رواية خريج سجون الفصل العاشر بقلم ياسر عوده
توقفنا قبل كده لما مات الحاج عبدالسلام .
الاول اذكر الله وصلى على الحبيب المصطفى وادعوا لاخوانكم بفلسطين والسودان وكل بلاد المسلمين.
طبعا المحامى فريد عرف بكل اللى حصل وعرف الطريقه اللى نجح بيها زين ، علشان كده طلب يقعد مع زين ونرمين وفعلا اجتمعوا فى مكتبه .
فريد : مبروك عليكم ، قدرتم تحتفظوا بكل حاجه وكمان اتخلصتم من عبدالسلام اللى مستحملش نجاحكم ومات .
زين : مش احنا اللى موتناه يا استاذ فريد ، موته جشعه وظلمه .
نرمين : يا عمو فريد انا كنت عوزه اوضحلك حاجات .
هنا قاطعها فريد وقال : لا يا نرمين ، انتى خلاص اخترتى الطريق اللى هتمشى فيه ، وطريق مختلف عن طريقى ، وعلى العموم زين شكله عارف بيعمل ايه كويس ، من النهارده انا مش المحامى بتاعك او محامى الشركه .
زين : انت مكبر المواضيع يا استاذ فريد ، الموضوع مش مستاهل .
فريد : بالنسبالك انت مش مستاهل ، بس انا مينفعش اكمل معاكم تانى ، دلوقتى تقدروا تتفضلوا .
قام زين ونرمين علشان يمشوا بس وقف زين لما فريد قال : صحيح يا زين ، انت كنت طلبت منى خدمه ، كنت عاوز تعرف مكان امك ؟
زين رجع لفريد بسرعه وقاله : انت عرفت هى فين ؟
فريد : امك فى ناس لقوها نايمه فى الشارع ، خدوها وقعدوها معاهم .
زين : يعنى هى عيشه وبخير ؟
ادى فريد لزين ورقه وقاله : امك موجوده فى العنوان ده .
زين مكنش مصدق نفسه ، خد العنوان من فريد المحامى ، وراح بسرعه علشان يشوف امه ، لما وصل للعنوان لقى البيت عباره عن بيت صغير اوى من غرفتين بس دور واحد ومقفول ، ولما سأل زين عن الناس اللى عيشين هنا واحد قاله صحبه البيت ده اسمها صفيه ، وهى ست مطلقه وعندها 3 بنات ، وجوزها طلقها علشان مش بتخلف اولاد .
ولما سأل زين عن ست تانيه عيشه معاهم فقاله ان فى ست كبيره عيشه معاهم وبتروح كل يوم مع صفيه لشغلها تاخد بلها من عيال صفيه .
وعرف زين ان صفيه دى عندها عشه من البوص بتعمل فيها الفول والطعميه وخد عنوان العشه دى ورحلها .
لما وصل زين وقف بعيد فى الاول ، هو كل ما يحس انه قرب من مكان قمه قلبه يدق بسرعه ، وعيونه تمتلى بالدموع ، وقف بعيد علشان يتأكد ان امه موجوده فعلا وميكونش حد تانى .
صفيه كانت وقفه بتعمل الاكل والناس حوليها بيشتروا ، مكنتش باينه الست زينب ام زين لسه ، زين قرب شويه لغايه ماوقف مع الناس اللى وقفين اللى بيشتروا الاكل ، عينه على جوه العيشه فلقى ست قعده مديه ضهرها للناس اللى بتشترى وشيله طفله على رجليها بتحاول تنيمها .
زين مشفش وش الست دى ، وخايف ينادى عليها ومتطلعش امه وسعتها قلبه مش هيستحمل ده ، فضل واقف مهو طول ما فى امل ان الست دى تطلع امه عنده احسن لما يتأكد انها مش امه وكل احلامه تنهار .
صفيه : ايوه يا استاذ ايه طلباتك ؟
ده كان كلام صفيه لزين اللى واقف ، بس هو مش مركز معها وكمان مش سامعها اصلا ، هو عينه متشلتش من على الست اللى قعده جوه العيشه ومدياله ضهرها .
صفيه : يا استاذ ، عاوز ايه ؟
وبردو زين مردش .
صفيه : اصطبحنا واصطبح الملك لله ، ان يا جدع ، انت واقف متنح فى ايه ؟
هنا زين انتبه للست صفيه وقالها وهو بيشاور على الست اللى قاعده : مين الست دى ؟
صفيه : وانت مالك .
زين : ممكن اعرف اسمها ؟
صفيه : نعم يا خويا ، تعرف اسمها ايه ، انت شكلك مش طبيعى وانا مش مرتحالك .
اذكر الله وصلى على الحبيب.
سعتها زين كان لازم ينادى على الست ، الانتظار بيوجع هو كمان ، فنادى زين بعلو صوته على الست اللى قاعده وقال : يا أم زين .
سعتها سمعت الست زينب الصوت اللى بينادى عليها ، الصوت مش غريب ، دا صوت كانت متعوده تسمعه من فتره كبيره ، بس هى مقدرتش تلف وشها ، علشان اتخيلت نفسها بتحلم ، مهى مش مصدقه انها سمعت صوت ابنها الكبير .
لما الست زينب مردتش على زين هو سعتها افتكر انها مش امه ، مهى لو هى امه اكيد كانت عرفه صوته وردت عليه ، سعتها بس قلب زين اتخلع من مكانه من كتر الوجع ، الامل اللى عاشه لكام دقيقه راح وجه مكانه وجع يعصر قلبه عصر .
بس لسه جوه زين عشم ، مهو مش هيقدر يمنع الامل كده من غير ما يحاول ينادى تانى وقال : يا أم زين ، يامااااااااا .
الست زينب سمعت صوت ابنها تانى ، وحست انه مش حلم او تهيؤات ، التفتت علشان يمكن تشوف حاجه تفرح قلبها ، فعلا لفت الست زينب ، وعنيها جه فى عيون زين ابنها الكبير اللى اتحرمت منه سنين ، قامت الست زينب بسرعه بعد ما حطت البنت اللى كانت على رجليها على فرشه على الارض وهى بتصرخ وتقول زين ابنى حبيبى .
زين لما شاف وش امه مصدقش نفسه ، دخل فى العشه علشان يسبق امه ويحضنها ، اترمى زين فى حضن امه وهو بيعيط ويقولها وحشتينى يا امى ، وحشتينى يا ست الحبايب ، ويبوس فى اديها ومش مصدق نفسه من الفرحه .
امه بقى كانت مش مصدقه ان زين فى حضنها ، مسكه فيه جامد اكنها خيفه يروح منها ، ومسكت ايده تبوسها وتبوسه فى وشه وشعره ، اكتر من عشر سنين فاتو واخيرا اتجمعت مع ابنها ، اللى هو حته من قلبها .
بعد ما قعد زين وامه فى الارض وفضل يبوس فى اديها ويقولها وحشانى يا ام زين ، وحشانى يا حببتى .
وامه تبوس فيه وتقوله : وحشنى يا ابن قلبى .
بعد شويه اتكلمت الست زينب وقالت : خرجت امتى يا حبيبى من السجن ؟
زين : من كام شهر يا امى ، انتى عمله ايه وايه اللى حصلك .
الست زينب : اللى حصل انى مكنش ليا مكان فى بيوت ولادى ، وفضلت الف فى الشوارع لغايه ما ربنا بعتلى بنتى اللى مش من بطنى ، صفيه يا زين ، بنت حلال خدتنى بتها وقعدتنى مع بناتها ربنا يفرحها بيهم .
صفيه : متقوليش كده يا امى ، يعنى تقولى عليا بنتك ومستكتره عليا اللى عملته .
الست زينب : ربنا هيكرمك يا صفيه وهيصلح احوالك انتى بنت حلال .
زين : انا متشكر يا ست صفيه ، جميلك ده هيفضل فوق راسى طول العمر ، ومهما اعمل مش هقدر اردهولك .
صفيه : متقولش كده يا زين ، امك مكنتش بتتكلم غير عليك وعلى حنيتك وجدعنتك ، ومعلش سامحنى لو تطاولت عليك فى الكلام ، انت عارف يا اخويا احنا شغلين فى شارع وبنقابل اشكال ما يعلم بيها غير ربنا .
زين : لا ابدا يا ست صفيه ، ربنا يصلح حالك ، وبص زين لامه وقالها : يلا يا امى هنمشى نروح بيتى .
تبسمت الست زينب بس راحت ابتسامتها على طول وقالت : مقدرش يا زين اسيب صفيه لوحدها ، مين هياخد باله من بناتها ، هى بتفضل وقفه شغاله طول النهار ، وانا مقدرش اسبها بعد اللى عملته معايا ، هو احنا قللات الاصل يا زين .
صفيه وطت وباست ايد الست زينب وعيونها مدمعه : ربنا ما يحرمنى منك يا امى ، بس انتى تعبتى معايا اوى ، وحق ابنك انه يقعد معاكى .
الست زينب : ابنى لما يحب يشوفنى يجى يشوفنى هنا ، ولا انتى مش عوزانى معاكى يا صفيه .
صفيه : ربنا العالم انى قلبى اتخلع لما فكرت ان انتى هتسبينى ، بس انا عشتى كلها بهدله ، وانا والله بحبك زى امى واكتر .
زين سعتها اتكلم وقال : ماشى يا ام زين هسيبك قعده هنا شويه ، وهاجى كل يوم اشوفك ، وبص للست صفيه وقالها : بنت الاصول اللى زيك تستاهل ان امى تبقى عيزه تعيش معاكى وتسيب العيشه مع ابنها ، ربنا يقدرنى وارد جمايلك .
فضل زين قاعد مع امه ساعات كتير اوى ، لغايه ما مشى وساب امه عند صفيه ، ولما خرج من عند صفيه اتصل برفاعى علشان يعرفه انه لقى امه وحكاله كل اللى حصل .