رواية اصقلها شيطان الجزء الثانى الفصل الاول1 بقلم سماح سماحه


 رواية اصقلها شيطان الجزء الثانى الفصل الاول بقلم سماح سماحه 


أقترب هارون من ميسرة يسندها بعدما كادت أن تقع على الأرض فقد عجز حسان عن تحمل ثقلها وحده، وأمسكها من ذراعها وساعدها حتى جلست على أريكته الجلدية، ثم جلس على المقعد المجاور لها يمسح على كفها برفق وهو يهاتف سكرتيرته ويطلب منها أحضار الماء ومعه مشروب بارد، رفعت ميسرة عينيها الباكية ترجوه أن يرحم ضعفها ويساعدها في أرجاع فلذة كبدها، خرجت كلماتها ضعيفة مهتزة متوسلة كي ترقق قلبه ليس على سدرة وحدها بل عليهم جميعًا.
- أأأأأ..... أررجوك يا هارون بيه أنقذ بنتي دي الوحيدة اللي خرجت بيها من الدنيا دي اللي فاضلة ليا من ريحة أهلي وأختي الوحيدة، انا عارفة أنها غلطت في حقك وجرحتك بس والله هى تابت لربنا وندمت على اللي عملته معاك دي كانت بتعمل كل اللي في جهدها عشان تسامحها وترجع تحبها زي الأول، والله يا هارون بيه سدرة حبيتك أكتر ما حبت نفسها دي.......
قاطعها هارون وهو يربت على كفها الممسكة بكفه.
- انا عايزك تطمني يا طنط انا بوعدك أني عمري ما هسيب سدرة تروح مني ولا هسيب حد يأذيها وأن شاء الله هرجعها لينا تاني بالسلامة، ممكن ما تقلقيش وترمي حمولك على ربنا ثم عليا وانا مش هخذل حضرتك بأذن الله.
أبتسمت له ميسرة من بين عبراتها وهى تومئ له وكلها أمل في وجه الله أن ينجي سدرة ويجعل هارون سببًا في أرجاعها لهم  سليمة معافاة مرة أخرى.
- انا عارفة من كلام سدرة عنك ليا أنك راجل قد كلمتك ووعدك سيف على رقبتك وعارفة أنك طالما وعدتني ترجع ليا بنتي يبقى هتوفي بوعدك وانا هفضل أدعيلك أن ربنا يسترها معاك ويوفقك.
جاءت منار تحمل بين يديها حامل معدني عليه أكواب عصير وزجاجات مياه ورسمت على محياها التأثر بما سمعته من ميسرة، ثم نطقت بأسف تشد من أزرها.
- انا سمعت حضرتك وأنتِ بتحكي لهارون بيه عن خطف مدام سدرة متخافيش يا طنط أن شاء الله هترجع ليكم بألف سلامة.
أومأت لها ميسرة وعينها تلمع بعبرات مختنقة.
- يارب يا حبيبتي بالله عليكِ أدعيلها كتير أن ربنا يرجعها سالمة لحضني مرة تانية.
أبتسمت منار وهى تهز رأسها برفق.
- حاضر يا طنط هدعلها وأن شاءالله ترجع بالسلامة.
ثم نظرت لهارون بنظراتها الماكرة التي تجيد استخدامها.
- أن شاء الله مدام سدرة ترجع بالسلامة يا هارون بيه ولو في إيدي أي حاجة اساعد بيها انا مش هتأخر عن حضرتك.
ود هارون لو لكمها على فمها الحقير هذا كي يخرسها فصوتها يثير أشمئزازه لكنه أبطن ذلك الشعور داخله حتى لا ترتاب خيفة منه وتفر من بين يديه قبل أن تنال عقابها وهز رأسه لها بكلمات مقتضبة.

يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من يكُن في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أنا اليوم معكَ اسأل...
- شكرًا يا منار على شعورك الطيب دا، أتفضلي أنتِ على مكتبك دلوقتي.
ثم نظر لميسرة وحسان وأمسك بأكواب العصير يعطيها لهما.
- أتفضلي يا طنط أتفضل يا عم حسان.
تناولت ميسرة الكوب بيد مهتزة فتناثرت بعض قطراته على الطاولة والأرضية رغمًا عنها فشعرت بالحرج منه فنظرت له تبرر فعلتها اللإرادية لكنها وجدته يمنحها ابتسامة حانية ومد يده ناحية يدها يمسكها بالكوب حتى هدأت أعصابها وأحكمت حركة يدها.
- ولا يهمك يا طنط فداكِ اي حاجة متزعليش نفسك.
أبتسمت ميسرة بمرارة وزفرت عدة مرات قبل أن تنظر له.
- ربنا يجبر بخاطرك يا أبني ولا يملك منك عدو.
أغمض هارون عينيه يأمن على دعائها له والي منحه راحة تغمر نفسه.
- يارب اللهم آمين.
تنحنح حسان برفق ليلفت أنتباههما له.
- أنت هتعمل ايه يا هارون بيه عشان ترجع سدرة من إيد المجرم دا؟.
أومئ هارون برفق ورفع يديه يمسح على وجهه ثم نظر له بعتب.
- اولا يا عمي متقولش هارون بيه دي تاني انا هارون بس حضرتك في مقام والدي ماشي، ثانيًا انا لسه مش عارف هعمل أيه بس انا هستنى مكالمة من الحقير دا يحدد فيها معاد نتقابل فيه وهكون مجهز ليه الورق اللي طلبه وأروح له وأبدل سدرة بيه.
نظرت له ميسرة تستفهم منه.
- للدرجادي الورق دا مهم قوي كدا عنده لدرجة يخليه يخطف عشانه بنت ملهاش ذنب ويهدد بقتلها.
أومئ هارون بنفاذ صبر.
- أه مهم بس مش هيكون أهم من حياة سدرة انا لو أعرف أنه هيعمل كدا مكنتش دخلت معاه في حرب من الأول.
لم يكن من السهل على هارون قول ذلك مهما بلغت قوة عدوه لأنه لا يهاب غير خالقه لكنه مجبر على قوله لأنه يعلم أن تلك الحية تقف على باب مكتبه تستمع لكل حرف يلتفظ به وقد أرد أن توصل ما سيقوله لزاهر حتى يوقعه في فخه ثم يأتي به لوكره وملاعبته وجهًا لوجه، نهض من مكانه متجهًا لمكتبه ورفع سماعة هاتفه الأرضي يستدعي إحد حرسه.
- مجدي تعال ليا حالًا.
ثم وضعها فوق الهاتف وخطى ناحية ميسرة وحسان بوجهه مبهم خالي من التعابير.
- انا مش عايزكم تقلقوا أن شاء الله سدرة هترجع وقريب قوي كمان، مجدي اللي كلمته من شوية دا اكتر حارس شخصي عندي بثق فيه هو هياخدكم دلوقتي للقصر عندي تقعدوا هناك مع خالتي لغاية ما سدرة ترجع.
أشار حسان معترضًا بيديه.
- لا لا كتر خيرك يا هارون يا أبني احنا هنروح على بيتنا وهنكون معاك على التليفون تبلغنا بالجديد أول بأول.

هز هارون رأسه برفض وأصر عليهما بالذهاب لبيته.
- مش هينفع يا عم حسان لأن أنتم كمان في خطر ولازم حمايتكم على الأقل لغاية ما سدرة ترجع.
أصر حسان ومعه زوجته على موقفهما وصاحت ميسرة تطمئنه.
- متخافش علينا يا هارون أحنا ولا علينا خطر ولا حاجة وحتى لو فيه هنعرف نحمي نفسنا أن شاء الله ومتشغلش بالك غير برجوع سدرة بس.
حاول هارون معهما مرارًا لكنهما في كل مرة يصران أكثر من سابقتها وعندما يأس أرسل حارسه الشخصي معهما كي يوصلهما بأحدى سيارته لمنزلهما وكلفه بجلب حارسان أخران ووضعهم على منزلهما حتى يكونا في أمان أذ حاول زاهر التعرض لهما، ثم جلس يمسك هاتفه وفتحه على معرض الصور وراح يتفقد صور سدرة عليه لم يجد غير أثنتان واحدة ألتقطت لها في حفلهما الأخير سويًا وأخرى ألتقطها خلسه لها وهى تجلس شاردة في حديقة قصره، ظل ينظر ويدقق لتفاصيل وجهها الجميلة فعينيها البنيتان كحبتي بندق تسبحان في بحرٍ من الحليب الناصع البياض وشفتيها المكتنزتان مثل كرزتان ينعتان تغري من ينظر إليهما بتذوق طعمهما وأنفها الصغير مدبب الطرف وكل تلك التفاصيل تجتمع في وجهٍ كالبدر، جميلة هى حد الفتنة والأجمل أنها لا تعي لجمالها هذا فمن تمتكله يحق لها أن تتدل وتتغنج لكنها كانت بسيطة في أقل حراكتها، أخطأت نعم لكنها كانت صغيرة حينما تلاعب بها الشيطان وأصقل من جديد كل مبادئها وجعلها تسلك طريقه وزين لها كل أفعاله حتى حببها لها وجعلها تحذو خلفه دون أن تسمع لصوت العقل، وعندما بدأت تستوعب فداحة ما فعلته كانت قد خسرت كل أحبتها وأصبحت منبوذة منهم بسبب الأذى الذي أصابهم بسببها، زفر هارون بغيظ وكم تمنى لو كانت بين يديه الأن لكان بثها ندمه وأسفه على ما فعله بها وطلب منها عفوها على جرمه في حقها، أنتزعه من شروده صوت هاتفه يعلن عن مكالمة هاتفية من رقم خاص فعرف أنها من زاهر فإجابه على الفور.
- ألو....
جاء صوت ذلك البغيض غليظًا ملتحفًا بالقسوة.
- اسمعني كويس يا أبن البنا مراتك مقابل الورق ولو عملت زي المكالمة الأولى صدقني هقتلها المرة دي ومش هيفرق معايا حاجة انا كدا كدا لو أتقبض عليا داخل السجن مش أقل من عشرين سنة مفيهاش حاجة لو بقوا أربعين ولا حتى أعدام، المهم عندي يا أطلع منها زي الشعرة من العجينة يا أحرق قلبك على حبيبة القلب قولت ايه؟.
زفر هارون بقوة متمالكًا غضبه.
- وايه اللي يضمن ليا أنها لسه عايشة مش يمكن قتلتها وجاي تتفاوض معايا وتلعب عليا لعبة وسخة زي لعبك ديمًا.
هدر زاهر بصوتٍ مرتفع.
- مفيش ضمان تسلم الورق تستلم مراتك دا اللي عندي.
هز هارون رأسه وخرج صوته غير مباليًا.
- براحتك انا قولت اللي عندي اشوف مراتي عايشة اولًا اتفق معاك على تسليم الورق مشوفتهاش ملكش كلام معايا.
جز زاهر على أسنانه بغضب وقام بغلق المكالمة دون أن يضيف حرف واحدًا، أغمض هارون عينيه وهو يمني نفسه أن يراها حية حتى لا يعيش الباقي من عمره في ندم وحصره على ضياعها منه وبسبب عداء لا ذنب لها فيه، في ذلك الوقت دخل عليه حمدي وعلى وجهه تبدو الصدمة متجليه ويشير بيده ناحية باب الغرفة يسأله.
- صحيح الكلام اللي قالته منار دا يا هارون؟.
أومئ هارون بصمت وهو يزفر أنفاسه المثقلة دفعة واحدة.
- أه يا حمدي صح زاهر خطف سدرة وبيهددني بقتلها لو مسلمتوش أصول المستندات اللي تدينه.
أتسعت عين حمدي بذعر.
- دا أكيد أتجنن أزاي يعمل كدا وبعدين سدرة ذنبها أيه ولا هى مالها باللي بينك وبينه.
رفع هارون كفيه ثم انزلهما فلا علم لديه.
- انا معرفش روح اسأله هو السؤال ده.
ضيق حمدي عينيه مستفسرًا.
- هارون أنت أكيد مش هتسيبه يأذي سدرة صح.
رفع هارون حاجبه الأيسر وقال ساخرًا.
- أنت شايف ايه يا حمدي؟.
أقترب حمدي منه ونطق بتردد وحزن.
- سدرة ملهاش ذنب يا هارون ومهما كان الخلاف بينك وبينها في الأخر هى كانت مراتك ومتخليش اللي حصل منها قبل كدا يمنعك من أنك تساعدها وتسيب الحقير دا يقتلها.
ثم أكمل وعيناه تلمع بعبرات متحجرة.
- أنت عمرك ما تخليت عن حد محتاج لك مهما كان بينك وبينه وهى في أشد الأحتياج ليك، ياريت كنت أقدر أنقذها لوحدي مكنتش اتأخرت عنها لحظة.
ضيق هارون عينيه يسبر أغواره ثم أتسعت عن أخرهما بغضب عندما لمس مشاعره المتجسدة في نظرة عينيه لسدرة وخوفه عليها المبالغ فيه ونبرة صوته المختنق بالعبرات، نهض من خلف مكتبه وأقترب منه.
- أتمنى أن الأحساس اللي وصلي من ورا كلامك ميكونش صح يا حمدي.
زفر حمدي بضيق وهو يشيح بوجهه بعيدًا عنه يضع سبابته وابهامه على عينيه يغلقهما بهما ويمسح ما فيهما من عبرات ثم رجع ينظر له وهو يسحب شهيقًا بجانب واحد من أنفه.
- متخافش يا هارون مش انا اللي أخون أخويا أحساسي ناحية سدرة أحساس أخوة مش أكتر، أنت أخويا وهى مرات أخويا أو كانت يعني عمري ما هفكر فيها وانا عمري ما كنت قليل الأصل يا أبن خالتي.
رفع هارون يده وأمسك كتف حمدي بقوة ونطق بنبرة غليظة.
- كانت ومازالت انا رديت سدرة لعصمتي يا حمدي ودلوقتي جه دور سؤالي انا ليك.
نظر حمدي له بأعين مليئة بالألم على حب ملئ قلبه دون أن يشعر لكنه مضطرًا لوئده ومحاربته حتى لا يصبح وصمة عار تلطخ جبينه طيلة عمره.
- قول يا هارون عايز أيه؟.
نظر هارون لعينيه نظرات مميتة.
- هتساعدني أرجع سدرة من إيدين الحقير ده ولا هتتخلى عني.
هز حمدي رأسه بنفي.
- لأ يا هارون مش هتخلى عنك وإيدي بإيدك لغاية ما ترجع مراتك بالسلامة من أيد المجرم ده.
أومئ هارون برضا وترك كتفه ووقف في مقابلته.
- دا اللي كنت منتظره منك.
جاء لهارون تنبيه بمكالمة فيديو واردة جعلته يفتح هاتفه سريعًا وينظر به ووقف حمدي بجواره يشاركه الرؤية فوجد سدرة تنام على جانبها فاقدة وعيها أرضًا وخصلات شعرها تغطي وجهها ويديها مكبلة خلف ظهرها، أقترب منها أحد رجال زاهر وأزاح بعض خصلاتها للخلف ثم قرب يده بمنديل من أنفها قليلًا وبعد وقت قصير تحركت أهدابها ثم أتبعتها بهزات بسيطة لرأسها كما صدر منها أنات ضعيفة، كور هارون يديه بغضب وود لو أمسك بيد ذلك الحقير التي أمتدت تعبث بشعر زوجته يقطعها لتجرئه على لمسها، تحولت كاميرا التصوير ناحية زاهر الذي صاح ساخرًا.
- أطمنت على المدام أنها لسه عايشة أظن كدا عداني العيب تمام، نتفق بقى على التسليم دا لو كنت عايز تشوفها حية مرة تانية.
صاح هارون فيه بصوتٍ هادر وأشار بسبابته عبر كاميرا هاتفه محذرًا إياه بجمود.
- قسمًا بالله يا زاهر ال*** لو مراتي جرالها حاجة لكون مندمك على اليوم اللي أتولدت فيه وجيت للدنيا، انا وعدتك أسلمك الورق لو شفتها حية وانا عند وعدي.
ثم سحب شهيقًا طويلًا وزفر سريعًا.
- حدد المكان والزمان تسلمني مراتي أسلمك الورق وفي اسرع وقت فاهم.
تعالت ضحكات زاهر الظافرة ثم صمت ونظر له بنظرات شيطانية ورفع سبابته أمام عينيه يلفها بحركات دائرية.
- أنت دلوقتي داخل دايرتي انا والكنترول في إيدي يعني متدنيش أوامر في الفاضي يا أبن البنا، أحنا في لعبة ووضع قوانينها في إيد الأقوى ومين الأقوى.
ثم أشار على صدره.
- انا عارف ليه لأن انا اللي معايا الجوكر اللي هيقش كله في النهاية.
ثم أغلق الهاتف وترك هارون وحمدي كليهما يقفان على صفيح ساخن بينما تكوى قلوبهما بجمر الهوى.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1