رواية يونس الفصل الثالث والعشرون بقلم اسراء على
الحب كـ الحرب...
من السهل أن تُشعلها...
ومن الصعب أن تُخمدها
نهض رفعت ما أن سمع اسمه وتوجه ناحية الباب..ليجد عدي يقف جامدًا يرمق صاحب الزي العسكري بـ نظرة أكثر جمودًا..هز إبنه من منكبه وتساءل بـ تقطيبة حاجب
-خير يا عدي؟..في إيه!
لم يتحدث عدي بل تولى الحديث صاحب الزي العسكري قائلًا بـ دبلوماسية
-سيادة العقيد..مطلوب القبض عليك
إرتفع حاجباه بـ دهشة ولم يرد فـ قد جمدت الصدمة لسانه..وأخيرًا إنفكت عقدة لسان ذاك الجامد وقال بـ نارية
-مفيش حد هيجي معاك فـ حتة..
-تحدث الأخر:يا سيادة الرائد آآآ...
-قاطعه عدي بـ شراسة:ولا كلمة..أتفضلوا مشوا من هنـ...
وكان نصيب مُقاطعة حديثه من والده..إذ وضع يده على ذراعه وقال بـ هدوء
-ثواني ألبس وأجي معاكوا
إلتفت إليه عدي بـ دهشة و بـ نبرة مذهولة قال
-بابا..أنت بتقول إيه؟!
-إغتصب رفعت إبتسامة وقال:مفيش داعي لكل دا..أكيد في سوء فهم...
تحرك ناحية الداخل وقال
-أنا هروح يا عدي هشوف في إيه..والموضوع مش هياخد وقت..
ودلف إلى الغرفة..بينما كور هو قبضته بـ غضب حتى برزت عروقه..ثم تساءل من بين أسنانه
-ممكن أعرف مقبوض عليه ليه؟!
-مش مسمحولي أصرح بـ أي معلومات...
همّ عدي أن يتحدث إلا خروج والده قد منعه..ربت على منكبه وقال بـ جدية
-متخليش أمك تعرف حاجة..خليك جمبها متجيش...
-بس يا بابا آآ...
أشار بـ يده يمنعه عن الحديث ثم قال بـ صرامة
-هى كلمة وإسمعها..لو عوزت حاجة أكيد هعرف أوصلك
وإلتفت إلى الواقف خارجًا ثم أشار بـ يده قائلًا
-أتفضل...
أماء صاحب الزي العسكري وتحرك بـ من معه..أغمض عدي عيناه بـ غضب وقهر...
لم يستطع البقاء أكثر وضرب بـ كلام والده عرض الحائط..أغلق باب المنزل وإندفع على درجات السلم كـ البرق..وصل إلى سيارته وقبل أن يصعدها..وجد عز الدين يقف أمامه على الجانب الأخر يضع كِلتا يداه في جيبي بنطاله...
****************************************
دلفت إلى ذاك الكوخ مرة أخرى تاركة خلفها يونس الذي قد غطّ في ثُباتٍ عميق بعك هذا التعب الذي نخر عظامه وأهلكه..وجدته يجلس موليها ظهره..إبتسمت ثم نادت عليه
-يونس!!
إرتبك يونس من صوتها وسريعًا أخفى شيئًا ما في جيب بنطاله..لاحظت بتول إرتباكه وما أخفاه في جيبه..ضيقت حاجبيها وتساءلت بـ فضول
-إيه اللي خبيته دا!
إلتفت إليها يونس وقد إرتسم على وجهه تعبير اللا مبالاه..ثم قال
-أنتي مراتي!
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:أفندم؟
-بسألك أنتي مراتي؟!
-وجاء الرد قاطع:لأ
-خطيبتي!
-وأيضًا:لأ
-متكلم عليكي؟!
-زفرت بـ ضيق وردت:لأ
إقترب منها ثم ضربها على مُقدمة رأسها قائلًا بـ سماجة
-أومال بتدخلي فـ اللي ميخصكيش ليه!
-إرتفع حاجبيها بـ دهشة وتشدقت:نعم!!
قهقه يونس لكي يستفزها ثم قال
-أه من تدخل فيما لا يعنيه..وجد ما لا يُرضيه
-أشارت بـ بسبابتها في وجهه وقالت بـ حدة:بقى كدا!
وعلى حين غرة..أمسك إصبعها وقبّله ثم قال بـ عبث
-كدا..
ثم كانت القُبلة التالية في باطن كفها..وقال ونبرته تحتفظ بـ عبثها
-ونص...
والتالية كانت من نصيب معصمها ومن ثم همس
-وتلات تربع كمان...
كل هذا حدث في جزء من الثانية..بدءًا من إختطاف إصبعها وسرقة قُبلة..ثم باطن كفها وعملية السطو التي إفتعلها..ثم معصمها الذي فجّر عروقه بـ تلك الرفرفة عليه..وهى تائهة ما بين دقات قلبها التي كادت أن تُحطم قفصها الصدري ولمساته الرقيقة التي إعتادت عليها في الأونة الأخيرة..بل وللحق مُنذ أن إلتقاها وهو يُغدقها بـ الحنان والأمان...
إصطبغت وجنتيها بـ حمرة قانية و قد لُجم لسانها بـ لجام مشاعره..كان يونس يُراقب خجلها الذي أقسم أنه قمة الأغراء..رفع رأسها الذي نكسته خجلًا مُجبرًا إياها على النظر في عيناه..وكأنه سحب نظراتها بـ مغناطيس لتتعمق في النظر إليه..أمسك يونس كفيها ثم همس بـ عذوبة
-هتعرفي فـ الوقت المناسب...
وبـ شرود تام كانت تومئ بـ رأسها موافقة لما يقول..إرتسمت إبتسامة عذبة التي تُذيبها بـ مشاعر بدت تألفها وتعلم ما هيتها..تنحنحت بـ صوتٍ يكاد يخرج
-هو..هو أنت بقيت كويس!
وكـ طفل مُطيع أماء بـ رأسه لأعلى وأسفل لتبتسم بـ دورها ثم هتفت بـ سعادة
-الحمد لله..أنا خفت عليك أوي
إبتسم بـ سعادة ولم يرد..فـ أكملت حديثها
-أحنا مش هنمشي من هنا!!..أنا خايفة ليرجعوا
-ضغط على يدها وقال:متخافيش..أحنا هنمشي دلوقتي...
أخرج من جيب بنطاله ذاك الهاتف الخلوي المُؤمن وأتصل بـ أحدهم..ثوان وأتاه الرد..ليقول يونس بـ جدية
-محمد..أنت قدامك أد إيه!
-أجابه محمد:فاضلي بالظبط أربع ساعات وأوصل..
ثم سأله
-عارف المكان!!!
-رد عليه يونس:أيوة عارفه..هنكون فـ المعاد...
-تمام...
ثم أغلق الهاتف وجه حديثه إلى بتول
-يلا هاتي الشنطة عشان هنتحرك دلوقتي...
-أماءت بـ رأسها وقالت:طيب...
وإتجهت ناحية الحقيبة وإرتدتها على ظهرها وتحركا من ذاك الكوخ دون أن يُخلفا أثرًا خلفهما...
***************************************
أغلق عدي باب السيارة بـ عنف ثم إتجه ناحية عز الدين..الآن إتضحت الصورة..هو السبب في تلك الكارثة..كان الشرر يتقافز من عيناه وذلك الغضب الذي يُحركه يكفي لإحراق مدينة بـ أكملها...
كان عز الدين يبتسم بـ إبتسامة ظافرة وشامتة..شخّص أبصاره على ذاك الغاضب الذي يعدو بـ إتجاهه فـ تتسع إبتسامته..وكـ الأسد إنقض عليه عدي يُمسكه من تلابيبه..ثم هدر بـ صوتٍ جهوري
-هقتلك يا عز..هى وصلت لأبويا!..أقسم بالله....
قاطعه عز الدين وهو يُزيل يد عدي عنه ثم قال بـ خبث
-تؤتؤتؤتؤ..متحلفش ع حاجة مش هتعملها
أعاد وضع يده في جيب بنطاله ثم تشدق بـ برود
-حياه أبوك وحياتكم فـ إيدي
كز عدي على أسنانه قهرًا وغصبًا..صمت يستمع باقي حديث ذلك الحقير
-أخوك يرجع اللي يخصني..أرجعلكوا أبوكم
-ضيق عدي عيناه وتساءل:يعني إيه؟!
-كشر عز الدين عن أنيابه وقال بـ حدة:خطيبتي اللي أخوك خطفها..ترجعلي وأنا أقفل ع قصة أبوكم دي بالضبة والمفتاح
إزدرد عدي ريقه وهو يرمقه بـ إستحقار..ثم تشدق بـ إشمئزاز
-بتساومنا عليها؟!..
-حاجة زي كدا
زفر عدي عدة مرات عله يجد مفر من تلك الصقفة ولكن لا يوجد..هو لن يستطيع مُجابهه ما فعله عز الدين..يعلم أنه أحاك شباكه بـ حرفية بـ حيث أنه لن يضع المفتاح بـ يد عدي أو العقيد سعد..وضع يده على وجهه ثم قال بـ قلة حيلة
-ماشي..
-إتسعت إبتسامة ظافرة على محياه وقال:حلو أوي..قدامك أربعة وعشرين ساعة وألاقيها هنا...
أشار بـ سبابته بـ تحذير وهتف بـ وعيد
-لو عدى يوم وثانية ومرجعتش..هخليك تستلم جثة الوالد...
ثم تركه ورحل..تاركًا خلفه عدي يتآكل غيظًا وغضبًا...
أخرج الهاتف من جيب بنطاله وإتصل بـ صديقه...
-أيوة يا عدي خير!!
-وهيجي منين الخير طول ما عز الكلب دا عايش
عقد محمد بين حاجبيه بـ قلق وتساءل بـ حيرة
-في إيه يا عدي قلقتني؟!
-وضع عدي يده على رأسه ثم قال:أنت فاضلك بالظبط أربع ساعات وتوصل...صح!!
-أها...
أخذ عدي عدة أنفاس عله يُطفئ لهيب تلك النار التي تحرق صدره ثم قال
-لما تقابل يونس..قوله يفضل فـ السويد يخلص اللي سافر عشانه
-تساءل محمد بـ تعجب:أومال أنا مسافر ليه!
-عشان تجيب خطيبة المحروس
قالها بـ جمود حاقد على تلك الفتاه التي قلبت حياتهم رأسًا على عقب..ردد محمد خلفه بـ بلاهة
-أجيب خطيبة المحروس!!..قصدك مين؟
-تأفف عدي بـ ضيق وهدر بـ نفاذ صبر:هو أحنا بنتكلم عن مين!
-رد محمد بـ سرعة:أه..معلش..مش مستوعب بس الصدمة
صمت ثم تساءل بـ توجس
-طب ليه!
-تنهد عدي بـ حرقة:متسألش ليه..لما توصل خليه يكلمني...
حاول محمد الحديث والتساؤل لكن عدي تشدق بـ صرامة
-صدقني يا صحابي..مش هقدر أقول أي حاجة..نفذ اللي قولتلك عليه..وخلي بالك من نفسك...
ثم أغلق الهاتف وإتجه إلى سيارته عازمًا على التوجه إلى مقر العمل لكي يفهم ما يحدث...
**************************************
-والنبي يا يونس نستريح..نفسي إتقطع
قالتها بتول وهى تقذف الحقيبة وترتمي على الأرض العُشبية..جلس يونس بـ جانبها ثم قال بـ هدوء
-تمام يا ستي وأدي قاعدة...
أخذت تتلاعب بـ تلك الحشائش الخضراء..ثم ما لبثت وإنفجرت ضاحكة..تعجب يونس منها وضحكاتها لا تتوقف مما جعله يبتسم ويتساءل
-بتضحكي ع إيه!
وضعت يدها على فاها تكتم ضحكاتها ثم قالت بـ تشنج ضاحك
-أصلي متخيلتش أني أعيش حاجة زي دي..أكشن بقى وهروب..حاجة زي الأفلام...
حمحمت ثم أكملت
-بيفكرني بـ فيلم توم كروز وكاميرون دياز..تقدر تقول زيها بالظبط
-إبتسم يونس بـ إتساع ثم قال:بس لسه في حاجة ناقصة
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:اللي هي!!
إقترب يونس من وجهها ثم همس
-أنه كان..آآ
أشارت بـ سبابتها بـ تحذير ثم قالت بـ حدة
-شوف إياك..إياك تفكر فـ حاجة زي دي وإلا
قهقه يونس ثم قال بـ إستمتاع:وإلا إيه!!
ضيقت عيناها بـ ضيق ثم قالت بـ مكر
-بلاش أقولك...
-ليبادلها المكر:لأ قولي..ولا أنتي أخرك فاضي
لوت شدقها بـ غضب..ثم نهضت جالسة على رُكبتيها وبـ سبابتها أشارت
-أنا مش أخري فاضي..وع فكرة أقدر أعمل حاجات كتير
تمدد على الأرض العشبية ثم وضع كِلا ذراعيه أسفل رأسه ثم قال بـ خبث
-وريني حاجة من الحاجات الكتير...
لم ترد عليه بل ظلت تتنفس بـ صوتٍ عال يدل على مدى غضبها..إبتسم يونس بـ إستفزاز وأغمض عيناه...
ثوان وشعر بـ أنفاس ساخنة تلفح وجهه جعلته يفتح عيناه سريعًا..ليجد وجهها قريب من وجهه بـ شدة..حتى أن خُصلاتها القصيرة تناثرت على وجنتيه..إتسعت عيناه وهو يراها ترمقه بـ تحدي واهن وخاصةً أن تلك الحمرة قد إكتسحت وجنتيها...
إرتفعت وتيرة أنفاسه وسرت بـ جسده رجفة أطاحت بـ ثباته..أما هى فلم تقل عنه خوفًا وإرتعاشة جسدها كانت دليل موثق على ذاك..أغمضت عيناها ثم فتحتهما بـ بطء مُتعمد..ثم مالت تُقبل وجنته بـ خفة ورقة..جعلت قبله ينتفض من بين أضلعه..جعلت أوردته تضخ كميات كبيرة من الدماء المُحملة بـ الإدرنالين...
إبتعدت عن وجنته وكادت أن تبتعد عنه نهائيًا..إلا أن يده التي وضعها خلف عنقها أعاقت تحررها..كانت عيناه تتوهج بـ وهج أصابها بـ الرعب..جعلها تهتف بـ جزع
-يونس!!!
-همس يونس بـ صوتٍ أجش:متولعيش نار أنتي مش هتقدري تطفيها
ولم تعلم لما إبتسمت وهمست بـ تلك الكلمات
-بس عارفة أن النار دي مش هطولني ولا هتأزيني..مش كدا يا يونس!!
إبتسم يونس وهو يُزيح خصلة خلف أذنها وهمس بـ عشقٍ خالص
- كدا يا قلب يونس...
ثم أبعد يده عنها ليترك لها المساحة لتتحرك..نهضت هى ونفضت الأتربة عن ملابسها..لينهض هو الأخر بـ مُساعدتها..إرتدت الحقيبة ثم هتفت بـ غرور
-عرفت بقى أني أعرف أعمل حاجات كتير!
-إقترب منها خطوة ثم هتف بـ عبث:ما بلااااش
إنتفضت فزعة وركضت ثم هتفت بـ توتر
-مين قالك إني بعرف أعمل حاجة..أنا بوء أصلًا
قهقه يونس بـ شدة..ثم لحقها وهو يضع يده على وجنته التي قبّلتها..كان لا يزال يشعر بـ رطوبتها أسفل أنامله..لتتسع إبتسامته أكثر وهو يقسم بـ أغلظ الإيمان أنه لن يهدأ حتى يجعلها ملكًا له دائمًا وأبدًا...
*****************************************
وصلا إلى المكان المُحدد الذي سيتقابلوا فيه مع محمد..تشدقت بتول وهة تضع يدها في خصرها
-هما فين!!
رفع يونس رأسه ليجد الطائرة قادمة في إتجاههما..أخفض رأسه مرة أخرى وقال
-أهم..
ثم جذب يدها ليبتعدا مسافة كافية حتى تهبط الطائرة..أغلقت بتول عيناها من الأتربة التي تقتحمها...
وبعد دقائق حطت الطائرة وسكنت..هبط منها محمد وإتجه ناحيتهما..ضمّ يونس إلى أحضانه ثم قال بـ نبرة صادقة
-وحشتنا يا بطل...
ربت يونس على ظهره ثم قال بـ إبتسامة
-تسلم يا محمد
إبتعدا عن بعضهما ثم قال يونس بـ جدية
-جاهز!!
-مسح محمد طرف أنفه ثم قال:كلم عدي..عاوزك
-ليه!!
تساءل يونس بـ تقطيبة ولكن محمد رفع منكباه دليلًا على جهله..أخرج هاتفه وأجرى إتصال مع أخيه..نظر إلى بتول التي تبتسم له ليبادلها الإبتسام..ثم توجه بعيدًا عنهما..أتاه صوت أخيه فـ تساءل يونس
-خير يا عدي !
قص عدي عليه كل ما كان..إحتقنت عيناه بـ شدة وإرتجف جسده غضيًا..تساءل من بين أسنانه
-يعني إيه!
-زفر عدي بـ ضيق وقال:يعني هى مُقابل أبونا...
أغمض عيناه بـ حزن غاضب..ثم إلتفت إلى بتول التي تُطالعه من بعيد..عاد يلتفت وهو يفرك عيناه بـ ضعف..هى مقابل أبيه..لا يستطيع تركها ولا يستطيع ترك أبيه..وقبل أن يغرق بـ أفكاره ويجد حلًا ما..كلن عدي يسبقه بالحديث
-يونس مش وقت تفكير..رجعها كفاية عليها كدا..صدقني دا أحسن ليك وليها ولينا كلنا
-همس يونس بـ حزن:مش هقدر
-لأ وألف لأ..أبوك أهم دلوقتي..متخليش حبك يعميك عن اللي بيحصل..هى هتضيع منك..وأبوك كمان..أخسر حد فيهم
صمت ثم تابع ليضغط على ذاك الوتر
-هتقدر تخسر أبوك !
-وكان الرد سريع:لأ
-خلاص رجعها...
رفع رأسه إلى السماء..ثم نظر إليها مُطولًا..هتف وهو لا يزال يُحدق بها
-خد بالك منها يا عدي..هى أمانة فـ رقبتك لحد أما أرجع
صمت ثم تابع بـ حسرة على الفراق
-حافظ على مرات أخوك..متخليش الـ*** دا يلمسها
-تمتم عدي بـ هدوء:حاضر يا أخويا..متخافش...
ثم أغلق الهاتف وهو يمنع تدفق العبرات من مُقلتاه..وضعه في جيب بنطاله..ثم إتجه إليها...
ما أن وجدته يتقدم منها حتى ركضت بـ إتجاهه وجذبته من يدن ثم قالت بـ حماس
-يلا..يلا
إغتصب إبتسامة وسايرها..كان يسير خلفها كمن يُساق إلى إعدامه..رفع نظره إلى محمد وأشار بـ رأسه..تفهم محمد وبادله ثم إتجه إلى الطائرة وأدار مُحركها...
صعدت الطائرة وجذبته..إلا أنه رفع يده الأخرى وحلها عنها..عقدت ما بين حاجبيها ليقول بـ حزن
-أنا مش جاي معاكي...
شحب وجهها تدريجيًا وإرتفع وجيب قلبها بـ خوف..إبتسمت بـ إرتباك ثم قالت بـ عدم تصديق
-أنت بتهزر..مش وقت هزار..يلا يا يونس
وكادت أن تمد يدها إليه ولكنه أبعدها..وقال بـ قشرة صلابة واهية
-مينفعش..
-صرخت بـ إهتياج:هو إيه اللي مينفعش!..ها قولي!..ولا أنت كنت بتضحك عليا!
-رد عليها مُسرعًا:عمري ما فكرت أضحك عليكي..بتول انا بحبك
-وصرخت هى بـ المقابل:كداب..أنت واحد كداب
أحاط وجهها بين يديه وقلبه يتآكل حزنًا على بتوله..ثم همس بـ عشقٍ خالص
-لأ مش كداب..أنا بعشقك يا بتول..بعشق كل ذرة فيكي..بعشق كل تفصيلة من تفاصيلك
-همست بـ تحشرج وقد سالت عبراتها:وعشان كدا بتبعدني عنك صح!!
-قاوم عبراته قدر المُستطاع وهمس بـ صوتٍ مبحوح:عشان بحبك وخايف عليكي ببعدك..شوفتي اللي حصلي واللي كان هيحصلك بسبب ضعفي!..مش هقدر أشوفك تتأذي بسببي..مش هتحمل...
بدأت في الإنتحاب وقد علت شهقاتها..ليجذبها في أحضانه وهى تحاول التملص منه ولكنه لم يدعها..ظل يُملس على خُصلاتها...
مر العديد من الوقت ويونس يُحاول تهدئتها وإقناعها..وبـ بجهدٍ مضني وافقت على مضض..ولكن عبراتها لم تتوقف..رفع يدها ثم لثمها وقال بـ حزن لمسته
-فراقك على عيني
-همست بـ تحشرج:أوعى مترجعليش يا يونس!
جذبها مرة أخرى في أحضانه وإعتصرها بـ شدة..ثم قال بـ تنهيدة حارة
-مقدرش يا قلب يونس..هرجع عشان أسرق أول رقصتي معاكي..هسرقها منك...
-وعد!!
-أغمض عيناه وقال:وعد..
ثم حررها وصعدت الطائرة..أغلق الباب وعيناه لم تتزحزح عن خاصتها الباكية..كان يشعر بـ إقتلاع روحه مع إقتلاع تلك الطائرة...
وما كادت أن تصعد الطائرة مسافة مترًا واحدًا حتى وجدها محمد تفتح باب الطائرة ليهتف بـ جزع
-يا أنسة!!
ولكنها لم ترد عليه بل قفزت من الطائرة..بـ التزامن مع إرتفاع أنظار يونس إلى الأعلى..فـ تفاجأ بها تقفز..ليستقبلها بـ أحضانه بلا وعي أو تفكير...
أحاطته بتول بـ كل قوتها دافنة رأسها في عنقه..وهو يحتضنها وكأنها النفس الأخير الذي سيتنفسه..رغمًا عنه إبتسم هاتفًا
-أه يا مجنونة...
-أنا غبية..والله غبية...
-ضحك يونس ثم قال وهو يدفن رأسه في خُصلاتها:مصدقك من غير أما تحلفي...
شددت من إلتفاف يدها حول عنقه ودفنت رأسها أكثر..ثم صرخت بـ صوتٍ مبحوح
-أنا بحبك..بحبك أوي يا يونس...
الفصل الرابع والعشرون
كلمة السر التي تفتح جميع الخزائن..هي كلمة الحب...
تجمدت يداه عليها..تخشب جسده وبدت على ملامحه الغموض وكأنها قالت طلاسم يعجز عن عقله ترجمتها..بينما هى ظلت تحتضنه وتبكي...
أخيرًا إستعادت عضلاته القدرة على الحركة..أبعدها عنه وقد إرتفع وجيب قلبه وكأنه يخشى أن ما قالته خيال..إزدرد ريقه بـ صعوبة ثم قال بـ خفوت
-أنتي قولتي إيه!!
-أزالت عبراتها بـ يدها وقالت بـ إبتسامة خجولة:قولت بحبك...
أغمض عيناه وأخذ شهيقًا عميق وكأنه يستنشق الكلمة التي لم تمر عبر مسامعه فقط..بل وحُفرت في فؤاده..وُشمت على جسده كله..كلمة طالت نفسه إلى سماعها وكأنها الترياق..
جذبها مرة أخرى في أحضانه بـ قوة وإلتفت يداه حولها حتى كادت تعتصرها..دفن رأسه في خُصلاتها وقال بـ تأوه
-اااه..وأخيرًا قولتيها..أخيرًا حسيتي بيا
-إبتسمت وقالت:إتأخرت عارفة..بس مكنش ينفع مقولهاش...
وإلتفت يدها حوله تضع رأسها على صدره..وإبتسامتها العاشقة تحولت لأخرى خجولة..وهى تستشعر قُبلته على أذنها..رقيقة مثلها..وجامحة كـ مشاعره..ثم همس في أُذنها بـ سأم
-أعمل فيكي إيه دلوقتي!..أحلف ما سيبك ونموت سوا..ولا أسيبك تروحي وأشتاقلك؟!
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقالت:أنا مش عاوزة أشوفه يا يونس..خايفة!!
خائفة..كان وقع الكلمة مُرعب على مسامعه..أتخاف وقد كُتب لحبهما الحياه!..أتخاف وقد وعدها الحماية!..أتخاف وهى تقول أنه الأمان والحصن!..ألا تعلم الأميرة أنها ستُحتجز في ذلك البرج المُحصن..ذاك البرج الذي لن يتخطاه الأعادي...
تنهد عدة مرات ثم أبعدها عنه وقال بـ جدية
-إسمعي..قولتلك متخافيش طول ما أنا معاكي
-هزت رأسها بـ نفي وهتفت بـ إعتراض:بس أنت مش معايا
أحاط وجهها بـ يديه وتشدق بـ حب
-لأ معاكي وفـ قلبك...
كاد أن يُكمل ولكن قاطعه محمد قائلًا بـ نفاذ صبر
-يونس..التأخير مش فـ صالحنا..هنتكشف
نظر له يونس وأماء بـ رأسه..ثم عاد ينظر لها قبّل طرف أنفها وقال بـ تنهيدة حارة
-كل اللي عاوزك تعمليه..أنك تمثلي عليه..أنتي متعرفيش حاجة
-مش هعرف
-لأ هتعرفي..عشانك..عشان ميقربش منك..سمعاني!!
أماءت بـ رأسها ولا تزال عبراتها تجري..أزال هو تلك اللألئ بـ إبهاميه..ثم أب يده وأخرج من جيب بنطاله حلقة نُحاسية لُفت فوق بعضها عدة مرات بـ صورة مُتتالية لتُكون حلقة عريضة..أمسك يدها اليمنى و وضع بـ بنصرها تلك الحلقة وقال بـ مرح
-هو المفروض أطلب إيدك بـ خاتم ألماس..بس دا المُتاح حاليًا...
إمتزجت عبراتها بـ ضحكات على عرض الزواج الغريب..لتقول بـ إبتسامة وهى تتأمل تلك الحلقة
-يعني المفروض أنك بتطلبني الجواز!!
أماء بـ رأسه بـ قوة..لتعود وتضحك بـ قوة..ثم قالت بـ سعادة
-أنا موافقة..موافقة
تهللت أسارير يونس ما أن نطقت "موافقة"..كاد يقفز كـ المجنون فرحًا بـ موافقتها..ولكنه أحجم جنونه حاليًا..ليرفع يُمناها مُقبلًا بنصرها فوق الحلقة النُحاسية مباشرةً بـ رقة ورُقي...
وضعت هى يدها على لحيته الشبة طويلة ثم قالت بـ رجاء
-إرجعلي بسرعة
-هتف بـ أبتسامة:هرجعلك أسرع مما تتخيلي..هرجعلك وهاخدك فـ حضني قدام كل الناس..
إقتربت بـ بطء وقبلت وجنته بـ خجل..ثم هتفت بـ صوتٍ شبه مُتلعثم
-هسـ..هستناك توفي بوعدك..دا وعد الحر دين
-إبتسم بـ عذوبة ثم تشدق:دا لما يبقى حر..مش محبوس بين جدران حبك...
وقُبلة أخرى على الجبين ثم دفعها إلى الطائرة..نظر إلى محمد وقال بـ صرامة
-تخلي عدي يسلمها لأهلها...
-تمام..
وتحرك محمد من أجل الإقلاع بـ الطائرة..وقف أمام الباب وظل ينظر لها من خلفه..تحركت شفتاه وهو يصرخ بـ جنون ما أن بدأت الطائرة بـ الصعود
-بحبك...
**************************************
وعلى الجانب الأخر ما أن تلقى من صديقه تحركه بها..إلا وقد إتصل بـ عز..ليأتيه صوته البغيض
-هااا؟!
-هتف عدي من بين أسنانه:حصل..وبتول كمان حداشر ساعة وهتكون فـ مصر...
-إتسعت إبتسامة عز وقال:حلو أوي...
-هدر عدي بـ صوته الجهوري:وأبويا
صمت عز الدين عدة لحظات ليُسري التوتر في جسد عدي..إلا أنه قال بـ الأخير بـ نبرة باردة
-تقدر كمان ساعتين ونص توصله بيتكم...
قبض عدي على يده بـ غلٍ بائن ثم تشدق من بين أسنانه بـ وعيد
-نهايتك هتكون ع إيد ولاد العقيد رفعت...
-سلام...
قالها عز الدين بلا مبالاه وأغلق الهاتف..وضعه بـ جانبه على الأريكة الخلفية..ثم أمر سائقه بـ جفاء
-إطلع على بيت الدكتور إسماعيل
-حاضر يا عز بيه...
وإنطلقت السيارة في إتجاه المنزل...
****************************************
كان المنزل يسوده حاله من الركود..وكأن الطقس أصبح غائم والسماء تُمطر بـ غزارة..خمول شديد حلّ على أصحاب المنزل مُنذ إختفاءها...
والدتها تضع صورتها بـ أحضانها وتبكي..و والدها لم يترك أحدًا من معارفه ولم يطلب منه المساعدة..أخيها الذي إستطالت لحيته وقد بدأ يُصيبه اليأس..فقد لذة الحياه مع فقدها...
صوت طرقات على باب المنزل نبأت إسماعيل الذي نهض بـ فتور من مقعده ليتجه ناحية الباب..فتحه ليجد عز يقف أمامه..فـ هتف بـ ذهول
-عز!!
-تسمحلي أدخل يا عمي؟!
تجهم وجه إسماعيل بـ شدة فهو لم ينسَ أن ما حدث كان هو السبب الرئيسي به..إبتعد قليلًا ليترك له المساحة ثم قال بـ إقتضاب
-إتفضل...
دلف عز الدين ولم يتعجب من حالة التهجم التي أصابته..فـ هو يعلم أنهم يلوموه على ما أصاب إبنتهم..دلفت بدرية خارج الغُرفة وهى تتساءل بـ فتور
-مين يا أبو...
وإنقطعت جملتها ما أن رأته أمامها..تطاير من عينيها الشرر إنطلقت في إتجاهه كـ قاذفة صاروخية وهى تهدر بـ عنف
-وليك عين تيجي هنا..جاي بعد أما بنتي راحت
قالتها وقد أتبعها نشيج..أمسكته بـ تلابيبه وظلت تهزه بـ قوة وبـ حرقة قلب أم على فلذتها قالت
-ضيعت بنتي منك لله..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..بنتي ضاعت..بنتي ضاعت مني
قالتها بـ تحسر..أما عز فـ بقى جامدًا يلا يتحرك..يعلم أنه يستحق فـ هو من أوقعها في تلك المُعضلة..أسرع إسماعيل يُبعدها عنه وهو يقول بـ حدة
-بس يا أم إسلام..مش أصول..الراجل فـ بيتنا
كادت أن تتحدث ولكنه أشار بـ يده لتصمت..ولكنها لم تكف عن حدجه بـ نظرات مُشتعلة..إلتفت إليه إسماعيل وقال
-إتفضل
دلف عز ولم يؤثر به ما حدث..فقط محبوبته ستأتي وتكون بـ أحضانه بعد عدة ساعات..جلس في الصالون ومعه بدرية وإسماعيل
وعلى إثر الجلبة الخارجية خرج إسلام..وما أن لمح هو الأخر حتى إرتسمت معالم الشراسة على وجهه..كاد أن يتهجم عليه ضربًا ولكن والده أمسكه من معصمه وتشدق بـ صرامة وحزم
-الراجل جاي يقول كلمتين هنسمعهم وهيتكل ع الله..لو هتقل أدبك يبقى تخش أوضتك..
-هتف إسلام بـ إعتراض:بس يا بابا...
-قاطعه والده:بلا بس و لا مبسش..أنا قولت كلمة
وعلى مضض جلس إسلام وهو الأخر يحدجه بـ نظرات حارقة..قابل عز كل هذا بـ برود..ليبدأ إسماعيل الحديث
-جاي ليه يا عز!!
-تنحنح عز وقال:أنا عارف أنكوا مش طايقني لأني السبب فـ إختفاء بتول
-حدجه إسلام بـ سخرية وقال:وهو أنا شوفنا خلقة حضرتك من ساعة أما إتخطفت..
حدجه إسماعيل بـ تحذير ليصمت إسلام على مضض..تجاهل عز الدين ما قاله وإستطرد حديثه
-أنا عاهدت نفسي إني أحميها..بس فشلت مرة..وندمان..بس والله ما سكت أبدًا..أنا عملت اللي عليا كله عشان أرجعها...
إبتسم بـ حبور ثم تابع
-وعشان كدا هي هتكون هنا كمان كام ساعة...
صدمة ألجمت الجميع..ربما صُعقت أبدانهم مما قال فـ شلت أعضاؤهم وعضلاتهم عن الإستاجة لأي مؤثر..كان أول من تحدث هو إسماعيل وهو يهتف بـ عدم تصديق
-أنت بتقول إيه!
-أيوة يا عمي بتول هترجع النهاردة
إنتفضت بدرية تسأله بـ سعادة ممزوجة بـ خوف
-يعني أنا هحضن بنتي كمان كام ساعة!..طب هي كويسة!..محصلهاش حاجة صح!!
وبـ الرغم من جهله إلا أنه أماء بـ نعم لتتهلل أسارير الجميع بـ فرحة جعلت إسماعيل يسجد لله شكرًا..لتضم بدرية يدها إلى صدرها قائلة بـ بُكاء
-الحمد لله يارب..بنتي هترجع
-إحتضنها إسلام وهو يبكي بـ سعادة ثم قال:بتول هتنام فـ حضننا يا ماما
ربتت على ظهره وإختلط صوت شكرها لله مع بكاءها..إحتضنهم إسماعيل ولسان حاله لا يتوقف عن الشكر وذكر الله..أخذت بدرية تُثرثر بـ ما ستفعله ما أن تعود إبنتها...
تركهم عز ورحل..ليدلف خارج المنزل وهو يبتسم بـ سعادة..ساعات فقط وتعود بتول إلى أحضانه..رفع حلقته الفضية وقبلها بـ حب..ليهمس بـ إصرار
-أول أما ترجعي هنتجوز يا قلب عز...
***************************************
وعلى الجانب الأخر ما أن أختفت الطائرة حتى جلس يونس على الأرض يضع رأسه بين يداه وإبتسامته لا تُغادر شفتيه..ظلت كلمتها "بحبك"تتردد في أُذنيه مرات لا يعلم عددها...
تمدد على الأرض واضعًا يده خلف رأسه وقال بـ حزن رُصع بـ السعادة
-وحشتيني من دلوقتي يا بنت السلطان...
وظل عقله يعمل..كيف سيكون اللقاء بعدما يُنهي عمله هنا!..بالطبع الإشتياق سيكون سيد الموقف..ليعود ويبتسم وكلمتها تتردد في أذنه...
وعلى بعد أمتار عديدة..كان أحدهم يُراقب ما يحدث بـ إبتسامة خبيثة..رفع هاتفه وإتصل بـ عز الدين
-أيوة..كل حاجة حصلت..وخطيبتك مشت
-إبتسم عز الدين بـ ظفر وقال:منا عارف..أخوه قالي
-حك سيف ذقنه وقال:طب هنعمل إيه!...
إلتفت إلى تلك التي تتطلع إلى يونس بـ هيام..ليضحك بـ سخرية..ثم عاد يسأل عز الدين الذي طال صمته
-ما ترد!
وأتاه صوت عز الدين الخالي من الحياه بـ نبرة تحمل عداء قال
-أقتل يونس...
-حاضر
خرجت تلك الحروف خبيثة من فاه ذلك المعتوه الذي يحلم هو الأخر بـ موته..أغلق الهاتف ثم إلتفت إلى ذاك الذي يقف بـ جانبه وتشدق
-هيا أقتله...
أماء الرجل بـ رأسه وتوجه ناحية يونس..أما الأخر فـ إلتفت بـ خبث وتشدق إلى التي تقبع بـ جانبه
-إن أردتي الفوز بـ ذلك الحب..فـ أنقذيه
نظرت له أنچلي بـ عدم فهم..ليُخرج هو سلاح من خلف جذعه ومدّ يده به ثم قال بـ كلمات ماكرة
-هيا أقتلي الوغد الذي سيقتل معشوقك
-ماذا؟
هتفتها بـ إستنكار ورعب..ليضع السلاح بين يديها وبنبرة إصطنعت البرود قال
-لكِ الأختيار..أعتقد أنه سيموت لا محالة..هذا الأرعن مُحترف وأنتي ستخسرين حبًا بـ التأكيد...
ثم أغمض عيناه واضعًا رأسه على مسند المقعد..وبعد ثوان سمع صوت باب السيارة يُغلق..إبتسم بـ خبث شيطاني وأدار المُحرك ثم رحل...
وعلى الجانب الأخر كان ذاك الرجل قد وصل إلى يونس..وما كاد الأخير أن يلتفت حتى وجد تلك القبضة تهوي على وجهه...
ترنح يونس إثر الضربة..فـ قواه الجسدية مُنهكة بـ درجة عالية..والأخر جاثيًا فوقه يكيل له اللكمات وهو يُحاول صدها قدر الإمكان..وبـ الفعل وبـ حركة سريعة أمسك حفنة من الرمال وقذفها في وجه الأخر..تشتت و وضع يده على عيناه ليستغل يونس ذلك الوضع وينقلب الوضع..أبعده عنه ثم ركله بـ بطنه ليسقط على الأرض...
نهض يونس والأخر نهض..وقبل أن يتقدم كان الرجل يُخرج سلاحه موجهًا إياه إلى وجهه..توقف يونس ليدرس الوضع..ولكن لم يكن هناك وقت..فـ قد سحب الأخر صمام الأمان وبعدها إنطلقت الرصاصة...