رواية الملبوسه الفصل الثانى بقلم ياسر عوده
انتم عرفين انا مستنى الخبر ده بفارغ الصبر ، كنت متخيل لما اسمع اللى قاله الدكتور فريد هتنطط من الفرحه ، بس اللى حصل غير كده خالص ، مجاش فى بالى غير شكل وفاء اللى شورتلى على رضيع ، وفهمت دلوقتى هي كانت تقصد ايه ، بس هي عرفت ازاى ؟ كان سؤال معنديش اجابه ليه .اما بقى ليلى فحدث ولا حرج ، هي مكنتش مصدقه اللى سمعته ، بالنسبه ل ليلى الخلفه هى كل مشاكلها ، كانت فرحانه اوى ، وقامت وخدتنى بالحضن ، اكنها بتعتذر على طلبها الطلاق منى .
بصراحه انا مكنتش مركز معاها ، انا كل تفكيرى كان مع وفاء وبس .
لما مشى الدكتور فريد سعتها ليلى اتكلمت وقالت :
- انا اسفه اوى يا مجدى على اللى عملته ، سمحنى ؟
متشغليش بالك ، عوزك تهتمى بصحتك وبالجنين .
- متقلقش ده نور عينى ، بس يجى بالسلامه .
كان لازم انام علشان مخى يفصل شويه ، وده اللى حصل ، ونمت وبعد فتره مش عارف ايه خلانى اقلق ، وانا بتقلب ببص زى ما يكون فى حد واقف قدامى ، قمت علشان اشوف ده مين ، ولما ركزت اتصدمت ، كانت وفاء وقفه قدامى ، ايوه زى ما بقولكم كده ، اتفزعت وقومت من مكانى وسألتها :
انتى جيتى هنا ازاى ، وعرفتى تهربى من المستشفى ازاى ؟
ابتسمت ابتسامه مخيفه وقالت ؟
- جيت اباركلك على المولود الجديد ، مبروك يا مجدى .
انتى عرفتى منين ان مراتى حامل ؟
وهنا ضحكت بصوت عالى وقالت :
- انا اعرف عنك اللى انت متعرفهوش عن نفسك ، تحب تعرف ايه اللى هيحصل في المستقبل .
اذكر الله وصلى على الحبيب .
اتعصبت عليها وقولت :
انتى بتكدبى محدش يقدر يعرف المستقبل .
- طيب بكره نشوف ، بس علشان تعرف انت غالى عندى قد ايه ، هقولك حاجه من المستقبل ، اللى فى بطن مراتك ولد مش بنت ، واقولك حاجه كمان ، هيموت مش هيعيش ، واقولك حاجه كمان ، انت اللى هتموته بايدك يا مجدى .
وهنا ضحكت بصوت عالى ومخيف اوى ، وانا زعقتلها وقولتلها :
انتى كدابه ، كلامك كله كدب .
وفى اللحظه دى لقيت نفسى فوقت من النوم ، وانا بقول كلمه انتى كدابه ، كان كابوس مخيف ، وحتى ليلى صحيت على صوتى وانا بقول انتى كدابه .
وسعتها سألتنى :
- ايه يا مجدى مالك ، فيك ايه ، كابوس ده ولا ايه ؟
ايوه كابوس معلش نامى انتى .
وقمت من مكانى اخرج من الاوضه فسألتنى :
- رايح فين ؟
هخرج بره شويه ، نامى انتى ، شويه وهرجع .
خرجت ودخلت البلكونه ، قعدت افكر فى اللى شفته فى الكابوس ، كنت فاكر كل حاجه فيه بالتفصيل .
النهار طلع عليا وانا قاعد بفكر ، قومت جهزت نفسى وروحت للمستشفى ، كنت عاوز اقعد مع وفاء تانى .
دخلت اوضه وفاء ، كانت نايمه بردو على الارض ، واول لما شافتنى قعدت .
قعدت على الكرسى وسألتها :
عمله ايه النهارده يا وفاء ؟
- سيبك منى وخلينا فيك ، ليلى عمله ايه دلوقتى ؟
عرفتى منين ان مراتى اسمها ليلى ؟
ابتسمت وقالت :
- مبروك على الحمل ، ودى تانى مره ابركلك فيها .
تانى مره تبركيلى فيها ، تقصدى ايه ، وبعدين انتى عرفتى منين ان مراتى حامل ؟
ابتسمت وفاء وقالت :
- دا انا اللى مبشراك يا دكتور ، انت نسيت ولا ايه ، وبعدين اول مره ابركلك فيها ، كان امبارح فى اوضه نومك ، تحب اقولك كنت لابس ايه ساعتها ؟
انا لما سمعت كلام وفاء عقلى مستوعبش الامر ، يعنى الكابوس مكنش كابوس ، ولا هي بتقدر تشوف احلامى ، بس ده مستحيل ، مفيش حاجه اسمها تشوف احلامى ، انا مابقتش قادر افسر اللى بيحصلى ده ، انا فعلا خايف من وفاء دى .
- ساكت ليه يا دكتور ، قولى مش عاوز تعرف ليه انت هتقتل الجنين .
انا مستحيل اعمل كده ، انتى فعلا مجنونه .
ضحكت وفاء بصوت عالى وقالت :
- ايه هو ده اللى هتكتبه فى تقريرك ، بس انا هطلع احسن منك وهعرفك ليه هتقتل الجنين ، علشان ببساطه هو مش ابنك .
انتى تقصدى ايه ؟
قامت وفاء من على الارض ، وقربت منى وبعدين ابتدت تلف حوليا وانا قاعد على الكرسى وقالت :
- قولى يا دكتور ، تفتكر واحد مشغول زيك ، سايب المدام بتعته طول النهار ، واوقات طول الليل ، وهى قاعده لوحدها بين اربع حيطان ، ايه يمنعها انها تعرف واحد تانى يهتم بيها ، خصوصا انها جميله زى ما انت عارف .
اخرسى ، مراتى اشرف من الف وحده زيك ، انتى فكره كل الناس زيك ؟
- لاء لاء لاء يا دكتور ، اهدى شويه يا دكتور ، هو انت جاى تعالجنى ولا تتجنن ، انت وانا عرفين ان اى ست فى الدنيا محتاجه الاهتمام ، ولو الست ملقتش الاهتمام من جوزها ، سعتها هتدور عليه عند حد تانى ، وبصراحه انت مهملها اوى يا دكتور .
انا عارف مراتى كويس ، مستحيل تعمل كده .
- انا نصحتك وانت برحتك ، مهو في ناس كده يا دكتور ، يحبو يعيشوا طول عمرهم مغفلين ، وانت شكلك من الناس دى ، على العموم انا قولتلك وانت حر .
انا خرجت من عند وفاء وحالتى بقت اسوء من الاول ، مش بس اكدتلى انى هموت الجنين ، لاء دى كمان بتقولى ان مراتى خانتنى .
الوضع اتقلب بينى وبين وفاء ، بدل ما احاول اعرف هى فعلا مريضه ولا لاء ، وبدل ما اتحكم فى الحوار اللى بينا ، بقت هى المتحكمه والمسيطره على كل حاجه ، احساس صعب بالعجز لما تفكر مجرد التفكير ان حياتك كلها ممكن تكون كدبه .
عاوز اقولكم انى من اليوم ده بقيت شخص مختلف ، مبقتش الدكتور مجدى اللى اعرفه ، بقيت شخص شارد عديم التركيز ومنعزل تماما عن الناس ، ده غير انى بقيت عصبى وسهل انفعل باى وقت ، والاهم من ده كله انى بقيت شكاك ، بشك فى اى حاجه ، بشك فى مراتى اللى كنت عارفها كويس ، بشك فى زمايلى فى الشغل ، بشك حتى فى نفسى وفقدت الثقه فى نفسى وفى كل اللى حوليا .
بقيت معظم الوقت اتخيل حاجات كتير ، يعنى ممكن اكون فى المستشفى وفى لحظه افكر ان ممكن مراتى دلوقتى مع عشقها ، وسعتها تلقينى خرجت من المستشفى وروحت البيت اتأكد من اللى فكرت فيه ، ولو بتصل بمراتي وانا بره البيت ولقتها مشغوله بتكلم حد ، سعتها اتخانق معها ومهداش الا لما اروح واشوف سجل مكلمات تليفونها وأتأكد انها مش بتكلم حد غريب .
بس انا لما لقيت نفسى وصلت للحالة دية ، قررت انى لازم ابعد عن وفاء ، لقائى بيها بيدمرلى حياتى ، علشان كده بطلت اروحلها الاوضه بتعتها ، ومش بس كده قررت اكتب التقرير عن حالتها ، وعلشان اكون صريح معاكم ، انا قررت انتقم منها بسبب اللى بتعمله معايا ، قررت اكتب فى التقرير انها بكامل قواها العقليه ، وانها كانت بوعيها وقت ارتكابها جريمه قتل ابنها وجوزها ، وان هى بتمثل المرض للهروب من العقوبة .