رواية نعيمي وجحيمها الفصل الثاني والاربعون42 بقلم أمل نصر42=رواية نعيمي وجحيمها للكاتبة أمل نصر الفصل الثاني والأربعون - تقلب في فراشه عدت مرات حتى بحثت يداه عنها، وشعر بخلو مكانها بجوارها، فاستيقظ يتطلع جيدًا حول الفراش، وجالت عينيه على باقي الغرفة ولم يجدها أيضًا، فانتفض يزيح عنه الغطاء وخرج ليبحث عنها في باقي الغرف وهو يهتف باسمها، اتاه صوتها من المطبخ ودلف إليها فتفاجأ بها جالسة وكمية كبيرة من الأطعمة أمامها على الطاولة، انعقد حاجبيه باستغراب وهو يخطو نحوها ويلقي التحية: - صباح الفل، انتِ هنا وانا بدور عليكِ. ردت والطعام بفمها: - صياح الورد، اعمل ايه بقى؟ قومت من النوم هلكانه من الجوع وببص في الساعة لقيتها أربعة الفجر كدة، بصراحة ماقدرتش استناك. ابتسم إليها بحنان يقبل رأسها قبل أن ينضم ليجلس بجوارها قائلًا: - بالهنا على قلبك يا حبيبتي. اومأت له مغمغمة بالشكر بوجه مشرق رغم أثار شحوب الأمس، فتابع يسألها: - عاملة إيه بقى النهاردة؟ أومأت تجيبه بابتسامة خبئت مع تذكرها لما حدث من خصام مع أعز أحبابها: - الحمد لله، ادينا خليناها على الله وهو يسويها. اقترب منها يضع قبلة عميقة على جبهتها، شاعرًا بألمها وما أصابها وقال ممازحًا ليخرجها من حالة الحزن التي عادت إليها مع تذكرها: - بس انتِ امبارح كان شكلك مسخرة والنعمة. - أنا يا جاسر؟ قالتها بخضة استغلها هو ليكمل بضحكاته: - ايوة انتِ، وشك دا كان احمر جامد بلون الطماطم اللي قدامك دي. قالها هو واتسعت عيناها بانتباه وتوقفت عن مضغ الطعام بفمها، فزادت بداخله الحماسة ليردف وهو يشير بيديه: - الانتفاخات بقى كانت منتشرة هنا وهناك وعينكي دي كدة مش قادرة تفتحيها ولا مناخيرك. - مالها مناخيري كمان؟ هتفت بها بأنفعال لم يخفى عليه فرد ضاحكًا: - كبرت كدة فجأة وبقت ولا قد البطاطساية مش عارف ازاي؟ شهقت مخضوضة غاضبة تضربه بيديها على ذراعه تنهره: - بس بقى، والنعمة هازعل منك بجد يا جاسر. حاوطتها ذراعيه وهو يقهقه بالضحك منتشيًا بإخراجها عن طورها، وهي تقاومه باعتراض حتى قبلها على وجنتيها ليهمس بصوته الدافئ بجوار أذنها: - بس برضوا كنتِ قمر، ما انا بعشقك في كل حالاتك يامجنونة انتِ، ولا انتِ مش واخدة بالك ولا إيه بس؟ هدأت حركتها وهي تذوب من كلماته الجميلة التي تخرجها من واقعها على الأرض، وتدخلها لبراح عالمه الجميل؛ عالم جاسر الريان الذي اخترق حصون قلبها وقرب المسافة بينهم وكأنه أتى إليها من مدن خيالها، وهي اللي لم تقتنع يوم بتحقق الأحلام. ختم بجملته الاَخيرًا يطمئنها: - مش عايزك تقلقي أبدًا كل حاجة هاتمشي زي ما انت بتحبي وأكتر، خليك فاكرة. قال الأخيرة وأعاد بوضع قبلة بصوت عالي على وجنتها قبل أن ينهض من جوارها يتمتم: - اقوم انا بقى افوق كدة أصلي واخدلي شور كويس على ما يجي ميعاد الشغل، تكوني جهزتي انتِ كمان. أوقفته بقولها: - بس انا مش هقدر اروح معاك الشغل النهاردة يا جاسر. تحركت شفتيه وهم ليعترض ويُجادلها ولكنها تابعت: - مش عشان موضوع امبارح والله، بس بجد انا جسمي تعبان كله النهاردة، وحاسة نفسي عايزة أشبع نوم. استجاب لها يرد بابتسامة عاشقة: - زي ما تحبي ياستي، ريحي النهاردة، مديرك الغلس سامحلك بإجازة. توسعت ابتسامة رائعة على ثغرها اسعدت قلبه وهي تتمتم بكلمات الإمتنان قبل أن تدعوه قائلة: - طب ما تيجي تفطر معايا قبل بالمرة تفتح نفسي كدة وتشاركني. ألقى نظرة نحو الطعام الموضوع أمامها فضحك بصوت عالي مرددًا بمرح: - عايزني افطر ع الصبح بمحشي فراخ ومكرونة فرن؟ دا انا نفسي مستغرب أكلتك من ساعة ما قعدت بس طبعًا مديلك عذرك. زامت شفتيها حانقة من كلماته قبل أن ترد وهي تتناول بفمها قطعة من المحشي: - ماشي ياعم الرشيق، ياللي خايف على جسمك، انا بقى عاجبني الأكل المسبك والمحشي كمان، دا طعمه جميل ويجنن. عاد بخطواته ومال بجسده نحوها مستندًا بكفه على طرف طاولة الطعام وقال بمشاكسة: - يعني بذمتك مش خايفة لا تزيدي ولا تتخني؟ صمتت وتباطئ مضغ الطعام بفمها، تنظر إليه بشرود عن إجابة سؤاله، قبل أن تُجفله بوقفتها فجأة أمامه لتسأله: - بصراحة بقى أنا عندي شك فعلا إن اكون تخنت، لكن أنت إيه رأيك ياجاسر؟ تخصر في وقفته يقيمها بنظرة متفحصة من أسفل عند أقدامها، ثم ترتفع أنظاره للأعلى ببطء حارق، وتتوقف على بعض الأماكن، فينقل إليها ابتسامة خبيثة تزيد من توترها، وهي تهتف باستعجاله: - ماتقول بقى يا جاسر وتطمني. هزهز رأسها يرد بمرح: - إنتِ عايزني اطمنك واقولك إيه بالظبط؟ - تقولي الحقيقة، إن كنت تختنت زي ما انا حاسة كدة ولا لأ؟ قالتها بسرعة ودون تفكير لتزيد من مرحه وازداد اتساع ابتسامته وهو يميل برأسه نحوها يسألها: - والحقيقة بقى هي اللي هاتطمنك ولا هاتزيد من قلقك أكثر، وضحي عشان احدد إن كنت اقول ولا اصرف نظر. وصلها مغزى كلماته فسقطت بجسدها على مقعدها تعاود الجلوس وتردد بإحباط: - كدة فهمت، يبقى انا فعلًا تخنت. قالتها وعيناها تسمرت نحوه بنظرة معبرة تترجاه لتكذيبها، كبح انطلاق ضحكاته حتى لا يغضبها، وصمت يقلب عيناه أمامها بابتسامة مستترة كإجابة عن السؤال، ليزداد بداخلها اليأس، فتابعت تسأله: - بس انت بتحب الستات الرشيقة؟ صح يا جاسر مش كدة؟ ظل صامتًا لبعض اللحظات مستمتعًا بمناكفتها وعبوس وجهها بشكل طفولي تطور ليتخذ منحى للحزن، فلم يطاوعه قلبه أكثر من ذلك، فاقترب يحاوطها براحتي كفيه على صدغيها يقول بحزمه المرح: - يا مجنونة يا للي هاتجنيني معاكِ، إمتى بقى تفهمي، قعدتي على وزنك ده عجباني، خسيتي وبقيتي رفيعة برضوا عجباني، أما بقى لو تختني؟.. ، - إيه؟ سألته بلهفة فاتفجأت بخطفه لقبلة قوية من شفتيها ثم قال بصوت صاخب بمشاعره: - برضوا هاتفضلي عجباني ومجنناني كمان. صباح الفل يا ست الكل. هتف بها فور أن وقعت عليه عيناها بوسط الصالة بعد خروجه من غرفته، فقابلته بعدم الرد وهي تُشيح بوجهها عنه للناحية الأخرى. زفر متنهدًا بتعب، يألمه هذا الجفاء الذي لم يعهده منها طوال سنوات عمره، ولديها حق ولكن هو أيضًا لديه حق؟! تقرب منها يضمها ليضع قبلة كبيرة على أعلى رأسها، مشددًا بذراعيه ليمنع عنها مقاومتها واعتراضها، يردد بدلال اسمها: - ما تبس بقى يا رورو واهدي كدة، لزوموا إيه الزعل دا كله بس؟ هتفت ترد عليه بحزنها: - إنت عارف لزوموا إيه؟ عارف يا خالد ومُصر تتعب قلبي. أغمض عيناه بتعب وفك ذراعيه ليجلس بجوارها قائلًا: - انا برضوا اللي هاتعبك ياما؟ طب ليه بس؟ واجهته تهتف بغضب: - عشان انت بتعاندني وتعاند نفسك، جاي تمثل عليا انك بتهزر وعايزيني اندمج معاك واحن كمان، طب ازاي؟ دا انا قلبي بيتقطع من امبارح من ساعة ما مامشيت من عندنا وهي يا حبيبة قلبي، منهارة من العياط وبتترجاك وانت ولا اكنك هنا، جيبت القسوة دي منين يا خالد؟ إنت مكنتش كدة. صمت عن الرد قليلًا في مواجهتها، واعتلت ابتسامة غريبة شفتيه قبل أن يجيبها: - انت عارفة كويس اني مش قاسي، زي ما انتِ متأكدة برضوا إن دا ردي الطبيعي، فبلاش يا أمي تدخلي من السكة دي. ألجمتها كلماته المقتضبة فتناولت كفه تخاطبه برجاء: - مش هادخلك من السكة دي، بس انت يا حبيبي قدر لوحدك، بنت اختك مالهاش غيرنا، حتى لو انت شايف انها اتصرفت غلط، بس ما يكونش العقاب كدة، دي روحها فيك زي ما انت ماروحك فيها، سامحها ولا حاول بمخك كدة تحل المشكلة دي، بشكل يرضي كرامتك. سألها منتبهًا عاقدًا حاحبيه بشدة: - يرضيني ازاي بقى؟ ردت رقية بتردد: - يعني مثلًا تقبل بالشقة وتسدد لجاسر الريان باقي الأقساط، واهو كدة يبقى حفظت كرامتك. - ماعدتش ينفع. قالها ونهض من جوارها يرددها بابتسامة ساخرة: - ماعدتش ينفع ياست الكل، ماعدتش ينفع. للمرة الخامسة يصل إلى باب غرفتها ويجده مغلق كما هو، رغم انتصاف اليوم بدوام العمل، مازالت حتى الآن لم تصل، تاركته كالمجنون يدور في الرواق من غرفته إلى غرفتها يمسح بكفيه على شعر رأسه ويزفر بصوت عالي، انها حتى لا تُجيب عن اتصال واحد منه، وصل إلى مكتبه يدور حوله كالأسد الحبيس في قفصه، يلوم غباء تصرفه معها بالأمس، أثار رفضها جنونه فتصرف بحماقته المعتادة دون التفكير في طبيعتها العنيدة وعقدتها القديمة؛ وهي لم التي لم تأمن غيره على سرها، مال بجسده يضرب بكفيه على سطح المكتب يود لو يجلد نفسه، لقد أثبت لها بالفعل ضعف أخلاقه بتحرشه بها بهذه الطريقة المهينة، وهي المعتزة دائمًا بشخصها وكرامتها، بحماقته تسبب في زيادة خوفها منه. كيف له أن يكفر لها عن خطأه؟ كيف يجعلها تثق به، وتنسى ماضيه وأفعاله السابقة كيف؟ رفع رأسه للأعلى متأوهًا من عمق ندمه، وذهب نحو نافذه مكتبه، مستندا بذراعه على أعلى إطارها ينظر في الفراغ في الخارج يتمتم بصوت عالي مع نفسه: - أعمل إيه بس يا ربي؟ واكفر عن خطئي معاها ازاي عشان تسامح وتغفر؟ ولا انا بغلطي وأخطائي الكتير اتطردت من رحمتك؟ واتحرم عليا نعيم جنتك في السما وراحة بالي في الأرض مع اللي بحبها؟ وصلت إليها لترتمي بجسدها عليها بعناق كبير ولهفة واضحة وهي تشعر برجوع روحها إليها بلقاء حبيبة اعز الأشخاص على قلبها، وتردد بحرقة: - وحشتيني وحشتيني اوي، اطلقت الأخرى ضحكة مجلجلة ترد عليها: - والنبي إيه؟ يابت اطلعي من دول. - إيه يا أستاذة نوال هو انت مش مصدقاني ولا إيه بس؟ قالتها وهي تنزع نفسها عنها بابتسامة محرجة، قبل أن ترحب بكاميليا هي الأخرى، وردت نوال: - لا يا حبيبتي طبعًا مصدقاكِ اها! مطت شفتيها زهرة تخاطب كاميليا: - بقت لئيمة قوي صاحبتك دي؟ ردت كاميليا وهي تجلس بجوار نوال أمامها: - بس يا بنت ما تقوليش كدة على الأستاذة. - حتى انتِ كمان؟ دا انتوا بقيتوا عصابة بقى؟ قالتها زهرة وانطلقت ضحكات الثلاثة بالمزاح اللطيف، حتى غلبها الحنين لتسأل عنه نوال: - عامل إيه دلوقتِ؟ قلبوا رق عليا ولا لسة برضوا زعلان؟ ردت لها نوال بابتسامة مطمئنة: - كويس وبخير وزي الفل كما. شوية زعل وهايروحوا لحالهم مع الوقت، يعني فكي كدة وما تشليش هم انتِ يا ضرتي. استجابت لمزاحها زهرة ولكن بابتسامة باهته وقد غامت عيناها بتأثر تقول لها: - أنا اسفة يا نوال، بعملتي المهببة بوظت الترتيب كله وضيعت عليكم الشقة، انا مش قادرة أسامح نفسي ابدًا من ساعة اللي حصل. قالتها وسالت خط الدمعات الساخنة على وجنتيها فهتفت كاميليا بعجل: - بس اللي يرضى عنك، وقفي حنفية الدموع دي كدة من اولها احنا جاين نقضي وقت حلو مش تعكنني علينا، دي البت جايالك مخصوص عشان تطمنك عليها. تداركت زهرة تمسح دمعتها سريعًا وهي ترسم على وجهها ابتسامة تقول: - لا خلاص مش هاعيط، لكن انا كنت عايزة أطلب من نوال بس لو ترضى. انتبهت لها المذكورة تنصت باهتمام، فقالت زهرة بتردد: - انا عارفة انك غالية عنده، لو تقنعيه يسامحني او حتى ياخد فلوسه لو كان يعني قفل من الشقة او... قاطعتها نوال بضحكة كبيرة تقول لها: - إيه يا بنتي، هو انتِ نسيتي خالك وطبعه؟ صمتت زهرة تسبل أهدابها عنها بحرج، فاستطردت نوال: - انا قولتك يا حبيبتي ماتشليش هم، اينعم هي محتاجة صبر زيادة عن الأول، بس دا قدرنا، والحمد لله دلوقتي هو بيشتغل في شركة محترمة في البلد ومرتبه كويس، شهرين تلاته كدة ع الفلوس اللي رجع بيها من الغربة، ونقدم على شقة جديدة، وماتخافيش مني ولا تقلقي انا كدة كدة لازقة فيه. انشق ثغرها ابتسامة جميلة يشوبها القلق لتسألها: - طب ووالدك؟ - لا ما انا والدي فقد الأمل مني خلاص وحط صوابعه في الشق من غبائي زي ما بيقولي دايمًا كدة. قالتها وانطلقت عائدة للضحك مرة أخرى ومعها زهرة وكاميليا التي صدح هاتفها بالإتصال مرة أخرى، ولكن هذه المرة برقم الاخر فاستقامت تستئذنهم للرد في مكان قريب وذهبت تاركة زهرة تردد لنوال بكلمات الشكر والإمتنان على وقوفها بجوار خالها. بداخل الشرفة التي تطل على الحديقة الداخلية للمنزل، وقفت مستندة بظهرها على الجدار الزجاجي تتحدث في الهاتف: - الوو، أيوة يا كارم، تمام والحمد لله، النهاردة؟، كدة بالسرعة دي لأ طبغا موافقة يا سيدي، هو انا قولت حاجة يعني؟، حاضر هحاول متأخرش. أكيد مبسوطة وفرحانة... أنهت المكالمة اخيرًا ببعض الجمل المنمقة معه، متنهدة بشرود وعيناها نحو المساحة الخضراء لصف الورود، التي وزعت أحواضها بشكل جمالي تناسب مع ألوانها، لتبعث في القلب بهجة برؤيتها، صدح هاتفها مرة أخرى برقمه فظلت تتأمله حتى انتهى الاتصال، كما يحدث في كل مرة، تكتنفها الحيرة في الرد وعدم الرد، شئ بصدرها يتوجع بقوة مما يحدث، وكرامة تصرخ في وجه إهانته لها بالأمس وقد انساق خلف شياطينه ليؤكد لها مخاوفها ويعيدها لصواب اختيارها رغم قسوته، قسوة الارتباط لمجرد الهروب، تنهدت تغمض عيناها بتعب، وقلق غريب يمنع عنها الفرحة مع هذا الخطيب الذي اكتشفته الاَن فقط انه غريب، واجهة لامعة تجذب الأنظار نحوها، لكن لا أحد يعلم لما يحتويه بداخله، عسى أن تكون مجرد مخاوف. غمغمت بها وهي تعود للتنضم للفتيات في الداخل، فقالت وهي تقترب منهن: - خدوا راحتكم قد نص ساعة كدة، عشان انا معايا ميعاد ضروري، ومش عايزة اتأخر عليه؟ - ميعاد أيه؟ سألتها زهرة وتبعتها نوال، فقالت تجيبهم بمرح زائف وهي تجلس معهن: . - ولا حاجة يا حبايبي، انا بس هاروح انقي شبكتي مع كارم باشا خطيبي. هللت نوال بكلمات التهنئة والمباركة وكاميليا تبادله الرد بابتساماتها، اما زهرة فكانت ترمقها بأعين متفحصة، تبحث عن فرحة حقيقية بعيناها او ملامح وجهها ولا تجدها، هنأتها بابتسامة مصطنعة هي الأخرى ثم غيرت الحديث بقولها: - خلاص الوقت الباقي ده لازم نستغله كويس، واول حاجة هانعملها انكم هاتفطروا معايا. هتفت عليها كاميليا قائلة بقلق: - يا نهار أبيض يا زهرة، انتِ ماكلتيش من امبارح؟ ردت زهرة بابتسامة ساخرة: - ياه يا كاميليا دا انتِ طيبة قوي، بقى مفكراني قاعدة من امبارح بالجوع، ماتعرفيش بقى اللي صايب صاحبتك اليومين دول، يا مؤمنة دا انا قومت على اربعة الفجر، نسيت الزعل وكل عياط امبارح ونزلت ع الأكل في التلاجة زي المفجوعة اقسم بالله، كنت هاموت من الجوع. تطلعتا الاثنتان إليها بدهشة ممتزجة بمرحهم وردت نوال: - طب وزعلانة ليه؟ ما الأكل نعمة ربنا، ومتعة من متع الحياة. هتفت زهرة لتزيد من حيرتهم: - يابنتي والله عارفة، بس انا اليومين دول حاسة بحاجات كتير متغيرة معايا، مش بس الجوع والأكل الكتير. - إيه يعني اللي يخليكي تقلقي كدة؟ قالتها كاميليا باستغراب قبل أن تتابع بتخمين اختلط بحماسها - استني صحيح لتكوني شاكة انك حامل يا زهرة؟ اعتدلت نوال منتبهة جيدًا تتابع بترقب رد زهرة والتي قالت: - بصراحة اه بس انا مش عايزة اتكلم ولا اقول لجاسر غير لما اتأكد كويس، انا حتى كنت هاسأل ستي امبارح، بس الخناقة بقى وقفت في بوقي كل الكلام. - تاني يا عامر، بتشرب قهوة تاني هتفت بها لمياء أجفلت زوجها الذي كان يتابع أعماله على الاب توب الخاص به على كنبة وحده في غرفة جانبية اتخذها مقرًا له بعيدًا عنها، غمغم ببعض الكلمات الحانقة لاختراقها الغرفة دون استئذان، فعاد لعمله مفضلًا تجاهلها مما زاد من غضبها، فتحول هتافها للصياح: - وبعدين بقى في عندك ده، اللي هايضعك ويضيع صحتك؟ هو فيه إيه بالظبط؟ ضاق به منها ومن صياحها فاغلق حاسبه بقوة وخلع نظارته ليرد على كلماتها بنزق: - دا سؤالي انا ليكي يا مدام، مالك انتِ اشرب قهوة ولا اشرب زفت حتى، انا حر يا ستي. اقتربت بوجهٍ محتقن تخاطبه بغضب: - حر في إيه يا عامر؟ أنك تهمل صحتك كمان؟ مش كفاية الأؤضة اللي سيبتها وجيت هنا اعتزلت لوحدك، واكنك ولا طايقني ولا طايق لي كلمة حتى. زفر يضرب بكفيه يقول مخاطبًا له بتأفف: - لا حول ولا قوة إلا بالله، عايز اختلي بنفسي يا ستي واقعد لوحدي، فيها حاجة دي؟ ما انتي بقالك سنين بتعمليها، وانا ساكت، حقي انا كمان بقى. صمتت تبتلع صياحها والكلمات الغاضبة، ثم ما لبثت أن تحاول مرة أخرى بطريقة ناعمة معه عله يستجيب، فجلست بجواره تقول برقة: - طب يا حبيبي افهمني بس وافهم كلامي، انا مش عايزة اخنقك انا حابة اطمن واطمن قلبي كمان على صحتك. - صحتي! لا كتر والله يا مدام، انا تمام وعال العال. بصق كلماته ونهص من جوارها ولكنه اهتز بوقفته فلحقت بذراعيها تحاول مساعدته ولكنه نزع نفسه عنها هاتفًا بغضب: - إبعدي يا لميا انا اقدر اقف وامشي لوحدي، مش محتاج لمساعدتك، أوعي. رق قلبها رغم خشونة تعامله معها، وسألته بقلق: - خدت دواك النهاردة يا عامر؟ - مالكيش فيه. قالها هكذا بكل بساطة بوجهها، ليصدمها من رده المباغت، فغرت فاهاها بدهشة، وتلجم لسانها عن الرد، لتظل متسمرة محلها تراقبه حتى اختفى من أمامها، فلم تملك سوى رفع هاتفها للاتصال بمن يستطيع مساعدتها، وفور أن جاءها الرد هتفت إليه: - اللحقني يا جاسر، والدك تعبان ومانعني اراعيه ولا اديلوا العلاج. طب يعني هي دلوقتي كويسة ولا شكلها إيه بالظبط؟ سألها خالد في الهاتف وهو يصعد الدرجات المتبقية للمصحة التي يتعالج فيها محروس بصحبة سمية زوجته، وجاءه الرد من نوال بتلاعب: - واقولك ليه بقى عن حالتها، ما انت لو عايز تشوفها روحلها بنفسك. ردها المرواغ اثار احتقانه فهتف بصوت عالي جعل رؤس البشر من المارة من الزوار والعاملين في المصحة تتلفت نحوه: - قولي بقى يانوال ومتعصبتيش الله يرضى عنك. أجفلت من حدته المفرطة فردت بهدوء وقد علمت بحالته الغاضبة الاَن: - طب اهدى بس ومتعصبش نفسك، انا بس بهزر. وصلها صوت زفرته الطويلة فتابعت بهدوئها: - زهرة كويسة يا سيدي واخر تمام، بس نفسها بقى تتصالح وترضى عنك، دي هاتموت عشان تكلمك. تنهد بألم يردف بصوت مشحون بعاطفته الأبوية نحو زهرة وقال: - الكلام سهل لكن التنفيذ صعب، صعب قوي، خصوصًا دلوقتي، يمكن مع الوقت القلب يصفى. قال الأخيرة وصمتت نوال عن المجادلة معه فهي الاعلم بما بحمله قلبه من حزن وعتب موجع عسى مع الأيام، تشفى اَلامه انهى المكالمة ومضى في طريقه بداخل أروقة المصحة بصحبة سمية التي تجرأت لتحدثه هي الأخرى: - أنا اسفة يا أستاذ خالد لو هاتدخل، بس انا أكتر واحدة تشهد على حبك للست زهرة، بحكم عشرتي الطويلة ليكم من ساعة ما اتجوزت محروس وحضرتك مكانتش طايقني. - أنا يا سمية مكانتش طايقك؟ سألها مجفلًا وقالت هي تجيبه بابتسامة ودودة منها: - ايوة امال ايه لو انت مكنتش فاكر، انا افكرك بمعاملتك الخشنة معايا، بس دا الطبيعي على فكرة وانا مش زعلانة، يعني واحدة خدت مكان اختك المرحومة، هاتطيق تبض في وشها ازاي بس؟ وانت شاب صغير واخداك الحماسة، مكدبش عليك انا كمان مكانتش بطيقك من معاملتك ليا، بس لما كنت اشوف حنيتك على بنت اختك، كنت ارجع لعقلي على طول واديلك عذرك. صمت خالد وتذكر فعلا ماتقصده، حينما كان يمنع زهرة من التعامل معها واذا راَها في منزلهم يغضب من والدته التي عرفت بأصلها منذ البداية، وهي من جعلته يرى جيدا ان سمية ما هي الا امرأة تعيسة أخرى أوقعها الحظ مع محروس الغبي. أجفل من شروده على متابعة سمية في قولها له؛. - انا متأكدة من انك هاتحن وتصفى لزهرة عشان عارف ومتأكد انها رغم غلطها في نظرك زي ما انت شايف فانت عارف انها عملت كدة من كتر محبتها وخوفها عليك، بس ياريت بس الزعل ما يطولش. التف إليها من مستوى طوله الفارق عنها بكثير نظرًا لقصر قامتها الطبيعية، يومئ برأسه مرددُا لها: - إن شاء الله، إن شاء الله يا سمية، ربنا يسويها. بعد قليل كان اللقاء بغرفة منعزله ضمت الثلاثة، محروس بملابسه النظيفة البيضاء، بهيئة جديدة عليه وتجهم وجهه يظهر بوضوح عدم اندماجه وتقبله للعلاج المرهق: - ماهو انتو تتشالوا تنحطوا تلاقولي حل، انا مش طايق المخروبة دي ولا طايق القعدة فيها. قالها فور جلوسه أمامهم بعد ترحيبه النزق بزيارتهم، ردت سمية مجفلة من تصرفه: - يا نهار اسود، ايه اللي انت بتقولوا دا ياراجل؟ ما هو دا الحل لكل مصايبك وبلاويك، ولا انت مش ناوي تتعظ بقى؟ هتف بوجهها غاضبًا: - هو دا اللي انتِ فالحة فيه يا اختي مصايب وبلاوي، ماهي كل الرجالة بتشرب ومقضياها، جات على محروس الغلبان ولا عشان حظه الزفت، لقيتوها فرصة وجاتلكم، عشان تطلعوا عليا القديم والجديد، لكن دا بُعدكم. هتفت سمية بدورها ترد على كلماته بأنفعال كاد أن يخرجها من اتزانها الدائم: - بعد دا كله يا محروس ولساك برضوا ما اتعتظتش؟ بقى بدل ما تحمد ربنا عشان موقفلك ولاد حلال يخرجوك من المصيبة اللي جيبتها لنفسك، وكمان واقفين معاك لحد ما ربنا ياخد بإيدك ويشفى عنك، وواخدين بالهم من عيالك وبرضوا بتتبتر ومش عاجبك. - ياخي ان شالله يولع فيكم كلكم، هو انتو هاتزلوني، يعني تطلعوني من سجن تدخلوني لسجن تاني بحجة العلاج والكلام الفارع ده، لا بقولكم ايه انا مش هافضل في المخروبة، انا عايز اخرج. كان يهدر بغضب وهو يلوح بيداه في الهواء بشكل يثير الاستفزاز، متغافلًا بغباء عن هذا الجالس أمامه بجوار سمية متكتف الذراعين، متجمدًا بهيئة ساكنة في الظاهر، وبداخله حمم سائلة من النيران تغلي بأوردته،. وهو يتذكر افعاله القديمة مع شقيقته والتي أدت لوفاتها في النهاية، تخلية عن ابنتها وتركها لهم يتيمة الأبوين، ثم فعله الاَخير بخسته في سرقة نقوده المرسلة من الخارج والتي أدت لضياع شقته وشقا عمره فيها وقبله كان سيتسبب في ضياع زهرة. عند خاطره الاَخير بتذكره ما حدث معها نهض فجأة وبدون تفكير قفز على محروس، يمسكه من تلابيب ملابسه، ليرفعه إليه ثم دفعه بقوة على الحائط يهدر بانفاس ممتهدجة،. - انت البعيد هاتفضل طول عمرك كدة لا بتحس ولا عندك نظر تشوف بيه. جحظت عيناه محروس على وضعه الجديد، بعد ان بوغت بفعل خالد، فانتقلت عيناه بهلع نحو زوجته التي خاطبت خالد على تردد وخوف: - مش كدة يا سى الأستاذ، سيطر على غضبك منه شوية. وكأنه لم يسمعها دفعه مرة أخرج ليرتطم ظهر محروس على الجدار بقوة اَلمته يهدر من تحت أسنانه: - بقى بتسرق فلوسي يا محروس وتديها لفهمي عشان توافق زهرة وتتجوزا غصب عنها، عارف دا لو كان حصل أو تم فعلا؛ اقسم بالله ماكان هايكفيني روحك ساعتها، إنت إيه؟ خرتيت ولا حلوف ما بتحسش؟ هافضل انا طول عمري أشيل من وراك والم في بلاويك، ماعدتش عندي شغلانة غيرك. غضبه المكبوت طوال السنوات الماضية كلها خرج فجأة، ليفقده حكمته وتعقله الدائم، فلم يشعر بنفسه وكفيه تضغطان بقوة على رقبة محروس حتى برقت عينا الاَخير واصطبغ وجهه بالحمرة الداكنة مع قرب انتهاء الأكسجين منه، يشعر بقرب خروج روحه من جسده، وسمية تهتف على خالد برجاء حتى يتركه ولا يخسر نفسه ومستقبله بمقتله، استجاب اَخيرًا لتركه وابتعد عنه يلهث بعنف وكأنه كان خارجًا من حلقة سباق للعدو السريع، رمقه بنظرة اَخيرة بازدراء ثم انصرف من الغرفة والمصحة نهائيًا تاركًا سمية مع زوجها الذي التقط انفاسه اَخيرًا يردد لها بارتياع: - كان هايموتني يا سمية، كان هايموتني. بداخل الملهى دلفت بصحبته، لا تصدق نفسها وهذه الأجواء الغريبة عنها، الموسيقى العالية والانوار الصاخبه بألوان متعددة، وجوه رأتها قبل ذلك في الحفل ووجوه لا تعرفها، لكن جميعها توحي بإلثراء، وهي معه يدها بيده، يتملكها التفاخر والزهو بصحبة شخص مثله يثير إعجاب الفتيات أينما ذهب، يصافح الشباب ويقبل الفتيات على وجنتاتهن، ويقدمها إليهم ليتعرفوا عليها، فتتلقى كلمات الغزل من الرجال، ونظرات حاقدة وحاسدة من الفتيات، وصل بها ليجلسا معًا على إحدى الطاولات، يقول لها: - ها يا قمر إيه رأيك بقى؟ أجابته بفرحة تحاول تحجيمُها أمامه لتتصنع الخجل: - يجنن والله، بس انا مكسوفة عشان دي اول مرة ادخل مكان زي ده. رمقها بنظرة متسلية ثم رد بابتسامة زادته وسامة أكثر: - معلش بقى اصل انا بصراحة طول اليوم في الشغل، وما بصدق يجي الليل عشان اسهر واعيش سني. - اه عشان كدة انت موافقتش لما قولتلك نخلي مقابلتنا في النهار أحسن. قالتها وهي تتلاعب بشعرها تدعي التفهم جعل المرح يزيد بداخله أكثر نحوها، فقال لها بمغزى: - كويس اوي انك فهمتي عشان تتعودي على كدة، انا راجل إيزي ومنفتح بحب السهر والخروج دايمًا، عشان كدة دايمًا تلاقيني استغل اي وقت واطلع اتفسح في اروبا أو أي منطقة في ألعالم كله لمعت عيناها بالحماس مع كلماته وعقلها ينسج في الأحلام التي تجمعها به، تجول العالم معه وتنشر صورها ليرى الجميع ما وصلت إليه بجمالها وذكائها. - سرحتي في إيه؟ سألها مقاطعًا شرودها، فهزت رأسها بارتباك تقول: - لااا مش حاجة مهمة يعني ما تشغلش نفسك انت. - كدة طب قومي معايا. قالها وهو ينهض فجأة لبشير إليها بيده، سألته باندهاش: - اروح معاك فين. تناول كفها ليجيب وهو يُنهضها من مقعدها: - هاتقومي عشان نرقص مع بعض طبعًا، واحنا جاين هنا ليه أصلًا؟ تشبثت محلها لا تريد التحرك وهي تتذكر نصائح والدتها لها دائمًا بعدم التساهل معه حتى لا يراها لقمة سائغة. - لااا انا مقدرش اتحرك وارقص قدام الناس الغريبة اصل انا مش متعودة على كدة. قالتها بهمس متصنعة الحياء، لترى تبدل ملاح وجهه على الفور من ابتسامة دائمة لتجهم غامض بتفكير، ظل على وضعه للحظات قبل أن يستدير بجسده عنها يقول ببساطة: - تمام ياقلبي زي ما تحبي، بس ما تزعليش بقى لما اقعد السهرة كلها وانا برقص مع أي بنت هنا غيرك هاتصاحب عليها، باي. قالها ليكمل بتحرك خطواته مبتعدًا عنها، هتفت بلهفة لتلحق به قبل أن يتركها وينفذ تهديده: - لأ باي دا إيه؟ انا جاية معاك. وانلطقت معه على منصة الرقص تسايره بكل ضمير، ضاربة بنصائح والدتها عرض الحائط. وقفت تراقبهما من زاوية قريبة، يتاَكل قلبها من القلق والخوف عليه، لم تعهده بهذا العند طوال سنوات زواجها به، لم تختبر منه قبل ذلك هذا الغضب العاصف، فلاطالما كان صبورًا وحنونًا معها، يتحمل دلالاها ويفعل المستحيل لإرضاءها، تتمنى لو يعود ويغفر لها ذلة لسانها حينما تهورت معه في الحديث، بسبب ما واجهته من بهيرة في هذه الليلة المشؤمة. وفي الناحية الأخرى كان بجوار ابيه الصامت يحدثه بمهادنة يشوبها العتاب: - كدة برضوا يا والدي، تقلقلنا وتخوفنا عليك، على الأقل سيبها اراعيك وتديك الدوا وبعدها اعمل كشر وابعد براحتك. رفع إليه عامر نظرة غاضبة يرد: - مش عايز دوا ولا شفقة منها، انا مش محتاج لها ولا محتاج لغيرها. أجفل جاسر على النبرة الحادة لوالده في الحديث، فقال يخاطبه بلوم: - ليه دا كله يا والدي؟ دا انت في حياتك ما عملت كدة معاها، طول عمرك بتحايلها حتى لو كانت غلطانة، وبتغفر لها كل أخطائها. - أديك قولت بنفسك، طول عمري بصالح وادلع، أنا دلوقتى كبرت وماعدتش فيا حيل للدلع ولا المحايلة. انتبه جاسر وضيق عيناه بريبة نحو والده يرمقه بنظرات متفحصة لهذا التغير المفاجئ منه، فعاد بسؤاله ولكن بصيغة أخرى: - هو إيه اللي حصل بالظبط مابينكم؟ وخلاك تقلب عليها بالدرجة دي؟ هي تتصل بيا وتترجاني من الخوف عليك وانت مش طايق حتى تسمع سيرتها، ما تقول يا والدي وريحني ولو كان في مابينكم سوء تفاهم نصلحه ولو خصام نقرب المسافة. زفر عامر يشيح بوجهه عنها لا يريد الإجابة، فكيف سيذكر له ان السبب الرئيسي لمشاجراتهم، هو غضبها من صورتها التي اهتزت أمام المجتمع المخملي بزواجه من زهرة؟ وكلماتها الصعبة بعدم مسامحتها عن هذا الزواج من خلف ظهرها، فقال بمرواغة - حاجة ما بيني وما بينها يا عم جاسر، يعني مالكش فيه. اندهش جاسر من إجابة ابيه المبهمة فحاول بمهادنة مرة أخرى: - طب ماشي مش هاتدخل ولا ازيد في أسئلتي، بس رجاءًا يعني، تخف شوية عصبيتك دي، وحاول بس تسمحلها تديك العلاج في ميعاده زي ما احنا متعودين. وكأن بكلماتها كان يقصد العكس، انتفض عامر معترضًا بعنف: - قولت مش محتاجها ولا محتاج رعايتها، انا مش مستني شفقة من حد فاهم ولا، لا منك ولا منها. هتف بالاَخيرة بانفعال أدى لاهتزاز جسده بقوة واضعًا يده على موضع قلبه، بوجه تغضن بالألم حتى كاد أن يقع لولا أن تلقفته ذراعي ولده قائلًا بجزع: - والدي. الفصل الثالث والاربعون من هنا |
رواية نعيمي وجحيمها الفصل الثاني والاربعون42 بقلم أمل نصر
تعليقات