![]() |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سميه عبد السلامبسم الله الرحمن الرحيم البارت 36 (حظك العثر) بكمل تنزيل رغم ان لا في تشجيع منكم ولا حتى شغف انا حتى مش عارفة اذا كانت الرواية عجباكم ولا لأ _____________ الروح شاردة و العقل تائه والقلب مغرم و جسد يحمل في ثناياه الثلاث، بربك قل لي كيف السبيل إلى النجاة؟ وانا من بنيت حصنًا منيعًا للفؤاد، تأتي انت بعيناك تغزو و تسكن من لم يسكن به سواك. اقترب منها «مراد» حاملًا في كلتا يديه طبقين من البسبوسة بعد ان اعدهم العم «رمضان» خصيصًا لهم، ناولها الإثنين حتى يتمكن من الجلوس جانبها على تلك الصخرة المطلة على النيل وبعدها اعطته هي طبقه ليعلق على ابتسامتها بقوله: "وانا جاي كنتِ بتضحكي!" اغلقت هاتفها وامسكت الطبق بيديها الإثنين وهي تجيبه بهدوء مع بسمتها التي لم تختفي بل تزداد: "اصل كنت فاتحة الفيس و شوفت post عاجبني، بيقول الراجل اللي مسنود على واحدة بتحبه مستحيل يقع" لمعت عيناها بشغف بعد قولها لكن انطفأ بريقهما وهي تسمعه يقول ممتقع الوجه و العينين ساخرًا: "مستحيل يقع ليه؟! مسنود على عمود مسلح" تشنج وجه «هبة» من ردوده التي تصيبها بجلطة، ملتقطة الملعقة تدس في فمها الحلوى بغيظ بعد ان اشاحت بنظرها بعيدًا عنه، تتطلع في الجالسين على الطاولات الصغيرة حولهم و إلى عم «رمضان» الذي ترك عربته التي ورغم بساطتها إلا ان الجميع يعرفها و يحب ان يأتي للأكل منها، اقترب منهم بوجه بشوش تزين وجهه بسمة مرحة يحمل طبقًا هو الآخر: "ده بقا طبق هريسة من عمكِ رمضان" ربت «مراد» على صدره تعبيرًا عن أمتنانه وتابع ذلك بقوله الشاكر: "تسلم ياعم رمضان.." قاطعه «رمضان» بضيق مصطنع بعد ان امتعض وجهه: "و هو انت حد كلمك ولا جاب لك سيرة.." ثم تابع حديثه وهو يعاود النظر إلى «هبة» التي تكتم ضحكها كأنها انتصرت و اردف ببتسامة: "الطبق ده عشان مرات الغالي" ابتسمت «هبة» بسمة ظهرت فيها اسنانها البيضاء المائلة قليلًا للون الاصفر قائلة بأمتنان و شكر وهي تمد يدها تأخذ منه الطبق: "شكرًا ياعم رمضان، و تسلم ايدك بجد، الحلويات تحفة" ابتسم «مراد» بعبث يقول بمشاكسة مشيرًا إلى الطبق الذي تحمله زوجته: "طيب الطبق ده لمرات الغالي، طب و الغالي نفسه إيه؟" تشدق «رمضان» يوبخه مردفًا بأنزعاج: "مش عيب عليك تطلب هريسة و انت قاعد جمبك الحلويات دي كلها" اشار بعينيها على «هبة» والتي ما ان استمعت الى كلماته نكزت «مراد» في ذراعه بمرفقها قائلة بحدة: "شفت الناس اللي بتفهم" ابدى «مراد» امتعاضه و ضيقه وهو يرفع ذراعه أمامه قائلًا: "امشي ياعم رمضان شوف زبابينك، متولعهاش حريقة مش ناقصة هي" مثل «رمضان» علامات الحزن و الاسى وهو يقول بأسف: "الله يعينكِ يابنتي" جارته «هبة» في تمثيله تذم شفتيها بحزن زائف: "عندك حق ياعم رمضان، ده انا هدخل من وراه الجنة" مط «مراد» شفتيه بحنق قائلًا بصوت عالي منزعج: "ليه ياختي متجوزة فرعون" لم تعلق «هبة» بل سمعت «رمضان» يقول بما استفز «مراد» قاصدًا: "بس سيبك منه، إيه الحلويات دي كلها" خجلت من تغزله مردفة على استحياء: "ده عيون حضرتك اللي حلوة" استشاط «مراد» يرمق الإثنين بنظرات حارقة مردفًا بسخرية غلفتها الغضب: "طب انا بقول اقوم امشي و اجيب لكم اتنين ليمون عشان تعرفوا تتكلموا" شهق «رمضان» بدهشة قائلًا: "ألحقي ده طلع بيغير" خرج صوت «مراد» الحانق وهو يقول: "وماغيرش ليه ما بحسش" نفى «رمضان» ببسمة مستفزة: "لأ ماعندكش دم" قهقت «هبة» و معها «رمضان» وصدح صوت ضحكاتهم في المكان ليسمع الثلاث صوت ينادي على العم «رمضان» الذي اجاب بأنه أتً وقبل ذهابه غمز بعينه لـ «هبة» وبعد ان ابتعد عنهم خرج صوتها تسأله بهدوء مبتسمة: "مراد انت زعلت احنا بنهزر" لم يلتف لها وظل صامتًا، مع ملامح عابثة، تابعت هي بعد ان وضعت راحة يدها فوق يده تخلخل اصابعها مع اصابعه قائلة بترو: "اسفة لو زعلت من كلامي انا بس..." اجبرها على الصمت بعد ان استدار بوجهه يطالعها بمقلتين لمعت فيهما وميض الحب ناطقًا بشجن: "مش عارف ازعل منكِ، حتى انتِ الوحيدة اللي فكرتيني بكوني محامي لما قلتِ إنك متأكدة اني محامي شاطر، وماعرفتش ازعل اول مرة اكون فرحان وانا بسمعها منكِ" خرجت كلماته بتلقائية دون ترتيب نجحت ببراعة في اثر قلبها للمرة التي لم تعد تعرفها لتدفق الدماء إلى وجهها خجلًا وما انقذها هو قدوم ذاك الطفل الصغير يقول وهو يقترب منهم: "عمو رمضان بيقول لك ياعمو اتفضل الطبق ده، وماتكلش كتير عشان مش تتعب" رفع «مراد» بصره عن الصبي وحركه جهة العربة وجد ابتسامة ودودة على وجه «رمضان» فبادله الاخر بأخرى ممتنة وبعدها سمع صوت «هبة» المضطرب قائلة بتوجس: "هو ليه قال عشان ما تتعبش؟ مراد انت بتشتكي من حاجة؟!" وقبل ان يرد عليها اردف وهو يبتسم للصغير قائلًا بلطف: "لأ انا بقول تيجي انت تقعد مكانا وتاكله انت بالهنا والشفا عشان احنا هنتمشى ايه رأيك" سرت السعادة تجري في شرايين هذا الطفل الصغير من شدة فرحه وهتف بصوت عالي: "هـــــــــي، انت طيب اوي ياعمو" هبط «مراد» من فوق الصخرة و تفاجأت «هبة» من حركته على حين بغتة عندما حاوطها بيديه من خصرها و انزلها من فوق الصخرة ووقفت أمامه لا يفصل بينهم سوى خط وهمي من الهواء، هتف الصغير بصوت عالي يقول بتشجيع: "بوسها يا عمو، بوسها" كانت جملته مضحكة اكثر من كونها مخجلة، ابتعدت «هبة» على الفور وعقب «مراد» على حديث الصغير مازحًا: "الواد ده بيفكرني بسليم اخويا الاتنين ماتربوش" هربت ضحكة من بين شفتيها، لكن عادت ملامحها للقلق من جديد وهي تحث «مراد» على الإجابة عن سؤالها: "مراد انت ما جاوبتش على سؤالي انت بتشتكي من حاجة" اومأ لها بهدوء قائلًا يحثها على السير: "طب نتمشى طيب و هرد عليكِ" رجحت لطلبه وبعدها انتظرت رده الذي نطق به مجيبًا اثناء سيرهم: "لأ ياستي انا مابشتكيش من حاجة ومش عندي السكر لو ده يعني اللي فهمتيه من كلام عم رمضان" اطمئن قلبها وبعدها ضمت حاجبيها مستفهمة: "امال كان يقصد إيه" أبتسم «مراد» بغير تصديق على هذا الرجل وتابع يوضح نيته: "هو كان قاصد يعمل كده، عشان يشوف انتِ هتاخدي بالكِ ولا الموضوع مش فارق لكِ و هتعديها" و اندهشت لوهلة مردفة بحيرة: "طب و هو كان هيعرف إزاي" كانت تسير جواره تنتظر جوابه بعد ان رأته ينظر أمامه واخذ شهيقًا قويًا و زفره على مهل متحدثًا بترو وعمق: "لأ ما هو عارف، هو كان عايز انا اللي اعرف، و رسالته وصلت" وقبل ان تسترسل «هبة» اكثر، انتبهى الاثنين لفتى وفتاة جالسة جواره امام النيل متحدثة بصوت عالي تلوم هذا الذي يقبع جانبها: "لأ انت ما بتحبنيش انت لو بتحبني ما كنتش خنتني مع سامية" برر الفتى مدافعًا: "والله يا سوسو ما خنتك، دي بنت عيانة وانا كنت بساعدها" تدخل «مراد» في الحديث يدافع عنه و هو اول مرة يراه فيها هي الآن: "صدقيه يا سوسو، هو مش بيخونك دي بنت محتاجة حد جمبها ده حتى نظرة عينيها مليانة حزن، حطي نفسك مكانها" رمقته «هبة» بصدمة و فاه مفتوح اما الشاب لم ينفعل لتدخل «مراد» بل ايد حديثه وهو يهز رأسه بنعم، لتقول الفتاة وهي تجفف دموعها بمنديلها الورقي: "لأ هو خاين عشان خاني مع شيماء و داليا و نرمين و حبيبة و اسماء و انا ماتكلمتش" فرغ فاهه من الصدمة معلقًا: "خانك مع كل دول و ماتكلمتيش، هي رضوى الشربيني تايهة عنكِ فين" ثم حرك بصره جهة الشاب يقول بأستهزاء: "وانت ايه كل دول انت ناوي تدخل بيهم الدوري" بكت الفتاة بدلع تحت نظرات «هبة» المشمئزة و الساخطة ثم سمعتها تقول: "لأ احنا لازم ننفصل، انا مش هرتبط بيك يا خاين هو انا لدرجادي هنت عليك، انا وحشة عشان تخوني؟!" نطقت الاخيرة بأستعاطف وحزن طفولي يجعلك تشعر بالغثيان. "لأ والله مش وحشة ده يابخت اللي هيتجوزك يا سوسو" قالها الشباب في محاولة منه ان يصلح الوضع الذي افسده «مراد» بقوله: "ويابخته ليه؟ مش انت راجل ما تتجوزها انت و يبقا يا بختها و يا بختك و يا بختنا كلنا ولا البعيد شاذ" انفجرت اسارير «هبة» من الضحك الجالسة على فراشها تحتضن ثوبها الذي كانت ترتديه ليلة امس تتذكر ما حدث وهي تشتم رائحة عطر «مراد» المعلقة بثوبها بعد ان احتضنها او هي من بادرت بذلك ان صح القول، غافلة عن ذلك الواقف عند باب غرفتها يتطلع بها بصمت حتى و اخيرًا سمعت صوت خالها الساخر: "طب انا بقول اجاي وقت تاني طالما عندك اجتماع مع الفستان" رفعت رأسها منتفضة من مضجعها تاركة الثوب على الفراش مردفة بتلعثم ظهر بوضوح في صوتها المرتبك: "اهلًا.. يا...خالو اتفضل" اقترب منها «لطفي» والتقط يمسك عضدها يجلسها على الفراش بلطف ولف ذراعه الأيمن يحتضن كتفيها مائلة رأسها على صدره وسمعته يقول ببتسامة لم تراها: "انتِ بتفضلي قاعدة في اوضتك زعلانة و حزينة ووشكِ مطفي و اول ما تنزلي مع مراد وشك ينور من تاني وترجع لكِ البهجة من تاني كأن الواد مراد ده سلك كهربا 200 فولت" كانت تبتسم بخجل بين احضانه على حديثه و ما ان انتهي حتى ضحكت بخفة على تشبيهه لزوجها لكن انتفضت وهو يبعدها عنه مردفًا بعصبية وصوت عالي كأنه تحول في ثوان معدودة: "بس مش عشان هو كتب الكتاب ياخدك و مايرجعكش غير بعد نص الليل، البيت ده ليه اصوله مش تكية ابوه هي" رمشت بأهدابها اكثر من مرة متتالية تستوعب هذا التحول السريع او الانقلاب المفاجيء الذي حل على خالها تزدرد ريقها بتوتر قائلة: "يا خالو وفيها ايه وبعدين هو مارضيش يسيبني كده وجه يصالحني عشان فاكرني زعلانة من كلام طنط عايدة" هتف بتحذير يرفع سبابته في وجهها: "بت انا عارف انكِ قطة مغمضة ماتخليش الواد ده يضحك عليكِ و كل شوية يمسك ايدك و شوية كمان يحضنك إلا ايه ما انتم متجوزين" نفت «هبة» برأسها: "لأ مراد ما حضنيش" ابتسم «لطفي» بفخر لكن تلاشت وهو يسمعها تكمل قبل ان تركض من الغرفة: "انا اللي حضنته" هربت من الغرفة و سمعت خالها يهتف بصوت عالي مردفًا بغيظ: "ماشي يامراد يابن عايدة الحرباية" __________________________________ ظل على حاله هذا اكثر من ساعة، ينتظر خروج «الشيمي» من البوابة الكبيرة للسجن بعد ان تم الإفراج عنه لأن اليوم هو موعد خروجه بعد الإنتهاء من الإجراءات القانونية، مل «رجب» و هو ذراع «الشيمي» الأيمن بعد «العنتبلي» الذي قتـ.ـله «الشيمي» و الذي كان سببًا في ولوجه إلى السجن، اخرج «رجب» لفافة تبغ دسها في فمه واخذ شهيقًا بعد ان أشعلها بقداحته رغم أنه بنهار شهر رمضان المبارك، لكن مهلًا هل يمكن لشخص يقتـ.ـل بدم بارد و يساعد في تدمير الشباب عن طريق بيعه للسموم المخدر.ة ان يهمه ان كان في شهر رمضان ام لا؟ ظل على حاله هذا خمسة عشر دقيقة اخرى قاضها في اشعال السجائر والنظر الى ساعة يده بتأفأف، وما ان رأى خرج «الشيمي» من البوابة يتلفت حوله بغير تصديق انه و اخيرًا خرج من هذا المكان الذي حُكم عليه فيه بالاعدام، فالعادة عند خروج السجناء من هذا المكان سواء كان ظالمًا او مظلومًا يميل بجسده و يسجد لله حمدًا و حتى هذه منعه غروره و طغيانه ان يفعلها. القى «رحب» لفافة تبغه المشتعلة من نافذة سيارته التي هبط منها و اتجه على الفور ناحية «الشيمي» مهللًا بفرح: "حمدالله على سلامتك يا باشا، وربنا غيابك كان عامل ازمة و احنا من غيرك ملناش لازمة" قابل «الشيمي» ترحابه بوجه مشمئز و اردف بأمتعاض: "مش وقته فين العربية خلينا نمشي من المكان ده عشان بحس بكرشة نفس وبتخنق" تابع «رجب» وصلة ترحيبه بحفاوة وهو يشير على سيارته: "الف سلامة عليك من الخنقة ياباشا، اتفضل عربيتي مركونة الجنب التاني عشان بس ممنوع الركن هنا" تحرك «الشيمي» بملامح مقتضبة و خلفه «رجب» متمتمًا بدعاء: "ربنا يستر لما يعرف باللي هببته" وبعدها هرول خلفه حتى يواكبه في السير، صعد «الشيمي» إلى السيارة اولًا يجلس بجوار كرسي السائق و الذي احتله «رجب» و قبل ان يقوم بتشغيل محرك سيارته سمع سؤال الجالس جواره الذي جعل الدماء تفر من وجهه: "امال فين بقية الرجالة يا رجب؟ و جاي تستقبلني لوحدك ليه؟" اضطرب من السؤال الذي يعلم حتمًا انه سيسمعه وقال بدون مرواغة لكن هذا لا ينفي خوفه من ردة فعل رئيسه: "بصراحة كده يا باشا، احنا و الرجالة كنا مضايقين عشان اللي حصل و قلنا ننتقم من اللي عمل فيك كده عشان لما تخرج بالسلامة تعرف ان رجالتك ماسبتش حقك و ترجع صورتك اللي اتهزت في السوق" نفد صبر «الشيمي» من ثرثرته و التي علم ان القادم لن يروق سمعه ناطقًا بحدة: "اخلص يا رجب هببتوا ايه من ورايا" تملك الخوف كليًا من «رجب» وهو يرى علامات الغضب تزداد على وجه «الشيمي» وهو يلقي على مسامعه: "بعت الرجالة تحرق مطعم الزفت اللي اسمه سعد و خليت الرجالة تهدده ان يروح يبلغ عن شوية العيال اللي عملوا فيك كده على اساس انهم هم اللي حرقوا المطعم و فعلًا عمل كده بس.." "بس ايه اخلص" قالها «الشيمي» يحثه على الإيجاز فتابع «رجب» بملامح غاضبة تداري خلفها فزعه من رئيسه: "بس في واحد غبي منهم خلع الماسك عن وشه و كان في حتة بت ممرضة شغلت دماغها و صورته و راحت القسم و قدمته للظباط اللي كلمني و قال انه مش هيقدر يحبس ادهم و مراد و مضطر يقبض على الرجالة اللي في الفديو، حتى الراجل اللي كنت باعته الحبس مخصوص ليهم عشان يعلم عليهم، علموا عليه هو" كان يقصد «عبد ربه» الذي اخذ نصيبه من الضرب على يد «ادهم» وعقب انتهاء «رجب» من الاسترسال فيما حدث تلقى صفعة قوية على وجهه من يد «الشيمي» الغليظة و الذي نطقًا بغضب يرمق «رجب» بحقد: "كنت فاكر العنتبلي هو اللي غبي و جبان بس شكلي مشغل شوية نسوان عشان شوية عيال هتية زي دول مايقدروش عليهم" هتف «رجب» بأنكسار يطلب السماح: "حقك عليَ يا باشا انا عارف اني غلطت لما عملت كده من وراك بس كان غرضي افرحك انا و الرجالة" صدح صوته ساخرًا: "رجالة ايه بقا، انتم خليتوا فيها رجالة، انتم تروحوا بيوتكم تلبسوا الطرحة و تعددوا زي الحريم" مال «رجب» على يد «الشيمي» قبلها مردفًا بتوسل و رجاء: "ابوس ايدك يا باشا ما تقطعش عيشي، انا خدامك و هعمل كل اللي تؤمرني بيه حتى لو قلت ليَ ارمي نفسك في النار هعمل كده بس انول الرضا" سحب «الشيمي» يده مردفًا بأستهزاء حانق: "وانا لما ارميك في النار هستفاد ايه يا دغوف" قطب «رجب» جبينه و لم يفهم إلى ما يرمي إليه حتى تابع «الشيمي» قائلًا بمكر: "عشان تنول الرضا، لازم كل فلوسك اللي انت شايلها تحت البلاط تكون تحت ايدي عشان اعرف ابدأ من جديد بعد ما ولاد الكـ** دول دمروا ليَ كل حاجة" تذبذب جسد «رجب» و شعر بالتخبط حتى وجد نفسه يقول: "وانا وفلوسي تحت امرك اهم حاجة تكون راضي عني" علت شفتي «الشيمي» بسمة رضى و هو يربت على كتف «رجب» يقول بفخر: "كده بصحيح تبقا راجل من رجالتي و الغلطة اللي انت عملتها دي مش هحاسبك عليها" جاهد «رجب» ان يرسم ابتسامة رغم خوفه الداخلي من ان يفقد ماله لكن قرر ان يفكر في شيء ما يجعله في مأمن ان غدر به «الشيمي» وما ان طرأت الفكرة علت شفتاه البسمة لكن ابتسامة خبيثة ماكرة ثم شرع في ادارة المحرك وتحرك بالسيارة وبعدها سأل «الشيمي» بقوله: "طب و هتعمل ايه مع العيال دي هتسيبهم كده" لمعت عيناها بالشر و الغضب و الخبث كان ثالثهم و هو يقول: "وانا من امته بسيب حقي، العيال دي مش ساهلة وعيبنا اننا مستقلين بيهم عشان كده لازم نهدى عليهم خالص لحد ما اظبط لهم مصيبة تليق بيهم، مصيبة هتخليهم يتمنوا المو.ت ومايطلهوش و خصوصًا الزفت اللي اسمه ادهم" صدح صوت ضحكاتهم في السيارة التي يترأسها ثعبان صغير و جواره افعى الكوبرا ويجمع الإثنين كلمة من حروف قليلة لكن أثرها عظيم وهي «الغدر» __________________________________ مال على يد جده وقبلها بود وبعدها استقام بجسده يقول: "ايوة ياجدي حضرتك بعت ليَ من المحل ليه" اشار «زكريا» له بالجلوس تحت نظرات «مصطفى» الذي قال: "جدك عايز يتكلم معاك شوية يا فارس" اومأ بهدوء وانتظر يسمع ما لدى «زكريا» من قول: "انا عرفت من نرجس سبب تأجيلك للفرح في الأول وهو انك سلفت فلوسك لواحد صاحبك في زنقة ودي حاجة ماتعبكش عشان تخبيها على جدك بالعكس الرجالة بس هما اللي بيظهروا في وقت الشدة و عشان انت تربيتي وتربية ابوك الله يرحمه متأكد انك راجل وهتقدر اللي هقوله" غضب من بداية حديثه بسبب ثرثرت «نرجس» لكن احتل القلق وجه «فارس» و هو يقول: "خير ياجدي حضرتك قلقتني" ابتسم «زكريا» مردفًا بترو يحث الجالس على الاطمئنان: "كل حاجة بتحصل لنا خير بس المهم نتعامل ازاي مع الخير ده، انا لما روحت معاك عند ابو نرجس عشان نحدد ميعاد الفرح قابلته تاني يوم و فهمته ان احنا مش هنقدر نعمل فرح شعبي او حتى في قاعة و بنت الست فاطمة مكملتش عشر ايام متوفية وعشان مكسرش فرحتك انت و نرجس كل حاجة هتم بس هتكون الزفة انك تجيبها من عند الكوافير ولا مش عارف بتسموه اي ده و تلفوا شوية بعربية ادهم او رحيم وبعدين تروحوا شقتكم والراجل مشكور وافق وقال هيقنع بنته وانا قلت له هكلم فارس و اشوف رأيه اي؟ وقبل ما ترد شوف اللي هيريحك و اعمله انا بس مش عايز احس اني كسرت فرحتك" نفى «فارس» جملة «زكريا» الاخيرة وهو يقول مبتسمًا: "انا فرحتي اني اشوفكم فرحانين وزي ما حضرتك قلت انا تربيتك و تربية ابويا يعني انا بفهم في الأصول كويس و اللي شايفه حضرتك صح اعمله و انا موافق عليه حتى من غير ماتاخد رأيي" رمقه «زكريا» بفخر وخرج صوت «مصطفى» معلقًا على حديثه: "لازم يابني بردو ناخد رأيك، مع ان الحج قال انك هتوافق وانا قلت لأ لازم نسمعها منك" اردف «زكريا» بنبرة هادئة عكس تلك النبرة الحادة التي يتحدث بها معظم الوقت مع باقي الشباب: "وبالنسبة لموضوع الفلوس اللي سلفتها لصحبك دي انا هديك زيها مرتين عشان لو عايز تقضي شهر عسل بدل الفرح اللي ماتعملش ده" وقف «فارس» يقبل يده للمرة الثانية مردفًا بأمتنان: "انا مش عارف اشكرك ازاي ياجدي" عنفه «زكريا» بضيق: "اهو ده الكلام الخايب بقا اللي لا بيودي ولا بيجيب، انا لما بديك الفلوس مش عشان مستني شكرًا بتاعتك دي، دي اقل حاجة اعملها قصاد اللي عملك ابوك معايا زمان الله يرحمه" رقرقت عيناه من الدمع وهو يطالع «زكريا» الذي ختم حديثه معه وهو يقول: "روح كمل انت شغلك يا فارس و لو احتاجت اي حاجة لازم تيجي ليَ ماعرفش من برى ها" نطق الاخيرة بتحذير وقابلها الاخر بأمأة بسيطة وبعدها خرج من القاعة، فتح «مصطفى» فمه حتى يرضي فضوله بسؤاله: "كنت عايز اعرف اشمعنا فارس.." قاطعه «زكريا» وهو يكمل بدلًا عنه: "اشمعنا فارس الوحيد اللي بتساعده و مش بتحاسبه على اي فلوس بياخدها و الشباب حرمهم من كل حاجة ومخليهم يعتمدوا على نفسهم حتى في جوازتهم" استدار برأسه للجالس جانبه واكمل: "مش كده؟ مش ده اللي كنت هتقوله يا مصطفى" اومأ الاخر بأنبهار من معرفة والده بماذا يريد وصمت يستمع له بأنصات: "فارس ابوه كان شغال معايا من اول ماكنت بروح مصر اقابل التجار و ارجع الصعيد تاني وسافر معايا كل المحافظات و بما فيهم إسكندرية وهناك قابلت سارة امك الله يرحمها وبسبب ابو فارس ماكنش زمانك قاعد قدامي دلوقت، كان اوفى راجل شفته في حياتي وفضل وفي لحد اخر لحظة من عمره وهو بيدافع عني وكان قصاد كده خسر حياته وساب إبنه أمانة في رقبتي، انا كل اللي بعمله مع فارس ده عمره ما هيرد جِميلة واحدة من جمايل ابوه الله يرحمه، و بالنسبة انا بعمل كده ليه مع الشباب فده سؤال لسه بدري على إجابته" خرج «فارس» من البوابة الداخلية للمنزل وكان في طريقه إلى المحل حتى تقابل مع «نرجس» التي كانت بصحبة «علا» تقابلت الأعين ببعض ولاحظت «علا» ذلك رغم عيناها المحمرة من كثرة البكاء وقالت مستأذنة حتى تترك لهم المساحة: "نرجس انا هدخل اشوف جدي عايزني في ايه و مش هتأخر" رحبت الأخرى بالفكرة مردفة بسرعة: "ماشي بس اول ما تخرجي هاتقولي ليَ كان عايزك في ايه؟ طالما مش راضية تقولي انتِ بتعيطي ليه" نفت «علا» بوجه حزين ترسم بسمة خفيفة: "صدقيني ما كنتش بعيط انا بس كنت نايمة وقمت غسلت وشي بالغسول ودخل في عيني، وبقت زي ما انتِ شايفة كده" تحركت «علا» ومرت بجانب «فارس» الذي تصنم محله عندما رأى «نرجس» التي تحركت بقدميها مقتربة منه وبعد ان تأكدت من دلوف «علا» إلى المنزل اردفت ببتسامة على محياها: "ازيك يا فارس" تذكر المرة الأخيرة في منزلها عندما رحل «زكريا» بعد تحديد موعد الزفاف وجلس هو معها متذكرًا طلبها منه وهو ان يترك منزل «زكريا المنشاوي» و العمل معه و الابتعاد عنهم جميعًا. رد بفتور رغم اشتياقه لها: "الله يسلمك" انكمشت ملامحها بحزن مردفة بلوم: "مش بترد ليه على تليفوناتي يا فارس قلقتني عليك" مط شفتيه ساخرًا: "لا والله ده بجد، قلقتك؟ لأ اطمني انا كويس" ألمتها نبرة السخرية المحاطة بحديثه و اردفت وهي تطالعه بحزن: "طب عن أذنك انا داخلة البيت" امسكها من مرفقها يمنعها من الذهاب: "استني انتِ جاية ليه؟" مالت برأسها تنظر إلى يده الممسكة بها فسحبها على الفور وهو يقول معتذرًا لأنه يعلم انها لم تحل له بعد: "اسف مش قصدي" هزت رأسها بهدوء قائلة بوجه فاتر: "عادي محصلش حاجة، وجيت ليه؟ جيت عشان كنت عايزة اطمن عليك بس شكلي أنا اللي بكبر المواضيع وبقلق نفسي على الفاضي" اتقنت الحزن بمهارة حتى تستطيع ان تقلب الوضع إلى صالحها وبالفعل نجحت وهي تسمعه يقول: "ماتزعليش من طريقتي انا بس كنت واخد على خاطري من اخر كلام بينا عشان انتِ طلبتي حاجة انا مش هقدر اعملها، وهي اني ابعد عن الحج زكريا والبيت ده، وعلى فكرة مافيش حد فيهم بيعتبرني خدام ولا حاجة زي ما كل شوية تقولي ليَ كلهم هنا بيحبوني ده يابخت اي حد جزء من العيلة دي" صمت لبرهة من الزمن يتطلع في ملامحها المبتسمة متعجبًا ثم تابع: "بس لو انتِ مصممة على قرارك اني ابعد عنهم فللأسف ده مش هيحصل يا نرجس" اتسعت ابتسامتها وهي ترد عليه بقولها الذي جعله منصدمًا: "و مين قال اني عايزاك تبعد، بالعكس خليك معاهم طالما ده هيفرحك عشان اي حاجة بتفرحك فهي اكيد بتفرحني انا كمان، انا عارفة انك مستغرب كلامي بس انا مايهمنيش حاجة غيرك و اكبر اثبات على كده اني موافقة اننا مانعملش فرح بالرغم ان دي ابسط حاجة كان نفسي فيها بس يلا معلش خيرها في غيرها، بس انت اكيد هتعملي شهر عسل مش كده" نطقت الاخيرة بتحذير و حدة رافعة سبابتها في وجه «فارس» الذي لا يصدق ان من امامه هي خطيبته «نرجس» الأنانية و المتعجرفة ناطقًا ببلاهة: "ده بجد" "لأ جرافيكس" لم تكن «نرجس» من قالتها بل تلك التي تجلس في الحديقة على الكرسي و من امامها الكتاب فوق الطاولة من اجل المذاكرة، «قدر» التي غمزت بعينيها لـ «نرجس» وبالطبع من غيرها وراء هذا التغيير الملحوظ، بادلتها الأخرى ببتسامة ثم عادت تنظر الى «فارس» كي تزيل علامة الاستفهام المرسومة على تعابير وجهه: "كنت منزلة story حزين و «قدر» دخلت كلمتني، في الأول شدينا مع بعض عشان كانت داخلة تتريق بس بعدين الكلام جاب بعضه وفهمتني اني غلطانة ولازم اجاي لك وبصراحة اقتنعت و كلمت علا عشان نيجي سوى قالت ان هي كمان جاية هنا عشان جدي زكريا عايزها" عاد «فارس» ببصره لـ «قدر» التي عادت تنظر في الكتاب متأفأفة بضجر وتعمدت فعل ذلك حتى لا يظن احدهما انها تسترق السمع، وبزغت على وجهه ابتسامة امتنان وهو يطالعها حتى سمع صوت «نرجس» الحانق: "لأ ماهي مش عشان صلحت الأمور بينا تفضل مبحلق فيها كده اتلم بل ما اخزق لك عينيك الحلوين دول" اغلقت «قدر» كتابها واستقامت في وقفتها متجهة نحوهم قائلة بعد ان استقرت قدامها جانب «نرجس»: "حتى لو عملتيها كده كده فارس مش شايف غيركِ" و اكمل هو على حديثها بشجن: "وعشان اللي بيحب مش بيشوف غير اللي حبيبه و انا حبيتكِ انتِ يا نرجس" همست «قدر» لنفسها بسخرية لم يسمعها سواها: "انا كنت اقصد ان عنده قصر نظر عشان يحب حرباية" بينما «نرجس» توردت وجنتيها بعد ان تجمعت العبرات بمقلتيها فرحًا من تغزله لها ولم تقدر على ان تمنع نفسها من تلقي بجسدها بين ذراعيه تحيط عنقه بذراعيها و برغم معرفته ان هذا العناق ليس من حقه لكن لم يرد ان يحرجها بل ضمها إليه يهمس من بين شفتيه وهو يطالع «قدر» الواقفة خلف «نرجس»: "شكرًا" ابتسمت بحب لهما وبعدها تحركت إلى الداخل وهي تتمنى بداخلها ان يتم أمور زواجهم على خير. __________________________________ طرق على باب غرفتها وانتظر أذنها في الدخول لكن لم يجد رد حتى بعد الطرقة الثالثة خمن انها ذهبت للنوم بعد تناولها الإفطار معهم، فتح الباب بهدوء وجدها جالسة فوق سجادة الصلاة متربعة القدمين يكلمها «الله» عن طريق كلماته العظيمة المجتمعة في اللوح المحفوظ، ابتسم بحنان واغلق الباب بعد ان دلف إلى الداخل مقتربًا منها وجلس نفس وضعيتها امامها والتقط يدها وطبع قبلة عليها وبيدها الاخرى تخلخلت بين خصلات ابنها الأكبر تداعبه، رفع رأسه يطالع وجهها المنير لشدة طيبتها وصفاء قلبها مردفًا: "روما عاملة ايه دلوقت" اخفضت يدها من على رأسه حتى وصلت إلى وجهه تضمه بها قائلة بأشتياق وحنان: "انا كويسة طول ما انا شايفة ابتسامتك دي" وضع يده في جيب بنطاله الأمامي و اخرج سلسلة مصنوعة من الذهب بأسم «روما» رفعها أمامها وقال بمشاكسة: "كل سنة و انتِ طيبة وبخير عقبال الـ 100 سنة، كده بعد يومين بالظبط هتمي الـ 25 سنة" وعقب انتهاء «ادهم» من جملته قهقهت «ريهام» بصوت عالي غير مصدقة، وبعد ان سيطرت على ذاتها اردفت: "بكاش اوي" لم يعقب على جملتها بل امتدت يده على طرحة اسدالها وازاحها عن رأسها وبعدها وضع السلسلة حول عنقها غامزًا لها مع قوله: " جامدة" ضربته بخفة على وجنته مردفة: "اللي يشوفك يقول اني مراتك مش مامتك" "و انا موافق طالما مراتي هتبقا زي القمر كده" قالها بمرواغة لتهز «ريهام» رأسها بيأس مع قولها: "طب مش ناوي تريحني و تتجوز، اخواتك اللي اصغر منك خطبوا" اردف بنبرة متعجبة: "ريهام هو انتِ عشان كان نفسك تخلفي بنت فمتقمصة دور الأم اللي بتخاف على بنتها انها تعنس ولازم تتجوز بدري عشان سوقها مايقفش! " ذمت شفتيها بضيق وبعدها تنهدت براحة مشيرة على قلبه: "طب وده مش ناوي يحب؟" اجابها ضاحكًا: "لأ ده مش ناوي، عشان اللي هحبها امها هتكون داعية عليها و هحبسها في أوم أوم مش هطعلها منه" استسلمت امام حديثه وهي تدعو له: "ربنا يريح قلبك و يهديك لطريق الصح" اردف بسرعة يحثها على الاستكمال: "ايــوة، هو ده اللي انا محتاجه انك تدعي ليَ" انتهى حديثهم هنا وبعدها خرج «ادهم» متجهًا إلى المطبخ وبعد خمس دقائق خرج و قرر ان يذهب لمكانه المفضل بالمنزل وهو الشرفة من اجل ان يتحسي مشروبه المفضل وهو الشاي الساخن مع بعض من اوراق النعناع التي تزيد من روعة نكهته ،خرج إلى الشرفة وجدها تقف فيها هي الاخرى ،تنحنح واردف بنبرة جادة : "ده مكاني " لم تلتفت له وظلت تنظر أمامها كأنها شاردة في كل ما تراه مردفة بهدوء ساخط : " مش شايفة اسمك مكتوب على المكان يعني " رفع حاجبه بأستنكار واقترب من سور الشرفة ووقف جوارها مقررًا ان يتجاهلها ،رفع الكوب لشفتيه و ارتشف منه بهدوء ثم وضعه على السور امامه ليجد يدها تنتشله وتشرب منه هي ،تعجب من فعلتها مردفًا بحنق : "ده الشاي بتاعي " ابتلعت ما بفمها تنظر له بطرف عينيها تناوله الكوب بيدها مردفة بأعتذار مستفز : "اه ،ماخدتش بالي " رمقها بأقتضاب ونظر إلى يدها الممدودة بالكوب ثم عاد ببصره لها قائلًا بضيق و اشئمزاز : "لأ شكرًا خليهولكِ...اصل انا بقرف" اتسعت مقلتيها وهي تطالعه بعدم تصديق هل اهانها لتو ام ماذا ؟! لكن في الحقيقة هو لم يتعمد اهانتها لانه يكره ويشعر بالاشمئزاز من مثل هذه الأشياء الصغيرة. استدارت برأسها ناظرة امامها تتمتم بحنق وصوت خافت : "ده مش مراد بس اللي دبش ،ده العيلة كلها لسانها متبري منها " اتسعت مقلتيها عسلية اللون وهي تسمع ادهم يقول بأستخفاف : "مش سامعكِ انا كده؟!" رمقته بضيق و اكملت تأملها في المنازل من حولها و المارة حتى قطع لحظتها وهو يقول ما جعل قلبها يخفق مضطربًا: "ما كنتيش خايفة و انتِ بتعملي كده؟" ابتلعت ريقها وهي تدير رأسها اتجاهه بعد ان احتل التوتر وجهها مردفة بنبرة شبه طبيعية: "بعمل ايه" اردف بهدوء رغم تعجبه من توترها الملحوظ من سؤال بسيط كهذا: "لما رميتي نفسك قدام عربيتي ما كنتيش خايفة" سكن قلبها و قل توترها واجابت بعد اخذها تنهيدة قوية: "يمكن عشان وقتها ماكنش هيفرق ليَ لو حصل ليَ حاجة" تقصد تلك الفترة السيئة التي مرت بها منذ بداية الحادثة مرورًا بوفاة والديها فيها وصولًا إلى إصابتها بالاكتئاب، علم هو انها تتحدث عن ما مرت به في السابق كما أخبره «رحيم» و عاد يسألها من جديد كي يجعلها تسترسل في حديثها اكثر مترقبًا جوابها: "طب و دلوقت" استدارت بكامل جسدها و اصبحت في مقابلة «ادهم» من الجانب مردفة بمرح بعد ان اصبح محياها مبتسمًا: "دلوقت بقا ليَ عيلة اي حد يتمنى يكون منها عيلة خلتني احب نفسي زي ما انا من غير تصنع ولا تزييف بالرغم ان مافيش بنا عِشرة كبيرة بس انتم بعرف اكون معاكم على طبيعتي" استدار هو الآخر ليقابل وجهه وجهها يستمع إلى باقي حديثها: "بس قبل ما ادخل عيلتكم، كان رحيم هو كل عيلتي بعد مو.ت بابا و ماما الله يرحمهم عشان كده اول ما قال لي على الخطة و اني هرمي نفسي قدام عربيتك و بعدين امثل اني فاقدة الذاكرة مترددتش ووافقت لأني متأكدة ان بيعمل كده عشان مصلحتي، بس هو رجع قال لأ و خاف عليٰ اني يجرالي حاجة و آسر ساعتها هو اللي اقنعه و دربوني كتير على الموضوع و لحد يوم الحادثة رحيم خاف عليٰ و قال لأ يعني لأ، قلت له تمام بس خليته نزل الشغل و كلمت آسر عشان كان فاهم اننا مش هنعمل الخطة و اقنعته اني مصممة اعمل كده وفعلًا ده اللي حصل و انت خبطني بعربيتك وودتني المستشفى وهناك قابلت آسر و الباقي انت عارفه" لم يظهر اي تعبير تفهم منه «قدر» اثر حديثها على مسامعه حتى سمعته يقول بهدوء مقتضب: "و ايه اللي خلاكم متأكدين اني لما اخبطك مش هأذيكِ و كمان هروح بيكِ المستشفى دي بالذات" اردفت قائلة: "عشان كده رحيم موافقش بس ربنا ستر و انا لما جيت اعدي عليك الطريق هديت السرعة وعلى ما اتذكر عربيتك ما لمستنيش انا اغمى عليٰ من الخضة، و المستشفى عشان اكيد واحدة مابين الحياة و المو.ت مش هتفكروا تودها مستشفى معينة اكيد اقرب مستشفى عشان تلحقوني و المستشفى اللي كان بيتشغل فيها آسر دي اقرب واحدة من مكان الحادثة" كانت ملامحه باردة اومأ لها دون اكتراث و عاد إلى وقفته الأول يتطلع امامها واضعًا يديه الإثنين في جيوب بنطاله من الأمام، راقبت هي ردة فعله منتظرة ان يقول شيء غير اللامبالاة التي تراها فيه الآن فتحدثت هي قائلة: "مش هتقول اي حاجة" لم يلتفت لها بل قال بأقتضاب مع نبرة صوته التي تدل على ضيقه منها: "كان كل ما عيني تاجي في عينيكِ و افتكر اللي حصل لكِ بسببي احس بالذنب من ناحيتكِ، و انتِ في الاخر بتمثلي!" نطق الاخيرة ببتسامة باهتة غلفتها السخرية و هذا احزنها لتقول هي مدافعة عن نفسها بأستماتة: "ماكنش في حل تاني، كان لازم ابعد لأن طارق كان عارف يستخدمني كويس عشان يعرف يضغط على رحيم بيا، و دايمًا يكون تحت رحمته، انا رحيم عمل حاجات كتير عشاني و مستعدة اضحي بعمري وحياتي عشانه، انت لو في حد من عيلتك في خطر و عشان تنقذه لازم تضحي بحياتك هتعمل كده و لا لأ" حرك عيناه الخضراء لتسقط على مقلتيها عسلية اللون مزينة بطبقة شفافة من الدموع والتي توحي بأن صاحبها على وشك إخراجهم، تأمل ملامح وجهها قليلًا لكن تذكر ان عليه غض بصره فأبعد عينيه وهو يجيبها بصدق: "هعمل اللي انتِ عملتيه بس قبل ما اضحي بعمري عشان خاطر عيلتي هكون متأكد اني بعمل كده و انا سايبهم في أمان من بعدي" عصف بوجهها شبح ابتسامة لكن اختفت وهي تسأله بتوجس: "يعني انت مش مضايق اننا كدبنا عليك و عملنا التمثلية دي" كانت تتوق لسماع الإجابة على احر من الجمر فربما اجابته تساعدها في ان تخبره بما تخفيه في باطنها دون خوف او قلق من ردة فعله. "في الأول كنت مضايق من آسر بسبب معاملته الزفت معايا في المستشفى و كنت شايف ان خطتكم دي ملهاش لازمة، كان ممكن تيجوا لي و الموضوع كان اتحل، و بالنسبة لكدبك و تمثيلك و عارف انك عملتي كده عشان اخوكِ فـ لأ مش مضايق.. " تنهدت براحة و اخذت تلتقط أنفاسها بأنتظام بعد سماعها إجابته التي جعلتها تشعر بالراحة و الاطمئنان و حركت شفتيها تنطق بشجاعة، ولكن كل هذا تبخر وهي تسمعه يكمل ما جعل اوصالها ترتعد وهو يقول: "مش مضايق طالما كدبتكم دي ما أذتنيش و لا اذت حد من عيلتي اللي انتِ و اخوكِ جزء منها دلوقت" ابتلعت الغصة المريرة في حلقها بعد ان بهتت ملامحها وشردت بالتفكير، تفكر كيف تخرج نفسها من هذا المأزق الذي وضعت نفسها به بسبب المدعو «طارق» وسمعته يقول: "شكلكِ كان بيقول إنك هتقولي حاجة و انا قاطعتكِ" اسرعت هي تنفي بتوتر ورغمًا عنها خرج صوتها متلعثمًا: "ها..لأ...لأ...خلاص انا اصلًا نسيت كنت هقول ايه" لم يصدقها وهي علمت هذا من نظراته لها و ما انقذها هو قدوم «مراد» و ذهاب «ادهم» معه. و في نفس التوقيت عاد «اسماعيل» إلى منزله يدلف إلى العمارة و قبل ان يصعد الدرج المؤدي إلى شقتهم بعد ان صعد طابقين متتالين وجد زوجته في نهاية الدرج تسبح في دمائها فاقدة جميع معاني الحياة، ركض هو نحوها يحملها بلهفة ينادي على اسمها دون وعي من حالة الصدمة و الذهول التي اصابته، حمل نصف جسدها العلوي على ذراعه بعد ان جلس جوارها في محاولة منه ان يوقظها بالضرب الخفيف على وجنتيها مرات عدة مع صوته الخائف من فقدانها وهو يرى الدماء تخرج بغزارة من بين قدميها: "نعمات...نعمات فوقي...ايه اللي عمل فيكِ كده" سيطر عليه هول المنظر و منع عقله من التفكير و ان عليه الذهاب بها إلى المشفى على الفور بل ظل يكرر إسمها بهيسترية ناهيك عن عباراته المتساقطة كأنها في ماراثون. تطرق السعادة بابك فـ تهرول تستقبلها بحفاوة لكن تتفاجأ بوجود حظك العثر يخبرك انه لن يتركك اينما ذهبت، لا مفر يا صديقي فأنا قادم. ...لسه الحكاية مخلصتش.... #صدفة_ام_قدر #العشق_الخماسي #سميه_عبدالسلام الفصل السابع والثلاثون من هنا |
رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سميه عبد السلام
تعليقات