![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سميه عبد السلامالبارت 32 (لقاء مؤلم) الحمدلله انا راضية عن البارت ده وعن كل كلمة كتبتها يارب يعجبكم انتم كمان وماتنسوش اللاف عشان بفرح جدًا بيه. صلي على حبيبك محمد اشرف الانبياء والمرسلين ♥️ تمنت ان يكون ما يحدث مجرد كابوسًا مزعجًا وبالتأكيد سينتهي، شهقت بقوة وهي تفتح عينيها تلتقط بعض الهواء داخل رئتيها كأنها حُرمت من الاكسجين لأعوام، دارت بعينيها في جميع انحاء الغرفة لتجد «رحيم» يجلس بجانبها ومن الناحية الاخرى كانت «عايدة» ومعها «ندى» اما «سعاد» فرحلت بالامس فهي لا تستطيع المبيت إلا بمنزلها. انتبهت «ريهام» للكانيولا بوريدها و المحلول الموصول بها تأوهت بألم حين ادركت ان ما حدث بالامس حقيقي لكن ظنت لوهلة انه ربما يكون عكس ذلك حتى سمعت صوت رحيم القلق يقول: "انتِ كويسة يا مرات عمي؟ حاسة بأيه" تبعته عايدة بسؤالها هي الاخرى خائفة على شقيقتها: "ريهام انتِ كويسة؟ نوديكِ المستشفى" انتظر الجميع ردها لكن اجابت هي بكلمة واحدة: " ادهم " نظر ثلاثتهم لبعضهم البعض لتعيد ريهام أسمه مصحوب بسؤال: "ادهم فين؟" رقرقت عين عايدة ولم تستطع الإجابة فماذا تقول لشقيقتها اما عن «ندى» فقد نُحت على وجهها معالم الحزن ببراعة فأكتفت بالصمت لم يبقى سوى «رحيم» الذي تنهد قبل قوله: "في مشكلة في شغل مراد و ادهم راح معاه عشان يحل الموضوع" لم تصدقه ريهام استطاعت ان تستشف كذبه بسهولة فأثناء حديثه لم ينظر لها بل تعمد ان يعبث بالكانيولا هربًا من عينيها: "ما بتعرفش تكدب زي ابوك، ادهم مش كويس انا حاسة انه مش كويس" انهمرت عبراتها على وجنتيها بضعف فهي كأي اُم تعشق أبنائها وتخشى عليهم من اقل مكروه قد يصيبهم، حتى تدخلت «ندى» مؤيدة حديث «رحيم» : " صدقيه يامرات عمي، مراد طمنا عليهم وقال انهم نص ساعة بالكتير ويكونوا هنا اول بس ما الإجراءات تخلص" "إجراءات ايه" كان سؤال «ريهام» المستفهم عن كلمة «ندى» الاخيرة. رمقها «رحيم» بضيق لكن تجاهلت نظراته ببرود قاتم ليتحدث هو مصححًا: "هي قصدها الإجراءات اللي هياخدها مراد مع الراجل صاحب المشكلة و ادهم يعرفه كويس عشان كده مشي مع مراد" غفت ريهام مرة اخرى كأنها بذلك تهرب من واقعها ولن يطمئن قلبها حتى تراه يقف امامها انتبه لها الجميع ليصدع صوت «رحيم» بعد تأكده انها نامت بالكامل موجهًا حديثه لـ «ندى» : "ياريت بعد كده تاخدي بالك من كلامكِ، ابقي فكري شوية قبل ما الحنك ده يخرج اللي بتقوليه" وعلى عكس عادتها العصبية عندما تسمع مثل هذا الكلام ردت ببرود: "انت مالك هو كان حنكي ولا حنكك" نهرتها والدتها بقولها الحازم: "عيب ياندى تكلمي ابن عمك كده، وبعدين هو معاه حق خالتك بتتعب من اي حاجة ولولا رحيم صلح وراك كان زمانها تعبت اكتر" تطلعت والدتها بذهول أ تأتي بصفه ضد ابنتها؟! لتراه ينظر لها بهدوء مع ابتسامة مستفزة تعلمها هي جيدًا قابلتها هي بأخرى سمجة ثم عادت ملامحها للضيق. كان الجو شاحنًا بالصمت ليقطعه هو حتى يعكس الأجواء: "إلا قولي ليَ يا مرات عمي" جذب انتباه الإثنين بجملته ورأى السؤال بعين «عايدة» فتابع بقية حديثه: " هو انتِ ليه سميتي سليم و مراد اصل شايفهم اسامي مختلفة عن باقي اسامي البيت" عقبت «ندى» بحنق: "و انت من امته بتشوف" رمقتها عايدة بعيون حادة لكن سرعان ما تبدلت وهي تنظر لـ «رحيم» مجيبة عن سؤاله: "اصل انا بحب المسلسلات التركي اوي، و كان في مسلسل زمان البطل بتاعه كان اسمه سليم و ليه صاحب اسمه مراد ومن كتر حبي فيهم كنت بتمنى اتجوز واحد فيهم" سألها رحيم بفضول اما ندى كانت تستمع لهذه القصة التي تعلمها جيدًا بملل جلى على ملامحها: "ها وبعدين" انكمشت ملامحها وظهر الحزن في نبرة صوتها: "ماحصلش نصيب" ابتسم رحيم لكن تمالك نفسه حتى لا يخرج صوت ضحكته هنا تأملته ندى قليلًا فكم هو وسيم صاحب العيون الزرقاء لكن دق قلبها بعنف اشاحت ببصرها بعيدًا خوفًا من ان تقع بحبه..لا هي لن تفعل وذلك لانها تحب ادهم..نعم هي تحبه. كررتها مررًا في عقلها حتى تمنع نفسها من الانخراط في شيء اخر. "بس بعد كده لبست...قصدي اتجوزت إبراهيم وقررت اسم عيالي سليم و مراد" اومأ لها رحيم ليبتسم بخبث حتى يقوم بمضايقة ندى بحديثه فهو لا يعلم لما يشعر بالسعادة عند رؤيتها منزعجة، حمحم قبل قوله: "فعلًا ده حتى انا ملاحظ ان سليم و مراد خلفة تركي" وهنا تدخلت ندى قائلة بأستهجان: "وانا خلفة ايه" و بدون مقدمات اردف ما اثار حنقها: "خلفة عار" هنا ولم تقدر ان تكمل في دور الامبالاة استشاطت من الغضب تنظر إلى والدتها قائلة بلوم: "شفتي بيقول عليَ ايه وانا لو فتحت بوقي بتزعقي ليَ" ات رد عايدة الصادم لها: "ده ابن الغالي ويقول اللي عايزه" استفزتها عايدة لتقول ندى بسخرية ممزوجة بغضبها: "يعني هو ابن الغالي وانا اللي بنت كلـ...ـب" وهنا دلفت قدر تقطع سيل النظرات المشتعلة بينها وبين رحيم بقولها: "طنط عايدة، في ست برى في الجنينة عايزة حضرتك بتقول انها ام اسلام جارتكم وكانت عايزة تطمن" اومأت لها وخرجت للمدعوة ام إسلام وهو نفسه إسلام خطيب سلمى السابق، وما ان خرجت عايدة لاحظت قدر نظرات ندى المشتعلة لـ رحيم اما هو كان يقابلها بأخرى باردة مستفزة. "تعالي معايا يا ندى عايزاك" وقفت ندى ومازالت انظارها معلقة عليه: "ياريت لحسن حاسة اني اتخنقت هنا" عقب رحيم قائلًا: "اتخنقتي روحي ركبي اكسچين، انما احنا ملناش ذنب نشوف الخلقة دي" كان يقصد ملامحها المنكمشة بضيق و حاجبيها المنضمة إلى بعضها ليشكل كل حاجب رقم ثمانية. انفزعت قدر وهي ترى ندى تشتعل تكاد تجزم انها ترى الدخان يخرج من اذنيها وتصدر صفير الغليان لتركض بسرعة وتضع يدها على فم ندى قائلة برجاء: "بالله ما تشتمي، ده انتِ صايمة" وبعد ان اطمأنت انها لن تقول بشيء سحبتها خلفها صاعدة إلى شقتهم بالطابق العلوي. __________________________________ يبحث هنا وهناك عله يجد ما يريد لكن لا فائدة، قلب الغرفة رأسًا على عقب ولم يجد شيء، يقف والده خلفه حائرًا لا يعلم ماذا يفعل ابنه ليقول بتساءل: "طب فهمني بتدور على ايه يا سليم وانا ادور معاك" لم يحصل على رد فظل واقفًا يطالع ابنه الذي يتحرك في جميع انحاء غرفة شقيقه حتى وجد هاتف مراد برزت ابتسامته بعدما تنهد بأرتياح لكن لم تدم طويلًا فهو لا يعرف الرقم السري للهاتف حاول مرة واخرى لكن باتت جميعها بالفشل زفر الهواء من فمه بقوه دليلًا على انزعاجه وجلس على الفراش من الجانب لكن انارت عقله فكرة سريعة اسرع هو بالتقاط الاطار الذي بداخله صورة مراد ووضعها امام كاميرا الهاتف وبالفعل فتح الهاتف ابتسم وبدأ عملية البحث من جديد. وعندما وجده صاح يهتف بصوت عالي: "لقيته" هنا وتدخل إبراهيم متحدثًا بضجر من تصرفات ابنه الهوجاء: "لقيت ايه بقا، و ايه هو اللي لقيته ده عشان تقلب الاوضة بالشكل ده" وضع سليم هاتف مراد من يده والتقط سترته الصيفية واردف بنبرة ماكرة: "ده عنوان اللي اسمه سعد، رايح له عشان نتفاهم واخليه يتنازل عن المحضر" باغته والده بسؤال: "و لو ما اتنزلش هتعمل ايه" ظهر الغضب على وجهه متحدثًا بأنفعال: "يبقا هطربق البيت على دماغه وبردو هيتنازل" وقبل ان يخرج من الغرفة امسكه والده من ذراعه مردفًا بضيق و استهزاء: "انت فاكر نفسك مين الشحات مبروك" "لأ فاكر نفسي سليم المنشاوي" وضع يده على يد إبراهيم يبعده عنه وعندما وصل للباب اردف دون النظر خلفه: "و بردو هيتنازل" اسرع إبراهيم بالركض خلف ابنه المتهور لكن لم يستطع اللحاق به فقرر ان يدخل الغرفة ورأى «رحيم» بداخلها ومعه «ريهام» النائمة شعر «رحيم» بالاضطراب عند رؤيته هيئة إبراهيم الخائفة وقف سريعًا وخرج الإثنين حتى لا يزعج «ريهام» من سباتها العميق. "مالك يا عمي في حاجة حصلت لـ ادهم و مراد" نفى برأسه وهو يقول: "لأ بس هيحصل" لم يفهم «رحيم» المغزى من الجملة فتابع «إبراهيم» : "ألحق سليم يا رحيم يابني، هيودي نفسه في داهية واخواته معاه" خرج «رحيم» صوته معترضًا بخوف: "مش هينفع اسيب مرات عمي لازم حد ياخد باله منها" "ما تقلقش على مرات عمك انا هشوف عايدة فين وهخليها تاخد بالها منها، اهم حاجة دلوقت تلحق سليم قبل ما يعمل الجنان اللي بيقول عليه ده" جلست عايدة مع ام إسلام جارتها التي يعلم الجميع انها تعيش وحيدة بمنزلها و لديها ابن يدعى إسلام لكن نادر ما يراه احد وهذا بسبب انه يعيش بسكن الجامعة وبالطبع ليس حبًا فيه او ان جامعته بعيدة عن منزله بل تسهل عليه العمل كـ ديلـ...ـر للمخـ...درات يوزع سمومه بين الطلاب وكان من ضمن ضحاياه انس وكذلك اسراء. صحيح هي لم تكن تأخذ شيء لكن ما حدث معها او بالتحديد ما فعله معها انس من فاحشة وبعدها رفضه للزواج منها كان بسبب المخـ...درات التي تفقد صاحبها عقله ليشعر بالانتشاء للحظات وبعدها يعاني طوال حياته وحتمًا سيلقي نهايته المعروفة لهذا الطريق و هي...المو.ت. وبسبب عيشها بمفردها جعلها شخصية فضولية لدرجة مزعجة لا تترك احد بشأنه حتى تعلم كل شيء عنه، وها هي هنا تفعل ما تفعله مع الجميع تريد معرفة ماحدث بهذا المنزل الذي يحسده الجميع اتية بوجه الحزن تمثل دور الجارة التي تخشى على جارتها من السوء. "انا كنت قاعدة امبارح بالليل قدام الباب زي كل يوم مع ستات الحارة ولقينا الحكومة دخلت بيتكم ما اكدبش عليك انا خوفت منهم وجريت دخلت بيتي بس كنت ببص من الشباك" "بس اتصدمت لما لقيتهم واخدين البشمهندس النوارة بتاع الحارة بتاعتنا ومعاه الاستاذ مراد وما بقتش مصدقة بقا الاستاذ مراد اللي بيدافع عن الناس هو اللي يدخل السجـ..ن" تغيرت ملامح عايدة للضيق لسماعها الكلمة الاخيرة فردت ام إسلام بسرعة تغطي على ما قالته: "انا مقصدش ياختي انا بس من زعلي على الاستاذ مراد والبشمهندس ادهم لساني خاني،ما تزعليش مني" اومأت لها عايدة بهدوء: "حصل خير" رمقتها ام إسلام بتشفي وشعرت بالسرور داخلها وهي ترى عايدة بهذه الحالة التي لا يرثى لها فالجميع يتحدث عن اخلاق وتربية احفاد المنشاوي فجميع من بالحارة الشعبية يتمنى ان يملك اولاد مثلهم، وهي كذلك لكن ابنها دائمًا يخيب ظنها ولا يفقه شيء وبما فيهم دراسته الجامعية الذي يأخذ فيها العام بعامين وربما ثلاث أعوام، فأبسط الاشياء لا يقدر عليها. اخفت ملامح الحقد و الكره وظهر الحزن مجددًا لتتابع الحديث الذي بدأته: "والله الواحد مش عارف ليه ناس طيبة زيكم يحصل معاها كده، طب تعرفي يا عايدة ياختي ان مرة قررت اجيب قطة اه والله زي ما بقولك كده قولت اجيب قطة واخليها تعيش معايا اهي تونسني بدل ما انا قاعدة على طول لوحدي زي ما انتِ عارفة، وإسلام مش بييجي غير كل فين وفين عشان يطل عليَ كأني مش امه، ما علينا المهم انا جبت القطة من هنا وحال البيت اتشقلب من هنا ما بقتش عارفة اجمع فلوس الايجار و الدكان بتاع البقالة مافيش دبانة بتدخله وخلاص كنت هطردت مع ان قبل كده كان الدكان شغال كويس وكان معايا القرش وفي لحظة اتشقلب الحال من حال" استعدت عايدة كامل تركيزها بعدما نجحت ام إسلام في جذب انتباها بهذه القصة المزيفة التي ابتكرتها لتو حتى تصل لمبتغاها : "في الاول قلت ده عين وصابتني قعدت اشغل قرآن في البيت وشيوخ داخلة وشيوخ خارجة بس ما نفعش حاجة إلا لما..." تعمدت الوقوف عند هذه النطقة حتى ترى حماس عايدة في معرفة الباقي: "إلا لما ايه يا ام إسلام" لمعت عيناها بخبث وهي تكمل: "إلا لما طردت القطة كل حاجة رجعت زي الاول و احسن كمان" ضمت عايدة حاجبيها بأستغراب: "طردتي القطة!!" شعرت ام إسلام انها تنجح فيما تفعله فتابعت : "اصل عرفت ان مش كل حاجة وحشة بتحصل لنا لازم يكون حسد المثل بيقول لكِ لما حد يدخل مكان او بيت ويحصل حاجة كويسة بنقول عليه ده قدم السعد و زي ما في قدم السعد فيه بردو... قدم الشوم" ترقبت ردة فعل عايدة بعد حديثها السام لتقول عايدة: "انتِ عندكِ حق،انا ما كنتش راضية عن الجوازة دي من الأول، من لما مراد قال انه هيخطب الزفتة اللي اسمها هبة واحنا ما شفناش يوم عِدل " لم تكن تقصد «هبة» بل تقصد «قدر» و «رحيم» حتى تفسد البيت وتخلق الصراع بينهم لكن لا يهم فـ هبة سوف تكون السبب في صراع بين عايدة و ابنها «مراد» تصنعت ام إسلام الدهشة بقولها: "انتِ فهمتي ايه يا ام سليم، انا بس كنت بتكلم معاكِ من باب الفضفضة، ده الست هبة زي النسمة تتحط على الجرح يطيب كل ما في الموضوع اني.." بترت عايدة كلماتها مردفة بهدوء قبل ان يتحول لعصبية وهي ترى هبة تدخل من البوابة الحديدية ومعها خالتها فاطمة: "طب عن اذنك يا ام اسلام اما اقوم اشوف الضيوف" نطقت الاخيرة ببطيء لتبتسم ام إسلام فقد حققت ما اتت من اجله فلا داعي للبقاء اكثر: "و انا كمان هقوم اشوف الدكان" رحلت ام إسلام، وتقابل رحيم اثناء خروجه من المنزل مع هبة وخالتها فأتجه نحوها مردفًا: "هبة، كويس انكِ جيتي ممكن تقعدي مع مرات عمي ريهام وتخلي بالك منها و لو المحلول خلص غيريه وانا هروح مشوار وهاجي على طول مش هتأخر" كادت على وشك البكاء وهي تقول: "رحيم طمني ماله مراد، ندى قالت ليَ في التليفون ان الحكومة جت خدته امبارح هو و ادهم" لعن ندى في نفسه فهذه الغبية لا تكف عن الثرثرة، وقبل ان يجيبها سمع فاطمة تقول بقلق هي الاخرى: "يابني طمنا ساكت ليه، مراد كويس" "و هيكون كويس ازاي طول ما في ناس في حياته جيباه لورا" كانت عايدة وهي تقترب منهم بتهكم واضح، لم تكن هبة في حالة تسمح لها بالتركيز إلى ما تقصده عايدة من حديثها فهي بها من الهول ما يكفي، لكن فاطمة شعرت ان هناك شيء خاطيء نبرة صوت عايدة لم تريحها قط. اقترب منهم إبراهيم الذي خرج من اجل البحث عن عايدة حتى ترافق شقيقتها ووجد الجميع يقف هكذا اردف ببتسامة يرحب بقدوم فاطمة و زوجة إبنه: "اهلًا اهلًا يا حجة فاطمة ازيك يا هبة، اتفضلوا واقفين كده ليه" ثم وجه حديثه لـ «رحيم» : "روح انت مشوارك يا رحيم و ابقى طمني" اومأ له «رحيم» ورحل على الفور حتى يستطيع اللحاق بـ «سليم» وبعد مسافة قصيرة من السير وجده يقف ينتظر سيارة اجرة اقترب منه ينادي بأسمه: "سليم" استدار له «سليم» وما ان رأه حتى هتف بأنفعال: "رحيم لو بابا بعتك عشان تمنعني من اللي هعمله أحب اقولك ما تتعبش نفسك عشان انا هعمل اللي في دماغي" لم يفهم «رحيم» كلمة قط، اقترب منه متحدثًا بهدوء عكس سليم المنفعل: "يابني اهدى، انا اصلًا ما اعرفش انت رايح فين " هدأ سليم قليلًا وقال: "انا رايح عند اللي اسمه سعد وياريت ما تحاولش تمنعني عشان بردو هعمل اللي في دماغي" اردف رحيم بحنق وسخرية: "يخربيت الكلاب اللي في دماغك، حد قال لك اني آبلة الناظرة وجاي امنع تلميذ من انه يعمل حاجة غلط، ما تروح عند سعد بس افهم مين سعد ده ورايح عنده تهبب ايه " مسح سليم على وجه بضيق وحاول التنفس بهدوء : "سعد المرشدي ده اللي قدم البلاغ في ادهم و مراد و رايح عشان اخليه يتنازل، بالرضا بالغصب هيتنازل" فهم الآن رحيم خوف إبراهيم من تصرف سليم الغير محسوب ليحاول رحيم إقناعه بهدوء وان يريه ان ما يفعله ليس الصواب: "ماشي انا معاك ان ده حل كويس، بس انك تروح لـ سعد البيت كده بتثبت التهمة على اخواتك اكتر ده غير ان لو سعد ده رفض وده احتمال كبير انت مش هتسكت وهتبوظ الدنيا اكتر ما هي بايظة، عايزه يتنازل نبقى نقابله في القسم ونعمل محضر صلح ونشوف طلبات اللي اسمه سعد ده ايه ونعمله اكيد مش هيستفاد حاجة من حبسهم وهو اكيد هيوافق عشان هو محتاج فلوس يرجع مطعمه زي ما كان، غير كده يبقى اللي بنعمله غلط" الجميع يعلم نصف الحقيقة بما فيهم رحيم اما باقي الشباب فهم يعلموا ثلثين الحقيقة اما الثلث الاخير من الحقيقة هو بعث رجب رجال قاموا بحرق المطعم وبعدها ذهبوا لمنزل سعد وقاموا بتهديده وكذلك ضربه حتى في نهاية المطاف وافق على مطالبهم ليس خوفًا منهم او على نفسه بل خشى على والدته منهم ان يصيبها مكروه وما كان بيده حيلة. كانت طريقة رحيم مقنعة للغاية فهو شخص فصيح اللسان لكن هل سيجدي هذا نفعًا مع سليم الذي قال: "تمام اقتنعت بكلامك انت عندك حق" ابتسم رحيم براحة الآن لكن تلاشت سريعًا وهو يسمع باقي جملة سليم: "بس بردو هروح له البيت" سبه رحيم بأنزعاج: "ابو شكلك ياجدع" اوقف سليم السيارة وقبل ان يصعد بها اردف رحيم وهو يرى اصرار سليم على الذهاب: "خلاص استناني هنا هروح اجيب العربية و نروح سوى" اردف السائق وهو يقول لـ «سليم»: "ما تركب ياباشا" اعترض رحيم بضيق: "لأ الباشا مش هيركب روح شوف رزقك في حتة تانية" تحدث السائق بأمتعاض: "ليه بس كده يا باشا" ابتسم رحيم بتكلف وهو يقول: "معلش، اصل انا قطاع ارزاق" ثم استدار لـ «سليم» يهتف بتحذير: "انا رايح اجيب العربية اجاي الاقيك مكانك" اومأ له سليم بطاعة يجاهد في عدم الضحك على وجه رحيم المنفعل. __________________________________ "يابت اترزعي بقا غلبتيني معاكِ طول ما احنا طالعين على السلم وانتِ بتشتمي و تدعي على رحيم كأن اللي بتشتميه ده مش اخويا" كانت «قدر» وهي تهتف بأنزعاج من «ندى» بعد ان اجلستها على الفراش في غرفتها لتسمعها تقول بضيق وعصبية: "اخوك ده عايز الحرق" "لا إله إلا الله، ندى يا حبيبتي صلي على النبي و اهدي كده، عشان مافتحش دماغك بالفازة اللي جمبك دي " امتعض وجه «ندى» قائلة على مضض: "ده كله عشان رحيم امال لو كان اخوك توم كروز كنتِ هتعملي فينا ايه" ابتسمت «قدر» الواقفة امامها بحنان وهي تتذكر طفولتها مع شقيقها الوحيد وتتذكر جميع ما مرت به بحياتها والذي بقي معها وظل بجانبها هو رحيم، تحركت وجلست بهدوء جوار ندى و على وجهها ابتسامة رغم حزن عينيها الواضح: "لأ يا ندى ده كله مش كفاية قصاد اللي عمله رحيم معايا، رحيم سندي و ضهري واخويا و ابويا وصحبي، انا عمري ما اتكسفت منه تعرفي ان لما بتعب تعب كل شهر هو اللي بينزل الصيدلية يجيب ليَ المسكن و الحاجات اللي ممكن احتاجها في الفترة دي " رقرقت الدموع في عينيها وهي تتذكر وفاة والديها مكملة: "بالرغم ان مو.ت بابا و ماما كسرني انا و رحيم بس هو ما بينش ده عشاني حاول يكون قوي وعمل كل اللي يقدر عليه عشان يخليني اضحك من تاني كان بيحاول يعوضني عن امي و ابويا بكل الطرق كان بيسندني في وجعي ويطبطب عليَ بالرغم ان هو كمان كان محتاج ده و يمكن اكتر مني كمان" كانت ندى تطالعها بعدما اختفت علامات الضيق وحلى مكانها بسمة عذبة صغيرة تستمع الى حديث قدر الخارج من قلبها التي تعتقد انها كلمات غير مرتبة لكن بعض الكلمات لا تحتاج إلى ترتيب يكفي انها صادقة تنبع من الفؤاد. "الكل سابني و اتخلى عني إلا هو فضل جمبي وما ازهقش مني ولا من مرضي.." استوقفتها ندى عن الاسترسال اكثر وهي تقول بتعجب: "مرضك، انتِ مريضة يا قدر" ادركت قدر ما تفوهت به لكن لن تقدر على اخبارها انها مريضة اكتئاب وتعالج عند طبيب نفسي بل اخبرتها سبب اخر : "قصدي يعني لما بتعب او بيجي لي دور برد" مع كل كلمة تخرج من فم قدر توصف بها رحيم تشعر ندى بالاضطراب الحديث عنه يربكها هي لا تريد ان تكن له المشاعر وكيف لها ذلك وهي تحب شخصًا اخر؟! اوشكت طبول الحرب ان تدق في رأسها لتبدأ حرب التفكير هل هي حقًا تحب ادهم؟ وان كانت تحبه لما تشعر بالانجذاب اتجاه رحيم؟ اسئلة كثيرة بدأ العقل في طرحها منتظر الإجابة امسكت رأسها كانها تحاول عدم التفكير ثم سارعت بالقول لتغير مجرى الحديث عن رحيم حتى تلهي نفسها بأي شيء اخر: "قدر انتِ عندك صحاب، اصل يعني عمري ما شفتك ماسكة تليفونك بتكلمي حد او كلمتينا احنا عنهم او حتى في حد جالك هنا يطمن عليكِ ويفهم منكِ اللي حصل و ازاي بقية عايشة معانا هنا" تحدثت قدر بجدية مبالغ فيها: "لأ طبعًا عندي اللي لسه مكلماكِ عنه، رحيم" تشنج وجه «ندى» هي تحاول عدم ذكر اسمه والاخرى لا تتحدث عن شيء سواه لكن ابتسمت بهدوء وهي تقول: "غير رحيم يا قدر، اكيد في حد تاني" اومأت قدر برأسها علامة على الايجاب: "كان عندي واحدة صحبتي اسمها ملك و حاليًا ياسمـ..." بترت جملتها وهي تقول بعدم تصديق ناطقة بعفوية: "اي ده، اسمها ملك على اسم خطيبة سليم" لوت قدر شفتيها بحنق وقالت ساخرة وهي تقف: "نعم ياختي خطيبة مين؟ امال سلمى اللي بعتنا سليم ليها عشان نقنعها توافق عليه دي تطلع ايه؟! كيس جوافة" اجلستها ندى على الفراش مرة اخرى مردفة بضيق: "يابت اهدي، كان قصدي اقول خطيبته الاولانية قبل ما يفسخ يعني ملحقتش اكمل و انتِ نطيتي زي الصار.وخ" همهمة بسيطة خرجت منها مردفة بتسائل: "طب و سلمى تعرف الموضوع ده" رفعت ندى كتفيها للاعلى دليلًا لجهلها بالإجابة: "مش عارفة بس لو كان حصل نصيب بينها وبين سليم اكيد كان هيقول لها بس هي اصلًا ماعطتش فرصة لـ سليم و رفضته" لمعت عينان قدر بوميض تعلمه ندى جيدًا فأردفت قبل ان تتفوه قدر بشيء: "انسي اقول سليم فسخ الخطوبة ليه عايزة تعرفي روحي اسأليه انا لأ" رمقتها قدر بأستحقار : "اخص على الصحاب، فين ايام زمان قول لزمان ارجع يا زمان" سمعتها تقول ساخرة: "والله لو غنيتي لـ عبد المُطلب بذات نفسه مش لـ ام كلثوم بردو ما هقول " وقفت تسألها عن مكان عمر: "هو عمر حبيبي اللي هيقولي الواد ده جدع، بعشرة جنيه يقر بتاريخ سليم الاسود كله مش فسخ الخطوبة بس" ابتسمت على جملتها لتهدم امالها بقولها: "من غير فلوس وحياتك، بس النقطة دي بذات عمر مش هيقول عشان سليم بيكره السيرة دي ومش بيحب حد يجيب سيرتها في البيت وعشان ترضي فضولك عشان شايفة في عينيك الفضول هيمو.تك روحي لـ سليم و اسأليه هو الوحيد اللي هيقول لك غير كده مش هتعرفي" ابتسمت بخبث مضحك وهي تقول: "وماله نسأل سليم" بالاسفل جلس الجميع حول «ريهام» حيث تقف «هبة» وهي تمسك بيدها سرنجة بها محلول ملحي تضعه في الكانيولا لتتأكد من انها تعمل قبل وصل المحلول الثاني بها. كانت تطالعها «عايدة» بضيق وتنفخ الهواء من فمها بأنزعاج لاحظتها فاطمة ومعها إبراهيم الذي حاول تلطيف الاجواء المشتعلة بالصمت المقيت: "و الاستاذ لطفي اخباره ايه ياست فاطمة، مش كويس الحمدلله" ابتسمت بهدوء وهي تجيبه: "اه الحمدلله بخير، هو مجاش معانا عشان لسه ما رجعش من شغله في الشركة اللي فتحت هنا في مصر وانا مرضتش اقلقه وهو في الشغل" ايدها «ابراهيم» في الحديث بقوله: "خير ما عملتي يا ست فاطمة" زفرت «عايدة» الهواء بحنق فأثارت الريبة في نفوس الجميع شعر «إبراهيم» بالحرج من افعالها لتقول فاطمة مواسية «عايدة» : "قلبي معاك يا ام سليم، بأذن الله هيخرجوا بالسلامة" عقبت الاخرى بردها اللاذع: "عقبال ما ناس تانية تخرج من حياته" نظرت لها «هبة» الواقفة امامها ويفصل بينهم فراش «ريهام» النائمة عليه نظرة متوترة، رمق ابراهيم زوجته بنظرات معاتبة على ما تقوله لكنها غير مكترثة بالمرة فكل ما يهمها الان هو ان ترى ابنها يرجع إلى حضنها من جديد. «فاطمة» كانت تعلم جيدًا انها ترمي بحديثها لشيء اخر لكن هي لم تستطع تحديد ما هو هذا الشيء حتى اردفت هبة بصوتها الهاديء: "طنط هو مراد حاول يكلمكم او يعني عرفتوا ليه البوليس قبض عليه" اجابتها بطريقة فظة: "لأ ما نعرفش" احرجت «هبة» كثيرًا بردها المتعجرف فتدخل إبراهيم سريعًا و خصوصًا وهو يرى علامات الغضب بدأت تظهر على وجه فاطمة: "لأ ما اتصلش يابنتي، الظابط قال لنا امبارح انهم هيباتوا في التخشيبة وبعدين بكرة اللي هو النهاردة هيتحقق معاهم ابويا ومصطفى راحوا لهم من بدري و انا فضلت هنا عشان اخد بالي من الشغل بس اهو العصر قرب يأذن وما حدش اتصل حتى يطمنا " اردفت «هبة» وهي ترمقه بنظرات بائسة و حزينة فكانت هشة للغاية: "اطمن يا عمو، انا متأكدة ان مراد هيعرف يخرج منها هو البشمهندس ادهم" صرخت «عايدة» بها على حين غرة: "كله بسببك، انتِ السبب" فتحت فمها بذهول فماذا فعلت ما جرمها حتى تلقي «عايدة» التهمة عليها اردفت بغير تصديق: "بسببي انا، انا عملت ايه" انهمرت عبراتها وهي تتابع حديثها بحسرة وقلبًا منسكر على وليدها: "كانت جوازة الندامة، من يوم ماخطت رجلك البيت وانا حسيت انك مش ساهلة ولا طيبة زي ما الكل شايفكِ، عمالة تلفي و تدوري على الواد عايزة تاخديه مني بس ده بعدكِ، بس هقول ايه ما انتِ فقر والبيت اللي تدخليه لازم تفقريه" خرج صوت ابراهيم قويًا يلفظ اسمها بتحذير: "ام سليم" اجتمعت الدموع بعين «هبة» التي تجمدت من سماعها مثل هذه الكلمات لكن مهلًا هذه ليست كلمات بل خناجر تطعن بقلب «هبة»، صدق رسولنا الكريم عندما قال "الكلمة الطيبة صدقة" فبعض الكلمات سامة تقت.ل من يسمعها ليست الروح لكنها تقت.ل اشياء فينا صعب احيائها من جديد. بعض الكلمات تتخلد في الذاكرة و ان مر عليها مائة عام سنظل نتذكرها كأنها قيلت بالامس. وقفت فاطمة فهي قد اكتفت مما رأت ومما سمعت لتقول بنبرة خرجت عالية قليلًا نبرة ممزوجة بالحزن والعصبية وهي ترى ابنتها الثانية تسمع مثل هذا الكلام : "انا و هبة جينا لما بنت حضرتكَ كلمت هبة وقالت لها اللي حصل ومكدبتش خبر وجينا على طول عشان نعمل الواجب لأن دي الأصول... الأصول اللي ام سليم شكلها نسيتها عشان تهينا في بيتها" نهض «إبراهيم» من مجلسه يحاول تصليح ما تفوهت به زوجته من حماقات : "حقك عليَ انا ياست فاطمة هي ما تقصدش" اردفت «عايدة» لتفسد الأمور اكثر: "لأ اقصد" طفح الكيل بفاطمة التي اردفت بأخر ذرات الهدوء لديها: "انا مش هرد عشان محترمة وجودكَ، ومحترمة الحج زكريا صاحب البيت غير كده انا هيبقا ليَ تصرف تاني و اظن ان احنا عملنا الواجب و ذيادة" ثم استدارت برأسها تنظر لـ «هبة» : "يلا يا هبة خلينا نروح" بالطبع منعت هبة دموعها من النزول بسبب ما سمعته من عايدة لكن ردت بما ازعج فاطمة: "انا مش هقدر امشي و اسيب طنط ريهام، غير لما دكتور رحيم ييجي" احتدت ملامح فاطمة التي قالت بعصبية من رفض هبة الذهاب معها : "جحا اولىَ بلحم طوره و اظن هما هيخلوا بالهم منها احسن منكِ" نظرت «هبة» الى جسد ريهام تارة والى خالتها الواقفة المشتعلة تارة اخرى لم تكن قادرة على حسم الموقف لتقول بتلعثم: "اسفة...ياخالتو..بس ماينفعش اسيبها و امشي طنط ريهام ممكن تتعب وهما مش هيعرفوا يتصرفوا انا اول ما رحيم يرجع انا همشي على طول" خرجت فاطمة والغضب يعتلي كل انش بها لتقول قبل ان تصفع الباب خلفها بقوة وهي تخرج: "براحتك" خرجت فاطمة إلى الحديقة ليوقفها إبراهيم حتى لا يجعلها تسير هكذا وخصوصًا اذا علم زكريا بما حدث: "ياست فاطمة استني بس" وقفت على مضض وهي تزفر الهواء ليقف امامها إبراهيم يقول معتذرًا: "حقكِ عليَ انا، عايدة عيالها غاليين عليها حبتين و اللي حصل ربكنا كلنا مش هي بس، عشان كده بتقول اي كلام صدقيني عايدة طيبة هي بتقول كده من وره قلبها،كل الموضوع انها زعلانة على مراد انتِ عارفة ان الضنا غالي" اصابتها جملته الاخيرة في مقت.ل تذكرت صغيرتها إسراء لتتكون الدموع في عينيها لكن ابت الخروج لتقول بصوت خرج ضعيفًا ومنكسرًا يعبر عن مدى المها: "ماحدش يعرف قيمة الضنا قدي، وبردو ماحدش جرب فراق الضنا قدي، بس انا معملتش زيها وجرحت في الناس و هنتهم، ومهما كان ايه اللي حصل ده مايدهاش الحق انها تقول الكلام اللي قالته، انا لوما عملت حساب للحج زكريا انا كنت قلت اني مش هعتب البيت ده تاني" اخفض إبراهيم رأسها فمعها حق بكل كلمة قالتها: "ولو عملتي كده ماحدش هيلومك ياست فاطمة" "انا بنتي ما.تت والتانية سيباهم عندكم جوا ومش هسمح ان حد يدوس لها على طرف حتى لو كان مراد نفسه، انا هسكت المرة دي ومش هجيب سيرة للحج بس لو لقيت هبة مش مرتاحة يبقا زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف ونفضها سيرة عشان هبة مش قليلة ولا وحشة عشان تسمع كلام زي ده، وهي دلوقتي اهم عندي من نفسي وكل اللي شاغلني راحتها وبس" انهت كلماتها وخرجت اما هو ظل يتابع اثرها بعينيه حتى اختفت تمامًا من امامه. __________________________________ وصل «رحيم» ومعه «سليم» بالسيارة اسفل العمارة التي يعيش بها «سعد»، ترجل «سليم» من السيارة لكن ظل «رحيم» بها ليقول «سليم» وهو يضم حاجبيه بأستفهام: "ايه مش هتنزل" اجابه بهدوء: "لأ استناني هنا هركن العربية و اجاي لك، ما تطلعش لوحدك عشان ما تعكش الدنيا" اومأ له «سليم» على مضض من كم هذه التعليمات التي يلقيها «رحيم» على مسامعه. تحرك «رحيم» بالسيارة وعلى الفور استدار «سليم» و دلف إلى داخل العمارة غير عابئ بغضب «رحيم» عندما يعود ولا يجده، صعد السلم حتى وصل إلى الشقة المطلوبة وطرق على بابها ذلك لانه ليس لديه صبر حتى يرن جرس الباب، و لكن لا جدوى لم يتلقى رد بدأ صدره يعلو و يهبط من العصبية فعاد يطرق على الباب من جديد لكن بعنف اكثر، و كل ما حصل عليه هو الهدوء حتى سمع صوت انثوي من خلفه يخبره: "مافيش حد في البيت" توقف «سليم» عن الطرق و استدار حتى يرى صاحبة الصوت والتي لم تكن سوى «مريم» صديقة «ملك» وايضًا شقيقة «سحر»، في البداية تعجب سليم من تواجد «مريم» وذلك لأنه لا يعلم انها تسكن هنا لكن زال تعجبه فهذا الامر لم يعد يهمه الآن بل كل ما يجول بخاطره هو اخوته فقط. "امال راحوا" خرج صوته هادئًا نوعًا ما وهو يترقبها للإجابة، ظلت «مريم» تحدق به بعدم تصديق انه يقف امامها حتى كرر «سليم» سؤاله بضجر لتحمحم الاخرى بأحراج مجيبة: "اصل في ناس اتهجموا عليه هو و والدته و دلوقت هما في المستشفى" وقبل ان يسألها عن عنوان المشفى سمع الإثنين صوتها وهي تنزل الدرج من الطابق الأعلى: "على فكرة يا مريم انتِ هتوصليني لحد البيت عشان بابا هيزعق ليَ بسبب التأخير ده كله" تسمرت محلها وهي تراه يقف امامها اضطرب فؤادها، سرت قشعريرة في جسدها وجدت نفسها تبتسم لا اراديًا وهي تراه فقد هزمتها لوعة الاشتياق اما هو لم يكن يتوقع ان يرى اخر شخص يريد رؤيته إلا وهي «ملك» هاجمته هو الاخر العديد من المشاعر عند رؤيتها مشاعر ظن انه دفنها في اعماقه لكن يبدو انها عادت للحياة من جديد. لكن عند تذكره لـ «سلمى» اعاد توازنه من جديد وقابل ابتسامتها بنظرة خالية من المشاعر ثم عاد ببصره لـ «مريم» التي تراقب الموقف بتوتر: "بعد اذنكِ ممكن تقولي ليَ عنوان المستشفى دي فين" عبثت ملامح «ملك» بشدة بسبب تجاهله لها فأقتربت تقف بجانب «مريم» بهدوء طالعتها «مريم» بحزن واجابت وهي تبادل نظراتها بين «ملك» و «سليم» : "اه طبعًا، دي مستشفى *** " وعند انتهاء «مريم» من جملتها سمعته يشكرها وبعدها استدار وخط بقدمه خطوة واحدة لتقول «ملك» مسرعة فهي لم تقدر على الصمت وهي تراه امامها: "ازيك يا سليم" وقف مكانه و مازال يعطي ظهره لهم لتهمس «مريم» لـ «ملك»: "طب انا هستناكِ تحت عشان اوصلكِ" مرت «مريم» من جانبه وهبطت الدرج فألتفت هو يخبرها بما ذاد حزنها: "كويس من غيركِ" نفت الاخرى تقول بنبرة ضعيفة و هشة: "بس انا بقا مش كويسة من غيركَ" خرجت من فمه ضحكة ساخرة على ما تقوله ليقول هو برد بارد كالثلج: "والله دي مشكلتكِ انتِ، تتعاملي معاها لوحدكِ انا مليش ذنب" ردًا جافًا لكن قررت عدم الاستسلام بسهولة كالمرة السابقة عندما ذهبت الى مكتبه بالشركة و انتهى النقاش بطردها، اجتمعت الدموع بمقلتيها تستعطفه بقولها الذي يعبر عن مدى اشتياقها له: "سليم هو انا ما وحشتكش" ابتسم بأستهزاء وهو يرى دموعها بدأت بالتساقط على وجنتيها دموع تشبه دموع التماسيح التي لم تحرك له ساكن، فـ ليس كل من يبكي يكون صادق في بكائه فالتمساح يبكي عند رؤيته لفريسته وهذا ليس حزنًا بل لانه وجد غذائه لذلك نقول على الشخص الذي يتصنع البكاء بأن دموعه دموع تماسيح. اقترب «سليم» بضع خطوات منها وهو يتذكر كل ما فعلته به فبدأ جرحه في النزف من جديد: "فيه حد قال ليَ جملة عمري ما هنساها « بطل تفتح بيبان مقفولة لمجرد إنك مشتاق» وعرفت معناها متأخر وأن ربنا لما بيقفل باب في وشي.. بيقفله عشان يحميني مش عشان يأذيني..لما فكرت بعقلي شوية و حسبتها..." صمت يطالع عينيها بعد تكون طبقة شفافة تغطي بؤبؤ عينيه ونطق بصوت مجروح: "لقيت ان القرار اللي بيوجعك دايمًا بيكون هو الصح." بعد جملته التي مزقت فؤداهما لم يرد الوقوف اكثر استدار حتى وجد «رحيم» يصعد هو الاخر ،رفع «رحيم» رأسه ووجده يقف اعلى الدرج لم يلتفت إلى «ملك» وكذلك هي، بل كانت تنظر إلى ظهر سليم فقط. "ها لقيته" "للاسف.." ثم استدار وهو ينظر إلى «ملك» يكمل جملته: "العنوان طلع غلط" هبط الدرج وسحب «رحيم» خلفه الذي شعر ان هناك خطبًا ما وقبل ان يسترسل في اسئلة أخرى سمع هاتفه يعلن عن اتصال من جده: "سليم ده جدك اللي بيتصل" حثه «سليم» على الرد : "طب رد بسرعة يمكن عايزنا نروح لهم القسم" اما عنها هي لم تقدر قدماها على حملها اكثر لتجلس على الارضية تبكي بألم فكيف لها تكن له هذه المشاعر و هو لا؟ كيف عاملها هكذا وهي يأكلها الندم يوميًا على ما فعلته، هل سيأتي اليوم الذي يسامحها فيه سليم ويغفر لها ما سبق و ان فعل هل سيسمح شقيقها فؤاد و والدها بذلك؟ __________________________________ انتشرت رائحة الطعام الشهي في جميع انحاء المنزل وليس المطبخ فقط، كانت تشعر بالسعادة تغمرها وهي تقوم بالطهي، وقطع لحظتها تلك هو دخول زوجها اسماعيل الذي قال بضيق: "انتِ بتعملي ايه يا نعمات، الدكتورة مش قايلة لنا انكِ لازم ترتاحي في السرير اول شهور الحمل" كانت تقلب بالملعقة في الحساء الموضوع على النار وهي تجيبه: "قالت، وقالت كمان لما احس اني اتعبانة انام على ضهري بس انا كويسة الحمدلله وحاسة اني بأفضل حال وبعدين لو انا عملت زي ما الدكتورة بتقول مين هيجهز لك الاكل و يغسل لك الهدوم ومين هيروق البيت و مين.." اوقفها اسماعيل بقوله: "مش مهم كل اللي بتقوليه ده مش مهم عندي، اهم حاجة عندي صحتكِ وصحة اللي في بطنكِ" تركت الملعقة بعد ان تذوقت الطعام بطرف لسانها ثم بصقته حتى لا تفسد صيامها كما يفعل الكثير من السيدات هذا عند صيامهم واطفأت النار وبعدها استدارت له وجدته يقف عند باب المطبخ: "والله يا إسماعيل ما تخاف عليَ، انا واخدة بالي كويس مني ومن اللي في بطني ده عوض ربنا بعد عشر سنين اكيد مش ههمل نفسي، وبعدين بصراحة انا جسمي مش واخد على النوم طول الليل و طول النهار انا بحب اعمل شغل البيت بنفسي" هز رأسه من عنادها ليقول وهو يشتَم الرائحة الزكية للطعام: "طب قولي ليَ عاملة لنا ايه على الفطار" ابتسمت وهي ترفع سبابتها تحركها لليمين و لليسار: "لأ، الاكل ده لـ سيد انت عارف انه مشي من هنا على الجيش زعلان عشان خاطر موضوع هبة و انا عايزاه لما يرجع يلاقي كل حاجة بيحبها عشان يعرف ينسى، انا لما عرفت انه راجع النهاردة صحيت من النجمة اعمله كل الاكل اللي بيحبه " ابتسم «اسماعيل» على حنان و لطف زوجته ليقول: "والله الواد سيد ما يستاهل نص اللي بتعمليه عشانه ده عيل ناقص رباية" تذكر اسماعيل عندما ات له سيد بالورشة سابقًا وطلب منه ان يذهب معه لطلب يد هبة من خالتها. كان منشغلًا بتصليح السيارة وعندما ات سيد وجلس على احدى المقاعد اردف«اسماعيل»: "عايز ايه ياسيد؟" اجابه مباشرةً: "عايز اتجوز هبة." رفع إسماعيل رأسه من السيارة والتفتَ له وقال بضيق من اصرار شقيقه على هذه الزيجة: "انت مش اتقدمت لها وهي رفضت ،خلاص بقا." لكن اعترض سيد بقوله السريع : "بس انا بحبها وعايز اتجوزها." شبك اسماعيل ذراعيه امامه و اردف حتى ينهي هذا النقاش: "والمطلوب مني؟" نظر له سيد بتوسل ورجاء وهو يطلب منه: " تخلي نعمات مراتك تروحل لها وتلين دماغها." فك إسماعيل تشابك يديه و استدار للخلف يفتح باب السيارة ليقوم بتشغيلها كي يعلم إذا تم تصليحها ام لا : "نعمات كانت هنا من شوية وقالت انها رايحة هناك ،هي بتحب الست فاطمة وبتعتبرها زي والدتها ،وممكن تفتاحها في موضوعك تاني." فرح سيد بهذا ثم لمعت عيناه بخبث وهو يقول: "ياريت تعرف مش هيبقا مش بتخلف وكمان مش ناصحة زي باقي الستات." اغلق إسماعيل باب السيارة بقوة واتجه ناحية سيد وامسكه من تلباب قميصه وقال بغضب: " نعمات مراتي ومش هسمح بأي مخلوق مهما كان يجيب سيرتها بحاجة وحشة،مهما كان ياسيد حتى لو كان اخويا، انت فاهم" عاد من تذكره لهذا اليوم على صوت نعمات التي تقول: "انت روحت فين يا إسماعيل انا بكلمك" "لأ معاكِ كنتِ بتقولي ايه بقا" اقتربت منه وعلامات الضيق على وجهها: "قلت لك قبل كده و هقول لك تاني يا إسماعيل سيد ده انا بعتبره ابني ومهما يعمل انا مسمحاه وياريت ما تقولش عليه ناقص رباية تاني عشان انا اللي مربياه لما كان عنده 14 سنة" امسك رأسها بلطف وقَبل جبهتها بحب وليس بشهوة حتى لا يفسد صيامه وهو يقول بمشاغبة: "خلاص فكي التكشيرة دي و قولي لي عاملة اكل ايه" عادت تبتسم من جديد واخبرته بحماس: "كل الاكل اللي بيحبه سيد، عاملة روقاق و بشاميل وعاملة صينية بطاطس باللحمة و بط في الفرن و طبعًا المحشي بكل انواعه" ترك اسماعيل رأسها وتشنج وجهه مما سمع وهو يقول بحسرة: "ياخربيتك يا اسماعيل ده كله عشان سيد زعلان، ياختي عنه ما اتصالح يتفلق سيد واللي خلفوا سيد" عبث وجهها وهي ترد عليه: "فيها اي يا اسماعيل، انا عملت كده عشان افرح سيد" عقب الاخر بصوت عالي: "و انتِ عشان تفرحي سيد تجيبي لي انا جلطة، ده انتِ خلصتي مخزون السنة كله في اكلة واحدة" تعبيرات وجهه كانت مضحكة فكبتت نعمات ضحكاتها بصعوبة وهي تحاول تهدئته: "لأ ما تقلقش الحمدلله الخير كتير، وبعدين الحاجات رخيصة" "رخيصة، اه" جلس اسماعيل على الكرسي المتواجد حول الطاولة في المطبخ وهو يتابع نحيبه المضحك: "وهو عشان الحاجات رخيصة نفتري، والحاجات هتغلى بعد كده ومش هنلاقي ناكل" ذهبت نعمات وجلست على كرسي اخر جانبه وهي تقول بأعتراض: "و انت بتسبق الاحداث ليه، عرفت منين ان الحاجات هتغلى" "لأ هتغلى اسمعي مني انا جاي لكِ من المستقبل و عارف انا بقول لكِ ايه و اكبر دليل على كلامي ان سعتها الناس كلها هتشتغل شغلانة واحدة تعرفي هي ايه" ضمت حاجبيها وهي تسأله: "لأ الناس هتشتغل ايه" اجاب بتلقائية: "هتشحت" و على الجانب الآخر يجلس «فارس» في المحل بملامح حزينة ليسمع هاتفه يرن برقم «نرجس» الذي سئم اتصالها المستمر وهو يعلم تمام العلم انها تتصل حتى تتأكد من ان ما سمعته صحيح حتى تشمت بعائلة المنشاوي كما تتمنى و هو به ما يكفي ولا يحتاج لشجار جديد معها. انتهت المكالمة الخامسة منها لتقوم بالسادسة زفر «فارس» الهواء من فمه بضيق و التقط الهاتف حتى يجيب لكن بعد ذلك وجد نفسه يغلق المكالمة بوجهها وبعدها فصل الهاتف حتى لا يلق اية اتصال منها مرة اخرى اقله الآن. __________________________________ خرج «انس» من غرفة ابن خالته أسامة يمسك رأسه من شدة الصداع وهذا اثر عدم اخذه عقار المُخد.ر حتى يشعر بالانتشاء كعادته، كان الألم شديد كاد يفتك به حتى رأى «لين» تخرج من الغرفة المجاورة فنادى عليها وهو يقول بتعب: "لين، هو فين اسامة" انتبهت انه خرج من غرفة شقيقها هو الاخر اقتربت منه ووقفت امامه وهي تراه يمسك رأسه وعلامات سوداء تحيط بعينيه: "أسامة قال انه نازل يصلي التراويح في المسجد وبعد كده هيروح شقتك زي ما انت طلبت عشان يجيب لك لبس و شوية حاجات من هناك" تذكر الآن وهو يقول: "اه صح فعلًا انا قلت له كده، معلش شكلي نسيت" وقبل ان يستدير ويدخل للغرفة يختبأ بها حتى لا يراه احد وهو يتألم بهذا الشكل ويشك الجميع بأمره حتى اردفت «لين» بقلق على ابن خالتها: "انس انت كويس" اردف بتعب واضح وهو يقول: "صداع شديد، حاسس ان دماغي هتتفرتك" سارعت هي بالقول حتى تساعده: "بص انا عندي مسكن كويس اوي، استنى هجيبهولك" وقبل ان يقول او يعترض دخلت هي غرفتها تأتي بالدواء وحالما خرجت لم تجده يقف في الردهة ظنت انه عاد للغرفة حتى رأته يقف في الشرفة، لم تذهب إليه بل دلفت إلى المطبخ وبعد خمس دقائق خرجت وذهبت تقف جواره في الشرفة تمد يدها بالحامل المعدني و فوقه كوب القهوة و بجانبه شريط الدواء، خرج صوتها ناعمًا و هادئًا فهي شخص حساس و رقيق عكس طبيعة ندى الصاخبة: "اتفضل" حرك رأسه ونظر إلى ما تحمله وقال: "اي ده" اجابت ببساطة: "دي قهوة و ده المسكن عشان الصداع" بلع الدواء و اثناء شربه للقهوة قال: "يارب بس الصداع يخف" ابتسمت وهي تقول بمرح: "لأ ما تقلقش هيخف، انا لما بكون مصدعة باخد المسكن و القهوة و ببقا تمام" ابتسم بسخرية ولم ترها هي وهذا لأنه يعلم جيدًا ان هذا النوع من الصداع لن يزول كليًا بالمسكن بل هو يحتاج لعقار اقوى من هذا. نظر لها بطرف عينه وهو يخبرها: "حلو ميكي ماوس اللي انتِ لابساه ده" نظرت إلى ثيابها المكونة من بيچامة منزلية ذات اللون الوردي وفي المنتصف رسمة لفأر من فيلم كرتوني وتضع على رأسها حجاب بسيط وهذا بسبب تواجد انس معهم بالمنزل. ابتسمت لين بخجل ثم اردفت بحماس: "اصل انا بحب الكرتون ده اوي، فاكر يا انس زمان لما بنروح عند تيتة الله يرحمها ونقعد حوليها انا و انت و اسامة و جمعة ابن خالتو خديجة وتحكي لنا حواديت و جمعة لما كان بيضايقني كنت بتاجي انت و تضربه، فاكر يا انس" محت الابتسامة من على وجهها وهي تسمعه يقول بصراحة شديدة: "لأ الحقيقة مش فاكر" احرجها رده بشدة هي في الحقيقة ليست الشخص الذي يبدأ بالحديث بل هي الشخص الهادئ الذي ينتظر ان يقترب منه احد و يبدأ محادثته حتى يتكلم لكن معه هو فعلت العكس،تراه لا يخرج من غرفته منذ وصوله ولا يتكلم مع احد سوى «اسامة» فكرت ان هذا بسبب حزنه على وفاة زوجته «إسراء» فقررت ان تحاول التخفيف عنه و لو قليلًا لكنها الآن ندمت و بشدة انها تحدثت معه فهذا الواقف امامها ليس انس الذي تعرف بل كأنه تبدل إلى شخص اخر. بهت وجهها من رده المتبجح ليحمحم «انس» بعد ان ادرك انه لا يصح التحدث معها بهذه الطريقة وهو في منزلها: "امال فين مامتك و خالتو خديجة" "قاعدين مع بعض في اوضة الضيوف" لاحظ ردها الجاف فترك الكوب فارغًا وهو يشعر ان الم رأسه هدأ قليلًا : "طب عن اذنك هدخل الاوضة، وشكرًا على القهوة و المسكن" ابتسمت بسمة خفيفة مع ملامحها العابثة، تحرك «انس» وتركها تقف بمفردها تتبع اثره فرأى الإثنين باب المنزل يُفتح حيث ان الباب الرئيسي للمنزل يقابل الشرفة التي كان يقف انس بها لتو و مازالت لين تقف بها. فُتح الباب و دخل منه «اسامة» الذي يحمل في يده حقيبة تحتوي على اغراض «انس» و اليد الاخرى دلو فارغ وجميع ثيابه مبتلة بالماء وعلامات الغضب كانت رفيقته. و اول من تحدث هو «انس» الذي قال ساخرًا: "هي مطرت عليك انت بس و لا ايه" ثم وقعت عيناه على الدلو بيده فعلق: "وايه الجردل ده، انت كنت ناوي تاخد شوية من مية المطر و تشربهم عشان دعاك يتحقق بس ما لحقتش" القى اسامة الحقيبة على صدر انس بغضب وغيظ وهو يقول: "ده انا هخر.ب بيت ابوها النهاردة" __________________________________ تأففت بأنزعاج من هذا الرقم الغير مسجل بهاتفها ويقوم بالاتصال دون كلل أو ملل حتى استجابت اخيرًا لترى من المتصل : "الو، مين" سمعت ضحكة تبغضها كثيرًا وسمعته يقول: "ايه يا رحوم ولا انا بقول نخلينا في قدر، ايه مش عايزة تردي على الفون ليه خايفة يكون حد بيعاكس" علمت من صوته انه طارق عبد الحميد لتقول بحنق و انزعاج: "ياريت كان حد عايز يعاكس على الاقل هنرتاح منه بـ block انما انت نرتاح منك ازاي و انت عامل زي القرادة اللي بتلزق مع بتطلعش" ضحك مجددًا على وصفها له تعجبت هي من تركيبة هذا الشخص هي تهينه وهو يضحك: "لدرجادي انا تعبك يا قدر" كانت تشعر بالاشمئزاز و الكره عندما تسمع اسمها منه لتقول بحنق وقلة صبر: "اخلص انت بترن ليه، انت مش خدت الورق اللي انت عايزه بتتزفت ترن عليَ تاني ليه" عادت نبرة صوته جادة من جديد ونطق: "كنت عايزك تعرفي ادهم هيعمل مشروع ايه عشان يدخل بيه المناقصة، عشان انا عرفت انه بعد ما خدت الورق وانتِ جبتهولي هو ما خرجش من المناقصة " سمع رفضها القاطع: "انسى يا طارق انا كنت عبيطة مرة لما اديتك الورق و مستحيل اكرر الغلط ده مرتين انا مش هخون ادهم و سليم تاني" لم تنتبه ان نبرة صوتها عالية وقبل ان يأتيها رد طارق سمعت من خلفها ما جعل الدماء تتجمد في عروقها وتصلب جسدها وهي تسمعه يقول: "ورق ايه ده اللي اديته لـ طارق" ...لسه الحكاية مخلصتش.... #صدفة_ام_قدر #العشق_الخماسي #سميه_عبدالسلام الفصل الثالث والثلاثون من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات