رواية عروستى ميكانيكي الفصل التاسع9 بقلم سما نور الدين

 

رواية عروستى ميكانيكي الفصل التاسع بقلم سما نور الدين

ارتفع حاجبي إبراهيم وهز رأسه بيأس عندما سمع ماقالته ، فقال يقلد نبرة صوتها بصوت ساخر وتهكم واضح :

-ربنا يخليكي يا حجة إيمان .

همست إيمان لنفسها بعد ما ضحكت ضحكة خافتة :

-والله دمك خفيف يا باشا .

جلسا الاثنان فوق كرسيهما أمام الطاولة الكبيرة ، وحولهم الجميع حتى الجد كان جالساً فوق كرسيه المدولب ينظر لهما نظرات حب وأمل .

أما المدعون فكانوا يقفون حول طاولات صغيرة عالية متفرقة بأنحاء الحديقة التي زينت جذوع أشجارها بالقماش الأبيض الشفاف والذي يلتف حوله عناقيد من اللمبات الصغيرة جداً الملونة ، ونادلات يحملن صواني ، البعض منها مملوء بالكثير من المقبلات والأخر يحمل كؤوس العصير البارد .

كانت أصلى تهز أرجلها بعصبية واضحة ولا تحيد بعينيها عن البوابة ، تترقب وصول زوجها عله يمنع تلك الزيجة أو يتسبب بتخريب الحفل كما تتمنى ، ولكن خاب ظنها بتأخر موعد وصوله .

وبمرور نصف الساعة انتهت مراسم عقد الزواج ، بقول الشيخ الذي يتحدث باللغة العربية الفصحى والذي أصر الجد على إحضاره :

-بارك الله لكما وبارك عليكما .

استلم كل من إبراهيم وإيمان عقدي زواجهما الموثق بالسفارة المصرية بتركيا ، واقترب إبراهيم من إيمان ليمسك برأسها تمهيدا ليقبلها من جبهتها .

فشهقت إيمان وتراجعت للوراء خطوتين وقالت بذعر :

-يالهوي !! أنت عايز إيه ؟!!

ارتسم الغيظ بملامح وجه إبراهيم وامسك برأسها بكلتا كفيه وقال من بين أسنانه قبل أن يطبع قبلة خفيفة باهتة فوق جبهتها :

-اثبتي قدام الناس ، متخافيش هقولك مبروك .
التوت شفتي إيمان ورجعت برأسها للوراء وهي تقول :

-الله يباركلك ، هي مبروك دلوقتي بالبوس ، أخر مرة حضرتك .

توافد المدعوين من الجيران وبعض أصدقاء العائلة لتقديم واجب المباركة بعقد القران ، مالت إيمان ناحية عمتها التي كانت تقف بجانبها ، وقالت بنزق :

-إيه يا عمتى مفيش واحدة من المعازيم ترقع زغروطة تصهلل القعدة ، كل الستات والبنات دول اتخرسوا خالص كدة ، ولا مافيهمش لسان .

لكزتها عمتها بجانبها وهي تقول من بين أسنانها دون أن تنظر إليها ، فقط ابتسامة مصطنعة ترتسم فوق شفتيها أمام الحاضرين :

-اسكتي يا إيمان ، وابتسمي قدام الناس .

رسمت إيمان البسمة فوق وجهها فبدت كالبلهاء تماماً وهي تصافح الجميع دون أن تفهم كلمات مباركتهم ، وبعد برهة من الوقت تركت إيمان عمتها وجلست بجانب إبراهيم الذي كان يتحدث بأمر هام مع المحامي ، أمسكت بمرفقه لتهزه وتقول :
-باشا مش هنروح القاعة بقى ، أنا رجلي ورمت من الوقفة ومن الجزمة .

التفت إليها إبراهيم وقال متعجباً :

-قاعة إيه ؟!

هزت رأسها وهي تقول بثقة :

-قاعة الأفراح ، هو مش النهاردة فرح كتب الكتاب زي ما عمتي قالت .

تنهد إبراهيم وهو يقول :

-أومال اللي قدامك دا إيه ، هي دي حفلة كتب الكتاب .

ضمت إيمان شفتيها وقامت بتحريكهما يميناً وشمالاً ، وقالت :

-هو كدة عندكو يبقى اسمه فرح وهيصة ، أحيييه بالكركديه ، بلا خيييبة .

نظر إبراهيم حوله ليضمن عدم سماع أي أحد لكلماتها السوقية ، وقام بلكزها وهو يقول بصوت خافت :

-أنتي هتندبي !! اسكتي خالص ، وياريت متتكلميش لغاية الحفلة ماتخلص .

هبت إيمان لتقف ولوحت بيدها تشير حولها بعد ما فاض بها وقالت :

-ياخسارة الفستان والكوافير ، طب بس حياة رحمة والديك ياشيخ ، دا يتسمى فرح ، ناس منشية واقفة على رجليها ، والبنات رايحة جاية بصواني عليها فتافيت أكل ، يا عم روح كدة .

هب إبراهيم بدوره ليقف بقبالتها وهزها بقوة من مرفقها وهو يقول :

-هذبي ألفاظك بقولك ، أو اسكتي يكون أحسن .

نزعت مرفقها من قبضته وأسرعت بقولها :

-ماشي هنظبط الكلام ، بس الأول قولي ، طالما الفرح انضرب ، مش هنتفسح بالعربية طيب ونروح نتصور عند أي كوبري أو جمب النافورة .

رفع إبراهيم رأسه للسماء وهو يقول :

-اللهم الصبر ، امشي من وشي يا إيمان احسنلك واحسنلي .

هرولت إيمان ناحية عمتها التي كانت ترحب ببعض الأصدقاء ، فأمسكت بذراعها لتسحبها بعيداً عنهم وهي تقول :

-لموأخذة يا حضرات .

تنحنحت عمتها بحرج وهي تهز برأسها وتعتذر لهم بلغتها التركية ، وما إن ابتعدت بضعة خطوات لتقول بصوت خافت ولكنه قوي :

-بنت !! إيه اللي بتعمليه دا ؟!

وقفت إيمان أمام عمتها وقالت :

-أنا عايزة أعرف دلوقتي ، في فرح ولا مفيش في الليلة دي .

ضاقت عيني عمتها بعدم فهم ، لتستطرد إيمان قولها :

-بصي يا عمتي ، الفرح عندنا لو في الشارع ، بيبقى صوان كبير وزينه وتعاليق وكهارب ومسرح عليه كوشة ، وسماعات الدي جي منتشرة بالمكان ، وأغاني المهرجانات توصل لأخر الشارع وددربكة للفجر ، يا إما يا عمتي الفرح بقاعة ونقضيها رقص وأغاني ، فقوليلي في حاجة من دول ولا مفيش وأطلع أوضتى وأقلع أم الجزمة ، ومتقوليليش زي ماقال الباشا إن اللي بيحصل حوالينا دا واللي شبه عيد الربيع يبقى هو الفرح .

وقبل أن تنطق عمتها جاء إبراهيم خلفها وهو يقول بصوت غاضب :

-خدي العروسة يا عمتي واطلعي بيها لأوضتها .
التفتت زهرة لإبراهيم الذي مشت به بعيداً عن إيمان لتهدئته ، وقف مراد بجانب إيمان التي تخصرت وهي تنظر لإبراهيم وعمتها بتحفز ، فقال مراد :

-تسمحلي العروسة بالرقصة دي .

التفتت إيمان له تنظر له من أعلى لأسفل وقالت :

-عايز إيه ياخويا .

ضحك مراد وهو يقول :

-بقولك تعالي نرقص سوا .

نظرت إيمان حولها لتجد البعض يرقص رقصة الفالس على أنغام ناعمة ، وقالت :

-أنت عايزني أنا أرقص معاك أنت !! رقصة النحنحة دي، يالا يالا طريقك أخضر ، امشي قبل ما تطلع عليك .

تسائل مراد مستغرباً :

-هي إيه اللي هتطلع !!

اقتربت منه إيمان بتحفز تشير ناحية رأسها وهي تلف أصابع يدها :

-الجنونة يا حيلتها .

رجع مراد خطوة واحدة ، فاستطردت إيمان قولها بقوة وهي تشير لنرمين بيد ، ويدها الثانية ضربت بها كتف مراد :

-تعال هنا قولي ، هو أنتو عيلة إيزمي ميزي خالص كدة ، مش المحروسة اللي بترقص هناك دي ولابسة فستان مفتح من كل حتة تبقى أختك بردو ، ولا أنا غلطانة .

هز مراد رأسه وهو يقول :

-بردو مش فاهم .

تحركت إيمان بكلتا كفيها وهي تقول بحسرة :

-ولا عمرك هتفهم .

صدح صوت بوق سيارة أمام البوابة الحديدية للفيلا ، تركت أصلي هانم من كانت تتحدث معهم وهرعت بخطواتها الواسعة ناحية البوابة لإستقبال زوجها .
انتبهت إيمان لصوت مراد وهو يقول :

-إيه دا بابا جيه !! مع إنه المفروض يوصل بعد تلات أيام .

ترك مراد إيمان وذهب لإستقبال والده ، قالت إيمان لنفسها :

-ودا ماله كدة داخل بزعابيه !!
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1