رواية اميرة البحور الفصل الخامس 5 بقلم كاتب مجهول

 

رواية اميرة البحور الفصل الخامس بقلم كاتب مجهول

حكاية حبيب البصري و #أميرة_البحور
الجزء الخامس

لمّا وصل القارب قرب الصّخرة رأى حبيب كومة من الصّناديق والبراميل ،فقال لأميمة :ألم تعثري على أحياء ؟ فحرّكت رأسها بالنّفي ،وقالت: هناك أشياء أخرى، لكن دخلها الماء وتلفت .نزل الجميع ،وبدأوا في فتح البضائع ،وأكثرها كان الجلود ،والصّوف ،والأقمشة ،ثم فتح حبيب صندوقا صغيرا .ووجده مليئا


 بالحليّ، فأعطاه للحوريات اللواتي لبسن القلائد والأساور، ثمّ نظرن لصفحة الماء، وقد راقت لهنّ كلّ هذه الزّينة ،ثمّ إرتمين في البحر ،وطلبن من الولدين النّزول للسّباحة ،وكان بلال سباحا ماهرا أدهش الحوريات ،أمّا حببيب فكان لا يبتعد كثيرا عن الصّخور، ويسبح حولها ،وكان الجميع سعداء ،وبات من الواضح أنّ حبيب وأميمة متعلّقان ببعضهما كثيرا ،قال بلال : سأحمل البضاعة ،وأضعها في مخازن أبي ،ثم أرجع إليكما !!! لكنّ نرجسة تسلقت القارب ،وقالت له :سأذهب معك ،أما ياسمينة فطلعت إلى الصخور تمشط شعرها ،وتسترخي تحت الشّمس، فلقد كانت أصغر إخوتها .
قالت أميمة لحسن : آت بأمّك، وابق هنا ،ويمكننا أن نتزوّج ،أجابها :بل تعالي أنت معي ،فالبصرة من أغنى مدن الأرض، وبوسعنا أن نسافر ،ونتفرّج على البلدان والجزر ،فلقد بدأت أحبّ السّفر ،وركوب البحر ،أجابته : أبي لن يوافق على ذلك، لكنّي سأحاول أن أقنعه .بقيا يتناجيان حتى رجع بلال ،وقال له :لقد تأخّرنا، وعلينا بالرّجوع ،وسنأتي غدا .لمّا سمع عبد الصمد بحكاية البضاعة ،كظم غيظه من إبنه الذي لا يسمع الكلام ،وقال: هذا رزق ساقه الله إلينا ،وكلّ واحد منّا يأخذ الثّلث ،ويبيعه ،وافق الجميع ،أمّا حبيب فذهب للميناء يتفحّص المراكب، فأعجبه واحد كبير فلمّا سأل عن ثمنه ،قيل له مائتا ألف دينار ،فباع :جراب الزّهرة البيضاء لأغنياء الواقواق ،والبضاعة التي وجدها في البحر بخمسين ألف دينار،وفكر من أين سيأتي بالباقي ولم يجد سوى أميمة وحين أخبرها عن المركب صارت تأتيه كلّ يوم بالمرجان واللؤلؤ ،فيبيعه للتّجار بثمن كبير حتى جمع ثمن السّفينة ،وقال لها :لقد حقّقنا حلمنا ،وبالإمكان السّفر ،ورؤية الدّنيا .
في المساء ذهبت الحورية لأبيها ،فوجدته يتعشّى ،فقبّلت يديه ،وسألته :هل يهمّك سعادة إبنتك ؟ فردّ عليها نعم !!! كلّ أب يهمه ذلك ،ثم توقف فجأة عن الأكل ورمقها ثم قال هيا قولي ما عندك، فأنا أحسّ أنّك تخفين شيئا ؟ قالت :أنا أحبّ فتى من الإنس إسمه حبيب البصري ،فلم يتمالك نفسه ،وصاح :ويحك ألم أحذّرك من الإقتراب من أولئك القوم ؟ أجابته :هذا الفتى مختلف ويحبني ،وأريدك أن تراه ،،وأنا أقبل بما تقوله!!! فكّر قليلا ثم أومأ برأسه موافقا ،فعانقت الحورية أباها ،وفي الغد جاء حبيب مع بلال في الزّورق كعادتهما ،فوجدا ملك البحر في إنتظارهما مع الحرس والحاشية ،فسلم عليه وأخبره بقصّته وأنّه يريد خطبة أميمة لنفسه ،ونرجسة لبلال ،فسأله :وأين تنوي العيش يا بنيّ ؟ أجابه: في البصرة ،لكن سأرحل في البحار للتّجارة ،وسآتي دائما إلى هنا مع إبنتك ،وسيكون لنا دار في الجزيرة !!!
أجاب ملك البحر: إسمع، سأقبل فقط لو عشت هنا ،هذا قراري، ولن أتراجع عنه!!! ثم غطس في الماء ،وبقيت أميمة ودمعتها على خدها ،فلقد وعدت أباها بأن ترضى بما يقوله .أما حبيب فلم يقبل أن يعيش هناك ،ويتنازل عن حلمه في السّفر والتجارة ،وبعد أيّام تزوّجت نرجسة ،وبنى لها بلال كوخا جميلا على شاطئ البحر ،وفرشه بالزرابي وجلود الحيوانات، واشترى بثمن البضاعة زورقا شراعيا ليصيد فيه السّمك ،ويركب فيه مع الحورية ،والنّاس في تلك الجزيرة بسطاء ،ويعيشون ليستمتعوا بحياتهم ،والمال ليس له قيمة عندهم. كانت أميمة حزينة ،ولم تكلّم حبيب ،ووعدها أبوها أن يجد لها زوجا أفضل منه ،فما هو إلا أناني كبقية التّجار الغرباء ،وكلّما يعنيهم هو الرّبح.مرّت عشرة أيّام إشترى خلالها عبد الصّمد بضائع مختلفة من صندل وأبنوس وعطور وعاج ،وجاء تجار آخرون فاكتروا مكانا في المركب ،وبعد شهر، وصلوا البصرة فالتقى حبيب بامه التي فرحت برجوعه ،وملأ الدّكان بما حمله من توابل الهند ،وراجت تجارته ،وصارت له ثلاثة دكاكين في السوق ،وغيّر داره ،وسكن في حيّ راقي لكي لا يراه أحد من أهل حارته الذين عرفوه وقت فقره ،وصار يتهّرب حتى من الشّيخ عبد الصّمد ...
لكن الشّيئ الوحيد الذي لم ينساه هي أميمة ،وفي بعض الأحيان لما يختلي بنفسه يبكي كلّما يتذكر ضحكتها العذبة ،كانت أمّه تعرف ما يحسّ به من ألم ،وقالت له :سأخطب لك فتاة جميلة من معارفي ،وستنسى تلك الحورية ،لكن لمّا حضرت تلك الفتاة لم يجد فيها ما يعجب ،فهي كبقيّة البنات لا يهمّها سوى ما سيأتيها به من حرير وحليّ ..
...
يتبع الحلقة 6 والأخيرة

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-