رواية عروستى ميكانيكي الفصل السادس و العشرون بقلم سما نور الدين
التمعت بعيني إبراهيم نظرة إعجاب واضحة وهو يتفحص ملامحها بتمعن ، فاقترب أكثر منها وحاوط خصرها وذراعيها المتكتفة خلف ظهرها بذراعيه القوية ، ثم مال برأسه وأغمض عينيه منتشياً وهو يغمس وجهه بشعرها وهمس بصوت مسموع من بين قبلاته :
- أنثى .. أحلى أنثى ، أنثى مجنناني ومطلعة عيني .
ظهر الإرتباك والتوتر بوضوح فوق صفحة وجهها ، وارتج جسدها الذي شعر ولأول مرة بمن يحتله ويعبث بملامحه وكأنه يبحث عن شيء ما بين أرجائه ، رمشت بعينيها عدة مرات حتى أغمضتها وهي تحاول هباءاً وبقوة واهية فك أسر جسدها من بين ذراعيه ، لتجده يتمادى عندما رفع يده يزيح شعرها حتى يستطيع ملامسة رقبتها بشفتيه ، كادت أن تنهار قواها وتخونها إرادتها ففتحت عينيها عن أخرها لترى انعكاس مايحدث بالمرآة ، انتفضت من بين ذراعيه واستدارت لتواجهه فاستجمعت بشق الأنفس الباقي من قواها الهاربة لتصيح بصوت مبحوح متلعثم وهي تلوح أمام وجهه بذراعها :
- أنت .. أنت بتعمل إيه ؟!!!
ارتسمت فوق شفتي إبراهيم ابتسامة ماكرة وقال بصوت قوي وهو فاتحاً ذراعيه :
- في إيه يا إيمان هكون بعمل إيه يعني !! الأنثى مراتي وبحضنها .
وعندما تقدم ناحيتها رفعت إصبعها أمام وجهه وهي تصيح بصوت مرتجف :
- إياك تقرب خطوة واحدة أنا بقولك أهو ، أنت فاكرني إيه !! وكمان هي صرخة واحدة وهتلاقي نفسك متعلق على باب الحارة .
هز إبراهيم رأسه بتعجب وهو يقول :
- هاكون فاكرك إيه مثلاً !! وكمان هتقولى إيه لأهل الحارة لو صرختي الحقوني جوزي عايز يبوسني بعد ما اتحرشت بيه بدل المرة مرتين .
اتسعت عينيها وهتفت بقوة وهي تشير لنفسها بصدمة :
- أنا اتحرشت بيك أنت وكمان مرتين ، عيب على فكرة هيب لما تبقى باشا طويل وعريض كدة وتكدب عيب أوي .
هز رأسه بالنفي وقال وابتسامة ماكرة تداعب شفتيه :
- أنا مش كذاب ، أول مرة ياستي وأنا شايلك فاتعلقتي برقبتي زي الطفل الصغير وقولتيلي .. .
مال إليها وهو ينطق بكلمته الأخيرة ، فأمسكت إيمان بمقدمة جلبابها وقالت بتلعثم وهي تحاول أن تحافظ على ثباتها عبثاً :
- ها .. هكون قلت إيه يعني !! أي كلام فارغ .
اقترب أكثر منها وهمس أمام وجهها وعينيها المتسعة :
- قولتيلي ريحتك حلوة أوي يا هيما ماتجيب بوسة ، وأهو تاني مرة دلوقتي بتوريني أد إيه إنك أنثى يبقى مين اللي بيتحرش بمين يا هانم .
أصابتها نوبة من السعال عندما حاولت أن تنفي تلك التهم عنها ولكنها ظلت تسعل حتى أدمعت عينيها فحاوطها إبراهيم الذي شعر بالقلق عليها وأخذ يربت فوق ظهرها بهوادة وقال :
- اهدي يا إيمان اهدي ، يابنتي أنتي مراتي .
توقفت عن سعالها بشق الأنفس وتراجعت للوراء وهي تضع يدها فوق صدرها وتقول بجدية :
- آااه ماهي دي بقى الكلمة اللي بيضحكوا بيها الشباب المحسوكة على البنات الهبلة عشان يوقعوهم ، قال يا بت أنتي مراتي قال ، لا يا باشا فوق واصحى مش كل الطير أنا الأسطى إيمان أحمد .
صدحت ضحكات إبراهيم عالياً ، وضرب كفيه ببعضهما وهو يقول مؤكداً لها :
- بس أنتي فعلاً مراتى يا أسطى إيمان أحمد .
أدركت حقيقة ما قاله بالفعل فلوحت له بيدها وحاولت أن تهرب بعينيها عن عينيه التي لا تحيد عنها فقالت بتلكؤ :
- أيوة ما .. ما أنا عارفة بس جوازنا إحنا غير جواز المتجوزين بعد الجواز بجد .
تقطب جبينه وضاق مابين حاجبيه وهو يميل لها بجذعه متسائلاً بتعجب :
- نعم !! جواز مين ومتجوزين إيه ، أنا مش فاهم .
تعالى صوتها الحاد وقالت بعد أن فاض بها الكيل :
- الخلاصة يا باشا إن قلة الأدب اللي حصلت من شوية متتكررش تاني أنا بقولك أهو ، وسيبك من حوار يا بت أنتي مراتي ويا جدع أنت بعلولتي .
تنهد إبراهيم بيأس وتقدم ناحيتها خطوة واحدة بهدوء فتراجعت بحركة لا ارادية لتصطدم بحافة المنضدة ، فأسرع إبراهيم بقوله وهو يشير لها بيده أن تهدأ :
- هو إحنا مش اتفقنا إننا نتعرف ونقرب من بعض علشان نفهم بعض أكتر .
أسرعت هي بدورها لتهرب من محاصرته لها فتخطته لتقف بمنتصف الصالة وهي تتخصر قائلة بعصبية :
- وهو التعريف والتقريب مايبقاش إلا بالنحنحة والسيكو سيكو .
ضاقت عينيه وقبل أن يتسائل مرة أخرى عن معني كلماتها التي تشبه اللوغاريتمات ، تابعت وهدرت أمامه بقوة :
- اسمع بقى لما أقولك يا باشا أنا اتفقت مع عمتك يوم كتب الكتاب هناك في بلد التراكوة ، إن جوازنا من غير قلة أدب مات الكلام آمين .
ارتسم الغيظ فوق ملامح وجهه وقبل أن يخطو ناحيتها سمعا رنين جرس الباب ، فأسرعت إيمان لفتحه لتجد صديقتها عزة تقف متخصرة وقالت بعد مامطت شفتيها :
- تيجي وتباتي ولغاية دلوقتي ماشوفكيش .
أمسكتها إيمان من تلابيب عبائتها ودفعتها داخل أحضانها بقوة وهي تهتف :
- حبيبتي جيتي في وقتك بالظبط .
دارت حدقتي عزة بتعجب وقالت مستغربة :
- هو في إيه مالك يا بت ؟!! أوباا الباشا منورنا .
نفضت عزة إيمان من بين ذراعيها بقوة واتجهت ناحية إبراهيم الذي كان ينظر شزراً لزوجته التي كانت تهرب بعينيها بعيداً عنه ، مدت عزة يدها للمصافحة وقالت :
- أهلاً يا باشا أنا كنت هروح الشركة بس النهاردة الجمعة زي مانت عارف ، فبكرة إن شاء الله أروح ولا سيادتك رجعت في كلامك .
صافحها إبراهيم وقال بصوت جاد :
- لا يا آنسة عزة أنا مابرجعش في كلمتي ، وأول ماتسلمي ال C.V بتاعك بكرة هتستلمي شغلك على طول .
تهللت أسارير وجه عزة وقالت بحماس :
- إنشالله يخليك يا باشا تسلم ، حضرتك وإيمان معزومين عندنا النهاردة ع الغدا .
نظر إبراهيم لإيمان لكي تعفيه من تلك الدعوة ولكنه اشتاط غيظاً عندما هتفت إيمان بقوة :
- طبعاً ياختي جايين ودي عزومة حد يفوتها ، دا حتى يبقى بطر ع النعمة نتحاسب عليها خليكي أنتي بقى معايا نفطر كلنا مع بعضينا .
اتجهت عزة للباب وهي تقول :
- لا مش هينفع أمي بعتاني أجبلها كام حاجة قبل الصلاة والواد بلاطة في الورشة مع طيارة ، سلام ياقمر سلام يا باشا .
اقترب إبراهيم من إيمان بعد خروج عزة وقال بصوت غاضب :
- إيه اللي خلاكي تقبلي ، إحنا كنا شوية وهنمشي .
اتجهت إيمان لكرسيها وجلست فوقه بأريحية وقالت وهي تلوح بيدها :
- لا يا باشا أنا جدي قالي مستنيكي ع العشا مش ع الفطااار ، وكمان أنا ورايا حاجات كتير هنا عايزة أتمم عليها الأول .
نظرت إيمان لجلباب أبيها المطوي بجانبها فأمسكت به ومدت به إليه قائلة :
- اتفضل خش الحمام واتؤضا عشان تلحق الصلاة ، ولا هتفضل قاعدلي في البيت كدة .
انتقل إبراهيم بعينيه بين وجه زوجته الجامد وبين الجلباب ، مال بجذعه ناحيتها وأمسك بالجلباب وقال :
- هصلي الجمعة هنا في الحارة .
هبت إيمان لتقف وبعد أن عقدت ذراعيها قالت بغضب :
- ومالها بقى الصلاة في جامع حارتنامش هتتقبل ولا الصلاة اللي في جامع البشاوات هي بس المقبولة .
اشتدت قوة قبضته بقماش الجلباب حتى تجعد وهو يقول بعصبية :
- أنا أقصد إني معرفش حد هنا مقصدش الأفكار السودا اللي في دماغك دي .
لم تجبه والتفتت برأسها التي رفعتها عالياً بعض الشئ للناحية المعاكسة ، اختلست نظرة جانبية لتراه يتوجه ناحية الحمام وهو يتمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة ، لتعاود هي جلوسها تفكر فيما حدث وكيف أنها ضعفت أمامه هكذا .
وبعد برهة من الوقت خرج إبراهيم من الحمام مرتدياً الجلباب الابيض ليجد من تقف بالصالة تنتظره ، وابتسامة جميلة تزين وجهها قالت وهي تنظر له من أسفله لأعلاه
- الجلابية كأنها متفصلة عشانك ، أتاريك في طول أبويا الله يرحمه وأنا مش واخدة بالي ، اتفضل بقى خد العشين جنيه دول .
قطب إبراهيم جبينه وهو ينظر إلي تلك النقود ثم انتقل بعينيه الى وجهها وتسائل :
- عشرين جنيه ؟؟
أمسكت إيمان كف يده وغمست بداخله الورقة المالية وهي تقول بصوت هادئ :
- بص يا سيدي أنت بعد ماتخلص صلاة تروح تجيب بتلاتة جنيه فول وباتنين جنيه طعمية وحزمة بصل أخضر وحزمة جرجير و .. وإيه تاني يابت يا إيمان آه بتلاتة جنيه عيش من الكبير المفقع وبس ، هات الباقي وتعالى .
فغر فاه إبراهيم وهو ينظر لها ببلاهة ، وبعد لحظات أدرك ما طلبته منه فنفض يده منها وهتف بها بغضب وهو يشير لنفسه :
- أنتي عايزاني أنا إبراهيم سالم ، أجيب الحاجات العجيبة دي مستحيل طبعاً .
تخصرت إيمان وردت بنبرة صوت غاضبة هي الأخرى :
- وفيها إيه يعني لما تجيب معاك حاجة الفطار وأنت راجع زي كل رجالة الحارة ولا حضرتك على رأسك ريشة ولا شايف نفسك أحسن منهم .
زفر إبراهيم بضيق وأغمض عينيه وهو يلتفت برأسه للناحية الأخرى ثم قال بغيظ من بين أسنانه :
- يا إيمان أنا مش شايف نفسي أحسن من حد ، أنا بس معرفش حد هنا ولا أعرف الحاجات الغريبة اللي طلبتيها دي مقفع وحزمة معرفش إيه دي اللي معرفش بتتباع فين أصلاً ، إيه رأيك تعالي معايا وأنا هفطرك في كافيه .
تنهدت ثم اقتربت منه وهي تهز رأسها وقالت بهدوء :
- فطار الكوفيات دا ماليش فيه لا يشبع ولا يملى الدماغ ، بص ركز معايا وأنت خارج من الجامع هتلاقي تلات أربع الرجالة رايحين مجموعة كدة على بعضيهم ناحية مكان معين ، تروح وراهم بالظبط هتلاقي نفسك قدام محل الفول في اللحظة دي يا باشا لازم تقلب وتكون زي الواد طيارة يعني تحارب عشان تكون في الصف القداماني .
ضاقت عيني إبراهيم وهو يقول بتعجب :
- في الصف ال إيه ؟؟!
ذمت إيمان شفتيها وقالت بنفاذ صبر :
- في الصف الأولاني فهمت ؟
اصطكت أسنان إبراهيم ببعضها وهو يقول :
- فهمت وبعدين ؟!
أشارت بيدها ناحية اليسار وقالت :
- بعد ماتجيب الفول والطعمية هتلاقي على شمال المحل الست أم سلامة بتاعة الخضرة ، تجيب منها حزمة البصل والجرجير وأنت راجع بقى على هنا هتلاقي ميييين ؟؟
كز إبراهيم بأسنانه وهو يقول بغيظ :
- اللهم طولك يا روح ، ميين يا إيمان ؟؟
صفقت بيدها بقوة فأجفلته وهي تقول :
- عم جابر بتاع العيش تجيب تلات أرغفة مفقعين ، وتانك جاي على هنا على طول صعبة دي ؟
ازدادت حدة أنفاس إبراهيم فضرب راحة كف يدها واضعاً الورقة المالية بداخلها وهو يقول بصوت أجش حاد :
- اتفضلي العشين جنيه بتوعك أنا معايا فلوس ، ثم ليه متجبيش أنتي الحاجات دي ؟؟
قامت بثني الورقة المالية وقالت بثقة :
- قانون حارتنا إن مافيش ستات تخرج يوم الجمعة .
تشنجت عضلات فكه مماقالته من هراء ، أراد أن يهدر أمام وجهها ولكنه وجدها تدفع به ناحية الباب عندما صدح صوت المؤذن بالجامع تمهيداً لصلاة الجمعة ، فقالت بحزم :
- يالا عشان متتأخرش على الصلاة ومتنساش اللي قلتلك عليه .
صدح صوت هاتف إبراهيم فتوقفا الإثنان عند الباب واجاب إبراهيم عندما وضع الهاتف فوق أذنه :
- أيوة يا مراد لا الغي الإجتماع ، لا أنا ولا إيمان جايين ومن غيرنا الإجتماع ماينفعش ، قول لوالدك مش فاضيين ، ورانا إيه ؟؟ ورانا فول ومقفع وجرجير سلااام قبل ما أكسر التليفون .
ضحكت إيمان بصوت عال فوجدت من ينظر إليها شزراً ، فكتمت ضحكتها فأشارت له بيدها وهي تقول :
- لموأخذة .
وضع إبراهيم هاتفه بجيب جلبابه ثم قال :
- لغيت إجتماع مهم عشان خاطرك ، أتمنى يكون في شوية تقدير بعد كدة .
مطت إيمان شفتيها وقالت بصوت خافت :
- إن شاء الله .
وأثناء خروج إبراهيم من الباب لمحت إيمان الشيخ سعيد شيخ الجامع يمر من أمامها ، فتهفت بصوت عال بإسمه ، اتجه ناحيتها الشيخ وألقى السلام عليهما ، لوحت إيمان بيدها وقالت :
- إزيك يا شيخ سعيد ياريت تاخد الباشا معاك الجامع لحسن دي أول مرة يصلي بجامع حارتنا .
صافح الشيخ إبراهيم بحرارة وتأبط ذراعه وقال بحميمية :
- تعال يا بني أتعجز عليك نورت الحارة .
وأخذ يتحدث معه وهو يسير به ناحية الجامع وكأنه يعرفه منذ زمن بعيد ، أغلقت إيمان الباب وهي تشعر بقلبها يتراقص بين أضلاع صدرها ، أثناء ذلك أنزل مراد الهاتف من على أذنه ونظر إليه بتعجب وقال هامساً لنفسه :
- إبراهيم اتجنن إيمان قضت عليه تماماً .
انتفض مراد عندما نكزه أبيه وهو يقول بصوت غاضب :
- هنستنى كتير كل أعضاء مجلس الإدارة موجدين ماعدا البيه ابن عمك هو والبت بتاعته ، هما فين ؟؟!
خاف مراد من مواجهة أبيه ، فاتجه ناحية المنضدة الكبيرة والتي تضم حولها كل الأعضاء وقال بصوت قوي :
- أنا آسف لحضراتكم يا جماعة ، إيمان هانم تعبت فجأة ونقلوها للمستشفى وطبعاً إبراهيم بيه مقدرش يسيبها هما الإتنين بيعتذروا وبيأجلوا الاجتماع لمعاد تاني هنبلغ بيه حضراتكم .
تعالت صوت همهمات وغمغمات بين الأعضاء إلا صوت والده الذي أمسك بذراع ابنه وسحبه حتى النافذة الواسعة التي تتوسط حائط غرفة الإجتماعات وهدر بجانب أذنه بصوت خافت حاد :
- ابن عمك هو والبت الشوارعية بتاعته بيستهزوأ بيا وأنت بتساعده ، أنا هندمكوا ندم عمركوا الإجتماع بكرة ولو مجاش أقسم بالله هيكون أخر يوم له بالشركة .
دفع به ليصطدم بزجاج النافذة وأسرع بخروجه بخطوات تدب الأرض من تحت قدمه ، فزفر مراد بضيق وقال :
- طب وأنا مالي أنا ؟!!
وبعد برهة من الوقت خرج إبراهيم من الجامع وكان بجانبه الشيخ يواصل حديثه معه في أمور شتى ، لاحظ الشيخ التفاف رأس إبراهيم يميناً ويساراً وكأنه يبحث عن شيء ، فسأله الشيخ :
- في حاجة يا بني ، بتدور على حاجة ؟؟
تنحنح إبراهيم وقال :
- لا ياشيخ مفيش حاجة .
لوح له الشيخ وهو يقول :
- طب بالإذن أنا يا بني .
أمسك إبراهيم بذراعه وابتسم بحرج وقال بتلكؤ :
- هو حضرتك رايح فين ؟؟ قصدي لو هتجيب فطار تجيبه منين ؟؟ أقصد يعني .. .
ربت الشيخ فوق ظهر يد إبراهيم وقال وهو مبتسماً ببشاشة :
- تعال معايا ، أنا رايح أجيب فطار .
تهللت أسارير إبراهيم وسار معه واطمئن بأن طالما الشيخ معه سوف تكلل مهمته بنجاح ، وقد كان فقد يسر له مهمته وكان من ضمن الصف الأمامي عند محل الفول ، صافح إبراهيم الشيخ بحرارة بعد أن ساعده بشراء كل مايلزمه وقبل أن يصل لبيت إيمان وجد عند بابها شاب ضخم مفتول العضلات يضرب بيده الجرس لتفتح إيمان الباب لتصرخ بصوت عال بعد ارتسم بصفحة وجهها علامات الدهشة والمفاجأة :
- حبيبي يا أبو صلاح .
ارتمت إيمان بحضن الشاب الذي دار بها وهو يصيح مهللاً ؛
- وحشتيني يا مانوش .
فغر فاه إبراهيم ووقعت الحقيبة البلاستيكية من يده التي تحمل بداخلها الطعام أرضاً ، وجد نفسه يتجه مسرعاً ناحيتهما بعد أن ثار بركان غضبه بداخله وبيد واحدة أمسك بذراعها الملتفة حول عنق هذا الضخم ، لتلتفت إليه إيمان برأسها .
أنزلها بقوة أرضاً لتتفاجأ بعد ذلك بزوجها الذي أمسك بتلابيب مقدمة قميص الشاب الضخم ليدفع به ناحيته ليضرب أنفه بقوة بمقدمة رأسه ، وهو يهدر أمامه :
- ابعد عنها يا حيوان !!
أصدرت إيمان شهقة عالية وكتمت فاهها بعدها وهي تنظر بذهول لصلاح الذي تراجع مترنحاً للوارء خطوتين ، صرخت إيمان بوجه إبراهيم :
- أنت اتجننت يا إبراهيم !! أنت مش عارف هو مين ؟!!
ولأول مرة يسمع بها اسمه ارتجت أضلاع صدره وازدادت ضربات قلبه ، كان سيطير فرحا لسماع اسمه من بين شفتيها ولكن رؤيتها في حضن غيره أثار جنونه ، فأمسك بكتفيها يهزها بقوة وهو يهدر أمامها :
- اخرسي !! هيكون مين ؟!!
وجد من يمسك بكتفيه ويدور به ليقف بقبالته ويقول بصوت قوي وهو يرفع قبضته عالياً :
- أنا هعرفك أنا أبقى مين !!!