![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثلاثون 30 بقلم سميه عبد السلامالبارت 30(حقنة انسولين) صلي على نبيك يا جميل قبل ما تبدأي ♥️ ____________ تظن انك سعيد غير مبالي لم يحدث من حولك ،ولكن في الحقيقة انت لا تفعل شيء سوى ان تجبر شفتيك على الابتسام،لتخبرك جدران غرفتك الصماء عن عدد مرات بكائك و انينك الباكي الذي لا يتعد صوته باب غرفتك ،تظن انك الوحيد في هذا العالم هو المعذب والباقي سعيد يشعر بالراحة والحقيقة المُرة التي تغيب عن الكثير ان الحياة خلقت دون الراحة. كفكفت دموعها بيديها ونظرت في الساعة وجدتها العاشرة ليلاً الآن موعد اعطاء الحقنة لسيدة ام سعد وقفت تنظر إلى نفسها في المرآة تهندم ثيابها قبل ان تخرج من غرفتها وتذهب إلى والدة ام سعد من اجل اعطائها حقنة الأنسولين الخاصة بها لأنها مريضة سكر ومن تعطيها لها هي سحر،وكالعادة تخرج وتجد مريم جالسة على الاريكة تمسك بكتابها الدراسي و تتابع التلفاز بحماس معطية جميع حواسها له وعند مشهد محدد تركت الكتاب جانبها لكنه سقط من على الأريكة ارضاً و لم تأبه هي لذلك. اقتربت منها سحر تحاول ان تتمالك اعصابها مردفة بهدوء زائف تنادي على شقيقتها : "مريم ،مريم" كررت اسمها للمرة الثالثة ولم ترد الاخرى لتشتعل سحر غضباً منها واقتربت من المقبس تفصل عنه الكهرباء وهنا عادت مريم إلى رشدها ناهرة اختها بضيق : "في ايه يا سحر بتقفلي التلفزيون ليه" كادت تشل من برود هذه الحمقاء ليس وكأن اختبارها يأتي يوم الأحد المقبل مردفة بعدم تصديق قائلة من بين تعجبها : "يابت انتِ معندكيش دم، بتتفرجي على التلفزيون وانتِ امتحاناتكِ هتبدأ يوم الحد الجاي ايه مش خايفة تسقطي،زمايلك دلوقت تلقيهم مقطعين نفسهم من المذاكرة وانتِ هنا تلاجة وقاعدة تتفرجي على المسلسل ،يلا مافيش فرجة على التلفزيون غير لما تخلصي امتحاناتكِ" نفخت مريم وجنتيها بضيق من تسلط شقيقتها عليها كما ترى هي قائلة : " ما أنا من الصبح على الكتاب والساعة دي برتاح فيها وبتفرج على المسلسل محلصش حاجة يعني عشان الخطبة دي كلها " لم ينل حديث مريم اعجاب سحر التي هتفت بضجر وتوعد : " الخطبة دي كلها عشان خايفة عليكِ وخايفة على مستقبلك اللي انتِ نفسك مش خايفة عليه " هبت مريم من مضجعها واقفة امام سحر تشبك ذراعيها امام صدرها قائلة بسخرية لاذعة واستهزاء : " مابلاش دور الاخت الكبيرة الحنينة اللي بتخاف على اختها الصغيرة دي عشان بصراحة كده الدور ده... مش لايق عليكِ " فكت مريم ذراعيها تلقي نظراتها الساخرة قبل ان تذهب وتدخل إلى غرفتها لكن يد سحر كانت اسرع وامسكت بذراع مريم تضغط عليه بقوة دون شعور منها مردفة رداً على حديث شقيقتها بنفس طريقتها : "طالما بقا شايفة ان دور الاخت الحنينة مش لايق عليَ انا بقى هوريك الدور اللي بجد" ألمها ذراعها كثيراً من ضغط سحر عليه لكنها تغاضت عن ذلك بقولها النابع من عصبيتها : "انا حرة انتِ ملكيش دعوة بيا ،انا اعمل اللي انا عايزاه انتِ مش واصية عليَ" فلتت اعصاب سحر اثر حديث شقيقتها المزعج لتقوم بالضغط اكثر على ذراع مريم مع قولها الحاد و الغاضب : " طب اسمعي بقا ،انتِ لو شلتي مادة واحدة بس يا مريم مادة واحدة بس ،انا مش هخليك تكملي كلية وهتقعدي في البيت عشان انا تعبت منكِ خلاص" لم تقدر مريم على تحمل ضغط سحر على ذراعها اكثر من ذلك لتصرخ بألم : "ايدي سيبي ايدي ياسحر " تركتها سحر التي لم تنتبه إلا الآن انها كانت تألم شقيقتها ،لم تقف اكثر و اتجهت صوب باب الشقة تفتحه وتهبط الدرج متجهة إلى شقة ام سعد اثناء ذلك سمعت شقيقتها تصرخ بها بصوت عالي قليلاً قائلة : "انتِ ملكيش دعوة بيا، اسقط ولا اتحرق انتِ مالكِ انتِ ،انا مش هستحمل قرفك ده كتير وهسيب لكِ البيت و امشي انتِ سامعة؟!!" لم تأبه سحر كثيراً بأخر جملة نطقت بها مريم فهي تعلم جيداً ان هذا ما هو إلا تهديد واهي و لن تقوم مريم بتنفيذه واكملت هبوطها للدرج،وهذا لم يمنع شعورها بالحزن على شقيقتها التي تتصرف تصرفات هوجاء وهي تخشى عليها كثيراً لكن ماذا يجب ان تفعل فقد اوصاها والدها قبل وفاته ان تحافظ على شقيقتها وهي وعدته بذلك لكن لم تكن تعرف ان الأمر بهذه الصعوبة ، قررت بعد ان تنتهي سريعاً من اعطاء الحقنة لسيدة ام سعد الصعود لها ومصالحتها وان تفهمها بهدوء انها تخشى عليها وتريد ان تحميها لا ان تفرض سيطرتها عليها كما تفهم مريم. وربما اثناء ذلك تعتذر لها...نعم تعتذر لما لا فهي قد ألمتها بأمساكها لذراعها بعنف ،ارتسمت على وجهها ابتسامة راضية عن هذه الفكرة وقفت امام الشقة و رفعت يدها حتى تطرق بابها لكن منعها من ذلك هو صوت ات من خلفها صوت هي تعلمه جيداً استدارت سريعاً وجدته رجل سمسمار العقار رؤف ومعه شاب التفتت لهم سحر ليتكلم السمسار يعرفها بالضيف الذي احضره معه : "عاملة ايه يا استاذة سحر ،ده استاذ جمعة مدرس تاريخ بيدور على شقة يسكن فيها جبته وجيت لما عرف ان عندكِ شقة ليه " القت نظرة سريعة على جمعة ثم عادت ببصرها لـ رؤف قائلة بحزم : "ايوة بس انت عارف يا عم رؤف ،اني مش بسكن غير اسر وعائلات بس" وقبل ان يعقب رؤف تدخل جمعة في الحديث قائلاً بسرعة ورجاء ظهر جلي في صوته : " لأ ابوس ايدك ، ده انا بقالي اكتر من يومين بدور على شقة ومش لاقي وتعبت من النوم في اللوكاندة ما صدقت عم رؤف قال ليَ انه عنده شقة حلوة ليَ ،صدقيني انا مش بتاع مشاكل انا في حالي والله" انهى كلماته بوجه رسم عليه الحزن بأتقان فمن يراه الآن وهو يتحدث لن يصدق انه هو نفسه الذي جعل والدته تتنازل عن ملكيتها في المنزل و المتجر الصغير الملحق بالمنزل وقام ببيعهم بعد ذلك لصفوت تاركً خلفه والدته لرجال صفوت يعتدوا عليها ويقوموا بطردها من المنزل دون شفقة او رحمة لولا تدخل الشباب ذلك اليوم ومن وقتها تجلس كضيفة في بيت شقيقتها حتى الآن ،ولم يكلف نفسه عناء السؤال عنها و يعرف كيف حالها الآن. صمتت قليلاً تفكر في اخذ القرار اتوافق ام ترفض لكن فسر جمعة هذا الصمت بأنه رفض قاطع منها ،نظر الى رؤف بنظرات يائسة مغلوباً على امره : " خلاص يا عم رؤف تعالى شوف ليَ شقة تانية غير دي اسكن فيها " وقبل ان تخطو قدمه سمع صوت سحر وهي تقول بعدم اقتناع تام : "اطلع فوق ياعم رؤف خبط على مريم وخد منها مفتاح الشقة فرجه عليها واتفق معاه على الإيجار وكل حاجة وبعدين بلغني بقراره النهائي " ابتهج وجه رؤف يقول ببتسامة ينظر إلى سحر موجهاً حديثه لجمعة : "مش قلت لك الاستاذة سحر طيبة وقلبها ابيض وهتوافق على طول" ابتسمت سحر بلطف لكن وأدتها وهي ترمق جمعة بتعجب مردفة بهدوء : "معلش في السؤال بس فين والدتك والدك اختك اخوك اي حد يقرب لك يعني " انكمش حاجبي جمعة بحزن مصطنع برع فيه للغاية مضيفاً بحديثه : "انا مقطوع من شجرة مليش حد ،واللي بيقربوا مني بييجي يوم ويبعدوا ويسبوني لوحدي لأن مافيش حد بيختارني مافيش غيرها هي بس اللي على طول بتختارني " سألته سحر السؤال المتوقع قائلة : "هي مين دي " اردف جمعة بحنق مجيباً : "الأيام السودة لازم تستفسري يعني" لم تقدر سحر على وأد ضحكتها ليقابلها جمعة بأبتسامة ظهرت الى سحر إبتسامة صافية هادئة لكنها في الحقيقة إبتسامة أفعى لفريستها قبل الانقضاض عليها ،وقطع هذه اللحظة رؤف قائلًا بصوت عالي بسبب ضيقه و امتعاضه : "طب مش هنتفرج على الشقة ولا هنفضل نتفرج على صاحبة الشقة كده كتير " حمحمت سحر بحرج من حديثه لكن اظهرت بعدها الجمود ،استدار جمعة برأسه قائلاً بأنزعاج وحنق من هذا الرجل المزعج : "هنتفرج ،يعني هي الشقة هتطير" اجابه رؤف بنفس طريقته في الحديث : " لأ انا اللي عايز اطير عشان عايز اروح لعيالي" صعد الاثنين الدرج مع تمتمت جمعة بصوت منخفض قليلاً لم يصل إلى مسامع رؤف ،وبعد اختفائهم من على الدرج طرقت الباب نظراً لأن جرس الباب لا يعمل ،لم تمر اكثر من دقيقة وفتحت لها ام سعد مهللة برؤيتها كأنها لم تراها منذ عقد وهي في الحقيقة تراها كل ليلة عند اخذها لحقنة الانسولين واحيانًا تراها ذاهبة إلى عملها او عائدة منه. __________________________________ قررت ان تدلف إلى غرفتها والبقاء فيها تجنباً من تقابلها لـ سحر لكن منعها ذلك جرس الباب والذي كان رؤف وبصحبته جمعة ،اعطته مريم مفتاح الشقة بعد ان اخبرها بما حدث منذ قليل اومأت له بهدوء واحضرته سريعاً ولم تعرف لما شعرت بعد الارتياح اتجاه المدعو جمعة لكنها لم تأبه كثيراً وبعد اغلاقها للباب سمعت نغمة هاتفها يعلن عن اتصال هاتفي من صديقتها المقربة ملك. التقطت الهاتف وجلست على الاريكة ورفعت اقدامها عن الارضية تربعها ترد على الهاتف بصوتها المبهج : "عاملة ايه يا ملوكة ،وحشاني يابت " ابتسمت ملك بخفة وهي تجيبها : "الحمدلله بخير ياقلب ملوكة ،بقول لكِ فتحتي نت " قطبت جابينها مستفهمة : " لأ كنت بتفرح على المسلسل بس بتسألي ليه" هزت ملك رأسها قائلة بأمتعاض : " والله كنت عارفة ، تصدقي ان خسارة فيك الخبر الحلو اللي كلمتكِ عشانه " تحدثت مريم سريعاً تقترح تخميناً : " ايه ؟ اخوك ناوي يتقدم ليَ صح " سقطت احلامها الوردية التي بنتها منذ ثانية بعد استماعها قول ملك الساخر : "لأ ياختي مش ده الخبر الحلو وبعدين يابت انتِ اتقلي فؤاد لو شافكِ مدلوقة كده مش هيعبرك " ظهر الضيق على ملامح مريم قائلة بنبرة يائسة يشوبها الحزن : "ما هو مافيش خبر حلو غير ان اخوكِ يتنيل على عين اهله ويحس بيا وييجي يتقدم يا اما بقى تكون الكلية ولعت خلينا نخلص" سمعت ملك تأمن وراء حديثها مضيفة : " يسمع من بوقكِ ربنا تولع كده ويكون جواها البت رحمة _قدر_ عشان مش بطيق البت دي لله في لله خلينا نخلص منها هي كمان ،بس بردو مش ده الخبر الحلو" وعلى الرغم من أن ملك تفوق قدر في الجمال وبمقارنتها معها ملك هي من ستفوز وليست قدر ومع ذلك تكرها وتكن لها الحقد داخلها ربما لأن قدر مرحة تحب الضحك ولا تختفي ابتسامتها المشرقة من على وجهها هكذا تظهر للجميع فـ لا احد يستطيع ان يرى الصورة كاملة...واذا نجح في ذلك ربما تألمه عينه عند رؤيته لنصف الاخر من الصورة والذي يسعى كلاً منا على اخفائه واظهار الجزء السعيد فقط..وهناك أيضاً العكس يوجد بعض الناس تظهر حزنها وضعفها وتخفي الجانب المشرق من حياتها خوفاً من الحسد و من ان تزول نعمته هكذا يفعل البعض منا. طفح الكيل عند مريم ولم تقدر على ان تخرج صوتها الغاضب : " ما تقولي يا ملك هي فزورة" حاولت ملك ان تهدئها بصوتها الضاحك : " خلاص اهدي ،الخبر الحلو ان مافيش امتحان يوم الحد اتأجل عشان باين المادة اللي هنمتحنها اتسربت " لم يشكل هذا فرقاً كثيراً عند مريم التي قالت : " كويس اروح اتفرج على المسلسل اللي مش عارفة اتفرج عليه ده بسبب الامتحان " تشدقت ملك بسخرية من صديقها : " ده على اساس ان لو فيه امتحان مش هتتفرجي" سمعت ما يؤكد ظنها من مريم : " لأ هتفرج بردو ،بس كده هتفرج بضمير مرتاح" "اقفلي يا مريم احسن هتجلط " ردت الاخرى ببرود قاتم : "انتِ اللي متصلة على فكرة " وفور انتهاء من جملتها وجدت ملك فصلت المكالمة القت مريم الهاتف بحرص على الاريكة ووضعت المقبس في الكهرباء من جديد تستمتع بمشاهدة مسلسلها المفضل والذي بدأ مع بداية الشهر المبارك ،ولم يكن يلهيها فقط عن المذاكرة بل أيضاً يمنعها ويشغل بالها عن عبادة ربها في مثل هذه الأيام وبدلا من أن تتضرع لله وتدعوه بقلب خاشع تشاهد ما لا ينفعها ولكنه يضرها وان لم يكن الآن سيكون بعد. __________________________________ انتهت سحر من اعطاء الحقنة لسيدة ام سعد قائلة ببتسامة هادئة : "بالشفا ان شاء الله ،بس لازم تاخدي بالك كويس انا قست لكِ السكر ماكانش مظبوط" اردفت ام سعد الجالسة بجانب سحر على الاريكة من الناحية اليمنى قائلة بتبرير : " انتِ عارفة اننا في رمضان والحلويات بتاعته تخلي اللي مش هياكل ياكل" قهقهت سحر تؤيدها في الحديث قائلة: " لأ في دي عندك حق " فتح سعد الباب وترجل منه وسقطت عينيه عليها ليس و كأنه لا يعلم انها هنا الآن ،اقترب منهن والقى السلام واضعاً مفاتيحه على الطاولة امامهم ورد الإثنين في صوت واحد : "وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته" حمحم سعد بتوتر يفتح مجال للحديث معها فهي دائماً تتجنبه عمداً : " ازيك يا استاذة سحر " انتظر منها النفور ككل مرة لكنها ابتسمت بهدوء وهي ترد على حديثه : " الحمدلله بخير ،عرفت من طنط انك فتحت مطعم جديد؟" لم يكن يصدق ان من ذاب قلبه في عشقها رضت عنه بل أيضاً تسأله هو الاخر عن احواله او ربما خُيل له ذلك : " الحمدلله المطعم شغال كويس واهم حاجة رزقه حلال" ظن بأن جملته الاخيرة ستسعدها لانها كانت تبغضه بسبب عمله مع الشيمي حتى سمع حديثها قائلة بمكر يغلفه الضيق : "بس ما افتكرش يا سعد ان اللي بيتعود على الحرام بيقدر يستغنى عنه ويكتفي برزقه الحلال " اصابت كلماتها في مقت,ل للتدخل والدة سعد تدافع عن وليدها بنفور من حديث سحر الذي احزن سعد كثيراً : " لأ ملكيش حق يا سحر ،سعد ربنا تاب عليه وبطل شغل مع الشيمي الله يجحمه مطرح ماراح" صدقت والدته فهو تاب بالفعل منذ ان وطأت قدمه السجن وتخل عنه الشيمي ولم يقف معه سوى مراد الذي اعانه على هذه التوبة وكان هذا السبب الاول في توبته وعودته عن طريق الضلال والسبب الثاني كانت هي ،فعل هذا من أجلها فهو كل ما يريده هو ابتسامة منها وكلمة بسيطة تروي عطشه بدلاً من الجمود والمعاملة الجافة له والتي تتعمد ان تتحاشه ولا تتعامل معه ،لكن يبدو ان هذا لن يحصل بسهولة لمجرد عودته للطريق الصحيح بل سيخوض درباً صعباً حتى يحصل على مبتغاه درباً يسمى...الحب. وقبل ان تستأذن سحر وتصعد الى شقتهم على صوت هاتف سعد الذي دق عليه اكثر من عشر مرات لكنه لم ينتبه إلا الآن فتح المكالمة وخرج صوته منصدماً : "المطعم اتحرق؟!!" ضربت والدته بيدها على صدرها مولولة: "يالهوي مطعم مين ده يابني" وقبل ان يتحدث سعد ويخبرهم بما سمعه في الهاتف، سمع الجميع الطرق على الباب او بمعنى ادق تكسير الباب و دلف منه ثلاث رجال ملثمين ومعهم الرابع الذي يبدو انه قائدهم وقفت سحر من مضجعها ومعها السيدة ام سعد ينظرن لهم بخوف من القادم. دلف الرجال سريعاً بعد إغلاقهم للباب خلفهم ولكنه لم يغلق كلياً بسبب كسرهم له واتجه الرجل الأول امسك بالسيدة ام سعد ووضع السكين اسفل ذقنها شهقت سحر بفزع وقبل ان يخرج صوتها صارخاً اقترب الرجل الثاني يكمكمها ويقيض حركتها ،اتجه سعد لوالدته حتى يفك اثرها من هذا الرجل لكن منعه من ذلك الرجل الثالث وهو يعيطه لكمة التحمت بوجهه ،صرخت امه تنادي على اسمه برعب ليعتدل سعد ويرد له اللكمة بأخرى ولشدة غضبه كانت لكمة قوية للغاية اسقطت الرجل ارضاً لم ينل هذا رضا قائدهم الواقف يتابع مع يحدث نظر إلى الرجل الممسك بسحر وفهم على الفور ما يريده. ترك سحر وقام بأمساك سعد من الخلف وقام بتثبيته وقف الرجل الذي تلقى ضربة لتوه وعلى وجهه غضب وحقد وكور يده وانهال على سعد بالكثير من الضربات والتي جعلت وجهه ينزف دماً وامتلئ جسده بالكدمات الزرقاء ولم تكن ظاهرة لوجود ثيابه. جلس قائدهم على كرسي منفصل بجانب الاريكة التي تقف امامها سحر والواضعة يدها اليمنى على فاهها واليسرى تمسك بها هاتفها وبجانبها من اليمين ام سعد التي صرخت بهم برعب من رؤية ابنها هكذا ولم تخشى السكين الموضوع على عنقها : "حرام عليكم سيبوه الواد هيمـ,وت في ايديكم" رفع الجالس يده الذي يشاهد ما يجري بأستمتاع شديد مشيراً لهم بالتوقف لكن مازال الرجل يمسك بسعد ،ازال عنه القناع واضعاً قدم فوق الاخرى مردفة ببتسامة خبيثة وصوت يشبه فحيح الافاعي السامة : " ازيك يا سعد ،مش فاكرني ،اوعى تكون مش فاكرني ازعل والله وانت عارف ان زعلي وحش " كان يلهث بشدة اثر كل ذلك الضرب الذي تلقاه يحاول ان يتلقط انفاسه المسروقة ينظر بضعف للجالس يحاول معرفة هويته بالفعل نجح في ذلك عند ظهور علامات الغضب على وجهه ومحاولته الفلات من بين ايدي الرجل الذي يمسك به بأحكام شديد ولم يكن سوى احد رجال الشيمي ،ضحك الجالس وصدى صوت ضحكته في المكان والتي اشمئزت منها سحر ومن بالمنزل جميعاً. اخفض الرجل قدمه واقترب بصدره للإمام يصوب نظراته الحارقة مغلفة بالخبث بعد اختفاء اي اثر لضحكه : "يبقا كده انت عرفتني ،ندخل في الموضوع على طول ما انت عارفني بحب الإختصار ،حرقنا للمطعم بتاعك ده اعتبره قرصة ودن صغيرة قدام اللي انت عملته بالرغم ان احنا نقدر نعمل اكتر من كده بكتير وانت عارف ده كويس بس عشان العِشرة ما انت كنت زميل بردو قولنا كفاية عليك كده" خرج صوت سعد قوياً رغم ضعف جسده : " ولما هو كفاية عليَ لحد كده جاي هنا ليه " رجع الرجل بظهره للخلف يؤمأ له : " سؤال حلو ،احنا مش هنأذيك وهنسيبك في حالك بالرغم ان عقاب الخيانة عندنا المو'ت بس احنا هنسيبك تعيش قصاد خدمة صغيرة كده هتعملها واعتبرها مكافأة نهاية الخدمة عندنا..." صمت يخرج هاتفه من جيبه ونظر به ثم اعاد بصره إلى سعد قائلاً : " هتروح القسم وتعمل محضر في ادهم مصطفى المنشاوي و مراد إبراهيم المنشاوي وتقول انهم حرقوا المطعم بتاعك والباقي بقا ملكش دعوة بيه " تحرك سعد حتى يستطيع التخلص من قبض الرجل عليه يصرخ بصوت عالي : " مستحيل اعمل كده ،الناس دي انضف منك 100 مرة ووقفت معايا كتير ،مستحيل اذيهم واعمل اللي بتقول عليه " احتدت معالم الرجل بغضب وبنظرة واحدة منه قام الرجل بجرح زراع السيدة ام سعد متسبباً لها بجرح سطحي لكن مع مرضها يطول شفائه ،صرخت من الالم وجزعت سحر من المشهد وقبل ان تفعل شيء اقترب الرجل الذي تولى مهمة ضرب سعد و امسكها يمنعها من الحراك . اعاد الرجل طلبه على مسامع سعد ولكنها نفس النتيجة رفض بشدة : "لأ مستحيل اعمل كده " كان صوته متحشرجاً على وشك البكاء وهو يرى والدته تتألم هكذا دون ان يقدر على فعل شيء ،شعور العجز شعور سيء ويجعلك تكره ذاتك بسببه. وقف الرجل مردفاً بحزم يأمر رجله الاخر بقوة : " خلص عليها" وقبل ان يفعل شيء صرخ سعد برجاء : "هعمل اللي انتم عايزينه والله هروح بس سيبوها " اقترب الرجل منه بعدما تشكلت ابتسامة النصر والخبث أيضاً يضرب سعد على وجنته بخفة مع قوله : " شاطر ،كده نعرف نتكلم " __________________________________ انتهى رؤف من الحديث بشأن الشقة ووافق جمعة على كل شروط سحر وسعر الإيجار واثناء نزولهم الدرج تحدث جمعة : "قلت ليَ بقا ان الاستاذة سحر مش مخطوبة ولا متجوزة ؟!" اجاب رؤف بمرواغة في الحديث : "لأ ما قلتش " استطاع جمعة ان يميز هذه الشخصية المنتشرة حولنا بكثرة واخرج حفنة من المال و دسها في كف رؤف الذي تصنع الرفض مع قوله : "كام دول" ربت جمعة على يد رؤف يغلقها على الأموال فعقب رؤف سريعاً : " ولا مرتبطة " لمع الخبث في عينيه وتابع بسؤال اخر : " طب ها قولي حاجة جديدة " تحدث رؤف اثناء عده للاموال يخرج بكل ما بجوفه : "شغالة ممرضة في المستشفى العام ابوها وامها ماتوا و سابوا ليها العمارة دي وملهاش غير اختها اللي اصغر منها مريم ودي في رابعة كلية تجارة بت ملزقة كده وشايفة نفسها عكس اختها خالص ،بس خلي بالك الاستاذة سحر شخصيتها قوية ومش سهل حد يضحك عليها " القى جملته الاخيرة بخبث كبير يخبر الواقف انه يكشفه ويكشف نواياه السيئة. نزل السُلم ووصل عند شقة ام سعد سمع صوت انين خافت يخرج منها اوقفه جمعة يقول بهدوء : "سامع ياعم رؤف" لم يسمع رؤف اي شيء بسبب كبر السن وضعف حواسه وخاصة حاسة السمع ،اقترب جمعة من الباب يحاول التلصص ورؤية ما يحدث لكن نهاه رؤف بقوله : "يلا ياجمعة احنا ملناش دعوة ،هنا كل واحد في حاله " لم يصغ إليه جمعة وسرق النظر حتى جحظت عينيه من رؤيته التالي: مازال الرجل يمسك السيدة ام سعد التي ينزف زراعها واضعاً السكين اسفل عنقها ورجل اخر يمسك بسحر والثالث يمسك بسعد و دقق النظر قليلاً رأى شخص يجلس على الكرسي يعطي ظهره للباب وخمن انه ربنا يكون رئيس هؤلاء الرجال وصدق حدسه عند سماعه لرجل يقول : "هتنفذ المطلوب هتكون في امان غير كده اترحم على الست والدتك " رأى جمعة ان هذه فرصة تقربه خطوة اكثر من هدفه دلف بسرعة واخرج سلاحه ولقرب المسافة من الباب لم يستطع احد اخذ فرصته في رؤيته ويمنعه وهو يهجم على الجالس يصوب السلاح على رأسه ونظر إلى الثلاث رجال قائلاً بحدة : "نزلوا اللي في ايدكم عشان ما افرتكش دماغه دلوقت " ابتعد الجميع كما طلب وتابع قوله : "يلا يا حلوة منك ليه اقفوا جمب بعض هنا لحد ما نشوف انتم مين وعايزين ايه او اقول لكم احنا نبلغ البوليس احسن وهما يعرفوا ده بطريقتهم " ابتعد الرجال لتذهب سحر بسرعة وخوف إلى ام سعد تساعدها على ايقاف النزيف ،اما سعد سقط على الارض فهو لم يقدر على الوقوف بسبب الضرب المبرح الذي تلقاه. وقف الرجل واستدار لجمعة الذي مازال يصوب فوهة سلاحه عليه وسمعه يقول : " مافيش داعي للبوليس ،احنا كنا كده كده ماشيين ،فبلاش تعمل شوشرة وتخلي حد يتأذي " لم يخفض جمعة سلاحه بل تحدث موجه حديثه لـ سحر وعيناه على الواقف : "مين دول يا استاذة سحر " كانت تحمد ربها بسبب دخول جمعة ومن بعده رؤف الواقف عند الباب يتابع ما يحدث بخوف ،تعجبت في البداية من حمل جمعة لسلاح وهو يعمل كمعلم لمادة التاريخ لكنها لم تفكر في هذا كثيراً لأن هذا ليس توقيته المناسب. "انا ماعرفهوش ،انا كنت قاعدة انا والست ام سعد ودول هجموا علينا " نظر لها وهي تتحدث وعلى حين غرة ابعد الرجل سلاح جمعة و اوقعه ارضاً واسرع بالخروج لم يستطع رؤف فعل شيء سوى افساح لهم الطريق ،خرج رجلان ولم يستطع الرابع بالخروج بسبب عرقلته في يد جمعة ،وقف الاثنين معاً ومنعه جمعة من الخروج ليركض الرجل اتجاه سحر ويمسكها ويضع السكين على رقبتها المغطاة بحجابها فزعت سحر ونظرت الى جمعة برعب الذي اردف يحاول ان يهدأ ذلك الرجل الذي تملك منه الخوف هو الاخر ليس منهم لكن خوفه من احضارهم للشرطة : "اهدى انا هسيبك تمشي بس سيبها ما تأزيهاش " اطمن الرجل والقى بسحر بين احضان جمعة واسرع بالفرار من هنا ،امسكها جمعة من ذراعيها يقول لها بخوف وقلق عليها : "انتِ كويسة" نظرت الى زراعيه فأبعدها عنها سريعاً ورد بأعتذار : "اسف" اومأت له سحر تؤكد على انها بخير : "انا كويسة ،بس المهم دلوقت طنط ام سعد ،وسعد لازم يروحوا للمستشفى " اومأ لها يبتسم بهدوء : "ما تقلقيش انا معاكِ وهعمل لكِ كل اللي انتِ عايزاه " ابتسمت بهدوء لكن وأدتها سريعاً وهي تركض اتجاه ام سعد بخوف تحثها على النهوض : "يلا يا طنط نروح المستشفى " اردفت ام سعد ببكاء وصوت شهقاتها يتذايد : "ابني " ركض جمعة هو الاخر وبعده رؤف وساعد الاثنين سعد على الوقوف وبعدها ذهبوا إلى المشفى بسيارة جمعة الذي اشتراها حديثاً وبالطبع هذا كله بأموال صفوت. _________________________________ لم يكن يتوقع دخوله مثل هذا المكان وبالتحديد في شهر رمضان المبارك ،وهو عبارة عن ملهى ليلي يعمه الصخب والضوضاء العالية اثر الاغاني الممزوجة بالموسيقى المزعجة ذات الصوت العالي وفي المنتصف يوجد حانة للرقص يقف عليها نساء عريات يقومن بالرقص بكل مهارة وتتمايل اجسادهن مع الايقاع بحرفية شديدة وينضم إليهم بعض الرجال ويشاركوا في الرقص وليس هذا فقط بل يقوموا بألقاء اموالهم فوق تلك الاجساد التي تتمايل بحركات مثيرة. وبالاسفل تترصص الطاولات والكراسي حولها ويلعبوا الورق ،دلف سَليم يبحث عنها بعينيه لكن فشل في إيجادها لم يقف وذهب إلى غرفتها فتح بابها ولم يدلف للداخل وذلك لأنها فارغة أيضاً ،اغلق الباب بضيق وخرج مرة اخرى للخارج وذهب يجلس على البار الذي يقف امامه النادل ويقدم المشروبات اردف سليم بعدم اهتمام : "عصير برتقان " رمقه النادل بتعجب فمن يأتي هنا ويطلب هكذا مشروب وبالاخير خضع لطلبه وذهب ليحضره له ،اقتربت منه تحرك العلكة في فمها تلوكها لليمين ولليسار وترتدي قطعة قماش تكشف اكثر ما تستر: "حد يجي هنا ويطلب برتقان بردو " التفت لها برأسه وتعرف عليها قائلاً بخبث : " أهلاً زيزي " ابتسمت له اكثر ثم نظرت للنادل الذي يعد مشروبه قائلة : "كنسل البرتقان يابني ،واعمل لنا اتنين فودكا " لم يعترض سليم على ما فعلته بل فضل ان يُجَرِيها حتى يحصل على مراده منه ولم يفكر كثيراً حتى سألها: "زيزي ،هي فين شوشو انا مش شايفها يعني" امتعض وجهها ومثلت الدلال عليها تحامل سليم على نفسه ومنع شعوره بالاشمئزاز واجبر شفتيه على الابتسام وهي تقول : "طب ما ينفعش زيزي " كان غافلاً عن زوج الاعين التي تراقبه من بعيد واردف ببتسامة وغمز لها بعينه قائلاً : "ينفع ،بس انا عايز شوشو في موضوع وبعدين افضالك ياجميل " احضر النادل طلبهم ووضعه امامهم ثم رحل لتجيبه زيزي وهي ترتشف كأسها على جرعة واحدة : "بقالها اكتر من اسبوع مش بتيجي و ده عنوان بيتها ****" امسك الكأس الخاص به وظنت هي انه سيقوم بشربه لكن تفاجأت يسكبه بقوة على وجهها شهقت بقوة و سمعته يقول : " القرف ده يشربه اللي زيكِ" وبعدها خرج من هذا المكان المقزز الذي تفوح منه رائحة كبائر الذنوب. __________________________________ تتحرك في غرفتها ذهاباً و إياباً فبداخلها بركان اوشك على الإنفجار ،تلعن نفسها مئة مرة انها استمعت لحديث المدعوة قدر واستجابت لها و ادعت امام فارس انها غير مبالية بتركه لها بل وهي أيضاً تريد تركه حتى تستطيع الارتباط بغيره ،وهي في الحقيقة تمنت لو تلقي بنفسها بين ذراعيه وتصرخ به قائلة لا تذهب ،فمنذ ذلك اليوم هو لم يأتي الى منزلهم ولا تعرف عنه شيء. جلست على الفراش بأنهاك لفرط حركتها تتوعد داخلها لـ قدر كأنها هي السبب في كل ما يحدث وهي لا ذنب لها في شيء : "كان فين عقلك يا نرجس وانتِ بتعملي كده ،اصلاً من امته الزفتة دي او اي حد من عيلة المنشاوي بيحبك وبيخايف على مصلحتك ،هي عملت كده واتمحكت فيَ عشان تخلي فارس يسيبني وهو ده اللي هما عايزينه " وقفت مرة واحدة بعد اشعالها لغضبها تخرج شراراً من عينيها مردفة بحقد وكره نمى بداخلها منذ الصغر اتجاه هذه العائلة: "بس لو ده حصل ،اقسم بالله ما هخلي حد فيكم يتهنى يا عيلة المنشاوي " جلست مرة اخرى فوق الفراش تلتقط هاتفها وتفتحه على صورة فارس تبتسم له بعيون دامعة فقد ألمتها لوعة الاشتياق ،لكن ما منعها من البكاء ذلك الصوت الذي اتى من الخارج وسمعته هي جيداً ،صوت والدها وهو يقول : " اتفضل ياحج زكريا نورت البيت والله ،اتفضل يا فارس " ضربات متتالية من ذلك الصغير المختبأ بقصفها الصدري لمجرد سماعها لأسمه لكن هذا ذاد خوفها هل قال زكريا المنشاوي ،يعني هذا انه اتى إلى هنا من اجل فض كل شيء كما عقدها هو أيضاً في البداية ،ام انه اتى لمجرد زيارة ودية ليس بها شيء؟ لم تقدر على وضع احتمالات اكثر و هرولت صوب الباب تفتحه ببطء تسترق السمع إلى ما يحدث. جلس زكريا وبجانبه فارس و امامهم والد نرجس الذي تحدث بعد ترحيبه لهم : " خير يا حج زكريا " رد زكريا بهدوء نبع من وقاره : "كل خير ان شاء الله" اعتدل قليلاً في جلسته وحمحم متحدثاً بجدية : "قبل كده جبت فارس معايا وطلبنا ايد بنتكِ نرجس وده عشان فارس زيه زي اي حد من احفادي يعني سعادته تهمني زي سعادتهم بالظبط " "مظبوط ياحج" عقبت نرجس الواقفة من بعيد مردفة بأستنكار : "زي حفيدك ولا زي الخدام مشغله مرمطون عندك زي ما كان ابوه زمان وفي الاخر ما,ت مقتو,ل كلكم عيلة عايزة الحرق " انتبهت لرسالة جديدة من هاتفها الذي تحمله في يدها عبر احدى مواقع التواصل الإجتماعي الواتساب ،بعث لها رسالة ولكنه رقم مجهول فتحتها وكانت عبارة عن : "انا عارف ان فيه مشاكل بينكِ وبين خطيبكِ بس صدقيني فارس ما يستهلكيش في حد تاني بيحبك وهيحافظ عليكِ انا مش بصطاد في الميه العكرة بس انا مريضنيش اشوف حد بيتعذب بسبب حبه لحد تاني والحد ده ما يعرفش حاجة عن حبه ليه" قرأت الرسالة المليئة بالالغاز من صاحب الرقم؟ ومن يقصد ؟وكيف علم بشأنها وبشأن الخلاف بينها وبين فارس ؟ توقفت عن طرح الاسئلة داخل رأسها و قرأت الرسالة التالية : " لو عندكِ استعداد تعرفي مين الحد ده هقول لكِ عليه ،وهعتبر ده موافقة مبدأية منكِ" كادت تضغط على احرف لوحة المفاتيح وترد بسب هذا الشخص ملقية على مسامعه ابشع الألفاظ لكنها شلت تقريباً بسبب سماعها صوت زكريا يكمل حديثه الذي منعها من الاستماع له جيداً هو قدوم هذه الرسالة : " وعشان كده احنا مش عايزين خطوبة... فارس جالي من يومين وقال انه كفاية خطوبة لحد هنا ويعمل الفرح على طول ،باقي على العيد اسبوع ويبقا الفرح تالت يوم العيد ايه رأيك يا حج " ابتسم والدها يومأ له بالايجاب واضاف : "انا موافق وماعنديش مانع ،بس بردو لازم ناخد رأي نرجس هي صاحبة القرار " لم تقف اكثر وفتحت باب غرفتها واتجهت كالمدفع تقول ببتسامة بلهاء : "لأ موافقة بس خلوها يوم العيد ليه تالت يوم العيد " رمقها والدها بضيق من تجسسها عليهم و من حديثها الذي خرج دون ان يمر على عقلها ،ابتسم فارس لها مع نظرات الضيق من والدها ونظرات الاندهاش من زكريا حمحمت بحرج قائلة : "قصدي يعني اللي تشفوه انا موافقة عليه " وقف زكريا مستأذناً : "طب انا همشي انا وانت يا فارس خليك مع عروستك شوية " امال فارس وقبل يد جده وقال : " ربنا ما يحرمنا منك يا جدي " رحل زكريا بعدما قام والد نرجس بتوصيله لباب الشقة وبعدها جلس على مسافة ليست ببعيدة حتى يترك لهم مساحتهم الشخصية والحديث دون تكلف وايضاً عدم تركه لهم نهائياً. مازالت تقف مكانها وفارس يجلس على الاريكة وعلى وجهه ابتسامة مشرقة مردفاً وهو يشير على الاريكة جواره : "ايه واقفة ليه مش هتقعدي " ذهبت تجلس جواره و لم يخلو وجهها من نظرات اللوم والعتاب التي استطاع فارس التقاطها سريعاً قائلاً : "على فكرة المفروض اكون انا اللي زعلان مش انتِ " اردفت الاخرى بضجر : "و لما انت زعلان جاي ليه " تحدث فارس بمرواغة في حديثه: "يعني اقوم امشي " اردفت بسرعة وظهرت لهفتها : "لأ مش قصدي خليك " تنهد فارس قبل ان تختفي ابتسامته ونظر الى نرجس يسمعها حديثه الذي لم يخلو من العتاب والحزن وايضاً...الانزعاج : " انا مش قادر انسى كلامك ليَ كل شوية وانتِ بتزليني وتقولي ليَ اني خدام عند الحج زكريا و احفاده وان ابويا كمان كده مش قادر انسى انك كل مرة كنتِ بتقللي مني وتحطيني في مقارنة مع ادهم لدرجة اني شكيت انكِ ممكن تكوني بتحبيه عشان يعني مهندس وعنده عربية و شركة ده غير انه هو احلى مني في الشكل والبيت عندنا كله بيحترمه وبيعملوا له حساب يعني عنده كل حاجة نفسك تكون موجودة عندي..." قاطعته نرجس فحديثه يدينها بشيء هي لم تفعله مردفة بدموع تلألأت في مقلتيها : " فارس انا عمري ما حبيت حد غيرك ولا هحب انا كنت بعمل كده عشان كنت عايزاك احسن منه مش عشان بحبه " ابتسم عند سماعه لحديثها واضاف هو بعده : "عشان كده ما قدرتش افسخ الخطوبة لأني متأكد انكِ بتحبيني زي ما انا بحبكِ وقلت كفاية خطوبة لحد هنا ونعمل فرح وانا اوعدكِ اني هعوضك عن كل حاجة وهجيب لكِ كل اللي نفسكِ فيه " ردت نرجس توعده : "و انا اوعدك اني هتغير وهبطل احطك في مقارنة مع حد بس عندي طلب نبعد عن عيلة المنشاوي دي لأن بسببهم كنت هخسرك الزفتة اللي اسمها قدر هي اللي خلتني اقول لك الكلام بتاع المرة اللي فاتت عشان احسسك اني هضيع منك وكانت مفهماني انها خايفة عليَ وهي أصلا بتتمنى ليَ الشر" لم يقدر فارس على سماع اكثر من ذلك عن قدر ورغماً عنه خرج صوته عاليً يغلفه الغضب : "ما كفاية بقا ،اللي بتتكلمي عنها دي هي اللي خلتني ارجع لكِ ،انتِ لما قولتي الكلام ده ولمجرد اني فكرت ان ممكن يكون في حد تاني هيتقدم لك لو انا فسخت جننتني ما كنتش اعرف اني بحبك كده بس ده ما منعنيش من اني اروح لجدي و اقوله لأ انا مش عايز نرجس " تذكر فارس ذلك اليوم فجده اعطاه مهلة يوم واحد يفكر فيه ويأخذ قراره . "و لو انت عايز تسيب نرجس اعرف انك مستحيل ترجع لها تاني لأن بنات الناس مش لعبة يبقوا معانا وقت ما احنا عايزين وبردو نسيبهم وقت ما احنا عايزين ،واليوم اللي هتسيب فيه نرجس تاني يوم هيكون خطوبتها لحد يقدرها ويعرف يتعامل معاها ويحافظ عليها يا فارس " جملته الاخيرة كانت ذات مغزى استطاع فارس التقاطه ،كان يسمع خفقان قلبه المضطرب عندما تطرأ على مخيلته فكرة فقدانه نرجس للأبد وتصبح لشخص غيره ثم طرح سؤاله ينتظر اجابة جده علها تكذب شعوره : "قصدك ايه يا جدي" اردف بنبرة غليظة وحادة غير قابلة لنقاش اصابت فارس في مقتل : "يعني عقلك في راسك تعرف خلاصك ،بكره تيجيني تقول ليَّ قررت ايه لأن كلام الرجالة مافهوش رجعة ،عشان انا ما بحبش لعب العيال واظن انت فاهمني كويس" كان يقف على باب القاعة التي يجلس بها زكريا المنشاوي يسترجع حديثه السابق ،اخذ نفساً واخرجه ببطء وقرر الدخول واخبار زكريا بقراره النهائي وهو انه لا يريد اكمال هذه الزيجة حتى سمع صوت قدر من خلفه : "اوقات قرار واحد غلط بناخده في وقت عصبية بيخلينا نندم العمر كله " استدار لها يسألها عن معنى حديثها الذي يعرفه جيداً لكن هو يحتاج إلى ان يسمعه بنفسه : "قصدكِ ايه يا قدر " "قصدي ما تستعجلش يا فارس و ادي نفسك موهلة كمان شوية تفكر فيهم صح وتكون عصبيتك من اللي نرجس عملته راحت وتعرف تاخد قرارك ،نرجس على فكرة بتحبك وانا عشان قولت لها هخلي فارس يرجع لكِ بس تسمعي الكلام فعلاً سمعته من غير ما تجادل لما قالت لك يعني الكلمتين بتوع امبارح وانت عارف ان نرجس بتحب تأوح ومش بتسمع كلام حد بس هي عشان بتحبك مشية ورايا ،يعني اللي نرجس عملته ده عملته بدافع الغيرة عليك ومن حبها ليك " تعجب فارس من حديثها ورد على حديثها ببتسامة استهزاء وسخرية : "انا بجد مستغربكِ ،نرجس عمرها ما حبتك ده اوقات كانت بتغير منكِ عليَ وانتِ هنا بتدافعي عنها لأ بجد مش مصدق " ابتسمت بهدوء وهي تجيبه : "انا عارفة ان نرجس بتكرهني بس ده ما يدنيش الحق اني اتمنى لها الشر و اكرهها هي كمان ،مافيش حد يستاهل يتأذي لان كلنا بشر بنغلط وبنتعلم من الغلط ده ولو انا عملت زي نرجس وزرعت كرهها جوايا انا اللي هتضر مش هي لأن دايرة الكره اللي هزرعها جوايا مش هتبقا لنرجس بس هتبقا لناس تانية اذتني كتير و الدايرة دي غصب عني هتكبر وسعتها قلبي ده هيبقا اسود ومش هيحس بحد بسبب كمية الكره والحقد اللي جواه ده ربنا قال « إلا من اتى الله بقلب سليم» وانا عايزة قلبي ما يشلش حاجة غير الحب وحب الخير للغير و لو كل الناس عملت كده هتلاقي راحة بال غير طبيعية " وختمت حديثها قبل ان تذهب غافلة عن الواقف على الدرج يستمع الى حديثها يكتشف جانب جديد من الجوانب العديدة التي تمتلكها وهو الجانب الجدي والحكيم وهذا الجانب نادر الظهور: "فكر تاني يا فارس وما تستعجلش الدنيا مش على طول هتبعت لنا ناس بتحبنا من قلوبها بجد " وبعدها ذهبت للخارج إلى حديقة المنزل تاركة فارس يفكر في حديثها واستفاق على صوت ادهم الذي ينزل الدرج قائلاً يؤيد حديث ابنة عمه : "كل كلمة قالتها صح ،بلاش تستعجل" تراجع عن خطواته وقرر ان يعطي لنفسه فرصة اليوم يفكر جيداً ويخبر قراره النهائي لجده غداً. القى على اذنيها ما لا تصدقه أ حقاً قدر فعلت هذا من اجلها ؟ انتبهت لفارس و هو يقف مردفاً بضيق : "انا ماشي يا نرجس و ياريت تفكري في طلبك ده تاني عشان انا مش هبعد عن العيلة دي ...سلام" __________________________________ ترددت كثيراً في الإتصال ،خوفاً من ردة فعل شقيقتها لكن ماذا تفعل هي مازالت تحن لها و لأمها وتتمنى ان يعود كل شيء إلى ما سبق تحديداً قبل وقوع الحادثة التي قلبت حياتها رأساً على عقب،حسمت امرها وقررت شوشو الإتصال على شقيقتها حنان وهي نفسها زوجة حسام ثابت فضل. قامت بالرنين وشعرت ان الاستجابة طالت إجابتها على غير المعتاد وهذا بسبب صعوبة هذه المكالمة عليها ،سمعت صوت حنان يقول : "السلام عليكم ،مين؟" ابتلعت ريقها بأذدراء متلعثمة : " وعليكم السلام...انا... شهد يا حنان" هذا هو اسمها الحقيقي «شهد» ولم يكن شوشو او شاهندة. صرخت بها حنان من الجانب الاخر : "انسينا بقا زي ما احنا نسيناكِ ،انا و امكِ خلاص مش عايزين نشوفك ولا نسمع صوتكِ بعد اللي عملتيه ،انا ما صدقت امك فاقت من صدمة اللي عملتيه ورجعت تمارس حياتها بشكل طبيعي " انهمرت شهد في البكاء يعاقبها الجميع على جرم لم ترتكبه ما ذنبها ان هناك اشباه رجال تعيش معنا على هذا الكون تحركهم شهوتهم ،والتي دفعت رجل تعد الخمسين من عمره يعتدي على طفلة لم يتعد عمرها السبعة عشر عاماً وتركها خلفه تواجه مجتمع قاس لا توجد به ذرة رحمة يلوم المجني عليه ويترك الجاني، تلك الحادثة المشؤمة غيرت كل شيء ،غيرته إلى اخر شيء تتوقعه تلك المسكينة وقتها لكن الآن هي وبأرادتها تختار ان تكمل في هذا الطريق تعمل في الملهى الليلي وتجمع الأموال حتى تستطيع ان تنتقم ممن فعل بها هذا ،فهي لم تنسى أبدا وكيف تنسى وامامها دائماً ابنتها تذكرها بتلك الليلة. كتمت شهد شهقاتها بيدها وبعدها اردفت بحزن وقهر من تذكرها بكل ما مرت به : "انا بس..برن عليكِ اقول لكِ خلي بالكِ من بنتي لو جرالي حاجة " تشدقت حنان بسخرية لاذعة ألمت شقيقتها اكثر وجعلت جرحها ينزف من جديد : "بنتكِ اللي مش عارفين ابوها مين مش كده " بكت شهد بحرقة اكثر ،رأف قلب حنان قليلاً لسماعها لهذه الشهقات لكن ماذا تفعل زوجها لا يعلم شيء عن شقيقتها هذه فمنذ هذه الحادثة اخبروا الجميع انها مات,ت كيف تظهر الآن ،فبظهورها ستدمر كل شيء ،كانت تريد البكاء هي الاخرى وان ترتمي في حضن شهد فقد اشتاقت إليها كثيراً قلبها يخبرها ان تسامحها هي لا ذنب لها وعقلها يرفض خوفاً على ابنتيها وفقدانها لزوجها اذا علم ،لم تستطع غير ان تقول : "انسينا يا شهد زي ما احنا كمان نسيناكِ " اخفضت يدها التي تحمل الهاتف ببطء شاردة مع دموعها التي تتساقط على وجنتيها كأنها في سباق ،وقبل ان تبتلعها دوامة الحزن سمعت رنين الجرس ،تحركت سريعاً صوب المرحاض تغسل وجها وتضع بعد اللمسات الخفيفة من ادوات التجميل مع قولها بصوت عالي تحث الطارق على الانتظار : "حاضر جاية اهو " فتحت الباب و امتعض وجهها وهي تقول : "هو انت " تركت الباب وجلست على الاريكة وهو دلف واغلق الباب خلفه مع قوله : "ما انا قايل لكِ اني جاي " نفت بقولها الحانق : "لأ انت قولت ليَ سليم جاي عندي ،و خدي بالك من الكلام معاه بس ما قلتش انك هتيجي " جلس جانبها على الاريكة يتمدد بجسده واردف يسألها : "سليم كان جاي ليه " مطت شفتيها تنظر له بمعنى أ حقاً لا تعلم : "قعد يزعق ويقول انا ليه رحت عنده البيت و ان روحتي دي سببت له مشاكل مع عيلته وحذرني اعمل حاجة تاني من غير ما اقول له وانا فهمته اني عملت كده عشان كان وحشني زي ما انت فهمتني بالظبط " زين ثغره ببتسامة ماكرة بعد شعوره بالانتشاء بما سمعه منها : "حلو اوي ،كده الخطوة الأولى نجحت وهتسهل علينا اللي جاي ،روحي بقا اعملي لينا كاسين عشان نعرف نتكلم على رواقة وتفهمي اللي هقوله عشان تعرفي تنفذي اللي جاي ،لان اللي جاي صعب وماينفعش فيه الخطأ " رحلت تنفذ طلبه وهو اخرج هاتفه يقوم بالاتصال على شخص ما وقال : " باقي حسابك هيوصلك ،بس تنفذ اخر حاجة ،اول ما ابعت لك رسالة الصور اللي معاك تبعتها للرقم اللي هبعته لك على الواتس والكلام ده هيتنفذ خلال الأيام الجاية يعني تكون مركز وتفضي نفسك عشان الخطوة دي مهمة ولازم تتعمل بحساب يعني لا ينفع فيها تقديم ولا تأخير وما تقلقش كله بحسابه " __________________________________ انقض الليل بأحداثه الكثيرة واتى ليل اخر ،و ها هي تقف في شرفة شقة عمها مصطفى تبتسم ساخرة عندما تتذكر ما حدث امس. جلست على الفراش شاردة تمسك بالصورة بيدها ورفعت رأسها جهة الباب وجدته يفتح توقعت انه ادهم وسيحدث كارثة الآن لكن اخطأت هذه المرة وكانت ريهام وهي تقول معاتبة لـ قدر : "اتأخرتي ليه يا قدر ، انا قلت حصل لكِ حاجة لما اتأخرتي وما جبتيش اللبس و..." وقبل ان تكمل وقفت قدر بهدوء جعل ريهام تقلق على هيئتها واقتربت منها وجلس الإثنين على الفراش : "مالك يا قدر ؟ انتِ تعبانة يا حبيبتي " استدارت برأسها ناظرة لها ورفعت الصورة في وجه ريهام التي تلقائياً نظرت لها ،حمحمت تحاول خروج صوتها طبيعي : "هي مين دي يا طنط ريهام " قلبها يدق بعنف يتوق لسماع الإجابة لكن كل ما حصلت عليه هو ابتسامة مذهولة من ريهام قائلة : "دي ساسو !!" اذاً هي نفسها التي زراها ادهم ذلك اليوم واحضر لها ورد الياسمين ،لكن هذه الإجابة غير كافية ،اجابة ناقصة. "انتِ ما تعرفيهاش يا قدر " كان هذا سؤال ريهام المتعجب والتي اجابة قدر عليه وهي تهز رأسها تنفي ذلك مردفة بتسائل تتمنى الحصول على اجابة تريحها : " هي دي... مرات ادهم وده إبنه " قهقهت ريهام مما ذاد تعجب قدر اكثر واردفت بهدوء : "هو حضرتكِ بتضحكي ليه ،هو ده مش إبنه اصله شبه ادهم اوي " اومأت لها ريهام بالايجاب مردفة من بين ضحكها : " ايوة صح هو شبه اوي ،بس ده مش لأنه ابن أدهم لأ ده لأنه... ادهم نفسه " "قولي و المصحف " خرجت منها دون وعي وبدأت الفرحة تتسرب إليها الآن ،كانت تتوقع اجابة مختلفة غير تلك، الآن لا يهمها من تكون سارة ،ضحكت ريهام بشدة تتابع حديثها الذي ذاد من صدمة قدر ولم تجعلها قادرة على النطق : " ده ادهم ، ودي سارة مرات جدك زكريا الله يرحمها ،يعني دي جدتكِ " سقط فكها من الصدمة والذهول والتعجب وايضاً الدهشة من؟ وكيف ؟ومتى؟ "انا احسبكِ تعرفيها، بس اظاهر ان حسن ما كنش عنده صور ليهم " اومأت برأسها كثيراً كالبلهاء : "فعلاً" خرجت منها ضحكة ساخرة على تفكيرها الساذج هل معقول كل هذه المدة كانت تغار من جدتها المتوفية ،لكن كيف تكون هذه الشابة جميلة الملامح تكون جدة وتقف مع حفيدها ومن يراها يقول انها لم تتعد العشرون من عمرها : "بس ازاي دي جدتي ،دي صغيرة اوي على الكلام ده " ضحكت ريهام بخفة وبدأت في سرد القصة التي تغيب عن قدر : " ده عشان سارة مش مصرية الاصل ،اتولدت لأم إيطالية واب مصري وكانت عايشة في الاسكندرية وليها بيت هناك لسه موجود لحد دلوقت ،سارة كانت جميلة اوي ومهما تكبر ماكنش بيبان عليها ،هي كانت شغالة مع ابويا الحج زكريا زمان وهو حبها واللي عرفته انه ساب الصعيدي عشانها لأن من تقليدنا البنت لأبن عمها ده غير ان سارة ماكنتش محجبة ولحد فترة كبيرة فضلت بشعرها ما اتحجبتش غير قبل وفاتها بسنة ، ابويا الحج كان بيحبها اوي وكان نفسه يخلف منها بنت بس هي خلفت مصطفى وبعدين إبراهيم وبعدين حسن ،كانت بتمشي معاهم يقولوا عليها انها اختهم الصغيرة ماحدش كان بيصدق ان دي امهم" نظرت قدر إلى الصورة لكن هذه المرة نظرت لها بحب ،هي لم تلتقي بها لكن تمنت كثيراً لو ان لها جد و جدة تذهب إليهم وترتمي في احضانهم وتستمع الى قصصهم الطويلة والغير مملة شعور رائع تمنت كثيراً لو تجربه ،ظهر الحماس في صوتها وهي تقول : "احكي ليَ عنها " اخذت ريهام نفساً عميقاً واخرجته على مهل تتابع السرد : " سارة كانت بتحب ادهم اوي اكتر حد في احفادها لأنه اول حفيد ييجي البيت ده ،و ادهم كمان بيحبها اوي ومتعلق بيها وكان على طول بينام معاها وانا اوقات كنت بغير منها ،ده كان غصب عني لأن الفرق كان واضح بين حب ادهم ليَ وحبه ليها ، ومن شدة حبه ليها هو اللي سماها ساسو لأن دي طبيعة ادهم لما بيحب حد بيحب ينده ليه بأسم هو مسميه ليه وكمان اسم يكون مميز زي بالظبط كده ما سماكِ قدر " احمرت وجنتيها وشعرت بالخجل من اخر حديث ريهام هو لم يكن حديثاً خبيثاً او ماكراً او يحمل معنى اخر هي فقط تتحدث بقلبها ،حمحمت قدر تحثها على الاكمال وعدم التوقف عند هذه النقطة : " هي مات,ت ازاي ،قصدي يعني كانت عيانة او عملت حادثة " نفت ريهام الامر وهي تجيبها : "لأ ،وقتها ادهم كان في تالتة ثانوي وهي زي ما تكون حاسة انها هتمو,ت كان نفسها تشوف حسن اوي وطلبت كتير هي دائمًا كانت بتطلب من ابويا الحج يجيب لها حسن بس الفترة دي ألحاحها واصرارها الشديد في انها تشوف حسن قلق جدك وجاب دكتور يكشف عليها بس قالها انها كويسة ،اليوم اللي مات,ت فيه طلبت ادهم قبل ما تودعنا كلنا بس بطريقة غير مباشرة وسعتها مصطفى قالها انتِ حاسة بحاجة في حاجة بتشتكي منها اجيب لك دكتور طيب بس هي رفضت وطلبت ان الكل يخرج ويسيبها مع ادهم معرفناش وقتها هي قالت له ايه ونام في حضنها ودخل احمد عشان يطمن عليها احمد وقتها كان في تانية ثانوي وكان حلمه يبقا دكتور لدرجة انه كان بيسيب مذاكرته عشان يتعلم في الطب،احمد دخل وقرب منهم ورغم صغر سنه بس عرف " قاطعتها قدر بلهفة تنتظر الباقي : "عرف ايه " سقطت دموع ريهام وهي تتابع : " عرف انها مات,ت وصرخ بأعلى صوته يقول انها مات,ت ، ادهم كان نايم على صدرها قام مخضوض اتصدم ماكنش مستوعب اكتر حد انهار عليها ورفض انه يقعد في البيت فترة كبيرة كان قاعد في بيتها في الاسكندرية وهناك عرف صالح وصاحبه وهو الوحيد اللي خرجه من الحالة اللي كان فيها ومن وقتها ادهم بيكره اي حد يصحيه من النوم وخصوصاً احمد لأنه مش بيقدر يسيطر على غضبه " شعرت بالحزن من هذه المأساة التي تسمعها فدائماً تأتي الايام لتثبت لها وجهة نظرها وهي انها ليست الوحيدة من تعاني على هذا الكوكب، وجدت ريهام تبكي وكذلك هي نزلت دموعها هي الاخرى لكن مسحتها سريعاً هي لا تحب ان يراها احد ضعيفة او يراها وهي تبكي ،رسمت ابتسامة على وجهها مردفة بمرح حتى تنتشل ريهام من حزنها لتذكرها تلك الفترة العصيبة التي مر بها جميع من بالمنزل: "طب لو عايزينه في حاجة ضروري ولازم يصحى بتصحوه ازاي ،بالبلوتوث؟!" ضحكت ريهام اخيراً بعد وصلة الحزن هذه مردفة : "لأ هو بيصحى لوحده ،بس الوحيد اللي يقدر يصحيه هو جدك زكريا" قطبت جابينها مستفهمة : " اشمعنا جدي زكريا يعني " "لأن ادهم مهما كان متعصب عمره ما يقدر يعلي صوته على جده مش خوف منه بس ادهم بيحترمه جداً " انهت ريهام حديثها وهي تضرب قدر على ذراعها بخفة قائلة : "عاجبكِ كده العصر إذن ولسه مغسلتش اللبس " فاقت من شرودها وهي تبتسم وسمعت صوت سيارة الشرطة ودققت النظر وجدتها هي بالفعل. بالاسفل وقف زكريا امام ضابط الشرطة وخلفه أحفاده الذين اسرعوا بالحضور عند سماعهم اصوات عربة الشرطة المزعجة وطرح سؤاله بهدوء : "خير يا حضرة الظابط" اردف الضابط بطريقة رسمية يجيب السؤال بأخر : "فين أدهم مصطفى المنشاوي و مراد إبراهيم المنشاوي " نظر الجميع لبعضهم بتعجب واشار ادهم على نفسه يخبره بهويته وكذلك فعل مراد ،صوب الضابط نظريه على كلاهما وهو يقول : "انتم الاتنين متقدم فيكم بلاغ رسمي ومطلوب القبض عليكم " كان الصمت هنا هو سيد الموقف ،الجميع في حالة من الصدمة و الذهول ،ليقترب مراد من الضابط يسأله حتى يفهم ملابسات الموضوع : "مين اللي مقدم البلاغ ده حضرتك" لم تختفي حدته الواضحة في نبرة صوته وهو يجيبه بصرامة : "المدعو سعد المرشدي بيتهمكم انكم حرقتوا المطعم بتاعه " تحدث مراد بسرعة وعدم تصديق : "لأ اكيد في حاجة غلط " رد الضابط قائلاً بصرامة : "هنشوف في القسم اذا كان في حاجة غلط ولا لأ" اقترب زكريا من الضابط مردفة بهدوء ولين : "انا احفادي متربيين زين يا حضرة الظابط واكيد مش هما اللي عملوا كده " كان يقف صامتاً لا يتحدث يحاول ايجاد اجابة لجميع الأسئلة في رأسه لكن لن يحصل عليها سوى من شخص واحد فقط وهو... سعد. نالت نبرة صوت الضابط متحدثاً بأحترام : "عارف ياحج بس انا عندي اوامر بأعتقالهم وانا بنفذ الأوامر " وجد زكريا انه لا مفر لكنه لن يسمح لاحفاده ان تركب سيارة الشرطة امام اعين من بالحارة الشعبية فتحدث يقترح على الضابط : "طب حضرتك ممكن تاخد رجالتك وانا هجيب احفادي بنفسي وراك " اعترض بأدب : "ماينفعش ياحج ،انا كده ممكن اتضر وانت ما ترضليش الضرر" زفر زكريا الهواء بتعب : "لأ يابني واحنا ما نرضلكش الضرر " تدخل ادهم في الحديث بثبات لا يخاف ولا يقلقه شيء : " خلاص يا جدي ،احنا هنروح معاه " تحدث الضابط وهو يقول : "بس انا عندي حل ،هما ممكن يركبوا العربية وبدل ما تكون انت معاهم ياحج هيكون في اتنين عساكر وانا هركب البوكس انا والعساكر الباقية " بالفعل تحرك الضباط ،اما ادهم ومراد صعدوا سيارة ادهم وبصحبتهم اثنين من عساكر الشرطة. قضوا ليلتهم الاولى في الحبس الموجود في قسم الشرطة ودلف الإثنين الى مكتب الضابط من اجل التحقيق ،جلس ادهم وامامه من الناحية الاخرى مراد ويجلس امام المكتب الضابط وبجانبه يجلس الكاتب من اجل كتابة اقوالهم في محضر الشرطة. "المدعو سعد المرشدي بيتهمكم بحرق المطعم ممكن اعرف كنتم فين يوم الجمعة الساعة 9 باليل " تحدث مراد ببرود لا يصدق ما يحدث الآن : "كنا في البيت " تحدث الضابط بسؤال اثر حنق مراد : "حد شافكم يثبت انكم كنتم في البيت " كان مراد يشعر بالغضب لما فعله سعد بهم ابعد كل ما حدث يفعل هذا به وبسبب غضبه لم يفكر انه ربما يكون مرغماً على ما فعله عكس ادهم الذي توقع هذا الاحتمال : "حضرتك بقول لك كنا في البيت اكيد يعني الناس اللي في الشارع مش هتبقى عارفة مين جوا البيت ومين براه ، و بعد اذنك انا بطلب خروجنا بضمان محل الاقامة حتى الانتهاء من التحقيق لعدم وجود ادلة مادية ملموسة تدينا وكمان عشان..." قاطعه الضابط بطريقة فظة : " عارف عارف،وكمان عشان المتهم بريء حتى تثبت ادانته مش ده اللي هتقوله " رمقه مراد بمقت ونظر الى ادهم الذي يحثه على الهدوء بعينيه بمعنى فهمه مراد : "نخرج بس من هنا و هروق لك امه " كان يقصد الضابط فهو يتحمله لانه لا يريد توريط نفسه اكثر الآن، ابتسم مراد بعد فهمه نظرات ادهم لكن اختفت وهو يسمع الضابط يقول بخبث : "طب ايه رأيك بقا ،ان احنا لقينا چراكن بنزين فاضية في الجنينة اللي قدام البيت" هنا وطفح كيل ادهم متحدثاً بحدة : "طب ايه رأيك انت ان ده مش دليل يدنا ،عشان اي كلب في الشارع ممكن يدخل الجنينة ويحطهم لو خد عشرة جنية بس" شعر الضابط بالضيق من ادهم وقبل ان يتحدث سمع طرق باب المكتب ودلف منه العسكري وقام بأداء التحية العسكرية وبعدها مد ذراعه واعطاه اثنين من البطاقة الشخصية وقال : "الاتنين دول عايزين يدخلوا لحضرتك يافندم" تطلع في البطاقتين واردف وهو يلقيهم بأهمال على مكتبه : " قول لهم يستنوا برى لحد ما يخلص التحقيق " قام العسكري بأداء التحية العسكرية مجدداً وقبل خروجه دلفت هي قائلة وهي تتطلع في جميع الموجودين : "انا اسفة اني دخلت من غير ما حضرتك تسمح بده بس انا معايا دليل يثبت ان اللي حرق المطعم مش المهندس ادهم ولا الاستاذ مراد " ...لسه الحكاية مخلصتش... #صدفة_ام_قدر #العشق_الخماسي #سميه_عبدالسلام الفصل الواحد والثلاثون من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثلاثون 30 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات