يكن بالطبع سوى قدر ومعها ندى ودلفن للداخل بعد ترحيب سلمى بهما لكن وقفن عن السير عندما رأوا نرجس تخرج من غرفة سلمى نظرن لبعضهم بدهشة لكن تدخلت سلمى حتى تذيل الحرج عن نرجس :

"كانت جاية عند علا ملقتهاش قلت تقعد معايا لحد ما علا ترجع من برا"

ضيقت قدر عينيها بشك فأبتسمت نرجس لها بتوتر قائلة :

" ازيك يا قدر ازيك ندى"

بعد خمس دقائق من وصولهن ولم يتحدث احد كان التوتر هو سيد الموقف لتحسم قدر امرها مردفة :

" من غير لف و دوران ياسلمى احنا باعتنا سليم عشان نوضح سوء التفاهم اللي حصل وقال انه لسه عند كلمته و عايز يتجوزك"

ردت برفض قاطع غير قابل للنقاش :

"انا مش موافقة ريحوا نفسكم"

تدخلت ندى سريعاً بسؤالها :

" ليه يا سلمى ده سليم بيحبكِ"

" وانا قلت مش موافقة انا مش هتجوز واحد بتاع بنات وكل يوم مع بنت شكل،وحتى لو بيحبني انا مش هصدقه"

ات دور قدر في الحديث قائلة :

"لو قالك بحبكِ صدقيه الرجال بتحب الستات كلها مجاتش عليكِ"

ضربتها ندى بمفصل يدها قائلة بهمس :

" اسكتي انتِ بتعكي "

ردت مندهشة :

" قولي والمصحف"

ابتسمت سلمى عليها قبل ان يرجع الجمود ويلتصق بوجهها ،فتدخلت نرجس في الحديث كعادتها التي لن تتخلص منها:

"تلاقيه بيلعب عليها ،سليم ده يوديها البحر ويرجعها عشطانة"

اشتعلت نظرات ندى لترمقها قدر بأستخفاف متحدثة بسخرية لاذعة :

" بيخاف عليها تشرب ميه مالحة"

ليتنا نستطيع البوح بكل ما نشعر به،صرخة عالية في مكان متسع لا يوجد به احد غيرها هكذا تمنت سلمى لكن ليس كل الأماني تتحقق،من يراها يقول انها تريد العذاب لكن هي فقط تريد الخلاص وان ينتهي كل شيء كما لم يكن.

___________________________________

تذهب السنين العجاف لتأتي محلها أيام الفرح والسعادة لكن هل يمكن ان تعود هذه السنين العجاف وتأبه الذهاب ربما لا وربما...نعم.

تجلس تشاهد التلفاز وجوارها زوجة اخيها هناء ومن بعدها لطفي والتؤم نور و نورهان يركضن خلف بعضهن بمرح حتى اقتربت منهم هبة وهي تحمل طبق كبير به مقرمشات من اجل مشاهدة التلفاز بأستمتاع اكثر.

جلست جوراها واضعة الطبق امامهن قائلة بهدوء وابتسامة صغيرة مرحة :

" اتفضلوا عملت لكم الفشار بنفسي"

بدأ الجميع يأكل من الطبق الذي احضرته هبة لتقول فاطمة من بين الجميع :

" القعدة دي ناقصها إسراء "

اردفت هبة بحماس ظهر في صوتها العالي :

" انا هروح انده لها يا خالتو"

تحركت سريعاً للخارج ليتحدث لطفي بمزاح :

" على رأي البت إسراء بركاتك يا شيخ مراد ،خليت الصنم يتكلم"

ضحكت هناء ومعها فاطمة التي تنظر لأخيها بيأس من افعاله الصبينية.

دلفت هبة إلى الغرفة لتسترخي عضلات قدمها عندما رأت اسراء ساجدة لربها ،جلست على الفراش منتظرة انتهاء اسراء من الصلاة ،لكن طالت المدة وهي مازالت ساجدة ،اردفت هبة بسخرية :

" صح ذنوبنا بتسقط مننا واحنا ساجدين بس لو عاملة ذنوب من ايام قريش كان زمانها خلصت"

لم يتحرك لها ساكن اقتربت منها هبة بهدوء تحاول ان تبعد عنها اية افكارة سيئة تجول بخاطرها ،وضعت يدها بلطف على ظهر إسراء لتسقط إسراء على الجانب الاخر مغمضة العينين انخلع قلب هبة بدأت تهزها لكن لا حياة لمن تنادي، اسرعت في الامساك برسغ يدها تبحث عن نبض لكن لا شيء لا نبض لا تنفس لا إسراء،فقد فاضت روحها إلى السماء وهي ساجدة بين يدي الله.

                  ...لسه الحكاية مخلصتش...

#صدفة_ام_قدر

#العشق_الخماسي

#سميه_عبدالسلام

________________________

الفصل الرابع والعشرون من هنا



 

تعليقات



×