رواية عروستى ميكانيكي الفصل الرابع4 بقلم سما نور الدين


 

رواية عروستى ميكانيكي الفصل الرابع بقلم سما نور الدين

كان الطبيب بغرفة الجد العجوز يحاول أن يقنع الجد بأن ما يطلبه لا يصح ، فقال الطبيب يستجدي العجوز أن يستعب :

-ياحافظ مينفعش اللي بتطلبه دا ، الحمد لله أنت بدأت تستعيد صحتك وبقيت أحسن من الأول ، ليه أكدب وأقولهم إن حالتك بتسوء ، ضميري المهني ميسمحليش أبدا باللي بتطلبه مني دا .

اعتدل الجد العجوز بجلسته فوق الفراش وقال بغيظ من بين أسنانه :
-ياغبي أنا مش بطلب منك كطبيب أنك تكدب ، أنا بطلب منك كصديق العمر أنك تساعدني ، أحفادي لو حسوا إني بقيت كويس ، هيرفضوا وبضمير مرتاح أي طلب أطلبه منهم ، لكن لو عرفوا إني خلاص بحتضر ، هيوافقوا على طول باللي أنا عايزه ، واللي هو في الأول وفي الأخر لمصلحتهم ، فهمت ؟

تنهد الطبيب بيأس واستسلام وقال :

-حاضر ياحافظ ، هكدب وهعمل اللي أنت عايزه وربنا يسامحني .

                             *****

أثناء ذلك بالجراج :

 انتفضت ايمان  وهي راقدة تحت السيارة عندما سمعت صراخ إبراهيم بها ، فارتطم رأسها بخزان زيت الموتور ، همست لنفسها قائلة بغضب وغيظ :

-ااااه...ياولاد ال ..

صاح إبراهيم قائلاً :

-قلت اطلعيييي .

سحبت نفسها من أسفل السيارة وهبت واقفة تهندم من نفسها ، تنظر لمن ينظر لها شزراً وكأن نظراته كسهام نارية تريد أن تحرقها ، صاحت وهي تلوح بيدها وتمسد جبهتها بيدها الأخرى :

-إيييييه !! في إيييه !! القيامة قامت .

نظر لها ابراهيم بإشمئزاز من أسفل لأعلى ، ثم استقر بعينيه على وجهها الملطخ باللون الأسود ، اقترب منها تاركاً وراءه السائق ( إمام ) متسمراً مكانه وخافضاً رأسه لأسفل .

قال إبراهيم بصوت حاد أحش وهو يدور حولها ويشير لها بإصبعه من أسفل لأعلى :

-ممكن أفهم إيه اللي جابك هنا ؟؟ وبتعملي إيه تحت العربية ، والأهم من كدا ، ايه شكلك المزري دا ؟!

قطبت جبينها ونظرت بتعجب للسائق إمام الذي رفع رأسه ينظر لها بحسرة ولوم ، ققالت بتساؤل :

-إيه مورزي دي !! شتيمة دي ولا إيه ؟؟

اتسعت أعين إمام وأسرع بخفض رأسه لأسفل مرة أخرى ، فصاح إبراهيم بجانب أذنها :

-هو دا اللي هامك ، مش واخدة بالك أنك موجودة في مكان مش مكانك ، مش واخدة بالك أنك بتنزلي من نفسك ومن لقب عيلتك من اللي أنتي عاملاه في نفسك دا .

وكأنها لم تستعب مغزى كلماته اللاذعة فما كان منها إلا صياحها :

-الحق عليا ياباشا إني صلحت العربية ، اللي لو كنتو جيبتوا ميكانيكي غريب من برة كان خد منكو الشيء الفولاني ، دا بدل ماتقولي شكراً يا أسطى إيمان وتعزم عليا بكوباية شاي .
الغضب بكلتا كفيه ، وقف إبراهيم بقبالتها ونظر لها من أعلى وهو يصرخ بوجهها :

-أسطى إيمان دي هناك في الحارة ، لكن هنا أنتي إيمان هانم يعني تتصرفي زي هوانم البيت دا ، فااهمة يا هااانم .

نظرت له بتحدي واضح وقالت بصوت حاد :

-الهااانم دي يا باشا تبقى ..

ظهر الغضب الأسود بوجه إبراهيم واتسعت عيناه واقترب بوجهه من وجهها تحدياً منه لها أن كانت تملك الجرأة لتكمل جملتها .

أغمضت إيمان عينيها وزفرت بضيق وهي تهز برأسها وقالت :

-أستغفر الله العظيم ، بص ياباشا هي شكلها مش نافع ، أنا هروح أجيب شنطة هدومي ، وزي ماجيبتوني هنا ترجعوني ، وخالتي وخالتك واتفرقت الخالات .

وبملامح وجه جامد وصوت حاد قال إبراهيم :

-الكلام دا تقوليه لجدك اللي بعت وجابك هنا ، هو بس اللي يقرر إذا كنتي تقعدي ولا تمشي ، أما عني أنا ، فياااريت والله ، وممكن أوصلك للمطار بنفسي لو حبيتي .

شعرت بغصة مريرة بحلقها وزحف بعض الحزن ليملأ عينيها وهي تسمع كلماته وبوجودها الغير مرغوب به ، شعرت وكأنه يطردها بطريقة غير مباشرة .

مرت من جانبه تسرع بخطواتها لتخرج من الجراج دون أن تنتبه للسائق الذي كان يرمقها بنظرات تجلى بها الحزن :

صاح إبراهيم غاضباً بالسائق :

-وأنت حسابك معايا هيكون عسير .
وصل لأذان إيمان تهديد إبراهيم لإمام قبل أن تخرج ، فرفعت رأسها لأعلي بعد ما كانت تمشي بتخاذل واضح ، فالتفتت ترجع إليهما تصيح بوجه ابن عمها وعريسها المنتظر :

-اسطى اؤمؤم مالوش دعوة ، أنا اللي صممت اصلح العربية ، يعني من الأخر كدة مالكش أنك تحاسبه .

أخذ لهاث إبراهيم تزداد سرعته ، اقترب منها حتى أصبح لا يفصل بينهما إلا انشات قليلة ، وثم أشار لباب البيت وهو يقول بصوت حاد غاضب مانعاً نفسه بشق الأنفس عن كسر رأسها :

-امشي ع البيت وإلا هكسر دماغك ، يالاااا !!

انتفضت للوراء خطوتين وبلعت ريقها بصعوبة فالأول مرة تشعر ببعض الخوف ، ولكنها عاندت وتجلدت لتطرد هذا الشعور من داخلها ، فتخصرت وقالت بتحدي :

-ولو مشيتش هتعمل إيه يعني ، اللي في قلعك انفضه ، يا باااشا .
قالت كلمتها الأخيرة بنبرة ساخرة واضحة ، فأغمض السائق عينيه ، أما إبراهيم فبركان غضبه كان على حافة الإنفجار ، فمال بجزعه يحمل عروسه فوق كتفه .

شهقت إيمان بعد ما وجدت نفسها محمولة مثل شوال البطاطا ، فأخذت تصرخ قائلة وهي تضرب ظهر إبراهيم بقبضتها :
-يانهار أسوح ومنيل ، أنت شيلتني ، يعني أنت دلوقتي شايلني ، طب والنعمة ل ..
صرخ بها إبراهيم وهو يضربها بكف يده فوق مؤخرتها :

-اخرسي !! مسمعش صوتك .

تأوهت إيمان بصوت عال وعاودت الصراخ مرة أخرى قائلة :

-بتتحرش بيا !! طب وربنا ماهسيبك .

أخذت تحاول بقوة النزول من فوق كتف إبراهيم ولكن باءت محاولاتها بالفشل ، فأخذت تصرخ بقولها :

-نزلني ، نزلني لحسن والمصحف هقلب الدنيا عليك ، نزلننننني !!

دخل إبراهيم وهو مكفهر الوجه وعلى أثر صراخها العال اجتمع كل من بالبيت ليقفوا أمامها وعلامات الذهول تفترش وجوههم جميعاً .

أنزلها أمامهم ودفع بها إليهم ، تماسكت لتقف معتدلة ثابتة وبوجه يسوده احمرار الغضب صاحت وهي تشير له بإصبعها محذرة إياه :

-عليا النعمة من نعمة ربي لو كررتها تاني ل ..

اقترب إبراهيم منها والشراسة تفترش ملامح وجهه قائلا بصوت قوي :

-ل إيه ؟؟ انطقي !! أنا اللي بحذرك لو شوفتك دخلتي الجراج دا تاني هكسر رجلك .

اتسع فاه إيمان وعيناها سوياً فقالت وهي تشير لنفسها بيدها :

-أنت !! تكسر رجلي أنا ، دا أنت لعبت بعداد عمرك دلوقتي .

صرخت العمة زهرة بعد أن وقفت بينهما :

-بس كفااااية !! إيه اتجننتوا خلاص ، مش عاملين أي حساب أو اعتبار لجدكوا المريض أو حتى ليا .

صاحت إيمان :
-أنا ماشية ياعمتي ، سايباها مخضرة للباشا يبرطع فيها .

كان الطبيب بداخل غرفة الجد رافعاً حاجبيه بتعجب لسماعه أصوات الشجار بالخارج ، فقال العجوز :

-سمعت بودنك ، عرفت أنا طلبت منك تكدب ليه ، لأنهم شوية ويأكلوا بعض ، والعيلة تتشتت في الأخر .

هز الطبيب رأسه بالإيجاب متفهماً لما سمعه من الجانبين .

فى تلك الأثناء :

اقترب إبراهيم وقبل أن يصرخ هو الأخر ، خرج الطبيب مسرعاً من غرفة الجد وقال بصوت عال :

-مش معقول يا مدام زهرة اللي بسمعه دا ، زعيق وخناق ، حالة السيد حافظ بتسوء كل يوم عن اليوم اللي قبله ، واللي بيحصل دا أكيد هيعجل بالأسوء لا سمح الله .

صاح إبراهيم وهو ينظر لإيمان :

-عاجبك كدة !! أنتي السبب في اللي بيحصل دا كله .

تعجبت إيمان وقالت وهي تحاول أن تتماسك برباطة جأشها :

-وبعدين بقى في رمي الجتت وجر الشكل دااا ، ابعد عني يابن الحلال أحسنلك .
صاحت زهرة وهي تقول :

-قلت بس منك ليها .

جرت زهرة ناحية الطبيب وهي تقول :

أرجوك طمني يا دكتور ، بابا ماله .

أمسك الطبيب بنظارته وحاول تمثيل الدور باتقان ، فأخفض رأسه لأسفل وقال بصوت حزين :

-للأسف مع تطور الحالة بهذا الشكل ، هتكون فكرة وجوده بالمستشفى قائمة بنسبة كبيرة نظراً لتدهور حالة المريض .

اقتربت إيمان من الطبيب وقالت :

-يا عم الداكتور ماترد على عمتي وتقولها جدي صابه إيه .

رفع الطبيب رأسه مستعجباً مما سمعه وقال :

-يابنتي ما أنا قلت كل حاجة .

أسرعت إيمان بقولها غير عابئة بزفرات الضيق من حولها :

-شرحت إيه بس يادكترة ، إحنا ولا فهمنا أيتوها كلمة من اللى رصيتهم دلوقتي .

نظرت إيمان لعمتها وقالت متسائلة بجدية :

-أنتي فهمتي حاجة يا عمتي من اللعبكة اللي قالها عم الداكتور دا .

تأففت زهرة بضيق وقالت :

-اسكتي يا إيمان .

استطردت زهرة قولها وهي تنظر للطبيب :

-أنا ممكن أدخل اشوفه و أطمن عليه .

ردد الطبيب :

-هو طالب يشوف إبراهيم وعروسته .
صاحت إيمان وهي تضرب كفيها ببعض :

-يادي النيلة على عروسته واليوم اللي جت فيه عروسته ، كانت ساعة ما يعلم بيها غير ربنا لما خطيت برجلي عتبة البيت دا ، بص يادكترة أنا هدخل أسلم على الحج وامشي من هنا ، وربنا يتولانا جميعاً برحمته إن شاء الله .

نكزتها زهرة بكتفها وهي تقول غاضبة :

-بس يابنت !! اسكتي شوية ، اسمعي الكلام وادخلي لجدك أنتي و إبراهيم ، يالا .

اقترب إبراهيم من الطبيب بعد أن رمق إيمان بنظرات غاضبة نارية ، وقال :

-لو سمحت يا دكتور ، هي فهلا حالة جدي بتسوء ، أنا كنت معاه من قبل ماتيجي وكان بيتكلم معايا كويس .

تنحنح الطبيب وزاغ ببصره بعيداً عن أعين إبراهيم وقال :

-ادخل دلوقتي ، وبعدين هشرحلك الحالة بالتفصيل .

دلف كل من إبراهيم وإيمان للغرفة ، اقترب إبراهيم مسرعاً لفراش جده جاثياً فوق ركبتيه ، وهو يقول :

-مالك بس ياجدي ، دا حضرتك من نص ساعة بس كنت بتتكلم معايا كويس جداً .

أخذ الجد يسعل عدة مرات ثم قال بصوت خافت واهن :

-مقدرتش أستحمل يابني وأنا شايفك وسامعك عايز تخالف أخر طلب ليا في الدنيا ، دا أنت اللي هتمسك زمام العيلة بعد ماموت يابني .

أسرع إبراهيم قائلاً :

-أسف ياجدي ، أسف .. طلباتك أوامر وهنفذ كل اللي تطلبه .

نظر الجد بتعجب لإيمان الواقفة على الجانب الأخر من الفراش وقال :

-إيه يابنتي اللي في وشك دا .

مسحت إيمان وجهها بكفها وهي تقول بأريحية تامة :

-مفيش ، دا أنا كنت بصلح العربية تبعكم اللي في الجراج .

لم يعر الجد اهتمامه لما قالته واستطرد قوله بضعف ووهن :
-لسة عايزة تمشي زي ماسمعتك وأنتي بتزعقي برة ، و تسيبي جدك يموت وهو زعلان منك .

مطت إيمان شفتيها للأمام وقالت من بين أسنانها وهي تنظر شزراً لإبراهيم :

-بعد الشر عليك ياحج ، قصدي ياجدي ، حاضر الأمر لله ، شد حيلك أنت بس وكل اللي هتقوله هنفذه .

فرح الجد كثيراً وقال :

-أنا كدة فعلاً ارتاحت ، كلها ساعة بالظبط وييجي المحامي عشان الإجراءات زي مقولتلكوا ، نادي لعمتك زهرة يابنتي .

مشت إيمان وخطواتها تدب الارض من تحتها بقوة ، شد إبراهيم على كف جده ثم قبله وقال :

-أسف ياجدي لو كان كلامي زعلك ، متقلقش كل اللي أنت عايزه هيحصل .

اتسعت ابتسامة الجد فرحاً بنجاح خطته وأكثر سعادة بحب حفيده العارم له ، خرجت إيمان من الغرفة وهي تتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة ، وجدت الجميع يقترب منها مسرعين فأوقفتهم بيدها وهي تصيح :

-إييه!!! حاسبوا هتدوسوني ، اطمنوا اطمنوا ، الحج  بخير وطالب يشوفك ياعمتي .

أسرعت زهرة بالدخول لغرفة أبيها ، تاركة إيمان تصيح للواجمين أمامها :

-إيييه !! خلاص فضيناها ، كله على مكانه .

سمعت بأذنيها همهمات اعتراضية بلغة غريبة من زوجة عمها وابنتها ، ولكنها نظرت باستغراب للشاب الغريب الماثل أمامها والذي تراه لأول مرة ، كان الشاب واقفاً يتفحصها بدقة .

اقترب الشاب منها وبوجهه ترتسم ابتسامة عابثة وقال وهو يمد لها يده بالسلام :

-أهلا بيكي .

نظرت إيمان ليده الممدودة ثم رفعت عينيها لأعلى تنظر إليه ، تركته على وضعه واقتربت من دادة فاطمة الواقفة بجانبها وقالت متسائلة بجانب أذنها :

-ويبقى مين النحنوح دا ؟!!
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1