رواية العروسة الاسيرة الفصل السابع7 بقلم فيوليت وينسبر


 

رواية العروسة الاسيرة الفصل السابع بقلم فيوليت وينسبر

اغلقه مارك بعد مغادرته غرفة النوم اذ تركها وحدها بينما كانت خصلة الشعر مازالت مجدولة حول عنقها |

والدموع تنهمر من وجنتيها.
- رجل لا كالرجال

اخیرا نامت رافينا بعد ليلة حالكة وسهاد طويل. وعندما استيقظت في الصباح كانت الشمس تتسلل الى غرفة نومها تحمل معها الدفء وشذى الاعشاب ونسمة البحر. ظلت في فراش العرس تتأمل الغرفة
ووقع بصرها على المقعد المستدير قرب المملكة فتذكرت انها جلست عليه بانتظار مارك وحملها كالطفل | بين ذراعيه وربما لسلوكها الطفولي معه تركها ولم يمسها. فنشجت بالبكاء ونامت وحدها في غرفة

الزفاف.

غادرت الفراش لتجد دلوا نحاسيا مملوءا بالماء الدافئ واستمتعت بحمام اعاد الانتعاش اليها ثم فتحت خزانة ملابسها واحست برغبة تحدوها ان تتمتع بالحرية والانطلاق خلال يومها فاختارت بلوزة ملونة وسرولا فضفاضا ومشطت شعرها وارسلته على ظهرها ووضعت لمسة

من احمر الخدود لتخفي معالم شحوب وجهها الذي نجم عن التوتر الذي كابدته خلال اول ليلة امضتها في الكازا. وعندما اتخذت طريقها للخروج من الغرفة وشرعت تهبط درجات السلم الحلزوني للبرج شعرت بالجوع ينشب اظفاره في معدتها. ولم تجد اي اشارة تنم عن وجود مارك افترضت انه يقوم بجولة تفقدية على البساتين وحقول الكرم التي تحيط بالكازا. وبدأت رافينا تتسائل اذا كان البيت قد هجره
اهله عندها رأت رينزيو يعبر الصالة

في سترته البيضاء ثم قال لها بالايطالية وهو يحدق في سروالها

الفضفاض:

" " صباح الخير يا بادرونسيتا

قالت له بالانجليزية:

" احب ان اتناول طعام الافطار يا

رينزيو "

وكانت تعلم انه يفهم الانجليزية لان مارك اخبرها اثناء تناول طعام العشاء بأن رينزو كان يعمل في

فنادق اوروبا.

قال :

" البادرون لم يعد بعد من جولته

الصباحية وعلى البادرونسيتا ان تنتظره لتنضم اليه في الشرفة المطلة على البحر حيث اعتاد تناول

افطاره"
بدت رغبة شفافة في نظرتها وهي

تسأله :

" الشرفة التي تطل على البحر ؟ انني

لم ارها ... هل تقودني اليها؟ "

وانحنى رينزيو ثم سار في ممر ضيق وعبرا مدخلا يؤدي الى الشرفة التي امتلأت بأشعة الشمس والمفعمة

بهواء البحر وكانت الشرفة تبرز من الامام لتطل على البحر مباشرة
ومحاطة بسياج من القضبان الحديدية تأمينا لسلامة الواقفين. وتمتم رينزيو

قائلا:

" البادرونسيتا سوف تنتظر وصول

طعام الافطار "

قالت : " اجل "

وسارت الى نهاية الشرفة مأخوذة بمنظر الجبال والامواج تتكسر فوق

الصخور التي تجمعت على الشاطئ
كأنها اطلال قلاع محطمة وشاهدت النسور ترفر فوق صفحة المياه ادهشها ان يحب مارك تناول طعام - الافطار في مثل هذا المكان. هذا الملك الذي يتمتع بمشاهدة هذه المناظر الطبيعي وسيد هذا البيت الكبير القائم على المعقل الصخري ... هاهنا ملأت المرارة فمه

فقسا قلبه بعد موت ابنه دريستي
وخاصة انه يملك كل هذه القرى بلا ابن يرثها. وقفت رافينا عند سور الشرفة والريح تعبث بشعرها وعلى سماتها ملامح العروس الاسيرة وكانت تعلم ان مارك سينظم اليها حالا فتوترت اعصابها من مقابلته بعد الموقف الدرامي الذي شاب فراقهما ليلة امس وانذرتها اعصابها بدنو وصوله قبل انتسمع وقع
خطواته فوق ارضية الشرفة. امتلأ الجو بشحنة كهربائية استطاعت ان تشعر بها وهي تسري في عمودها | الفقري الذي تجمد عندما وقف

وراءها وهو يقول:

" صباح الخير. اظن انه لم يستغرق منك وقت طويل حتى تعثري على

وكري اخبريني كيف ترين الكازا والبقاع المحاطة بها بعدما اشرقت

عليها شمس الصباح . "

قالت:

" اكثر وثنية مما كنت اتصور "

وشعرت بضربات نبضها عندما تحولت لمواجهته ووجدته يتأمل الشمس وهي تسقط بأشعتها على شعرها وكانت تتوقع ان تلاقي منه

برودا هادئا ومقاطعة مهذبة بعد ما حدث ليلة امس ولكنه ابتسم ورفع حاجبا متعجبا للملاحظة التي ابدتها

وسألها :

" هل ترينه وكر قاطع طريق يحتفظ

بك رهينة انتظارا لفدية يدفعها

اهلك لانقاذك ؟ "

وتناول يدها التي تتحلى اصابعها

بخواتمه واحنى رأسه الاسود ومست شفتاه يدها فاشتمت رائحة ثمار الليمون عالقة بثيابه كان اذا يقوم بجولة في حقول الليمون التي نضجت وغدت معدة للعصر وتعبئة عصيرها في مصانع الحمضيات التي على مبعدة من الجزيرة ذلك ان دي كورزيو ماركة مميزة على جميع المشروبات المماثلة. وتتمثل الماركة بصورة نمر جاثم فوق صخرة يلعق هل استمتعت بنوم عميق؟ "

الماء من نهر متدفق.

سألها وفي صوته نبرة سخرية:

لم تستطع ان تتطلع الى نظراته وهي تجيب على سؤاله بأنها نامت نوم عميقا. قال: " حسنا " وتحول عنها عندما ظهر رينزيو في الشرفة وهو يحمل صينية عليها الوان من الطعام ويتبعه خادم صغير السن يحمل دورق القهوة. وراح الخادم الصغير يحدق في شعر رافينا الاحمر لانه اعتاد ان يرى فتيات كاسيل دي توري بشعر حالك السواد واضطر رينزيو الى ان يزجره فانصرف خائفا وشعرت بان الخادم الذعور بعث في اعماقها بمزيد من الغربة عن ذي قبل وقام رينزيو باعداد مقعد امام
المائدة جلست عليه رافينا فقال له

مارك :

" يمكننا ان ندبر امر افطارنا بأنفسنا

"

قال لها :

" يبدو سلوكك غريبا معهم "

وراحت تراقبه وهو يصب لها القهوة

ويقدم لها طبقا من حلوى التروفيل وشريحة من الخبز المقدد.
واستطردت تقول :

" انهم غرباء بالنسبة الي انك لا

تتصور ماهية شعوري يا مارك نصف حالمة لا اكاد اتصور ان هذا المكان واقع حقيقي. وان زواجنا تم فعلا "

قال لها :

" تناولي طعامك يا رافينا. ان

التروفل مثل الحب يفقد شيئا من نكهته عندما يصبح باردا "

وكانت رافينا تشعر دائما بقبضة تعتصر قلبها اذا ما بدأ يتحدث عن

) الحب. ماذا يقصد بالحب؟ ان

يمسك بها بين ذراعيه يمتلكها دون ان يشعر بأية حرارة مما كان يشعر بها نحو دوناتا ... فتاة الجنوب التي فقدها كما فقد دريستي. كسرت رافينا الخبز ودهنته بالزبدة ووجدت
التروفل حلو المذاق واللحم لذيذ وحاولت الا تفكر بطعام الافطار الذي اعتادت ان تتناوله مع جارديو قريبا من جبال ويلز المألوفة

لديها ومن وراء نوافذ رافنهول.

سألته :

" هل تتناول جدتك طعام الافطار

في غرفتها؟
اجل... لا نونا بدأت تشعر بسنها المتقدم وغالبا ما تمضي الليل تكابد الارق فينتابها الاعياء في الصباح |

وقد اعتادت وصيفتها بابتستا ان تقرأ لها اذا جافاها النوم. ستجدين

القوة في شخصية السردي فلا يلتبس عليك الامر فتظنين انهم يفتقدون الحنان. وحينما تعتاد لانونا عليك وتتقبل حقيقة كونك زوجتي
ستكتشفين انها اقل تهكما عما حدث حينما التقيت بها يوم مجيئك

"

لم تستطع رافينا ان تمنع نفسها من

السؤال:

" هل هناك علاقة بين كون المرء

سرديا وبين كلمة ساردونيك * ؟ " " هل تظنين انني شخص متهكم

مرير ؟
قالت :

سمكة

" بالتأكيد ان زواجنا اكبر دليل على

مرارتك "

" اذن انا شخص مرير ... وانت

تشعرين انك ضحية لمرارتي "

" اعرف انه شئ فظيع بالنسبة اليك

ان تجتاز هذا الشعور ولكنه دفعك الى ان تكون قاسيا وانه لقسوة منك يا مارك ان تتوقع ان يكون سلوكي ينم عن رغبة في انني اريد ان اكون هنا وما المسألة الا مجرد وقت اعد فيه نفسي كزوجة للتكيف على

حب زوجها "

قال :

" لا اطلب ان تمنحيني حبك "

فسألته: لكنني اسأل عن نفسي انا ... وماذا

" اذا كنت تريدين رودري برينين

هل انت قادم "

فأظن انه خير لك ان تبقي معي "

وكانت كلماته باترة كحد السكين التي كان يستخدمها في قطع شريحة من البطيخ المفعمة بالعصير. سألها:

" هل تحبين ان تتناولي شريحة منها
ان بطيخ الجزيرة حلو المذاق "

هزت رأسها وقد تشبثت اصابعها بحافة المائدة عندما رأته يضيف السكر الى شريحة البطيخ وراح يلتهم الثمرة بهدوء يبعث على الجنون ورأت ان اهتمامه بها كامرأة

لا يزيد عن اهتمامه بشريحة البطيخ.

سألته :

" هل تأذن لي بالانصراف؟
وامسكت بمنشفتها والقتها الى جانب طبقها وشعرت بنظراته مسلطة عليها عندما تركت المائدة | وتوجهت نحو جدار الشرفة ووقفت تحدق في الجبال التي لمستها اشعة الشمس الذهبية ولقي الجمال الوثني للمنظر صدى لشعورها بالشقاء ورأت ان هذا المكان يجب الا يكون مضيئا وانما يجب ان يكتنفه الظلام
الدامس حتى يتلائم مع حالة اليأس

التي تكابدها.

سألها مارك :

" هل تذكرك جبالنا بويلز ؟ "

" انت تحملين في نبرة صوتك برودة

" لا شئ هنا يذكرني بوطني طني "

ويلز "

قالت :

" وفي قلبي ايضا ... يا مارك "

واستدارت للتخذ وضع المدافع ثم

اردفت تقول:

" الا يكفي اتك حصلت علي لا |

تطلب ان احب سجنك " " يبدو لي كأنك تزمعين الثورة ضد

الجزيرة ... وضدي انا "

نهض واقفا وسار نحوها مثل النمر المتحفز للوثوب وحينما دنا منها رأت بوضوح الندوب محفورة على يديه فتذرعت بالصبر لكي تتحمل لمساته حينما ادار ذقنها واجبرها ان

تنظر الى عينيه قائلا:

" هل تظنين انني تزوجتك لشعوري

بالمرارة فقط؟ هناك شئ اكثر من

هذا يا رافينا "

قالت :

" "....الرغبة

وشاب كلمتها احساس بالكراهية له
قال وعلى شفتيه ابتسامة متهكمة: اجل ... بعض من هذا بالاضافة

الى انني اكتشفت انك مثيرة مزيج | من البراءة والخداع. انت وحدك يا رافينا لديك القدرة ان تجعلي اعصابي تفلت مني او اسيطر عليها بسرعة. لديك روح عالية وانا لا

احب تحطيم اي روح عالية

ولهذا السبب لا تحمل في يدك

سوطا ... لانك في غنى عنه؟ "

" الشخص الضعيف فقط يحتاج ان

يمسك سوطا ليروض امرأة او

" " اذن انت تنوي ترويضي؟

" حصانا

هز رأسه وراح يدفع خصلة من شعره الى الوراء بعيدا عن حاجبيه ثم

قال :

" لا ... عندما تمتطي سويا جوادينا |

ربما ستعثرين لجواب على سؤالك وعندما نكون سويا على صفحة الماء وفي خضم العاصفة ستعرفينني اكثر. لست احب الاشياء التي تروض. انني سردي احب بربرية شمسنا في اوج الصيف وقوة الريح عندما تهب من الجبال ولسعات اشجار السرو ولطمات امواج البحر وسقوط حبات الزيتون تحت اشجارها انا سردي يا عزيزتي اننا

لا نقبل اية تسوية للامور مذلة ولا

نقبل ترويضا لاخضاع المرأة "

وعندما نظرت اليه عرفت السبب الذي دفعه الى ان يتركها ليلة امس

فان الخوف الذي تملكها لم يجذبها اليه فالرجل يحب من المرأة ان تتحول دموعها الى ابتسامة وتشعره

" دعني ارحل يا مارك "

في انها بحاجة اليه فقالت فجأة:

وتطلع اليها بابتسامة لوت شفته وابعد يديه عنها واستند على سور الشرفة الذي يحول دون سقوط المرء
الى اعماق البحر واستطردت تقول :

" دعني ارحل الى وطني اعني

" هنا وطنك "

.. حررني من هذا الزواج "

" يمكننا ... يمكننا ان نفسخ هذا

الزواج... يا مارك ... "

وتحول ببصره ليحدق في امواج البحر الثائرة وبدا جانب وجهه المشوه مثل الحفر على وجه عملة

برونزية وقال:

" تطلبين شيئا لا استطيع ان

امنحك اياه. اطلبي

ملابس... حلي... حديقة تزرعينها بالورود ... حصانا لنفسك وفتيات

يسعدهن التعرف عليك. لا ابخل

" هل يعتبر فسخ الزواج شيئا بعيدا عن المعقول ... اننا لم ... "

قال مقاطعا حديثها:

" سيحدث يا رافينا ... فقط انني لم

استعد شيئا مما قلته لك يوم اتيت

من رافنهول واخبرتك عن دريستي. سأمنحك كل شئ يمكن لرجل ان يقدمه لفتاة. فقط امنحيني طفلا منك انت يا رافينا بكبريائك وعينيك الجميلتين وولائك لأسرة

برينين "

" الولاء الولاء! " كانت الامواج |

تردد الكلمة في عقل رافينا وطيور

البحر تصرخ عاليا وكان مارك وحده

يرددها وهي تشعر امامها بالعجز

يشل سكناتها.

قالت :

" الطفل يولد من الحب... كما ولد
دريستي "

أوه

نظر اليها بخشونة فبدت اكثر غورا

عن ذي قبل وقال:

" لن نتحدث عن دريستي ولكني

اريد ان اريك بعضا من ضيعتي

الشمس حارة ومن الافضل ان اعثر

لك على قبعة وعثر مارك على قبعة قش في كهفه وهو غرفة فيها كل اسباب الاسترخاء والهدوء. ثبتت رافينا القبعة فوق رأسها دون الاستعانة بمرآة وسوت شعرها تحتها وجعلت

حافتها تظلل عينيها.

" انت لست مغرورة بمظهرك "

" الغرور كالخوخ سهل الخدش وفي اي حال انا لست فاتنة "

قال مارك :

انا سعيد بذلك. ان اي رجل | ) يعيش في اعماقه شيطان الغيرة لا

يستطيع ان يتحمل مغازلة احد لزوجته. تعالي دعيني اريك حدائق

الليمون "

وفتح بابا يفضي الى الحدائق التي امتلأت بأشجار الليمون حيث راح عدد كبير من الرجال يتفحصون الثمار وتمهل مارك ليتحدث معهم وليقدم اليهم عروسه وادركت رافينا انه يبغي بذلك ان يوطد اواصر زواجه فأصبحت في نظرهم امرأة البادرون واي تفكير في فسخ الزواج يقلل من قدر سيدهم ومكانته عندهم. وتذكرت انه قال لها في

استعلاء وكبرياء : انا سردي "

وبدأت رافينا تدرك تماما ان الكبرياء والكرامة تعنيان الشئ الكثير لدى اهالي سردينيا ... ساردينيا حيث تنمو

ازهار الزيتون بين صخورها والشمس تغرق التراب بأشعتها وقوة الارض تكسو وجوه ناسها ورائحة الاعشاب واشجار السرو تملأ التلال التي انتشرت فوقها حدائق
الزيتون .

كانت القرية تقع على قمة التل وابواب المنازل والنوافذ ضيقة وسطوحها تميل في انحدار واحد والحوانيت اشبه بالكهوف تنبعث منها رائحة الحبوب والاعشاب وقامت رافينا بجولة في القرية فشاهدت الكنيسة العتيقة ورأت النافورة التي تتوسط الميدان وكانت النساء قد تعودن على تعبئة جرارهن منها حتى تمديد انابيب الماء من الجبال الى البيوت. وادركت رافينا ان مارك بذل جهده لتوصيل الماء الى بيوت القرية ولمحت بعض النسوة جالسات امام الابواب يعملن في مغازل صغيرة كل واحدة تنحني برأسها للبادرون بينما تحدق في قوام رافينا النحيل وسروالها الفضفاض.
رؤية هؤلاء النسوة ذكرتها بدونا جوكاستا التي كانت تأمل ان يتخذ مارك عروسا من بنات جنسه ولم تستطع رافينا ان تقاوم رغبتها في ان تتطلع الى داخل البيوت فرأت الدجاج يمرح في الفناء والاثاث العاري من كل مخيط وكان الاطفال

يتلقون تعليمهم في مدرسة القرية

وعندما مرا ببابها قال مارك: المعلم السنيور لاندولفو يتناول

احيانا طعام الغداء في الكازا "

وفي هذه اللحظة خرجت طفلة من المدرسة تبحث عن شئ فقدته على الارض وفجأة انحنى مارك ليلتقط منديلا سقط بالقرب من الباب وتحدث معها وهو يقدمه لها ولكنها ولت هاربة عندما رأت وجهه المشوه ورأته رافينا يسحق المنديل في قبضة يده ثم وضعه على قمة عمود الباب وواصلا سيرهما. قالت رافينا

بسرعة:

" لا تأبه يا مارك "

ولأول مرة ادركت مدى الجرح الذي اصابه عندما فزعت الطفلة من رؤية الندبة الغائرة على وجهه وولت منه هاربة. ولمست ذراعه ولكنه سحبها بعيدا عنها ليس غضبا وانما كنوع من الشعور

بالاستقلال والكبرياء.

قال :

"

ليست هذه المرة الاولى التي ارى

فيها النظرة الخاصة في العيون. تعالي

ان هذه الدرجات الضيقة ستقودنا

الى الممر المؤدي الى الكازا "

اشتدت حرارة الشمس ولمحت رافينا منظر البحر وودت لو تسأل مارك ان يتوجها الى الشاطئ فيرطبا اقدامهما في مياه البحر لكن صمته ته بعث القشعريرة في اوصالها وشعرت بالسعادة عندما بلغت اخيرا جدار فناء الكازا واخبرها ان هناك بعض الاوراق تنتظره في مكتبه ويريد انجازها. القي نظرة على ساعة يده

وقال: يمكنك تسلية نفسك بأي شئ او

ربما تحبين التحدث الى جدتي فهي في هذه الساعة تتناول قهوتها في صالونها واظن انك تشعرين بالجفاف في حلقك بعد رياضة المشي تحت

اشعة الشمس "

وادركت رافينا انها لابد ان تعقد صداقتها مع لانونا اجلا او عاجلا
فوافقت على اقتراحه بتناول فنجان

من القهوة معها وقالت له وهو

يسير نحو المكتبة:

"هل تنوي احتساء

قهوتك ... وحدك ؟ "

فالتفت نحوها وهو يضع يده فوق

مقبض باب مكتبه ثم قال لها:

" ان ما لا ابتغيه منك هو الشفقة وفتح الباب ودلف الى المكتب وحده نزعت رافينا قبعتها وسوت شعرها ودخلت الصالون وكانت | دونا جوكاستا جالسة تحتسي قهوتها وتدخن سيكارا رفيعا ولم تستطع رافينا ان تمنع نفسها من التطلع الى

السكار وهي تقول:

" هل استطيع الانضمام اليك؟ "

القت لانونا رماد السكار وهي تقول
يوجد فنجان اضافي لماركوس اين

هو ؟ "

"

"

لديه اعمال يريد انجازها في المكتبة

" كنت اظن انك شغلته لتستمتعي

برؤية القرية. تعالي واسكبي قهوتك لا تقفي هكذا نصف جسمك

داخل الغرفة ونصفك الآخر خارجها "

..

اجابت رافينا بلهجة من يدافع عن

نفسه

" ارادني مارك ان ازور القرية "

وسحبت العجوز نفسا من سيكارتها

بشكل ساخر وقالت:

" الم يقل لك ايضا ان تحاولي

مصادقتي؟
ثم اضافت :

" انت بحاجة الى اكثر من عينين

خضراوين لذلك "

وتحرك اندهاش عميق في داخل رافينا حين تبين لها انها ومارك على علاقة وطيدة وانها لا تعلم كم هي جزء من مأساة مقتل دريستي وتشوه حفيدها. ارتجفت يد رافينا قليلا وهي تسكب القهوة وسرت حين جلست في الكرسي المريح لان الاعصاب خانت قدميها. ولم تكن الدونا جوكاستا تقبلها لانها ليست | من الجزيرة فكم سيكون كرهها لها

اعمق لو عرفت سبب اختيار مارك

لها عروسا

سالتها العجوز :

" هـ اعجبك شئ في بلدنا؟
قالت رافينا وهي ترتشف القهوة: " انا اعتدت اناكون بنت قرية ولذا

" انت تتحدثين وكأنك تقومين بزيارة

استمتعت بالتجول في القرية

ووجدتها مثيرة للغاية قالت الجدة بتحامل: "

سريعة لها. يجب ان تعتبري كاسيل ديل توري من الآن فصاعدا بيتا لك. هنا ستعيشين حيث تسلط الشمس اشعتها على جدران الكازا والرياح الشرقية تهب ساخنة وجافة وتدفع الاعصاب الى التوتر وعندما يأتي الشتاء تهطل الامطار فتتعرض الطرقات للمخاطر ولكنها لا تحول دون سفر مارك وحده فهو اعتاد على الا يصحب زوجته معه في مثل هذه الاحوال الجوية حتى لا تصبح الكازا تنعى الوحدة عندما يرحل في رحلات العمل " قالت رافينا بيأس " انا ... انا سوف ارحل معه. عندما يسافر الى بريطانيا سوف يأخذني

معه. ان اهلي يعيشون هناك "

" اهل سردينيا يؤمنون ان مكان

المرأة هو بيتها "

" مارك لن يتوقع مني ان اخضع لهذه القاعدة " وسحبت دونا جاكوستا نفسا عميقا

من سيكارها وقالت:

" وماذا تعرفين انت عن مارك بعد

بضعة ايام من زواجك منه؟ انا تعهدته بنفسي منذ وفاة امه عند ولادته ورأيته يشب حتى اصبح رجلا هذا الرجل الذي لا تعرفينه ... الرجل الذي كان قبل

الحادثة تتاهفت عليه فتيات القرية. وكان في وسعه ان يختار اجملهن... " ذات العطر الفواح... والمزاج الحلو " وتطلعت البادرونا العجوز مليا في وجه رافينا ثم اشارت الى خزانة خشبية تستند الى الحائط وقالت لها :

" اذهبي وافتحي الدرج الثاني
وستجدين في داخله اطار صور من

الجلد احضريه لي "

وامتثلت رافينا لطلبها فتوجهت الى الخزانة وفتحت الدرج الثاني وشاهدت اطارا جلديا من النوع الذي يضم صورتين فأحضرته ادونا

جاكوستا التي قالت:

" افتحيه وشاهدي الصور "

واطاعت رافينا بينما قلبها يخفق

خفقات سريعة وكما توقعت كان الالبوم يضم صورتين احداهما صورة العروسين والاخرى صورة شخصية لمارك فتطلعت اليها ورأت وجه شاب نحيل شديد الجاذبية عيناه السوداوان تضحكان ويملاهما الفرح

والرغبة في الحياة وفمه جسور ينعطف حادا مما يتوافق مع حاجبه الايسر. كانت هذه هي ملامح صورته منذ ستة اعوام اما الصورة الاخرى لمارك فلم تكن معروفة لها وهي صورة زواجه بفتاة مشرقة ) ترتدي طرحة تحيط بشعرها الاسود

وعينيها المخمليتين. وسألتها دونا

جاكوستا :

" هل تعرفين ان زوجة حفيدي

الاولى كانت بهذه الصورة الجميلة
ولها لوحة زيتية في برج المادونا تصوري روعة جمالها حينما كانت هي ومارك في اوج سعادتهما. يجب | ان تذهبي لمشاهتها. دوناتا كانت حقا هدية من السماء لرجل مثل حفيدي وعندما استعادتها السماء اخذت معها معظم قلبه. وعندما مات طفلهما ادرك مارك بأنه لن يحب مرة اخرى بالرغم من انه كان
من المحتم عليه ان يعيش مرة ثانية

واطفأت سيكارها في مطفأة نحاسية وكانت طريقة اطفاء السيكار لها دلالتها الواضحة وكأنها تريد ان تؤكد لها ان الحب لن يستطيع ان

يندلع مرة اخرى في قلب مارك.

قالت الجدة:

" من فضلك ارجعي اطار الصور

الى الدرج ثانية. انها ذكرى مؤلمة

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1