![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سميه عبد السلامالبارت 26 (سباق الخيل) ات يوم جديد يحمل الكثير من الاحداث ومن ضمنهم تلك الواقفة في الحديقة الأمامية للمنزل،دلف فارس من البوابة الحديدية الكبيرة للمنزل عقب انتهائه من صلاة العصر ،رأها تقف مولية ظهرها له: "انتِ مين؟" التفتت لين التي ترتدي سروال واسع من اللون الاسود وسترة صيفية بنفس اللون والحجاب كذلك وحذاء ذات كعب عالي يتناسب مع طولها،ملامحها هادئة لكن ذلك لم يخفي توترها عندما قالت : "انا لين صحبة ندى" ابتسم فارس على توترها المبالغ فيه : "وليه متوترة اوي كده" تلعثمت اكثر فهي شخص خجول للغاية : "انا معرفش حد هنا غير ندى وواقفة مستنياها من بدري" اقترح عليها فارس بنبرة ودودة : "طب انا ممكن اقف معاكِ لحد ما ندى تنزل" ابتسمت بأحراج مردفة : "انا بس مش عايزة اكون بعطلك عن حاجة" سمعت قوله بالنفي : "انا كنت جاي عشان اخد المفاتيح افتح السوبر ماركت بس عادي لو اتأخرت خمس دقايق عشانكِ" تمنت قدوم ندى الآن فقد بلغ خجلها ذروته حتى سمعت فارس يشير بيديه إلى مكان في الحديقة من اجل الجلوس : "طب تعالي نقعد هنا بدل ما احنا واقفين كده" اومأت له بهدوء فأشار للارضية : "بس خلي بالكِ عشان انا لسه ساقي الزرع والارض كلها طينة " وبالفعل لم تكاد تخطو خطوتين حتى التوى كاحلها تصرخ بألم ليسرع فارس في سندها ،وضع فارس يده اليسرى على خصرها واليد الاخرى يمسك يدها نظرت له لين وهم على نفس الوضع : "شكراً" دخلت نرجس من البوابة لأنها وجدت المحل مغلق، هي تريد التحدث مع فارس والاعتذار عن كل ما بدر منها لكن اشتعلت نيران الغضب والغيرة عندما وقعت عيناها على هذا المشهد. قبل حدوث هذا بساعات. خرجت من غرفتها تسب الطارق الذي ازعجها من نومها هكذا في الصباح الباكر ،فتحت ندى الباب بوجه ناعس للغاية وعيون مغلقة شبه مفتوحة و اثر لعابها اثناء النوم مازال موجود كانت تضع طرحة صغيرة بأهمال وعندما فتحت باب شقتهم صرخت بوجه الطارق التي لا تعلم هويته : "في ايه على الصبح ،هي الدنيا هتطير" تصنع رحيم الذعر من هيئتها تلك مردفاً : "قل اعوذ برب الفلق ،انصرفي" رمقته بحنق هي تريد النوم الآن وليس الشجار مردفة بضيق وصوت عالي : "اخلص جاي ليه على الصبح" رمقها بتقزز من مظهرها العبث مجيباً على سؤالها وهو يتخطاها لدخول : "سليم اخوكِ ،بعت ليَّ" اغلقت ندى الباب حتى تعود إلى النوم من جديد لكن اوقفها رحيم الذي عاد لها ووقف أمامها مردفاً بكلمات جعلتها تشتعل : "ابقي اغسلي وشكِ بـ ميه نار يمكن تفوقي" لم يترك لها فرصة لرد وتركها و دلف إلى الغرفة لكن لم يجد سليم وجد مراد المتسطح على الفراش ،اقترب منه رحيم مردفاً حتى يوقظه : "مراد ،مراد اصحى" تقلب مراد على الجانب الاخر يعطي ظهره لرحيم مردفاً بهمهمة : "ايه" اردف بتسائل : "امال سليم فين " "فوق السطح" اجابة مراد على سؤال رحيم الذي تعجب وهو ينظر في ساعة يده مردفاً بتعجب : "بيعمل ايه فوق السطح دلوقت" تذكر مراد ليلة امس عندما دلف سليم واخذ غطاء و وسادة مع وجه عابس علم مراد انه مازال يشعر بالضيق بسبب كلماته الذي اردف بها ،تنهد بعمق قبل ان يسأله وهو يراه يخرج من الغرفة : "رايح فين يا سليم" اعطاه الرد دون النظر له مجيباً بأختصار : "طالع انام فوق" استدار مراد بجسده ينظر إلى رحيم المنتظر اجابته حتى قال بحزن : "سليم ما نمش هنا اصلاً يا رحيم" علم رحيم أن الشجار مع مراد وسليم لم ينتهي فقط بألقاء كلاً منهما كلماته الموجعة على مسامع الاخر بل له توابع حتى الآن. __________________________________ في الغرفة المجاورة،ارتمت ندى بجسدها على الفراش هي تريد النوم بشدة لكن يبدو انهم جميعاً يتفقون على عدم نومها تأففت بضجر وهي تسمع صوت هاتفها ،انتشلته من جانب الفراش وعندما رأت ان لين هي التي تتصل هدأت قليلاً مردفة ببتسامة هادئة : " ايوة يا ليلو" ضحكت لين بخفة مردفة من الجانب الاخر: "عاملة ايه يا ندى ،اسفة لو صحيتكِ من النوم" ابتسمت اكثر على رقتها التي تفتقرها ندى تماماً مردفة بود : "ولا يهمكِ ،انا صاحية أصلاً" تابعت لين حديثها التي اتصلت من اجله : "ماما و خالتي خديجة واسامة وانا معاهم هنيجي نعزي الست فاطمة في بنتها إسراء الله يرحمها" قطبت ندى حاجبيها فهي لا تعلم صلة القرابة بينها وبين انس حتى الآن لكن ذلك لم يدم طويلاً حتى اكملت لين حديثها حتى تكمل الصورة في ذهن ندى: "انس يبقا ابن خالتي يا ندى ،وقبل ما تقولي مجناش في كتب الكتاب ليه لأن احنا منعرفش اصلاً ان انس اتجوز لأن خالتي ليلى او لولي مش قريبة منا اوي ،احنا عرفنا من خالتي خديجة عشان هي قاعدة معانا، لما قالت انها عايزة تروح تعزي جارتها ولما قالت اسمها واسم بنتها قدام اسامة، اسامة قال لنا ان انس اتجوز واحنا لازم نروح نعزي احنا كمان" تستمع لها وفمها مفتوح هي لا تصدق صلة القرابة هذه التي لا تعلم عنها شيء مردفة بدهشة واضحة في صوتها : "يعني الست خديجة تبقا خالتكِ ،وهي عايشة معانا في نفس الحارة وانا معرفش" ضحكت لين مردفة : "يابنتي انتِ ناسية ،احنا أصلاً كنا قاعدين في الفيوم يعني طبيعي ما تعرفيش ان خالتو خديجة خالتي لأن زيارتنا للقاهرة كانت محدودة وغالباً بتكون لأسامة عشان كليته " اومأت لها امأة طويلة تدل على استيعابها للأمر حتى سمعت لين متحدثة بهدوء : " لما عرفت ان الست فاطمة عايشة في نفس الحارة قلت اعزيها مع ماما وخالتو و بعدين اعدي عليكِ عشان وحشتيني " عقبت ندى على حديثها بفرحة حقيقية : "بجد؟!! انتِ تنوري وانا هستناكِ" اغلقت ندى الهاتف لكن لم تعود لنوم بل خرجت ذاهبة للمرحاض من اجل الوضوء واداء فريضة الصباح وبعدها تذهب لأخبار قدر بقدوم لين فـ هي لم تسنح لها الفرصة في التعرف عليها نظراً لأرتدهن جامعة مختلفة عن الاخرى. _________________________________ تظن ان الحياة هادئة خالية من الصراعات لكنها مليئة بمن يجعل هذه الصراعات قائمة لا تهدأ،فقد كثرت النفوس الخبيثة التي تفعل أي شيء لإرضاء ذاتها التي لم ولن تشبع ابداً ،وستقوم بطلب المزيد. تجلس في غرفة المعيشة شاردة تفكر في حالها وإلى ما وصلت إليه فهي ابداً لم تتخيل ان فلذة كبدها سيفعل بها هذا ،يجعلها تتنازل عن حقها له دون مقابل وبعدها يتركها بمفردها دون ان يرف له جفن ،كم هو قاسي هذا الإبن على امه التي مازالت تتمنى عودته ليس من اجل عقابه بل من اجل احتضانه فقد اشتاقت له...كم هو رقيق قلب الأم يعاملها الابناء بقسوة وهي تعاملهم بحنان صادق. اقتربت شقيقتها والدة اسامة تجلس جوارها بعد الانتهاء من ارتداء ثيابها استعداداً لذهاب من اجل العزاء مردفة بتسائل وهي ترى خديجة شاردة تبكي بصمت : "مالكِ يا خديجة ،حد زعلكِ" مسحت خديجة دموعها عندما انتبهت لقدوم شقيقتها ورسمت ابتسامة زائفة علها تخفي الحزن القابع بعينيها : "ياريت كل الناس زيكم ،ده من وقت ما جيت و انتم شايليني على راسكم" ربتت شقيقتها على فخذها قائلة بود : " وده اقل حاجة نعملها يا خديجة ،البيت ده بيتكِ زي ما هو بيتي انا كمان " اومأت لها لكن هذا لم يجعلها تتراجع عن قول قرارها : "عشان كده انا مش عايزة اتقل عليكم ،كفاية قعدة معاكم لحد كده انا هروح بيت بابا الله يرحمه افتحه واقعد فيه" "عايزة تسبينا يا خالتو" اردفت بها لين التي دلفت لتو وسمعت حديث خالتها دون قصد منها،اقتربت منهن تجلس بجانب خالتها من الناحية اليسرى لها. وضعت خديجة يدها على ظهر لين بحنان مردفة: " ما تقلقيش هبقا اجاي ازوركم" رقرقت الدموع في عين لين وارتمت بين احضان خديجة على حين باغتة و اردفت بتذمر : "والله يا خالتو لو مشيتي ،ما انا واكلة بس" خرجت ضحكة من خديجة التي تربتت عليها بلطف قائلة بتوضيح : "يا لين يا حبيبيتي انا كده كده لازم امشي سواء دلوقت او بعدين ما ينفعش افضل قاعدة معاكم كده " خرجت لين من حضن خالتها ،تنظر لوالدتها برجاء حتى تتحدث وتمنعها من الرحيل ،نظرت لها والدتها مردفة : "طب ممكن نأجل الموضوع ده دلوقتي يا خديجة على الأقل لحد ما نعرف جمعة راح فين" تأملت لين وجه خالتها تترقب ردها التي قالت وهي تشعر بقلة الحيلة : "حاضر ،عشان خاطر لين هأجل المشي من هنا" عادت لين تحتضنها من جديد لكن تابعت خديجة حديثها بتحذير مرح : "بس بردو لازم امشي" عقبت لين على حديثها ببتسامة : "مش مهم ،المهم انكِ قاعدة معانا لسه" خرج اسامة من غرفته بعد اخذ حمام مُنعش يزيل به ارهاق العمل طوال اليوم وبدل ثيابه لملابس ملائمة للعزاء ،اقترب من خالته ووالدته التي ترمقه بضيق وحثهم على الذهاب،خرجت لين بصحبة خديجة وبعدهم والدة أسامة التي وقفت أمامه تنظر له بحزن مردفة بعتاب : "كده يا أسامة ،يعني انس يتجوز وانت تكون عارف و ما تقولش وكمان عشان خالتك قالت انها هتعزي الست فاطمة ما كنتش هتقول " اردف اسامة يدافع عن نفسه امام والدته : "انس كان عامل كتب الكتاب على الضيق و ما حدش يعرف بس كان ناوي يعمل فرحه بعد العيد و كان الكل هيعرف بس..ربنا ما اردش و إسراء ربنا يرحمها" امتعض وجهها مردفة بضجر : "حتى لو كان على الضيق كان لازم تقول ليَّ على الاقل ابقى عارفة اكيد مش هحضر بالعافية يعني" التقط اسامة يدها و قبلها مردفاً بهدوء ينهي هذا النقاش الذي يعلم جيداً ان والدته لن تخرج منه مهزومة : "انا غلطان وحقكِ عليّ حاجة تاني" نفضت يدها بعيداً عن يده مردفة بأمتعاض : "انت بتاخدني على اد عقلي ؟!" هز اسامة رأسه بيأس واردف بنبرة حاول ان يجعلها هادئة : "ممكن ننزل دلوقت عشان خالتي و لين واقفين في الشارع ولما نرجع ان شاء الله نتكلم في الموضوع ده براحتكِ" اردفت بحدة قبل خروجها من باب الشقة : "ماشي يا اسامة ،ماشي" ضحك اسامة على عقل والدته الصغير والذي يعلم انها لن تمرر ما حدث مرور الكرام ابداً مفتعلة شجار بينهم حتى تجعله يفعل ما تريده وهو يعلم انها لا تريد سوى زواجه و نسيانه لـ نرجس. __________________________________ "يابنتي اخلصي البت مستنيانا تحت" اردفت بها قدر الجالسة على الفراش في غرفة ندى وامامها تقف ندى وهي تلف خمارها على عَجلة بعدما اغلقت الهاتف مع لين واخبرتها انها تنتظرها في حديقة المنزل. اردفت ندى وهي تحاول ان تنتهي سريعاً : "خلاص قربت اخلص اهو" زفرت قدر الهواء من فمها بملل ثم اسندت رأسها على يدها لكن تغيرت ملامحها وهي تتذكر ما حدث لليلة أمس حيث ظلت قدر تجلس في سيارة أدهم بعدما اخبرها انه سيذهب لاحضار شيء ما ،انتبهت له وهو يفتح باب السيارة ويدخل منها يحمل في يده باقة من الورود جميلة المظهر. ابتهج وجه قدر عند رؤيتها للورود ظناً منها انه احضره لها فهي تعشق ورد الياسمين بشدة وكان هذا من ضمن أسباب صداقتها لياسمين. "الورد ده عشاني" لم تستطع اخفاء نبرتها السعيدة لاعتقادها انه احضره من اجل الاعتذار للمرة الثانية منها لكن ات رده الصادم حين باغتها برفض قاطع : "لأ مش ليكِ" شعرت بالاحراج منكمشة في مقعدها ،صامتة اما أدهم كان يقود سيارته حتى توقف في المقابر لكن تلك غير التي كانوا بها منذ قليل ،التفتت قدر حولها عندما شعرت بسكون السيارة مردفة بتعجب : "احنا جينا هنا ليه" فتح أدهم باب السيارة والتقط باقة الورد مردفاً : "انا نازل ازور حد هنا تيجي معايا ولا تخليكِ هنا" هي شخص غير فضولي لكن هذه المرة انتابها الفضول بشأن معرفة لمن سيذهب أدهم بهذه الزهور كادت تجيبه بالموافقة حتى قاطعها صوت أدهم وهو يغلق باب السيارة خلفه بعد نزوله منها : "انا بقول خليكِ هنا" صدمها رده للمرة الثانية لكن هو لم ينتظر رؤية صدمتها بل ذهب لوجهة هو يعلمها جيداً لكن قدر لم تنفذ رغبته في البقاء وسارت خلفه حتى رأته يدخل احدى المقابر الصغيرة من بابها الحديدي،تسللت بهدوء على السُلم المكون من ثلاث درجات فقط واختبأت بجسدها خلف الحائط واخرجت رأسها تنظر لـ أدهم الذي جثى على ركبتيه واضعاً امام القبر باقة الزهور ،تأمل القبر لدقيقة مردفاً بنبرة تحمل في ثناياها الكثير من الحزن : "وحشتيني ،وحشني حضنكِ ليَّ اوي" لم يكن يعلم بمن تتجسس عليه تحاول النظر خلسة حتى ترى الاسم المنقوش على اللوح الحجري تعريفاً بصاحب القبر و الذي كُتب عليه اسم. «سارة احمد مهدي» لا تعلم لما شعرت بالضيق والحزن هي تريد ان تعرف من هذه و ما صلة القرابة بينهم لكن السؤال هنا..كيف لها ذلك؟! تجمعت سحابة من الدموع تغطي سماء عينيه الصافية مردفاً بوجع وقهر من فقدانها : "لو كنت اعرف انكِ هتمشي بدري كده ما كنتش اتعلقت بيكِ ما كنتش حبيتكِ اكتر من نفسي" شهقت قدر بصدمة واضعة يدها على فمها سريعاً حتى لا يسمعها أدهم، معقول تكون حبيبته و توفت ام ماذا،هكذا همست قدر لنفسها تفكيراً عن هوية هذه الفتاة التي جعلتها تشعر بالانزعاج لا تعلم لما لكن هي لم تحب سارة هذه. تحدث أدهم بأخر كلماته قبل الوقوف وقرأت الفاتحة لها : "خلي بالكِ من نفسكِ يا ساسو" ابتسم بمرارة عند نطقه لهذا الإسم التي كانت تفضله وتعشق من يناديها به. تجمعت الدموع بعين قدر التي ارادت البكاء الآن و بشدة لكن هل تبكي على تذكرها وفاة والديها و ألم الفراق وعلى كل ما مرت به ام... انها تريد البكاء على شيء اخر..مثل معرفتها ان سارة هذه ربما تكون حبيبة أدهم وهو مازال متعلق بها وحبها يتشبث بفؤاده لكن هي لا تحبه لما يشغلها هذا الأمر. هو فقط ابن عمها ليس اكثر لكن لما تشعر بضيق في التنفس الآن ،قررت الرجوع و الجلوس في السيارة حتى يأتي لكن اثناء رجوعها للخلف دون النظر ورائها جعلها تتعثر بدرجة السُلم الثالثة وتسقط ارضاً تأوهت بألم نتيجة الارتطام بالارض والوقوع على ظهرها. خرج أدهم سريعاً عند سماعه لـ الصوت وجدها على هذا الوضع ،حاول كتم ضحكه على مظهرها المثير للشفقة فهذه المرة الثانية التي تسقط فيها أمامه. وقفت سريعاً تنفض ثيابها من الغبار الملتصق بها مردفة بأنزعاج وهي تراه يبتسم في الخفاء: "اضحك ماسك نفسك ليه" رفع حاجبه مستنكراً: "و انتِ مالكِ انتِ اضحك ولا ما اضحكش" اشتعلت قدر من كلماته المستفزة لها مردفة بغيظ : "عنك ما ضحكت،اقول لك حاجة كشر ،كشر يمكن يدوك جايزة ولا حاجة ما انت ملك التكشير" ثم استدارت حتى تتحرك ذاهبة إلى السيارة لكن الاسدال المنزلي التي كانت ترتديه فهي خرجت من المنزل هاربة لم تأبه لم ترتدي ،عرقل سيرها وجعلها تتعثر بقماشه الطويل وتسقط على وجهها أرضاً في منظر مضحك ومخجل لها. هذه المرة لم يستطع ادهم كبح ضحكه بل ضحك بقوة وهو يرى هيئتها تلك. جلست قدر على الارضية متربعة القدمين مردفة وهي تنظر إلى أدهم: "انا بقول تسبقني انت ،لحد ما اخلص كل الوقعات واجاي وراك يمكن في وقعة كده ولا كده" ذاد ضحك اكثر حتى ظهرت تجاعيد العين التي تظهر فقط عند الضحك بصدق وايضاً الضحك من القلب. وقفت قدر التي اعجبت بضحكته كثيراً مردفة بضيق مصطنع : "ايه ياعم خلاص ،هو في حد بيزغزغك" حمحم أدهم متوقفاً عن الضحك يستعيد ثباته من كثرة الضحك مردفاً بهدوء : "تعرفي ان من زمان ما ضحكتش كده" ابتسمت على جملته التي وضح فيها الصدق،هو لم يضحك هكذا تقريباً منذ فقدانه لـ سارة حتى عند تجمعه مع ابناء عمومته يكتفي ببتسامة او ضحكة بسيطة لكن هي فعلت اكثر من ذلك جعلته يضحك من جديد يسمع صوت ضحكته التي اشتاق إليها. عدلت قدر الياقة الوهمية في الاسدال مردفة بغرور مصطنع : "طبعاً يا بني ده انا قدر مش اي حد" نظر لها بمعنى «حقاً» يشبك ذراعيه امامه مردفاً بهدوء : "و دي ثقة بقا ولا غرور" "لأ ثقة ،تعرف انا فخورة بنفسي جداً،تعرف ليه؟ لم يسألها بل ظل ينظر لها وهي تتابع حديثها بجدية عكس طبيعتها الصاخبة والمرحة : "عشان مريت بكل المشاكل العائلة ومشاكل الثقة والخذلان والاصدقاء وكسرة القلب وعدم الأمان و.. الاكتئاب ماريت بكل ده لوحدي وما استسلمتش ولا هستسلم طول ما فيَّ نفس لأن ببساطة ما بحبش اعيش دور الضحية" يعلم انها مرت بالكثير من المتاعب في حياتها كـ اي فرد في الحياة يواجه الصعوبات التي تجعله قوي او هشاً وتقضي عليه نهائياً وهو من يختار هذا ،لكن لم يعلم انها شجاعة بهذا القدر، تعترف بمرضها دون الخجل او الهرب منه ومع ذلك لا تشكو لاحد ،تعرف جيداً انها ليست الوحيدة على هذا الكوكب من تعاني وتحتاج إلى العطف و الاحتواء بل تجاهد حتى تصارع الحياة بكل ما ملكت من قوة تثبت لها ولنفسها أولاً انه لن يقدر عليها شيء. فالحياة تعطيك خيارين إما ان تواجه اما ان تواجه هذا ما تعلمته قدر بعد مرورها بجميع الأزمات في حياتها. اقسم أدهم انها لا تمثل انها قوية بل هي القوة في حد ذاتها يبدو ان الطبيب «علي» مخطاً كيف لشخص يتقن تمثيل دوراً صعب كهذا طوال الوقت. كان ينظر لها بعينين تلمع بأعجاب من هذه الشخصية المعقدة والتي من الواضح انها نالت اعجابه مردفاً يجاري حديثها : "بس في ناس بتحب تعيش في دور الضحية وفي الحقيقة بتبقا هي الجاني" لم تكن مجموعة من الكلمات المتراصة بجانب بعضها البعض بل رسالة تحمل في طياتها الكثير لم تعلمه قدر بعد. اومأت له تؤكد على حديثه : "صح جداً ،عندك انا مثلاً مش لايق عليَّ دور الضحية ،بس خليني اجرب دور الحرباية كده، اقسم بالله هيبقا تحفة عليَّ" رمقها بذهول كيف تحول الحديث من مرح إلى الجدية ومن الجدية إلى المرح ،ثم تغير تعبير الذهول الى بسمة هادئة على ثغره. لاحظت قدر صمته لتنتهز الفرصة في الرد عليه و اخذ حقها منه في قولها : "مش هنمشي ولا هنبات هنا" طرحت سؤالها وقبل ان يجيبها اردفت بسرعة هي حتى تصيب الهدف : "انا بقول خليك هنا احسن" رفع حاجبه يرمقه بقوة : "ده الباشا تلميذ و بيتعلم بسرعة" يقصد استخدامها نفس اسلوبه المستفز في الرد،رفعت قدر رأسها للأعلى قليلاً دليلاً على الغرور مردفة بتعالي : "يلا ورايا" استدارت وقبل ان تسير خطوة واحدة مبتعدة عنه ،كان أدهم امسكها من طرحة الاسدال دون المساس بها مردفاً : "انتِ اللي تعالي ورايا" عادت من شرودها بعد تزين ثغرها إبتسامة لكن هذا لم يمنعها من التفكير كيف تعرف من هي «سارة احمد مهدي» تلك التي قرأت إسمها. اقتربت منها ندى مردفة بحماس : "يلا انا خلصت" انتبهت لـ ندى وقررت ان تسألها عنها ،نعم بالطبح بالتأكيد ندى تعرفها ،نظرت إلى عينيها بعمق مردفة تطرح سؤالها : "ندى ،تعرفي واحدة اسمها سـ.." توقفت عن الحديث عندما سمعت صوت عالي يأتي من الأسفل ،لتقول متعجبة : "هو فيه ايه" رفعت ندى كتفيها على عدم معرفتها لكن قدر لم تنتظر كثيراً مردفة وهي تخرج من الغرفة : "تعالي نشوف في إيه" بالاسفل وبالتحديد في حديقة المنزل. "طالما عايز تفسخ و انت شايف لك شوفة تانية ما كنت تقول من الأول ليه بقا اللف و الدوران من الأول" كانت نرجس وقد تملك الغضب منها لدرجة عالية جعلتها تصرخ بوجه فارس بهذه الكلمات،حاولت لين التحدث بعد ان فهمت من حديث نرجس انها خطيبته قائلة : "حضرتكِ فاهمة غلط ،والله اللي حصل ده سوء تفاهم منكِ" رمقتها نرجس بنظرات مشتعلة وحاقدة ودت ان تجذبها من خصلات شعرها وتنهال عليها بالضربات مردفة بتحذير ونبرة مغتاظة : "انتِ تخرسي خالص ،يا خطافة الرجالة" تجمعت الدموع بعيون لين من هذا الاتهام الصريح التي وجهته نرجس لها،واكتفت بالصمت ،لم يحتمل فارس اكثر مردفاً بضيق : "ما كفاية يا نرجس اللي بتعمليه ده" وفي الوقت ذاته دلف زكريا من البوابة الكبيرة للمنزل ومعه ابنائه مصطفى و ابراهيم، وات على الصوت قدر و ندى وايضاً عايدة و ريهام. اقتربت ندى من لين وهي ترى حالتها السيئة مردفة بقلق : "في ايه ،مالكِ يا لين " لا تعرف ماذا تقول لها هي في وضع لا تحسد عليه عندما رأت الجميع حولها التفتت لـ ندى مردفة بهدوء : "ندى انا عايزة اروح" صرخت نرجس مردفة بصوت عالي وهي تقترب من لين ولديها استعداد للقتال : "ما هتروحيش في حتة ،غير لما افضحكِ انتِ و سـي روميو التاني" القت بكلماتها وهي تنظر إلى فارس بغضب ،لكن كلماتها لم تكن ابداً هينة بل اشعلت نيران الغضب داخل فارس الذي قال بصوت عالي غير عابئ بوجود زكريا: "انا لما جيت عندكم البيت ماكنتش ناوي افسخ الخطوبة انا بس كنت عايز احسسكِ انس هضيع منكِ بس اظاهر اني غلطان وكان لازم ارمي الدبلة في وشكِ وقتها،بس انا خلاص زهقت وجبت اخري منكِ ومن حوراتكِ" ضرب زكريا الارض بعصاه مردفاً بحدة وهو ينظر للجميع : "مافيش احترام للكبير اللي واقف وسطيكم،في ايه " هدأ فارس من انفاسه المتسارعة مردفاً بجمود: "في يا جدي انا زي ما جيت وطلبت منك اتجوز نرجس انا بردو بطلب منك دلوقت اني مش عايز الجوازة دي وكل واحد يروح لحاله" كانت الدموع تختبأ في عيون نرجس وهي تستمع لكلام فارس الذي يمزقها من الداخل هي تحبه لا بل تعشقه وما تفعله الآن تفعله بدافع الغيرة إذاً ما الخطأ الذي اقترفته هي. بجانبها تقف قدر التي لا تفهم شيء ،اخفضت رأسها سريعاً عندما شعرت بشيء بارد يُمسك بيدها بقوة ولم تكن سوى يد نرجس كأنها تضغط عليها تحصل منها على القوة للثبات ،شعرت قدر بالرأفة على حالتها تلك و احكمت قبضتها على يد نرجس ونظرت لها بعينين تطمئنها بأن لا تقلق. خرج صوت لين ولكن هذه المرة بحدة مردفة : "ندى انا عايزة اروح بعد اذنكِ مشيني من هنا" اومأت لها برأسها ونظرت لوالدها تأخذ منه الأذن حتى سمعت صوت جدها يقول بصرامة : "روحي وصلي ضيفتكِ يا ندى" ثم وجه بصره لفارس وقال : "وانت يا فارس حصلني على الجاعة " انهى حديثه وتركهم وذهب لداخل ،واتبعه مصطفى وإبراهيم وكذلك فارس. رمقتها عايدة بشمئزاز مردفة بحنق : "منكِ لله يا شيخة دايماً منكدة على الواد" رمقتها ريهام بحدة لكنها تجاهلت نظرات شقيقتها ودلفت للداخل ،اقتربت ريهام من نرجس الواقفة بصمت لا تتحرك : "ما تزعليش يا نرجس ،انتِ عارفة عايدة مش قصدها" لم تجد منها رد شعرت بالحزن عليها ونظرت لـ قدر بمعني لا تتركيها اومأت لها قدر كأنها تخبرها لا تقلقي. تحركت ريهام لدخول إلى المنزل هي الاخرى وتدعو الله ان يجعل الأمور بينهم تسير على ما يرام. اردفت قدر بهدوء تحث نرجس على السير : "تعالي نطلع شقتنا يا نرجس" __________________________________ "اسفة على اللي حصل يا لين ،نرجس عصبية حبتين وكمان غبية وعماها حبها لفارس" اردفت بها ندى معتذرة عما بدر من نرجس تجاه لين ،لتعقب الاخرى على حديثها ببتسامة هادئة : "انا اللي اسفة لاني حاسة ان سببت لكم مشكلة " وضعت ندى يدها على كتف لين وهن يسيروا معاً مردفة بأعتراض : "ولا عملتي مشكلة ولا حاجة ،فارس بيحب نرجس ومش هيسيبها هو بس زعل من كلامها انا بس كان نفسي تقعدي معايا شوية" وصلا إلى موقف السيارات واستدارت لها لين قائلة بمزاح : "بعد اللي حصل ده ،مش هعتب بيتكم تاني" شاركتها ندى المزاح مردفة بتمني : "والله الواحد نفسه يطفش من البيت ده " "وما تطفشتيش ليه" اجابتها على مضض : "خايفة من العلقة اللي هاخدها لما يلاقوني" قهقه الإثنين على جملتها لتتحرك لين بعدها تركب سيارة أجرة ،وتتصل على شقيقها تطمئنه انها قادمة بعدما اخبرتهم انها سوف تعود للمنزل بمفردها ولم يعترض احد. __________________________________ "انا لما شفتها في حضنه دمي فار مقدرتش امسك نفسي ،انا غلط في ايه بقا" قصت عليها نرجس كل ما رأته وبررت ردة فعلها التي ترى ان معها حق ولا يحق لاحد لومها. إجابتها قدر على سؤالها بحنق : "و انتِ حبكت تيجي دلوقت وتطبي عليهم زي بوليس الآداب" كلماتها لم تجعلها تهدأ بل ذادت الطين بلة لتصرخ بها نرجس بغيظ : "انتِ عايزة تحرقي دمي" رمقتها قدر بحنق مردفة بأمتعاض : "خلاص يا بومة اهدي مش قصدي" لانت نبرة صوتها مردفة بصوت مختنق من البكاء : "قدر انا بحب فارس ومش عايزاه يسيبني " مطت قدر شفتيها مجيبة على مضض : "بالرغم انكِ حرباية ومش بتنزلي ليَّ من زور بس صعبتي عليَّ وعشان كده هساعدكِ بس لازم تسمعي كلامي وتعملي كل اللي اقول لكِ عليه" وعند نطقها للجملة الاخيرة كانت ترفع سبابتها في وجه نرجس تأمرها ،القت كلماتها على مسامع نرجس التي انتفضت في مجلسها مردفة بسعادة غير مصدقة : "بجد يا رحوما" بادلتها قدر نفس الإبتسامة قائلة : "بجد يا حربؤة " انكمشت ملامح نرجس بضيق لتكمل قدر حديثها بمرح : "خلاص ما تضيقيش اوي كده ،انا عايزاكِ تنفذي كلامي بالحرف وانا هخلي فارس ده ييجي لحد عندكِ ويعتذر لكِ كمان" جففت دموعها بيدها تقترب من قدر الجالسة لتسمع ما تقوله قدر لها وهي تكتفي بأماة من رأسها توافقها على حديثها. __________________________________ بعد صمت دام لاكثر من دقيقتين تحدث فارس وهو ينظر لكل شيء في الغرفة عدا عيون زكريا : "بعد اذنك يا جدي انا واخد قراري ومش هرجع فيه عشان لو انت جايبني هنا تقنعني ان..." قاطعه صوت زكريا الخارج بهدوء : "و انا مش جايبك هنا عشان اخليك ترجع في قرارك ولا عشان اقنعك بحاجة انت مش موافق عليها ،انت حر واظن انك كبير بما فيه الكفاية عشان تاخد قرارت مصيرية زي دي" لم تتغير ملامح الجمود المرتسمة على وجهه ببراعة ليتابع زكريا حديثه بسؤال : "انا بس عايز اسألك سؤال واحد ،انت شايف ان نرجس تستاهل كده ؟" رفع فارس عينيه له يحرك شفتيه من اجل الحديث لكن اشار له زكريا بالصمت : "مش عايز اعرف اجابتك ،بس بلاش تكون انت القاضي وهي المتهم ،لان لو جيت للحق مافيش حد فينا مش بيغلط يعني كلنا متهمين" ثم تابع حديثه بصرامة : "و لو انت عايز تسيب نرجس اعرف انك مستحيل ترجع لها تاني لأن بنات الناس مش لعبة يبقوا معانا وقت ما احنا عايزين وبردو نسيبهم وقت ما احنا عايزين ،واليوم اللي هتسيب فيه نرجس تاني يوم هيكون خطوبتها لحد يقدرها ويعرف يتعامل معاها ويحافظ عليها يا فارس " جملته الاخيرة كانت ذات مغزى استطاع فارس التقاطه ،كان يسمع خفقان قلبه المضطرب عندما تطرأ على مخيلته فكرة فقدانه نرجس للأبد وتصبح لشخص غيره ثم طرح سؤاله ينتظر اجابة جده علها تكذب شعوره : "قصدك ايه يا جدي" اردف بنبرة غليظة وحادة غير قابلة لنقاش اصابت فارس في مقتل : "يعني عقلك في راسك تعرف خلاصك ،بكره تيجيني تقول ليَّ قررت ايه لأن كلام الرجالة مافهوش رجعة ،عشان انا ما بحبش لعب العيال واظن انت فاهمني كويس" يعلم ان كلام جده لا رجعة فيه واصبح الأمر الآن جاداً غير قابل للتفاوض او التغيير ،الحديث معه صعب عليه الامر ولن يحسم أمره بسهولة. من يقول ان الاختيار بين شيئين امراً سهل ،فحيرة الاختيار اصعب من الاختيار نفسه ،عندما تجبر على شيء دون محض ارداتك ولا يعجبك تتقبله رغماً عنك لكن عندما تختار شيء واكتشفت انك اخترت الشيء الخاطئ تظل محبوس في قوقعة الندم التي لا نهاية لها. __________________________________ هبطت نرجس الدرج بعد اتفاقها مع قدر على ما يجب عليها فعله لتجد فارس يخرج هو الآخر رأها لكن قرر تجاهلها يكمل طريقه في الخروج لكن سمع صوت نرجس تنادي بأسمه : "فارس استنى" رفض الاستجابة من المرة الأولى لتعيد ندائها بألحاح اكثر : "فارس استنى لو سمحت" وقف فارس يعطيها ظهره نظرت نرجس لأعلى الدرج وجدت قدر تقف في نهايته مختبأة حتى لا يراها فارس ،مشيرة لـ نرجس تحسها على الذهاب و التكلم وبالفعل ذهبت نرجس لتقف امامه منتظراً ان يرى دموعها وتوسلها له او على الاقل اعتذار عما بدر منها منذ قليل لكن على حين باغتة صدمته بردها : "انت معاك حق في كل كلمة قولتها قبل كده ،انت فعلاً اتعذبت كتير واستحملت وانا ما يرضنيش عشان كده.." انتظر ان يسمع باقي حديثها الذي ات وهي تخلع خاتم الخِطبة المزين يدها اليمنى وهي تضعه في يده تتذكر حديث قدر: "عرفيه انكِ بايعة انتِ كمان ومش بس كده لازم تعرفيه بطريقة غير مباشرة ان في حد مستني تفسخي عشان يخطبكِ بس اوعي يا موكوسة تعكي في الكلام ويفهم من الكلام انكِ بتخونيه " استعادت ثباتها مردفة بقوة عكس الانهيار داخلها مردفة بالامبالاة : "عشان كده كل واحد لازم يروح لحاله ويشوف نصيبه وانا عرفت ان نصيبي مش معاك يا فارس ،وكفاية لحد كده" ارتعب اكثر من تأكيدها لحديث جده مردفاً ببرود عكس العاصفة داخله : " و انتِ بقا عرفتي منين ان نصيبكِ مش معايا" لمعت عيناها بخبث تبتسم مع قولها الماكر : "عشان واحد بيمشي بييجي غيره عشرة بس المرة دي هختار على اقل من مهلي ابو عيالي" اقترب منها وعيناه تخرج شراراً من شدة غضبه مردفاً بفحيح : "طب خلي حد يقرب لكِ و انا اشوه لكِ وش امه" كانت تشعر بأن قلبها يتراقص في قفصها الصدري من شدة الفرح وهي ترى غيرته التي جعلتها تتأكد من حبه لها. اسرعت قدر بهبوط الدرج سريعاً عندما رأت ابتسامة نرجس البلهاء ترتسم على وجهها اقتربت منهم تبتسم بسماجة متدخلة في الحديث حتى لا تفسد نرجس الخطة وتخبره ان كل ما تقوله كذب هي فقط تريد استفزازه. "نرجس يا حبيبتي، باباكِ اتصل وبيقول لكِ متتأخريش" وضعت قدر ذراعها في ذراع نرجس عنوة تسحبها خلفها وهي تقول ناظرة لفارس : "عن اذنك يا فارس " خرجن الإثنين من المنزل ،وعندما تأكدت قدر من ابتعادهن عن المنزل اردفت بزمجرة : "يلا ياختي روحي ،كنتِ هتبوظي الخطة" رمقتها نرجس بخوف وقلق من فشل الخطة فشل ذريع مردفة بغلظة : "انتِ يابت عارفة انتِ بتعملي ايه ولا هتخربيها وتقعدي على تلها" جحظت عينيها مكرر حديث نرجس بصدمة : "بت و هخربها واقعد على تلها؟! " اقتربت ندى منهن بعد توصيلها لين ورأتهم يقفن هكذا لتسمع قدر وهي تتابع حديثها بحنق مردفة بضيق : "تصدقي خسارة في اهلكِ اللي بعمله ،غوري يا نرجس من قدامي بدل ما اطلع جناني عليكِ دلوقت" لوت شفتيها بسخرية لتقوم بالردح مع حركة شعبية فعلتها بشفتيها : "لأ ده انتِ تقفي معوج وتتكلمي عِدل انتِ ماتعرفيش مين نرجس اظبطي كده بدل ما اظبتكِ انا" كانت الصدمة حليفة قدر لا تصدق ان هذه نفسها التي كانت تشعر اتجاهها بالحزن والشفقة منذ قليل ،وقامت بمساعدتها حتى تعود لفارس وبدلاً من أن تشكرها تسبها. رمقتها ندى بنظرات حارقة من هذه الوقحة فهي لم تنس ما فعلته مع لين منذ قليل ،كادت تتحدث وقد تملك الغضب منها لكنها وجدت قدر تقترب من نرجس وهي تنظر إلى اعين نرجس بقوة اربكتها قليلاً لكن لم تظهر ذلك لتقول قدر كأنها تحدث ندى وهي مثبتة بصرها على نرجس وعلى وجهها إبتسامة استفزت نرجس : "أحياناً كده يا ندى الواحد بيبقا محتار يطول باله ولا يطول لسانه ولا يطول ايديه و يلطش في اللي قدامه" اردفت نرجس بحقد ينهشها من الداخل : "لو على الضرب انا ممكن اجيبكِ من شعركِ وافرج الحارة دي كلها عليكِ ،بس انا مش هعمل كده عشان مش عايزة اوسخ ايدي مع واحدة زيكِ" تنشر رذاذ كلماتها السامة التي تشبه سُم العنكبوت الأسود الذي نجح في اصابت ندى بالغضب على عكس قدر الهادئة فمثل هذه المواقف لا تحتاج إلى العصبية حتى لا تخرج منها مهزوماً بل تحتاج الى ترو و هدوء حتى تجد الرد المناسب و القوي. رمقتها قدر بأشمئزاز مردفة بتقزز : "امكِ كان عندها حق ،ترجع وهي حامل فيكِ" القت نرجس نظراتها الحارقة و المشتعلة على كلاً من قدر و ندى مردفة بغيظ : "انا مش هرد عليكِ و اقلل من نفسي" لم تختفي ابتسامة قدر السمجة مردفة بهدوء : "لأ انتِ مش محتاجة تقللي من نفسكِ لان أنتِ اصلاً قليلة " كانت ندى ترى الدخان يخرج من أذن نرجس وتسمع صوت صفير من شدة الغليان واحتراق دم نرجس ،التي نفخت وجنتيها تكتم غيظها تاركة خلفها ندى وقدر تسمع ضحكاتهم العالية. ضربت قدر كفها بكف ندى التي اردفت قائلة : "ده انتِ خلتيها تولع ،بس تستاهل الحرباية دي" ثم تابعت حديثها بسؤال متعجبة : "بس ازاي كنتِ باردة كده ،ده انا دمي فار وكنت عايزة اجيبها من شعرها بنت القرعة دي" قهقهت قدر على جملة ندى الاخيرة مجيبة عليها وهي تضع يدها على كتف ندى تحثها على السير : "انا مبدأي في الحياة عايزة تعيشي مرتاحة لازم تتعلمي التطنيش والبرود والتناحة" __________________________________ تمنحك الحياة السعادة و الأمل من اجل ان تعيش سعيداً لكن قد يأتي القدر يسلبهم منك،و تختفي ابتسامتك وتحل مكانها العبوس ،فالحياة دائماً توقعك في المخاطر وتجبرك على المجازفة. تجلس على فراشها تتأمل العروس اللعبة وهي تسند رأسها بيديها الإثنين وعلى وجهها إبتسامة تتسع كلما تسقط عينيها على تلك الجملة التي دونها مراد بخط يده عندما ابتاعها لها امس. «مُمرضة انتِ تُطيبِ الجَرُوح ،و انا جُرحي برؤياكِ يختفي و يَزُول» لتتحول إبتسامة الحب والهيام إلى ضحك مرح عند تذكرها وهي تجلس معه وسمعت رنين هاتفها معلناً عن قدوم إتصال من زميلة عملها سحر قامت بالرد عليها بعد سماعها تلقي على سمعها كلمات التعازي ثم حمحمت مردفة بأحراج : "انا عارفة يا هبة انكِ في اجازة والظروف عندكِ مش احسن حاجة بس انتِ خدتي اجازة مرة واحدة وكنت..." قاطعتها هبة مردفة بهدوء تزيل الحرج عنها: "مافيش مشكلة ياسحر ،قولي ليَّ في إيه" ات صوت سحر من الجانب الاخر مردفة وهي تقرأ اسم مريض تولت هي رعايته بعد ذهاب هبة نظراً لأن هبة تعمل في العناية المركزة ويوم بالاسبوع تعمل به في قسم الطوارئ : "المريض عيد منصور عيد هو في Coma بس انا مش عارفة التغذية بتاعته هتكون عن طريق ايه" كانت صامتة تتذكر هذا المريض لكن لم تطيل الصمت حين اجابت على سحر قائلة : "احنا بنغذي العيان ده TPN " انهت هبة مكالمتها مع سحر لتجد مراد ينظر لها بذهول مردفاً بأندهاش: "هبة ،تبن ايه اللي بتأكلوه للعيان؟!!" لم تستطع هبة تمالك نفسها من الضحك ،ظل مراد يحدق بها ينتظر اجابتها على سؤاله ،وبالفعل تنهدت بصعوبة متحدثة بتوضيح : "مراد الـ TPN ده كل حرف فيه اختصار لكلمة يعني Total parenteral Nutrition و دي من ضمن طرق التغذية للمريض اللي في غيبوبة معناها التغذية عن طريق الوريد لما يكون المريض ده الجهاز الهضمي عنده مش شغال نهائي" كان ينظر له يركز في نبرة صوتها ولمعة عينيها وحماسها في الشرح له يبدو انها تحب عملها عكسه هو ،مردفاً بسؤال اخر جعلها تسترسل في الحديث أكثر : "طب لو المريض الجهاز الهضمي شغال عنده عادي بتغذوه عن طريق ايه" كانت تحاول تبسيط الامر له حتى يفهم بسهولة مردفة : "ممكن نغذيه عن طريق gastrostomy tube و دي فتحة في البطن متصلة على المعدة و بندخل منها الاكل او ممكن Colostomy دي بتبقا في القولون وفي بردو عن طريق gavage feeding اللي هي الرايل ودي اكتر واحدة شائعة بنستخدمها بتبقا tube بتدخل من البؤ او المناخير لحد ما توصل للمعدة" انتهت من سرد جزء بسيط من عملها حتى باغتها بسؤال : "هبة انتِ بتحبي شغلكِ" اخذت نفساً عميقاً واخرجته على مهل تؤمأ له بالايجاب : "بحبه جداً" اردف مراد مازحاً : "يا بخته" ابتسمت بخجل حتى باغتته بنفس سؤاله : "و انت يا مراد بتحب شغلك" صمت قليلاً مردفة بعد اخراجه زفيراً قوياً : "مش كدب عليك و اقول لكِ ،بحبه بس على الاقل بقيت متقبل فكرة كوني محامي" التقطت هبة نبرة الحزن واليأس في صوته مردفة بهدوء وهي تنظر له : "سمعت جملة لشيخ حازم شومان بيقول فيها «ان كان المنع من عند الله فهو قمة العطاء» يعني إلا منعها عنك ربنا لازم تبقا عارف انه منعها عشان شايل لك الأحسن منها 100 مرة،ده ربنا حرم على موسى المراضع عشان يوديه قصر فرعون ويرجعه لحضن امه ،اوعى تزعل يا مراد ان ربنا منع عنك حاجة هتعرف بعدين انها قمة الخير ليك" ابتسم بمرارة على حديثها فهو ابداً لم ينسى حلمه ان يكون ضابط شرطة مردفاً بنبرة يشوبها الألم وفقدان الأمل : "ياريت كان الموضوع بالسهولة دي ماكنش حد تعب في حياته " تابعت حديثها ولم تختفي ابتسامتها المصاحبة لحديثها الذي يريح القلب : "لأن الناس عندها قصر نظر يا مراد ،مش بنقدر نقتنع ان ده الخير ،ده كفاية دعوة ام طالعة من قلبها لما تخرج ابنها المسجون ظلم وترجعه لحضنها" رفع عينيه عليها يتأمل وجهها البشوش يستمع إلى حديثها الخارج من قلبها يدخل قلبه هو الاخر لـ تختم هبة حديثها بقولها : "كل واحد فينا مبدع ومميز في مكانه وياسلام لو المكان ده ربنا هو اللي اختارهوله." ابتسم على جملتها لكن هذه المرة ابتسم بفرحة واقتناع بحديثها يحدق بها بأعجاب شديد يبدو انها اثرت قلبه واصبحت كل نبضة تخرج منه تنبض بأسم هبة. تنحنحت بخجل من نظراته لها متحججة بالوقت : "مراد لازم امشي عشان كده اتأخرت" وقف مراد مردفاً وهو يشير له ان تتمهل : "استني هنا دقيقة" وقبل ان تسأله إلى اين ذاهب رأته يتحرك ووقف امام رجل يبيع العرائس الصغيرة المصنوعة من البلاستيك و هناك منها مصنوع من القطن والذي تفضله هبة وجدته ابتاع واحدة ومعه قلم يدون عليه الجملة التي لم تمل من قرأتها حتى الآن. __________________________________ "بصراحة انا مش بحب البت نرجس دي بس ده مايمنعش انها صعبتي عليَ" نطق بها إبراهيم وهو يخرج ثيابه من الخزانة متحدثاً مع عايدة الجالسة على الفراش شاردة ،تابع ابراهيم حديثه مردفاً : "بس تفتكري فارس هيسيب نرجس بعد كل اللي عمله عشان ياخدها ولا هو مش بيحبها اصلاً" انتظر يستمع إلى رأيها لكن عندما طال الصمت استدار إبراهيم بعد اغلاقه باب خزانة الملابس والتفت لها ينادي عليها : "عايدة ،عايدة روحتي فين" "ها" همهمة بسيطة خرجت منها بعد عودتها من تفكيرها ليعقب إبراهيم ساخراً : "ها ايه؟ بقالي ساعة بتكلم وانتِ ولا هنا سرحانة في ايه" امتعض وجهها مردفة بضجر : "يعني انت عاجبك اللي عمله سليم ده" اقترب إبراهيم وجلس جوارها مردفاً بتفكير : "ماله سليم عمل ايه ،ولا انتِ قصدكِ على الصاروخ..." لاحظ نظرات عايدة المشتعلة ليحمحم مردفاً بتصحيح : "البنت اللي جت تسأل عليه امبارح" امتعض وجهها ليتحدث إبراهيم بتفهم يدافع عن إبنه : "يا عايدة اكيد واحدة شغالة معاه مش لازم يعني يكون ما صحابها " اردفت بغيظ : "شغالة معاه ايه دي ،انت ما شفتش لبسها ،لبسها ده مايسمحش ليها انها تشتغل غير رقا,صة" كتم إبراهيم ضحكه مردفاً دون وعي منه : "بس ذوقه حلو الصراحة" جحظت اعين عايدة ترمقه بسخط مردفة بصراخ : "انت هتبقا انت و ابنك مش كفاية عليَ صايع واحد هيبقوا اتنين!!" رأى إبراهيم طبقة شفافة من الدموع تتكون في عيون عايدة ،وضع يده على ظهرها يأخذها في حضنها مردفاً بهدوء : "سليم ابنكِ راجل وعارف هو بيعمل ايه ،وتربيتكِ عمرها ما تخيب يا عايدة" سقطت دموعها وهي في حضنها مردفة بعتاب : "طب وبالنسبة لتربيتك انت نظامها ايه" ضحك إبراهيم بخفة على غيرتها من تغزله بالفتاة المدعوة شوشو او شاهندا كما اخبرهم سليم مردفاً بحب : "مهما العين تشوف يا عايدة ،عيني مش هتشوف غيركِ" ابتسمت على حديثها مردفة بحزن طفولي : "مش كان من شوية ذوقه حلو؟" خرجت نبرته الصادقة متحدثاً بعشق : "بس ذوق ابوه احلى ،عشان عرفت اختاركِ" اختفى الحزن والغضب بمجرد كلمات قد يراها البعض عادية لكنها عند النساء كالسحر او اكثر لأنها ذات تأثير قوي على قلوبهن فمهما كبرت النساء عمراً سيظل الخجل يفرض سيطرته عليهن كالفتاة في عمر المراهقة. __________________________________ تجلس في نفس المكان الذي شهد حزنها وبكائها الصامت وهو نفس المكان الذي التقت بأسر به اول مرة تراه ،لكن هذه المرة تجلس وعلى وجهها إبتسامة تستنشق الهواء الطلق تنعش به ذاتها ،تترك نسمات الهواء تداعب وجهها بخفة ناظرة إلى النيل تتأمل المكان من حولها ،حتى تجد صوت يقتحم خلوتها الهادئة: "شكل امي دعيالي عشان اجاي و اشوفكِ هنا" استدارت برأسها وهي بداخلها تعلم من صاحب الصوت وبالطبع لم يكن سوى اسر الذي تابع حديثه وهو يجلس جوارها : "تسمحي لي اقعد جمبكِ" رفعت حاجبها مردفة بسخرية : "انت قعدت اصلاً مش محتاج تستأذن" اردف وهو ينظر الى نهر النيل : "وشكِ منور عن المرة اللي فاتت" كان يقصد اول مرة التقى بها ،كانت شاحبة يائسة مخذولة،استدرات بنصف رأسها تقول وعلى محياها إبتسامة : "ما انا قررت اعمل بنصحيتك و اشوف حياتي بدل ما افضل اعيط على اللبن المسكوب" قهقه اسر مردفاً : "حلوة اللبن المسكوب دي عجبتني ما كنتش اعرف اني بقول حِكم كده" رمقته بسخط تستند بيديها حتى تستطيع الوقوف مردفة بأنزعاج : "عن اذنك عشان المغرب أذن" وقف اسر امامها يحثها على السير معاً : "طب استني هوصلكِ" رمقته بضيق مردفة بحدة : "لأ انا عايزة امشي لوحدي" شبك اسر ذراعيه امام صدره مردفاً وعلى محياه إبتسامة : "في حد يقدر يمشي من غير جزمته" رمشت وردة عدة مرات تستوعب ما نطق به اسر هل سب نفسه لتو لم تستطع وردة تمثيل الجدية وانفجرت في الضحك ، تعجب اسر من ضحكها ليفكر في جملته اتسعت عينيه مردفاً بسرعة : "انا مش قصدي كده وربنا" وضعت وردة يدها على فمها من كثرة الضحك مردفة : "اول مرة اشوف حد بيقصف جبهته " انهت جملتها لتخر في الضحك ثانية ،ظل اسر يتأمل ملامحها عن كثب حتى ارتسمت بسمة تلقائية على ثغره ،لاحظت وردة نظراته تحمحم بحرج لكن اردف اسر مع ابتسامته : "طب هتسبيني اوصلكِ ولا واطلب ليَ حاجة اشربها احسن" __________________________________ طرق الباب بهدوء ودلف عندما سمع صوتها تسمح له بالدخول،دلف سليم وكانت احدى يداه مخبأة خلف ظهره مردفاً ببتسامة : "إبراهيم قال ليَ انكِ زعلانة مني" تغاضت عن نطقه لاسم والدها مردفة بضيق : "عايز ايه يا سليم" دلف إبراهيم إلى الغرفة هو الاخر لكن ظل واقفاً ،اما سليم اقترب من والدته ينهر نفسه : "لأ ده شكل الموضوع كبير وانا زعلتكِ جامد" رمقته بسخط مردفة بعصبية : "وانا مش عايزاك تصالحني ولا عايزة اتكلم معاك اصلاً ويلا اخرج برى " اخرج سليم يده المخبائة خلف ظهره وفتح العُلبة مردفاً بمكر : "انا كنت جاي اصالحكِ وجايب معايا المدلعة اللي بتحبيها بس طالما مش عايزة خلاص انا مضطر اكلها لوحدي" كان مظهرها شهي للغاية لم تستطع عايدة المقاومة مردفة بتلعثم : "هات كده حتة" ابتسم سليم يقبل رأسها بحنان مع قوله : "العلبة كلها ليكِ ،انا عندي كام عايدة يعني عشان ازعلها مني" اخذ سليم قطعة من الحلو وقربها من فم امه مردفاً : "كلي دي من أيدي" فتحت فمها واكلتها منه بأستمتاع ،فقال سليم بمرح : "طب بذمتك بابا اخر مرة جاب لكِ فيها حاجة امته" حولت عايدة بصرها إلى إبراهيم مردفة بانزعاج : "من زمان ما جبش حاجة" اعتدل إبراهيم في وقفته مردفاً بحنق : "انت ياض عشان تصالحها تخليها تنكد عليَ انا" استشاطت عايدة مردفة بغضب : "قصدك ان انا نكدية يا إبراهيم" رفع سليم يديه في الهواء مردفاً ببتسامة : "ما جبتش حاجة من عندي" رمقه ابراهيم بغل وحقد لكن ابعد بصره إلى عايدة التي وقفت عند خزانة الملابس اقترب منها إبراهيم مبرراً : "قصدي اقول اني مش بحب اشوفكِ زعلانة" هدأت قليلاً ليوجه إبراهيم بصره إلى سليم الذي يأكل من الحلوة يشاهدهم بأستمتاع فتحدث إبراهيم بضيق : "ما تتكلم يالا" ترك سليم العُلبة الكرتونية من يده ونظر الى والدته مردفاً : "بصراحة يا ماما بابا عمره ما قال عليكِ نكدية" تنفس ابراهيم براحة قائلاً : "شوفتي" لكن احتدت ملامحه عند سماعه باقي حديث سليم : "بس بيقول عليكِ زنانة وعقلكِ صغير وبتزعلي من تفاهات " ضربه إبراهيم في قدمه يوبخه : "اخرس يالا" ثم نظر إلى عايدة التي تشتعل من الغضب : "انا زنانة وبزعل من تفاهات يا ابراهيم ،طب وربنا ما انا قاعدة لك فيها" وقف سليم وتحرك لهم متحدثاً بضيق مصطنع : "تمشي فين يا امي بس عايزة الناس تقول علينا ايه" سعد إبراهيم عندما رأى علامات اللين على وجه عايدة لكن فتح عينيه من الصدمة عندما تابع سليم : "استني للصبح وانا هلم لكِ هدومكِ بنفسي" عنفه إبراهيم في قوله : "امشي يا ابن الكلـ...ـب من هنا" تحدث سليم بهدوء استفز إبراهيم : "بتشتم نفسك على فكرة" صاح به إبراهيم : "اطلع برى يالا" خرج سليم من الغرقة بعد اغلاقه للباب يضحك على والديه حتى رأى مراد امامه اختفت ابتسامته وكاد يتحرك حتى ذهب من هنا لكن وقف مراد امامه مردفاً بأعتذار : "حقك عليَ يا سليم ،انا عارف اني غلطت فيك وماكنش ينفع اقول الكلام اللي قولته" "بس قولته يامراد" نطق بها سليم بحدة لكن هذا جعل مراد يحزن من نفسه اكثر مردفاً بتوسل ورجاء ظهر في عينيه قبل صوته : "انا اسف يا سليم ،ما تزعلش مني" ابعد سليم بصره عن مراد ينظر للجهة الاخرى ،لكن ذلك لم يمنع مراد من قوله : "حقك تزعل مني ،بس بلاش تنام فوق السطح انا معرفتش انام امبارح وانت مش في الاوضة" تحرك مراد خطوتين مقترباً من باب الشقة لكن سمع صوت سليم ينادي عليه التفت وجد لكمة تلتحم بوجه تأوه بألم وهو يسمع سليم يقول : "دي عشان غلطت في اخوك الكبير" وعلى حين غرة اخذه سليم في عناق مردفاً بنبرة لينة : "وده عشان احنا اخوات والاخوات ما بيزعلوش من بعض" شدد مراد من عناقه هو الاخر مبتسماً ليسمع سليم يتابع حديثه بمرح : "وبصراحة ضهري وجعني من النوم فوق السطح" ضحك الإثنين بخفة ثم نزلوا الدرج سوياً الذي شهد على حبهم و مزاحهم معاً. «اسف» كلمة من ثلاث حروف هي بمثابة الضمادة على الجروح فقط عندما تأتي في الوقت المناسب. __________________________________ القى بمفاتيحه على الطاولة مردفاً بضيق : "خير يا هشام يارب يكون عندك حاجة مهمة عشان تطلب تقابلني" ابتسم هشام بخبث مردفاً وهو يتقدم بجسده للإمام : "لأ عندي ،واللي عندي هيعجبك" رد الجالس بزمجرة : "اخلص يا هشام " "ندى" نطق بها هشام ليثير انتباهه وبالفعل نجح في ذلك عندما وجده يقول : "مالها ندى ،عرفت تعمل اللي اتفقنا عليه" اومأ له بثقة مردفاً وعلى محياه ابتسامة ثقة : "واكتر كمان وحياتك ياطارق" قطب جابينه مستفسراً : "اكتر ازاي يا هشام" عقب هشام قائلاً : "قابلتها امبارح وجريت معاها ناعم وكمان طلبت ايديها للجواز" ضرب طارق الطاولة بيده مردفاً بعصبية : "انت اتجننت انا بقول لكِ فهمها انكِ معجب بيها مش تتزفت على عينك وتتقدم لها" كان هشام ينظر حوله بترقب مردفاً بهدوء : "اهدى يا طارق الناس خدت بالها" زفر الهواء بقوة يحاول الهدوء مردفاً بحنق : "انا يابني ادم مش قايل لك علقها بيك وبعدين اخلع عشان اعلم عليها بتتصرف ليه من دماغك" تحدث هشام يبرر تصرفه : "عشان اللي زي ندى دي ملهاش في الشمال وانا كان لازم اعمل كده عشان تتأكد ان نيتي خير بس انا مش هتقدم لأهلها ولو اتكلمت معايا في الموضوع ده هفضل اتحجج لها بـ 100 حجة" ابتسم طارق برضا وهو يغمز له : "ما طعلتش سهل بردو يا هشام" تحدث هشام بجشع ونبرة خبيثة : "صح انا بحب ندى ،بس بحب الفلوس اكتر" نظر طارق إلى نقطة وهمية مردفاً بشر : "عشان تعرف مين هو طارق ثابت فضل" طارق هو ذلك الشاب الذي حاول سابقاً ان يزعج لين ويتقرب منها لكن ندى كانت له بالمرصاد وهو نفسه شقيق الضابط الذي ات للحارة الشعبية عندما قام صفوت بالابلاغ عن احفاد المنشاوي و والده ثابت فضل مدير الشركة التي يعمل بها احمد. __________________________________ لا شيء يبقى على حاله الدائم كل شيء يتغير ،حتى و ان خالف قوانين الطبيعة فـ سيأتي اليوم الذي تخالف فيها الشمس طبيعتها وتشرق من الغرب،هكذا هو حالنا متغير ومتقلب من حال إلى حال. يجلس في مكتبه يتحدث عبر الهاتف قائلاً : " انت عارف يا صالح اني ما بجيش السباق في رمضان" سمع صالح يقول من الناحية الاخرى : "و هو سباق الخيل بيبقا سباق من غير وجودك يا أدهم " تنهد أدهم قبل حديثه قائلاً : "انت عارف يا صالح ان جدي ما يعرفش حاجة عن السباق ده ،و لو عرف هيزعل و انت عارف زعل زكريا المنشاوي بيبقا عامل ازاي" ضحك صالح متذكراً ماذا فعل به زكريا سابقاً مردفاً بضحك : "انت هتقول ليَ ،ده خلاني امسح السطح بتاع بيتكم في المطرة والجو تلج بالفلينة والشورت ،عشان كنت بعزم على سليم بسيجارة وكانت اخر سيجارة اشربها في حياتي" تبادل الاثنين الضحك فجده شديد الصرامة والجميع يهابه،تنحنح صالح مردفاً بألحاح : "في سباق للخيل بعد العيد وانا عايزك فيه" كل ما حصل عليه هو الصمت لكن سرعان ما رأى نور الامل يقترب منه عند سماعه لـ أدهم يقول : " ماشي يا صالح النمر راجع الـ Race من تاني" سمع أدهم صوت تهليله من شدة الفرح ،اغلق أدهم الهاتف حتى يقوم بأداء عمله لكن وجد الباب يفتح مرة واحدة يندفع منه سليم الذي قال : " مصيبة يا أدهم" __________________________________ على الجانب الآخر كان احمد شارد الذهن لا يفعل شيء سوى التقليب في اوراق العمل بشرود فقد اتته منذ قليل رسالة نصية لكن هذه المرة من تطبيق يسمى Messenger والذي كان محتواه : "عشان اسهل عليك الطريق ،سليم ابن عمك ما تثقش فيه اوي " وقبل ان يرسل احمد له اي شيء قام الشخص المجهول بحظره،عاد احمد من شروده على رنين هاتفه المستمر المعلن عن اتصال من علا التي حاولت الإتصال به كثيراً لكنه يرفض الرد ،رفع الهاتف قليلاً وقام بأطفائه. عاد مراد من عمله فكانت ملامحه مرهقة بشدة اردف وهو يرى والدته امامه : "انا داخل انام اللي هيصحيني قبل المغرب هفطر عليه " قهقهت عايدة ثم اقتربت منه مردفة بهدوء : "ادخل انام وانا مش هخلي حد يزعجك وانت نايم" التقط يدها مقبلاً إياها : "ربنا ما يحرمني منكِ يا ست الكل" ابتسمت عايدة مردفة بعبث : "وعشان الدعوة الحلوة دي انا عامل لك ورق العنب اللي بتحبه" اردف مراد بتذمر : "طب انام ازاي انا دلوقتي ،يرضيك انام واحلم اني سايق طبق المحشي ورايح الشغل" ثم تابع بتفكير : "مش اللي بيسافر معاه رخصة للفطار " مطت عايدة شفتيها بسخرية: "ايوة ده اللي بيسافر انت داخل تنام هتسافر فين" عقب مراد على حديثها بجدية : " لأ ما انا بسافر بعقلي لحد هبة" رمقته عايدة بسخط مردفة بتهديد : "غور ياض من هنا بدل ما افتح دماغك" دخل مراد غرفته يتمتم بالكلمات التي لم تصل الى مسامع عايدة والقى بجسده على الفراش حتى يخلد للنوم لكن سمع رنين هاتفه وجدها هبة حدث نفسه قبل الرد عليها قائلاً : "هي هبة ناوية تعمل معايا زي دنيا سمير غانم ما عملت في احمد حلمي في X لارج ولا ايه" وضع الهاتف على اذنه يقول : "الو ،ايوة يا هبة" انتفض مراد عند سماعه شهقاتها من البكاء مردفة بصوت مبحوح : "الحقني يا مراد انا في مصيبة" ...لسه الحكاية مخلصتش... بارت طويل اهو وان شاء الله مش هكررها تاني 😂😂 يارب يعجبكم و توقعكم للجاي. #صدفة_ام_قدر #العشق_الخماسي #سميه_عبدالسلام الفصل السابع والعشرون من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات