رواية الكاتبة والفتوة الفصل الواحد والثلاثون 31بقلم الهام عبد الرحمن


 

رواية الكاتبة والفتوة الفصل الواحد الثلاثون بقلم الهام عبد الرحمن

🌹الفصل 31🌹

صلوا على رسول الله ♥

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

بعد عدة أيام كانت هدى تجلس على مكتبها الصغير داخل حجرتها أمامها بعد الأوراق الفارغة فتسحب إحداها وتخط عليها بعض الكلمات، ثم تنظر لها بغير رضا فتمزقها وتلقيها بسلة المهملات وتعاود الكرة مرة أخرى وبعد عدة محاولات أنهت كتابة كلماتها فوق تلك الورقة، ثم نظرت لها وقرأتها فارتسمت ابتسامة رضا على شفتيها ثم أخذت تلك الورقة وخرجت مسرعة، وهي تشعر بفرحة عارمة إلى الشرفة حيث تجلس والدتها ووالدها. 

هدى بفرحة:« ماما... يا ماما يا أحلى ماما عندي ليكى مفاجأة حلوة.»

فاطمه بتهكم:« ياما جاب الغراب لأمه مفاجأة إيه يا ست هدى؟!»

هدى:« إيه يا مامتي هو انتى على طول قارشة ملحتي كدا دا انتى بتعامليني ولا كأني ضرتك يا ولية أنا بنتك دلعيني شوية ما تقولها يا حمادة وفهمها إن أنا بنتها.» 

فاطمة:«ولولوا عليكي بدري يا بعيدة عاوزاني أدلعك ليه يا أختي كنتى بتعمليلي إيه عشان أدلعك دا انتى مطلعة عيني من ساعة ما بترجعي من الشغل وانتى قاعدالي على المخروب اللي معاكي دا وما بتخرجيش من أوضتك عشان تقعدي حتى معانا شوية يا بت دا لو حرامي دخل بيتنا مش هتحسى بيه.» 

حمادة بضحك:«إيه يا بطة ما تسيبيها تتدلع براحتها بكرا تتجوز وتشيل المسؤولية وساعتها هتعرف قيمتك يا بطاطا.»

هدى بطريقة مسرحية:«والله يا خوفي أكون مش بنتكم وتكونوا جايبيني من الملجأ عشان كدا بتعامليني بالقسوة دي يا بطة.»

فاطمة:« لا وانتى الصادقة لاقيينك جنب باب الجامع قولي يا بت واخلصي كنتى جاية مسروعة عاوزة تقولي إيه؟!» 

هدى وهي تجلس على أقرب مقعد:«بصي يا ستي أنا بقالي كام يوم بحاول أتعلم الكتابة وبدأت أبحث على النت وأتفرج على فيديوهات كتير غير طبعاً إني اتعلمت حاجات من الكُتَّاب اللي بقرألهم بس أنا حابة يكون ليا اسلوبي الخاص مش عاوزة أقلد اسلوب حد منهم.»

فاطمة بضحك:« ودا هتعمليه ازاي إن شاء الله دا أنا يا بنتي بشفق على الطلبة اللي بتدرسلهم أموت وأعرف بتشرحيلهم ازاي وانتى أصلاً كنتى بتطلعي عيني في المذاكرة.»

هدى:« يا ماما يا حبيبتي الدراسة حاجة وإني أبقى مدرسة حاجة تانية اللي إحنا بندرسه للطلبة مالوش علاقة باللي درسناه في الجامعة وبعدين أنا بطور نفسي طول الوقت وبتابع كل حاجة جديدة بتنزل دا أنا حتى ببدع في أفكار توصلهم المعلومة بطريقة سهلة لدرجة إن أولياء أمور بيتحايلوا عليا أدى لولادهم دروس لكن انتى عارفة إن حمادة باشا رافض المبدأ ده، قالت جملتها وهي تنظر لوالدها.» 

حمادة:« انتى عارفة يا هدى أنا إن كان عليا مش عاوزك تشتغلي أصلاً لكن بردو مش عاوزك بعد الدراسة دي كلها تقعدي في البيت وتفكيرك يبقى محسور في شغل البيت بس أنا عاوزك تبقي إنسانة متفتحة وعقلك كبير ودا مش هيحصل إلا لو تواصلتى مع الناس واتبادلتم الأفكار لكن حكاية الدروس دي أنا برفضها لأن مينفعش بنوتة زيك تمشي تلف على البيوت وبصراحة أنا ما أضمنش مين يكون موجود في البيت اللي تدخليه ولا أخلاقهم إيه وممكن يكون في شباب حد يعاكسك ولا يضايقك يبقى من البداية نتجنب المواقف دي كلها ها بقى كملي كلامك على موضوع الكتابة وفهميني ازاي هتعرفي تكتبي وإيه أصلاً اللي خلى الفكرة دي جت في دماغك.» 

هدى:« أنا بصراحة بدأت ورشة كتابة عشان أتعلم بجد لأني واخدة الموضوع دا بجد مش تسلية وحابة فعلاً أدخل للمجال دا وكمان الفيديوهات اللي بتفرج عليها ساعدتني كتير وقدرت في كام يوم أكتب أول خاطرة ليا.»

فاطمة :« بت يا هدى انتى بتتكلمي بجد أوعي تكوني نقلاها من على النت.؟» 

هدى بضحك:« يخربيت ثقتك الزايدة فيا دي يا ماما هههههه بقولك يا حبيبتي بقالي كام يوم بشتغل على نفسي وبعدين دا يا دوبك وصف مشاعر مش حاجة يعني.»

فاطمة باهتمام:« طيب سمعينا كدا يا حبيبتي أما نشوف.»

هدى بابتسامة:« اسمعي يا ست الكل بس عايزة رأيكم بصراحة وبدون مجاملة.»

حمادة:«لا اطمني طالما ناوية تتعمقي في المجال دا فمفيش مجال للمجاملة عشان ما تبقيش عرضة للسخرية من حد.»

هدى بثقة وقد بدأت إلقاء خاطرتها:

« عيناك بها سحر يضيء قلبي فيجعلني أعشقك فوق العشق عشقا أشعر بهمساتك بين حنايا أذني ولمساتك لى فأذوب بين يديك هياما ضمني إليك حبيبي وأدخلني بين ثنايا قلبك فقلبي مشتاق للشعور بلوعة الفؤاد يا من امتلك القلب جعلتني أكاد أجن من كثرة شوقي إليك.»

فاطمة بانبهار:«الله يا بت يا هدهد إيه الكلام الجميل دا !»

هدى بفرحة:« بجد يا ماما يعني عجبتك، اسلوبي حلو في الكلام؟!» 

فاطمة بتنهيدة:«يا خرابي على كم المشاعر اللي فيها دي هزت قلبي من جوة.»

حمادة:« برافو بجد يا هدهد بصراحة قمة في الروعة لا بجد شابوه لما في كم يوم تقدري توصفي مشاعر حلوة بالشكل دا بس أول ما تبدأي تكتبي تكتبي رومانسي هههههه أوعي يكون في حد كدا ولا كدا فتح باب قلبك ودخل قعد جوه؟»

تحركت فاطمة في اتجاه هدى وهي ترسم ابتسامة رقيقة على وجهها وفجأة انقضت عليها وأمسكتها من شعرها ثم تحدثت بصوت مرتفع وحدة.

فاطمة:« تعالي هنا يا موكوسة يا بنت الموكوسة قوليلي الكلام المسهوك اللي انتى كاتباه دا كاتباه لمين انطقي؟»

هدى:«انتى بتغدري بيا يا بطة بتديني الأمان وبعدين بتهجمى عليا اااه والنبي سيبي شعري بقى أنا مش كاتباه لحد والله.»

حمادة وهو يحاول تخليصها من يد فاطمة:« استني بس يا فاطمة سيبي البنت وهي هتقولك وبعدين إحنا مربيين هدى أحسن تربية ولو في حد في حياتها هتقولنا مش هتداري دا انتي طول عمرك صاحبة لبناتك عمرك ما كنتى أم.» 

فاطمة:« انت مش شايف الكلام بتاعها يا أخويا مليان حب ورومانسية ازاي دا أنا أعصابي سابت.»

هدى بضحك:«الله دا أنا طلعت جامدة بقا يبقى كدا ضمنت إن هيبقالي قراء كتير هههههه.»

فاطمة:« طيب قوليلي الكلام دا كاتباه لمين قولي وأنا مش هعملك حاجة.»

هدى بضحك:« بنظرة الشر اللي طالعة من عينيكى دي دا أنا حاسة إنك هتاكليني دلوقتي بس اطمني يا بطتي قلبي دا لسة بابه مقفول محدش يقدر يفتحه بسهولة وكمان مش أي حد يقدر يدخل يقعد جواه دا أنا حاطة مواصفات قياسية أما يا ستى الخاطرة دي أنا كنت بقرأ رواية وفيها مشهد البطلة نفسها تقول للبطل على مشاعرها من ناحيته فأنا تخيلت المشهد وكتبت الكلام اللي ممكن تعبر بيه عن مشاعرها فهمتي يا ستي؟!»

فاطمة بارتياح:«اذا كان كدا ماشي إحنا يا بنتي في زمن صعب وأنا خايفة عليكي ربنا يحميكى انتى واللي زيك.» 

ارتمت هدى بين أحضانها وقبلت يديها ثم تحدثت بمرح. 

هدى:«إيه يا بطوط هو انتي هتقلبيها دراما ولا إيه اعرفي بنتك ب 100 راجل يعني حطي في بطنك بطيخة صيفي يلا بقا أنا هقوم أشوف اللي ورايا أصل بصراحة أنا اتحمست أوي من رأيكم في الخاطرة بتاعتي و....» 

قطع كلامها رنين هاتفها فنظرت إلى الهاتف بابتسامة ثم ردت على المتصل. 

هدى:« أهلاً... أهلاً يا ميمو عاملة إيه يا حبيبتي والأستاذ حسن والآنسة فرح أخبارهم إيه والله وحشتوني كتير.»

ميادة:«بس يا بكاشة لو هم صحيح وحشينك كنتي جيتي قعدتي  معانا شوية وشوفتيهم لكن انتي بقالك مدة مقطعانا لدرجة إن مصطفى فكر إنك زعلانة من حاجة.»

هدى:«لا والله أبداً أنا عمري ما أزعل منكم أبداً كل الحكاية يا ستي إني بتعلم ازاي أقدر أكتب روايات عشان حابة بجد أألف.» 

ميادة بدهشة:«انتى بتتكلمي بجد يا هدى دي هتبقى حاجة حلوة أوي وكويس إنك بتجتهدي في إنك تتعلمي، القراءة حاجة ممتعة وأكيد إنك تألفي رواية وتبقى باسمك دي هتبقى حاجة أجمل وأجمل بس بردو لازم تيجي وتتغدى معانا بكرا عشان مصطفى يصدق إنك مش زعلانة.»

هدى:« حاضر يا حبيبتي بكرا بعد الشغل هاجيلك بس والنبي اعملي سمك مشوي انتي عارفة إني مبحبش الطيور واللحوم أكلى فيها قليل وأبيه مصطفى بيبقى عاوزني آكل السفرة كلها.»

ميادة:«حاضر يا قلبي هعملك اللي نفسك فيه.» 

في اليوم التالي بعد انتهاء هدى من عملها ذهبت إلى منزل أختها وبعد أن استقبلتها ميادة بالترحاب ذهبت لتجلس مع حسن وفرح لتلاعبهم وبعد قليل دخلت عليهم ميادة وجلست معهم. 

ميادة:« معلش يا هدهد مصطفى هيتأخر نص ساعة  أصله كان بيزور واحد صاحبه في المستشفى بس لو جعانة يا حبيبتي أنا ممكن أجهزلك انتى والأولاد.»

هدى:« عيب الكلام دا يا ميادة أنا هستنى أبيه مصطفى وبعدين أنا مش جعانة للدرجة دي كلها نص ساعة ويوصل بالسلامة زي ما بتقولي يبقى ما يصحش ناكل ونسيبه.» 

ميادة:« خلاص يا روحي تعالي نتفرج على التلفزيون لغاية ما يوصل.»

هدى:«بس هاتي أفلام أبيض وأسود انتى عارفة إني بحبها.»

ميادة:«ماشي يا ستي أمري لله.»

مرت النصف ساعة وحضر مصطفى فاستقبلته هدى بالترحاب وذهبت ميادة مسرعة لتضع الطعام على الطاولة، ثم جلس الجميع لتناول الطعام. 

مصطفى:«منوراني يا ست هدى بقالك مدة غضبانة علينا ليه أوعي تكون ميادة مزعلاكي ومش عاوزة تقولي.»

هدى بضحك:«لا طبعا يا أبيه ميادة دي زي النسمة عمرها ما بتزعل حد أنا بس اللي كنت مشغولة شوية الفترة اللي فاتت.»

مصطفى:«وإيه اللي شغل القمر عننا بقا؟» 

هدى بابتسامة:«والله يا أبيه أنا زهقت إني أحكي نفس الموضوع كل شوية ميادة بقا تبقى تحكيلك.»

ميادة:«أصلها يا سيدي ناوية تألف روايات وكانت بتتعلم ازاي تقدر تكتب بطريقة تجذب القراء.»

مصطفى:«بالتوفيق يا هدهد طالما انتي حابة المجال دا صدقيني يبقا هتبدعي فيه عارفة ليه لأنك بتشتغلى على نفسك بطريقة صح ما عملتيش زي كتاب كتير اليومين دول مجرد ما يقرأوا كام رواية تلاقيهم بدأوا يكتبوا ويقلدوا كتاب تانيين تقليد أعمى ويبقى كلامهم مش منسق مع بعضه فخلي بالك كويس اسلوبك هو اللي هيجذب الناس لقراءة اللي هتكتبيه ربنا يوفقك.»

هدى:« إن شاء الله هتفتخروا بيا كلكم وهقدر أثبت نفسي وأبقى كاتبة مشهورة.» 

ميادة:«هتبقي أحلى وأجمل كاتبة باذن الله قولي يا مصطفى أخبار بلال إيه النهاردة؟» 

سقطت الملعقة من يد هدى ونظرت إلى ميادة بدهشة. 

ميادة:«في حاجة يا هدى مالك يا حبيبتي؟!»

هدى بصوت متحشرج:«ها... لا أبداً مفيش حاجة هو مين بلال دا اللي بتسألي عنه؟!»

ميادة:« دا صاحب مصطفى ظابط زميله في الشغل اللي كان بيزوره دلوقتي في المستشفى أصله يا عيني اتصاب فى مهمة ودخل في غيبوبة.» 

مصطفى بحزن:«دعواتكم ليه أنا خايف يجراله حاجة والله يا ميادة.» 

ميادة بتأثر:« إن شاء الله هيبقى كويس انت مش كنت بتقول إن حالته مستقرة.»

مصطفى:« تعرفي يا هدى إنه كان متفق معايا يتقدملك بعد المهمة دي بس ربنا أراد إنه يتصاب ويدخل في غيبوبة.»

هدى باستغراب:« يتقدملي وهو كان يعرفني يا أبيه؟!»

مصطفى:« لا بس أنا دايما كنت بمدح فيكي انتى وميادة وفي أدبكم وأخلاقكم وتربيتكم الحسنة وبما إنه عايش لوحده وما لوش حد غير أخت واحدة بس عايشة مع زوجها برا في كندا وما بتنزلش والده ووالدته متوفيين فكان بيعتبرني أنا أهله وكان حابب إن العلاقة بينا تبقى أكتر من صداقة فقرر إنه يطلب إيدك عشان يحس بوجود عيلة في حياته وبصراحة أنا كنت فرحان جداً لأن بلال بني آدم أي إنسانة تتمنى إنه يرتبط بيها كفاية أدبه وأخلاقه.»

بدأت هدى في البكاء وظلت تهمس:« مش ممكن مستحيل معقول الحلم يتحقق؟!»

مياده:«حبيبتي يا هدى قد كدا اتأثرتي أنا كمان والله حزينة عليه أوي وبدعيله ربنا يشفيه تعرفي أنا اتعاملت معاه مرتين تلاتة بالكتير بس بجد ما شوفتش في أدبه ولا أخلاقه.»

  زادت هدى في بكائها ثم تركت طاولة الطعام وذهبت مسرعة وجلست في حجرة فرح وحسن فذهب ورائها مصطفى وميادة والدهشة تتملكهم من تصرف هدى.

مصطفى باستغراب:« مالك يا هدى طريقة عياطك غريبة أوي كأنك تعرفي بلال قبل كدا.»

هدى ببكاء:«أنا فعلاً أعرفه بس كمان ما أعرفهوش.»

ميادة:« إيه الألغاز دي منين تعرفيه ومنين ما تعرفيهوش ما تفهمينا يا حبيبتي انتى تقصدي إيه؟!»

قصت هدى الحلم الذي راودها على مصطفى وميادة فتملكت الدهشة منهم فكانت هدى تصف بلال كما هو في الحقيقة بجميع صفاته وكأنها كانت تعيش معه.

هدى:«هي دي كل الحكاية عشان كدا بدأت فعلاً أتعلم الكتابة عشان أعيش الإحساس الحلو اللي كنت عايشاه في الحلم ولحد دلوقتي مش قادرة أصدق إنه حلم ودلوقتي ظهور بلال.» 

مصطفى بتفكير:«بس يا هدى أنا اتكلمت قدامك كذا مرة عن بلال يمكن انتى ما كنتيش بتدي أهمية لكن أكيد عقلك الباطن كان بيخزن المعلومات دي وبالتالي استخدمها في حلمك ودلوقتي انتى حاسة الإحساس دا ناحية بلال بسبب تأثرك بالحلم.»

هدى:« مش عارفة يا أبيه بس أنا دلوقتي حاسة إني عاوزة أشوفه يمكن لو شوفته ما يطلعش نفس الشخص اللي حلمت بيه وساعتها الموضوع ما يبقاش موترني بالشكل دا.»

ميادة:«إيه اللي انتي بتقوليه دا يا هدى ازاي تزوري واحد غريب ملكيش علاقة بيه؟!»

هدى:« أرجوكي يا ميادة أنا عاوزة أرتاح وبعدين هو في غيبوبة وأبيه مصطفى معايا يعني مش راحة أقابل واحد فايق وهحب فيه أرجوك يا أبيه مصطفى خدني معاك أشوفه.»

مصطفى بعد تفكير:«خلاص يا هدى بكرا نروح نزوره سوا.»

هدى:«متشكرة أوي يا أبيه.»

في اليوم التالي لم تذهب هدى إلى عملها بسبب التوتر الذي تشعر به من تلك الزيارة وظلت تفكر ماذا ستفعل إن كان نفس الشخص وأيضا العكس فهي تشعر بالإضطراب في مشاعرها ولا تستطيع السيطرة عليها وها هي الآن الساعه العاشرة فوجدت مصطفى يتصل بها ويخبرها بأنه سيأتي لاصطحابها وبالفعل أتى مصطفى واستأذنت هدى والدتها لتذهب معه بحجة أنه يريد شراء شيء لميادة ويريد مساعدتها وبالفعل ذهبت هدى معه إلى المشفى وصعدا سوياً حيث حجرة الرعاية الفائقة، وحينما وصلوا شعرت هدى وكأن قلبها سيخرج من ضلوعها شعرت وأن جميع من بالمشفى يسمع دقات قلبها، فدخل مصطفى أولاً ثم لحقته وحينما اقتربت من فراش بلال وجدته نائما كالملاك موصولا بالكثير من الأجهزة التي تبقي على حياته تسمرت مكانها ونظرت له بشدة وهربت دمعة من عيناها كان مصطفى يطالع تعابير وجهها فسألها مترقبا إجابتها.» 

مصطفى:«هو دا يا هدى اللي شوفتيه؟!» 

هدى بثقة:« لا يا أبيه مش هو.»

تنهد مصطفى بارتياح ثم قال:« طيب بتعيطي ليه دلوقتي؟!»

هدى:« أصله صعبان علي أوي هو مفيش حد بيزوره غيرك يا أبيه؟!»

مصطفى بأسى:« أيوا هو ما لوش حد خالص غيري حتى أخته حاولت أتواصل معاها لكن ما عرفتش.»

هدى:« طيب أنا همشي يا أبيه هتيجي معايا ولا هتفضل هنا؟» 

مصطفى:«استني هوصلك وبعدين أرجعله.»

هدى بسرعة:«لايا أبيه مش مستاهلة خليك أنا مش صغيرة هعرف أروح ما تقلقش عليا.»

خرجت هدى مسرعة بعدما حاولت بقدر الإمكان السيطرة على انفعالاتها حتى لا يكتشف مصطفى أنها كذبت عليه وحينما ابتعدت بالقدر الكافي عن حجرة الرعاية الفائقة وقفت في أحد الطرقات وظلت تبكي بشدة وتحدث نفسها.

هدى في نفسها:« سامحني يا أبيه كان لازم أكدب عليك وأقول مش هو نظرتك ليا كانت بتقول إنك مش هتصدقني ومش بعيد كنت قولت عليا مجنونة بس معقولة ممكن حاجة زي دي تحصل أحلم بيه بنفس الشكل ويطلع هو طب ازاي؟! رأتها إحدى الممرضات فذهبت إليها وشعرت بالشفقة تجاهها فأخذت تربت على أكتافها بحنان وهي تتحدث إليها.

الممرضة:« مالك يا حبيبتي واقفة بتعيطي ليه كدا؟»

صمتت هدى ولم ترد وفي تلك اللحظة لمحت مصطفى وهو يقترب من الممر التي تقف فيه فتوترت وأخذت تتلفت حولها تبحث عن مكان تختبئ به حتى لا يرى أنها مازالت في المشفى.

الممرضة:« مالك يا حبيبتي خايفة كدا ليه؟!» 

هدى:« أرجوكي خبيني بسرعة قبل ما الراجل دا ييجي ويشوفني.

الممرضة:« مين دا وعاوز منك إيه؟!»

هدى برجاء:«خبيني منه بس الأول وأنا هقولك.»

أخذتها الممرضة إلى حجرة قريبة قامت بفتحها بالمفتاح الذي تملكه ودخلتا سويا فجلست هدى على أقرب مقعد قابلها. 

هدى:«الحمد لله إنه ما شافنيش كنت هروح في داهية.»

الممرضة:«قوليلي بقا انتى مين وحكايتك إيه ومين الراجل ده؟!»

صمتت هدى قليلا وظلت تفكر بماذا تجيبها ولكن سرعان ما ألهمها عقلها الجواب فقررت أن تختلق لها قصة غير الحقيقة فتستغل ذلك في رؤية بلال.

هدى ببكاء:«أصل أنا خطيبي هنا في العناية المركزة واللي انتى شوفتيه دا أخوه وهو رافض جوازنا ومن يوم ما خطيبي دخل المستشفى رافض يخليني أشوفه والنهاردة حاولت أدخله لكن هو منعني وأنا هموت وأطمن عليه.» 

الممرضة بغضب:« تلاقيه عاوز يجوزه واحدة تانية اااه ما أنا عارفة النوعية دي عاوزين يتحكموا في خلق الله يا عيني عليكي يا أختي دا انتى حكايتك حكاية بس تصدقي انتى ربنا بيحبك عشان قابلتيني أنا بقا هخليكي تدخلي لخطيبك وتقعدي معاه زي ما انتى عاوزة ومن غير ما أخوه يعرف إيه رأيك بقا؟»

هدى بفرحة:« انتى بتتكلمي بجد يعني هتساعديني يا....»

الممرضة:«محسوبتك غادة وانتى بقا اسمك إيه؟!»

هدى:«أنا اسمي هدى طيب هتدخليني عنده ازاي؟!»

غادة:«قوليلي بس أخوه بيجيله إمتى وأنا هرتبلك كل حاجة وخدي تليفوني معاكي أهو عشان لو حصل حاجة تكلميني.» 

هدى:« أنا متشكرة أوي يا غادة هو أخوه دلوقتي زمانه رجع شغله ممكن تدخليني عنده دلوقتي؟»

غادة:«عيوني يا حبيبتي تعالي معايا يلا.» 

هدى:«هو انتي بتساعديني ليه يا غادة؟!»

غادة:«أصل انتى شكلك بتحبي خطيبك أوي وبصراحة حطيت نفسي مكانك أصل أنا كمان مخطوبة وأنا وخطيبي بنموت في بعض وما أحبش حد يبعدنا عن بعض زي ما بيحصل معاكي دلوقتي عارفة خطيبي شغال في العناية وهو اللي هيخليكى قاعدة براحتك مع خطيبك.»

وصلت هدى وغادة أمام باب الرعاية الفائقة فتقدمت غادة بعد أن طلبت من هدى الانتظار خارجاً للحظة ودخلت إلى الرعاية ونادت خطيبها ثم خرجوا سويا لهدى وقصت عليه ما حدث مع هدى فتعاطف معها كثيراً وقرر مساعدتها لأجل عيون محبوبته.

غادة:«هو دا عشمي فيك يا رضا دا البت يا عين أمها متشحتفة عليه ونفسها بس تطمن قلبها.» 

رضا:« ولا يهمك يا غادة انا هظبطلها الدنيا انتي تعرفي المواعيد اللي أخوه بييجي فيها ولا هو بييجي في مواعيد مختلفة؟!»

هدى بحيرة:«مش عارفة!»

رضا بعد تفكير:« طيب خلاص أنا هعرف بطريقتي تعالي دلوقتي اقعدي معايا شوية وأنا هراقبلك الدنيا ولو اخوه رجع هعطله لحد ما تقدري تخرجي.»

هدى:«أنا متشكرة أوي ليكم وجميلكم دا أنا مش هنساه أبداً.»

دخلت هدى وجلست أمام بلال وظلت تتأمل ملامحه المستكينة وبدأت تتحدث إليه. 

هدى:« أنا عارفة إنك ما تعرفنيش لكن أنا عارفاك كويس عارفة كل تفصيلة في ملامحك حتى صوتك عارفاه وما تسألنيش عارفاك ازاي عشان لو قولتلك مش بعيد تقول عليا مجنونة، بس بصراحة أنا عاوزة أقولك، عاوزاك تعرف كل حاجة يمكن يبقى عندك تفسير وبدأت تقص تفاصيل الحلم الغريب الذي عاشته ظنت أن بلال سيتأثر بكلامها كما كانت ترى فى  الأفلام ولكنه ظل ثابتا ولم يحدث شيء فتحدثت بهمس.

هدى:« هو أنا يعني كنت منتظرة إيه تقوم تفوق وتقولي أنا كمان حلمت بيكى باين عليا اتجننت بجد أنا هقوم أمشي دلوقتي بس هاجيلك بكرا وكل يوم مش هسيبك لوحدك أبداً يظهر إن قدرنا مربوط ببعض.» 

هدى وهي ذاهبة إلى الخارج:« شكراً يا رضا مش عارفة أقولك  إيه؟»

رضا:«ولا يهمك يا أستاذة أنا عرفت إن أخوه بييجي كل يوم الساعة 10:00 يقعد ساعة ويمشي وبعدين بيرجع تاني على الساعة 3:00 يقعد ساعة ويمشي.»

هدى:«طيب كويس أنا بخلص شغل الساعة 1:00 هاجي أقعد معاه وقبل ما أخوه ما ييجي أكون مشيت.» 

رضا:«خلاص اتفقنا يا استاذة لما تيجي هنا إديلي رنة وأنا هخرجلك علطول، ثم اعطاها رقم هاتفه.»

مرت عدة أسابيع كانت هدى تقوم فيها بزيارة بلال في المشفى وتتحدث معه عن كل شيء يخصها وتحكي له عن صديقاتها سلوى ودينا ووالدتها ووالدها ومصطفى وميادة وأبنائهم وأن سلوى هي الوحيدة التي تعلم هذا السر الذي تخفيه عن الجميع.

هدى:«بس يا سيدي آدي كل اللي حصل ومن ساعتها وأنا وسلوى بقينا أكتر من الاخوات.»

قطع كلامها مجيء رضا. 

رضا:«معلش يا أستاذة أنا لاقيتك مندمجة أوي في الكلام والساعة بقت 2:30 يا دوبك تلحقي تمشي قبل ما أخوه ما ييجي ويشوفك.»

هدى:« حاضر يا رضا بس هو ليه مفيش أي تغيير بيحصل فى حالته؟!»

رضا:«والله الدكاترة بتقول إن هو مستجيب للعلاج بشكل كويس في الفترة الأخيرة لكن هو تقريبا اللي رافض يفوق بس إن شاء الله ربنا هيكرمكم ويفوق وتتجوزوا وتفرحوا.»

هدى:« تسلم يا رضا خلاص هسلم عليه وأخرج على طول.»

هدى:«اااه قبل ما أمشي يا بلال عاوزة اقولك على خبر حلو أنا امبارح بدأت في كتابة أول رواية ليا عارف بتحكي عن إيه عن الحلم اللي شوفته وعنك وازاي إنك كنت حلم جميل وربنا حققهولي عارف هسمي الرواية دي إيه، ثم اقتربت من أذنه وهمست قائلة« الملاك النائم» يلا بقا همشي قبل ما أبيه مصطفى ما ييجي يشوفني.»

ذهبت هدى خارجا ولم تلاحظ أن أثناء همسها لبلال كانت أصابع يده تتحرك قليلا وتبحث عن من ينقذه من سباته الذي طال. وصلت هدى إلى منزلها وهي تشعر بالسعادة وبدأت في كتابة أولى رواياتها والتي اجادت استخدام الكلمات التي تعبر عن المشاعر والتي تمس القلوب ظلت حبيسة حجرتها تريد ان تنهي تلك الرواية بأسرع ما يمكنها تريد للعالم أجمع أن يقرأها ويعرف كم كانت محظوظة بلقاء حب حياتها. 

مر يومان آخران كانت تمارس هدى فيهم روتينها من ذهاب إلى العمل ثم الذهاب إلى المشفى والجلوس مع بلال والحديث معه وكتابة روايتها وأثناء جلوسها مع بلال ظلت تتحدث وكانه يستمع إليها.

هدى:«بس سواق التاكسي دا معندوش دم لما تفوق لازم تجيبلي حقى منه أقولك اسحب الرخص بتاعته عشان يتعلم الأدب وما يعاكسش حد تاني قال يقول اتفضلي اركبي يا قمر قال هو مفكرني إن مفيش ورايا رجالة ولا إيه؟»

اسكتي بقا شوية يا هدى انتى ما بتتعبيش من الكلام أنا هوديه في داهية سواق الغبرة ده بس ارحميني بقا صدعت.

نظرت هدى له وهي جاحظة العينين فلم تستطع تصديق نفسها أحقا سمعت أهذا صوت بلال الذي ذكر اسمها لقد تحدث معها وكأنه لم يكن بغيبوبة اقتربت منه هدى وتحدثت بهمس.

هدى بهمس:« بلال... بلال انت صحيت انت سامعني رد عليا.»

ولكن لم تنل اي رد منه فاعتقدت أنها كانت تتخيل ذلك فشعرت بخيبة أمل ثم نظرت في هاتفها فوجدت الساعه الثالثة إلا خمس دقائق ففزعت ولطمت على وجهها.
تعليقات