رواية دره القاضى الفصل الثانى عشر12 بقلم سارة حسن


 

رواية دره القاضى الفصل الثانى عشر بقلم سارة حسن


توقف و تخشب بجسده بأكمله، و ازدادت ضربات قلبه اثر اعترافها المفاجئ له، 
توقفت الدنيا من حوله، وعيناه تعكس حيرته، ومضات من ماضي تأتي و تختفي من علقه تنبهه تاره و تشجعه تاره اخري علي ان ينهل من سعادة الدنيا التي حُرمها علي نفسه و المتمثلة بتلك الواقفه من خلفه! 
استدار اليها حسن ببطئ  وعينين مليئه بالمشاعر المختلفه تراها بوضوح، اقتربت هي بخطواتها اتجاه و وقفت مكانها أمامه بدموعها العالقه باهدابها و شعرها الذي تطاير و حجب عنه وجهها ، رفع يده ببطئ  و اشاح شعرها عن وجهها بلطف حتي ازاحه وتطلع لعينيها الدافئه التي تنظر اليه ، غابوا عن الواقع وعم من حولهم في لحظات فريدة عليهم  والاولي بينهم.
عينه الرماديه  تراها  لاول مره بمثل هذا الحنان، او ربما الإستسلام و لكنها هادئه و مستكينه،متأملا عينيها التي تشبه غروب الشمس في دفئها ولونها، تنظر اليه برقه وحنان، تعطيه الامل و الحياه ...
قالت دره بمشاعر صادقه ونبره خافته :
-برغم كل اللي فات، و ماضيك اللي انا عارفه جزء كبير منه ، واللي لسه ماعرفوش وواقف مابيني وبينك، لكني ماليش حيله مع قلبي 
رفع كفيه و احاط رأسها بين يديه ثم اغمض عينيه، تأوه  حسن بتعب و همس بأسمها بخفوت :
-دره
تمسحت بوجهها بيده كقطه وديعه بين أحضان صاحبها ، ابتسم لفعلتها و اغمض عينيه مستمتعآ بقربها و كأنه ملك الدنيا و مافيها شعور لا يوصف من روعته و هي قريبه منه هكذا ... 
تمسكت بكلتا يديه بيديها ، فقال بحنان تراه لاول مره منه بصوت هادئ و رقيق :
-عندي ليكي كلام كتير اوي  و حكايات بقالها سنين طويله لازم تعرفيها.. بس الاول لازم اروحك انتي تعبتي و والدتك و اختك قلقانين عليكي
ضيقت حاجبيها و تسائلت بعينيها وفهم ما تعنيه و اجابها فورآ ، بعد ما اتسعت ابتسامته و هتف برقه واشار لقلبه  بيديها :
-مادام دخلتي هنا يبقي مافيش خروج منه يادكتوره 
................... 
دلف لشقته بتعب و قد وصل منه الارهاق مبلغه، بعد ما اطمئن عليها انها بأمان وسط عائلتها ، اراد الاختلاء بنفسه ، يحتاج لهذا وقد قضى سنوات بمفرده وحيدا في هذا المكان. 
جلس علي اقرب كرسي و رجع برأسه للخلف و عينيه علي الفراغ ، شريط من الذكريات مر امام عينيه دون هواده و كأنه يحتاج لتلك الذكريات الليله بالتحديد. 
فتره شبابه و تهوره وضياعه و صحبته السيئهالسيئه، شله اصدقاء فاشلين اقتربوا منه لماله واسم عائلته، دخل و سطهم منبهرآ بأناس مختلفون عن منطقته و عالم آخر غريب و جديد انجذب اليه وانجذب لكل ما به حتي السيئون منهم ،و وتعرف عليها (هيام) مثال للانوثه المتفجره بملابسها التي تظهر مفاتنها ببذخ وفرط دلالها ،وهمته بعشقها له و مشاعر و هميه اتجاه  و صدقها و قد كان عشقها  بالفعل ، كانت احتيجاتها كلها مجابه لم يبخل عليها بشي لا مشاعره و لا ماله و لا وقته و كانت هي مستقبله بشراهه دون ذرة كرم منها ... و عندما قرر الزواج منها و أخبر والده بقراره وقف و الده امامه بشده رافضآ رفض قاطعآ دخولها بينها كان يعلم ان ابنه يسير كالمغيب وسط كل هولاء الشياطين وهي بالذات كان يعرف معدنها و اصلها الجشع  و قتها تشاجر معه ،و وقف له و بالمقابل و تمسك  بها حسن....ربما كان تمرد او هروب من واقع والدته التي تركته و انفصلت عن والده لتعود لحب حياتها بعدما فشلت في تقبل والده ...توفت بعدها بعامين، عمره وقتها كان عشر سنوات كان يري حب والده لها و معاملته الطيبه لها  رغم غدرها بعشقه ...و لكنها تركت كل شئ حتي ابنها لاجل حبيبها القديم... تمسك هو بهيام لاعتقاده ان تمسكها به حب ليس طمع كما قال والده ....و تزوجها رغم انف والده و لكن معدنها الحقيقي ظهر عندما وقف و الده له بالمرصاد و منع منه الاموال و عمله في املاكه و داهمه المرض حسره علي ضياع ولده الوحيد ...
و في يوم و والده يلفظ انفاسه الاخيره طلب رؤيته و لكن حسن رفض  وتعلل ان والده فقط  يضغط عليه  لعودته ولم يلبي رغبته الأخير برؤيته.... 
عاد لمنزل الزوجيه و سمع حديث زوجته مع احد اصدقاء شلته  في الهاتف يدعي طارق ...طارق الذي حدثت بينهما عدة مشاحنات كانت تصل لحد المشاجره . 
استمع هيام  تقول بصوتا يعرفه يقطر دلال واغواء :
-كل اللي انت عايزه ابعتهولك ياحبيبي ،لا لا حسن ده ايه ابوه خنقها عليه خالص و شويه و هايبقي ماحلتوش حاجه انا عايزه واحد يغرقني فلوس مش جو نبني طوبه ذهب و طوبه فضه
و ضحكت كالماجنات  مكمله حديثها بقذاره :
-هاجيلك انت اصلا و احشني موت  وكده كده هاطلب الطلاق من حسن اتخنقت منه ده بلدي اوي 
شعر بغليان دماؤه،حتي رأسه شعر انه سقط عليه قدح ماء شديد الغليان، 
دلف و غضب العالم في عينه  و قد برزت عروق رقبته بشده، هجم عليها و جذبها من شعرها و سط صراخها المفاجئ بوجوده ،  ضربها عده صفعات مستمره بوجهها بقوه صارخآ بها بغضب وجنون:
-بتخونيني يابت ال،## ده انا وقفت في وش ابويا عشانك يا##ده انا هاموتك 
تعالت صراخها و سط ضرباته الموجعه لها  بشده في كل جسدها.. كان كالاسد الهائج الغاضب و الكاره لكل ما حوله من خيانه و كذب.
و بعد وقت  القي بها بعيدا عنه كالوباء وبنظره مشمئزة  هتف :
-انتي طالق طالق طالق
و عاد لوالده بندم و حسره و خذلان، دخل لمنطقته بعد غياب و اتجه  لمنزل والده وجد عائلته جميعهم متواجدين هناك....
تصنم مكانه و انقبض قلبه وشل لسانه خوفآ من سؤال تكون اجابته كسرته الحقيقه .. 
اقترب منه سيف بحزن مشددا مربتا علي كتفه :
-شد حيلك ياحسن البقاء لله 
شحب و جهه وضاقت انفاسها بأختناق حتي دارت الدنيا من حوله ، ترنح في وقفته فاتمسك به ابن عمه، 
و همس بصوت مرتجف:
-عايز اشوفه 
اوما له سيف وتركه يودع والده للمره الأخيرة... 
اقترب  حسن من جثمان والده ودموعه تتساقط كالزخات علي وجنتيه، سقط بركبتيه علي الارض غير قادرآ علي الصمود قائلا :
-ابويا أبويا سامحني جيت متاخر انا عارف ...طب كنت استني شويه كنت هاجيلك ابوس ايدك ورجلك عشان تسامحني  ...كنت جايلك طالب منك السماح  و انا هابقي تحت رجيلك... روحت و انت غضبان عليا طب انا هاعمل ايه لوحدي ،ابويا رد عليا يابا
و اجهش بالبكاء و هو يحتضن والده نادما معتذرا:
-اسف سامحني سامحني 
اقترب منه سيف متأثرآ  وقال:
-كان نفسه يشوفك لحد اخر لحظه بيوصيني اقولك ارجع عن الطريق اللي انت فيه ارجع حسن الي نعرفه ارجع لمنطقتك و كمل اللي أبوك كان بيعمله 
نظر له حسن بحسره و ندم قائلا بشهقات متقطعه :
-هارجع و اعمل لابويا اللي كان عايزه بس يارب يسامحني ياسيف يارب يسامحني 
..... 
فتح عيونه الحمراء  فجاءه و دمعه عالقه بجفنيه و كأنه عاد من مشاهد حيه ليست ذكريات في عقله تؤلمه كل ما يتذكرها، 
استقام واقفآ بخطوات بطيئه مقتربآ من صورة والده قائلا بصوت مغلف بالحنين:
-يارب تكون سامحتني يابا و مرتاح دلوقتي 
قاطعه صوت هاتفه، اخذ نفسا عميقآ واخرجه من جيبه :
-ايوه ياسيف
تسائل سيف بتوجس من صوت حسن  المتغير :
-صوتك ماله يا حسن
اجابه حسن و هو يمسح علي وجهه بارهاق:
-ماليش ياسيف انا كويس
قال سيف متسائلا:
-طيب انت و صلت دره صح 
اغمض حسن عينيه لذكر اسمها قائلا:
-ايوه وصلتها 
-طيب تمام هاسيبك تنام يالا سلام
اغلق هاتفه ووضعه علي الفراش، و
تمدد بجواره دون حتي ان يبدل ملابسه .
،يتذكر حديثها و رقتها و عينيها الدامعه، ابتسم بحب لجمالها و اعترافها الذي قلب كيانه و حرك أشياء في داخله ظن انها ماتت منذ زمن، اغمض عينيه و في عقله صورتها حتي غلبه سلطان النوم و راح في سبات عميق بعد يوم طويل به أحداث كثيره وبدايه التغيرات القادمه. 
يتبع
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1