![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سميه عبد السلامالبارت 31 (الثانوية العام) انا الحمدلله خلصت امتحانات على خير و اول حاجة عملتها اني اكتب البارت ده انا عارفة ان فترة غيابي كانت طويلة شوية بس ده غصب عني والله وبعتذر لناس اللي مضايقة وبشكر الناس اللي انتظرت، قبل ما تقرأ البارت ممكن تقرأ اخر بارتين عشان تفتكر الاحداث و لو مجمع تمام اقرأ على طول ويارب البارت يعجبكم بعد فترة الغياب دي كلها و لو ماعجبكمش هحاول احسن من نفسي ان شاء الله ♥️ و ماتنسيش تدعميني بلايك وعشان البارت يوصل لكل الناس. يلا صلي على حبيبك قبل ما تبدئي. _____________________ عاد من عمله وفتح باب المنزل ورأى والدته تجلس على الاريكة تشاهد التلفاز ،ركض نحوها بلهفة مرددًا بأعتذار : "معلش اتأخرت النهاردة في الشغل انا عارف ان اكيد زين دوشكِ ، و تعبكِ " "طب خد نفسك الاول " عقبت على حديثه ببسمة هادئة ثم تابعت حديثها بمغزى : "بس مش زين هو اللي تعبني " جلس اسر بجانب والدته وتنهد برفق وهو يعلم جيدًا ما تريده والدته قوله لكنه تصنع الجهل عند سؤالها : " امال مين اللي هيكون تعبكِ ،اوعى يكون عم عبده البقال ؟!" تنهدت بقلة حيلة فهي تعلم وليدها جيدًا ،لذلك قررت الدخول في صلب الموضوع مباشرةً : " اسر ،انا مش عجبني حالك و انت كده ،يابني انت مش عايش حياتك او بمعنى اقرب انت مش عارف تعيش حياتك ،انت مش عارف تاخد بالك من زين وحتى لما تكون عايز تخرج او عارف انك هتتأخر في الشغل بتجيبه عندي هنا وصدقني ده مش حل ،اسر انت و زين محتاجين حد ياخد باله منك ومن زين و..." وقبل ان تكمل حديثها قاطعها اسر بحذم وتأفف من الحديث بأكمله : "ماما بعد اذنك لو حضرتك مش عايزاني اجيب زين عندك تاني قولي وانا متقبل ده ،بس بلاش تجيبي حجج تانية ملهاش لازمة" اتسعت عينيها بذهول أ هذا ما وصل له من حديثها : "حجج؟!! انا بتحجج يا اسر ربنا يسامحك ،ده ربنا وحده اللي يعلم اني بفرح اد ايه لما تجيب زين يقعد معايا ،ده انا بتحايل عليك عشان تيجي تعيش معايا انت و زين بدل ما انا عايشة لوحدي وانت مش بترضى وعشان خايفة عليك وعلى ابنك تقولي بتحجج" اقترب منها اكثر وضمها إليه بذراعه متحدثًا بأعتذار : "حقك عليَ ،انا مقصدش ،بس ممكن نأجل اي نقاش دلوقت عشان انا فعلًا جاي تعبان من المستشفى " "ناهد كلمتني النهاردة يا اسر" القت قنبـ.لتها دون تمهيد لتنكمش ملامح اسر متعجبًا : " و دي بتكلمكِ ليه ؟ اكيد راجعة عشان تساومني على زين وتاخد فلوس زي ما عملتها قبل كده " و عند تذكره كل ما فعلته ناهد في السابق بداية من ولادة زين واكتشاف مرضه بمتلازمة توريت وانه لا شفاء منه ومحاولة قتـ.لها له وعندما اكتشف اسر هذا ،اخبرته انه لابد ان يختار احدهم اما هي او صغيره الذي لم يتعد عمره الثلاث شهور بعد وكانت متيقنة ان اسر سيختارها هي لانها تعلم جيدًا كم يحبها لكن خيب املها واختار اسر صغيره زين وطلق زوجته. وبعد عام تقريبًا عادت له من جديد في بداية الامر فرح اسر كثيرًا بعودتها ظنًا منه انها عادت من اجل العيش معهم ولكنها لم تعود إلا من اجل المال فقط وعندها اخبرت اسر ان يعطيها المال مقابل ترك زين له وعند رفض اسر هذا الابتزاز قامت بتهديده بأنها سوف تقوم برفع قضية واخذ زين بالقانون وهنا تدخلت والدته في الامر و اخبرته ان يعطيها المال والابتعاد عن المشاكل وبالفعل لب رغبة والدته واقتنع بها ومن بعد هذا الموقف لم يرى احد او يسمع عن ناهد شيئًا وها هي تعود بعد اربعة اعوام. مر كل شيء سريعًا من امامه كأنه حدث بالامس ليتحول تعجبه من اتصال ناهد بوالدته إلى غضب وما ذاده اكثر عند متابعة والدته باقي الحديث : " لأ قالت انها عايزة ترجع ،عايز تعيش معاك انت وزين وبتقول انها مستعدة تكفر عن غلطها زمان مقابل انك تسامحها وترجعوا تعيشوا انتم التلاتة مع بعض" رمق اسر والدته بعدم تصديق ليضحك بسخرية واضحة وعقب قائلًا : "لأ ده بجد ،وحضرتك صدقتيها ؟!" وقبل ان تتحرك شفتيها وتجيبه تحدث اسر متحدثًا بذهول : "انتِ ازاي ما قفلتيش السكة في وشها ،عايزة ترجع بعد كل اللي عملته دي كانت هتمو.ت ابني وحضرتك قاعدة دلوقت تقنعيني عشان ارجع لها " تحدثت الاخرى مبررة : "انا ما قلتش كده انا اصلًا مش عايزة اشوف اللي اسمها ناهد دي تاني بس اللي زيها ممكن يرجع وتحاول تقرب من زين ووقتها مش هتقدر تبعدها عن زين " وقف اسر وقال بأنفعال : " ومين هيسمح لها بده، هي ماتقدرش تقرب من ابني وانا موجود " " لأ تقدر يا اسر تقدر عشان دي امه وزين فاهم ان امه مسافرة ولما ترجع اكيد زين هيتعلق بيها عشان كده لازم تسبق ناهد بخطوة وتتجوز وبكده تقفل كل السكك في وش ناهد " زفر اسر الهواء بحنق قائلًا : "ابني هعرف ازاي اخليه يختار انه يفضل معايا حتى لو ناهد ظهرت وبردو من غير جواز " وقفت والدته واقتربت تضع يدها على كتف ابنها قائلة : "يابني مش كل الناس زي ناهد ،صوابع ايدك مش زي بعضها مش معنى انك اخترت مرة غلط وفشلت في تجربة يبقا تعمم نتيجة التجربة دي على الكل ، ولو مش عايز تتجوز عشانك فأنت لازم تتجوز عشان خاطر زين" توقفت قليلًا بعدما استدار لها اسر ثم تابعت حديثها : " زين زيه زي اي طفل محتاج لأمه صح انا باخد بالي منه و بلعب معاه بس ده مش كفاية زين لازم يحس بحنان الام اللي محروم منه وما تقليش انت كفاية عشان انت ابوه وبس، وماحدش هيعوضه عن امه غير واحدة بنت حلال تعتبره زي ابنها ، وزين هيكبر و اسئلته هتكبر معاه ووقتها ممكن يكرهك عشان حرمته من امه حتى لو انت عملت كده عشان خايف على مصلحته" ضم حاجبيه مستفسرًا : "قصدك ايه يا ماما" ربتت على كتفه بهدوء : " زين نايم جوا، ياريت تباتوا عندي النهاردة وفي ورقة كده على الكومود جمب السرير بص عليها " فتح الباب بهدوء ونظر داخل الغرفة وجد صغيره نائم كملاك صغير ،ترك اسر مقبض الباب ودلف للداخل واقترب من صغيره بحرص وطبع قبلة على جبينه بهدوء حتى لا يزعجه اثناء نومه ثم سحب الغطاء ووضعه فوق زين ،ووقف حتى يقوم بتبديل ثيابه وينام هو الاخر لكن سقطت عينيه على ورقة موضوعة جانب الفراش التقطتها اسر ولم تكن سوى رسمة رسمها زين لثلاث اشخاص يمسكوا بأيدي بعض و دون فوق كل شخص اسم "بابا" "ماما" "زين" الآن فهم اسر مقصد حديث والدته ،تنهد بقوة ووضع الورقة مكانها من جديد ثم ابتسم وهو ينظر لـ زين النائم بهدوء متمتمًا بخفوت : "وردتي" عقب اسر على حديث ابنه النائم بمرح : "وردتي؟! هي خطفت قلبك انت كمان" __________________________________ خرج رحيم من غرفة زوجة عمه ريهام وكان في استقباله عايدة ومعها سعاد التي اردفت بقلق على ابنتها : " مالها ريهام يابني " تنفس رحيم الصعداء مجيبًا بهدوء : " هي نايمة دلوقت انا بعت احمد الصيدلية يجيب لها علاج ومحاليل عشان نظبط الضغط ،الاغماء اللي حصلها ده بسبب اللي حصل وبأذن الله مع الادوية هتكون كويسة بس لازم نسيبها ترتاح شوية" اقتربت عايدة من رحيم والقلق ينهشها على مراد و ادهم : " رحيم انت اللي هتقول ليَ الحقيقة ادهم و مراد البوليس جه خدهم ليه ؟ وما تقولش زي ابراهيم عشان عايزينهم يشهدوا في قضية عشان مافيش شاهد بياجوا ياخدوه بالبوكس " حمحم رحيم واردف بهدوء : " والله يا مرات عمي انا ما اعرفش اكتر من اللي حضرتك تعرفيه ،وان شاء الله جدي زكريا و عمي مصطفى و عمي ابراهيم مش هيرجعوا من هناك غير وهما معاهم " تجمعت العبرات بكلتا عينيها تقول بحسرة : " كان مستخبي لنا فين ده بس ياربي " ثم تركتهم وذهبت لتجلس على احد الكراسي قبل ان تخونها ساقيها فهي لم تعد قادرة على الوقوف. تحدثت سعاد وهي تنظر لرحيم بتفحص تعجب رحيم من نظراتها المريبة تلك لكن قرر تجاهلها واردف بتسأل : " هو سليم فين؟" "سليم قاعد برى في الجنينة " وقبل ان يتحرك ويخرج رحيم له سألته سعاد اكثر سؤال يكره منذ وصوله إلى هذا المنزل إلا وهو : " هو انت دكتور" تشدق رحيم ساخرًا : " لأ فطاطري وباليل دكتور على ما تفرج" رمقته سعاد بحنق : "انا بسأل عادي هو السؤال حُرم " زفر رحيم الهواء بهدوء : " لأ السؤال ماحرمش ولا حاجة بس من ساعة ما جيت البيت هنا ومافيش حد شافني إلا وسألني السؤال ده " تحدثت سعاد بجدية ازعجت رحيم : "ما انت اللي غلطان بردو، اصل وشك ده مش وش دكتور" رفع حاجبيه بسخط وسخر من حديثها : " امال وش ايه" ردت سعاد ببساطة : "وش سجون" شعر رحيم انه سيفقد سيطرته على ذاته مردفًا بهدوء كاذب : "بعد اذنك انا خارج لـ سليم بدل ما اتجلط " خرج رحيم وذهبت سعاد تجلس بجانب ابنتها من اجل ان تواسيها في محنتها. "انا مش عارفة ليه بيحصل كده، ده احنا ما صدقنا الفرح يدخل بيتنا لما مراد قال انه هيتجوز ، بقا مراد اللي بيروح المحاكم و بيدافع عن الناس هو اللي يدخل السجن ولا أدهم ،ادهم اللي ماشي زي الألف الحكومة تيجي وتاخد الاتنين من وسطنا يا شتماتة الاعادي فينا" لوت سعاد شفتيها بسخط لتعقب على حديث ابنتها : " هي عين و صبتكم ،ده العين فلقت الحجر ،ده المثل بيقول لكِ داري على شمعتك تقيد وانتم الله اكبر الشمع المنور عندكم كتير" كانت تقصد الشباب بحديثها، كفكفت عايدة عبراتها بيدها ثم نظرت إلى والدتها تسألها بضجر : " يعني اعمل ايه اخبي عيالي عن عيون الناس ولا نفرح في السر " وكزتها سعاد في كتفها قائلة : "لأ بس خليكِ زكية، يعني خلي الحاجات الحلوة في حياتكِ زي صورة البطاقة لا بترويها ولا بتجيبي سيرتها لحد " بالخارج اقترب رحيم من سليم الجالس يحضن رأسه بكلتا يديه ،جلس جواره ووضع يده على كتف سليم وقال : " ما تقلقش عليهم، مراد محامي شاطر وهيعرف يتصرف" رفع سليم رأسه ونظر إلى رحيم متحدثًا بأنزعاج : "انا مش عارف جدي مخلنيش اروح معاهم ليه؟ بدل ما انا قاعد كده ومش عارف ايه اللي بيحصل هناك" "صدقني لو روحنا معاهم مش هيفيد بحاجة و اكيد جدي هيتصرف ومش هيسيبهم " وقف سليم بأنفعال : " وانا افضل قاعد هنا حاطط ايدي على خدي زي الحريم وابقى لا على بارد ولا على حامي" وقف رحيم هو الاخر حتى يهدأ سليم : " يابني ما انا زيك اهو وقاعد مستنيهم لما يرجعوا عشان يطمنوننا " نفى سليم برأسه متحدثًا بطريقة عدونية لاول مرة يراها رحيم : " لأ انت مش زيي ، عشان اللي بتتكلم عنهم دول انت ما تعرفهمش غير من شهر مش زي اللي اتربى معاهم وعاش حياته كلها معاهم ،مراد و ادهم دول اخواتي و انت عمرك ما هتحس بالنار اللي جوايا " اومأ رحيم له بهدوء يخفي حزنه خلف ابتسامة رسمت بصعوبة على وجهه : " عندك حق انا فعلًا ما اتعرفتش عليكم غير من شهر ، بس عمرها ما كانت بتتحسب بالسنين والايام يا سليم بتتحسب بالمواقف و الازمات وانا مافيش موقف او ازمة مرت عليَ وانا هنا معاكم إلا ما اثبتت ليَ انكم اهلي بجد، وبتخافوا عليَ وبتقفوا جمبي" كان يقصد منذ لحظة وصوله للمنزل واخباره للجميع انه حفيد زكريا، لم يكن يتوقع قبولهم السريع له ولشقيقته في حياتهم ولم يعاملوهم ابدًا كغرباء ، وعند رفد رحيم من العمل لم يتركه احد بمفرده بل فعلوا كل ما بوسعهم حتى يرسموا البهجة على وجهه من جديد ومن بعدها احضار سليم له العمل الحالي في المشفى. تابع رحيم حديثه متذكرًا تلك المواقف مردفًا بصدق : "عمرها ما كنت بالسنين، انا عشت معاكم انا و اختي شهر ،وفي الشهر ده اتعلمت حاجات كتير و اولها...اني احمد ربنا ان بقى ليَ عيلة زيكم بتحبني وبتخاف عليَ و ابسط حاجة اقدمها للعيلة دي اني افرح لفرحهم و ازعل لزعلهم و زي ما انتم اعتبرتوني جزء من عيلتكم انا كمان بعتبركم عيلتي و ادهم و مراد مش عيال عمي ادهم و مراد اخواتي" وقبل ان يتحرك ويدلف لداخل تحرك سليم بسرعة ووضع ذراعه على كتف رحيم مردفًا بسرعة : " رحيم استنى" وقف رحيم لكن لم ينظر له ليتابع سليم : "انا ماقصدتش اللي انت فهمته، انا بس من زعلي على اخواتي واني مش عارف اعمل لهم حاجة فبقول اي كلام، ما تزعلش مني انا شكلي اتعديت من الواد مراد وبقيت احدف دبش" انهى جملته مازحًا ليعقب رحيم بجدية وحذم : "لو سمحت ما تغلطش في مراد، مراد مش بيحدف دبش مراد بيحدف ظلط" ابتسم الإثنين معًا لكن اختفت سريعًا عند رؤيتهم لزكريا ومعهم أبنائه الإثنين فقط دون ادهم و مراد ، هرول سليم ومراد ناحيتهم و اول من تحدث هو رحيم : " عملتوا ايه؟ وفين ادهم و مراد مجوش معاكم ليه" تحدث مصطفى وهو ينظر لهم بنظرات بائسة و حزينة : "هيباتوا الليلة في الحبس و بكره هيتحقق معاهم " تابع رحيم بسؤال اخر كي يفهم : "قصد حضرتك انهم هيتعرضوا على النيابة الصبح" ومن اجابه هو ابراهيم الذي قال : "لأ لسه لما يتحقق معاهم في محضر الشرطة الاول " ضم رحيم حاجبيه اكثر بتعجب: " ايوة بس المفروض اول ما يروحوا يتحقق معاهم ولو ثبت حاجة في محضر الشرطة ضدهم بيتعرضوا على النيابة انما كده هما عملوا العكس ، انا صح مليش في القانون بس انهم يحبسوهم كده ده شيء مش قانوني لان ده مجرد اتهام" كان سليم يستمع له وهو شخص سريع الغضب كشقيقته ندى ليس لديه ثبات انفعالي: "لو الكلام اللي انت بتقوله ده صح يا رحيم الظابط ده يحبسهم بتاع ايه" ثم نظر لجده وابيه وعمه : " وانتم ازاي سيبنهم وجايين كده" وهنا خرج صوت زكريا هدئًا : "ما تقلقش عليهم لو هم ما عملوش حاجة هيخرجوا " هدوء زكريا هذا نجح في استفزاز سليم لكنه تمالك نفسه ولم يثور بل طرح سؤاله وترقب الجواب من جده بحذر : " طب لو هم اللي عملوها" علت نبرة زكريا قليلًا واصبحت اكثر غلظة مردفًا بتهديد : " يبقى يستاهلوا اللي هعمله معاهم مش الحبس بس" وبسبب خوف سليم على اشقائه وغضبه من المدعو سعد لم يستطع ان يقدر الموقف وانه يتحدث مع جده بل طفح كيله وخرج صوته منفعلًا وعاليًا : "حضرتك بتقول ايه؟!! انت بدل ما تشوف حد يخرجهم تقول يتساهلوا الحبس انت بتفكر ازاي.." وقبل ان يسترسل باقي حديثه سمع صوت اباه يقول بحدة مناديًا بأسمه: "سليم" هنا وقد استعاد رشده ليتحدث زكريا موجهًا حديثه لأبنه ابراهيم لكن عيناه مصوبة على سليم : " سيبه يا إبراهيم، سيبه يعلي صوته على جده ويعرفني انه كبر وبقا راجل والله وعرفت تربي يا إبراهيم" وبعد انتهائه من جملته تركهم ودلف للداخل ، حمحم رحيم قائلًا: "عمي مصطفى ممكن تيجي معايا عشان تطمن مرات عمي ريهام لانها قلقانة اوي على ادهم و مراد " تحدث مصطفى بخوف وقلق على زوجته : " مالها ريهام يا رحيم" انتهى من جملته ولم ينتظر الرد بل دلف لداخل سريعًا وبعده رحيم حتى يترك سليم مع والده بمفرده ليقول إبراهيم وهو يشعر بالخذلان من تصرف إبنه: "ها كمل باقي كلامك سكت ليه" برر سليم مدافعًا : " يا بابا انا مضايق عشان اخواتي و..." قاطعه إبراهيم قائلًا بضجر و استنكار : " اخواتك دول مش عيالي انا كمان، فرحان انا كده وانا سيبهم في الحبس و لا عليت صوتي على ابويا زي ما انت عملت من شوية لو كل حاجة بالعصبية و الصوت العالي كان زمان الكلاب هي اللي بتحل مشاكلنا" شعر سليم بالخزي من نفسه واردف معتذرًا: " اسف يا بابا " نهره إبراهيم اكثر : " اسفك ده ما يلزمنيش انت تروح تعتذر لجدك وياريت يقبل اعتذارك " تحدث سليم بمرح حتى يقلل من حزن والده بسبب تصرفه مع جده : " انا هروح اعتذر لجدي وانت روح سكت الولية مراتك اللي عملاها مناحة جوا دي" فتح إبراهيم عينيه يرمق إبنه الذي يدلف لداخل محدثًا نفسه : "شوف الواد قليل الحيا، بيقول على امه ولية" ثم انتبه لباقي جملة سليم ليعقب على الحديث بصوت عالي : " استنى يا سليم دي ولية نكدية " ثم اسرع بالدخول للمنزل هو الاخر وتمنى ان لا يقابل زوجته التي يعلم جيدًا انها لن تكف عن الثرثرة والندب من اجل ابنه وسوف تقوم بألقاء اللوم بأكمله عليه حتى وان لم يكن له صلة بما حدث مع ادهم ومراد. __________________________________ زج العسكري بكلًا من ادهم و مراد داخل الحبس ،ليحرك مراد بصره على جميع المتواجدين داخله وبلع ريقه بتوتر وهو يرى تلك الوجوه المخيفة، رفع يده والقى التحية عليهم بقوله: "السلام عليكم ورحمه الله وبركاته" لم يعيره احد اهتمام ما عدا ادهم الذي التفت له واردف بضيق : " انت بتعمل ايه" اجابه مراد ببساطة وهم مازالوا يقفون : " المفروض اي مكان جديد تدخله ترمي السلام لناس الموجدين" سمع مراد صوت ادهم المستنكر : "ترمي السلام لما تكون داخل الجامع مش داخل الحبس!" وبعد جملته ترك مراد واتجه يجلس على الارض ويستند بظهره على الحائط وهو ينظر للمكان بتقزز ، ولم يمر ثانية ولحق به مراد وجلس من الناحية اليسرى في المنتصف بين ادهم وبين احد الاشخاص الذي يبدو عليه الإجرام من الدرجة الأولى. "هو المفروض يعملوا معانا ايه بعد كده" سأل ادهم ليجيبه مراد : "مش عارف" صاح به ادهم قائلًا : "وحيات خالتك انت مش محامي يالا؟!" وعندما صاح ادهم انتبه الجميع لهم وهذا اربك مراد الذي قال بتوتر: "اصل انا كنت غايب في المحاضرة دي" جحظت اعين ادهم ونظر لمراد بغضب الذي اردف بخوف ورجاء : " و النبي ما تبرق ليَ انت كمان، مش كفاية دول انا حاسس اني هعملها على نفسي من الخوف" وفي احد اركان الحجرة يجلس احدهم و يدعى عبد ربه وهو ينظر لهم بشر ويضع الهاتف على اذنه يحدث شخصًا ما : "وصلوا بالسلامة يا باشا زي ما قلت" صمت يسمع رد الاخر والذي لم يكن سوى رجب ذراع الشيمي الايمن والذي استطاع الافلات من قبضة الشرطة ذلك اليوم. "طبعًا زي ما حضرتك امرت ،هما شوية خرابيش على كدمات وبعدين دول ضيوف وانت عارفني بحب اكرم ضيوفي اوي" اغلق الهاتف وظل ينظر لهم وقبل ان يقف ويتجه لهم حدث ما جعله يتوقف عن السير حتى يرى ما الذي سيحدث. كان يسير على الارضية صرصور صغير رأه مراد وفجأ دهسه ذلك الرجل الجالس جواره بقدمه اشمئز مراد مما فعله الرجل ليعقب بصوت عالي متناسيًا خوفه منهم : "ايه اللي انت عملته ده" التفت الرجل برأسه وبرزت عروقه واردف بشراسة وصوت غليظ فكان مخيفًا للغاية : "عملت ايه ياض" ابتسم مراد بتوتر واردف بتبرير : "يعني ينفع يا... الا انت اسمك ايه" رد الرجل بنفور : "اسمي المعلم باحا" لم يكن ادهم مهتم بما يحدث فكان عقله مشغول بسؤال واحد ما الذي دفع سعد للأبلاغ عنهم. "ترضى يعني يا معلم باحا انك تكون صورصار وحد يديك بالجزمة على دماغك " اشتعل غضب باحا وامسكه من تلابيبه يعنفه : "انت بتقول ايه ياض" وقف باحا وسحب معه مراد ونظر له بخبث وقال : "اقلع " ظل مراد ينظر له بعدم فهم: "اقلع ايه لمؤاخذة " ليعيد باحا طلبه : "اقلع هدومك" اومأ له مراد برضوخ : "حاضر" تركه باحا ظنًا منه بأن مراد سينفذ طلبه لكن تفاجأ بيد مراد تلتحم بوجهه واعطاه لكمة سقط على اثرها ارضًا ،ابتسم مراد برضا ونفض يده من الغبار الوهمي الملتصق بيده ثم استدار لتختفي الابتسامة عند رؤيته ان الجميع وقف ومعالم الشر والغضب ترتسم على وجوهم جميعًا وهذا بسبب ضرب مراد لـ باحا ابتلع مراد ريقه واستدار مرة اخرى وجد باحا وقف وينظر له بنظرات حارقة كادت تحرقه حي ولم يكتفي باحا بالنظر فقط بل رد له الضربة بأخرى. وعلى اثرها سقط مراد في حضن ادهم الغير مبالي تمامًا ليعقب مراد بحسرة : " طب انا مش ابن عمك ولا انتم لقتوني على باب جامع ولا ايه" وقبل ان يتفوه احدهما بكلمة قد امسكه باحا من الخلف و اوقفه امامه ثم اعطاه لكمة ارجعته للخلف وهذه المرة سقط بين احدى الرجال الذي ساعده على الوقوف ليشكره مراد بقوله : "شكرًا" ورد الرجل على شكر مراد بلكمة اخرى اوقعته ارضًا. "مستني تاخد العزا بتاعي ولا ايه مش فاهم...ده الاخوات في مسلسل العار ما عملوش مع بعض كده" ابتسم ادهم بخفوت قبل ان يقف ويتجه لـ باحا يقف امامه كحائل بينه وبين مراد : " خليها عليك انت يا معلم باحا" دفعه باحا للخلف بيده مع قوله بأضطهاد : " و انت مين يا حيلتها " تماسك ادهم على ذاته فهو بالاساس يشعر بالغضب لتواجده في مثل هذا المكان ،رسم ابتسامة مزيفة على وجهه واردف بهدوء : "البشمهندس ادهم المنشاوي...و اخوه" تحدث باحا ساخرًا وتبعها قهقه: "طب ما تبني لنا نفق تحت الارض عشان نهرب من الحبس و لا انت مهندس على ما تفرج" وعقب انتهائه علت الضحكات في المكان، لكن هذا لم يجعل ابتسامة ادهم تزول الذي قال : " لأ الحقيقة انا ببني عمارات و كباري فوق الارض انما اللي تحت الارض ده شغل فيران..مليش فيه" احتدت الوجوه وعم الصمت ليتحدث باحا بصوت عالي لأحد رجاله : "هو يقصد ايه" تحدث الرجل : " يقصد ان احنا فيران يا معلم وبنخاف عشان كده عايزين نستخبى في نفق " تدخل مراد في الحديث وهو يرى باحا كتلة من النار المشتعلة ينهر ذلك الرجل : " هو ما قلش كل ده انت بتجود من عندك على فكرة" تحدث باحا بأصرار وغضب : " طب ايه رأيك بقا انها طقت في دماغي وهتبني نفق " وضع ادهم يديه الاثنين في جيوب بنطاله متحدثًا وهو يتفحص باحا بعيونه : "انا ماعنديش مشكلة ابني النفق بس...مش شايف ان النفق صغير عليك شوية" قهقه الجميع بما فيهم رجال باحا فهو شخص يعاني من السمنة المفرطة ليخرج صوته غاضبًا : "اخرس يا زفت منك ليه" صمت الجميع خوفًا منه وبعدها بدأ الاشتباك بين ادهم و مراد ضد باحا ورجاله وبالرغم من عدد الرجال الكثيرين إلا انه استطاع ادهم ومراد التغلب عليهم ،مراد ليس جبانًا او ضعيفًا بل هو شخص مسالم يكره اللجوء للعنف لكن اذا اضطر تظهر قوته التي يخفيها خلف قناع الهدوء و اول من تفاجأ بهذه القوة هو باحا الذي ظن في بادئ الأمر ان مراد شخص ضعيف. وبالطبع كل مايدور كان تحت نظرات عبد ربه الذي كلفه رجب بالترحيب اقصد بضرب مراد و ادهم لكن ظل محله وهو يرى رجال باحا يقعوا ارضًا واحدًا تلو الآخر. سمع عبد ربه رنين هاتفه وعلم انه رجب اجابه بصوت متلعثم وهو يرى ما فعله هذين الاثنين بكل هؤلاء الرجال : "ايوة ياباشا لأ انا توبت الحمدلله من الشغلانة دي و ناوي افتح سايبر " اغلق الهاتف في وجه رجب ليقترب منه باحا مدعي الثبات لكن نجح ادهم في بث الرعب داخله وتحدث بأمر : "انت واقف عندك ليه ما تروح تخلص عليه بدل ما اخلص عليك انا" كان يقصد ادهم الذي يضربهم بلا توقف ومن يأخذ الضربة الاولى لا يأخذ الثانية، بلع عبد ربه ريقه ونظر لـ باحا بأستخفاف : " يا شيخ اتنيل" ترك مراد الرجل و توقف عن ضربه و ذهب لـ باحا وعبد ربه وتحدث بجدية لا تناسب الموقف البتة : "تعرفوا ان كلمة اتنيل ،دي كلمة لاسم نبات عند الفراعنة بيحطوه على القبور دليلاً على الحزن والاكتئاب، معنى اتنيل يعني حزن واكتئاب يعني لما حد يقول لحد اتنيل كأنه بيقوله اتوكس يا حزين على عمرك " فتح الاثنين فمهم ببلاهة ماذا يقول هذا الاحمق أ هذا وقته؟! لكن سرعان ما استشاط باحا وكور يده لضرب مراد لكن مراد كان اسرع منه و تفادها ثم بعد ذلك تشابك الإثنين معًا وقرر مراد عدم تركه حتى تهدأ ثورته. اما عبد ربه حمد الله انه ابعد هذين الاثنين بعيدًا عنه فهو لا يريد ان يشارك في هذا العرض القتا.لي. لكن حمده لم يدم طويلًا ووجد ادهم يقف امامه بعينين مسودة مخيفة ،كان يريد ان يفرغ طاقة غضبه مما حدث معهم وها قد سنحت له الفرصة عن طريق باحا والتي جعلته يفقد السيطرة على ذاته وظل ينظر لـ عبد ربه بشر وعلى الرغم من ان عبد ربه مسجل و مجرم إلا انه شعر بالخوف من نظرات ادهم و تبول في سرواله. "انت بقا اللي بعتينك عشان تعلم علينا" تحدث عبد ربه برجفة وخرج صوته متعلثمًا : "انا.. كنت جاي عشان.. اضربكم بس ده قبل ما.. اشوفك" "طب وبعد ما شفتني" خرج صوته بثبات ينتظر الإجابة فتابع عبد ربه باقي حديثه: "بعد ما شفتك ناوي اتوب و ادخل الإسلام من جديد " وعلى حين غرة امسك به ادهم وصاح به بوجه متجهم : " طب تعالى بقا يا روح امك سمع ليَ الشهادة " __________________________________ دلف إلى القاعة وجلس على مقعده يفكر كيف يخرج احفاده من هذا المأزق ، صحيح هو يظهر للجميع بوجهه القاسي لكن لن يقبل ان يتأذى احد احفاده وحتى اخر نفسًا به سوف يقوم بحمايتهم مهما كلفه الأمر. اخرج هاتفه وقام بالاتصال على ثابت فضل رئيس احمد بالعمل و ايضًا هو وفضل ابناء عم، وضع الهاتف على اذنه منتظرًا الإجابة ولم تطل مدة الاتصال حتى سمع زكريا صوت ثابت مهللًا بفرحة وحب صادق : " عامل ايه ياحج زكريا، ده البيت نور والله مش شاشة التليفون بس" بلع زكريا الغصة في حلقه وتحدث بهدوء بعدما لانت ملامحه قليلًا : " الله يسلمك يا ولدي انا زين الحمدلله انت كيفك وكيف عيالك" "الحمدلله كلنا بخير ياحج، ده حتى حسام ابني حكى ليَ على اللي حصل وقال ليَ انه قابلك ما تتصورش كان فرحان ازاي لما قابل حضرتك" ابتسم زكريا بتعب مع قوله : "زين ما خلفت وزين ما ربيت يا ولدي" عقب ثابت بمزاح فهو على عدم دراية بما حدث معهم: " بس عمرها ما هتكون زي تربية الحج زكريا بسم الله ماشاء الله من اول ادهم لحد عمر الصغير كلهم رجالة الناس كلها بتحلف بتربيتك ليهم" اغمض زكريا عينيه بتعب و ارهاق فهو لا يستطيع ان يقبل فكرة ان احد احفاده ليس معهم بالمنزل بل والاسوء انه بالحبس في قسم الشرطة. "عشان كده كلمتك يا ثابت" استشعر ثابت القلق من صوت زكريا المضطرب لتختفي ابتسامته ويجيبه بلهفة : " خير ياحج زكريا هو في حاجة حصلت" اكثر شيء يكره زكريا شيء يسمى الواسطة والمحسوبية فمن ضمن قوانينه من اخطأ يُعاقب و ان كان فرد من عائلته لكن لا ضرر من المساعدة حتى يتأكد ان كان احفاده هم من فعلوها ام لا وان كانت الاجابة بنعم لن يرحمهم وسوف ينفذ عقابه حتى لو لم يعاقبهم القانون وعلى الرغم من ان قوانين زكريا وطريقته في التربية شديدة وصارمة للغاية إلا انها نجحت ان تخرج رجال يمكن الاعتماد عليهم، اخرجت احفاد المنشاوي. أجابه بأختصار وجدية معتادة من زكريا: " كنت محتاج خدمة من حسام ابنك" بالخارج وقف سليم بتردد أ يطرق الباب ام ينتظر للغد حتى يهدأ جده مما فعله معه لتو وبعدها يأتي للاعتذار راق له الاقتراح الثان وقبل ان يستدير ويفر من هنا سمع صوت جده من الداخل يقول : " ادخل يا سليم" ارتعب سليم اكثر فكيف رأه والباب مغلق ،التفت سليم حوله كثيرًا محدثًا نفسه : " هو فيه كاميرات في البيت ده ولا ايه" وقبل ان يغوص في تخميناته صاح زكريا عليه من جديد ليفزع سليم يتحرك دخول للقاعة لكنه نسيَ ان يفتح الباب و ارتطم به. "ما هي ليلة سودة اصلها" همهمة بسيطة خرجت منه وبعدها فتح الباب ودلف سريعًا لداخل القاعة اقترب سليم من جده و امال على يده الموضوعة فوق قمة عصاه الابنوسية وقبلها متحدثًا بندم يعتذر عما بدر منه منذ قليل مطأطأ الرأس : " انا اسف ياجدي ماكنش ينفع ارفع صوتي على حضرتك ، انا عارف ان مهم اكون مضايق ومتعصب مينفعش ارفع صوتي انا غلطت وعشان كده جاي لحضرتك وبعتذر للمرة التانية انا اسف ياجدي" "خلاص ياولدي روح انت وسيبني لحالي" ادرك سليم ان جده لم يقبل اعتذاره لكن لن يقدر على الوقوف والتحدث اكثر بل نفذ رغبته في الخروج. __________________________________ خارج المنزل دلفت نجلاء من البوابة الحديدية وخلفها علا ووردة بعد اتصال سعاد بهن و اخبرتهن بما حدث لتفزع نجلاء وتأتي سريعًا من اجل شقيقاتها. لم تكن تسير بل تهرول إلى الداخل ومن بعدها وردة التي امسكت علا من ذراعها ووقفت عن السير قبل دخولهم من باب المنزل ضمت علا حاجبيها بمعنى ماذا؟! اشارة وردة برأسها لـ علا ان تنظر خلفها وترى من يدخل من البوابة الحديدية مع قولها : "احمد جاي اهو و دي فرصة كويسة عشان تتكلمي معاه لو هو بيتهرب منكِ فعلًا زي ما بتقولي" ردت الاخرى بحنق : "على فكرة المفروض انا اللي اكون زعلانة من تجاهله اللي ملوش سبب من وجهة نظري ده، مش هو" " طب اركني زعلك منه دلوقت على جمب، احمد محتاجك يا علا هو دلوقت اكيد زعلان عشان ادهم و مراد و انتِ لازم تهوني عليه مش تتقمصي منه انتِ كمان" زفرت بيأس : "حاضر ،خلاص يا وردة بقا" رفعت وردة حاجبها مع ابتسامة ماكرة : "يابت اطلعي من دول، انتِ هتعمليهم عليَ ده عيونكِ طلعت قلوب اول ما شافته" ضربتها علا على كتفها بخفة وهي ترى احمد يقترب : "طب يلا ياختي ادخلي عشان احمد جاي علينا " ابتسمت وردة على شقيقتها وتمنت بداخلها ان تتحسن الأمور بين شقيقتها وبين احمد ثم دلفت لداخل حتى تتيح الفرصة لـ علا في محادثته. يحمل الادوية التي طلبها منه رحيم من اجل والدته وحتى الآن لم ينتبه لوجود علا التي اردفت عندما اقترب منها مع ابتسامة خجولة: " ازيك يا احمد" رفع عينيه لتلتقي بعينيها السوداء التي تشبه ظلام الليل، انتابه الكثير من المشاعر عند رؤيتها الغضب ، الحزن ، الاشتياق ناهيك عن شعوره بالحزن من اجل اخويه و والدته. ضرب بكل هذا عرض الحائط والقى بنفسه بين احضانها و سمح لدموعه بأن تتحرر من مسكنها، دموعه التي لا تظهر امام احد سواها، اما هي تفاجأت للحظة من ردة فعله لكن ابتسمت بحنو و ايضًا بحزن على حبيبها و زوجها و اخذت تربت على ظهره حتى هدأ قليلًا و بعدها مسكت كف يده وجلس الإثنين على المقاعد الموجودة بحديقة المنزل، وضع احمد هاتفه و كيس الادوية امامهم على الطاولة. لتحمحم علا وهي تتطلع بوجهه بهدوء : "مالك يا احمد اول مرة اشوفك بالحالة دي صدقني كل حاجة هتبقا احسن بس انت سلم امورك لله " مسح وجهه ونظر إلى السماء كأنه يشكو همه إلى الله: " ادهم مش اخويا الكبير وبس ادهم ابويا التاني، كنت كل ما اقع في مشكلة او مصيبة الاقي ادهم واقف في ضهري عمري ما احتاجته وملقتهوش و هو اول لما يكون في مشكلة ماعملوش حاجة" كان يقصد عند ذهابه مع مراد إلى مخزن الشيمي و فضح امرهم وتم احتجازهم بواسطة رجال الشيمي ولولا قدوم ادهم وسليم في اللحظة الأخيرة لأنتهى بهم المطاف بالمو.ت وكذلك في المرة الثانية عندما اختطفه الشيمي ومعه مراد ومن انقذهم هو ادهم. حاولت علا التخفيف عنه بقولها: "هون على نفسك يا احمد يعني انت بأيدك ايه تعمله وما عملتوش " انار شاشة هاتفه بأسم احدًا ما يقوم بالاتصال عليه لكن تجاهل الاتصال لتعلق علا وهي تحرك عينيها بين احمد و الهاتف : "ما ردتش ليه" "تليفون مش مهم " انتهت مدة المكالمة الاولى لتأتي الثانية ولم يتوقف الهاتف عن الرنين لتعقب علا مرة اخرى : " ما ترد يمكن حاجة مهمة بخصوص ادهم و مراد " التقط احمد هاتفه الموضوع على الطاولة امامهم و حالما قام بالرد وقف بمسافة بعيدة نسبيًا عن علا وهذا جعل علا تشعر عدم الارتياح لتقف هي الاخرى و تتجه نحوه ولم تسمع سوى اخر كلماته : " لأ معادنا بكرة زي ما اتفقنا هبقا ارن عليكِ اول ما اوصل " اغلق الهاتف و استدار ليجد علا تشبك ذراعيها امامها بضيق : " مين دي يا احمد" بلع لعابه وحاول ان يكون طبيعيًا قدر المستطاع وهو يجيبها : " دي زميلتي في الشغل وكانت بتتصل تفكرني بالاجتماع اللي هيحصل في الشركة بكره" رمقته بنظرة متشككة: " ولما هي زميلتك في الشغل ليه قلت في الاول انه تليفون مش مهم إلا اذا كان بقا دي مش زميلتك و دي حجة اخترعتها انت دلوقت" زفر الهواء بحنق مع قوله بضيق: "علا انتِ شايفة ان ده وقت ينفع فيه خناق" نفت الاخرى بأنزعاج: " لأ بس انت متغير معايا ومش بترد على تليفوناتي ولما بترد بتقول انك في الشغل وانا بقا من حقي افهم" ارتفع صوته وهو يسألها على مضض: "تفهمي ايه" فكت ذراعيها واحتدت ملامحها مع نبرة صوتها المرتفعة: " من حقي افهم انت متغير معايا ليه انا عملت لك ايه عشان تعاملني كده" انفعل احمد وهو يهتف: " بعاملكِ ازاي مش فاهم " ردت علا بسرعة وهي تشير عليه بيدها: " اهو ، انت مش شايف نفسك متعصب ازاي و ده كله ليه عشان بس قلت لك مين البنت اللي بتتكلم معاها دي " صاح بأستنكار: " واحد اخواته محبوسين والبيت كله متنكد عايزاني ابقا عامل ازاي؟!! اتحزم و ارقص" "براحتك يا احمد" استدار واخذ الكيس البلاستيك الذي يحتوي على ادوية والدته ليراها قد سبقته لداخل، تنهد ودلف إلى الداخل هو الآخر. __________________________________ فتحت باب غرفتها تأخذ قسط من الراحة قبل ان تعود للمذاكرة من جديد حتى سمعت والدها يصيح بأسم شقيقها ديشا فرأت ان هذه فرصتها حتى تتحدث مع والدها وتنهي الخصام بينهم. دلفت الى غرفة المعيشة وجدته يجلس ويشاهد التلفاز لتقول بنبرة هادئة يشوبها الحزن : "نعم يا بابا" حرك محمد عينيه عليها وسخر: "انتِ ديشا؟!" "انا بس..سمعت حضرتك بتنادي.." قاطعها محمد بقوله المحرج بالنسبة لها: "انا قلت ديشا لما اقول سلمى ابقي تعالي" يقفل جميع ابواب المناقشة في وجهها لكنها لن تستسلم بسهولة لتقول بعناد و إصرار : "ايوة بس انا جيت خلاص" تجاهلها محمد لتذهب سلمى وتجلس جواره على الاريكة تسأله عما يزعجه وهي تعلمه جيدًا: "طب ممكن اعرف زعلان من سلومتك حبيبتك ليه" اجابها بأمتعاض : "مش زعلان" نفت بقولها: "لأ زعلان في ايه بقا" "مافيش" اردفت سلمى بضيق مصطنع : " ايه يا بابا شغل المتجوزين ده، زعلان ليه مش زعلان في ايه مافيش" "ركز يا بابا انا سلمى بنتك مش مراتك" زم محمد شفتيه ونظر لها بطرف عينيه لتقول سلمى بأندفاع: "طب انت هتفضل متقمص دور المقموص كده كتير ،انا خلقي ضيق" فتح عينيه بذهول فكيف تحدث والدها هكذا: "انتِ بتكلمي مين كده يابت انتِ" ابتسمت ببلاهة مجيبة: "خلاص بقا يا ابو سلمى انا عارفة انك زعلان عشان اشتغلت من وراك بس والله انا كنت عايزة اساعدك في مصاريف البيت و لو كنت اعرف ان موضوع الشغل ده هيزعلك انا ماكنتش اشتغلت اصلًا" اعتدل محمد مع تعابير وجهه الحزينة: "انا زعلان عشان انا المفروض اقرب واحد ليكِ يعني عارف عنكِ كل حاجة وانكِ تروحي تشتغلي ومن ورايا ده ملوش غير معنى واحد اني مقصر معاكِ انتِ و اخوكِ وما بقتش قادر اصرف عليكم" "هو ليه حضرتك حسبتها كده" "عشان هي ملهاش حسبة تانية غير كده يا سلمى" هزت رأسها تنفي حديث والدها : "لأ ليها يا بابا، ليها مثلًا ان روحت اشتغلت عشان اكسب خبرة في مجالي او مثلًا عشان اتعلم ازاي اكون Strong independent woman و.." قاطعها محمد عن الاسترسال اكثر في حديثها بقوله الساخر : "Strong woman ايه يا سلمى احنا هنحور على بعض ، ده انتِ بتدوخي لو وقفتي في المطبخ تعملي بيض مسلوق" حمحمت بأحراج: "ايوة بس ده ماينفيش اني Strong woman بردو" سخر محمد مجددًا : "سلمى يا حبيبتي احنا بنعالجك من الانيميا" تذمرت بضيق: "بابا المفروض تشجعني مش تحبطني" اومأ لها : "حاضر هشجعك بس قولي ليَ الاول بتلعبي في نادي إيه" انفجر محمد في الضحك على ملامح سلمى المتشنجة تهز رأسها بيأس على طريقة والدها لكن سرعان ما بزغت الابتسامة على وجهها وهي تتأمل ضحك والدها والذي يعني ان والدها رضي عنها ونسى حزنه منها فهو شخص سهل و لين لا يطيق الخصام بمجرد الحديث مع الشخص الذي احزنه ينسى حزنه منه و يسامحه كم تمنت سلمى ان تجد شخص يشبه اباها. توقف محمد عن الضحك ولاحظ نظرات ابنته المبتسمة له فأبتسم هو الاخر ووضع يده على رأسها يداعب خصلاتها المتشابكة بربطة الشعر في شكل ذيل حصان. "انا مهم ازعل عمري ما ازعل منكِ يا سلمى يا عبيطة ده انتِ بنتي هو في اب بيزعل من بنته" اجتمعت العبرات في عينيها وهي تقول بأسف و ندم : " وانا اوعدك يا بابا اني مش هخبي حاجة عنك تاني وكمان مستعدة انفذ اي حاجة انت تقولها" اتسعت ابتسامته واخذها في حضنه وقال: " انا لو بأيدي اجيب الدنيا دي كلها لحد عندك هعمل كده، انا مش عايزك تتعبي وتشتغلي انتِ اللي تعوزيه يكون معاك من قبل ما تطلبي بس عشان خاطري بلاش موضوع الشغل ده خليه بعد الدراسة" سحبت نفسها من احضانه واردفت بطاعة و ود: "حاضر يا بابا اللي حضرتك عايزه انا هعمله" "سلمى" نادى عليها لتؤمأ له فتابع محمد : "إلا هو انتِ كنتِ بتقبضي كام؟!" رمقته بذهول لكن بعدها قهقه الإثنين معًا ليدخل ديشا مرة واحدة يهتف بمرح : " بما ان الضحكة من الودن للودن والغزالة رايقة واللي تعوزيه يابنتي وانتِ اللي تطلبه يا بابا، فأيدك بقا يا بابا على خمسين جنيه عشان درس الكيميا" ابتسم محمد بسماجة : "ديشا يا حبيبي، انا عايز اعتذر لك على عدم تربيتي ليك" لم يقصد طلب ديشا للمال بل يقصد تجسسه عليهم فهذه لم تكن المرة الاولى التي يفعل فيها ديشا شيء شنيع مثل هذا. اجاب ديشا بما اثار حنق محمد: " العفو يا بابا احنا اهل" علَ صوت محمد الغاضب وهو يصيح: " امشي ياض يا ابن الكلـ...ـب من هنا مافيش فلوس" سقط فك ديشا ليقول بأستياء وطريقته كانت اشبه كما يقولون 'الردح' "طبعًا ما سلمى عندك الفرخة بكشك وانا ابن الدادة ماشي يا جوز امي" ثم تابع حديثه بحسرة مضحكة: " بس هقول ايه ما انتم بيت انثوي متعصب" اوقفه محمد عن الاكمال بتعليقه: " اسمها ذكوري متعصب" "whatever ياحج" اخرج محمد المال واعطاه لـ ديشا على مضض : "امسك الفلوس، وانا هرن على المستر اشوف جبت كام في الامتحان الاخير" اخذ منه المال واردف هو: "لأ ما تتصلش، جبت 10" ابتهج وجه محمد من الفرحة والسعادة: "ايوة كده حسسني ان فلوسي حلال" ليسقط فك محمد من الصدمة عند اكمال ديشا حديثه الناقص: "10 من 50" هتف محمد بعصبية وصوت عالي: " ليه هي فلوسي حرام؟!" فزع ديشا من غضب والده ليبتسم بتوتر : "صلي على النبي ياحج، انا ذنبي ايه ان المستر بيجيب الامتحان..." قاطعه محمد بسخرية: "هتقول ليَ المستر بيجيب الامتحان من المريخ مش كده" نفى ديشا بهدوء كاد يصيب محمد بجلطة: "لأ بيجيبه ساهل عادي" حاولت سلمى كتم ضحكها بصعوبة وهي ترى والدها على وشك الانفجار وحتمًا سيلقى ديشا مصرعه الليلة. خرجت عيون ديشا من محجرهما وهو يرى والده يقترب منه ليسرع بالاختباء خلف سلمى. هتف محمد بأنفعال: " امال انت بتعمل ايه طول السنة عشان تجيب الدرجة الزفت دي" اعتدل ديشا في وقفته وهندم ثيابه واردف بنغم : "طالب الثانوية العام...كل يوم يعيط قبل ما ينام..طول السنة بيتهان...درس باليل ودرس بالنهار...ييجي يحل ينهار...تسأله مالك في ايه...يقولك ضهري وجعني من قعدة الانتريه...فيزيا وكيميا واحياء و الواد مسعد ابن ام نجلاء...كتب ومذكرات واقلام...في الحل سوبرمان...وفي الامتحان تبقا كوسة وبتنجان وفي الاخر الطالب الغلبان.. يتلام عشان النتيجة اي كلام ومش اد المقام" ضحكت سلمى على شقيقها اما محمد صفق له مع قوله الساخر: "مخلف المتنبي يا ناس" ربت ديشا على صدره ببتسامة مغرورة على مدح والده وفي لحظة هربت الدماء من وجه ديشا وهو يرى والده تحول واصبح كالثور : "ولا انا مابياكلش معايا الكلام ده انا عايزك تطلع من الاوائل" اخرج ديشا رأسه المخبأة خلف سلمى و اردف : "اوائل من اي اتجاه بالظبط" استشاط محمد وهو يقول: "يعني الاول على الدفعة" خرج ديشا من خلف شقيقته واردف بأستهزاء: "ياحج انا لو لمحت كلية حقوق من بعيد يبقا ربنا بيحبني " اشتعل غضب محمد اكثر ليمسك ديشا بذراع سلمى متحدثًا برجاء وخوف: " والنبي ما تسبيني معاه" وما انقذه هو دخول والدته التي تقول: "محمد تعالى كلم اختك على التليفون" وهنا استطاع ديشا التقاط انفاسه الهاربة لتلتفت له سلمى: "لينا قعدة مع بعض بس دلوقت مش فاضية هدخل اكمل مذكرتي" وبالفعل عادت من جديد تجلس على مكتبها الصغير لتسمع صوت رسالة تأتيها من الواتساب بسبب صوت الرسالة المميز لكل تطبيق ظنت في بادئ الامر انه امر غير هام واذا فتحت الهاتف سوف يلهيها عن اكمال المذاكرة من اجل الامتحان لكن فضولها كان اقوى منها والتقطت الهاتف لترى انه رقم غير مسجل في قائمة الاسماء. ارسل لها صور ومن بداخلها سليم ومعه فتاة ما في مكان يناسب ثياب هذه الفتاة والتي لم تكن سوى زيزي، ومن التقط هذه الصور هو من راقب سليم حتى دخوله هذا المكان ولم يكتفي بالمراقبة فقط بل التقط بعض الصور له، صور اوضحت فيها نصف الحقيقة حيث ظهر سليم فيها قريب من زيزي وهي تلمس يده ويبدو انه سعيد بذلك صحيح هذا حدث بالفعل لكن لجأ سليم إلى هذه الطريقة حتى يعرف عنوان شوشو وبعد اخبار زيزي بالعنوان سكب مشروب الفودكا في وجهه وخرج غاضبًا من هذا المكان، وهذا الجزء الذي لم يتم تصويره. ...لسه الحكاية مخلصتش... #صدفة_ام_قدر #العشق_الخماسي #سميه_عبدالسلام الفصل الثاني والثلاثون من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات