رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم سميه عبد السلام



رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم سميه عبد السلام 






البارت 34(اتنين ضراير)

"ده انا هخر.ب بيت أبوها"

كلمات نطقها«اسامة» بغضب بعد ان القى الحقيبة التي تحتوي على أغراض «انس» في وجهه لتقترب «لين» الواقفة في الشرفة تستفهم من شقيقها ماذا حدث معه؟
"اي اللي عمل في هدومك كده يا اسامة؟ وايه الجردل اللي انت ماسكه ده"

وجهه كان محمرًا من شدة الغضب، في العادة هو يتحكم في زمام اموره لكن ما افسد مزاجه هو اتصال «فارس» به واخبره انه تم تحديد موعد الزواج من «نرجس»، هو يحاول التعود والتعايش مع الأمر لكن يبدو انه سيعاني طوال حياته والسؤال هنا لِما هذا العذاب كله؟ أ بسبب انه وقع في الحب؟!
ليكرر جملته التي قالها سابقًا لوالدته اثناء حديثهم عن هذا الموضوع.

«ده مش حب من طرف واحد، ده وجع من طرف واحد» 

والآن تأتي هذه الغبية و تسكب عليه الماء العَكَر بعد ان رأى طيفها يعود للخلف بفزع و لم تكتفي بهذا فقط بل اسقطت الدلو ليقع فوق رأسه، تأوه بألم ووضع يده فوق رأسه وعاد ببصره ينظر إلى الأعلى بغضب كي يحدد في اي طابق تقع هذه الشرفة، وجد انها الشقة المقابلة لهم، قرر الصعود و النيل من هذه الحمقاء.

"بنت الـ... كبت عليَ الميه الوسخة، ده ليلة ابوها سودة على دماغها"

نطق «أسامة» من جديد وغضبه يزداد و لم تفهم «لين» كليًا بمن يقصد بحديثه ليتدخل «انس» الواقف بجانب «لين» و وجهه إلى «اسامة» الواقف عند الباب:

"اهدى ياسطا، وفهمنا براحة ايه اللي حصل"

دمدم صارخًا:

"ما تقليش اهدى، عشان دي واحدة ماشفتش تربية بدل ما تيجي تعتذر عن اللي هببته بتجري وتستخب آل يعني انا كده ماشفتهاش، اعمى أنا"

صرخ بأخر جملة ليؤيد «انس» حديثه بجدية مصتنعة مقاربة من السخرية:

"كداب في اصل وشه اللي يقول كده، ده انت نظرك ستة على ستة"

ابتسمت «لين» بخفة لكن وأدتها سريعًا وهي ترى شقيقها يشتعل امامها من الغيظ، حتى رأته يستدير ويندفع للخارج ليركض «انس» و «لين» و اخرج الإثنين رؤسائهم من باب الشقة المفتوح مع ابقاء كامل جسدهم داخل المنزل ونظروا جهة اليمين ووجدوا ان قدمي «اسامة» تستقر امام تلك الشقة وبعدها بدء الطرق على بابها بعنف، ولم يتوقف إلى عند سماعه لصوت قِفل الباب يُفتح من الداخل، ليرى فتاة ترتدي عباءة سوداء وفوق رأسها خِمار بنفس اللون يسمى الخمار الفرنسي مع وجه دائرى و شامة زينت فوق ثغرها من الناحية اليسرى و شامة اخرى على انفها من ناحية عينيها اعطتها مظهر مميز وجذاب، وعلى الرغم من انها لا تضع شيء في وجهها بدت جميلة وبسيطة الملامح، تلك الملامح التي خلقها الله لنا، لنأتي نحن البشر بشيء يسمى مستحضرات التجميل تضعها على وجهك وتجعلك اجمل، لكن واللهِ تاللهِ باللهِ لا شيء يجعلك اجمل من قيام الليل.

ابتلع «اسامة» ريقه و هدأت عاصفته بعد ان رأها  
ليقول «انس» بهمس موجهًا حديثه لـ لين :

"اخوكِ اول ما شاف البت قلب بطة بلدي"

نهرته «لين» بضيق من نعته لشقيقها بهذا الاسم قائلة بأستنكار:

"ما تقولش على اسامة بطة بلدي"

"ضايقتكِ بطة بلدي، طب حلو دكر بط يمشي معاكِ "

تود لو تبتسم لكن لم تظهر ذلك بل تحدثت بهمس وهي تحثه على الصمت:

"لأ اسكت وبطل كلام خليني اسمع، عايزة اعرف ايه اللي هيحصل"

صمت الإثنين وقاموا بتشغيل وضع المراقبة وهو ان يفتح كلاهما اذنيه بأتساع لتصبح حاسة السمع لديهم مقاربة من حاسة السمع الخاصة بالذئب، حتى يتمكن الإثنين من سماع حديث «اسامة» و الفتاة.

مرت دقيقة ومازال «اسامة» يقف امام الفتاة ولم يفتح فاهه، لتقول هي بسخرية وضجر:

"حضرتك لو هتفضل Silent كده كتير، قول ليَ عشان اقفل الباب و ادخل اكمل اللي كنت بعمله" 

وعند سماعه سخريتها منه عاد له غضبه وهو يهتف بأنفعال:

"ده ايه البجاحة دي، ده بدل ما تعتذري عن اللي هببتيه؟ مش عاجبك اني جاي لحد عندك عشان تعتذري"

اعتلت الدهشة وجهها من سبه لها لتقول بحنق و أمتعاض:

"لأ الحقيقة انا اللي ما شفتش بجاحة بالشكل ده، عشان تيجي لحد بيتي و تشتمني فيه"

انكمش حاجبي «اسامة» بذهول قائلًا بأستهزاء:

"هي فين الشتيمة دي، انا لا اراها"

ذمت شفتيها بالامبالاة لتجحظ عينيها وهي تسمعه يهتف بأنفعال و صوت عالي:

"ده لسه الشتيمة جاية ورا انتِ لسه شفتي حاجة"

استنكرت هذه الطريقة السوقية التي يتحدث بها لترفع صوتها هي الاخرى عكس وجهها الذي مَن يراه لاول مرة يقول ان هذه الفتاة والهدوء شيء واحد، شبكت ذراعيها امامها مقتطبة جبينها في استهجان:

"ايوة انت عايز ايه في الآخر"

شبك ذراعيه امامه هو الاخر مثلها لتبتسم بسخرية على تقليدها ثم سمعته يقول بتعالي:

"تعتذري، ويا قبلت اعتذارك يا ما قبلتوش و ياريت تكوني حاسة بالندم من جواكِ"

صاحت هي بحنق و زمجرت بعد ان فكت ذراعيها:

"ايه ياعم تيمور انت فاكر نفسك تيمور و شفيقة، ده حتى شفيقة ما عملتهاش"

كاد يخرج الكلمات من فاهه حتى سمع الإثنين صوت ذكوري يأتي من داخل الشقة على بعد مسافة قريبة منهما:

"مين يا ياسمين اللي بيخبط"

نطقها «والد ياسمين»، «عماد» وهي نفسها صديقة «قدر»، لترد الاخرى بصوت عالي حتى يصل إلى والدها الجالس في حجرة المعيشة ترمق «اسامة» بأشمئزاز و نفور:

"مافيش حد يا بابا ده الز.بال"

ولم تعطي لـ «اسامة» الفرصة حتى للاندهاش وذلك بسبب غلقها للباب في وجهه، ليفيق من صدمته من نعتها له بالز.بال واسرع بالطرق من جديد على الباب بغضب اكثر لتفتح الباب ظنًا منه انها ستعتذر الآن لكن خُيَب أمله وهي تسحب منه الدلو من يده قائلة بأنزعاج:

"ياريت بعد كده تتكلم بصوت واطي عشان دي اسمها قلة أدب"

ثم كررت فعلتها من جديد و اغلقت الباب بوجهه، الآن بعد ان اغلقت الباب تستطيع الابتسام او الضحك _ايهم اقرب_ على ملامح وجهه.

ظل «اسامة» واقفًا محله لا يفعل شيء سوى النظر للباب الذي اغلق في وجهه ليقترب منه «انس» وهو يقول:

"طب هي قفلت الباب انت واقف عندك ليه"

هتف بغضب اكثر قبل ان يعود لشقتهم:

"عشان دي واحدة قليلة الذوق، ان مطفشتها من العمارة ست زفتة دي مابيقاش اسمي أسامة"

نطق الاخيرة بتوعد ليقول «انس» بمزاح حتى يهدأ ابن خالته:

"امال هيبقا اسمك ايه؟ مرسي؟!"

حرك «اسامة» عينيه على «انس» بنظرات حارقة ليقول «انس» وهو يزدرد ريقه:

"والله كنت حاسس ان دمي سم"

تركه «اسامة» ودخل شقته بعد ان تنحت «لين» جانبًا وافسحت له الطريق، دخل بعده «انس» وقال وهو يتبع اثر «اسامة» بعينيه حتى دخل إلى غرفته صافعًا خلفه الباب:

"اراهنك ان ما اتجوز البت دي في الآخر"

رمقته بتعجب فماذا يقول هذا الأبله ألم يرى ما حدث منذ قليل.

"ايه بتبصي ليَ كده ليه مش مصدقاني"

ردت «لين» بسخرية واضحة:

"لأ ازاي مصدقاك طبعًا ده حتى كان ناقص يولعوا في بعض من شوية"

ابتسم بعد ان شعر من زوال صداع رأسه تمامًا وقال على مهل:

"عشان انا بصدق في المَثل اللي بيقول ما محبة إلا بعد عداوة"

حزنت ملامح «لين» وهي تتذكر معاناة شقيقها مع الشيء الذي يسمى «الحب» وقالت بتمني:

"ياريت اسامة ينسى نرجس دي بقا ويعرف يعيش حياته"

تنهد «انس» بحزن فالجميع يعاني هنا لكن اردف بتساءل:

"هو انتِ قابلتي نرجس دي قبل كده"

اومأت بالايجاب مع قولها بأمتعاض:

"اه قابلتها مرة واحدة بس ما ارتحتش ليها، هي مختلفة كل الاختلاف عن أسامة، اسامة اخويا طيب انما هي حسيت معاها بالعكس"

على الرغم من أن «لين» فتاة غير ملتزمة بالزي الشرعي و ترتدي البناطيل دائمًا إلا أنها لم تغتاب «نرجس» لانها تعلم عقوبة ذلك وهي ذهاب حسناتها إلى الشخص المغتاب، وهذا يعلمنا ان لا نحكم بالظاهر، وعلى سبيل المثال عند رؤيتنا لفتاة تضع مساحيق التجميل بكثرة وفي يدها خاتم التسبيح لا نسخر منها او ننظر لها بأستحقار بل ندعو الله لها بالهداية لأنها تفعل ذلك حتى يكون لها باب بينها وبين الله حتى يمكنها العودة منه مهما اذنبت، وانت عزيزي القارئ اجعل بينك وبين الله باب حتى تعود إليه مهما اذنبت و ارتكبت معاصي.

اومأ لها بهدوء وهو يتذكر عند بعثه رسائل نصية لـ «نرجس» مرة ثانية بعد ان احضر رقم هاتفها من هاتف اسامة، ليدرك الآن حجم الخطأ الذي ارتكبه ليقول بندم ودعاء:

"يارب نرجس تتعمي قبل ما تشوف الرسايل، يارب التليفون يولع في ايدك يا نرجس، يارب ياخدك يا نرجس"

وصل هذا الكلام إلى «لين» على شكل همهمة لم تفهمها لتقطب جابينها قائلة:

"بتقول حاجة يا انس"

هز رأسه ينفى بتوتر لكن مازال يتمنى داخله عدم رؤية «نرجس» للرسائل.

لتخرجه من تفكيره في هذه النقطة بسؤالها بنبرة هادئة:

"هو ممكن حد يحب حد وهو لسه بيحب حد تاني"

نظر إلى ملامحها التي يراها عن كثب وبعدها تذكر «إسراء» هو يعلم انها تقصد بهذا السؤال شقيقها لكن سأل هو نفسه هل يمكن ان يأتي يوم وينسى فيه حبيبته و زوجته «إسراء» ويحب اخرى؟ لم يجد إجابة تريحه حتى وجد نفسه يقول وهو شارد الذهن:

"مش عارف"

وبعد نطقه لهذه الجملة عاد للواقع من جديد ثم رسم إبتسامة رغم جمالها لكن كانت حزينة وقال:

"بس اوعدكِ لما اعرف الإجابة هاجي لحد عندكِ و اقول لكِ" 

ثم ذهب من امامها حتى لا ترى تلك الدمعة الصغيرة المتمردة والتي سرعان ما هبطت على وجنته اليمنى و قام بمسحها بيده وبعدها دخل للغرفة التي يقطن بها «اسامة».

__________________________________

يجلس «سليم» على الاريكة الموجودة في ردهة المنزل المقابلة للباب الخارجي و بجانبه ابن عمه «رحيم» ومعهم «فارس» و رأى الجميع خروج «احمد» من قاعة جده يتأفأف بضيق، اقترب منهم وقال:

"يعني يوم ما مراد يعمل مصيبة وانا ماكنش معاه بردو اتلط في الموضوع و اخد على دماغي"

لم يفهم احد شيء منه ليقول «فارس» بتساءل اثناء اقتراب «عمر» منهم هو الآخر:

"ليه جدك كان عايزك ليه؟"

أجابه على مضض:

"في بضاعة جديدة نزلت للسوبر ماركت ولازم تنزل من على العربية و تدخل المخزن وجدك حالف ماحد يدخلها غيري"

أبتسم «رحيم» ومعه «سليم» حتى سمعوا صوت «عمر» وهو يبادل نظراته بين الجميع:

"هو ادهم فين"

أجابه «احمد» بأيجاز:

"في شقتنا بياخد دش"

ثم سأل من جديد:

"و مراد فين"

ومن اجابه هو «احمد» مرة ثانية:

"في شقتهم بياخد دش"

"طب و انت كنت فين ياعمر"

قالها «رحيم» وهو يسأل «عمر» الذي قال:

"لما لقيت كل واحد فيكم بيعمل حاجة عشان خروج ادهم و مراد قلت اعمل انا كمان حاجة عشانهم وجبت فديو من على اليوتيوب وعملت كيكة"

نظر جميعهم لبعض و اعتلت الإبتسامة على الوجوه ليعقب «سليم» بمرح:

"طب مش يلا احنا نجهز السطح قبل ما ادهم و مراد يخلصوا، و نفاجئهم"

وافقه الجميع في الرأى ليقول «احمد»:

"روحوا انتم وانا لما اخلص هطلع لكم"

وقبل ان يذهب «احمد» اوقفه «فارس» وهو يقول بهدوء مقتربًا منه:

"استنى يا احمد انا هاجي معاك اساعدك، عشان البضاعة كتيرة على انك تدخلها المخزن لوحدك"

ابتهج وجه «احمد» الذي لف ذراعه حول عنق «فارس» وقال ببتسامة سعيدة:

"و ربنا انت جدع، إلا ما جت من كلـ...ـب فيهم"

بالاعلى و بالتحديد في شقة «مصطفى» خرج «ادهم» من غرفته بعد ان انتهى من الاستحمام و تغيير ثيابه إلى ثياب منزلية مريحة حيث كان يرتدي بنطال قطني من اللون الاسود و فوقه تيشيرت رمادي بنصف اكمام ضيق و ملتصق بجسده يظهر تقسيمة جسده الذي حصل عليها من خلال ذهابه لنادي الرياضي او كما يسمونه الـ Gym، ولم يصفف شعره بل تركه مبللًا مع سقوط بعضًا من خصلاته على جبهته و بد وسيمًا للغاية بهذه الهيئة البسيطة.

اغلق باب غرفته وتحرك ناحية غرفة والديه ومد يده وقبل ان يلمس مقبض الباب وجده انفتح من قِبل «مصطفى» الذي اردف عند رؤيته:

"كويس انك خلصت عشان كنت عايزك في كلمتين"

اومأ له وهو يعلم جيدًا ما الذي يريده والده لكن هذا لم يمنعه من قوله المعترض بأدب:

"تمام يا بابا، بس بعد اذنك ممكن تستناني في اوضة الضيوف وانا هطمن على ماما و هاجي وراك"

خرج «مصطفى» من الغرفة واغلق الباب خلفه وهو يقول ببسمة هادئة حتى يجعل إبنه يطمئن:

"هي نايمة دلوقت، انا مش عايزك تقلق عليها هي كويسة، وهتفضل كويسة طول ما انت و اخواتك كويسين"

نطق جملته الأخيرة بمغزى استطاع «ادهم» التقاطه على الفور ليرد على حديث والده بمراوغة:

"طب ما انا كويس و اخواتي كويسين و زي الفل، هي بس اللي بتخاف علينا ذيادة عن اللزوم مع اننا رجالة مايتخفش علينا"

التقط «مصطفى» يد ابنه بلطف وتحرك الإثنين معًا حتى جلس على الاريكة بجانب بعضهم ليرد «مصطفى» على حديث إبنه و ترنح قائلًا:

"انتم رجالة وماحدش يقدر ينكر ده، بس مهما كبرتوا هتفضلوا في نظرنا عيال صغيرة بنخاف عليها و مانقدرش نشوف عيالنا بتتأذي ونفضل ساكتين"

وضع «ادهم» يده على فخذ والده يقول بثقة في محاولة منه ان يُطمئن والده الخائف عليهم:

"اوعدك ان طول ما انا موجود ماحدش من اخواتي هيحصله حاجة و اللي هيفكر يأذيهم هيكون اخر يوم ليه معانا على الأرض"

انكمشت ملامح «مصطفى» بحزن و رمق إبنه بعجز وقال بما اثار الدهشة في نَفس «ادهم»:

"ما هو ده اللي مخوفني ومخليني قلقان اكتر"

ذم «ادهم» شفتيه بذهول و اصابته حالة من التشتت من قول والده ليقول بعدم فهم:

"لأ مش فاهم حضرتك تقصد ايه، انت خايف من ايه"

أجابه مباشرةً:
"من فتحة الصِدر"

ضم «ادهم» حاجبيه ليقتربا من بعضهم و رأى «مصطفى» ملامح إبنه التي تدل على تعجبه ليكمل حديثه وهو يشير بأصبع يده الملامس لجسد «ادهم» وبالتحديد موضع قلبه:

"عشان فتحة الصِدر اللي انت فيها دي اخرتها طلقة في جمبك الشمال"

تنهد وهو يدير رأسه للجانب الاخر ثم عاود بنظره لوالده وقال بهدوء حتى لا يخرج غضبه الذي لم يزل اثره من حديث جده معه منذ قليل:

"بس اللي اعرفه، ان الخوف ما يعرفش غير قلب الجبان و ان اللي معاه الحق دايمًا ربنا ناصره و ان طول ما انا او حد من اخواتي مش بنعمل حاجة غلط او حرام يبقا ما يتخفش علينا عشان نظرة الخوف اللي شايفها في عينيكم دي ملهاش غير تفسير واحد عندي وهي انكم شايفيني عيل ابن 15 مش فاهم هو بيعمل ايه وخايفين عليه يعمل اي تصرف متهور عشان ضعيف بس انا بقا يا بابا... مش ضعيف و عمري ما كنت ولا هكون كده، انا فاهم كويس انا بعمل ايه "

انقلبت ملامح «مصطفى» الهادئة إلى اخرى ثائرة وهتف بأنفعال جلي:

"انت مش فاهم حاجة ولا عمرك هتفهم، عشان مش بتفكر غير في اللي حوليك وبس و مخرج نفسك من الحسبة، عمرك فكرت انت لو حصل لك حاجة احنا هنكون عاملين ازاي بلاش دي... اخواتك اللي كل شوية تتكلم عنهم دول تفتكر هيكونوا كويسين و انت مش كويس، ما فكرتش في ريهام ايه اللي ممكن يجر لها لو عرفت ان حصل لك حاجة، ده لمجرد انها شافت الحكومة بتاخدك انت و مراد تعبت و اغمى عليها و لحد دلوقتي مش كويسة، انت لو فاهم بتعمل ايه كنت فهمت ان احنا من غيرك عمرنا ما هنكون كويسين."

خرجت ضحكة ساخرة من بين شفتيه ليرمقه و الده بتعجب حتى سمعه يقول بذهول بعد ان توقف عن الضحك:

"لأ هو الحقيقة الحاجة الوحيدة اللي مش فاهمها ان حضرتك قاعد معايا هنا و بتحاسبني على اني مش اناني و مش بفكر في نفسي"

رد «مصطفى» بهدوء بعد ان كان منفعلًا يعقب على حديث «ادهم» بأستنكار:

"و هو ده اللي وصلك من كلامي اني عايزك تكون اناني؟!"

هو لا يريد ان يصل بهما الأمر في النهاية إلى الشجار بل قرر استعمال طريقة قلب الطاولة وهو يطالع والده بعينيه الخضراء و اردف على مهل:

"و هو مش حضرتك انت و جدي علمتوني لما اشوف حاجة غلط بتحصل قدامي مافضلش واقف بتفرج و ان لما اشوف حد محتاج المساعدة و انا بأيدي اساعده اعمل ده، ليه بقا جايين دلوقت تطلبوا مني العكس"

امتعض وجه «مصطفى» من طريقة إبنه المراوغة و زمجر بضيق:

"كنت عارف انك عنيد ومش هعرف اقنعك"

حمحم «ادهم» بعد ان رسم على وجهه إبتسامة مرحة يغير مجرى الحديث بقوله:

"على فكرة ذكرى ميلاد ريهام قربت اوعى تنسى تشتري لها هدية"

رد على مضض:

"عيد الميلاد حرام"

ابتسم «ادهم» وهو يجيبه بمشاكسة:

"و انا ما قلتش عيد ميلاد انا قلت ذكرى ميلاد، و لو بتتهرب من الموضوع عشان ما تجيبش هدية يبقا ده موضوع تاني"

انهى حديثه بنظرة خبيثة يقابلها والده بأخرى منزعجة :

"بتغلوش عليَ عشان ما اقولكش نفس اللي قاله جدك و اقول لك ابعد انت و اخواتك عن الشيمي و رجالته مش كده؟!"

تبسم «ادهم» ضاحكًا قائلًا بأستمتاع:

"لو ما عملتش كده ما بقاش تربية زكريا المنشاوي"

و في ثواني اقتحم الغرفة «رحيم» الذي اقترب من «ادهم» و اوقفه ثم قال وهو ينظر إلى «مصطفى»:

"بعد اذنك يا عمي محتاج ادهومة حبيبي في كلمتين فوق السطح"

وقف «ادهم» معه و هو يرمقه بأستنكار مردفًا بحدة:

"ما تظبط يالا، انت بتكلم خطيبتك؟!"

لم يَرد «رحيم» بل جذبه معه و خرج الإثنين من الشقة في طريقهم إلى سطح المنزل، ابتسم «مصطفى» وهو يدعو الله ان يظلوا هكذا بجانب بعضهم البعض ولا يصيبهم مكروه لكن ما لا يعلمه انه ليس كل ما نريده يتحقق.

في الشقة التي تقع في الطابق التالي خرج «مراد» من غرفته هو الاخر، يرتدي بنطال من خامة الچينز لونه جملي مع قميص يضع اطرافه داخل البنطال من اللون الازرق مع تصفيفة شعره و رائحة العطر الخاصة به تفوح منه بطريقة تجعلك تنجذب بجميع حواسك له وليس بحاسة الشَم فقط، دلف «مراد» الى المطبخ وفتح البراد كي يأكل فهو يتضور جوعًا لكن ما جعل ملامحه تعبث انه لم يجد شيء في البراد ليأكله وقبل ان يغلق باب البراد لفت نظره كيس بلاستيك باللون الاخضر و عليه رسومات لجميع اشكال الخضروات التقطه «مراد» وفتحه ووجد بداخله قالب من الشكولاتة المغلفة بورق خاص بها والذي يظهر انها من النوع الغالي في الثمن، ليقول وهو يهز رأسه بعدم تصديق:

"حطين الشكولاتة في كيس الخضار؟! ده انتم عيلة ماشفتش بربع جنيه سلكان"

انتفض جسده عند سماعه لصوت «سليم» ينادي عليه من الخارج ليغلق باب البراد بسرعة وبعدها استدار يتلفت حوله كاللصوص ثم ابتسم و هو يقترب من احد ادراج المطبخ يضع الشوكولاتة به وبعدها سيعود من اجل التهامها وحده، و ما ان انتهي حتى خرج لـ «سليم» و الذي لم يعطيه فرصة للاستفسار عما يريد بل جذبه خلفه هو الاخر وصعد الإثنين معًا.

وصل «ادهم» و «رحيم» لطابق الرابع و وقفوا امام شقة «رحيم» الذي اخرج مفاتحه و وضعه في الفتحة المخصصة له في الباب و قبل ان يدير المفتاح سأله «ادهم»:

"انت مش قلت طالعين فوق السطح"

"اه، بس هدخل اطمن على قدر و نرجع نطلع فوق"

وجد «ادهم» ان هذه فرصة مناسبة حتى يسأله عم حدث بينه وبين شقيقته:

"هو حصل ايه بينك وبينها، انا متأكد ان في حاجة حصلت بينكم عشان نظراتكم لبعض تحت ماكنتش طبيعية و مريحتنيش "

ترك «رحيم» المفتاح في الباب و استدار لـ «ادهم» و قرر ان يخبره بنصف الحقيقة فقط حتى لا يخلف بوعده مع «قدر» عندما اخبرها انه لن يتحدث في الأمر مع «ادهم» او «سليم» بل سيعطيها الفرصة كي تخبرهم وتدافع عن نفسها امامهم.

تنهد بعمق وبعدها اردف بملامح بدت حزينة:

"انت صح، انا و قدر اتنخانقنا سوى عشان هي عملت اكتر حاجة انا بكرهها... و هي انها تأذي حد ملوش ذنب"

نطق جملته الاخيرة بهمس لم يسمعه «ادهم» ثم انتبه لنظرات «ادهم» له و عاد لنبرة صوته العادية و اكمل:

"و انا جيت عشان اطمن عليها مش عايزها تنام معيطة حتى لو انا اللي زعلان منها"

رد «ادهم» بسخرية:

"معيطة ايه ياسطا، انا سامع صوت اغاني جاية من جوا الشقة"

ضم «رحيم» حاجبيه بتعجب عند سماعه لصوت الاغاني ثم عاد وفتح الباب و دلف هو وبقي «ادهم» بالخارج رفض الدخول ربما تكون «قدر» ترتدي ملابس نومها بالإضافة إلى عدم ارتدائها الحجاب وهذا من حقها فهي في منزلها ويجب ان تأخذ كامل حريتها، استفاق «ادهم» على يد «رحيم» التي تجذبه لداخل وهو يقول له:

"بص المجانين"

وقف «ادهم» و معه «رحيم» و هم ينظروا إلى غرفة المعيشة المبعثر اشيائها في كل مكان و كلًا من «قدر»، «ندى» و معهم «وردة» تحمل في يدها وسادة تضرب بها الاخرى بسعادة ويركضوا خلف بعض داخل الغرفة بمرح وفي الخلفية اغنية بدون موسيقى قامت «ندى» بشتغيلها من هاتفها تشتغل في الأفراح الإسلامية و كانت كلماتها كالتالي:

"انا بعترف لكِ عجباني، بعد الكلام ده هقول تاني جابني الجمال ده و وداني و الضحكة دي مافيش بعديها، و كلام ما بينك وما بيني عمالة تحلوي في عيني، بعينيك دول علقتيني، و النظرة دي بمو.ت فيها"

وقفت «قدر» فجأة من الصدمة لأنها اول من رأت «ادهم» و «رحيم» الواقفين يتابعون ما يحدث، وقفت «وردة» بأحراج بجانب «قدر» بعد ان رأتهم هي الاخرى و تمنت لو تنشق الأرض و تأخذها في جوفها، لكن مازالت «ندى» غير منتبه لوجودهم حتى الآن لتقف امام «وردة» و «قدر» و خلفها يقف «ادهم» و «رحيم»، ثم اردفت بتعجب:

"وقفتوا ليه يا بنات لسه التقيل جاي ورا"

"و ايه بقا التقيل ده اللي احنا جينا قبله و هو لسه مجاش" 

قالها «رحيم» بسخرية لينتفض جسد «ندى» و تستدير بسرعة لتهرب الدماء من وجهها وهي ترى الإثنين يقفوا هكذا، اقتربت منهم «قدر» و على وجهها بسمة متوترة و قبل ان تتحدث سمعت «ادهم» يقول بسخرية:

"اخوكِ كان فاكر هياجي يلاقيك بتعيطي، بس طلعتي بتعملي Move on اسرع من أبو هشيمة"

حمحمت «وردة» مردفة و هي ترى توتر الأجواء بعد ان التقطت هاتف «ندى» و أطفأته:

"حمدالله على سلامتك يا ادهم"

ابتسم «ادهم» و هو ينظر لها:

"الله يسلمك يا وردة، بس دي خامس مرة تقولهالي مش لازم كل شوية تفكريني اني كنت محبوس"

على الرغم من انه بدى يمزح إلا انها شعرت بالحرج وفضلت الصمت، لتهمس «قدر» لنفسها و هي ترى كما احرجها:

"ده ايه العيلة اللي عايزة تتعلم فنون الرد دي"

سمعها «ادهم» لكن لم يعقب بل تحدث «رحيم» الذي قال:

"هو ايه اللي كان بيحصل هنا مش شوية عشان افهم بس"

توترت «قدر» او بالاحرى جميعهن، لتقول هي بتلعثم و صوت خرج مضطرب لانها ستقوم بالكذب:

"لأ ده بس..وردة و ندى بيعلموني ازاي ألف الخمار و انا بعلمهم...ازاي يعني يعتنوا ببشرتهم skin care و كده"

نظر «رحيم» إلى «ندى» و اردف بنبرة خبيثة و ساخرة حتى يستفزها:

"علم في المتبلم يصبح ناسي"

و على الرغم من ان الجملة تشمل الثلاث فتيات إلا ان الجميع يعلم انها المقصودة، تشنج وجه «ندى» من الغضب و طالعته بنظرات حارقة، تشبك ذراعيها أمامها مردفة ببتسامة مزيفة جاهدت في اظهارها و اردفت و هي تتطالع «رحيم» بالأخص و مثلت كأنها تتحدث مع «وردة»:

"سبحان الله الدنيا مليانة ناس حلوة كتير بس الحظ مش بيحدف علينا غير البهايم"

نطقت الاخيرة بأشمئزاز بعد ان اختفت ابتسامتها، ليعقب «ادهم» بصوت منخفض قليلًا وصل إلى «قدر» ردًا على جملتها التي قالتها قبل ان يسألها «رحيم»:

"لو اتعلموا فنون رد اكتر من كده البيت هيولع"

كبتت قدر ضحكها بصعوبة و هي تضع يدها على فمها مقتربة من اخيها الذي بدأ الغضب ينال منه قائلة:

"مش انت اخويا بس شهادة لله، ندى قصفت جبهتك و جبهتي وجبهة كل اللي معانا في الاوضة"

و قبل ان يتحدث «رحيم» و يخرج غضبه سحبه «ادهم» و هو يقول:

"تعالى يا رحيم يا حبيبي عايزك في كلمتين فوق السطح"

تحرك «ادهم» و معه «رحيم» الذي قال بأعتراض:

"ما سبتنيش ليه"

هتف «ادهم» بعصبية:

"اسيبك ايه انت عبيط، انت كنت عايز ترد عليها؟!"

اردف على مضض:

"اه عشان لسانها المتبري منها ده"

هدأ «ادهم» و رفع حاجبه بمكر وهو يقول:

"و لما انت بتتعصب و بتتضايق بتنكشها ليه من الاول"

صمت «رحيم» لأنه ليس لديه الإجابة على سؤاله لكن بعدها اردف بنبرة هادئة و ابتسامة زينت ثغره:

"مش عارف، بس بحس اني مبسوط و انا بعصبها و شايفها متنرفزة قدامي"

وصلا الإثنين عند باب الشقة و خرجا منه و سمع «ادهم» يكرر كلامه بأستنكار:

" بتحس انك مبسوط و انت بتضايقها و تقولي مش عارف"

تذكر «ادهم» ذلك اليوم و هو عائد من عند السيدة «فاطمة» و معه «مراد» يسيروا على اقدامهم للوصول للمنزل و سأله «ادهم» بقوله:

"بتحبها يا مراد"

صمت قليلًا ثم اردف وهو يحاول ان يوصف ما يشعر به و قال وقتها:

" بص مش هكدب عليك و اقول لكَ حبيتها بس كل اللي حاسه اني مرتاح وعايز اكمل "

عاد من تذكره لهذا اليوم ونظر إلى «رحيم» و سأله:

"هو انتم ليه مش عايزين تقولوها صريحة"

قطب «رحيم» جابينه بعدم فهم وقال :

"هي اي دي اللي عايزني اقولها صريحة"

"لأ لأ ما تخدش في بالك"

ثم أكمل الاثنين في الصعود إلى سطح المنزل.

جلست «ندى» على الاريكة بأريحية و على وجهها ابتسامة منتصرة، جلست بجانبها «وردة» التي قالت:

"يعني ما تعرفيش مرة تكوني رقيقة و تتكلمي كويس زي البنات"

لو كانت هي الخاسرة امام «رحيم» في معركة الأحاديث الدائرة بينهم لأنفعلت الآن من كلمات «وردة» لكن الآن هي المنتصرة من وجهة نظرها لذلك اردفت بهدوء و اقتضاب:

"لأ انا مليش في الحاجات اللي تجزع النفس دي"

اقتربت منهم «قدر» و هي تحمل في يديها جميع انواع مستحضرات التجميل الخاصة بها بعد ان تأكدت من خروج «رحيم» و «ادهم» من الشقة كلها وقالت وهي تضع الاشياء فوق الطاولة الصغيرة التي تتوسط الغرفة امامهن:

"طب و بالنسبة لـ اني هعلمكِ ازاي تحطي makeup بكل انواعه ده ايه"

امتنعت عن الرد لتعقب «وردة» قائلة بتوجس وهي تنظر إلى «قدر» الواقفة امامها:

"قدر ممكن تحطي المفتاح في الباب عشان بس رحيم لو رجع ما..."

بترت «قدر» بقية حديثها الذي تعلمه مردفة تطمئنها:

"ما تقلقيش رحيم لو رجع هيرن عليَ او هيخبط على الباب هو لو يعرف انكم معايا هنا ماكنش دخل"

"طب ايه؟ هتعلمينا نحط makeup الأول ولا نعلمكِ ترقصي الأول" 

اردفت «ندى» بهذه الجملة و التي هي السبب الحقيقي لتجمعهم هنا وليس كما قالت «قدر» منذ قليل، وبالطبع هذا الاتفاق لم يكن مرتب له بل ات بمحض الصدفة عندما ذهبت «قدر» لتخبر «ادهم» ان جده يريده هو و «مراد» و بعد ان اخبرته ذهبت هي إلى شقتهم و عندما طال انتظارها من قِبل «وردة» و «ندى» قرر الإثنين الصعود ومعرفة ماذا بها وبعد محاولات «ندى» المستميتة للمعرفة لأنها شخص فضولي للغاية خضعت لها «قدر» ولكن لم تخبرهم السبب الحقيقي بل ألفت كذبة و هن صدقوها.

فكرت لمدة اقل من الثانية وبعدها اردفت بحماس:

"لأ انا بقول تعلموني الرقص الأول، مين اشطر واحدة فيكم في الرقص"

نطق الإثنين في نفس الوقت:

"علا"

طالعتهم «قدر» بصمت فتابعت ندى توضح:

"علا هي اللي معلمانا اصلًا، الرقص ده عامل زي الاد.مان بالظبط مجرد ما تتعلميه بتبقي عايزة ترقصي حتى لو انتِ عندكِ اكتئاب و لو سمعتي اغاني جسمك ياكلك عشان ترقصي."

اكملت «وردة» بدلًا من ندى قائلة بضحك:

"عشان كده لو لاحظتي هتلاقي علا كل ما يحصل حاجة تقول عايزة ارقص"

ابتسمت لهن «قدر» وهي تتذكر تلك المواقف التي دائمًا تقول فيها «علا»:

"عايزة ارقص"

ثم حدقت «وردة» و طرحت سؤالها:

"طب هي فين علا ماجتش ليه"

انقلبت معالم «وردة» إلى الضيق مردفة بحنق:

"قالت مخنوقة و عايزة تخرج، خرجت هي و اللي ما تتسمى نرجس"

"الشيخة نرجس؟!!"

قالتها «قدر» بصوت عالي و بعدها ضحكت، رمقتها «وردة» ومعها «ندى» بتعجب من ضحكها الغير مبرر اهي ضحكة سعيدة ام ضحكة مذهولة حتى تحدثت «قدر» من جديد وهي ترى نظراتهم لها قائلة:

"اصل كنت فاتحة الفيس و لقيت نرجس بعتالي add في الاول ما كنتش هقبله بس بعد كده قبلته و قلت يلا اهو بنتسلى و دخلت عندها الـAccount لقيتها منزلة post و كاتبة فيه ايه بقا «اللهم اكفني شر خلقك و اجعلني من عبادك الصالحين» و جمب الكلام قلب ابيض إلا يعني ده قلبها و كده"

جذبت «قدر» حواس الإثنين من خلال سردها لهذه القصة الناقصة لتعقب «وردة» وهي تتوقع الجزء الباقي منها:

"اكيد عملتي block بعدها؟"

تدخلت «ندى» وهي تقترح:

"لأ block ايه قدر ما تعملش كده، اكيد دخلتي شتمتيها في الكومنتات صح؟!"

نطقت الجملة الثانية بحماس و سرور طغى من عينيها لكن كلاهما توقع ردة فعلهم هن و ليس ردة فعل «قدر» التي نفت ببتسامة ماكرة تحرك اصبع السبابة لليمين و لليسار مردفة:

"تؤ، تؤ، انا عملت زيها و نزلت post وكتبت فيه «خبيثة خبث السنين و تلاقيها كاتبة اللهم اكفني شر خلقك ياختي ربنا يكيفينا شرك انتِ و امك يا شيخة»"

اتسعت الابتسامة لدى «وردة» و «ندى» التي حثت «قدر» على الاسترسال اكثر وهي تطالعها بأستمتاع :

"ها و شافت الـ post؟"

اومأت «قدر» بالايجاب لتسأل «وردة»:

"ردت عليكِ او قالت حاجة "

ذمت «قدر» شفتيها بضيق قائلة على مضض:

"اه ردت و كتبت «اللهم آمين»"

صمت الثلاث فتيات يطالعن بعض بهدوء و بعدها انفجر.ت اساريرهن من الضحك.

__________________________________

وصل «سَليم» و «مراد» اولًا و من خلفهم «ادهم» و «رحيم»، علت الدهشة ملامح كلًا من «ادهم» و «مراد» و هم ينظروا إلى سطح المنزل المرتب بعناية و إلى احبال النور المعلق بها المصابيح الصغيرة مختلفة الألوان تضيف اضاءة خفيفة و هادئة على السطح بالإضافة إلى الزرع الاخضر الذي يبدو في حالة نضرة عن ذي قبل و ما جعل مظهره خلاب هو نسمات الهواء الخفيفة التي تحركه و خصوصًا نبات النعناع الذي انتشرت رائحته في المكان، و على الارضية يوجد غطاء كبير و فوقه الاطعمة و المشروبات التي اعدها الشباب بأنفسهم على الرغم من وجود طاولة ملتفة حولها الكراسي و يظللها من الأعلى لوح خشبي كبير على شكل شبكة يستند على اربع ارجل طويلة و من حوله الزرع الاخضر، لكن «ادهم» يفضل عند الجلوس مع ابناء عمه في مكانهم المعتاد الجلوس على الأرض و الجميع يعلم هذا لكن لا احد يعلم السبب.

كان المشهد اكثر من رائع يخطـ.ـف قلبك من جماله، منظر مريح للأعصاب قبل العين ليقول «مراد» بأنبهار:

"انتم اللي عملتوا ده"

اردف «رحيم» بعد ان تحرك ووقف امامهم:

"انا اللي طبخت"

تحرك «سليم» هو الاخر ووقف بجانب رحيم وقال ببسمة مرحة:

"و انا عملت العصير"

ات «عمر» من خلف رحيم و سليم بعد ان وقف في المنتصف بينهم وقال:

"و انا عملت الكيكة"

"و انا عامل لكم مفاجأة"

نطق بها «احمد» الذي صعد اخر درجات في السلم و معه «فارس» الذي شارك في الحديث بقوله:

"و انا ضيف شرف"

قهقه الشباب عليه و اقترب «عمر» من «ادهم» لأنه الوحيد الذي لم يسلم عليهم حتى الآن، حاوط «عمر»، «ادهم» من خصره بذراعيه يضمه إليه بقوة و قال بنبرة مشتاقة قريبة من البكاء:

"وحشتني يا ادهم، البيت كان وحش اوي من غيرك، اوعى تسيبنا تاني"

رُسمت ابتسامة صافية، بسيطة لكنها وصلت إلى عينيه ولف ذراعيه يبادل شقيقه العناق الذي اشتاق إليه هو الاخر، و هناك من قطع هذه اللحظة بين الشقيقين و الذي لم يكن سوى «مراد» الواقف جوارهم مردفًا بضيق مصطنع:

"مافيش وحشتني يا مراد ولا انا كنت بايت في حضنك امبارح" 

ابتعد «عمر» قليلًا عن «ادهم» و قال بمشاكسة:

"ما هو لو صبر القا.تل على المقتو.ل كان..."

"كان ما.ت لوحده"

قالها «مراد»» يكمل حديث «عمر» الذي نفى ورد بقوله قائلًا بمزاح:

"لأ كان هرب، ماهو مش هيستنى لما ييجي و يقتـ.ـله"

و بعد ان انهى جملته ذهب و احتضن «مراد» مرددًا ببعض الكلمات التي تعبر عن مدى اشتياقه و فرحته بعودتهم.

و بعدها تحرك الشباب و جلسوا على الأرض الموضوع فوقها غطاء نظيف حتى لا تتسخ ثيابهم من الغبار، و كان الغطاء على شكل دائري، جلس «ادهم» ومن بعده «مراد» من الناحية اليمنى وعلى يمين «مراد» جلس «احمد» ومن بعده «سليم» و «رحيم» الذي جلس بجانبه «عمر» و بالاخير جلس «فارس» وعلى يساره «عمر» وعلى يمينه «ادهم» ليشكلوا دائرة و في المنتصف الطعام.

"الواحد المفروض يحمد ربنا كل يوم على النعم اللي في حياته و انا المفروض احمد ربنا مليون مرة على انكم في حياتي"

قالها «ادهم» وهو يطالعهم بأمتنان و حب اخوي صادق ليعقب «رحيم» بود بعد ان ظهرت اسنانه مبتسمًا:

"ان جيت للحق يا ادهم الجملة دي المفروض انا اللي اقولها، لأنكم بجد نعمة كبيرة في حياة اي حد"

اردف «مراد» بملل وهو يسند وجهه بيده:

"طب انا بقول نأجل المشاعر النبيلة دي و نخليها لبعد الأكل عشان انا لحد دلوقتي صايم و ماطفحتش لقمة"

وضع «سليم» يده في احد الاطباق و امسك بأصابع البطاطس المحمرة بعشوائية و دسها في فم مراد مردفًا بأقتضاب:

"خد اطفح"

ابتسم الجميع عليهم لينظر «ادهم» إلى الطعام و قال بأعجاب:

"هو انت بجد اللي عامل الاكل ده يا رحيم، اصل من شكله بس جوعني"

اومأ له «رحيم» وهو يحك عنقه قائلًا وهو يشعر ببعض الخجل:

"اصل من بعد مو.ت امي و ابويا، قدر اختي تعبت شوية وانا اللي كنت بطبخ وحتى بعد ما خفت، عشان هي مش بتعرف تطبخ ومن ساعتها وانا اللي شايل مسؤلية الطبيخ"

اردف «احمد» بمزاح:

"ومالك حاسك مكسوف و انت بتتكلم كده، طب ده انا عليَ شهقة ملوخية اجدعها من اي رقا.صة في شارع الهرم"

قطب «رحيم» جبينه، ليفهم «سليم» ما يدور بذهنه، فرد قائلًا:

"اصل احنا بنساعد امهاتنا في المطبخ اوقات يعني، عشان بعيد عنك ندى اختى يوم ما تدخل المطبخ و نبقا عارفين انها هي اللي هتطبخ بنجهز دوا المغص قبلها"

انكمش حاجبي «رحيم» وسأل مستفسرًا:

"و هي كل ما تطبخ بيبقا معاكم دوا المغص"

تدخل «احمد» في الحديث قبل ان يفتح «سليم» فمه ويتحدث هو:

"لأ اكيد مش كل مرة بنستخدم دوا المغص، ساعات بيبقا فيه دوا الاسهال على حسب يعني"

"لأ ما انا مش هفضل اطبخ طول عمري انا"

همس «رحيم» بصوت منخفض لم يسمعه احد ليطلب منه «مراد» رفع صوته حتى يسمعه الجميع ورد هو قائلاً بحماس:

"طب يلا دوقوا و قولوا رأيكم"

هم الجميع بألتقاط الملاعق و اخذ طبقهم الموضوع بداخله قطعة من المعكرونة بالبشاميل و الذي قطعها «رحيم» لتوه و انتظر هو يرى ردة فعلهم، و اول من تذوق الطعام هو «ادهم» الذي تغيرت ملامحه لكن حاول ان يبدو طبيعي على عكس «مراد» الذي ظهر عدم الرضا و النفور على وجهه، اختفى الحماس من عيني «رحيم» و اردف ببسمة متوترة وهو يرى الجميع يوقفوا افواههم عن المضغ:

"اكيد من حلاوتها عايزين تاكلوا صوابعكم وراها"

ابتسم «ادهم» بمجاملة بعد ان ترك طبقه امامه وقال يؤيد حديث «رحيم» ساخرًا:

"هي فعلًا من حلاوتها مش هنعرف ناكلها بس ده مش عشان نفسك حلو لأ، عشان انت حطيت سكر بدل الملح"

اسرع «رحيم» بأخذ طبقه هو الاخر و اخذ يأكل منها و عندما استشعر مذاقها انكمشت ملامحه بتقزز و استدار بوجهه وبصق الطعام على الأرض، تدخل «سليم» سريعًا حتى لا يفسد الأجواء مقترحًا:

"انا بقول سيبكم من الأكل كده كده السحور قرب انا بقول تشربوا عصير الفراولة اللي انا عامله"

رحب الجميع بأقتراحه و رفعوا الاكواب و اول من ابدي ردة فعل هو «سليم» الذي بصق العصير في وجه «عمر» متعمدًا رغم ان مذاقه سيء بالفعل وقال:

"ايه القرف ده"

مسح «عمر» وجهه بضيق و امتص غضبه وهو يأخذ انفاسه على مهل.

و لاول مرة يتحدث «فارس» منذ مجيئه وقال بتوضيح:

"انتم شكلكم بدلتوا مع بعض الملح و السكر"

اتسعت اعين «عمر» بصدمة وهو يقول:

"احيه يبقا شكلي انا كمان حطيت ملح في الكيكة بدل السكر"

"طب بعد كده اللي هلمحه في المطبخ، مايرجعش يزعل لما اجيب له تلوث سمعي من الشتيمة اللي هقولها له"

قالها «ادهم» بتوعد مزيف وبعدها اخرج هاتفه وضغط على الشاشة عدة مرات بطريقة عشوائية ثم رفع رأسه وقال:

"انا هطلب بيتزا اطلبـ..."

وقبل ان يكمل صاح الجميع في صوت واحد:

"اطلب لنا معاك"

قهقه الجميع وهم ينظروا إلى بعض بمرح وبعد ان انتهى «ادهم» من طلب الطعام، ارتفع في المكان صوت رسائل قادمة من احدى تطبيقات التواصل الاجتماعي ماسنجر، عرف الجميع انه هاتف «فارس» الذي اخرجه وبدء في الرد على الرسائل ومع كل رسالة جديدة تتسع ابتسامته، لاحظ الجميع ونظروا إلى بعضهم بخبث ليعلق «سليم» بنبرة ماكرة و تعلو شفتيه ابتسامة مشابهة لنبرة صوته:

"شكل نرجس مخلية بالها منك اليومين دول جامد"

رفع «فارس» رأسه عن الهاتف بعد ان احمرت وجنتيه بحمرة طفيفة وهو يقول بأحراج:

"لأ دي مش نرجس"

اردف «احمد» بعفوية:

"انا قلت بردو نرجس ما تعملش كده نرجس ليها في النكد وحرق الدم بس"

رمقه «ادهم» بضيق ليحمحم «احمد» ونظر إلى الأسفل ليتابع «سليم» حديثه الماكر وهو يغمز له بعينه:

"شكلك بتلعب بديلك من ورا نرجس و لو نرجس عرفت هتقطعهولك"

وقبل ان يجيبه رأى الجميع يصوب نظرهم عليه هو فقط فذاد شعوره بالاحراج وقال بصوت متلعثمًا:

"لأ دي بنت اعرفها سوشيال بس...انا لقيتها بعتالي طلب صداقة و اسم صفحتها زهرة المدائن و..."

رفع «سليم» يده في وجه «فارس» علامة على ان يتوقف عن الاسترسال وقال هو:

"بس بس ما تكملش ده ولد وعامل نفسه بنت حتى كمان هتقول لك ان اسمها نرمين صح؟"

فتح «فارس» عينيه بذهول لا يصدق لكن اسرع هو ينفى حديث «سليم» ويقول بدفاع:

"ايوة اسمها نرمين فعلًا بس لأ يا سليم هي بنت انا سمعت صوتها دي تقريبًا مش بتبعت غير ريكوردات"

"لأ ياسطا ده واد وبيشتغلك اسألني انا مجرب"

شارك «رحيم» في حديثهم بسؤاله الفضولي:

"و انت عرفت منين انها ولد مش بنت مع ان فارس بيقول انها بتبعت له ريكوردات"

ضحك «سليم» بستهزاء وهو يهز رأسه مع قوله:

"وهي عشان بعتت ريكورد يبقا خلاص بنت، بصوا انا عرفت انها ولد عشان فضلت شهر كامل بكلمها و ابعت لها نفس الرسالة و اقول لها صليتي ترد هي و تقولي اه ساعتها عرفت انها ولد وبيشتغلني"

نظر الجميع له بأنبهار و دهشة بعد ان فهموا مقصده الأساسي من الرسالة، ليقول «رحيم» وهو يبتسم بغير تصديق:

"مش انا دكتور و المفروض اكون عارف الحاجات دي بس أقسم بالله عمرها ما تخطر على بالي"

هندم «سليم» ياقة قميصه بغرور مصطنع وطالعه «عمر» بضيق مردفًا بحنق:

"عشان انت متربي يا رحيم انما في ناس تانية ماشفتش بربع جنيه تربية"

رمقه «سليم» ببتسامة مستفزة اثارت غيظ عمر و اذداد اكثر عند سماعه لـ سليم يقول ببرود قاتم:

"بمو.ت في حاجة اسمها تلقيح كلام، انت عندك حق يا عمر انا ماشفتش تربية بس مش بربع جنيه تؤ تؤ انا ماشفتش تربية ببريزة، على ما اعتقد كنت انت لسه ماتوعلهاش"

قابل «عمر» ابتسامته المستفزة بأخرى سمجة، ثم ذم شفتيه وهو يقول بمضض:

"انا عمري ماشفت حد قليل ادب و بجح في نفس الوقت"

تخلى «سليم» عن هدوئه المزيف، بعد ان نجح «عمر» في استفزازه بالفعل ولن يقدر ان يمثل البرود اكثر فهذه ليست طبيعته ليقول وهو يزمجر في الجميع بحنق:

"ياجدعان حد يسكت الواد ده، عشان انا وهو ما بنعمرش مع بعض في مكان، بدل ما ابوظ الليلة و اخليها عكننة"

"جوزكم فين"

نطقها «ادهم» الذي يتابع مع البقية في صمت، ألتفت له الجميع بتعجب و دهشة و خصوصًا «سليم» و«عمر» وهم ينظروا إلى بعضهم بعدم فهم، ليكمل «ادهم» باقي حديثه المبهم:

"مش انتم اتنين ضراير و بتتخانقوا عشان جوزكم، اصل انا شايف اللي بتعملوه ده ما يعملهوش غير اتنين ضراير مولعين من بعض، ده حتى الضراير ممكن جوزهم يطلقهم ويرتاح منهم انما انتم نرتاح منكم ازاي"

امتنع الإثنين عن الكلام لكن هذا لم يمنع نظراتهم الحارقة لبعضهم، ليقول «احمد» بصوت عالي مرة واحدة:

"كده نستوني المفاجأة"

لم ينتظر حتى يسمع سؤال احد عن ما هي تلك المفاجأة بل نهض و اقترب من الطاولة البعيدة نسبيًا عنهم و احضر شيء خلف ظهره وفي يده الاخر يمسك كرسي اقترب من الشباب و ثبت الكرسي ثم رفع ساقه عليه واخرج يده المخبأة خلف ظهره يمسك بطبل ثم وضعها فوق ساقه يسندها بيد وباليد الاخرى يحرك كف يده في حركة دائرية على الطبل من الأمام كحركة تسمى"التسخين"

اردف «مراد» وهو ينظر إلى وضع «احمد» الجديد يسأله بذهول:

"انت شريت طبلة يا احمد"

"لأ ده انا مأجرها ساعتين"

بدء «احمد» بالعزف عليها او بمعنى ادق بالضرب عليها في البداية كان الإيقاع متناغمًا مع بعضه حتى بدء «احمد» الغناء بصوته الغليظ الغير محبب للاذن ابدًا، مرت دقيقة والاخرى حتى استمر «احمد» هكذا لمدة خمس دقائق متتالية دون توقف ولم يلاحظ تأفأف الجميع وضجرهم ليقول «رحيم» بأدب حتى لا يحرج «احمد» ويخبره ان صوته بشع:

"خلاص يا احمد، عشان حاسس اني صدعت"

لم يصغ إليه «احمد» بل اشار له بيده بمعنى انتظر خمس دقائق و بالعامية"اصبر شوية" حاول «سليم» ان يجعله يتوقف لكن لم يصغ إلى احد حتى سمع صوت «ادهم» يقول:

"‏اصل هو كده يا رحيم، دايمًا اللي صوته حلو صعب تقنعه يغني لك، لكن اللي صوته وحش مفيش حاجه بتسكته الا الشبشب"

نطق الأخيرة بحد و وجه متجهم وبعدها توقف «احمد» عما يفعله قائلًا بسخط:

"ده انت عيال تعشق النكد زي عينيها، ما تخلوني اطلع المواهب المدفونة جوايا"

علق «عمر» بسخرية على حديث شقيقه:

"ما مش موهبتك المدفونة بس هي اللي هتصحى، الميـ.ـتين كمان هيصحوا معاها"

القى «احمد» بالطبل في وجه «عمر» الجالس ارض و استطاع هو ان يتلقطها بسهولة دون ان تلحق الاذى به، وعلى الرغم من ان الجميع يمثل الضيق من بعض التصرفات إلا ان بداخلهم سعيد بهذه الأجواء والألفة والحب الذي يجمعهم، هعندما نتكلم عن الحب او العشق يأتي في مخيلتنا الحبيب و الحبيبة لكن ننسى ان هناك انواع اخرى من الحب و العشق يسمى «العشق الخماسي» لن تفهموا هذا النوع من الحب من هذه النقطة العائمة في بحر هذه الجملة بل هناك المزيد لم تتعرفوا عليه بعد في:

صدفة ام قدر
العشق الخماسي

                ...لسه الحكاية مخلصتش... 

#صدفة_ام_قدر

#العشق_الخماسي

#سميه_عبدالسلام


الفصل الخامس والثلاثون من هنا

 

تعليقات



×