رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سميه عبد السلام



رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سميه عبد السلام 






البارت 25 (حسن و نعيمة)

عيون حادة ونظرات ثاقبة كالقبه تخترق جسد من امامه تبث الرعب داخله دون رحمة لكن هل يأتي اليوم الذي تتحول فيه نظرات القوة ونيران الغضب إلى نظرات عاشق..؟!

يقود سيارته بسرعة متذكراً ما حدث منذ قليل،
بعد عودته من اداء صلاة العصر في المسجد وجد رحيم يقف امام المنزل يحاول الإتصال بأحد ما ،اقترب منه أدهم وقد رأى قلقه الواضح لم ينتظر كثيراً و بادر بسؤاله :

" واقف برى كده ليه "

وقبل ان يرد على سؤاله خرجت ندى وهي تحمل هاتف قدر في يدها ،اقتربت منهم وقالت :

" قدر مش هنا وسايبة الفون بتاعها "

ذاد قلقه اكثر على شقيقته واردف :

" ما قالتش رايحة فين يا ندى"

تذكرت ندى وهي خارجة من مطبخ المنزل واصطدمت بها واردفت على سؤاله :

" انا كنت طالعة شقتنا وهي خبطت فيَّ وكان شكلها مضايق ،ما رضتش اكمل طلوع نزلت وراها لقيتها خرجت من البيت كله"

حاول أدهم ان يطمأنه وهو يعلم انه السبب في ذلك عندما ذهبت من اجل ايقاظه وصرخ بها :

" اهدى يا رحيم ،اكيد راحت عند حد من صحابها وراجعة تاني دلوقت "

كل ما يريده هو بث الطمأنينة بداخله لكن ذلك لم ينجح مع رحيم الذي قال :

"هي ملهاش غير صاحبة واحدة اسمها ياسمين و رنيت عليها قالت انها مسافرة اسكندرية مع باباها ومش هترجع غير على الإمتحانات"

انهى جملته و نظر في ساعة يده وقال :

" المغرب قرب يأذن ،وسألت مرات عمي ريهام ومرات عمي عايدة و الاتنين قالوا إنهم ماشفوهاش من بدري ،وهي مش من عادتها تخرج والفون بتاعها مش معاها"

دب القلق في قلوب الإثنين أدهم و ندى لتقترح ندى بقولها :

" مش يمكن راحت بيتكم التاني يا رحيم "

نظر لها رحيم و تمنى ان تكون هناك وليس مخطط من طارق من اجل محاربته بها ليقول :

"انا هطلع اجيب مفاتيح العربية واطلع على هناك"

اوقفه ذراع أدهم الذي قال مقترحاً هو الاخر :

" ممكن تكون راحت تزور مامتك وباباك"

تابع حديثه وهو يرى الحيرة على وجه رحيم :

" روح انت شقتكم وانا هروح المقابر ،عشان الوقت ،و ابعت ليَّ الـ location على الواتس"

لم ينتظر رده وخرج هو سريعاً وقام بتشغيل محرك السيارة ، ثم صعد رحيم إلى شقتهم في الطابق الرابع من اجل احضار المفاتيح ونزل الدرج سريعاً ،فتح باب سيارته ووضع المفتاح ليجد ندى جالسة في الكرسي جواره ،اردف متعجباً :

" انتِ بتعملي ايه هنا"

اردفت بضيق من سؤاله الذي ازعجها :

" هكون بعمل ايه جاية اتفسح ،هروح معاك نشوف قدر عشان ملحقتش أدهم "

استدار لها واردف مستنكراً :

" وانا ايه اللي يخليني اخدكِ ان شاء الله"

تحدثت وهي تتحداه وتخبره بثقة انه لا مجال للرفض :

" عشان قدر بنت عمي ،و لما شفتها كانت مضايقة اوي وانا عايزة اطمن عليها "

ابتسم بهدوء على حب ندى لشقيقته لكن اختفت الابتسامة عندما صاحت ندى بصوت عالي :

" انت هتصورني ما تخلص شغل العربية خلينا نشوف البت "

رمقها بمقت واردف وهو يقوم بتشغيل سيارته :

"سبحان من خد من طولكِ و عطاكِ في لسانكِ"

وصل أدهم بسيارته طبقاً للمكان الذي حدده رحيم ، و تمنى ان يجدها هو حتى تسنح له الفرصة من الاعتذار لها.

كانت تنظر إلى قبري والديها تبتسم رغم مرارة العلقم بداخلها ،تمنت وجودهم الآن وان ترتمي بين احضانهم ،سقطت دموعها لتمسحها سريعاً حتى لا يراها والديها كما تعتقد واردفت بمزاح :

" ايه يا سحسح ،مش بعيط يا عم ،انت سايب وراك راجل بس راجل مز مافيش في حلاوته اتنين"

ضحكت عقب جملتها ثم اردفت وهي تنظر إلى قبر والدتها المجاور لقبر والدها :

" و انتِ يا نعوم عاملة ايه ،وحشاني ياست"

رسمت ملامح الامتعاض على وجهها مردفة بمرح :

" طبعاً ولا على بالكم تتجوزوا انتم وتخلوا العيال تتنمر عليَّ ويقولوا ليَّ، يابنت حسن و نعيمة ،يعني ما بين كل الاسماء تيتة تسميك نعيمة ليه كانت فاكرة نفسها مخلفة سعاد حسني"

خرجت ضحكة منه بعدما اتبع الصوت ووجدها جالسة هنا التفتت قدر برأسها للخلف وعندما رأته وقفت سريعاً وقالت :

" انت ايه اللي جابك هنا "

لم يعير حديثها اي اهتمام واقترب من قبر عمه ووقف امامه وقرأ الفاتحة له و لزوجته ليتجه ببصره لـ قدر التي اردفت بضيق :

" اتفضل امشي من هنا يلا ،انا لسه مخلصتش كلام مع بابا وماما"

رفع حاجبه بسخرية واردف :

" انا قلت هاجي الاقي البت مم'وتة نفسها من العياط وقربت تقطع شرايين ايديها ،وانتِ الله اكبر ضحكتكِ سامعها من قبل ما ادخل"

حمحمت بأحراج وحاولت تصنع الضيق بقولها :

" و مين قال اني مش زعلانة ،انا زعلانة جداً والمفروض كنت بعيط دلوقت"

كانت تريد منه ان يعتذر على فعلته لكن باغتها بسؤاله :

" و ماعيطتيش ليه"

اردفت بجدية مضحكة :

" ما انا اكيد مش هعيط و انا حاطة Foundation بـ200 جنيه "

لم يستطع معرفة عما تتحدث لكن خمن انه ربما يكون شيء من ادوات التجميل الخاصة بها.

كل الأشياء حولها تدفعها للبكاء تدفعها من أجل ان تُظهر ضعفها لكنها تأبه ذلك ولا تستلم لدموع ترى انها عائق امام تحقيق ما تريده وهي ان تعيش حياة هادئة خالية من شوائب الحزن.

هكذا حدث أدهم نفسه وهو يرى الواقفة إمامه تجاهد حتى لا تظهر ضعفها بسهولة أمامه،حتى سمع صوتها وهي تقول :

" طب معاك عربية ولا هناخدها مشي"

ابتسم بهدوء لكن اختفت ابتسامته وهو يحذرها :

"تاني مرة لما تخرجي من البيت تاخدي الزفت التليفون معاكِ ،او تعرفي حد انتِ فين ،بدل ما انتِ قالقة الكل كده و انتِ هنا ولا على بالكِ"

اشتعلت ملامحها بغضب مردفة تدافع عن نفسها :

" و مش انت السبب ،لما زعقت و طردتني "

أجابها ببرود استفزها :

" انا طردتكِ من اوضتي ،مش من البيت كله"

اتسعت مقلتيها مردفة بضيق :

"انت متعرفش كلمة اسمها آسف "

وضع يديه في جيوب بنطاله واردف بأستفزاز :

" لأ ،و يلا عشان اروحكِ"

على الجانب الاخر كانت ندى تنتظر في السيارة ،تأففت بملل من متأخر رحيم فتحت الباب وخرجت من السيارة وقبل ان تدخل البناية اوقفها شاب وهو يقول :

" ندى ،انا مش مصدق نفسي "

لم ترد الوقوف معه وخصوصاً انها لا تعرفه لكن تابع الشاب وهو يعترض طريقها :

" انتِ مش فاكراني ،انا هشام معاكِ في نفس الكلية "

ردت عليه بحنق :

"ايوة ،اعمل ايه انا دلوقتي "

يكن لها الحب منذ الوهلة الأولى لكن ندى لم تعطه الفرصة من اجل الإفصاح عن مشاعره ،ابتسم الشاب واردف بهدوء يطلب منها :

" المغرب إذن ،ممكن تقبلي عزومتي في اي مكان ،لان انا عندي كلام كتير عايز اقوله واتمنى تديني الفرصة و اسمعي انا عايز ايه "

كانت نبرته صادقة ونظرات التوسل لم تجعلها قادرة على الرفض تنهدت قبل حديثها قائلة :

" انا اسفة يا هشام بس حالياً ماينفعش"

" ولا بعدين "

كان صوت رحيم الذي خرج لتو من العمارة وسمع حديث هشام الاخير ،انكمشت معالم هشام لكن ظن انه اخوها مد ذراعه وقال مرحباً به :

" انا هشام فرج زميل ندى في الكلية حضرتك اخوها صح "

نظر رحيم ليده الممدودة بضيق ووجه حديثه لـ ندى التي احتدت ملامحها :

" انتِ ايه اللي نزلكِ من العربية"

اردفت بأنزعاج :

"انت اتأخرت وانا زهقت من القعدة في العربية "

تدخل هشام في الحديث بقوله الذي جعل رحيم يغضب اكثر :

" اللي انت عملته ده اسمه قلة ذوق عشان امد لك ايدي وانت تعمل نفسك مش شايفني "

حاول ان يكون هادئاً في قوله :

" انا مش بعمل نفسي مش شايفك لان انا مش شايفك أصلاً "

واكمل حديثه محذراً :

"و امشي عشان ما اوركش قلة الذوق اللي بجد"

تراجع هشام في الحديث وقال قبل ان يبتعد عنهم :

" انا مش قصدي اضايق حد ،انا بس بحب ندى وكنت عايز ادخل البيت من بابه "

فتحت ندى عينيها بصدمة من حديثه لكن هذه فرصتها من اجل معرفة شعور رحيم اتجاهها.

اقترب رحيم من هشام وامسك يده يدعي التسليم لكن في الحقيقة هو يضغط عليها بقوة جعلت هشام يشعر بالألم اردف رحيم وهو يضغط اكثر على يده ورسم على وجهه ابتسامة مزيفة خلفه الكره والبغض للواقف :

" تشرف ،تشرف يا اتش "

ابتسم هشام بتوتر من نظراته التي تحرقه حياً وقام بالاستأذن ورحل بعيداً عنهم، نظر إلى ندى التي شعرت بالاحراج من موقفها وقبل ان ينطق كان هاتفه يعلن عن قدوم إتصال من أدهم فتحه سريعاً وقال :

" ايوة يا ادهم ،لقيتها ؟"

اتاه صوته من الجانب الاخر يطمئنه :

" اه ،هي معايا دلوقت"

حمد رحيم ربه واغلق الهاتف وجد ندى قد ركبت السيارة ،ركب هو الآخر ،اردفت بسرعة من شدة قلقها على ابنة عمها :

" أدهم لاقاها "

اجابها بأختصار وهو ينظر إلى الطريق :

" اه"

لوت شفتيها مردفة بحنق :

"وحضرتك قالب وشك ليه ،مش خلاص لقناها "

صك على فكه بغيظ قائلاً :

" واللي انتِ عملتيه ده عادي ،ازاي تسمحي لنفسكِ توقفي معاه كده "

شبكت ذراعيها واردفت وهي تنظر إلى الطريق :

" والله انا حرة ، واقف مع اللي يعجبني طالما مش بعمل حاجة غلط "

ضرب على مقود السيارة واردف بنبرة غاضبة فشل في اخفائها :

" لأ انتِ مش حرة ،وانا ابن عمكِ ومن حقي اخاف عليكِ "

تابع حديثه محذراً :

"واياك يا ندى اعرف انكِ وقفتي تتكلمي مع الزفت اللي اسمه هشام ده تاني "

ابتسمت وهي تراه هكذا لتقول بنبرة ماكرة :

" ده انت غيران بقا"

ابتسم بسخرية ليخفي شعوره الحقيقي في قوله :

"انا اغير ،واغير عليكِ انتِ ،ده انا اغير من تحت باطي ولا اغير عليكِ"

رمقته بمقت وامتعض وجهها ليتابع هو :

" وبعدين فين الصوت العالي وطولة اللسان ،ولا دول معايا انا بس"

اردفت بضجر محاولة ان تبرر موقفها :

"انا اصلاً كنت ههزقه لو فضل واقف وما احترمش نفسه ومشي"

" لأ ما هو واضح "

ثم تابع حديثه وهو يقلد نبرة صوتها بشكل مضحك :

" انا اسفة يا هشام بس حالياً ماينفعش" 

كبتت ضحكتها على طريقته لينظر لها بطرف عينه وقال وهو يبتسم هو الاخر :

"مش شايفكِ انا كده"

___________________________________

"دخلتي تصحيني ليه"

كان أدهم هو من سألها وهو يقود السيارة وهي تجلس جواره فكرت قبل الإجابة هل تقول له الحقيقة ام جزء منها كرر سؤاله لتجيبه متلعثمة :

"جدك..جدك كان عايزك و انا دخلت عشان انده عليك،بس لقتيك نايم والباقي انت عارفه"

لم ترد اخباره ان احمد هو من طلب منها ذلك حتى لا تسبب الشجار بينهم ليقول أدهم بجديته المعهودة :

"اياً كان السبب لو لقتيني نايم ما تفكريش تصحيني"

اومأت له بضيق ليمر بعض الوقت وقد طال الصمت بينهم فأردفت قدر وهي تنظر له :

" سرحان في إيه"

لم تتوقعه رده الصادم عندما قال :

" اكيد مش فيكِ"

اردفت بضجر وقد شعرت بالاحراج من جملته:

"على فكرة انت مستفز"

ابتسم ببرود وقال بعدما ابعد بصره عن الطريق ونظر لها :

"على فكرة عارف"

زفرت الهواء بقوة واستدارت برأسها تنظر من نافذة السيارة لتسمعه يقول :

"آسف"

التفتت له سريعاً تقول غير مصدقة :

" انت قولت ايه"

تنهد بقوة و اوقف السيارة متحدثاً بنبرة لينة :

" انا اسف ،عارف ان ردة فعلي كان مبالغ فيها شوية"

ابتسمت على اعتذاره لتقول وهي تحول الحديث من الجدية إلى المرح بحديثها الساخر :

" ياراجل مبالغ فيها ايه بس ،اوعدك لما اكون عايزة اقطع الخلف نهائي اول حد هفكر فيه هو انت يابشمهندس "

قهقه الإثنين على جملتها المازحة لتلتقي عسليتها بخضروتيه ،اردف أدهم بهدوء وهو ينظر داخل عينيها بعمق :

"وشكِ بيضحك بس عينيكِ فيها حُزن السنين"

تبخرت ابتسامتها وظهر الحزن على وجهها ،شعرت بأن الدموع بدأت تغزو عينيها لتهرب بعينيها بعيداً عنه.

كيف تخبره عم تشعر به فـ لا احد يعلم جهادك في مواجهة الحزن أو المعاناة التي تشعر بها عند الأرق التي تجعل النوم يفر منك ام تخبره عن قساوة الأيام ام تخبره انها ذات روح منهكة ،كل ذلك تخفيه خلف قناع القوة والهدوء الذي يراه الجميع و ما خفي كان اعظم.

تذكرت حديثها مع والدها عندما رسبت في اول اختبار لها بسنتها الأولى في الجامعة ظلت تبكي حتى وجدت من يحتضنها ولم يكن سوى والدها ،لم يرد ان يعلم سبب بكائها كل ما شغلها هو ان تتوقف ابنته عن البكاء اردف بجملته التي لم تنساها قدر حتى الآن :

" اياكي تضعفي يا رحمة ،الحياة صعبة واحنا لازم نكمل"

خرجت من عناق والدها واردفت بصوتها الباكي :

"لما الدكتور قال قدام الطلاب كلهم اني سقطت في الامتحان مقدرتش امسك نفسي من العياط"

ضم وجهها بين يديه يحتضنه بحنان وحب ابوي واردف وهو يمسح دموعها بأصبعي الإبهام واردف بنبرته الحنونة :

"الدموع دي غالية ،ومش اي حد يشوفها"

عادت من شرودها لتجد يد أدهم ممدودة بمنديل ورقي عندما رأى دموعها تسقط رغماً عنها ترفض المكوث في عينين تطيل حبسهم ،لم تأخذه منه بل مسحتها سريعاً بيدها لم يرد ان يجعلها تشعر بالاحراج وقال :

" خليكِ هنا ،هنزل اجيب حاجة و اجاي"

ابتعد عنها بجسده لكن عقله معها ،يفكر كيف يجعلها تتحدث وتتخل عن الصمت المتوج بدموع شاردة حتى لا ينتهي بها الأمر للانفجار بعد كل هذا الكتمان،بعض المواقف العصيبة في حياة الفرد تقدر على تغييره من مرح إلى كتلة من الصمت.

وعندما تأكدت من ابتعاده خرت في البكاء دون توقف ،فكم هو مؤلم ان تواجه كل عثرات الحياة بمفردك تحاول النهوض لكن شيء قوي يسحبك إلى الأعماق إسمه...اليأس.

___________________________________

الصديق ذلك الشخص الذي يجعلك تكمل رحلتك دون توقف، تتقاسموا العناء سوياً ،فـ هو كـ النجم الوحيد في سماء الليل يهدي صحابه في صحراء باردة حتى لا يضل طريقه.

خرج عمر ومعه ديشا عقب الإنتهاء من صلاة المغرب وجد عمر الفرصة حتى يسأله عما به :

" مالك يا ديشا ،طول الدرس كنت قاعد سرحان ،حتى في الصلاة كنت بتنسى وتسبق الإمام"

اسئلة كثيرة تدور بذهنه لم يجد لها إجابة جعلته يصاب بالارهاق من كثرة التفكير :

"سلمى ياعمر"

قطب جابينه ليسأله ما بها شقيقته :

" مالها سلمى هي كويسة؟"

لا يعلم ماذا يقول او من أين يبدأ :

" مش عارف مالها من فترة كده متغيرة وبدخل عليها الاوضة بلاقيها بتاخد علاج ولما اسألها تقول انها تعبانة شوية ولما اقول لها نروح لدكتور تتهرب مني وتقول انه تعب من الشغل وهيروح مع المسكنات "

اكمل حديثه وهو يبتسم مستهزئاً :

" ده حتى بابا مايعرفش ان سلمى بتشتغل،وماما على طول بتعامل سلمى وحش ولا كأنها بنتها،انا مضايق من نفسي وانا شايف اختي كده،حتى مبقتش اذاكر زي الاول"

زفر الهواء بقوة يتطلع إلى السماء حتى سمع عمر يقول :

" ما تحبسهاش يا ديشا خليها تخرج"

نظر له بعينين امتلئت بالدموع فتابع عمر حديثه :

"كتف صحابك قادر يشيل ،عيط يا ديشا ما تكابرش"

وبعد انتهائه من جملته وجد ديشا يضمه بقوة إليه يبكي وعمر يربت على كتفه تزامناً مع قوله الهادئ :

"اختك هتكون كويسة ،وهتكون كويسة اكتر يوم النتيجة لما تفرحها بمجموعك "

ابتعد ديشا عنه وهو يقول :

"صح انا وسلمى ناقر ونقير بس هي اختي اللي مليش غيرها،يارب ياعمر تكون كويسة"

اردف عمر بمرح :

"ما تجوزني اختك سلمى ونعمل انا و هي عمر وسلمى الجزء الرابع"

مسح دموعه وبقي يتطلع عمر بهدوء فتابع عمر حديثه المرح :

"تعرف ان كان نفسي يبقا اسمك فتحي"

رفع حاجبه ورد مستنكراً :

"اشمعنا فتحي؟"

اتسعت ابتسامة عمر و هو يقول :

"عشان كل متضايق اقول لك يا توووحة بصوت فدوى "

ديشا و هو يقلد نبرة صوت الممثلة في فيلم البرنس :

"طب يلا ياعمررري"

قهقه الاثنين بخفة وساروا في طريقهم لمنازلهم
كم هو رائع ان تهديك الحياة صديق يشاركك اهتماماتك اقصد...تفاهاتك.

___________________________________

جالسة في غرفتها لا تستطيع بتر ابتسامتها كلما تتذكر ما حدث معها منذ قليل عقب عودتها من الجامعة وسمعت سليم ينادي عليها ،هي لم ترد الوقوف معه لكن إصراره في الحديث جعلها تتراجع وهي تستدير له قائلة بتذمر :

"في ايه يابشمهندس"

لم يهتم لطريقتها العدوانية في الحديث وقال :

"في ان انا عايز اتجوزك ،ممكن اعرف انتِ رافضة ليه"

شبكت ذراعيها أمامها مردفة بضيق :

" والله دي حياتي وانا حرة واظن ردي وصلك مع قدر و ندى"

اقترب منها بضع خطوات اربكتها وقال :

"و انا عايز اسمعها منكِ،ليه مش موافقة"

قربه هذا جعلها مرتبكة هي لا تستطيع أخباره السبب الحقيقي لرفضها هذه الزيجة لم تجد شيء تقوله سوى :

"مش عايزة اتجوز مهندس"

ندمت على قولها ،ألم تجد سبب اخر غير هذا الغباء الذي تفوهت به حتى سمعت سليم يقول ساخراً :

" عايزة واحد بيطير ولا ايه مش فاهم"

اردفت حتى تنهي هذا النقاش :

"ريح نفسك يا سليم انا مش هتجوزك"

رمقها بمقت واردف بغيظ :

"ليه مش عايزة ابقى الزين وانتِ الزينة ياللي منكِ لله"

لم تقدر على منع نفسها من الضحك على جملته،تنهد سليم هو لم يرد الإعتراف لها الآن لكن هذه وسيلته الأخيرة عندما قال بنبرة هادئة :

"سلمى بجد انا بحبكِ"

توقفت عن الضحك لتسمع خفقان قلبها ونبضاتها تذداد اكثر ابتلعت ريقها تحاول ان تهرب من عينيه وهي تقول :

"وانا ما بحبكش يا سليم"

يعلم انها كاذبة ،لو كانت صادقة لما تهرب بعينيها إذاً ،لم تتغير ملامحه الهادئة بل باغتها بسؤاله :

"تقدري تقوليها وانتِ باصة في عيني"

هي لا تنكر انها تبادله نفس الشعور ،شعور لم تشعر به اتجاه المدعو إسلام.

عندما لم يجد رد منها تابع حديثه بجدية جعلت قلب سلمى ينبض اكثر حتى كاد يخرج من مكانه :

"لو قولتيها يا سلمى اوعدكِ ،اني مش هوريك وشي تاني وهنسى واحدة عرفتها إسمها سلمى"

صراع الآن بين العقل والقلب وهي تقف في المنتصف ،صراع داخل رأسها كاد يفتك بها لم تجد حل سوى الهروب من هذه المواجهة وركضت من امامه لصعود إلى شقتهم،حتى سمعت صوت سليم وهو يقول :

"بتجري يابنت محمد ،بس هتروحي فين اخركِ حضني"

استفاقت من شرودها على رؤيتها لصورتها المنعكسة في المرآة وهي تبتسم بخجل ،سمعت طرق على غرفتها وسمحت للطارق بالدخول ولم يكن سوى ديشا الذي دلف للغرفة يخبأ يديها خلف ظهره مردفاً :

"انتِ نمتي يا سلمى"

ردت عليه نافية :

"لأ صاحية يا ديشا"

ابتسم ديشا في قوله :

"بيقول لكِ مرة خباز بنى شقتين 
دور فوق ودور كحك"

قهقه عمر عقب جملته لترمقه سلمى بسخط وهي تقول :

"قصدك اني هجيب كحك في الإمتحانات"

ديشا ولم تختفي ابتسامته :

"قولي ان شاء الله ما تقطعيش الحاجات دي بتتحسد"

التقطت الوسادة جوارها وقامت بألقائها في وجه ديشا مع قولها الحاد:

"اخرج برى يا زفت"

فتح عينيه بصدمة واردف بغيظ :

"زفت؟! ،تصدقي خسارة في أهلكِ الرواية اللي دفعت فيها مصروفي انا و الواد عمر عشان نيجبها " 

ابتهج وجه سلمى من الفرحة عند رؤيتها للكتاب الذي يحمله ديشا ،انتفضت من فوق الفراش تبتسم معتذرة :

"حقك عليَّ ،انا اللي زفت الزفتات ،هات الرواية بقا"

اعطاها ديشا الكتاب وهو يقول :

"تعالي حضري لي الحمام بقا"

نظرت له بشفاه ملتوية :

"ديشا يا حبيبي بطل فرجة على المسلسلات التركي ،عشان انا اختك مش الخدامة الفلبينية اللي جبهالك ابوك"

رمقها بمقت واردف متذمراً :

"حار ونار الـ 75 جنيه اللي دفعتهم انا و عمر"

سلمى وهي تدفعه خارج غرفتها:

"يلا برى عايزة أقرأ الرواية"

اغلقت الباب وارتمت على الفراش لتقرأ الرواية حتى تشغلها عن التفكير بـ سليم ،بدأت في قرأت الفصل الأول منها بعد المقدمة :

"يجلس في شرفة منزله يحتسي قهوته الصباحية غير عابئ بالطرق المستمر على باب غرفته يخبره انه تأخر على عمله لكن كل ذلك لا يهم هو يريد الانفراد مع قهوته يرتشفها بهدوء ويستمتع بكل نقطة منها ،وقف سليم بعد..."

اغلقت الرواية سريعاً عندما وجدت ان البطل يسمى سليم قررت اخذ هاتفها والعبث به عبر تطبيق يسمى Facebook بدأت في سحب الشاشة لأعلى ليأتيها مجموعة من الإقتراحات وكان من ضمنهم اسم سليم المنشاوي وهو يضع صورته كأنه يتأمل شيء بد جذاباً بها ،لكن اغلقت سلمى الهاتف وهي تزفر الهواء مردفة بحنق :

"انا خايفة افتح التلفزيون الاقيك بدل رامز جلال "

___________________________________

صعد إلى السيارة وهو يحمل كيس بلاستيكي يعطيه لها قائلاً :

"خدي افطري المغرب إذن من نص ساعة "

اخذته منه و اردفت عندما وجدته يحمل كوب قهوة فقط :

"و انت مش هتفطر "

رفع يده التي تحمل الكوب وقال :

"لأ انا هشرب القهوة بس"

ثم تابع حديثه وهو يعيد تشغيل السيارة :

"انا كلمتهم في البيت وقلت لهم اننا هنتأخر عشان في مشوار عايز اعمله "

ضمت حاجبيها مستفهمة :

"مشوار ايه ده "

اجابها بأختصار :

"هتعرفي لما نوصل"

همست بصوت منخفض :

"ابو الغرور يا جدع"

ثم شرعت في تناول الطعام الذي احضره لكن توقفت فجأ وقالت بأرتباك :

"عايزة اقول حاجة بس مترددة"

"قولي مترددة ليه"

كان أدهم رداً على حديث قدر التي قالت ولمعة الانبهار في عينيها مردفة بحماس :

"ممكن تعلمني السواقة على العربية بتاعتك"

انكمشت ملامحها بضيق عندما سمعته يقول :

"لأ خليكِ مترددة احسن"

لم تصمت عندما لمعت فكرة اخرى في رأسها تقولها دون تردد :

"خلاص علمني الرسم"

عقب على حديثها ببرود :

"هو اي مصلحة و خلاص"

وقبل ان تعترض على حديثه باغتها بسؤال :

" انتِ امتحاناتكِ امته "

اجابته وهي تمضغ الطعام :

"الحد الجاي لسه "

نظر لها بتقزز من طريقتها وقال :

"اعتبري نفسك في اجازة لحد ما تخلصي"

اردفت قدر بتمني :

"يارت تكون بمرتب"

اوقف أدهم السيارة لتندفع قدر بجسدها للإمام لكن لم يصيبها شيء مكرراً أدهم كلمتها بحدة:

"انتِ قولتي مرتب؟"

ابتلعت قدر الطعام مردفة بسرعة تغير حديثها :

"ارتب ،نفسي ارتب على الدفعة"

ثم صاحت بصوت عالي متحدثة بدون وعي لكلماتها :

"بتوقف مرة واحدة بالعربية كده ليه ،ايه السواقة الحريمي دي"

ضغط أدهم بيده على مقود وقد بدأت عروقه تبرز لتدفق الدم السريع داخلها من شدة الغضب وتحول ملامحه كلياً وتغير لون عيونه لتصبح كعيون...النمر"

رأته قدر بهذه الحالة ليقشعر جسدها من الخوف مردفة :

"صح بابا وماما وحشوني بس مش لدرجة اروح لهم بنفسي "

___________________________________

"هي وصلت انها تيجي لحد هنا،لأ وكمان جدك يشوفها"

كان مراد وهو يتحدث بأنفعال عندما عاد من عمله ووجد المدعوة شوشو تقف مع جده تسأله عن سليم.

تحدث سليم الجالس ببرود و بجانبه احمد ومن بعده رحيم :

"ايوة اعمل ايه انا دلوقت"

رمقه مراد بضيق يحاول السيطرة على غضبه :

"يابرودك ،انت معندكش دم ما بتحسش"

تحدث احمد حتى لا يبدأ الشجار بينهم محاولاً تهدئة الوضع:

"ياجدعان صلوا على النبي "

نظر رحيم للذي يدخل من باب المنزل قائلاً :

"رحمة"

نهض من كرسيه يتجه إلى أدهم الذي دلف لتو ومعه قدر شاردة في المكان الذي ذهبوا إليه منذ قليل لتجد رحيم يحتضنها مردفاً بعتاب :

"كده ياقدر تخرجي من غير ما تقولي لي"

ابتسمت بهدوء وقالت :

"بابا وماما كانوا واحشيني رحت عشان ازورهم ونسيت الفون هنا"

لم يكن أدهم معهم بل ينظر إلى مراد وسليم ونظراتهم المشتعلة لبعض حتى اردف احمد بصوت عالي :

"تعالى يا أدهم شوف الاتنين دول احسن هيمسكوا في بعض"

اقترب أدهم مردفاً بحدة :

"في ايه"

تحدث سليم بهدوء عكس النيران المشتعلة داخله :

"مافيش حاجة يا ادهم ده بس..."

لم يستطيع اكمل جملته بسبب مراد الذي قال :

"لأ فيه ،فيه ان الاستاذ واحدة من الزبالة اللي يعرفهم جت لحد هنا ،جت عشان تسأل على البيه"

صرخ به سليم فقد طفح كيله :

"مراد متنساش ان انا اخوك الكبير يعني لو فضلت تكلمني بالطريقة دي انا هـ.."

اردف مراد بنبرة متحدية :

"هتعمل ايه ،هتضربني يابتاع شوشو"

اشتعلت نيران الغضب اكثر عند سليم مقترباً من اخيه كي يضربه ،لكن تراجع أدهم للخلف يفسح له المجال مما جعل سليم يتوقف وانتبه الاثنين لحركته تلك ،حتى اردف أدهم وهو يضع يديه في جيوب بنطاله مردفاً ببرود :

"وقفتوا ليه يلا كملوا انا عايز اتفرج عليكم و انتم نازلين في بعض ضرب "

كانت قدر تراقب الاجواء التي اصبحت مشتعلة ،حتى تحدث أدهم عندما لم يجد رد منهم :

"لأ اخلصوا انا جعان ولسه مافطرتش هتضربوا بعض امته "

نظر مراد إلى سليم بحقد وتركهم وخرج من المنزل وقبل خروجه اصطدم بفارس الذي قال :

"هو فيه ايه"

دخل المنزل وجد سليم يمسح على وجهه بضيق مردفاً بهدوء :

" ادهم انا والله ما كنت اعرف انها هتتجرأ وتيجي لحد هنا "

اردف أدهم بنبرة قاسية :

"أظن انا حذرتك من اللي بتعمله ده قبل كده وبحذرك تاني بس أقسم بالله يا سليم لو ما اتعدلت ما هتلاقي حد في وشك غيري"

القى بكلماته ثم تركهم وصعد إلى شقتهم من اجل تبديل ثيابه ،انتبه سليم لـ ندى التي خرجت من المطبخ وهي تحمل كوب من القهوة ،اتجه ناحيتها سليم وهو يسألها :

"القهوة دي لجدي"

اومأت له واخذ الصينية وقال :

"هاتي انا هدخلها "

تحرك احمد وجلس على الأريكة يسترخي جسده حتى سمع صوت هاتفه معلناً عن رسالة ،اخرج الهاتف وفتح تطبيق الـ WhatsApp كان رقم غير مسجل في هاتفه فتح الدردشة وقرأ محتوى الرسالة :

"الخيانة مش بتيجي غير من اقرب الناس ليك"

لم يهتم احمد كثيراً ربما رقم يريد مضايقته فقط وحتى قد يكون المرسل لا يعرفه لكن ما جعل عينين احمد تجحظ عندما بعث الرسالة التالية :

"علا مراتك في حد تاني في حياتها غيرك ،والحد ده قريب منك اوي"

حاول ان يعرف صاحب الرقم ولكن قبل إرسال اي شيء اختفت الصورة الموضوعة بجانب الرقم ولم تكن سوى صورة قطة علم احمد انه قام بحظره.

ترك الهاتف من يده ،هو لا يصدق ما بعث له لكن لا ينكر انه جعله يقلق حتى وجد قدر تجلس جواره مردفة بأمتعاض :

"بقا ياض تقول لي ادخلي صحيه وانا هستناك برى لحد ما تطلعي ،اطلع برى الاقاك خلعت"

ضحك احمد مردفاً بأعتذار :

" انا كنت فعلاً مستنيك بس علا رنت عليَّ ،ونسيت أصلا انا كنت بعمل ايه"

رمقته بضيق مصطنع مردفة ببتسامة :

"بس انا طلعت اجدع منك وما قلتش لـ أدهم انك بعتني عشان اصحيه "

تصنع احمد التحية لها وقال :

"شكراً يابنت عمي "

لوت شفتيها بحنق :

"بتقول لها من غير نفس كده ليه"

تحدث احمد بسخرية لاذعة :

"يعني البيت مولع لوحده،انتِ عايزاني اعمل لكِ ايه اتحزم وارقص"

اقترب منهم رحيم الذي قال رد على حديث احمد الاخير :

"بتكلم اختي كده ليه"

رد احمد قائلاً :

"ما هي اللي مستفزة ياعم"

___________________________________

كانت تقف منتظرة ان يفتح لها الباب وبالفعل لم يمر دقيقة على رنينها لجرس الباب حتى وجدت الباب يفتح من قبل رجل في عقده الخامس يجلس على كرسي متحرك اردف مرحباً بالواقفة :

"أهلاً يا مريم يا بنتي ادخلي"

ابتسمت له مريم بود مردفة :

"شكراً ياعمو حسين هي ملك موجودة"

رجع بكرسيه للخلف حتى يسمح لها بالدخول مع قوله :

"اه موجودة في اوضتها ،ادخلي لها"

اومأت له ودخلت سريعاً للغرفة المقصودة وجدتها تجلس على فراشها تنظر في هاتفها ولم تنتبه لها بعد اقتربت منها مريم حتى ترى ما تفعله ،شهقت بصدمة عندما وجدتها تقلب في صفحة سليم على احد مواقع التواصل الاجتماعي.

انتبهت اخيراً ملك مردفة بضيق :

"في ايه يابنت الهبلة خضتيني"

جلست مريم أمامها على الفراش مردفة بحزن على صديقتها :

"انتِ لسه بتحبيه يا ملك"

تركت الهاتف من يدها تنظر لها بحزن :

"انا محبتش حد غير سليم ،انا رحت لحد عنده بس هو طردني"

اردفت مريم تؤيد ما فعله سليم :

"حقه يا مريم اللي انتم عملتوه مش قليل بصراحة انتم اللي بدأتوا الشر"

ضربتها ملك بخفة مردفة بأنزعاج :

"واللي هما عملوه في بابا ده ماكنش شر"

اردفت مريم بملل :

"ايوة يعني انتِ عايزة ايه دلوقتي"

اردفت وهي على وشك البكاء :

"عايزة ارجع لـ سليم"

اردفت مريم تخبرها انه اصبح لا محال :

"حتى لو سليم نسي اللي عملتيه ،فؤاد اخوكِ مش هينسى اللي أدهم عمله فيه"

لم تستطع الرد هي تعلم ان حديثها صحيح ،صاحت مريم بها :

"وبعدين انتِ هتفضلي قاعدة في البيت كده ولا انتِ عشان فؤاد اخوك دكتور في كلية تجارة ضامنة انكِ هتنجحي"

ابتسمت ملك بقهر مردفة :

"لأ ياختي جاية، الامتحان الحد ،بس هي رحمة بتيجي الكلية"

قطبت جبينها مردفة :

"رحمة مين"

اردفت ملك بضجر :

"هتكون رحمة مين ،الزفتة اللي إسمها رحمة حسن"

اومأت لها مريم بتذكر لتحاول تغير مجرى الحديث :

"لأ سيبك من رحمة ومن الكلية كلها ،لمتحي لاخوكِ عني بأي حاجة"

رمقته بمقت :

"لأ ياختي و اهمدي بقا عشان باين عليكِ انكِ واقعة"

تحدث مريم قائلة بنبرة يائسة :

"و لما انا واقعة اللوح اللي عندكِ ده ما اتقدمش ليه"

ابتسمت ملك بسخرية على حالها وحال صديقتها :

"ويرزقك الله بصديق انحس منك عشان انتم الاتنين انحس من بعض"

___________________________________

وضع الصينية امام جده وجلس على الاريكة المقابلة له، فرك يديه من شدة توتره وقال :

"جدي حضرتك مشيت ليه وسبتني لما شو.. شاهندا جت تسأل عني"

يحتسي من كوبه مردفاً بهدوء :

"انت قولتها بتسأل عليك ،اقف انا ليه"

لا يوجد شيء بحديثه لكنه لم يكن مريح بالنسبة لـ سليم الذي قال :

"يعني حضرتك متضايقتش من وجودها"

اعاد الكوب مكانه بعد انتهائه ليضع يديه الإثنين على عصاه الانبوسة قائلاً:

" انت اسمك ايه"

لم يفهم سليم المغزى من هذا السؤال لكن أجابه بأستسلام :

"سليم إبراهيم زكريا المنشاوي"

رجع زكريا بظهره للخلف معلقاً :

"يعني تربية زكريا المنشاوي ،وانا تربيتي ما يبقاش عارف الغلط و يعمله ولو حصل مايبقاش من عيلة المنشاوي وهيشوف وش زكريا التاني اللي انا دافنه من سنين "

ابتلع سليم الغصة في حلقه فحديث جده لم يطمأنه بل ذاد خوفه حاول ان يفسر وجود شوشو و مجيئها إلى هنا :

"جدي شاهندا دي جت عشان.."

لم يدعه زكريا يكمل حديثه مردفاً بتحذير :

" مش عايز اعرف هي جت هنا ليه و لا هي مين ،عشان لو كدبت دي غلطة انا مش بسامح فيها"

ارتبك سليم اكثر بالفعل كان سيكذب عليه ويخبره انها تعمل معه في الشركة ،تمنى لو تنشق الارض وتبتلعه في جوفها الآن وها قد استجاب الله لامنيته عندما طرق فارس على الباب المفتوح يستأذن الدخول إلى القاعة.

"ادخل يا فارس"

دلف فارس بعدما سمح له زكريا بالدخول تحدث وهو يحرك عينيه بين زكريا وسليم :

"كنت عايز اتكلم معاك يا جدي في موضوع"

اشار له زكريا بالجلوس ولم ينتظر سليم قول جده بالانصراف ،و خرج سريعاً من الغرفة يتنفس الآن بأرتياح فقد تخلص من براثين جده.

___________________________________

اسدل الليل ستاره فـ لم تكن الظُلمة في السماء فقط بل أيضاً في قلبها بعد وفاة ابنتها ،جالسة بصمت و قد غيم الحزن معالم وجهها البشوش.

يجلسن جوارها سعاد ونعمات يقمن بواجب التعازي :

"حقك عليَّ ياست فاطمة اني مجتش اول يوم اصل انا مش بستحمل وخصوصاً وانا عارفة ان الضنا غالي"

كانت سعاد وهي تحاول ان تعتذر على عدم مجيئها فأتبعتها نعمات :

"انا و إسماعيل كنت عند اهلي في الشرقية كنا معزومين عشان الخبر اللي قلت لكِ عليه و اول ما عرفت جيت لكِ على طول"

كانت تقصد خبر حملها ربتت فاطمة على فخذ نعمات بود قائلة :

"ربنا يفرحكِ بيه ،انا مقدرة ظروفكم "

قطع حديثهم رنين الباب وقفت فاطمة وذهبت هي لفتحه وجدت رجل يرتدي بذلة سوداء لاول مرة تراه ،رأى هو السؤال في عينيها فبادر بالتعريف عن نفسه :

"انا صفوت جمال صاحب شركات السياحة صفوت جروب الاستاذ لطفي موجود"

وقبل ان تخبره فاطمة انه ليس هنا حتى سمع الاثنين صوت لطفي من خلف صفوت ومعه التؤام الذي احضرهم من عند السيدة نجلاء :

"أهلاً ياصفوت بيه ،نورت مصر"

ابتسم له صفوت يسلم عليه قائلاً :

"البقاء لله يا لطفي"

"و نعم بالله"

لاحظ لطفي نظرات فاطمة التي لم تتعرف على صفوت بعد فأردف لطفي :

"ده صفوت بيه يا فاطمة كنت شغال عنده في الشركة في الكويت وقال انه هيفتح فرع في مصر عشان كده نزلت و قلت هستقر هنا "

ثم نظر إلى صفوت يعرفه بفاطمة :

"دي فاطمة اختي وتبقى ام إسراء الله يرحمها"

مد صفوت يده إلى فاطمة وقال :

"البقاء لله يا ست فاطمة"

نظرت إلى يده الممدودة مردفة وهي تشبك ذراعيها :

"و نعم بالله"

ابتسم لطفي بأحراج مردفاً بترحيب :

"اتفضل يا صفوت بيه"

لم تشعر فاطمة بالارتياح تجاه هذا الشخص المدعو صفوت ،بالداخل تجلس هبة على فراشها تمسك بمصحفها الصغير ترتل منه بعض الآيات من سورتها المفضلة سورة يوسف.

قطع لحظتها الممتعة بالنسبة لها رنين هاتفها بأسم مراد :

"الو"

أتاها صوت مراد يقول :

"هبة انا واقف تحت البيت البسي وانزلي انا مستنيكِ"

اتسعت عينيها بصدمة هل ما يقوله حقيقي ام انه يمزح معها فقط :

"تحت فين يا مراد وبتعمل ايه عندك"

سمعت صوته الساخر :

"بعمل عشرة ضغط"

عقبت على حديثه ساخرة هي الاخرى :

"اطلع عندنا وانا اعلي لك الضغط في ثانية"

ابتسم على حديثها مردفاً بمرح :

"غيري حلو"

ضمت حاجبيها مردفة بضيق :

"لأ انا مش بغير الكلام"

قهقه مراد مردفاً :

"لأ انا مش قصدي كده انا قصدي غيري هدومكِ و انزلي بسرعة"

لم يعطها فرصة لرفض لأنه قام بأغلاق الهاتف قبل ان يستمع إلى حديثها المعترض،وقفت هبة واخرجت فستان من اللون الاسود وخمار بنفس اللون ارتدهم ونظرت إلى نفسها في المرآة وتمنت لو ان قدر معها هنا ومعها ادوات التجميل الخاصة بها حتى تخفي شحوب وجهها والهالات السوداء اسفل عيونها.

كان يستند بظهره على سيارة احد سكان العمارة يشبك ذراعيه لكنه اعتدل في وقفته عندما راها تنزل الدرج لتتسع ابتسامته.

اقتربت منه مردفة بتذمر :

"ينفع تنزلي كده على ملى وشي"

رد على جملتها بعناق قوي احتاج إليه هو كثيراً تصنمت هبة محلها ،و توقف عقلها عن التفكير هي لم تعتاد على امساك يده بيدها بعد، فكيف لها تعتاد عناقه الآن،لكنها وجدت نفسها تضمه إليها هي الاخرى عندما سمعته يقول :

"المرة اللي فاتت انتِ اللي كنتِ محتاجة الحضن ،المرة دي انا اللي محتاجه"

ظلوا على وضعهم بعض الوقت لتنسحب هبة بهدوء نظراً لتواجدهم في الشارع احتراماً للمارة لكن بالطبع مراد لم يأبه لذلك.

تحدث مراد بعدما التقط يدها بحنان :

"المكان مش بعيد من هنا ،هناخدها مشي"

اردفت معترضة هي لا تريد الذهاب بهيئتها تلك :

"بس انا مش عايزة اروح في مكان وانا شكلي بهتان كده"

ابتسم لها واردف بنبرة هادئة :

"انا حبيتكِ مش عشان شكلكِ، انا حبيتكِ عشان جمال روحكِ، وجمال الروح الحاجة الوحيدة اللي يقدر حتى الاعمى انه يشوفها"

ابتهج وجهها بشدة عقب جملته التي اعطت الحياة لروحها المنطفئة من جديد.

سار مراد وبجانبه هبة التي لا تعلم إلى اين ذاهبة حتى توقف مراد مرة واحدة ينظر إلى عينيها الخضراء بصدمة :

"ايه اللي في عيونكِ ده"

اتسعت عيونها مردفة بخوف :

"في ايه في عينيا يا مراد"

وجدته يبتسم ابتسامة جعلته جذاباً مع قوله الهادئ :

"لو نيوتن شاف عِيوُنكِ كان عرف أن الجاذبية بين جِفوُنكِ"

تسللت الدماء بخفة إلى وجنتين هبة اعطتهم اللون الوردي خجلاً من جملته.

___________________________________

ات يوم جديد يحمل الكثير من الاحداث ومن ضمنهم تلك الواقفة في الحديقة الأمامية للمنزل،دلف فارس من البوابة الحديدية الكبيرة للمنزل عقب انتهائه من صلاة العصر ،رأها تقف مولية ظهرها له:

"انتِ مين؟"

التفتت لين التي ترتدي سروال واسع من اللون الاسود وسترة صيفية بنفس اللون والحجاب كذلك وحذاء ذات كعب عالي يتناسب مع طولها،ملامحها هادئة لكن ذلك لم يخفي توترها عندما قالت :

"انا لين صحبة ندى"

ابتسم فارس على توترها المبالغ فيه :

"وليه متوترة اوي كده"

تلعثمت اكثر فهي شخص خجول للغاية :

"انا معرفش حد هنا غير ندى وواقفة مستنياها من بدري"

اقترح عليها فارس بنبرة ودودة :

"طب انا ممكن اقف معاكِ لحد ما ندى تنزل"

ابتسمت بأحراج مردفة :

"انا بس مش عايزة اكون بعطلك عن حاجة"

سمعت قوله بالنفي :

"انا كنت جاي عشان اخد المفاتيح افتح السوبر ماركت بس عادي لو اتأخرت خمس دقايق عشانكِ"

تمنت قدوم ندى الآن فقد بلغ خجلها ذروته حتى سمعت فارس يشير بيديه إلى مكان في الحديقة من اجل الجلوس :

"طب تعالي نقعد هنا بدل ما احنا واقفين كده"

اومأت له بهدوء فأشار للارضية :

"بس خلي بالكِ عشان انا لسه ساقي الزرع والارض كلها طينة "

وبالفعل لم تكاد تخطو خطوتين حتى التوى كاحلها تصرخ بألم ليسرع فارس في سندها ،وضع فارس يده اليسرى على خصرها واليد الاخرى يمسك يدها نظرت له لين وهم على نفس الوضع :

"شكراً"

دخلت نرجس من البوابة لأنها وجدت المحل مغلق، هي تريد التحدث مع فارس والاعتذار عن كل ما بدر منها لكن اشتعلت نيران الغضب والغيرة عندما وقعت عيناها على هذا المشهد.

               ...لسه الحكاية مخلصتش....

#صدفة_ام_قدر

#العشق_الخماسي

#سميه_عبدالسلام


الفصل السادس والعشرون من هنا

 

تعليقات



×