رواية اميرة البحور الفصل الثاني 2 بقلم كاتب مجهول

 

رواية اميرة البحور الفصل الثاني بقلم كاتب مجهول

#أميرة_البحور وحبيب البصري 

جزء 2

في المساء حضر حبيب للميناء بعد أن ودّع أمه ،وأعطاها المال، ثم إنتظر قليلا ،وفكّر: هل تستحق تلك الزهرة أن يرمي بنفسه في البحار من أجلها ،وليس معه سوى صرة ملابس وبضعة أرغفة وقربة ماء ؟ ثمّ قال :وما فائدة العيش محروما لا مال ولا زوجة جميلة؟فتحمّس ،وقال: من توكّل على الله فلن يخيب. وفي هذه اللحظة ظهر عبد الصّمد ،ومعه ثلاث عربات مشحونة بالبضائع المختلفة ،وفي الثالثة كان هناك صندوق كبير من الخشب ،فأومأ التّاجر لحبيب فدخل وسطه ،ووضع الغطاء على نفسه، وكان هناك ثقب يدخل منه الهواء ،وحمل العبيد البضاعة إلى عنبر السّفينة ،وهم يشتكون من ثقل الصّندوق .وفي الفجر أبحرت السّفينة بحمولتها ،وبقي حبيب أيّاما وسط العنبر المظلم ،وأصيب بدوار البحر، ولم يقدر أن يأكل أو يشرب ،وفي النّهاية طلع للسّطح ،فضرب الهواء وجهه ،وأحسّ بالرّاحة ،واتّكأ على حافّة السّفينة ينظر إلى الأمواج ،فلقد كانت هذه أوّل مرّة يبحر فيها ،ولم يكن يعرف أنّ ذلك شاقّ لهذه الدّرجة.
كان هناك الكثير من التّجار والعبيد، يروحون ويجيئون ،وفجأة اقترب منه رجل، ،ولمّا إلتفت إليه الولد ،رأى الشّيخ عبد الصّمد واقفا قدّامه ،وقال له: ويحك، ألم أوصيك بعدم الخروج من العنبر ؟ أتدري ما يفعله أهل المركب بمن يصعد دون إذنهم ؟ إنهم يلقونه إلى الأسماك !!! من حسن حظك أنهّم لم يتفطّنوا لك ،أجاب حبيب : عذرا يا سيّدي ، لقد أصابني الدّوار ،وكنت في أسوأ حال ،قال عبد الصّمد: لا بأس ستتعوّد على الحياة في المركب، إشغل نفسك بالقراءة أو بالتسبيح ،وتجنّب النظر إلى البحر !!! جلس حبيب في ركن ،ووضع رأسه بين يديه ،وقال: يا له من شعور فضيع، لا أعرف كيف سأمضى شهرا على الماء قبل أن أصل إلى اليابسة ،ثمّ.أخذ كتابا ،وحاول القراءة فيه، لكن لم تكن له رغبة ،أراد التاجر أن يخفّف عنه ،فسأله هل تعرف لماذا سمّيت تلك الجزر بالواقواق ؟ أجاب حبيب: نسبة إلى أحد الطيور الكبيرة فيما أعلم . ضحك التاجر ،وقال :بل إلى شجرة لها ثمرة تشبه



 الجواري ،ولهنّ شعر و عيون ،تعجّب الولد، وسأل هل هذا حقيقة أم وهم ؟ أجاب عبد الصمد: هكذا يقال، والله أعلم ،لكن أنا لم أراها ،وقد تكون قد وجدت من زمن بعيد .
فكّر حبيب، وقال في نفسه : هذا التّاجر يبدو على علم بتلك الجزيرة ،سأسأله عن الزّهرة البيضاء ،أخرجها من جيبه ،وسأله هل تعرف إسم هذه الزّهرة ؟ دهش الرّجل ،وقال :من أين حصلت عليها ،فدونها أغوال وأهوال !!! نسي حبيب ما أصابه من دوار ،وقال : بربّك أخبرني كل ما تعرف عنها ،أجاب التّاجر: لا يعرف هذه الزهرة سوى القلّة من النّاس ،لأنّها تنمو في جبل الضّباب أعلى قمم الواقواق ،وهنا يوجد أكبر معابدهم ،وفيه صنم كبير من الذّهب،كل ربيع يصنع له الكهنة من هذه الزّهرة مرهما يدهنونه به فيظل عطرا كامل السنة ،وهذه الزهرة مقدّسة عندهم ،و يقال أنّ ثعابين سامّة تحرسها ،و تقتل كل من يقترب منها.
سأل حبيب هل يمكن الحصول على بعض منها ؟ ردّ التاجر: لا ،فالكهنة يبيعونها إلى أغنياء الوقواق وهؤلاء يضيفونها إلى طعامهم ،ويزعمون أنّها نافعة للبدن، ومن يأكلها لا يمرض أبدا . قال االولد هذا يعني أنّ بقية الناس لا يمكنهم الحصول عليها ،وماذا يقع لو أردنا أخذ شيئ منها خفية ،أنا أحتاجها في دكاني ،قطب التاجر جبينه، وقال: لا أنصحك بذلك، يجب أوّلا أن تنجو من الثعابين ،و الفخاخ التي ينصبونها للسّراق ،أما إذا قبضوا عليك قدموك قربانا لصنمهم ،وهم لا يرحمون أحدا .بمرور الأيّام توطّدت علاقة عبد الصّمد ببائع التّوابل ،واعتبره كإبنه ،وصار الفتى يخرج في الصّباح ،وفي المساء يرجع لصندوقه الذي تعوّد على النّوم فيه.
وفي أحد اللّيالي هبّت عاصفة شديدة رمت بالسّفينة على صخرة تحت الماء فتهشّمت ،ووجد التّجار أنفسهم في البحر مع بضائعهم ،وسرعان ما إبتلعتهم الأمواج ،أمّا حبييب فلمّا فتح عينيه ،وجد الصّندوق طافيا فوق الماء ،فحمد الله على نجاته ،ثم إلتفت حوله يبحث عن عبد الصّمد ،فرآه متعلّقا ببرميل ،فجدّف بيديه، وسار إليه ثم سحبه إلى داخل الصّندوق، وكان الرّجل مبلّلا يرتعد من البرد ،فأعطاه حبيب ثوبا من صرّة ملابسه ،نظر له التاجر، وقال :لأنّي صنعت معروفا معك، أنجاني الله، والصّندوق الذي إشتريته لك صار زورق النّجاة ،فسبحان الله الذي أعطى، وقدّر ما فيه الخير لنا .
حين طلع الصّباح لم يتبقّ شيئ من السّفينة ،وركّابها إلا قطع من الخشب وبراميل ،وأشياء مختلفة طافية فوق الماء أمّا حبيب وعبد الصّمد فبقيا في الصّندوق تجرفهم الأمواج أربعة أيام كاملة حتى نفذ ما معهما من الزّاد والماء ،وأيقنا بالهلاك ...
...
يتبع الحلقة 3

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-