رواية أرض زيكولا الفصل الثاني عشر 12 بقلم سندي





رواية أرض زيكولا الفصل الثاني عشر 12 بقلم سندي


اندهش خالد و سأل أسيل على الفور :

- لا تذهبى ؟!! .. ليه ؟!!

صمتت أسيل مجدداً .. 

ثم نظرت عبر نافذة العربة التى بدأت فى التحرك , 

و كأنها تتذكر شيئاً ثم نظرت إلى خالد , 

و تحدّثت بصوتٍ هادئ :

- لقد أعطيت وعداً من قبل بألا أذهب هناك ..

- وعد ؟!!

ردت أسيل :- نعم .. تذكر أننى أخبرتك بأنى دخلت 

إلى زيكولا بين الأسرى و العبيد 

حتى اشترانى رجل حكيم علمنى الطب .. 

فأومأ خالد برأسه موافقاً دون أن يتحدث .. ثم أكملت :

- كان هذا الرجل يعاملنى كابنته , و يخشى علىّ من كل شئ .. حتى أخبرته ذات يوم أننى سأذهب إلى المنطقة الشمالية كى أداوى أحد المرضى حين طلب منى أحد الأشخاص ذلك .. ففوجئت به يرفض بقوة , و طلب منى أن أعده بألا أذهب 

هناك طيلة حياتى .. فوعدته بذلك ..

فسألها خالد :

- و أيه السبب ؟!

فاجابت :- حين سألته عن ذلك لم يقل لى سوى أنها 

أرض كسالى زيكولا .. و لم يخبرنى شيئاً آخر حتى موته .. 

و أنا مازلت أحافظ على وعدى .. 

و أنا على يقين أنه محق فى ذلك .. 

ثم تابعت بعد صمت :

- لم أجد فى حياتى من يحبنى قدره ..

صمت خالد مندهشاً , و بدا الحزن على وجهه .. 

و آثر أن يكمل صمته , و كأنه يفكر ماذا سيفعل .. 

حتى ابتسم , و نظر إلى أسيل و التى لم تفارق عيناها 

نجوم السماء :

- و أنا مش هكون سبب إنك تخلفى وعدك .. 

أنا بشكرك على مساعدتك لى الفترة اللى فاتت .. 

و أكيد مش هطلب منك أكتر من كدة ..

فردت أسيل فى ابتسامة هادئة :

- هل ستذهب إلى هناك ؟

فابتسم :

- أكيد .. لازم أذهب ..

فابتسمت أسيل مجدداً :- حسنا .. 

اتمنى أن تجد كتابك هناك .. 

و لكن إن لم تجده فعليك أن تعود إلىّ .. 

أقصد إلى العمل معى على الفور .. 

أين أجد مساعداً فى مهارتك ؟!

فضحك خالد :

- لمّا أرجع مصر هشتغل دكتور ..

ضحكت أسيل , و واصل خالد مداعبته لها .. 

و أكملا حديثهما عن أرض زيكولا , 

و عن الطفل الذى أنقذه من ضربة الشمس , 

و الرجل المصاب الذى ضربه أبناؤه , و أخذوا أرضه .. 

حتى وصلت العربة إلى البحيرة فنزل خالد , 

و ودّع أسيل التى سألته :

- متى ستذهب إلى المنطقة الشمالية ؟

فصمت مفكّرا : مش عارف .. هحاول يكون فى وقت قريب ..

فابتسمت :

- عليك أن تخبرنى قبل أن تذهب .. 

و إن كتبت شيئاً آخر عن أسيل .. النجم .. لابد لى أن اقرأه .. ثم أمرت سائق العربة أن يتحرك 

فضحك خالد ثم اتجه إلى الشجرة التى يجلس بجوارها دائماً ..


ظل خالد كعادته يفكر .. 

يفكر فيما أخبرته به أم الطفل و ذلك الرجل الذى يشبهه , 

و يتذكر الصورة التى أعطاها له جده يوم نزوله السرداب 

و ضاعت مع أغراضه هناك .. صورة أبيه و أمه .. 

تداعبه أحلام اليقظة بأن يعود مرة أخرى إلى بلده 

و معه أبوه و أمه بعد سنوات كثيرة .. 

و يبتسم حين يتخيل فرحة جده بذلك , و التى قد تقتله .. 

ثم يعود ليتذكر حديث أسيل .. 

و ذلك الوعد الذى أعطته بألاّ تذهب إلى المنطقة الشمالية .. و قولها بأنها أرض الكسالى .. و يسأل نفسه متعجباً .. 

كيف يعيش الكسالى بزيكولا ؟!!.. 

حتى غلبه النعاس بعدما حلّ به إرهاق ذلك النهار ..


مرّ الليل سريعاً .. 

و أشرقت الشمس , و نهض خالد من نومه , 

و قرر أن يذهب كعادته إلى عمله مع يامن .. 

يريد أن يعلم الكثير عن المنطقة الشمالية .. 

حتى وصل إلى هناك , 

و زاد ضيقه حين وجد من يأخذون منه وحدتى كل يوم , فأعطاهم ذلك .. ثم أكمل سيره حتى وجد يامن 

الذى سأله على الفور :

- هل وجدت كتابك ؟

فرد خالد :

- للأسف لسة .. بس فيه أمل إنى ألاقيه .. 

فيه امرأة قالت لى إنها قابلت رجل له نفس صفات صاحب الكتاب من عشرين سنة ..

يامن فى دهشة :- عشرون سنة ؟!! .. و تريد أن تجده !!

خالد :- هو صعب .. بس لازم اتمسك بأى خيط يدلنى 

على الكتاب .. عشان كدة لازم أروح المنطقة الشمالية ..

فاندهش يامن مجدداً :

- المنطقة الشمالية ؟!!

خالد : أيوة .. ثم سأله :

- أنت وعدت حد أنت كمان إنك متروحش هناك ؟!

فضحك يامن :

- لا .. لقد ذهبت إلى هناك مرة من قبل .. 

اتمنى إن ذهبت إلى هناك أن تعود سريعاً ..

فزادت الحيرة على وجه خالد :

- أيه اللى هناك ؟!

فجلس يامن ثم جلس خالد بجواره .. حتى تحدث يامن :

- أهل زيكولا يعلمون أن تلك المنطقة تختلف كثيراً 

عن باقى مناطق زيكولا ..

فسأله خالد , و كأنه لا يفهم شيئاً :- ازاى ؟!

أكمل يامن : سأخبرك .. أرض زيكولا هى أرض العمل .. الجميع هنا يعملون و يكسبون أجورهم مقابل عملهم .. 

أما تلك المنطقة فإنها تجمع كسالى زيكولا .. 

و لهذا ستجد صعوبة حين تذهب إلى هناك .. 

عليك أن تسأل كل شخص لأن الكثيرين منهم لا يعرفون بعضهم .. ثم أخذ نفساً .. و أخرج زفيراً , و أكمل :

- إنهم لا يعملون مثلنا .. 

إنهم يكسبون أجورهم بأعمال أخرى .. 

ثم صمت و أكمل :

- ستجد أهلها فئتين ؛ 

الفئة الأولى من الأثرياء الكسالى 

الذين ورثوا الكثير من الذكاء .. 

الكثير من الثروة التى تجعلهم يعيشون أثرياء , 

و ينفقون ببذخ حتى يموتون .. 

و فئة أخرى فقراء , 

يخشون الذبح و لا يريدون أن يعملوا عملاً شاقاً .. 

فوجدوا طرقاً أخرى يجنون بها ثروتهم ..

- هل ترى هؤلاء ؟ .. 

و أشار إلى من يأخذون تلك الوحدات مقابل حمايتهم ..

فرد خالد : أيوة ..

فأكمل يامن :

- إنهم من المنطقة الشمالية التى تريد أن تذهب إليها .. 

هم يعيشون هناك هكذا .. 

فضّلوا أن يستغلوا قوتهم فى كسب ثروتهم , 

فانتشروا فى باقى أراضى زيكولا .. 

أما النساء هناك فآثرن استغلال جمالهن ..

ثم صمت ,و نظر إلى خالد و أكمل :

- أنت تعلم كيف تجنى امرأة ثروة من جمالها دون تعب .. 

و خاصة و أن هناك الكثيرين من الأثرياء الكسالى .. 

إنها أرض الرزيلة يا صديقى ..


صمت خالد حين سمع ما قاله يامن , 

و ابتسم حين تذكر وعد أسيل و أنها على حق فى ذلك 

ثم زادت ضربات قلبه حين تذكر أن صاحب الكتاب .. أبيه .. 

قد يكون بتلك المنطقة .. حتى قاطع يامن تفكيره :

- إنها بعيدة عن هنا كثيراً .. فكيف ستذهب إلى هناك .. 

أم الطبيبة ستساعدك ..

رد خالد :- لا .. أسيل ساعدتنى بما فيه الكفاية .. 

قولى يا يامن , منين أقدر استأجر حصان قوى لمدة تلت أيام ..

فأجاب يامن :- ثلاثة أيام قد تكلفك قرابة الخمسين وحدة ..

فأكمل خالد :- مش مهم .. أنا هقدر أعوّضهم بعد كدة .. 

أنا قررت إنى هروح بكرة المنطقة الشمالية .. 

عاوز استغل كل يوم هنا فى زيكولا ..

فابتسم يامن :

- حسنا , دعنى أوفّر لك حصاناّ قوياّ .. 

و سأرشدك نحو الطريق إلى المنطقة الشمالية , 

و اتمنى أن تجد كتابك هناك .. ثم حمل فأسه , و قال لخالد :

- هيا علينا أن نعمل اليوم كثيراً بعدما أضعنا الكثير من الوقت فى الحديث ..


فى صباح اليوم التالى اتجه يامن إلى شاطئ البحيرة, 

و معه الحصان القوى الذى وعد خالد به .. 

حتى وجده هناك فابتسم خالد حين رآه و معه ذلك الحصان , 

و شكره كثيراً على ذلك ثم حمل امتعته , و احتضن يامن , 

و ضحك :

- هشوفك قريب ..

فابتسم يامن :

- أرجو أن تعيد الحصان صحيحاً .. 

إننى اتحمل مسئوليته حتى تعود .. 

لو علم صاحبه أنك ستذهب إلى المنطقة الشمالية 

لما أعطانى حماراً .. 

فضحك خالد ثم امتطى ظهر الحصان .. 

و كاد يأمره أن يتحرك حتى صاح يامن :

- انتظر ..

ثم أخرج ورقة بيضاء رُسمت عليها بعض الخطوط السوداء , 

و تحدّث إلى خالد :

- تلك خطوط بدائية رسمتها للطريق نحو المنطقة الشمالية .. ثم أشار إلى خط أسود طويل يخرج من مربع قد رسمه :

- هذا المربع هو منطقتنا .. 

و هذا الخط هو الطريق الذى تسلكه حين تخرج من هنا 

حتى تصل إلى تلك المنطقة ..

فابتسم خالد .. و أخذ منه الورقة , و وضعها بين أغراضه :

- أشكرك يا يامن .. بجد أشكرك يا صديقى

...

بعدها أمر خالد حصانه أن يتحرك .. 

و بدأ يتحرك ببطء حتى أسرع رويداً رويداً 

فى طريقه إلى بيت أسيل .. 

و كاد يصل بيتها حتى رأى عربتها تسير مبتعدة عنه , 

فأسرع بحصانه إلى العربة .. و سار بجوارها 

ثم ضحك حين وجدها تجلس بالعربة شاردة الذهن , و لا تراه .. فظل يسير بجوارها دون أن يتحدث حتى نظرت إلى جانبها عبر النافذة ففوجئت به على حصانه , فضحكت و حدّثته :

- منذ متى تسير بجوارنا ؟!

ضحك خالد :- من بدرى .. يا ترى بتفكرى فى أيه ؟

ابتسمت :- لا شئ .. إننى أشرد مع نفسى كثيراً .. 

ثم نظرت إلى حصانه :

- هل اشتريت حصاناً ؟!

فرد خالد :- لا .. أنا أجّرته .. 

و زى ما وعدتك إنى أشوفك قبل ما أروح هناك , 

أنا قدامك أهو ..

ابتسمت أسيل ثم سألته :

- هل ستذهب إلى المنطقة الشمالية الآن ؟

فرد خالد :- أيوة ..

فصمتت أسيل ثم سألته فى هدوء :

- خالد .. هل ستعود إلى هنا إن وجدت كتابك أو أبيك ..

فنظر خالد أمامه ثم صمت لبعض الوقت .. و ابتسم :

- أكيد لازم أرجع .. ثم أكمل مداعبته لها :

- ده يامن هيقتلنى لو مرجعتش عشان الحصان ..

ضحكت أسيل , و ضحك خالد .. 

و واصلا تحركهما فى طرقات زيكولا .. 

و خالد على حصانه يسير بجوار العربة , 

و أسيل تجلس بنافذتها كمن تجلس أمام نافذة غرفتها .. 

حتى وصلا إلى أطراف المنطقة الشرقية .. 

فقالت أسيل بعدما أشارت إلى طريق ممهد :

- هذا الطريق يقودك إلى المنطقة الشمالية ..

فابتسم خالد ثم نظر إليها :

- اتمنى إنى ألاقى الكتاب و أرجع لهنا فى أسرع وقت ..

ثم أمر حصانه أن ينطلق نحو ذلك الطريق .. 

و أسيل تنظر إليه بينما تسير عربتها فى طريق آخر .. 

و تبتسم حين تجد شعر خالد الطويل يتطاير مع الهواء , 

و جسده القوى يمتطى ذلك الحصان ببراعة .. 

و كأنه وُلد فارساً .. 

حتى اختفى عن أنظارها فأغمضت عينيها , 

و تمنت أن يحقق ما يريده .. 

أما خالد فواصل طريقه نحو المنطقة الشمالية .. 

يريد أن يصل إلى هناك فى وقت قليل .. 

يحفز حصانه أن يسرع .. 

ثم يخرج تلك الورقة التى أعطاها له يامن , و ينظر إليها , 

و إلى خطوطها و يواصل سيره مجدداً .. 

و كلّما يحل به التعب ينال القليل من الراحة فيوقف حصانه , و يترجل , و يشرب القليل من الماء 

ثم يكمل طريقه نحو تلك المنطقة ..


بدأت الشمس فى المغيب , و حلّ الليل .. 

حتى وصل خالد إلى أطراف المنطقة الشمالية فترجل .. 

و سار على قدميه , و حصانه يسير بجواره .. 

و اندهش حين رأى بيوت تلك المنطقة و تنوعها 

ما بين ما هو فخم للغاية , 

و ما هو متواضع و يبدو عليه الفقر .. 

و أكمل مسيره بين شوارع تلك المنطقة .. 

و زادت دهشته من الصمت الذى يسودها 

حتى زالت تلك الدهشة سريعاً حين توغل بشوارعها .. 

فوجد الكثير من الناس يلهون و يمرحون 

و يتراقصون مع أنغام الموسيقى 

التى غطت ضواحى تلك المنطقة .. 

و تذكر كلمات يامن عن فتياتها 

حين رأى زيّهن الذى يختلف عن زى باقى فتيات 

المناطق الأخرى فكان أكثر عراءً و إغراءً .. 

و واصل سيره حتى وجد مكاناً يجتمع به الكثير من الناس .. فاقترب منهم فوجد نزالاً بين اثنين من الأقوياء , 

و سمع أحد الأشخاص بجواره يقول لآخر ؛ 

لقد راهنت بخمس عشرة وحدة على هذا الرجل , 

و أشار إلى أحدهما فاندهش خالد , و أكمل سيره .. 

حتى بدأ يسأل أحد الفتيان عن الرجل الذى يبحث عنه فلم يجبه .. و سأل غيره فلم يجبه هو الآخر .. 

و سأل الكثيرين من الناس فلم يجبه أحد .. 

و ظل يسير بين هؤلاء الناس الذين تنبعث من أفواههم رائحة نتنة , و يترنحون فأدرك أنها رائحة خمر .. 

و بين ضحكات فتيات الليل المدلّلة التى تملأ كافة الأركان .. حتى جلس بجانب الطريق , 

و بجواره حصانه ففوجئ بشخص ضخم يأتيه .. 

و يطلب منه عشر وحدات من الذكاء مقابل أن يحميه 

هو وحصانه .. و إلا سيأخذ ذلك الحصان منه .. 

فصمت خالد قليلاً ثم وافق و حدّثه :

- سأعطيك ما تريد , و وحدتين إضافيتين مقابل 

أن اترك الحصان عندك حتى أعود لآخذه غداً ..

فوافق الرجل .. و أعطاه خالد الحصان كى يكون أكثر حرية .. و واصل جلوسه و مراقبته لأهل تلك المنطقة من بعيد .. 

حتى مرّ الليل دون أن يغفو له جفن ..


فى صباح اليوم التالى , ظل خالد منتظراً أن يرى أحداً يسأله , فلم يجد ما أراده .. و كأن المدينة أصبحت مدينة الموتى .. الشوارع خالية , يسودها صمت رهيب .. 

فنهض و بدأ يتحرك , و يتجول بشوارعها عله يجد أحداً .. 

و لكن دون جدوى , فأكمل مسيره حتى جلس بمكان آخر , 

و أخرج قلمه و أوراقه , و بدأ يكتب :

- المنطقة الشمالية .. أرض كسالى زيكولا ..

ثم كتب تحتها :

- إنها المنطقة الرابعة التى أزورها فى زيكولا .. 

بعد يومى الأول هنا .. 

تأكدت أنهم يختلفون عن باقى أهل زيكولا .. 

هم لا يعملون كما أخبرنى يامن , 

و حياتهم بالمساء كما رأيت بالأمس ..

الكثير منهم ورثوا فلا يعملون , 

و يمرحون و يشربون و يتراهنون .. 

أما الفقراء منهم .. 

الفتى يجد ثروته فى قوته فيستخدمها 

لتحقيق ثروته من الذكاء .. 

و الفتاة تجد ثروتها فى أنوثتها و جمالها فتستخدم 

ما تمتلكه فى تحقيق ثروة دون عناء ..

ثم صمت مفكّراً .. و توقف قليلاً عن الكتابة .. 

ثم أكمل مجدداً :

- أرى أن الكثيرين من تلك المنطقة 

سيكونون ضحايا الذبح قريباً ..  











فالقوى سيضعف ذات يوم , و الجمال غير باقٍ ..

ثم ضحك , و توقف عن الكتابة , و حدّث نفسه :

- بقيت فيلسوف يا خالد .. زيكولا غيرّت فيك كتير .. 

ثم أنهى كتابته بأن كتب مجدداً :

- إنها أضعف مناطق زيكولا ..

ثم وضع قلمه , و أوراقه مرة أخرى بين أغراضه .. 

و بدأ يتحرك بين شوارع تلك المنطقة من جديد .. 

و ضاق به صدره حين وجد نفسه وحيداً بتلك الشوارع , 

و علم أنه لابد و أن ينتظر حتى المساء ..


غربت الشمس .. و بدأ الظلام يملأ السماء , 

و أُشعلت النيران لتضئ المدينة , 

و بدأ الناس يخرجون إلى الشوارع .. 

و بدأت الموسيقى من جديد , و خرجت الفتيات إلى الخارج .. كل فتاة تحاول أن تجذب رجلاً إليها .. 

حتى امتلأت الشوارع بالأشخاص فى تلك المنطقة 

التى تواجد بها خالد .. 

فبدأ يسأل هذا و ذاك عن ذلك الرجل الطويل العريض 

صاحب الكتاب , و اقترب ليسأل كبار السن .. 

ربما عرفوه حين كان هنا منذ عشرين عاماً , و لكن لا فائدة .. و بدأ اليأس يدق قلبه , و كأنه لن يجد هذا الرجل أبداً , 

و سار و الحزن على وجهه .. 

حتى سمع صوت من خلفه يناديه :

- أنت ..

فالتفت خالد ليجد فتاة يشعر أنه قد رآها من قبل .. 

حتى تذكر أنها الفتاة التى قابلها يوم زيكولا .. 

و طلبت منه أن يرافقها و رفض .. 

و لكنها اليوم أكثر عراءً .. 

فاندهش حين وجدها :

- أنتى !!

ضحكت الفتاة:- نعم .. اتذكرنى ؟!

خالد :- نعم ..

فضحكت الفتاة :- حسناً .. عليك أن تأتى معى ..

فسألها فى دهشة :- آجى معاكى فين ؟!

فجذبته من يده ثم دخلا إلى مكانٍ مجاور إضاءته خافتة .. 

و به الكثير من الناس .. 

كل رجل يجلس مع فتاة , 

فبدأ الشك يتسرّب إلى قلبه و سألها :

- انتى عايزة منى أيه ؟!

ردت الفتاة : أنا ؟!! .. ثم صمتت و أكملت :

- إنك الرجل الوحيد الذى رفض أن يصطحبنى من قبل .. 

و لهذا أجدد عرضى لك ..

ثم أكملت :

- إننى هنا أفعل ما يحلو للرجال مقابل الكثير من الوحدات .. و لكننى لا أريد منك شيئاً .. سأصطحبك الليلة دون مقابل ..

فنهض غاضباً :

- و أنا مش موافق .. أنا مش زى اللى بيجولك هنا .. 

ثم تحرك ليغادر فجذبته ليجلس .. و سألته :

- هل تعجبك فتاة أخرى ؟

فرد منفعلاً :

- لا .. ثم سألها :

- انتى عايشة حياتك كدة ازاى ؟!

فضحكت الفتاة ساخرة :

- حياتى .. ما بها ؟!!

أكمل خالد :- ازاى تبيعى نفسك لأى حد ؟

ضحكت الفتاة مجدداً .. ثم تناولت كوباً به خمر :

- و كيف أعيش فى زيكولا أيها الوسيم .. 

كيف أحصل على الذكاء .. الثروة ..

فأخرج نفساً طويلاً , و حدّث نفسه متبرماً :

- الذكاء ..

ثم أكمل :

- اعملى زى بنات زيكولا اللى بيعملوا بشرف 

فى المناطق الأخرى .. 

انتى مفكرتيش لما جمالك يروح 

هتقدرى تحصلى على ذكائك ازاى ؟ ..

ضحكت الفتاة .. و بدا عليها تأثير الخمر , و ثقل لسانها :

- و قتها سأكون حققت مخزوناً كبيراً من الثروة .. 

أما بنات زيكولا فيعملن ... ثم تابعت :

- و أنا أيضا أعمل .. و كلانا يحصل على أجره .. 

هيا انتهز الفرصة قبل أن يضيع جمالى .. 

إن الكثيرين فى الخارج يتمنون 

أن يجلسوا مكانك الآن أيها الوسيم ..

فظهر الغضب على خالد .. 

و كأنه فقد أمله فى حديثه معها , و صاح بها غاضباً :

- مثلك عار على زيكولا ..

ثم نهض , و تحرك بضع خطوات مبتعداً عنها .. 

فصرخت غاضبة :

- عار !! .. 

إننى أفضل حالاً من آخر أعرفه , قتل أباه كى يرثه ..

ثم هدأ صوتها .. و وضعت رأسها على المنضدة التى أمامها من تأثير الخمر , و غمغمت بصوت سمعه خالد :

- و فى النهاية لم يرث سوى كتاب لعين .. 

احتفظ به أبوه أكثر من عشرين عاماً ..

ثم أغمضت عينيها ..

            الفصل الثالث عشر من هنا

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا 


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-