رواية عروستى ميكانيكي الفصل السابع7 بقلم سما نور الدين

 

رواية عروستى ميكانيكي الفصل السابع بقلم سما نور الدين


وضعت إيمان الهاتف بحجرها وقالت بصوت هادئ :

-بقولك إيه يا باشا ، أنا عايزة أفهم .

نظر إبراهيم إليها وقال :

-عايزة تفهمي إيه ؟

لوحت بيدها وهي تشير للبيت وتقول متسائلة :

-عايزة أفهم البيت دا والناس اللي عايشة فيه ، عايزة أفهم انتو ليه عايشين هنا بتركيا وسايبين مصر ، وحضرتك ياباشا فين أبوك وأمك ، وعمتي مالها ؟لوحدها ليه ؟ وعمي اللي اسمه سمير فين ؟

تنهد إبراهيم وقال بصوت هادئ :

-أولاً البيت دا يبقى بيتك والناس اللي عايشة فيه يبقوا أهلك .

ثانياً إحنا مش سايبين مصر وعايشين هنا ، إحنا اقامتنا دايما في مصر وبنيجي هنا تلات شهور كل سنة بس نظراً لان في جزء من شغلنا هنا بتركيا ، أنا وعمي اللي بنفضل طول السنة مابين مصر وتركيا عشان الشغل ، دا غير إن لينا أقارب هنا بتركيا زي أهل مرات عمك أصلي هانم و وأصدقاء حميمين لجدك ، كل الموضوع إن لما جدك تعب ، إقامتنا طالت شوية .

ثالثاً ياستي عمتك أرملة من زمان ومرضيتش تتجوز تاني لأنها كانت بتعشق جوزها ، أنا بقى والدي ووالدتي ماتوا بحادثة وأنا كنت ساعتها طفل ماكملش الخمس سنين ، وعمتك زهرة هي اللي ربتني ، أما بخصوص عمك سمير فهو مسافر ألمانيا في شغل ، بس ياستي دي حكاية البيت والناس اللي فيه .

اعتدلت أكثر بجلستها وقالت بصوت يشوبه بعض الحزن :

-معلش يعني لو كنت قلبت عليك المواجع بخصوص أبوك وأمك الله يرحمهم ، ومعلش تاني إذا كنت هسألك ، طالما البيت وناسه زي الفل أهو ، ليه بقى جدنا رأسه وألف ج .. .

أطبقت كلتا شفتيها عندما اتسعت عيناه لها غضباً قبل أن تنطق بكلمتها الأخيرة ، فتلكأت وهي تقول :

-قصدي أقول ، ليه جدي رأسه وألف سيف يجوزنا لبعض .

عاود إبراهيم استناد ظهره فوق ظهر الأرجوحة وهو يقول :

-أكيد عنده أسبابه اللي هنعرفها منه قريب ، المهم دلوقتي إننا نسمع كلامه ومنزعلهوش لغاية مايخف ويقوم بالسلامة .

مالت إيمان بشفتيها جانباً وهي تقول باستسلام :

-طيب ، أصل أنا كنت فاكرة إني هاجي هنا يومين تلاتة نتعرف على بعضينا وأرجع تاني لبيتي وشغلي ، لكن شكل الحكاية هتطول ، وكدة مش هينفع بصراحة .

ذم إبراهيم شفتيه بدوره وهو يقول :

-ليه مش هينفع ؟! سعادة الهانم وراها إيه هناك ؟!!

لوحت إيمان بيدها أمام وجه إبراهيم وهي تقول :

-وحياة رحمة والديك ماتتريقش عليا ، أنا ورايا عيلة مسئولين مني ومتعلقين برقبتي ، مينفعش أغيب عنهم كتير ، فعشان يكون عندك علم أنا اخري بالبلد دي هما عشر أيام بالكتير .

قطب إبراهيم جبينه وقال وهو ينظر لها متسائلاً :

-برقبتك عيلة ، اللي أعرفه ان عمي ومراته الله يرحمهم ، وأنتي مالكيش أخوات ، يبقى عيلة مين ؟!

أجابته بقولها :

-الواد محمود بلاطة يا باشا ، الصبي بتاعي وأخته لوزة وأمه الست تهاني ، جيراني الباب في الباب ، مسئولين مني بعد ما مات عم عبدالله وسابهم على الحميد المجيد .

هز ابراهيم رأسه وهو يقول مستغرباً :

-بردو مش فاهم ، إزاي جيرانك وبردو مسئولين منك ؟!

أشارت له بيدها وهي تقول :

-يا باشا افهم ، عم عبدالله كان راجل أرزقي على باب الله ، قوته كان يوم بيوم ، ولما مات الله يرحمه مكانش ينفع أسيبهم كدة يتلطموا ، أخدت الواد بلاطة يشتغل عندي صبي ميكانيكي ، أهو يتعلم صنعة تنفعه لما يكبر ، وكمان منها أساعدهم من غير مايكون فيها إحراج .

ضاقت عيناه وهو ينظر لها نظرات حيرة وكان أمامه علامة استفهام كبيرة لا يعرف كيف يجيب عن ماقبلها ، انتبه لشروده عندما لاحت بكفها أمامه وهي تقول متسائلة :

-إيه يا باشا روحت فين ؟ اللي واخد عقلك .

أجابها بقوله :

-لو تحبي أنا ممكن أبعتلهم فلوس مع موظف عندي .

رفعت إيمان حاجبيها مسرعة ورمشت بعينيها عدة مرات ، تحاول أن تستعب ماقاله ، فأسرعت بقولها :

-لا يا باشا مينفعش ، الست تهاني مش هتقبل بحاجة زي كدة ، إحنا عندنا عزة نفس ومانقبلش صدقة من حد .

قطب جبينه وهو يقول :

-أنتي ليه بتجمعي نفسك معاهم ؟

رفعت إيمان رأسها لأعلى وهي تقول بثقة :

-عشان الناس دول أهلي ، الست تهاني في مقام أمي الله يرحمها ، ولوزة وبلاطة أكتر من أخواتي .

هز ابراهيم رأسه وهو يقول :

-على العموم ، مظنش إننا هنقعد هنا أكتر من عشر أيام ، ولما نرجع يبقى ساعتها لينا كلام تاني بخصوص الموضوع ده .

اعتدلت إيمان بجلستها وهي تستند بظهرها فوق ظهر الأرجوحة ونظرت لمياه الحوض الواسع وقالت :

-ولا تاني ولا تالت ، الكلام في الموضوع دا يخصني أنا ومايخصش حد تاني .

ذم إبراهيم شفتيه وقبل أن يهدر بها بقوله ، تفاجئ عندما سمع صوتها الساخر وهي تقول :

-ويا ترى بقى لما حضرتك خرجت ، روحت على طول لشين شين هانم ، تطيب خاطرها وتستسمحها إنها تصبر عليك شوية لغاية ما نفض موضوع الجواز دا .

-قال إبراهيم من بين أسنانه بغيظ :

-أولاً اسمها التشين ، ثانياً مش أنا اللي استسمح حد ، ثالثاً مالكيش دعوة بالموضوع دا نهائي .

هبت إيمان واقفة وهي تقول بصوت قوي :

- خلاص يا عم الواثق ، ملناش دعوة بالكونتسة شين شين هانم .

هدر بها بقوة قائلاً :

-اسمها التشين !!

أشارت إيمان لفمها وهي تقول :

-طب بذمتك دا اسم ، شين شين أسهل ، وكمان أنا لو نطقت باسمها الحقيقي بحس إن لساني هيلزق في سقف حلقي ومش هيرجع تاني .

أشار إبراهيم متعجبا لأذنه وهو يقترب بوجهه منها :

-لسانك هيحصله إيه !!!

أجابته مسرعة :

-هيلزق في سقف حلقي ، إيه كلامي غريب ، إيه معندكش سقف حلق زي كل الناس ما عندها سقوف حلقان ؟!!!

وقف إبراهيم بقبالتها وقال بيأس وهو يسد كلتا أذنيه بكفيه :

-أرجوكى اسكتي ، سقوف إيه وحلقان إيه بس !!

تخصرت إيمان وهي تقول بكل ثقة :

-سقوف حلقان ، الجمع الدكر عبد السلام لسقف حلق ، إيه ياباشا مخدتهوش في العربي زمان.

رفع إبراهيم رأسه للسماء وهو يقول مستغيثاً :

-يا رب ارحمني .

نزل برأسه واستطرد قوله وهو ينظر لها :

-أتوسل إليكي تسكتي ، العربي بريئ منك بعد اللي عملتيه فيه ، أنتي دمرتي اللغة ، قضيتي عليها تماماً ، المفروض عليا إني اكتب اعتذار رسمي بالجريدة الرسمية للمجمع اللغوي .

رفعت إيمان حاجباً واخفضت الأخر ومطت شفتيها للأمام تعبيراً منها على عدم فهمها ولكي تخفي هذا الشعور ، قالت بغضب وهي تضع بهاتفها الجديد داخل الحقيبة الورقية استعداداً للذهاب من أمامه :

-تصدق بالله ، أنا غلطانة إني قعدت أدردش معاك ، بلا جمعية ، بلا رسمي نظمي فهمي  ، تصبح على خير .

ثخطته مسرعة بخطوات قوية ، تتمتم بكلمات غير مفهومة..أخذ ينظر إليها ولغضبها الواضح بحركات جسدها العصبية ، لم يجد بديلاً غير رسم البسمة فوق شفتيه وهو يهز رأسه استسلاماً ويأساً .

دلفت إيمان لغرفتها بعد أن اغلقت بابه بقوة وهي تتحدث مع نفسها بصوت غاضب ومسموع :

-تستاهلي يا إيمان ، إيه اللي خلاكي تأخدي وتدي معاه في الكلام ، أهو اتريق عليكي ، مبسوطة دلوقتي ، ياريت تتخمدي بقى عشان بكرة المعمعة كلها .

رمت بالحقيبة الورقية ثم بنفسها فوق الفراش ، ولكنها هبت لتقف تنظر أمامها وهي تشير لنفسها قائلة :

-يالهوي أنا فرحي بكرة !! إيمان أنتي هتتجوزي بكرة ، يا ترى إيه اللي هيحصل بكرة بعد كتب الكتاب ؟!!

ضربت جبهتها بقوة وهي تقول بصوت غاضب :

-المفروض كنت استنيت معاه أكلمه في إيه اللي هيحصل بعد كتب الكتاب ، والله العظيم لو استهبل معايا لأشلوحه ، بس أصلاً هو مش طايقني ، صحيح معرفش ليه ؟ بس وإيه يعني ، هو أنا يعني اللي طايقاه ، بس دا طلع راجل طيب وجابلي موبايل ، ومش أي موبايل ، دا أبو تفاحة !!

استدارت لتمسك بهاتفها الجديد وقالت :

-آااه صحيح التليفون الجديد ، أما اتصل بالبت لوزة أحكيلها ، بس الساعة كام دلوقتي ؟؟ زمانها في سابع نومة ، ومدفع رمضان بذات نفسه لو ضرب جمب ودنها بردو مش هتصحى ، أوووف بقى ، انا هنام وبكرة يحلها الحلال .

استبدلت ملابسها بملابس النوم ، رمت بنفسها مرة أخرى فوق الفراش ، ثم تدثرت بالغطاء جيداً ، أغمضت عينيها لتتلو بهمس بعض الآيات القرأنية الصغيرة حتى ذهبت بسبات تام .

مرت ساعات الليل بهدوء حتى طلعت الشمس تفترش أشعتها الأرض بكل أرجائها الواسعة .

استيقظت إيمان كما اعتادت بنفس الوقت من الصباح ، اعتدلت بجلستها فوق الفراش وهي تتجبد بجسدها ، وبعد برهة من الوقت وخروجها من غرفتها لم تجد احداً من سكان البيت فأتجهت تبحث بنفسها عن المطبخ والذي ما إن دلفت إليه وجدت بضعة أشخاص يلتفون حول مائدة صغيرة لتناول الإفطار ، فرفعت إيمان يدها بالتحية وهي تقول بصوت عال :

-يا صباح الخير بالتركي .

انتفض الجميع وحاولوا النهوض من فوق كراسيهم ، فصاحت إيمان وأشارت إليهم بكلتا يديها وهي تصيح :

-والله ما حد منكم يقوم ، كملوا أكل يا جماعة ، لا سلام على طعام زي مابيقولوا .

جلس الجميع بتردد بعد الإشارة لهم بمعاودة الجلوس مرة أخرى ، ماعدا دادة فاطمه التي وقفت واتجهت الى إيمان بوجه باسم وهي تقول :

-صباح الخير يابنتي ، حبيبتي لو عايزة أي حاجة اتفضلي في الصالة وأنا هجيبها لغاية عندك .

ابتسمت إيمان بدورها وهي تقول :

-صباح النور يا حجة فاطمة ، والله يعني لو عزمتي عليا أفطر معاكو ، أنا مش هكسفك ، أصل جعانة بصراحة .

تلكئت دادة فاطمة بكلماتها وهي تنتفل بعينيها بين إيمان والمائدة ومن حولها فقالت :

-طبعاً طبعاً اتفضلي حبيبتي ، بس إحنا بنفطر الأول وبعدها على طول بنحضر الفطار لحضراتكم ، فا إيه رأيك تستني شوية صغيرة وتفطري معاهم .

تخطتها إيمان متجهة للمائدة وجلست وسط الجالسين حولها وهي تقول :

-أنا ماليش دعوة بحضراتهم ، أنا عزمت نفسي خلاص وهأفطر معاكو ، بحثت بعينيها عن الخبز فلم تجده ، فقالت لدادة فاطمة التي جلست بجانبها :

-أومال العيش فين ؟ والفول كمان مختفي يعني مش شايفاه !!

نظرت إيمان لمن حولها بعد ماتوقفوا عن تناول الطعام وقالت متسائلة :

-إيه يا جماعة بطلتوا أكل ليه ؟ يالا بسم الله .

مدت لها فاطمة بالخبز التركي وهي تقول :
-مفيش هنا العيش المصري ، ومعلش بردو مفيش فول .

غمست إيمان قطعة خبز صغيرة بطبق البيض المقلي بالنقانق وقالت وهي ترميها داخل فمها :

-ولا يهمك يا ست فاطمة ، بصراحة منظر المطبخ الفخامة دا ، والاكل و الناس الحلوة دي يفتح النفس ، ولا إيه ياحلوين ، ياختي ماشاء الله مزز جوة المطبخ ، ومزز برة المطبخ ، صحيح بلد المزز .

كانت الفتيات والطباخ ينظرون لبعضهم ويكتمون ضحكاتهم بشق الأنفس ، ومع أنهم لا يفهمون لغة إيمان ولكنهم تعجبوا وأعجبوا بها بنفس الوقت لبساطتها ووجهها البشوشة، عاود الجميع بتناول الطعام بأريحية وهم يستمعون لتلك الثرثارة التي لا تكف عن الكلام أو تناول الطعام ، وضعت دادة فاطمة كوب صغير من الشاي أمام ايمان ، فنظرت لها إيمان بتعجب وقالت وهي تمضع لقمتها :

-أيه بقى دا ياست فاطمة ، أنا عايزة كوباااية شاي ، مش بوق شاي !!

ضحكت فاطمة وهي تقول :

-هنا بيشربوا الشاي كدة ، لما تخلصيها هأصبلك تاني ، كملي أكلك يالا .

دلف للمطبخ السائق إمام وهو يحمل بيده كيس بلاستيكي بداخله بضعة من المخبوزات الساخنة ، فقال وهو يبحث بعينيه عن عائشته :

-صباح الخير دادة فاطمة .

التفتت إيمان للوراء برأسها ، رفعت يدها عالياً وهي تصيح بفم مملوء بالطعام :

-صباح النور ياسطى اؤمؤم ، تعال تعال حماتك بتحبك ، الفطار هنا أخر حلاوة ، هو ناقصه بس كام قرص طعمية على طبق فول بالزيت الحار وكان هيبقى حاجة ملوكي .

تسمر السائق مكانه واتسعت عيناه وفاهه معاً عندما رأي إيمان تشير وتصيح به ، استدارت إيمان لتكمل طعامها فلفت نظرها عائشة التي تخضبت وجنتيها باللون الأحمر ، تفرك كلتا كفيها ببعضهما وتنظر بطرف عينيها لإمام المتسمر بمكانه ، فإبتسمت إيمان وهي تقول بصوت خافت :

-الله الله ، دا في ناس بتتلخبط وتتكسف منك ياأؤمؤم .
انتفض الجميع ماعدا إيمان على صوت أصلي هانم وهي تصيح بلغتها التركية بصوت عال فور دخولها للمطبخ ورؤية إيمان تجلس بجانبهم .

وقف الجميع بعد أن توقفوا عن تناول الطعام وارتسمت علامات القلق بملامحهم ، وقبل أن ينطق أحدهم كلمة قالت إيمان بصوت واضح :

-اقعدوا كملوا أكلكوا وسيبكوا منها .

صاحت أصلي بغضب وهي تقول :

-بتقولي إيه يابتاعة أنتي !!

تنهدت إيمان وهي تقول لنفسها وبصوت مسموع :

-وبعدين بقى في الولية اللي شبه شكمان العربية دي .

مدت إيمان يدها لقطعة صغيرة من البصل الأخضر وأمسكت بها ، ثم وقفت واتجهت لأصلي تقف بقبالتها لا يفرق بينهما إلا إنشات صغيرة ، رمت إيمان بقطعة البصل داخل فاهها ، نظرت لها أصلي بإشمئزاز واضح ، فقالت إيمان وهي تفتح فمها تلوك بقطعة البصل :

-بقول صباح الخيرررر يا مرات عمي .

ملأ الرذاذ المحمل بعطر البصل الفواح وجه أصلي التي صرخت بكلمات تركية وخرجت مسرعة من المطبخ ، ضحكت إيمان بصوت عال ورجعت للمائدة لتمسك بكوب الشاي الصغير تجترعه كاملاً ، ثم قالت وهي تشير بيدها تحية للواقفين والذهول يفترش ملامحهم جميعاً :

-أحلى فطار والله يا جماعة ، يجعله عامر دايماً ، وأقول للحلوين سلام وربنا يسهل ونتقابل ع الغدا إن شاء الله .

وقبل أن تخرج من المطبخ انتقلت بعينيها بين عائشة وإمام السائق التي غمزت له قائلة :

-سلام يا نمس .

خرجت إيمان لتجد عمتها واقفة متخصرة تنظر لها بوجه جامد ، فأسرعت إليها إيمان وهي تقول :

-صباح الجمال لأحلى زهرة فيكي ياجمهورية مصر العالمية والتركية مع بعضيهم .
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1