رواية أباطرة الغرام الفصل الثانى عشر 12بقلم اية محمد رفعت


   رواية أباطرة الغرام الفصل الثانى عشر بقلم اية محمد رفعت


دخل خالد يصرخ بصوتٍ عالٍ جدًا:
_ آسر في ظرف خمس دقايق أن ممشتش من وشي لكون قاتلك.
_ حرام عليك ياخالد أنا مش بعرف أنام إلا جنبك.
هتف آسر بها بحزن، فاندفع الآخر يكرر صراخه:
_حُرمت عليك عشتك يا بعيد. لأخر مرة يا آسر غور برة أوضتي أحسنلك خلي أم الليلة دي تعدي.
ساد الصمت دقيقة، وصدح بعده ضحكة آسر التي خرجت ملئ صوته، فزادت الآخر غيظًا، وهتف بحدة مشيرًا له بيده:
_أنت بتضحك على ايه يا حيوان أنت؟
_ أصل بعد عنك مش هعرف أقوم من مكاني عشان رجلي فأنت مضطر تستحملني.
هتف بها ساخرًا من بين ضحكاته، ليسمع بعدها تهديد خالد:
_ كدا؟! …طب استنى على رزقك بقى.
تلقفت يده سكينًا من طبق الفاكهة الذبي وضع على الطاولة، يرفعها أمام آسر الذي ارتعب وهتف بخوف وهو يرفع كفه في وجه خالد يوقفه:
_ لا استهدي بالله ياخالد اعقل..
_أنت خليت فيها عقل!
زجر بها خالد، وزدادت محاولات آسر في إيقافه قائلًا:
_ خالد السلاح يطول سيب السكينة.
_أنا عايزه يطول عشان أخلص من أم خلقتك دي.
ارتفع صراخه، وازداد رعب الآخر، الذي لا زال يهدئه خوفًا:
_ يا غبي أنت كدا مش هتخلص مني خالص عفريتي هيتطلعلك بقى واشتغله.
_ ولاه خلاص هي كبرت في دماغي هتموت يعني هتموت.
حاول الإمساك به ليفلت الآخر هاربًا، فكان كلًّا منهما على واقفًا على جهة من السرير، كان خالد كالأسد الذي لن يبرح إلا وقد وصل لفريسته:
_ طب سيبني وأنا هرجعلك مفتاح العربية بتاعتك الجديدة وقميصك الكحلي.
هتف بها آسر وهو يتخذ اتجاهًا آخر، توقف خالد مكانه وقد ارتفع حاجباه بدهشةٍ ثم قال بهدوء عكس ثورته السابقة:
_نهارك مش فايت أنت بتسرقني يالا؟!
_ آه أمال أنت تركب عربية جديدة وأنا المعفنة اللي عندي.
أجابه آسر مقتربًا منه بخطواتٍ صغيرة، بعد أن لاحظ هدوءه، ابتسم خالد وهو يشير إليه ليقترب، ثم قال:
_ولا تزعل أنا هركبك أحسن منها.
اقترب آسر بضع خطواتٍ أخرى مبتسمًا ، ثم سأله بفرحة:
_ بجد يا خَلّود؟!
_ بجد يا أسوره دا أنت حبيبي..
قالها بضحكٍ عندما سهّل غباء ابن عمه الاقتراب منه، فسأله آسر بلهفة:
_ إيه هي بقى طب لونها إيه قولي؟!
_هركبك الاتوبيس الأخضر عارفه؟
أحاط كتفيه بذراعه بعد أن أصبح بجانبه وحدّثه عما سيركبه، ليقلص آسر عينيه مفكرًا، ثم أجاب:
_ اتوبيس أخضر، لا مسمعتش عنه.
أخذ خالد يشرح له عن "الأوتوبيس الأخضر" بيده التي تمسك السكين، ما جعل نظرات آسر تتركز عليها وعقله معه. يصغي لما يقوله:
_ ما أنت عشان تشوفه وتسمع عنه لازم الأول تموت.
_ ليه عشان اركبه لازم أموت؟!
ابتعد آسر عنه مندهشًا أي مركبةٍ هذه تشترط أن يركبها الموتى؟ أكد خالد حديثه مقنعًا إياه:
_أيوة لأن الكفن محدش بيركبه حي.
_ تصدق معك حق؟!
قالها مبتسمًا بعد اقتناعه، ليبتسم الآخر بسخرية حاول جذبه مجددًا وقال:
_شوفت؟! تعال بقى.
_ لا أنا مش عايز أموت دلوقتي ياعم.
هتف بها آسر مبتعدًا عنه، ليعود خالد للحاق به وهو يهتف:
_ هو أنا بخيرك يا غبي؟! تعال هنا.
شعر آسر بألمٍ في قدمه المصابة، فصرخ متأوهًا بين خطواته السريعة:
_ آآه رجلي يا عصام.. يا عمي.. يا أهل الدار.. ألحقونــــــــــــــي.
_ أقف يا جبان مش عاملي فيها أبو الرجال وكل ما اطردك تيجي؟
هتف بها خالد وهو يلحق به، فسمع بعدها مهادنته التي يريد إيقافه بها على أن يفتك به:
_ أبو رجال مين؟! دا أنا غلبان يا خالد اعقل بدل ما تدخل السجن وأبو لهب يجوز ياسمين لحد تاني وتعيش أنت في السجن تغني إرجع بقى.
_ في أيه وإيه اللي في إيدك دي يا خالد؟!
هتف محمد بحدة الذي جاء من غرفته بعد الجلبة التي أحدثها هذان المجنونان، اندفع آسر نحوه يحتمي به كالعادة وراء ظهره، وهتف بقوةٍ مصطنعة:
_ سكينة ياخويا شوفت واحد مسدس والتاني سكينه عيلة تشرف الصراحة.
تمسك آسر بعمه عندما لاحظ نظرات خالد الشيطانية تشع نارًا، وهو يرفع السكين أمام عيناه، ثم هتف بنبرةٍ مخيفة:
_ هقتلك وابعتك لجدك.
_ ليــــه ليــه يا خَلّود بتدخل جدك ليه في الموضوع ؟!متسيبه مرتاح مكانه.
هتف آسر وهو يتشبث بذراع عمه خوفًا منه، فيعاود خالد همسه المخيف:
_ أنا عايزك ترتاح جمبه و عشان أنا ابن ناس ومتربي هخليك تكتب وصية قبل ما تتقتل.
_ غبي أوي أنا عشان اكتبلك املاكي.
هتافه الغبي زاد غيظ خالد الذي جعله يتقدم منه هاتفًا بحدة:
_ أملاك إيه يا معفن تعالى نهايتك على ايدي.
وعندما أوشك الاقتراب منه، صرخ والده بنبرة حادة:
_خالد خلاص.
_ يا بابا دا بيسرقني!!
هتف بسخطٍ قاطعه به والده بنبرته الصارمة:
_ أنا قولت خلاص.
_ ياعم خلاص لو زعلان على الحاجة هرجعلك كله حتى اللاب الأسود والبرفان والساعة وملف المعمار حاضر من عينيا أنا مين ليا بركة إلا أنت يا خَلّود.
ابتعد آسر عن عمه يوضح ما فعله لخالد معتذرًا ، دهش خالد لما سمعه وقال:
_ طب اللاب والبرفان ممكن إنما حضرتك اتثقفت أمتى عشان تاخد ملف المعمار؟!
ابتسم آسر بعفويته الساذجة واقترب منه موضحًا السبب:
_ لا أنا خدته عشان الرسم إلا أنت رسامه جميل فقولت افتخر قدام صاحبي.
أمسك خالد آسر من رقبته بعد اقترابه منه يضغط عليها في محاولةٍ للقضاء عليه:
_ أنا هشنقك.
اندفع محمد إليهما ليخلص آسر من بين يدي خالد، لكنه فشل، حضرت ندى مسرعة بسبب سماعها أصواتهم، تقدمت تسأل والدها:
_في ايه يا بابا؟!
_ نادي بسرعة عصام.. أخوكي اتجنن وهيقتل أسر.
توقفت ندى مكانها، قدماها رافضتان الذهاب إليه، تنظر لهم بشرود أفاقها منه والدها الذي لازال يحاول الفصل بينهما صارخًا:
_أنتِ لسه واقفة؟!
تحركت ندى نحو غرفة المكتب الخاصة بعصام، فتحت الباب بسرعة دون استئذان لتجده يعمل على بعض الملفات وإلى جانبه كوبًا من القهوة، رفع بصره ليراها فابتسم ابتسامته الساحرة، ونهض عن مكانه متجهًا صوبها:
_ كنت متأكد إنك هتيجي.
 كادت أن تستسلم وتسامحه بعد أن رأت ابتسامته الساحرة، لكنها وجدت أنها ليست فرصة مناسبة لأمرهما، فآسر الذي سيموت بعد قليل أهم منهما، زجرت نفسها وتحدثت بما أمرها به والدها:
_ ألحق خالد هيموت آسر.
_مش مهم أهم حاجة إنك هنا ندى أنا آسف والله ما أقصد أنتِ بالنسبالي دلوقتي روحي حد بيعرف يعيش من غير روحه!
نظرت إلى عينيه بحزن، وهتفت:
_ أنت بتقول إني وحشة؟!
_أنتِ أحلى من القمر نفسه أنا بعشقك يا ندى!
 أجابها مراضيًا و معتذرًا بذات الوقت، فاحمر وجهها خجلًا ونظرت إلى الأرض بحرج لقربه ولسماع كلامه الذي يداعب قلبها ويذيبها خجلًا ، اقترب يهمس لها : 
_بحبك... أنتِ اللي خليتي قلبي رجع يدق من تاني. 
تسارعت أنفاسها و تشعر به يقترب أكثر، فهتفت بتلعثم:
_ عصام ابعد.
_لا.
هتف بها بحزمٍ لتتراجع بخطواتها قائلة بارتباك:
_ آسر هيموت خالد.
ابتسم بمكر بعد أن لاحظ ارتباكها وتأثيره عليها، فهتف ساخرًا:
_بجد؟! طب تيجي إزاي؟
أغمضت عينيها تصحح ما قالته:
_أقصد خالد.
عض عصام شفته السفلى لشدة إحراجها وإحساسها بارتباك،  فلم يشأ أن يحرجها أكثر من ذلك، رحمها من تضارب مشاعرها عندما هتف :
_تعالي نشوف في ايه؟
 تحركا إلى خارج المكتب ليجدا خالد قد طوق رقبة آسر بحبلٍ يحاول إيصال طرفه الآخر ليربطه بالنجفة، ومحمد يجلس على إحدى الأرائك بتعب منهما، اتسعت عينا عصام بدهشة، فتمتم بصدمة: 
_أيه ده!! 
_ يا غبي الحبل قصير مش هيطول النجفة.
هتف بها آسر ببلاهةٍ، ليصدح بعدها صوت محمد المتعب:
_ أسكت يا أسر الله يهديك متستفزوش.
_ خالد خلاص!
هتف بها عصام وهو يقترب منه ليهدئ نيران غضبه، ليدفع خالد به وقال بحدة:
_ سبني أنا خلاص فاض بيا.
 اندفع عصام تجاهه وأمسك خالد ثم قيده بالحبل الذي ازاحه عن آسر بقوة، حاول خالد فك نفسه لكنه لم يستطع فقوة عصام تفوقه بكثير، فرك آسر رقبته موضع الحبل، وهتف ساخطًا بنظراته التي صوبها نحو خالد:
_ اخص عليك يا أبو نسب.
_متقولش زفت، عصام الله يخليك سبني اموته؟
يهتف بها بحدة لاستفزاز آسر له وهو يحاول فك نفسه بحركته، ليهتف عصام مهدئًا:
_ خلاص ياخالد أهدى.
_ تموت مين يابا ده أنا أفعصك.
هتف آسر بقوة مزيفة، يتحامى بأخيه، التفت عصام إليه يناظره بسخرية :
_ والله ؟! كانت فين طولة لسانك دي وأنا بسحبك من إيده زي الصرصار.
_ أنا مبحبش اظهر قوتي لحد الحاجات دي بتتحسد يابني.
هتف آسر بثقة، وغرور، ليزداد غضب خالد وهتف بحدة:
_والله يا آسر ما حد هيموتك غيري؟
_بتحلف ليه ؟ مصدقك! 
ابتعد عصام عن خالد ليمسك آسر رافعًا إياه بيدٍ واحدة على الحائط، وهتف بحدة: 
_ أنا اتخنقت منك و جبت أخري كل شوية آجي أسلكك من مشكلة شكل.
شعر آسر بانحباس انفاسه، ووجهه تحول للون الأحمر، فقال بصوته المتقطع:
_ خ ل اص س ب ن ي ه م و ت.
_ اسمعني وتنفذ اللي هقوله هتروح اوضتك زي الشاطر كدا وتقفل الباب على نفسك وتتخمد ت.. ايه؟!
_ ا ت خ م د.
_ شاطر يالا، غور.
هتف بها عصام بصوتٍ حاد جعل آسر يركض تجاه غرفته، فعصام الوحيد الذي يمكنه لجم أخيه وإخافته، توجه لخالد يفك وثاقه الذي ما إن شعر بحرية يداه، انتقلت إحداهما إلى جيب بنطاله تأخذ حبة علاج وأمسك رأسه بألمٍ، نظر إليه عصام مليًا ثم قال:
_ ليه حاطط حبوب الصداع في جيبك؟ 
_عشان الزفت اللي اسمه آسر أول ما بشوفه بيجلي صداع.
أجابه بحنق، ليضحك عصام وهو يضرب على قدمه وهتف بسخرية:
_ شكلك مسخرة معقول آسر بيعمل فيك كل ده!
فرك خالد جبينه بألم يفتك برأسه، ليقول بتعب:
_أضحك أضحك ماهو بيخاف يجي جمبك
_سيبك منه يالا قوم نام عشان عندنا اجتماع بكرة مهم.
هتف بها وهو ينهض يمد يده لخالد مساعدًا إياه بالنهوض، فقام الآخر وهتف معترضًا:
_ لا يابا أنت هتنام في أوضتي وأنا في أوضتك.
_ليه أن شاء الله؟!
قالها بدهشةٍ، ليشير خالد بحاجبيه في جوابه:
_عشان الزفت لما يرجع تصتفيوا سوا أنا عايز أنام.
_ تصدق يالا صعبت عليا اوك روح نام.
اتجه كل منهما إلى غرفة الآخر، أما آسر فقد كان يسترق السمع لجوارهما، وما إن دخل خالد الغرفة وجلس على السرير، سمع صوت مقبض الباب يُفتح، ليرى آسر يقف كطفلٍ بريء يحمل وسادته بين يديه، أخذ خالد نفسًا عميقًا وهتف بيأس:
_ أنا عارف إني يومي مش معدي تعالى نام وخلصني.
اندفع آسر بخطواته يرمي بجسده على السرير وهتف بمرح :
_ ما كان من الأول ياخالود كل مرة تعمل الدوشة دي وبترجع تنام جنبي.
_أنا اللي باجي أنام جنبك؟! نام يا آسر ربنا يهدك.
اتسعت عيناه وهو يسمع تصريحه الكاذب، ليهتف الآخر بمرح:
_ قولتلك مبعرفش أنام إلا جنبك.
وكأنه كان يحادث نفسه، فخالد غطّ في النوم لشدة تعبه.
**********
أشرقت الشمس بنورها معلنة يومًا جديدًا، وقد نسجت أشعتها من الأحلام حقيقة، تبدلت ليلة القصر الظلماء لنهارٍ مشعٍّ زاده جمالًا.
في غرفة خالد كان عصام يبدل ثيابه في غرفة الملابس الخاصة به بعد أن أمضى ليلته هنا، وفي خارج غرفة الملابس، دخلت ندى مناديةً باسم خالد تبحث عنه.
_خالد يا خالد أنت فين؟!
داخل غرفة الملابس زفر عصام بسخط لذوق خالد في ملابس وقال:
_ إيه ده ذوقك دايمًا غريب في اللبس يا خالد أنا  أروح البس من عندي أحسن.
_ خالد أنت جوه يابني رد الله..
هتفت بها ندى متذمرة وفتحت باب غرفة الملابس، اتسعت عيناها عندما رأت عصام يقف أمامها يرتدي بنطالًا أسود وعاري الصدر، عضلاته وبنيته القوية ظاهرة، أدارت وجهها بخجلٍ وهتفت متلعثمة: 
_أنا آسفة… أنت إيه اللي جابك هنا … دي أوضة خالد؟
_وايه يعني أوضة خالد ممنوع أدخل.
هتف بسخرية، ليسمع طلبها بعد ذلك:
_ طب استر نفسك بسرعة.
_ ليه أنتِ مش واثقة في نفسك؟ 
هتف بها بمكرٍ وابتسامة ماكرة لاحت على شفتيه، جعلها تلتفت إليه وهتفت بقوة:
_ نعم مين دي اللي مش واثقة في نفسها.
اقترب منها فتراجعت للخلف بتلقائية حتى ارتطمت بالحائط، أمال برأسه إلى حانب أذنها و همس بصوته العذب:
_ أنتِ!
رفعت بصرها تنظر إلى وجهه بدايةً من خصلات شعره المتمردة المبلولة، والتي التصق بعضًا منها في جبينه، ثم إلى عينيه التي لطالما تأملتها كسماءٍ صافية، شعرت بتسارع أنفاسها، فهمست بصوتها الذي يكاد يسمعه: 
_ابعد.…
اتسعت ابتسامته الماكرة،  وبهمسه العذب قال:
_ ليه يا ندى خايفة!
_ أنا هخاف من إيه!
هتفت بقوةٍ مصطنعة، ليقترب منها أكثر لا يفصل بينهما إلا سنتيمترات قليلة، وكرر بهمسه:
_ تضعفي مثلًا.
أغمضت عينيها وقد كانت على وشك الاستسلام، لكنها أفاقت فجأة ودفعته بكفيها وابتعدت عنه لتغادر الغرفة، جذبها عصام بعد أن ولّت ظهرها إليه مغادرة فاصطدمت بصدره العاري، ورائحته التي تخللت أنفها، فهتفت وهي على وشك البكاء:
_ عصام سبني.
_ لا أما تسامحيني الأول.
هتف بها معانداً إياها بمكر ، فعاندته الأخرى بجوابها:
_ لا مش هسامحك.
_كدا خلاص هعتبر دي دعوة منك عشان اصالحك.
مكره يتراوح بين حروفه ، لكنها قابلته  بالرفض ، فوضع الخيار السابق أمامها: 
_ هتسامحيني ولا...؟؟
_ آه.
أجابته وهي تخفض رأسها خجلاً ، فسألها بخبث: 
_آه إيه؟!
_ آه موافقة.
 أجابته بخجلٍ اتسعت ضحكته الماكرة وهو يسحبها نحوه قائلاً:
_ اوك تعالي.
_ لا موافقة أسامحك
قالتها وهي تبتعد عنه، ليحتضن وجنتيها بين كفيه ينظر لمروجها الخضراء هامساً بعشق:
_ شطورة
وبجدية تامة تشكلت بصوته الرخيم..ردد: 
_  أنتِ ملكتي قلبي.
أطالت النظر في سماء عينيه الصافية، انغمرت بشرودٍ فافاقت على صوت ياسمين التي تنادي من الخارج : 
_ ندى أنت هنا؟!
ابتعدت ندى عن عصام تهرول بخطواتها إلى الخارج، فتجد ياسمين أمامها والتي سألتها:
_ ندى أنت هنا وأنا بدور عليكي.
أجابتها ندى بتلعثمٍ فلشت في مداراته:
_ اصل …هو …لا أنا..
_ مالك يا ندى أنتِ تعبانة!
تحسست ياسمين جبين ندى بقلقٍ، وقد كان عصام يقف خلفها بعد أن ارتدى إحدى قمصان خالد، شعرت ياسمين بارتياب تجاه حالتها، لتهتف قلقة: 
_ ما تتكلمي يابنتي أنتِ شايفة شبح!
_ تقريبًا كدا يا ياسو شافتني.
هتف بها عصام من الخلف، فنظرت إليه بحرجٍ، ابتسم بمكر لها واستمع لسؤال ياسمين:
_ أنت بتعمل إيه هنا يا عصام!
_ أنا نمت هنا عشان آسر ما يضايقش خالد، أنا راجع أوضتي البس عشان عندي اجتماع مهم وأنتِ يا ندى اجهزي ساعة وهجي آخدك عشان أخرجك.
اتسعت ابتسامة ياسمين وهتفت بحماسة:
_  معاكم. 
_ ليه أن شاء الله خلي خطيبك يخرجك!
هتف بها متذمرًا ، فتصنعت له ياسمين الحزن بقولها:
_ كدا يا عصام ماشي.
_ كدا ونص أنتِ مش ليكي بعل؟
هتف بجدية، لتنسى ما قاله وتسأله عن آخر كلمة:
_ يعني إيه بغل دي؟!
_اسألي خالد.
قالها ملوحًا لها بيده واتجه نحو غرفته ليبدل قميص خالد، ظلت ندى في حالة وجوم وصمت حتى لكزتها ياسمين بإصبعها: _أنتِ يا بنتي بكلمك؟!
أفاقت الأخرى من شرودها لتجيبها بحرج:
_ ها…عايزة إيه؟
_  عايزة أعرف كل حاجة بالتفاصيل الممل أنتِ عارفاني دقيقة
قالتها وهي ترفع ثلاثة من أصابعها مشكِلةً بالباقيين دائرة ولاحت بها في وجه ندى التي توترت بشدة وهتفت بتلعثم:
_مفيش حاجة حصلت.
_ عليا أنا اوك برحتك أقول لخالد إني جيباكي من خزانه الملابس وهو هيعرف بنفسه إيه اللي حصل.
قالتها وهي ترفع جانب فمها بسخرية، وهمّت بعدها للذهاب إلى خالد، لكن ندى قبضت على كفها توقفها وقالت مسرعة:
_ لا هقول.
_ ناس متجيش إلا بالعين الحمرة ارغي.
هتفت بها ياسمين بتهديد يتخلله مزاح، لتذهبان بعدها إلى مكانٍ يمكنهن من التحدث بهدوء.
**********
فتح عصام باب غرفته ليجد آسر نائمًا في حضن خالد، كتم عصام ضحكاته بكفه، ثم تقدم ليوقظهما:
_ خالد أنت يابني!
نام ياحيوان قولتلك مبعرفش احكي زفت على دماغك.
غمغم بها خالد في نومه لتزداد ابتسامة عصام ، أيقظه ساخرًا: 
_ وكمان بتحكيله حكاية ، شكلك مسخرة قوم يابني.
فتح خالد عينيه، وأجابه بصوته الناعس:
_عايز إيه؟!
_ مين جاب الحيوان ده هنا؟!
هتف عصام مشيرًا لآسر الذي استيقظ من نومه وأجابه بصوته الناعس:
_ أنا اللي  جيت يابوص.
_طب قوم ياخويا منك له اتأخرنا.
هتفت بسخرية، حاول خالد النهوض لكن ذراعه مقيدة بذراعي آسر، فزفر باستياء وقال بحدة:
_سيب دراعي إيه ههرب؟!
_ آه قال يعني مهربتش قبل كدا.
 هتف آسر ساخرًا، ليرد إليه الآخر سخريته:
_ وأنت بتسيبني  ما أنت ورايا في كل حتة.
انزعج عصام من مناقراتهما ، فهتف بحدة:
_ هنقضيها كلام قوم يابني .
_ حاضر ياصوص.
 قالها آسر وهو ينهض لتتلقفه كف عصام من الخلف وزجره محذرًا:
_ أنا مش قولت مية مرة بلاش الكلمة دي شايفني عصير طماطم قدامك!!
_ بدلعك.
هتف بها وهو يبسط راحته أمامه، لتحد نبرة عصام:
_ أنا مبحبش الدلع وخصوصًا منك.
_ تمام يا بوص.
_ أنا هنزل استناك تحت يا خالد.
هتفت عصام مغادرًا، فأماء خالد برأسه موافقًا واتجه نحو الحمام ليتحمم لكن أوقفه صوت آسر قائلًا:
_ استناني يا خالد.
_إيه هتيجي معايا الحمام كمان!
هتف بها بغضب ليضحك آسر،  يردد:
_مش للدرجادي يا جدع.
_ أُمال عايز إيه؟
سأله وقد أغلق باب الحمام يستمع لحديثه الذي شرع به آسر:
_ بكرة خطوبتك؟
_ آه اشمعنى؟!
ابتسم آسر وقال بمرحه:
_عشان أروح اشتري بدلة تليق بأسورة الدالي حاجة كدا فوق الخيال.
شعر بضربة تحط على مؤخرة رأسه فتأوه بخفوت و استمع لاستهزاء خالد:
_ طب أنزل على الأرض عشان تستعد للشغل يا معلم.
_ قصدك الإشراف يا ابني هو ده شغل.
هتف بها بفخرٍ فأيده خالد متمنيًا توفيقه، ليغادر آسر نحو غرفته ليبدل ثيابه واتجه خالد إلى الحمام، اغتسل وبدّل ثيابه، ووقف أمام المرآة يصفف شعره، استمع إلى طرقات الباب، فقال :
_ ادخلي يا ندى.
_ يعني ياسمين متدخلش!
 هتفت ياسمين بابتسامةٍ الرقيقة، فالتفت إليها خالد بسعادة: 
_ ياسمين.
_ صباح الخير يا خالد.
قالتها بصوتٍ يملؤه البهجة، اتسعت ابتسامته، ثم همس بصوتٍ عذب:
_ أحلى صباح في الدنيا ايه ده أميرتي صاحيه بدري ليه؟!
_ نازلة اشتري شويه حاجات عشان الخطوبة.
 أجابته وطيف الخجل يلوح له فيستشعره، اوقفها وهمس لها،
_ استني أخلص الاجتماع اللي  ورايا وهاجي معاكي اوك.
_ بجد يا خالد!
هتفت بسعادة وهي تصفق بيدها، فابتسم لها خالد وأجابها :
_ بجد يا روح قلبي.
انسحبت مغادرة لتجهز نفسها، لكنها توقفت بعد تذكر كلام عصام، وأعادت خطواتها ترجع إليه وتسأله:
_ خالد ! يعني إيه بغل؟!
_ بغل.. بغل إيه؟!
أجابها بتعجبٍ، فرفعت كتفيها بعدم معرفتها و أقرّت ما سمعته من عصام:
_ مش عارفة أنا بقول لعصام يخرجني معاه هو وندى قالي ليكِ بغل يخرجك!
 انفجر خالد ضاحكا لفهمها الخاطئ، تحكم في ضحكاته حتى يحاول أن يشرح لها:
_  بعل يا ياسمين مش بغل.
_ أيًا كان يعني ايه؟!
ازداد فضولها لمعرفة معنى الكلمة، ليوضحها لها خالد:
_البعل هو الزوج.
تحركت عينيها يمينًا ويسارًا بسعادة، ثم هتفت بسعادة:
_ يعني أنت بعل؟!
_تصوري! 
لاحت الابتسامة على وجههما، ثم انسحبت مغادرة حتى تستعد للذهاب معه 
***********
اجتمعت العائلة على طاولة السفرة لتناول الفطور، تقدم عصام بخطواته تجاههم، ألقى تحية الصباح على والديه صاحبها قبلتان على جبينهما ويدهما، وجلس مكانه يتناول فطوره بصمت قطعته والدته بسؤالها:
_ خالد فين يابني أول مرة يتأخر كدا!
ابتسم عصام وهو يلوك قطعة من الجبن متذكرًا حالتهما التي رآها في غرفته، وبعد أن ابتلع ما في فمه أجاب:
_ كالعادة خالد يمسك في  آسر ويضربه ويروح ينام في أي حتة وآسر يروح وراه، فخالد ييأس وينيمه جانبه.
ابتسمت والدته لتعلق ابنها بابن عمه وقالت :
_ آسر ومن وهو طفل صغير متعلق بخالد جدًا.
_ هو عشان متعلق بيه يكرهه في عيشته ؟
هتف أحمد بسخطٍ، ثم نظر إلى ابنه وأردف:
_ ها يا عصام مفيش جديد عن أيوب البحيري وأحمد السيوفي؟!
_متقلقش يا بابا قريب جدًا هتسمع أخبار تسعدك.
هتف بها عصام بثقة تليق به وهو يرتشف الشاي أمامه، فنظر والده بحيرة وفضول لما يخفيه ابنه عنه، وقد ترجم نظراته قولًا:
_ هموت وأعرف إيه بيدور في دماغك والثقة دي بتجيبها منين!
_ ميبقاش البوص يا عمي.
هتف بها خالد وهو يتقدم نحوهما بعد مجيئه من الأعلى، نظر له عصام وهتف مجددًا بثقة:
_ أنتم مكبرين الموضوع يا جماعة! أنا على قدي.
_ إيه التواضع ده!
هتف بها خالد وأبيه ، ليبتسم عصام مجيبًا:
_ ولا تواضع ولا حاجة يلا يا خالد اتأخرنا على الاجتماع.
_ أوك يلا.
نهض كلاهما متجهين نحو الشركة،  نظر محمد لأحمد بتوجس وسأله بلهفةٍ :
_ هااه يا أحمد، عامل إيه دلوقتي ؟
_ الحمدلله أخدت العلاج زي ما الدكتور قال.
طمأنه أحمد بقوله، ليتمتم الآخر بحمد، وفجأة سمع الجميع صوت صراخٍ يعلو من غرفة سها، فركض الجميع تجاه الغرفة، ليتفاجأوا بآسر الذي يمسك بها من شعرها بعد سماعه لمهاتفتها مع معتز والذي أعطته وعدًا بأن تأتي له في المطار بعد ساعتين دون علم آسر الذي لم تطمئن عليه منذ ما حصل معه أمس.
_ آآه سيبني يا آسر.
_ اسيبك دا أنتِ ليلتك مش معدية ولا قولتي أما أشوف أسورة حبيبي ماله؟
هتف بها بغيظ لعدم اهتمامها به، لكن سها هتفت به وهي تحاول أن تخلص نفسها من بين يديه :
_حبك برص ياشيخ، ألحقني يا خالو.
_ بتسيحلي يا بت؟!
هتف بها بحدة، لتجيبه بحدة مماثلة:
_ أُمال اسيبك تتهجم عليا.
_ ليه عميت عشان اتهجم عليكي.
توقفت عن صراخها فجأةً وهتفت بصوتٍ منخفض:
_خالو.
_ ماله؟!
سألها بترقب خاصة بعد هدوئها، أشارت إليه بإصبعها خلفه، فنظر إليها ينتظر صدق ما فهمه منها، أكدت ذلك برأسها ليبتلع ريقه بتوتر والتفت إلى الخلف قائلًا بمرح:
_ حبيبي يا أبو لهب.
_ أنت بتعمل إيه عندك يالا؟!
_ مفيش ياحبيبي دا أنا كنت بشوف سها محتاجة حاجة ولا لاء!
أجابه بكذب، لتندفع  سها بالحديث قائلة بغيظٍ :
_ لا يا خالو دا كان هيضربني!
ابتسم آسر بقلق وهو يقبض على كفها، ثم برر لها:
_  بهزر معكي يا سوسو.
_ خلاص، أنت بقى يا أستاذ آسر مش في شغلك ليه؟!
هتف والده بحدة، جعله يعدل هندامه ليتسعد منسحبًا من الغرفة:
_ما أنا ماشي اهو عشان الشغل ميوقفش.. أصل يا عمي أن مكنتش أنا أضبط كل حاجة مفيش حد بيشتغل.
لوّح عمه بيده ساخرًا، ثم هتف:
_ آه أنت هتقولي!
_ عن اذنكم بقى عشان متأخرش على الشركة.
هتف بها مغادرًا ليوقفه أحمد مذكرًا إياه بقراره :
_ بس أنت مش هتروح الشركة.
_ آه تصدق نسيت يا أبو حميد أطمن أنا هشرف على العمال بنفسي.
صاح بها آسر وهو يضرب كفيه ببعضهما، ثم غادر إلى المكان المتفق عليه، نظر أحمد لأخيه ، وقال :
_ كلمت المشرف على العمال فهمته هيعمل إيه مع الحيوان ده؟!
_ ايوة يا أحمد أطمن هينفخه شغل.
ردد محمد بشماتةٍ، ليمتقع وجه سها التي هتفت بحزن:
_حرام عليك يا خالو أسوره حبيب قلبي.
_ بت أنا مش ناقص جنانك أنتِ التانية اصل والله ابعتك وراه تشتغلي معه في البناء طالما الحب مقطع بعضه كدا يا اختي.
هتف بها أحمد بحدة، أرجفت سها، لتغير رأيها بسرعة:
_هي مين دي اللي تشتغل ده هو يستاهل أكتر من كدا كمان أنا مالي!
_ أيوة كدا اتعدلي.
زجرها بها أحمد، ثم رأى ندى متأهبةً للخروج فتوقفت تلقي عليهم تحية الصباح، ليجيبها أحمد:
_ صباح النور على عروستنا الحلوة إيه خارجة على فين كدا؟!
 أشارت إليه ليقترب منها وهمست له:
_ عصام قالي استناه لما يخلص الاجتماع عشان نروح نجيب حاجات الخطوبة.
_ طيب تمام الاجتماع قدامه ساعه كمان أنتِ لبسه دلوقتي ليه؟!
أجابها بهمس أيضًا، فأجابته سريعًا بسعادة:
_ هروح الشركة اتفرج على الاجتماع ده نفسي أشوف عصام وهو واقف.
_ اشمعنا!
هتف أحمد بتعجبٍ، لتبدد الأخرى تعجبه بجوابها:
_ بيتكلم بثقة كدا وغرور.
_ وأنتِ عرفتي منين؟!
اتسعت ابتسامته وهو يراها تتحدث عنه هكذا لتجيبه:
_ خالد …وقولت أروح أشوف بنفسي...  أصل بحب أشوفه أووي كدا ماهو ده اللي خلاني أحبه.
_ بجد ربنا يعينك.
 تمتم بها لها لتضحك وهتفت يعدها بصوتٍ عالٍ:
_ ميرسي أنكل... سلام بابي.
************
في الشركة وفي مكتب خالد الذي كان يستمع لمصيبةٍ حلّت بهم، فهتف بصدمة: 
_يا نهار.
هزّ عادل رأسه وأجابه:
_أيوة يا خالد مش نهار بس دا هيجيب جميع الاوقات لو البوص عرف أمال أنا جيلك ليه عشان هو بيحبك وهيسمع منك وأنت ابن عمه.
_ ابن عمه مين يابا دا انا هتعلق جنبكم.
هتف خالد بسخرية، ثم نظر لعادل وقال له:
_ أخفى من وشي الساعة دي أما أشوف هقوله إزاي؟!
***********
في مكتب سمع عصام طرقاتٍ على الباب، فهتف رغم انشغاله:
_ أدخل...
رفع بصره ليرى الوالج، فوقف مبتسمًا ثم أردف:
_ندى…
تقدمت بخطواتها وترتسم بسمة هادئة على شفتيها مرسومةٍ، وقالت بسعادة:
_ أنا قولت اجي أقعد معك عشان نمشي على طول.
_تقعدي معايا فين يا ندى هو أنا بلعب!
هتف بسخرية أزعجتها، لتختفي ابتسامتها وهتفت بحزن: 
_ كدا طيب أنا أصلا غلطانة إني جيتلك أنا ماشية.
همّت بالرحيل، فقام عصام يوقفها قائلًا:
_ استني بس أنتِ دايمًا بتزعلي بسرعة كدا!
_ دا بدل ما تقولي الشركة منورة يا حبيبتي أطلبلك حاجة تشربيها أنا اللي هعلمك!!
أشاحت بوجهه عنه وهي تعاتبه، ابتسم بسعادة وقال:
_  في دي عندك حق.. تشربي إيه يا نور عيني؟!
رفعت رأسها تفكر ثم أجابته:
_ أمم قهوة.
_ ندى أنتِ لسه العادة دي فيك؟
 سألها عن سوء عادتها التي تمنعها من تناول الفطور، وشرب القهوة على معدةٍ فارغة، فأجابته بخوف:
_ ها ؟…ما أنا مش عارفة أغيرها.
_ بس كدا غلط وأنا قولتلك 100 مرة.
 ورفع عصام سماعة خط المكتب، يطلب إحضار فطورًا إليه، فشعر بتخبط قدميها اعتراضًا، زجرها بنظراته، ثم تمتم بهدوءٍ بعدما تخلص من ضيقه:
_  أنا هفطر معاكي يا قلبي.
ابتسمت لمشاركته لها، وبعد دقائق دخل العامل يحمل الفطور ويضعه على الطاولة وغادر، هتف بترحيب ملكيّ:
_ يالا..
_ يالا يا بوص.
 هتفت بسعادة تتبع خطواته وتسمع ضحكاته، جلسا على السفرة الصغيرة يتناولا الفطور، لتتوقف ندى عن الأكل وهتفت بتعبٍ:
_ خلاص مش  قادرة. 
_ندى أنا قولت إيه!
احتدت نبرته، لتهتف بحزن:
_ معتش جيالك هنا تاني .
_  ماشي بس كملي.
عادت تكمل فطورها بغصب، ليسمع طرقات الباب يُفتح فجأة ليكون خالد الذي شعر بحرج من دخوله، فهتف بحرج:
_ أنا جيت في وقت غلط ولا حاجة!
_ لا بنفطر تعال كل.
هتف عصام نافيًا، ليرفض خالد طلبه بأن سبقه في ذلك، نهضت ندى من مكانها تشعر بالشبع:
_ خلاص يا عصام كفاية.
حرك رأسه موافقًا، ثم نهض معها يصحبها تجاه غرفة الراحة خاصته، وقال:
_ هاقعدي في اوضتي لحد أما أخلص.
_ قدامك كتير؟!
تسأله بترقب ليجيبها:
_لا يا روحي هي نص ساعة بالكتير.
أماءت برأسها، لتدخل معه غرفته المليئة بالكتب، فهتفت بدهشة:
_ الله كل دي كُتب!!
_عجبتك؟!
_ عجبتني؟...دي تخبل!
قالتها وهي تتأمل أعداد متنوعة من الكتب، فوقع اختيارها على واحدٍ تلقفته بيدها تتأمل غلافه، ابتسم عصام لسعادتها، وانتشلها من اندماجها بما في يدها:
_ حلو  الكتاب ده، أقريه على ما أخلص وأنا هجبلك شوكلا كمان يا ستي.
 ابتسمت بسعادة وهي تجلس على أريكةٍ مريحة تباشر قراءة الكتاب، في حين رجع عصام إلى المكتب جلس وخالد يجلس أمامه مرتبكًا لا يعرف كيف يفتتح الموضوع معه، وقّع بعض الملفات، وقال وهو لازال يركز في عمله:
_ اتكلم سامعك.
_ ها على إيه؟!
هتف بها بارتباك، ليجيبه عصام :
_ على اللي أنت عايز تقوله وخايف.
استجمع شجاعته التي تبعثرت، أو تصنع شجاعة مصطنعة وأجابه:
_ بصراحة الملف اللي فيه كل المعلومات عن شركتنا وملفات الصفقات اللي إحنا عاملناه مع الشركات التانية  احم اختفوا.
_ ايــــه!
زمجر بها عصام بغضب ليجيبه خالد بخوف:
_ اسمعني يا عصام.
_أسمع إيه أنت اتجننت، اجمعلي كل اللي في القسم  نهاركم النهارده مش هيعدي.
انقلب حال الشركة إلى رعب، الجميع قد حضر بين يدي البوص الذي يشتعل غضبًا: 
_ الموضوع ده حصل ازاي أفهم!
_ يا باشا .
حاول عادل الاعتذار فنهره عصام بنبرته التي أرجفت الجمع:
_أخرس مش عايز أسمع أعذار.
_براحة شوية يا عصام.
حاول خالد إخماد غضبه لكن عصام اندفع بحديثه :
_ أصبر دورك مش دلوقتي!
_يا عصام باشا دي أول مرة تحصل دا أكيد حد عارف كل ركن في الشركة.
برر عادل لعصام ما حدث ليزداد غضبه وهو يصرخ بهم:
_ دي كارثة دا لو بابا شم خبر قولوا على نفسكم يا رحمن يا رحيم...  بس أنتم ليكوا عندي العقاب المناسب بس مش وقته أما أعرف مين اللي عمل كدا!
 قام عصام من على المكتب:
_ وربي وما اعبد أن ما عارفتوا مين اللي عمل كدا في ظرف ساعة من دلوقتي مش هرحمكوا يالا اخفوا من وشي.... خالد
_ نعم يا عصام.
_ تابع الموضوع بنفسك.
هز خالد برأسه موافقًا، ليستمع لعصام الذي ينفث أنفاسه بغضب:
_ أنا عارف مين اللي عمل كدا بس عايز أعرف مين اللي وصلهم الملفات.
_ هنعرف بس أهدى أنت بس.
حاول تهدئته، لينفعل أكثر:
_أهدى إزاي دي مصيبة!
 انسحب خالد إلى الخارج يتابع هذا المصاب ومن سببه هنا، ليجلس عصام على كرسيه يفكر بما سيفعله يتناسى أمر ندى، وبعد ساعة، دخل خالد إليه
بعد ساعة خالد وهو يهتف:
_عرفت مين اللي عمل كده.
جلس ليباشر حديثه، لكن عصام قال بحدة:
_ أخلص أنت لسه هتقعد!
_ فيفي.
_ فيفي مين؟!
هتف بها بتعجبٍ مضيقًا عينيه، ليتمتم  خالد بصوت يكاد يكون مسموع:
_ أنت هتفتكر مين ولا مين ما أنت كل يوم بتطرد سكرتيرة شكل!
_أخلص أنت هتنقطني.
_دي كانت السكرتيرة بتاعة سيادتك اللي حضرتك طردتها الأسبوع اللي فات.
_ يابنت ال *** ، خالد هي أكيد عملت كدا عشان الفلوس.
هتفت بسبابٍ لاذع، ثم نظر لخالد متابعًا حديثه، الذي أكده خالد:
_اكيد يا عصام وأكيد ادتهم للي وزها.
_ لا لسه الملفات معها.
اندهش خالد لدهائه، ولاستنتاجه الذي أدلى به:
_ لأن أحمد السيوفي في لبنان بقاله 10أيام وهي أكيد ملحقتش تسلمه الملفات.
_ طب ما ممكن يكون أيوب البحيري اخدهم.
فرض خالد احتمالًا آخر لكن نفى عصام حديثه  بقول:
_ لا مش أحمد السيوفي اللي يثق في حد أنا عارفه كويس المهم شوف البت دي عايزة كام وأدلها، الملفات بالليل تكون على مكتبي يا خالد وإلا لا هتلحق خطوبة ولا جواز سامع!
_أنا عارف أن الخطوبة دي حد بصصلي فيها منك لله يا آسر.
هتف بها بسخطٍ، وهو ينسحب ليبحث عن الفتاة  "فيفي" ليأخذ منها تلك الملفات.
************
_أحمد بيه تلفون حضرتك بيرن.
هتفت بها هنية عاملة القصر وهي تناوله هاتفه، ليأخذه منها مشيرًا لها بالعودة إلى عملها، وضع الهاتف على أذنه وقال:
_ الو…
_ الحقنا يا أحمد باشا!…
هتف بها مشرف البناء مذعورًا، ليفزع أحمد في مكانه وهتف بقلق:
_ في إيه يابني؟!
_ آسر بيه هيرمي نفسه من الدور العاشر الحقنا يافندم أبوس إيدك..
هتف بها بذعر ثم استنجد به ليقفل بعدها الهاتف، لاحظ محمد ذعره فسأله بلهفة:
_ في ايه يا أحمد؟!
_ الغبي آسر عايز يرمي نفسه من عاشر دور.
هتف بقلق وهو يلملم أشياءه ليتمكن من اللحاق به،  ينهش قلب الآخر الذعر وهو يسأله:
_ إيه إزاي؟!
_ أنا هروح أشوف في ايه حسبي الله ونعم الوكيل يا آسر يابني.
غادر أحمد القصر متجها إلى موقع البناء الذي يعمل به آسر، مسرعًا لينقذ ابنه من طيشٍ سيفعله.
***********
على ارتفاع عشرة طوابق، في البناء العظم، يقف آسر والجميع حوله وفي الأسفل قلق، مذعور، ويترقب اللحظة التي سيسقط بها آسر، هتف عامل البناء في محاولةٍ لإقناعه:
_ يا آسر بيه أنزل الله يهديك.
وقف آسر على الحافة ينظر إليهم، ثم هتف ساخطًا:
_ بقى أنا آسر الدالي اشتغل مع العمال ماشي أنا هوريكم.. يا أنت!
أشار إلى أحد العمال ليقترب منه، يردف بصوتٍ متلهف، يضع يده على بطنه:
_ هاتلي فطار حلو كدا وكوباية قهوة حرام أموت من غير ما أفطر على ما أبو لهب ييجي.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1