رواية أرض زيكولا الفصل الثامن 8 بقلم سندي

 




رواية أرض زيكولا الفصل الثامن 8 بقلم سندي


رد خالد فى لهفة :

- مثلك ؟!!


ردّت أسيل :- نعم مثلى .. أنا أيضاً لم أكن من أهل زيكولا 

ثم نظرت إلى حاجبه الذى لم يلئم جرحه :


- أنا آسفة ..


فسألها :- على أيه ؟


أجابته :- أرى أن اصطدام حصان عربتى بك قد أصاب حاجبك ..


فابتسم :- أى حصان ؟

- حصانى بالأمس ..


فتذكر خالد:- لا .. لا .. مش الحصان .. 

أنا المفروض اللى اعتذر ليكى لإنى امبارح 

مكنتش فى حالتى الطبيعية 

بعد ما شفت الفقير اللى دبحتوه .. 

بس أرجوكى كمّلى حكايتك , و ازاى أنتى مش من زيكولا ..


انصرف الناس , و حملت الأم ولدها و انصرفت .. 

و جلست أسيل بجوار خالد على شاطئ البحيرة 

و بدأت تتحدث :


- كانت هناك حروب كثيرة منذ سنوات طويلة بين زيكولا 

و البلاد الأخرى .. و من بينهم بلدى ( بيجانا ) .. 

فكان جيش زيكولا يخرج يوم زيكولا , 

و لا يعود إلا يوم زيكولا الذى يليه .. 

حتى جاء يوم منذ أربعة عشر عاماً .. 

و استطاعت زيكولا أن تهلك بلدتى .. 

و أخذت الكثير منا عبيداً لهم .. و قد كنت منهم .. 

كنت ابنة عشرة أعوام وقتها ..


فقاطعها خالد :

- عبيد ؟!


أجابته :- نعم .. كان الرق يتواجد فى زيكولا حتى أعوام قليلة .. و لكنه لم يعد متواجداً الآن ..

و أكملت :- دخلنا إلى زيكولا .. 

و بالطبع كما حدث لك حين دخلت إلى هنا , 

أصابتنا لعنة زيكولا .. و أصبحنا مثلهم .. 

تعاملنا بوحدات الذكاء , و الأفقر يُذبح .. 

و لكنى كنت أوفر حظاً من غيرى .. 

فقد اشترانى رجل حكيم كان ذا قلب رحيم .. 

و كان يدرس الطب و الحكمة .. 

و أعطانى الكثير من علمه 

ثم أعطانى حريتى قبل أن يموت .. 

و أعطانى ما هو أهم .. 

أعطانى كتبه عن الطب و الحياة .. 

فتعلمت منها الكثير , و أصبحت طبيبة زيكولا .. 

و عاملتهم بطريقتهم أداويهم مقابل جزء من ذكائهم .. 

و هنا يمرضون كثيراً , و أنا أجنى الكثير .. 

فأصبحت من أثرياء زيكولا , و أنا ابنة الأربعة و العشرين ..


فقاطعها خالد مجدداً :

- و مفكرتيش تخرجى من زيكولا .. و ترجعى لبلدك ؟


فابتسمت و أكملت :

- كنت فى البداية انتظر اليوم الذى أعود فيه إلى بلدى .. 

و لكن بعد أربعة عشر عاماً أصبحت زيكولا حياتى .. 

أحببت الحياة هنا .. 

قد أذهب أحياناً إلى بلدى القديمة يوم يُفتح باب زيكولا .. 

و لكنى لا ألبث أن أعود سريعاً قبل أن يُغلق الباب مجدداً ..


فسألها :

- لأنك غنية ؟


أجابت :- ربما يكون هذا سبباً .. 

و لكن سببى الأكبر هو حبى لقوة زيكولا ..

و أردفت :

- رغم ما بها من مساوئ تظل هى الأقوى بين البلدان .. 

لا تستطيع أى بلد أخرى الاقتراب منها .. 

ستعرف مع وجودك هنا ما الذى يعطيها تلك القوة .. 

و اعتقد أنك ستحبها مثلما أحببتها ..


فصمت خالد قليلاً مفكّراً فى حديثها .. ثم سألها :

- زيكولا .. و بلدك اسمها بيجانا .. إحنا فين من العالم ؟

و لكنه لم يلبث أن يسأل سؤاله حتى جاءت فتاة مسرعة إلى أسيل تخبرها بأن هناك مريضاً فى حاجة إليها .. 

و لابد أن تسرع .. فنظرت إلى خالد :


- أننى أريد أن أعرف قصتك أيضاً .. أين أجدك لاحقاً ؟


فضحك :

- هنا .. هنا مسكنى .. بجوار شجرة البحيرة ..


- حسنا , أتمنى أن نكمل حديثنا قريباً .. و ابتسمت :

- هنا .. بجوار البحيرة ..

و غادرت , و تعجب خالد من حديثها , و حدّث نفسه :


- يمكن تكون زيكولا مدينة غريبة .. 

لكن واضح أنه عالم غريب بالكامل زيكولا جزء منه .. 

فين بيجانا دى هى التانية .. و ازاى بيتعاملوا فيها .. 

ثم ابتسم :


- كدة بقى فيه اللى ظروفه زى ظروفى , 

و مين ؟ .. دى أسيل .. 

ممكن أكون من الأغنياء هنا ؟ .. 

ممكن أكون زيّها ؟ .. ثم أفاق :

- لا .. أنا مش عايز أبقى أغنى الأغنياء .. 

أنا عايز أمشى من البلد دى .. و لكن هروح فين ؟ .. 

و ازاى هرجع بلدى مرة تانية حتى لو خرجت من زيكولا ؟

- المهم إنى أمشى من زيكولا الأول , 

وبعدها أفكّر ازاى أرجع بلدى , 

و لكن علشان أمشى لازم أفضل عايش 

ثم نهض مجدداً و قد جفت ملابسه , 

محدثاً نفسه ؛ لازم ألاقى شغل ..


اتجه خالد إلى شوارع المدينة و عزم على أن يجد عملاً يساعده أجره على بقائه حيّاً فى تلك المدينة .. 

و لكنه ما إن يذهب إلى أحد ليسأله عن عملٍ 

حتى يرفض طلبه .. فيذهب لآخر فيرفض هو الآخر .. 

و ظل يبحث و يبحث حتى تعبت قدماه .. 

و جلس على جانب أحد الشوارع .. 


ففوجئ بيامن يقترب منه , و يصافحه :

- أين أنت يا صديقى ..


فابتسم :- أهلا يامن .. 

يامن , أنا عايز اشتغل .. 

و حاولت ألاقى شغل بس الكل رفض يشغلنى ..

فسأله :- أين بحثت عن العمل ؟


فأجابه :- فى المنطقة دى .. المطاعم و محلات البيع ..


يامن :- إنك أخطأت فى بحثك .. 

هنا يريدون أن يوفروا مكسباً كبيراً , 

و عملك معهم سيفقدهم جزءًا من مكسبهم .. 

ستعرف كل شئ عن حياة زيكولا مع مرور الأيام .. 

ثم تابع :

- إن المدينة مليئة بأماكن العمل .. هل تريد أن تعمل معي ؟


فأجابه :- أيوة ..

فسأله :- دون أن تعرف ماذا أعمل ؟


فاندهش خالد , و سأله :

- هو عمل مش كويس ولا أيه ؟


فأسرع مجيباً :- لا لا .. إنه عمل مشرّف .. إننا نعمل بجد .. عملنا يحتاج إلى الأقوياء مثلك .. قد يكون أجره قليل 

و لكنه يكفى لاحتياجاتنا ..


خالد :- و فين العمل ده ؟

فابتسم يامن :- حسناً .. تعال معى ..


انطلق خالد مع يامن , 

و سارا إلى أطراف المدينة حيث منطقة جبلية .. 

حتى فوجئ خالد بعدد هائل من الفتيان و الفتيات 

يعملون كأسراب النمل .. 

و اندهش من ذلك الكم الهائل .. و سأل يامن :


- كل الناس دى بتشتغل ؟


يامن :- نعم يا صديقى .. 

و هناك الآلاف يعملون فى مناطق أخرى .. 

إن الصناعة هنا مربحة ..

ثم أشار إلى مكان ما :

- هنا نقطّع الأحجار من الجبال ثم نصنع منه طوباً 

متماثلاً يصلح لبناء المساكن .. 

و كل هؤلاء الناس يعملون , و يأخذون أجرهم يوماً بيوم .. 

و أنت و أنا سنكون بينهم .. 

أجرنا سبع وحدات ذكاء باليوم , هل يناسبك ؟


فابتسم خالد ثم تابع يامن :

- هيا .. عليك أن تثبت أنك جدير بالعمل ..


بدأ خالد عمله مع يامن و الآخرين .. 

يقطّعون الصخور و الأحجار بآلاتٍ يدوية .. 

و ربما كان عملاً يحتاج إلى قوة بدنية 

و لكن هذا ماكان يمتلكه خالد تماماً .. 

و بدأ يعمل , يرفع الفأس بيديه و يهوى بها على الصخور .. 

و ما إن تحطمت صخرته الأولى 

حتى نظر إلى يامن : لقد بدأنا العمل بالفعل .. 

و حدّث نفسه ساخراً ؛ بكالوريوس تجارة إلى مخزن أدوية 

إلى تقطيع حجارة .. 

و تابع عمله و الجميع ينظر إليه فى إعجاب , 

و خاصة بعدما طلب من يامن أن ينافسه .. 

من يقطّع الحجارة أسرع .. 

و تخلص من قميصه و ربطه حول خصره .. 

و غطى العرق جسده فجعله لامعاً مبرزاً عضلاته ..

الجميع يعملون , و يامن و خالد يتنافسان و يسرعان .. 

و الكل ينظر إليهما و إلى ما يبذلاه من جهدٍ , 

و قد أثارا حماس الباقيين .. حتى أخذا قسطاً من الراحة .. 

و زادت دهشة خالد حين نظر إلى الناس مجدداً .. 

و إلى الفتيات اللاتى تعملن بقوة .. 

و يحملن الأحجار إلى العربات .. و سأل يامن :


- ازاى البنات بتشتغل الشغل الصعب ده ؟


فأجابه : لا توجد فتاة بالمدينة لا تعمل .. 

إن قانون زيكولا لا يسرى على الأطفال فقط .. 

و لكن ما إن تجاوز الشاب أو الفتاة السابعة عشر 

أصبحوا خاضعين لقانون زيكولا .. 

و علي الشاب أن يعمل من أجل ثروته .. 

و على الفتاة أن تعمل من أجل ثروتها ..

ثم أردف :

- هنا لا أحد يعطى غيره من ذكائه دون مقابل .. 

حتى إن تزوجت , فلن يعطيها زوجها ما يُنجيها .. 

إما أن تعمل و إما أن تموت .. 

أو تجد حلاً آخر .. هو أن ترث ..


رد خالد مندهشاً :- ترث !!


يامن :- نعم .. هنا الميراث يقسم على الأبناء بالتساوى ..


ابتسم خالد :- الميراث ذكاء ؟


يامن :- و هل توجد ثروة أخرى يا صديقى ؟! .. 

حين يموت أحد تنتقل ثروته تلقائياً إلى ورثته .. 

هيا تابع عملك ..

فابتسم خالد :- حسناً ..


مرت ساعات , و خالد يعمل و معه يامن 

حتى بدأت الشمس فى المغيب .. 

فتوقّف الجميع عن العمل , 

و ظهر الإنهاك على خالد فضحك يامن :

- هل تعبت ؟


فابتسم :

- أكيد .. أنا مش متعود على مجهود بدنى بالطريقة دى ..


فضحك يامن :

- ستعتاد .. علينا أن نغادر ..


خالد :- و أجرنا ؟

رد يامن :- ما إن نغادر مكان العمل حتى يصلنا أجرنا 

دون أن نشعر .. طالما عملت سيصلك أجرك ..


ابتسم خالد :

- زيكولا ..

فسأله يامن :- أين ستذهب ؟ .. هل نجتمع بالمساء ؟


فتذكر خالد أسيل :

- لا .. أنا هشترى طعام .. و بعدين أروح البحيرة مكانى ..

يامن :- حسناً ..


دخل الليل , و اتجه خالد كى يحصل على طعامٍ .. 

و ما إن جلس بأحد المطاعم ليأكل 

حتى وجد جميع من هناك لا يأكلون سوى الخبز .. 

و أتى رجل المطعم , و سأله :


- ماذا تريد أن تأكل أيها الغنى ؟


فابتسم و طلب منه أن يخبره بأسعار الطعام .. فرد الرجل :


- هنا الخبز مقابل وحدة واحدة .. 

و الأرز مقابل ثلاث وحدات .. 

و الدجاج خمسة وحدات .. 

و اللحم ثمانى وحدات ..

فعلم خالد لماذا يأكل الجميع الخبز .. 

و طلب دجاجاً و خبزاً .. 

و أكل حتى شبع ثم اتجه مسرعاً إلى البحيرة .. 

و جلس بجوار الشجرة التى يجلس بجوارها دائماً ..


ظل خالد جالساً بجوار البحيرة .. 

و يسأل نفسه هل ستأتى أسيل كما أخبرته 

أم تأخّر الوقت فلن تأتى .. 

و إن لم تأتِ كيف سيقابلها مجدداً 

و عمله ينتهى مع انتهاء النهار .. 

و يحدّث نفسه .. لماذا تريدها أن تأتى يا خالد .. 

فيجيب .. أريد أن أخبرها بقصّتى , و قد تساعدنى .. 

إنها تبدو أكثر ذكاءً و ثقافة من الآخرين .. 

ثم سأل نفسه .. ألا يوجد سبب آخر ؟ .. 

فأجاب بعد صمت .. لا لا .. ثم ضحك .. ربما .. 

حتى بدأت آلام جسده تشتد من ذلك المجهود الذى بذله .. 

و ظل فى انتظار أسيل حتى مرّ الوقت , 

و غلبه النعاس دون أن تأتى ..


فى صباح اليوم التالى , أسرع خالد إلى عمله الجديد .. 

و لكنه فوجئ بثلاثة أشخاص يعترضون طريقه , 

و يوقفونه و أخرج أحدهم سكيناً .. ثم سأله :


- أين نصيبنا من عملك ؟


فسأله خالد فى غرابة :

- نصيبكم ؟!!


رد أحدهم :- نعم .. لنا منك (وحدتان ذكاء) كل يوم .. 

هل تقبل أم لا ؟


فقال غاضباً :- مقابل أيه ؟


رد :- أننا نحميك ..


خالد :- لا .. لا أقبل ..

فقام أحدهم بلكمه ثم انهالوا عليه ضرباً 

حتى أسرع يامن الذى كان يمر بالقرب منهم :

- لماذا تضربونه ؟


رد أحدهم :- إنه لا يريد أن يدفع لنا نصيبنا ..

فقال يامن و هو يحاول أن يخلّص خالد من أيديهم :

- سيدفع .. سيدفع ..


ثم نظر إلى خالد الذى سالت الدماء من شفتيه :

- ادفع لهم وحدتين ..

فنظر إليهم خالد :

- حسنا أقبل ..


فرد أضخمهم :- حسناً .. ثم انصرفوا

فنظر خالد إلى يامن :


- مين دول ؟

فأجابه :- إنهم لا يعملون .. 

و يجبروننا أن ندفع لهم و إلا تعرّضوا لنا بالأذى ..


خالد :- بلطجية يعنى .. و عايزين إتاوة ..


يامن :- أخى , إننا نحيا فى زيكولا هكذا .. 

و قد تعوّدنا على ذلك ..


خالد منفعلاً :- تدفع من ذكائك مقابل حمايتك .. 

و فين الشرطة ..


رد يامن :

- إنهم ليسوا مذنبين .. 

و قانون زيكولا لا يعاقبهم .. 

إنهم يريدون أن يبقوا أحياء .. 

و هذا لا يتعارض مع قوانيننا .. 

عليك أن تدفع وحدتين كل يوم , و أن ترضى بذلك ..












فصاح به :

- ازاى أكون باخد سبع وحدات فى اليوم , 

و أدفع وحدتين مقابل حمايتى , 

و آكل منين , و يتبقى لى إيه ..


يامن :- عليك أن تبذل جهداً أكبر لتوفر أكبر قدر من أجرك .. ربما يساعدك مخزونك الكبير قبل أن تأتى إلى هنا 

و الذى قد يصل إلى الألف وحدة .. 

و لكن نصيحتى إليك .. 

إياك أن تقترب مجدداً من مخزونك من الذكاء .. 

إنه كفيل بأن يبعدك عن الفقر ..


فهمس خالد :- اتمنى ..


فابتسم يامن :- حسناً .. هيا إلى العمل .. 

ما رأيك فى منافسة كبيرة اليوم ..


مرت الأيام .. 

و خالد يعمل مع يامن فى صناعة الطوب من الأحجار .. 

و يمر يوم بعد يوم , و خالد ينهض من نومه , 

و يتجه إلى عمله , و يدفع الوحدتين مقابل حمايته .. 

ثم يذهب إلى عمله فيحطم الصخور بفأسه .. 

و أصبح شعره الناعم طويلاً بعض الشئ , 

كما غطت لحيته الناعمة وشاربه وجهه , و كبرت عضلاته .. 

و أصبح الكثير من أهل المدينة يلقّبونه بالغريب القوى ..


يسير فى شوارع المدينة .. و يضحك مع هذا و ذاك .. 

ثم يأكل الدجاج و الخبز كعادته .. 

و يعود إلى البحيرة مرة أخرى 

فيلقى بنفسه فى مائها كى يريح جسده من عناء العمل .. 

و يظل ينتظر أسيل كل يوم .. و يرفض أن يقابل يامن ليلاً .. 

و يحدّث نفسه ؛ ربما ستأتى اليوم .. 

و تمر الأيام دون أن تأتى .. 

حتى أدرك أنها قد نست وعدها له بأن يكملا حديثهما 

بعدما لم يرها منذ حديثهما السابق و الوحيد .. 

و يظل ساهراً على شاطئ البحيرة 

حتى يغلبه النعاس فينام .. 

ثم يأتى صباح اليوم التالى .. 

و يكرر ما فعله فى يومه السابق .. 

و عادت إليه نضارة وجهه , 

و اختفى شحوبه بعدما شعر أنه عوّض ما فقده من ثروته 

حين دخل زيكولا أول يوم .. 

حتى جاء يوم ووجد يامن , فحدّثه :


- يامن .. أنا محتاج أقلام و ورق ..


رد يامن فى دهشة :- لماذا ؟!


فأجابه :- يعنى .. فيه حاجات عايز أسجلها عن زيكولا .. استغل فترة وجودى هنا بعد ما فات شهر ..


يامن :- حسناً .. أعرف مكاناً يمكنك أن تذهب إليه , 

و تجد أقلام و أوراق زيكولا المميزة ..

ثم تابع مفتخراً :- بالطبع لا توجد صناعة أفضل من صناعة زيكولا .. و أكمل :

- إنه مكان يباع به الكتب .. و اعتقد أنك ستجد مرادك هناك ..


أراد خالد أن يسجّل لحظاته التى يعيشها فى زيكولا .. 

لعله يخرج منها ذات يوم , 

و تكون تلك الأوراق التى يكتبها ذكرىً لأيامه بها .. 

أو يصنع منها كتاباً يقرأه الكثيرون غيره .. 

و كان هناك سبب آخر .. 

فقد جال بخاطره أن تأتى أسيل ذات نهار إلى البحيرة فلا تجده .. فقرر أن يكتب ورقة و يتركها بجوار شجرته .. 

و يخبرها بأنه فى عمله , و أنه ينتظرها كل مساء .. 

و ربما كان هذا السبب الذى أشعل حاجته 

إلى الأقلام و الأوراق .. 

حتى وصل إلى المكان الذى وصفه يامن .. 

و طرق بابه الخشبى , و دخل .. 

فوجد حجرة كبيرة مليئة بالكتب .. 

و يجلس بها رجل عجوز وحيداً .. 


فاندهش خالد من هذا الكم الهائل من الكتب المتراصة , حتى قال العجوز :

- يبدو أنك الغريب القوى ..


فاجابه خالد :- نعم .. و لكن كيف عرفت ؟!


رد الرجل : إننى أعرف الكثيرين من أهل المدينة ..


فابتسم خالد ثم سأله :

- مين اللى كتب كل الكتب دى ؟!


رد العجوز :

- إنهم علماء زيكولا القدامى .. 

و هناك من الكتب ما ينتمى إلى البلاد الأخرى .. 

إن زيكولا تهتم بالعلم و العمل ..


فسأله خالد :- و أهل زيكولا قرأوا الكتب دى ؟


أجابه العجوز :- الكثيرون منهم قرأوا ..


خالد :- يعنى الكتب دى حققت لك ثروة كبيرة ..


رد الرجل :- لا.. ليست إلى هذا الحد .. 

إن أسعار الكتب رخيصة للغاية .. ثم صمت , و تنهّد :

- ربما كفانى أن أبيع كتاباً وتاحداً مثل كتاب بعته ..


سأله خالد متشوّقا :- أى كتاب ؟


رد العجوز :- كان كتاباً قد اشتراه منى رجل 

بأغلى سعر شهدته زيكولا ..


فاندهش خالد :

- لازم كان كتاب ثمين ..


ابتسم العجوز :- لا اعتقد هذا .. 

وقتها لم أقرأ منه سوى سطور .. 

و لكننى حين رأيت ذلك الرجل يحتاجه بقوة 

طلبت منه أغلى سعر .. ثم ضحك , وتابع :

- يبدو أنه كان يحب الخيال .. 

إن الكتاب كان يتحدث عن أرض أخرى .. 

و عن وهم يسمى سرداب فوريك ..

              الفصل التاسع من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-