رواية عروستى ميكانيكي الفصل الواحد والثلاثون بقلم سما نور الدين
ربتت زهرة فوق كتف إيمان وقالت بعد أن تعجبت مما رأته من لهفتها المولعه على زوجها الغاضب ، فقالت ساخره :
- إيمان حبيبتى جوزك مش مسافر الهند دى اسكندرية يعنى أقل من ساعه طيران .
اتسعت عينى إيمان بعد ما ضربت صدرها بكف يدها وقالت :
- يالهووى !!! هو هيركب طياره ؟!!
التوت شفتى زهرة من الغيظ وأشارت لها ناحية الباب وقالت بصوت قوى :
- اتفضلى على أوضتك وسبينى أكمل جلسة اليوجا بتاعتى ، يالا !!
تربعت إيمان فوق الفراش وهى تقول بعناد واضح
- مين دى اللى تروح أوضتها أنا مش هتعتع من هنا إلا لما أطمن ع الباشا إنه وصل بالسلامه .
هتفت بها عمتها وهى تميل عليها بجذعها :
- أنتى يا بنت مش معاكى تليفون ما تتصلى بيه وتطمنى عليه وأنتى فى أوضتك .
أشارت إيمان لنفسها بإصبعها وقالت بغيظ :
- أنا أتصل عليه !! لا يمكن أبداً ، هو اللى يتصل .
جلست زهرة بجانبها وهى تنظر إليها شرزاً فقامت بقرص جانبها بقوة ، صرخت إيمان من الآلم ومسدت على جانبها ثم قالت بغضب :
- إيه يا عمتى !! إحنا فينا من قرص حرام على فكرة أنا بنت أخوكى اليتيمة .
أمسكت بأذنها وقالت بصوت حاد وخافت :
- قصدك بنت أخويا المجنونة اللى عايزة تعقل وتفهمإن إبراهيم جوزها ، جوزها اللى بيخاف عليها وعايز مصلحتها يبقى نعمل إيه ؟! نصالحه نعامله بطريقة كويسه ، مش نتخانق معاه ونزعله كل شوية لغايه ما قرب يطفش من البلد كلها .
كانت رأس إيمان تتحرك يميناً ويساراً والآلم يعتصر أذنها فكادت أن تصرخ مرة أخرى وهى تتوسل لعمتها بترك أذنها قبل أن تنخلع بيدها ولكنها شعرت بصدمه تضرب قلبها عند مقولة هروب زوجها من البلد وسفره بعيداً بسببها .
تركت العمة أذن إيمان بعد أن ارتسمت علامات الصدمة والحزن على وجهها وسمعتها تقول بصوت آليم :
- هو قالك إنه هيسيبنى ويسيب البلد كلها بسببى يا عمتى .
حاولت العمة أن تقوم بتمثيل دورها جيداً ، فقالت وهى تقف وتتجه لمرآتها :
- هو مقالش كده الصراحه بس أنا حسيت إنه خلاص مش قادر بسبب تصرفاتك ومعاملتك معاه ، ولولا بس جدك والقضية أنا أعتقد إنه كان سافر فعلاً .
تهدلت أكتاف إيمان وارتسم الحزن جلياً بوجهها الذى أخفضته لأسفل وقالت وهى تنظر أرضاً :
- هيروح تركيا صح ؟! عشان البت شين شين بتاعته .
تقطب جبين زهرة ونظرت لصورة إيمان المنعكسة بالمرآة وقالت بتعجب :
رفعت إيمام رأسها وقالت بحزن :
- البت التركية اللى بيحبها واللى جت تصوت وتصرخ أول ما عرفت إنه اتجوزنى ، بس هو فهمها الحقيقه وشكله هيرجعلها بس لما القضيه تخلص .
صدحت ضحكات زهرة عالياً فنظرت إليها إيمان باستغراب وقالت بغضب :
- هو أنا قلت حاجه تضحك يا عمتى !! ع العموم هو حر فى حياته ، أنا أصلاً أصلاً .. .
أكملت زهرة جملة إيمان بقولها :
- غبيه .
صمتت إيمان وتسمرت نظراتها لعمتها التى وقفت أمامها وهى تتابع بقولها بصوت حاد قوى :
- أيوة غبيه عشان مش شايفه جوزك بيعمل إيه عشانك ، وأنتى بكل سهولة بتتخلى عنه لواحدة زى التشين .
بلعت إيمان ريقها بصعوبة ورددت بصوت ضعيف حزين :
- عمتى متضحكيش عليا واخد زى ابن أخوكى هيبص لواحدة ميكانيكى .
جلست عمتها بجانبها ومسدت على شعرها وقالت بصوت هادئ :
- أهى الميكانيكى دى خلته أسعد واحد فى الدنيا مع إنها مطلعه عينه ومجنناه .
نظرت إيمان لها بتعجب وتساءلت ببلاهة :
- إزاى يعنى ؟!
أمسكت زهرة بكف إيمان وأجابتها :
- أنتى ليه شايفه نفسك قليلة قدام إبراهيم ؟!
أجابتها إيمان مسرعه بقولها :
- لا يا عمتى مش قليلة بس هى حاجه بالعقل كده .
قامت عمتها بضربها فوق رأسها وهى تقول بتحفز :
- ومين قالك إنها بالعقل ؟
أشارت عمتها لقلب إيمان وتابعت قولها :
- بالقلب .. أنتى دخلتى قلبه بدون استئذان ، هو الحب كده وكمان أنتى مالك بقى ، أنتى بنت جميلة وقلبك أجمل مكافحة وطبيعتك هى أحلى حاجه فيكى غير إنك تربية أحمد أخويا الله يرحمه صحيح مجنونة وشعنونة بس دا بيزيدك جمال ، يبقى له حق إبراهيم يحبك ولا لا ؟!
اتسعت عينى إيمان من الصدمة وقالت :
- يحبنى مرة واحدة !!
قالت زهرة بصوت حازم قوى وشبح إبتسامة يزين شفتيها :
- أيوة مرة وأكتر من مرة كمان ، لكن بخوفك وبغبائك وتفكيرك العقيم دت هتضيعيه من ايديكى وساعتها هيروح لشين شين بجد .
ذمت إيمان شفتيها وقالت وهى تضع وجنتها فوق كفها :
- طب .. طب أنا هصدقك ومش هقول إنه هو كويس معايا دا حبة وحبة يعنى عشان أنا بنت عمه ووصية جدى ، بس إيه ؟ يعنى إيه ؟ أعمل إيه أنا دلوقتى ؟!!
مطت زهرة شفتيها وقالت :
- يعنى إيه تعملى إيه ؟!! هو دا سؤال عايزانى أقولك تتصرفى إزاى مع جوزك اللى بيحبك .
تنهدت إيمان وهى تردد :
- يادى الحوسه على بيحبك دى ، المهم دلوقتى قوليلى أعمل إيه ؟!
أمسكتها عمتها من ذراعها ليقفا سوياً بقبالة بعضهما وقالت :
- أنا هقولك بس تعالى معايا دلوقتى نكمل تمرين اليوجا وبعدها تتصلى بيه عشان تطمنى عليه ، يالا .
جلست زهرة أرضاً ومدت يدها لتمسك بكف إيمان التى ظلت واقفه بوجه ممتعض ، هزت بقوة كفها وقالت بصوت صارم :
- اقعدى يا بنت !! واعملى زى ما بعمل بالظبط .
جلست إيمان على مضض وقالت :
- أنا مش عارفة نوجا إيه دى اللى هتخلينا قاعدين زى الصنم لا صوت ولا حركة .
رددت زهرة بغضب وهى مغمضة العينين :
- شششششش ولا كلمة يلا ابدأى .
تمعنت إيمان بوضع جلوس زهرة وقلدتها لتجلس مثلها تماماً وهى تهمس بصوت خافت :
- لا حول ولا قوة إلا بالله .
أغمضت إيمان عينيها وضمت إصبعيها وبدأت بتنهيدة استسلام واضحه ، وما إن مر عشر دقائق حتى شعرت إيمان بثقل رأسها ، لتتفاجأ زهرة بمن ترمى برأسها فوق فخذها وتصدر صوتاً شخير خافت .
فتحت زهرة عينيها ونظرت لتجد إيمان تتوسد فخذها بأريحية وتمدد أرجلها وصوت شخيرها بدأ يتصاعد تدريجياً ، هزت زهرة رأسها يميناً وشمالاً وضحكة خافته أصدرتها وهى تمسد فوق شعر إيمان بأصابعها وتهمس قائلة :
- مجنونة والله ، له حق يحبك .
وبعد برهة قليلة صدح صوت هاتف إيمان عالياً ففزعت من نومها ، واستقامت وهى تبحث عن هاتفها القابع بجيب بنطالها الخلفى ، فى حين كان قلبها يقفز عالياً ظناً منها أن إبراهيم هو من يتصل ، فردت بعصبية :
- هو فين ؟ فين !!!!
ضربتها عمتها فوق مؤخرتها وهى تقول بنزق :
- هنا يا هبلة .
ضحكت إيمان كالبلهاء ومدت يدها تمسك هاتفها وهى تقول :
- عفارم عليكِ يا عمتى .
نظرت للشاشه بلهفة ولكنها حزنت عندما رأت اسم صديقتها عزة هو من يضيئ فوق سطح الشاشه ، رفعت رأسها وقالت بصوت خافت حزين :
- دى عزة صاحبتى .
ربتت زهرة فوق ذراع إيمان بحنو وهى تقول :
- طب ردى عليها يالا .
وضعت إيمان الهاتف فوق أذنها وقالت وهى تعتدل بجلستها فوق الأرض :
- وعليكم السلام .. أيوة يا لوزة ، الحمد لله مالك يا بت ، خالى صلاح ماله ؟!
أجابتها عزة بلهفة :
- خالك صلاح هيقعد فى القاهرة كام يوم ، وعايز يمشى يقعد فى لوكاندة ، أمى قالتله إنه ممكن يقعد فى بيتك وأنتى مش هتمانعى أكيد ، بس هو مصمم كلميه اللهى تنسترى بس اوعى تقوليله إنى قلتلك حاجه .
هزت إيمان رأسها وقالت مسرعه :
- طب اقفلى ياختى وأنا هكلمه ، اقفلى بقى خلاص يا بت مش هقوله إنك بلغتينى .. اقفللللللللى .
أغلقت إيمان الهاتف وقالت لعمتها :
- بت رغاية أوى بس بموت فيها ، هكلم أبو ثلاح الأول وبعدين أحكيلك .
نقرت إيمان بأصابعها فوق الشاشه ثم قالت فور الإجابة من الطرف الأخر :
- الوو ، أيوة يا خالى بص بقى يا بطل الأبطال من غير هرى ومناهدة وفرهدة ، أنت تأخد مفتاح شقتى من خالتى تهاني وتقعد فيها المدة اللى أنت عايزها ، والله لو قلت لا لا هتكون خالى ولا أعرفك ، أنا بقولك أهو لا يا خالى مفيش نتفاهم وبجد هزعل ، أنا قلت اللى عندى مات الكلام ، سلام يا بطل .
وقبل أن تنطق صدح رنين هاتف زهرة فأجفلت وأشارت لعمتها بأن تجيب بسرعه وهى تقول :
- ردى يا عمتى ليكون الباشا .
وبالفعل كان إبراهيم يتصل بعمته ليبلغها بأنه قد وصل سالماً وأنه بطريقه الآن للفندق ، أجابته زهرة قائلة :
- حمد لله ع السلامه يا حبيبى .
سألها إبراهيم متلهفاً :
- هى جمبك يا عمتى وتليفونها معاها ؟!
أجابته وهى تنظر لوجه إيمان :
- أيوة .
هز إبراهيم رأسه بعد ما ارتسم الحزن بملامح وجهه لتجاهلها إياه وعدم إتصالها به للإطمئنان عليه
- أوك يا عمتى ، سلام وهبقى أكملك .
أرادت زهرة اللحاق به قبل أن يغلق لتقول :
- طب مش عايز تكلم .. .
نظرت زهرة للهاتف ثم وضعته فوق أذنها مرة أخرى وهى تقول :
- الو .. إبراهيم الو .
تلكئت بكلماتها وهى تهرب بعينيها عن تلك التى تحدق بها وقالت :
- الخط قطع ، ممكن يكون دخل فى مكان مافيهوش شبكة .
نظرت إيمان أرضاً وظلت تحرك هاتفها بدون إدراك منها وقالت بصوت حزين :
- شوفتى مش عايز يكلمنى .. أصلاً أنا مش عايزاه يكلمنى ولا أكلمه ولا أكلم أى حد .
هبت زهرة بدورها وقالت بصوت حازم قبل أن تخرج إيمان من الغرفة :
- استنى هنا يا بنت !!
تسمرت إيمان بمكانها وهى تقول بضيق :
- نعم يا عمتى .
زفرت زهرة وتخصرت وهى تقول :
- وبعدين بقى فى دماغك الناشفه دى ، تعالى هنا .
استدارت إيمان واتجهت إليها بخطوات تدب الأرض من تحتها وقالت بتأفف وهى تقف بقبالتها :
- ادينى وقفت أهو ، خير بقى .
وبصوت حاد وبملامح وجه جامدة قالت زهرة والصرامة تشوب صوتها :
- حالاً تمسكى تليفونك وتتصلى بجوزك عشان تتطمنى عليه .
هتفت إيمان باعتراض :
- بس يا عمتى .. .
صاحت بها زهرة بحزم وهى تشير لها بيدها :
- أنا قلت حالاً يا إيمان !!
اغتاظت إيمان من حزم وقوة عمتها فلم ترد أن تغضبها وجزء خفى منها كلن يهفو لسماع صوته ، فرفعت هاتفها أمام وجهها وضغطت فوق شاشته حتى ظهر اسم الباشا أمامها ، فنظرت لعمتها التى أؤمات لها لتتابع ما تفعله .
تنهدت إيمان بيأس وضغطت فوق اسمه ووضعت الهاتف فوق أذنها لتسمع رنين تتمنى أن ينتهى بسماع صوته ، وأثناء ذلك كان إبراهيم ينظر للطريق الجانبى وخاصة للبحر ولونه الأزرق الجميل وموجاته الشديدة القوية والتى تشبه فى تلاطمها بضربات قلبه التى تهفو لسماع صوتها ، صوتها الذى اعتاد عليه منذ اليوم الأول الذى رأها فيه ، ابتسم للبحر وهو يهز رأسه ويهمس لنفسه بتعجب بأنه كيف لتلك الصغيرة المشاغبة المختلفة أن تهز كيانه وعقله ، ما هى نوع القوى التى تتمتع بها ، أفاق من هذا الاستجواب لقلبه على صوت رنين هاتفه لينظر إليه فتتسع ابتسامته فوق شفتيه وتضيق عينيه التى التمعت فجأة ، أسرع بوضع الهاتف فوق أذنه وهو يقول بصوت هادئ عكس ضربات قلبه :
- الو .
أغمضت إيمان عينيها عند سماع صوته ولكنها تذكرت أنه لم يتصل بها ففتحت عينيها وصاحت به :
- بص عشان تبقى عارف أنا عمتى هى اللى فضلت تزن عليا عشان أتصل عليك وأهى واقفه على دماغى وبتبصلى جامد شوية أهى وهتتحول ، لكن لو عليا وبعد الهبدة اللى هبدتهالى وتهديدك ليا أنا مكنتش اتنيلت اتصلت عشان يا باشا أنا متهددش وبص قصدى بس أهو اللى حصل ، يعنى فى الأول والأخر أهو الواحد إنسانيتاً منى يطمن عليك مأنت ابن عمى برضه و .. .
كان يستمع إليها والإبتسامة لا تفارق شفتيه حتى قاطع استرسال صياحها العابث وقال بصوت هادئ :
- ابن عمك وجوزك وحبيبك ووحشتينى الساعه دى يا منيتى .
تسمرت إيمان مكانها بعد أن أصابتها الخازوقة فرمشت عدة مرات وقالت بصوت مرتعب وبتعثلم واضح وهى تمد بهاتفها ناحية عمتها :
- دا .. دا بيقولى إنه .. إنه جوزى .
صدحت ضحكات عمتها عالياً وهى تقول بنبرة صوت ساخرة :
- بجد مكنتش أعرف !! طب يالا كملى كلام مع جوزك .
ووبطئ شديد عاودت وضع الهاتف فوق أذنها بيد ترتعش فتنحنحت حتى تنجلى حنجرتها وقالت بصوت مبحوح ضعيف :
- آ .. أنا .. .
ضحك إبراهيم بصوت عالى وقال :
- كان نفسى تكونى قدامى دلوقتى كنت خليتك تنطقى تعبتينى يا بنت عمى .
أشارت لنفسها بإصبعها وقالت ببلاهة :
- أنا تعبتك !! بعد الشر عليك من التعب والله ما أقصد .. .
نظر إبراهيم لأعلى وتنهد بأريحية وأسرع بقوله :
- وأخيراً أهى بدأت تندع ، أيوة يامنيتى مانا عارف إنه مش قصدك ، وأنا اللى بقولك يا ستى اتعبينى براحتك أنا موافق ، بس سؤال هو أنتِ لسه زعلانه منى ؟
أسرعت إيمان بقولها بكل ثقة :
- أنا زعلانه منك !! ليه هو حصل إيه ؟!
عاودت صوت ضحكات إبراهيم تصدح وكأنها نغمات موسيقية تدغذغ أذنها فقال لها :
- محصلش حاجه المهم إنك وحشتينى مش هتقوليلى وأنت كمان يا إبراهيم وحشتنى ولا أنا موحشتكيش !!
وباضطراب رمت إيمان الهاتف لعمتها وهرعت بالهروب كأرنب مذعور من الغرفة فلم يكن باستطاعتها تحمل كل هذة العواطف والتى ولأول مرة فى حياتها تهاجمها بهذا الشكل ، لم تعر لنداء عمتها اهتمام أو إجابة وهرعت لغرفتها وتغلقها باحكام .
وضعت زهرة الهاتف على أذنها لتستمع لإبراهيم الذى ظل يكرر اسم إيمان وهل هى مازالت معه على الخط أم لا ، أجابته زهرة وهى تضحك :
- أتت قلتلها إيه خليت وشها يلون وتهرب على أوضتها .
قال وهو يتنهد بيأس :
- ولا حاجه يا عمتى أنا بس ربنا رزقنى بواحدة مجنونة قدام الناس عامله عنتر وبكلمة حلوة تهرب زى الفار المهم خلى بالك منها ولو حصل اى حاجه كلمينى ، سلام يا عمتى .
وبعد عدة ساعات وبعد أن خيم الليل كانت إيمان تجلس فوق فراشها بعد أن أفاقت من تلك الحالة التى انتابتها وجعلتها تبتسم كالبلهاء وهى تحتضن وسادتها ، ظلت تزفر وتتأفف من شعورها بالملل والضيق ، ترددت كثيراً لكى تهاتف زوجها ولكن خوفها هو من انتصر بالنهاية ، فهاتفت عزة التى أجابتها قائلة بصوت ناعم :
- إزيك يا مانوش .
رفعت إيمان حاجبها وقالت بنزق :
- إيه المياعه دى يا بت مالك !! ومن امتى بتقوليلى يا مانوش صلاح بس اللى بينادينى كده .
تنهدت عزه وهى تقول بنبرة ناعمة يبدو أنها التزمت بها بعد عودتها من أمام شقة إيمان هى وأخيها الصغير بلاطة :
- أيوة مانا عارفه ، مانا لقيت الاسم اللى بيناديكى بيه سى صلاح حلو اووى .
صاحت بها إيمان بصوت عصبى :
- اتعدلى يا بت أنتى وقولى فيه إيه ؟ أنتى أصلاً بتعملى إيه دلوقتى ؟!
أجابتها بصوت هادئ هذه المرة :
- فى إيه مالك يا إيمام ؟ كنت بقرأ قصة من على النت .
التوت شفتى إيمان بامتعاض وقالت ساخره :
- من امتى ياختى الثقافه دى !! قصة إيه إن شاء الله ؟
أجابتها عزة وهى تبتسم خجلاً :
- قصة اسمها فتوة قلبى البطل فيها فتوة الحارة وتحسيه كده فيه شبه من سى صلاح ، بس يا خسارة .
أجابتها إيمان وهى تمط شفتيها :
- خسارة ليه يا نحنوحة ؟!
ردت عزة بعد أن تنهدت بحزن :
- المؤلفة مكملتهاش واقفة عند المشهد ٢٣ كان نفسى أعرف وأكمل بقية الحدوتة وأعرف حصل إيه لما البت أسماء البطلة لقت نفسها بقدرة قادر كده بقت مرات سى عامر البطل .
تمتمت إيمان بكلمان الإستغفار وقالت بنزق :
- والمؤلفة وقفتها ليه ؟ انتحرت ولا طفشت من وشك ، الأول تعالى هنا من امتى وأنتى بتقرى حواديت ، أنتى أخرك تقرى حظك اليوم .
اعتدلت عزة فوق فراشها وقالت بعد أن ارتسم بملامحها بعض الجدية :
- أصل سى صلاح قالى القرايه مهمه للبنى آدم عشان .. عشان .. يا خيبتى القوية نسيت عشان إيه ، المهم إنه قالى ان الكتاب صاحبه وصاحب مهم جدا كمان وانه بيساعده عشان يفهم الدنيا اكتر .
جلست إيمان فوق ركبتيها وهى تقول متسائلة :
- دا أنتو حكيتو مع بعض بقى وشكل القعدة كانت حلوة ، دا أنا هكسر دماغك .
أسرعت عزة بقولها :
- والله العظيم أبداً لا قعدنا ولا حاجه ، دا أنا أخدت الواد محمد وخبطنا على باب شقتك عشان نديله صنية العشا ، ولما فتحلنا كان فى ايده كتاب فسألته بتقرأ إيه وبس ، مكملناش تلات دقايق والله يا إيمان ومشيت على شقتنا بسرعة عشان أمى نبهت عليا ، وبس ..
تنهدت إيمان وقالت بصوت قوى :
- عزة أنتى أختى وصحيح هو خالى ، بس بردو خافى على سمعتك ومتخليش حد يتكلم عليكى ، وصوانى الاكل اللى يوديها بلاطه واتقلى شوية كاتك خيبه .
أسدلت عزة أهدابها بعد أن رمشت عدة مرات وقالت :
- حاضر أنا بكرة الصبح إن شاء الله هروح الشركة عشان أقدم الورق بتاعى للباشا ، هلاقيكى هناك صح ؟
وبملامح جامدة أجابتها إيمان :
- لا مش هتلاقينى أنا مش هروح عشان الباشا كمان أصله سافر النهارده ، بس متقلقيش أنا هبلغ البت ليلى تأخد منك الورق .
تلهفت عزة لسماع المزيد وتساءلت :
- سافر !! طفشتيه يا بنت أسطى أحمد أحسن تستاهلى ، عشان مخك اللى عامل زى ماتور العربية الخربان .
رفعت إيمان أنفها بشموخ وقالت بصوت قوى :
- لا ياختى ماطفشى ده سافر عشان يقابل ناس أجنبيين بس كلمنى فى التيلفون وقالى كلام ، كلام حلو من بتاع النحانيح .
ضحكت عزة بصوت عالى وتلهفت لسماع ما قاله فسألتها مسرعة :
- قال إيه ؟ ها .. قالك إيه انطقى .
أصدرت إيمان ضحكة خافتة وهى تتلاعب بطرف بلوزتها وقالت :
- لما أشوفك هقولك سلام بقى لحسن حسيت إنى جعانة ، طلبونى أتعشى وأنا ساعتها مرضيتش سلام سلمى على خالتى تهانى .
أسرعت عزة بقولها قبل أن تغلق إيمان هاتفها :
- استنى يا إيمان اوعى تنسى فرح كريمة بنت عم صابر بكرة اوعى متجيش لحسن تزعل .
ردت إيمان :
- طبعاً هاجى إن شاء الله ، ولو إنى مش عايزة عشان خاطر الواد محمود أخو خطيبها .
أجابتها عزة بقوة :
- محمود إيه اللى تعمليله حساب ، كريمة صاحبتنا من زمان ولازم نعمل معاها الواجب لازمن تحضرى لحسن أهل الحارة يقولوا إنك اتكبرتى عليهم بعد ما ربنا رزقك من وسع .
هزت إيمان رأسها بالإيجاب وهى تقول :
- ماشى يا لوزة هحضر ، سلام تصبحى على خير .
أغلقت إيمان هاتفها ووثبت من فوق فراشها لتخرج من غرفتها متجهة إلى المطبخ ، وضعت هاتفها فوق طاولة المطبخ فأصبحت منذ مكالمة إبراهيم وهى حريصة على لصق هاتفها بيدها طوال الوقت ، فتحت البراد وأخذت تبحث بعينيها عن ما تشتهيه لتأكله ، وما إن بدأت بالتحضير حتى شهقت بصوت عالى عندما فاجئها مراد بصوت خافت ليفزعها بقوله :
- بتعملى إيه عندك ؟!
استدارت وهى تمسك السكين بيدها لوجه مراد الذى فزع من النصل الذة كاد أن يجرح وجهه ، صرخت به إيمان :
- حد يخض حد كده !!
ضحك مراد وهو يرفع يديه استسلاماً لها وقال وهو يتراجع للوراء :
- أسف ، أسف بس قلت أحسن طريقة عشان أصالحك إنى أخضك .
التوت شفتيها وقالت بوجه ممتعض الملامح :
- يا عم ولا تصالحنى ولا أصالحك ، عادى يعنى محصلش حاجه .
ظلت الإبتسامة على وجه مراد وقال وهو يجلس أمام الطاولة :
- أنا بجد أسف إنى انفعلت عليكى يا إيمان ، أنا عرفت حصل إيه بالظبط من إبراهيم .
هزت إيمان رأسها بالإيجاب وهى ترد بابتسامة ، ثم استدارت لتكمل ما كانت تفعله وسمعت قوله :
- أنتى بتعملى إيه ؟
أجابته وهى تضع قطعة من الجبن ما بين طرفى قطعة الخبز :
- بوضب شندويتشات عشان أحطها فى الصندوق الأسود .
تقطب جبين مراد وقال متعجباً :
- صندوق أسود !! د ا إيه دا ؟!
أشارت إيمان بالسكين لجهاز الميكرويف وقالت :
- ده يا فكيك عشان الجبنة تسيح جوة الرغيف .
ضحك مراد وقال :
- ليه بتعملى بنفسك ما تصحى حد من الخدامين .
استدارت له وهى تنظر له شزراً وقالت :
- أصحى الناس الشقيانة طول النهار من نومها عشام أكل ، خلاص مفيش أى دم خالص كدة .
رفع مراد يديه استسلاماً للمرة الثانية وهو يقول :
- خلاص خلاص أنا أسف ، طب ممكن تعمليلى معاكى سندوتش الصندوق الأسود لو سمحتى .
رفعت إيمان رأسها وأعطته ظهرها وقالت :
- ممكن هعملك واحد جبنة سايحه وواحد سكلانس .
رفع مراد حاجبه يأساً من كثرة عدم فهمه لما تقوله فرفع إصبعه وكأنه تلميذ يرجو من معلمه شىء ما وقال :
- ممكن أفهم إيه هو السكلينس ده لو سمحتى ؟
لم تنظر إليه إيمان وقالت بعد ان التوت شفتيها :
- جاهل بس هقولك وأكسب فيك ثواب ، السكلانس دا سندويتش قنبلة قشطة ومربى وعسل وحلاوة ، بس أنا بقى اخترعت عليه حاجة جديده أحلى وأطعم .
اتسعت عينى مراد عن أخرها عندما ذكرت محتويات الشطيرة القنبلة وتساءل :
- اخترعتى ايه بقى حضرتك ؟!
استدارت ولوحت له بسكينتها بتعالى وقالت :
- بدل الحلاوة حطيت موز حاجه بقى قنبلة القنابيل .
لوح مراد لها بيده بالرفض وقال بصوت مرتعب :
- لا لا شكراً ، كفاية عليا ساندويتش الجبنة السايحة .
مالت إيمان برأسها وهى تقول :
- زى ما تحب .
أمسك مراد هاتفه وفتح تطبيق الفيس بوك وضغط فوق صفحة أحد رجال الأعمال الأمريكين ليصدح صوته عالياً وهو يقول مهللاً :
- أوبااااا صاروخ !!! يا بختك يا إبراهيم ياريتنى أنا اللى كنت سافرت .
أغلقت إيمان باب الميكرويف بعد أن وضعت بداخله الشطائر وضبطت أزراره كما علمتها دادة فاطمة ، وقالت وهى تلتف لمراد :
- بتقول إيه أنت ؟! صاروخ إيه ؟!!
وقف مراد وتقدم ناحيتها ليريها إبراهيم جالساً داخل مطعم الفندق وبجانبه فتاة أمريكية صارخة الجمال بشعرها الأصفر الطويل وعيونها الزرقاء مرتديه فستان سهرة عارى الكتفين تميل ناحية إبراهيم الذى كان جالساً متحفظاً بابتسامة باهته فوق شفتيه ، ارتج صدر إيمان وصرخت بغضب :
- هو الباشا رايح إجتماع شغل ولا رايح يتسرمح مع السايحات فى الكباريهات .
رجع مراد لكرسيه وقال وهو مستغرباً لما هتفت به إيمان :
- كباريهات إيه يا إيمان !! دا مطعم الفندق اللى نازل فيه واللى معاه دى شريكة من ضمن الشركاء الأجانب ، أنتى مشوفتيش بقية الشركا اللى قاعدين معاهم ده اسمه عشاء عمل .
بالفعل لم ترى إيمان أى أحد أخر إلا تلك الفاتنة التى تميل ناحية زوجها ، ظلت سارحة وبداخلها بركاناً من الغضب وخيالات تضرب برأسها عن ماذا يفعل زوجها الأن مع تلك الأمريكية ، لاح لها مراد بيدها لتفق من شرودها وقال :
- إيمان الميكرويف بيصفر .
انتبهت له واستدارت لتخرج الشطائر التى فقدت شهيتها لإلتهامها ، سمعت رنين هاتفها القابع فوق الطاولة فقال مراد :
- إيمان !! إبراهيم بيتصل .
قالت له إيمان بصوت جامد وهى ترص الشطائر فى طبقين :
- رد عليه أنت عشان مش فاضى .
ابتسم مراد بخبث وأمسك بهاتف إيمان وأجاب بتهكم ساخراً :
- الو يا ابن عمى .
هب إبراهيم واقفاً من كرسيه القابع بشرفة غرفته بعد أن شعر بالقلق وهتف بصوت عال :
- مراد بترد على تليفون إيمان ليه ؟ مالها جرالها حاجه ؟ انطق !!!
صدحت ضحكات مراد عالياً وقال ساخراً وهو يضع قدمه فوق الأخرى :
- مكنتش أعرف إن قلبك ضعيف كده يا وحش ، إيمان بخير واقفة قصادى بتحضرلى العشا عشان نتعشى سوا فى المطبخ .
تقطب جبين إبراهيم وهو يصيح :
- نعم !!! بتحضرلك العشا هى فين إداهانى أكلمها .
وضعت إيمان الأطباق فوق الطاولة وملامح وجهها مازال الجمود يفترشه بوضوح ، مد مراد يده بالهاتف لها وقال بصوت ماكر :
- إبراهيم عايزك .
زفرت بضيق وأخذت الهاتف وقالت على مضض وهى تضعه فوق أذنها :
- أفندم !! خير إن شاء الله .
هدر إبراهيم بصوت غاضب وهو يقول :
- أنتى عندك بتهببى إيه ؟!
تخصرت بيدها الثانية وقالت ساخرة وبصوت حاولت أن يكون ناعماً :
- هكون بعمل إيه يعنى !! بنصطاد عصافير من ع الشجر ، بنتعشى أنا وابن عمى مراميرو .
ضحك مراد بصوت عال ، ضاقت عينى إبراهيم وارتعشت نواجذه من الغيظ وهدر بها :
- قسماً بالله إن ما طلعتى أوضتك حالاً دلوقتى لاجى أكسر دماغك أنت والزفت مرمر اللى قاعد معاكى دا .
قالت بصوت هادئ :
- أنا كده كده كنت طالعة .
استطردت قولها وهى تنظر لمراد وتضع الطبق الخاص به أمامه :
- اتفضل يا مرمر ، بالهنا والشفا على قلبك يا رب يعجبك .
هدر بها إبراهيم بغضب حتى أنها شعرت بصوته يكاد أن يخترق طبلة أذنها :
- بتجنينينى !! ماشى يا إيمان أقسم بالله لما أشوفك ، اطلعيييي على أوضتك سااامعة !!
لم تستطع أن تكبت بداخلها الغضب والغيظ منه أكثر من ذلك ، فهتفت به وصوتها العالى يصدح بالأرجاء :
- أنت ليك عين تحلف عليا وتهددنى خليك مع السايحه الأمريكانيانة بتاعتك اللى لابسة من غير هدوم يا مؤدب يا محترم ، قال رايح تشتغل قال أنا هقفل ومتكلمنيش تانى ومن غير سلامو عليكو كمان .
أغلقت إيمان هاتفها وصوت لهاثها العالى هزم صوت ضحكات مراد الذى قال من بين ضحكاته :
- أنا كنت هخرج أسهر بره مع أصحابى ، بس كويس إنى مخرجتش عشان مفوتش عليا المشهد التحفة دا .
اصطكت أسنانها من شدة الغيظ فأمسكت بشطيرته ووضعتها فوق طبقها وهدرت به :
- مشهد موتك على إيدى إن شاء الله وهات الشندويتش ده خسارة فيك ، ومن غير تصبح على خير أنت التانى .
خرجت إيمان من المطبخ وهى تتمتم بغضب :
- رجالة عايزة الحرق .
ليصيح بها مراد :
- طب حتة من سندويتش الصندوق الأسود ، ده أنا ابن عمك برضه .
وأثناء ذلك كان إبراهيم يحدق بهاتفه عندما أغلقته بوجهه تلك المجنونة ، جلس فوق كرسيه فضرب فخذه بقوة ثم هب واقفاً مرة أخرى ونظر بهاتفه ليتصل بمراد الذى هتف به :
- إيمان لسه قاعدة عندك ؟!
أجابه مراد مبتسماً :
- لا طلعت أوضتها أول ما قفلت السكة فى وشك .
أسرع إبراهيم لسؤاله :
- إيه اللى خلاها تقول كده ؟ ما هو أنت عارف أو أكيد أنت ليك يد فى الموضوع .
اعتدل مراد فوق كرسيه بأريحية وقال :
- دايماً كده ظالمنى يا ابن عمى ، كل الحكايه إنى وريتها صورتك وأنت قاعد جنب ليزا شريكتنا الأمريكية اللى نزلتها وهى بتقول عشاء عمل مع شريكنا المصرى الوسيم .
سب إبراهيم مراد بصوت عالى غاضب ، فرد مراد متهكماً بصوت هادئ :
- أنا مش هرد عليك عشان أنت أكبر منى وأنا واحد متربى .
فهدر به إبراهيم :
- أنا اللى هربيك بجد بس لما أرجع .
أغلق إبراهيم الهاتف بوجه مراد وحاول الإتصال بإيمان لكنه وجده مغلقاً ، فزفر بضيق ورمى بهاتفه فوق المنضدة الزجاجية الصغيرة ، تخصر ووقف أمام سور شرفته ينظر للبحر استنشق هواءه ليملأ صدره حتى يهدأ قليلاً ، وفى خضم ذلك التوت شفتيه بابتسامه جانبية عندما تذكر ما هدرت به بغضب جراء شعورها بالغيرة الشديدة عليه من ليزا فهمس لنفسه وهو يهز رأسه :
- مجنونة .
دلف لغرفته بعد محاولات عدة للإتصال بها ، بدل ملابسه ورقد فوق فراشه ناظراً للسقف وردد لنفسه والابتسامة تزين وجهه :
- ماشى يا أسطى إيمان .
أغمض عينيه بعد أن غلبه النعاس متمنياً أن يحلم بها بين يديه راضية دون عناد أو مقاومة خرقاء ، وباليوم التالى حاول أن يتصل بها لكن بدون جدوى حتى بعد تشغيل هاتفها لتضعه فى القائمة السوداء ، حاول أن يسيطر على نفسه ليستطيع متابعة اجتماعه مع شركائه الجدد وتوقيع العقد معهم .
حاول أن يتحدث معها عن طريق العمة زهرة ولكنه سمعها تهتف بصوت عالى لعمتها :
- مبكلمش حد خليه سايح مع السايحة .
زفرت العمة زهرة من كثرة اتصالاته وقالت له :
- عارف لو اتصلت بيا تانى يا ولد هبلكك !!! تعبتولى أعصابى أنت والمجنونة بتاعتك ، لما تيجى اتفاهم معاها أنا مليش دعوة .
وأغلقت الهاتف بوجهه هو الأخر ، كاد أن ينفجر بموظف الإستقبال بالفندق عندما سأله عن كارت فتح باب الغرفة ليجد بالنهاية أنه نسى أين وضعه ، كاد أن يفقد أعصابه فقرر إنهاء الاجتماعات سريعاً حتى لو تمت تلك الاجتماعات لوقت متأخر ولو للفجر .
وأثناء ذلك كانت إيمان تعيش تلك الحالة العصبيه فكانت تنتقل بين غرفتها وغرفة جدها وحتى المطبخ وهى تتحدث مع نفسها لدرجه أن دادة فاطمة اتسعت عينيها عندما رأتها تقف أمام المرأه الكبيرة الموجودة بالبهو الداخلى بالبهو الداخلى للفيلا تفتح أزرار بلوزتها لتكشف كتفيها وتهز رأسها ليتأرجح رأسها يميناً وشمالاً وبعد أن أفاقت لنفسها عاودت غلف أزرار البلوزة وهى تقول :
- بلا قلة أدب .
مر اليوم بمشاحنات خفيفة بيها وبين عمتها وعندما اقترب المغيب أرتدت فستان لونه أزرق مزين أطرافه بخطوط ذهبية رقيقة يحدد خصرها بملامح ناعمة حزام رفيع لونه ذهبى أيضاً ، استأذنت إيمان من جدها لتذهب إلى الحارة لحضور حفل زفاف صديقة لها ، أذن لها بعدما فاجئها بسؤاله إن كانت أخذت موافقة زوجها أم لا، فقالت له بعد ما قبلت وجنته :
- طالما مكتوب كتابنا بس يا جدي يبقى الإذن أخده منم أنت بس يا حبيبى وهو بعد الحواز وعليك خير دا إذا حصل ، أشوفك لما أرجع عشان نتفرج على الفيلم الرعب اللى جاى بالليل سوا .
خرجت من غرفة جدها فرأها مراد الذى أصدر بشفتيه صفيراً تعبيراً لإعجابه بمنظرها فقال :
- مظنش إن إبراهيم جاى النهارده يبقى لابسه الفستان الشيك ده لمين ؟
رفعت حاجبها وقالت بصوت حاد :
- ومين قالك إنه لو كان جاى النهارده أو أى وقت كنت هلبسله حاجه أستقبله بيها ، كفاية عليه الأجانب اللى مش لابسين من أصله .
ضحك مراد وقال عندما وقف بقبالتها :
- أومال إيه ؟ لابسه كده ورايحه فين ؟
أجابته وهى تضع خصلة من شعرها وراء أذنها المزينة بقرط من اللؤلؤ :
- رايحه فرح شيعبى فى حارتنا .
ظهر التعجب بملامح مراد وقال :
- شيعبى !! اسمه شعبى .
هزت إيمان رأسها يميناً ويساراً وقالت بثقة :
- يا جاهل اسمه شيعبى عشان يخصنى تبعى وتبع أعل حارتى ، الشعبى التانى دا فرح غريب مش تبعنا .
ردد مراد مسرعاً بنزق :
- يا سلااااااااام .
لتجيبه بحزم :
- أومال أنت فاكر إيه ؟! سلام بقى أسطى اؤموم هيوصلنى ويرجعنى .
منعها مراد من التقدم وقال :
- ياريت لو تسمحيلى أورح معاكى الفرح الشعبك ده ، ممكن يا إيمان ؟
ضاقت عينى إيمان وكأنها تفكر بأمر جلل ثم قالت :
- ماشى ميضرش تعال معايا .
كانت عمتها تسمتع لحديثهما واطمأنت لذهاب مراد معها وصاحت بهما قبل خروجهما من الباب :
- متتأخروش .
ليجيب كل منهما بصوت واحد :
- حاضر يا عمتى .
لم يستطع إبراهيم الصبر أكثر من ذلك فاتصل بعمته وهو يقول بصوت هادئ :
- أنا عارف إنك زهقتى من كتر إتصالاتى بس صدقينى هى المرادى وبس ادينى إيمان أكلمها وقوليلها إنها لو مردتش هاحى أكسر دماغها والمرادى بجد .
التوت شفتى عمتها وهى تقول :
- مفيش داعى لتكسير راس حد مراتك راحت فرح واحدة صحبتها وخدت مراد معاع لو عايز تكلمها كلم مراد .
لم يستطع إبراهيم فهم ما قالته عمته لأنه فقد تركيزه بعد جملة ذهاب مراد معها لذهاب صديقتها وقال بصوت جامد :
- قولى تانى كده يا عمتى ، إيمان مراتى فين ومع مين ؟!!!!!