رواية دمعات قلب الفصل الثالث عشر بقلم رباب فؤاد
فتح (طارق) عينيه بتكاسل وأدارهما إلى الفاتنة التي توسدت ذراعه ونامت في وداعة، فابتسم وداعب وجنتها وطرف أنفها وهو يهمس بحب ـ"(سمر)...(سموري)...صباح الخير يا حبي".
منحته ابتسامة ناعمة دون أن تفتح عينيها وهي تقول بدلال ـ"صباح الخير".
طبع قبلة دافئة على جبهتها وهو يهمس ـ"صباحية مباركة يا أجمل عروس".
فتحت عينيها لتطالعه بعينين عسليتين ناعستين وهي تجيبه بنعومة ـ"صباحية مباركة يا أحلى عريس".
داعب طرف أنفها ثانية قائلاً ـ"ألن تستيقظي؟ إنها الظهيرة الآن".
عقدت حاجبيها الجميلين بتبرم مصطنع قائلة ـ"حبيبي...إنه أول أيام زواجنا...فلماذا نستيقظ الآن"؟
تسللت أصابعه تدغدغها وهو يجيب بلهجة عابثة ـ"لأن سرعان ما سيأتي المهنئون بالزفاف، وينبغي أن نستعد لاستقبالهم مسبقاً".
تلوت بين ذراعيه وهي تضحك من دغدغته قائلة ـ"لن نفتح لهم الباب".
واصل دغدغتها وهو يحاول أن يبدو جاداً ـ"أنترك أبي ووالدتك على الباب؟ يالنا من جاحدين".
حاولت أن تبعد أصابعه عنها وهي تحاول الفكاك من الدغدغة التي تجعلها تضحك بهستيريا ـ"حسناً...حسناً...لقد استيقظت".
توقف عن مداعبتها وأدار وجنته إليها قائلاً ـ"أين قبلة الصباح"؟
ضحكت وهي تقبل وجنته قائلة ـ"أحلى قبلة صباح لأحلى عريس".
قالتها ثم نهضت تجلس على الفراش إلى جواره وتتأمل عينيه العسليتين المائلتين إلى اللون الأخضر للحظات قبل أن تهمس ـ"أحبك".
تاه في عينيها هو الآخر قبل أن يقول كالمنوم مغناطيسياً وهو يداعب شعرها الكستنائي ـ"الحمد لله أنني تزوجتك...لقد كنت حلماً صعب المنال".
تناولت أصابعه بين يديها وهي تقول بدلال ـ"والحمد لله أنه تحقق."
رفع كفيها إلى شفتيه يلثمهما بحب قائلاً ـ"أحبك يا (سمر)، أحبك وأعدك أن أملأ كل أيامنا حباً".
تاهت في عينيه ثانية ثم أراحت رأسها على صدره وهي تهمس بتبرم طفولي ـ" ألا يدرك الضيوف أن الحفل انتهى متأخراً"؟
ضحك لصوتها الطفولي ومسد شعرها بحنان قائلاً ـ"حبيبتي إنه يوم واحد فقط...سنغادر إلى الإسكندرية غداً إن شاء الله ولن يزعجنا أحد هناك".
ضحكت بدورها وهي تقول بصوت حالم ـ"آه...كم أعشق الإسكندرية، ومن المؤكد أن عشقي لها سيزداد معك".
عاد يدغدغها ثانية وهو يقول ـ"هيا إذاً يا عاشقة...فأنا أتضور جوعاً".
تلوت ثانية وهي تضحك قائلة ـ"هيا معي إذاً".
تركها وهو يعدل ياقة منامته قائلاً بلهجة سينمائية ـ"لقد اعتدت على تناول الإفطار في الفراش".
نهضت واقفة وجذبته من ذراعه وهي تمثل الصرامة قائلة ـ"لاااا...الرجال هنا لا يمثلون الدلال...هنا تقف معي في المطبخ وتساعدني".
نهض خلفها وهو يقول متبرماً ـ"ولكن (هالة) ت...".
قاطعته بنظرتها التي حار في تفسيرها وهي تقول ببرود كسا صوتها فجأة ـ"أنا (سمر)، ولست (هالة)".
تدارك نفسه سريعاً وهو يضمها إليه ويقبل رأسها قائلاً ـ"أسف حبيبتي...لم أقصد".
وكزته في كتفه بدلال ثم جذبته من كفه ثانية خارج الغرفة، وتبعها في هدوء إلى المطبخ ووقف عاقداً ذراعيه أمام صدره وهو يتابعها بعينيه وهي تفتح المبرد وتلتقط أطباقاً مغلفة من داخله قبل أن ترفع نظرها إليه قائلة ـ"حبيبي...لا تقف مكتوف الأيدي هكذا...هيا أشعل الموقد وساعدني في تسخين الطعام".
هز رأسه وهو يتقدم إلى داخل المطبخ ويتجه إلى الموقد قائلاً ـ"لم أسمع عن عريس يدخل المطبخ صبيحة زواجه".
التفتت إليه تتأمله للحظات ثم تناولت كفيه بين راحتيها قائلة بحزم ـ"حبيبي...ينبغي أن نضع قواعداً للتعامل في المنزل...كيفية المساعدة وتقسيم الأعمال بيننا".
رفع حاجبيه بدهشة حقيقية وهو يقول ـ"هل أنت جادة؟ لقد ظننتك تمزحين".
ضحكت وهي تتأمل دهشته قائلة ـ"ما سبب دهشتك هكذا؟ أنت طبيب وأنا طبيبة، أنت تعمل في مستشفى وأنا أيضاً...إذاً فكلانا يعود إلى المنزل مرهقاً، ولابد من التعاون سوياً في المنزل".
أذهله حديثها الواثق وكأنها أعدت لهذا الحديث عدته من قبل، خاصة حينما فتحت أحد أدراج المطبخ والتقطت منه دفتر ملاحظات وقلماً واتجهت بهما إلى طاولة تتوسط المطبخ وجلست أمامها قائلة ـ"هيا نتفق على هذه النقاط سوياً".
جلس أمامها على الطاولة وهو يقول بضيق ـ"حبيبتي...هذا الحديث لا يليق بأول أيام زواجنا...إنه شهر العسل...العسل يا(سمر) وليس الطبيخ والغسيل".
رفعت عينيها إليه وقد شعرت بنبرة الضيق في صوته وسمعته يتابع ـ"هذه القواعد والنقاط تستطيع الانتظار حتى نعود من الإسكندرية...ممكن"؟
مدت كفيها عبر الطاولة تحتضن أصابعه وهي تقول بابتسامة ودود ـ"طبعاً يا حبيبي...يالي من حمقاء لأعكر صفو يومك بهذا الطلب".
رفع كفيها يلثمهما بحب وقد اختفى شعوره بالضيق وهم بقول شيء ما حينما قاطعه صوت جرس الباب المفاجئ الذي افزع عروسه وجعله يمط شفتيه في تذمر قائلاً ـ"استغفر الله العظيم...لقد استيقظنا للتو يا جماعة...ألديهم كاميرا تصوير في الشقة أبلغتهم باستيقاظنا"؟
ضحكت وهي تتأمل تعبيرات وجهه المتبرمة ثم ما لبثت أن نهضت قائلة ـ"لا تغضب...سأفتح الباب و...".
قاطعها وهو يهب من مقعده ويمسكها من معصمها هاتفاً ـ"أجننت؟ كيف تفتحين الباب هكذا"؟
قالت بحرج ـ"حبيبي سأمر بغرفة النوم في طريقي وارتدي معطفاً حريرياً".
جذبها إليه وهو يقول في خبث ملوحاً بإصبعه في تحذير ـ"لا حريري ولا حتى صوف...أول قاعدة في البيت: ممنوع فتح الباب وأنت في لباس النوم".
وكزته في كتفه بدلال قائلة ـ"لقد ظننت أن القواعد ستنتظر عودتنا من الإسكندرية".
داعب طرف أنفها وهو يقول ـ"إلا هذه القاعدة...لا أحب أن يرى زوجتي غيري...هيا اذهبي وغيري ملابسك".
قبلت سبابتها ثم وضعتها على شفتيه قائلة بنفس الدلال ـ"ماشي كلام سي السيد".
قالتها واستدارت متجهة إلى غرفتهما، بينما عاد جرس الباب إلى الرنين ثانية فعدل منامته واتجه نحو الباب، ثم توقف أمام مرآه مجاورة ليتأكد من هندامه ويصفف شعره الناعم بأصابعه قبل أن يلتقط نفساً عميقاً ويفتح الباب.