رواية اصقلها شيطان الجزء الثانى الفصل السادس بقلم سماح سماحه
أنتهى حمدي من سرد ماحدث لسدرة لأم مراد مما جعلها تشفق عليها أكثر وهزت رأسها تكمل ما عاشته سدرة خلال العام الذي غابت عنهم فيه.
- انا أول مرة شوفتها تقريبًا من سنة كانت قاعدة هنا على السور ده سرحانة بتبص على البحر متبهدلة وهدومها مش نضيفة ودموعها نزلة على خدها أول ما قربت منها أتفزعت مني وخافت وقامت مشيت بعدت مسافة مش كبيرة وقعدت تاني، كان شكلها مرهق وباين عليها مكلتش بقالها فترة، صعبت عليا قوي لأن تخيلت بنتي مكانها أصل ساعتها كانت سهيلة بنتي لسه سايبة البيت بقالها كام يوم ومشيت مع الواد الصايع اللي غواها وعصاها عليه، فضلت أقرب من سدرة لغاية ما خليتها تطمن ليا وخدتها عندي الشقة وأدتها هدوم من بتاعة بناتي وجبت ليها أكل، قعدت كام أسبوع ساكتة مبتعملش حاجة غير بتعيط بس يدوب بتاكل لقمة صغيرة طول النهار وبالعافية كمان، قعدت أتقرب منها انا والبنات لحد ما بدأت تاخد علينا وتتكلم معانا، وواحدة واحدة هى اللي طلبت مني تطلع تساعدني مع أني مكنتش موافقة بس هى صممت وبقالها فترة معايا حسيت أنها رجعت للحياة وزهرت وبقت كلها حيوية ونشاط، ولما جيت أسألها هى منين وأيه حصل معاها سكتت شوية وقالت ليا انا بعتبر نفسى أتولدت يوم ما جيت هنا وعشت معاكم وأي حاجة قبل كدا مش عايزة أفتكرها ولا أتكلم فيها، وانا لما لقيتها كدا محبتش أضغط عليها وسبتها براحتها.
أومئ حمدي متفهمًا ونظر لها ممتنًا لصنيعها.
- انا مش عارف أشكر حضرتك أزاي على اللي عملتيه مع سدرة أنتِ أنقذتيها من الضياع والبهدلة في الشارع وزي ما عملتي معاها وحافظتي عليها ربنا ردلك اللي عملتيه بردو وبعت لبنتك اللي حافظ عليها وحماها من السوء، صدقيني يا طنط نبيلة سهيلة بنتك مش وحشة ولا أنتي معرفتيش تربيها زي ما قولتي ليها الصبح بالعكس سهيلة بنت بميت راجل دي كفاية أنها دافعت عن نفسها وشرفها وضربت شريف بالسكينة في بطنة لما حاول يعتدي عليها.
جحظت عين نبيلة بصدمة ووضعت كفها تصم به صرخة كادت تفضي بها.
- أنت بتقول ايه وأمتى حصل ده؟!.
زفر حمدي بقوة ونطق بنبرة يغلبها الأسف.
- حصل بعد ما سابت البيت بكام يوم، سهيلة لما جتلك الصبح كانت جاية تحكيلك على كل حاجة حصلت معاها بس أنتِ مديتهاش فرصة أنك تسمعيها، اه سهيلة غلطت وغلط كبير كمان انا مبنكرش ده بس المفروض نلتمس ليها العذر لأنها لسه صغيرة تسعاتشر سنة يعني في سن مراهقة وسهل أن ينضحك عليها فيه بكلمة زي ما عمل الحقير اللي أسمه شريف، يمكن لو بنتك معدنها مش نضيف وحضرتك مربيها صح كانت غلطت معاه عادي لكن هى مقبلتش الغلط ودافعت عن نفسها وحمت شرفها، ومش بس كدا دي هربت وقررت تموت روحها ورمت نفسها قدام عربيتي لولا ستر ربنا وأن ليها أجل كان حصل ليها حاجة لا قدر الله.
لم تستطع نبيلة تحمل المزيد وأنهارت في البكاء على ما مرت به أبنتها الكبرى وأول فرحتها وأول ما رأت عينها من أطفال.
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من يكُن في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أنا اليوم معكَ اسأل...
- انا مكنتش أعرف كدا انا فكرتها أتجوزته أو ضحك عليها وبعدها رماها وجايه تستسمحني بعد ما ضيعت نفسها.
ربت حمدي على كفها وشعر بالشفقة عليها.
- أهدي يا طنط ومتعيطيش وأن شاءالله كل حاجة هتتصلح.
نظرت له نبيلة بحزن.
- هى فين سهيلة هنا ولا رجعت مصر تاني.
هز حمدي رأسه نافيًا.
- لأ موجودة هنا ونايمة في الفندق بعد ما تعبت من كتر العياط والزعل.
مسحت نبيلة عبراتها بكفيها ونظرت لحمدي تسأله.
- ممكن اعرف أنت ليه واقف معاها وليه بتساعدها؟.
زين حمدي وجهه بابتسامة حانية.
- لأني بقدرها وبحترمها.
ثم فرك جبينه بتوتر.
- وكمان بحبها دا بعد أذن حضرتك طبعًا.
شردت نبيلة للحظة ثم سألته مرة أخرى وهى تدقق في تعابير وجهه.
- ويا ترى هتقدر تتقبلها بعد ما عرفت ماضيها، مش هتخاف لتكرر معاك اللي عملته معايا، مش هتعيرها بغلطها عند أول مشكلة تقابلكم، ولو سامحتها وتقبلتها هتقدر تتقبل أن أمها مجرد ست بسيطة بتبيع شاي وقهوة وحاجة ساقعة على كورنيش البحر.
رفع حمدي عينيه لها وقال في ثبات وقوة.
- من ناحية متقبلها فانا متقبلها من زمان ومش فارق معايا اللي حصل لها حقيقي وسبب مجيي معاها النهاردة هو أني أطلب إيدها منك ولو وافقتي كنت هسافر القاهر وأجيب ماما ونيجي نتقدم لحضرتك رسمي.
هزت رأسها بحزن وأعادت سؤالها عليه.
- مكملتش جواب على باقي السؤال يا بيه.
أبتسم حمدي لها لكي تطمئن.
- انا مش هقولك أن الحياة بنا هتبقى وردية أكيد هيكون فيها مشاكل بس مش هتوصل للمعايرة لأن انا أدرى واحد باللي مرت بيه وشافته، سهيلة أحتاجت وقت كبير أتعالجت فيه عند دكتور نفسي عشان ترجع لطبيعتها من تاني، انا عايشت دا كله معاها وشوفت أنهيارها نتيجة ندمها، وكمان تجربة هارون مع سدرة أدتني درس أني محكمش على الكتاب من عنوانه، سهيلة بنت رقيقة وطيبة وصغيرة وأنت كنتِ قافلة عليها بزيادة وشديدة معاها ودا اللي خلاها تدور على الحب والأهتمام عند أول حد قالها كلمة حلوة وحظها وقعها مع واحد معندوش ضمير، يبقى ليه نشيلها الذنب كله ليه منديهاش فرصة تانية تثبت فيها لينا ولدنيا كلها أنها فعلا كويسة واللي عملته مجرد زلة وقعت فيها وأخدت منها درس عمرها ما هتنساه، وانا بالنسبة ليا يكفيني دفاعها عن شرفها لدرجة أنها كانت هتقتل عشان تحمي نفسها وانا بكل ثقة بقولك وانا في كامل عقلي ووعي يشرفني أني أطلب منك إيد بنتك سهيلة لأنها هى دي الوحيدة اللي أقدر أأمنها على أسمي وشرفي، أما حكاية أن أمها ست بسيطة بتعمل شاي وقهوة على الكورنيش فادي حاجة تشرف سهيلة وتشرفني انا كمان لأن حضرتك ست مكافحة وشريفة كفلتي ولادك الأيتام وربتيهم أحسن تربية بشرفك ومن عرق جبينك، والله يا طنط ومن غير مجاملة أو كذب انا بفتخر بحضرتك وأتمنى أنك توافقي على جوازي من بنتك عشان تبقي حماتي فعلا وأمي التانية.
أنهمرت عبرات الفرح من عيني نبيلة وهى تبتسم له بعدما أسعدها كلامه عن أبنتها وشعرت بصدقه في كل كلمة قالها، فأومأت له عدة مرات.
- موافقة....... انا موافقة يا أبني.
أتسعت ابتسامة حمدي بسعادة ورفع وجهها ممتنًا حامدًا لربه لتوفيقه إياه في تليين قلبها وجعلها تسامح سهيلة فعلًا، نظر لها حمدي وأمسك بكفها يلثمها بحب.
- شكرًا ليكِ يا ست الكل حقيقي مش عارف أقولك أيه انا فرحان قوي قوي ولسه سهيلة كمان لما تعرف أنك سامحتيها ووافقتي على جوازنا مش هتصدق نفسها وهطير من الفرحة، استني انا هتصل عليها أكلمها وأقول ليها وأخليكِ تكلميها كمان.
أمسكت نبيلة يده التي بها الهاتف ونظرت له تهز رأسها بنفي.
- لأ متتصلش بيها دلوقتي انا صحيح وافقت على جوازكم وسامحتها بس سبني أستعد نفسيًا انا كمان عشان أقدر أكلمها ولما أشوفها أخدها في حضني وانا قلبي مش شايل منها، خليها بكرة الصبح لأن هقضي الليلة في الصلاة والدعاء لربنا أنه يلين قلبي ويخليني أسامحها وأقدر أتقبلها من تاني.
أومئ لها حمدي متفهمًا.
- تمام يا طنط خدي وقتك ومنين ما تكوني مستعدة كلميني هجيب سهيلة وأجيلك، انا هفضل في الفندق هنا كام يوم لغاية ما تستعدي براحتك.
أبتمست نبيلة بعذوبة.
- انا مش هاخد الوقت دا كله أن شاء الله بكرة الصبح بالكتير هكون تمام، وياريت متعرفهاش أني عرفت حاجة لغاية ما نتقابل تاني.
زفرة حمدي بقوة وهز رأسه برفق.
- حاضر زي ما تحبي يا طنط.
في طريق العودة إلى القاهرة جلست سدرة في المقعد الخلفي تبتعد كليًا عن هارون صامتة تنظر للطريق من خلال زجاج الباب، لم تعيره أهتمامًا وظلت واجمة تود لو هربت منه لكن فرق القوة الجثمانية بينهما حسمت الأمر لصالحه، كان هارون يطالعها بنظرات خاطفة كل عدة دقائق فيجدها على وضعية واحدة لا تبدلها، فقرر قطع الصمت التي فرضته على كليهما.
- مش هتحكي ليا أيه اللي حصل معاكِ من بعد ما أتخطفتي وأزاي قدرتي تهربي من زاهر؟.
أجابته سدرة بحدة ودون أن تلتفت ناحيته.
- مش هحكي حاجة، وأنت ملكش دعوة بيا ولا بأي حاجة تخصني.
أغمض هارون عينيه محاولًا السيطرة على غضبه.
- هتفضلي في عنادك ده لغاية أمتى؟.
نظرت له سدرة وقالت بنفاذ صبر.
- لغاية ما تبعد عني وتسبني في حالي.
تعمقت عيني هارون في بندقيتيها وأرسلت نظرات غاوية تنشر الفوضى في داخلها.
- مش هينفع لأن حالك هو حالي يا ..... زوجتي العزيزة.
كادت سدرة أن تسلم لتلك النظرات الحانية لكنها أحكمت الوثاق حول قلبها الأرعن الذي مازال ينبض لأجله، ولم تجب عليه وأرجعت رأسها تنظر للطريق مرة أخرى، فأمسك هارون كفها الموضوع في حجرها، فأرتعشت فور لمسته لها وحاولت نزعها منه لكنه لم يتركها وتخللت أصابعه بين أصابعها تحتضنها وتضمها بأشتياق عامٍ بأكمله وكم ود لو تلاحما جسديهما يرويان ظمأ الأيام والشهور ويعودان حبيبان إلى ما قبل الثلاثة أعوام الماضية عند أول يوم رأها فيه وخطفت لبه وجعلت قلبه يخفق بحبها ويتخلى عن دور الراهب الذي تلحفه لأعوام مديدة، نظرت له سدرة وعيناها تلمع بعبرات متحجرة تأبى تحريرها حتى لا تظهر ضعفها أمامه فهى تبدلت ولم يعد يعنيها رضائه أو رضا غيره كل ما يشغل بالها هو رضا ربها عنها أولًا وأخيرًا، فما علمته إياها أيام العام المنصرم أصقلها لطريق الهداية أكثر وأرشد تفكيرها وأنضجها كعجوز عمرها مائة عام، أحس هارون بالحرب المشتعلة بداخلها والتي أهلت بوادرها في نظراتها الحانقة فأسرع يطفئ فتيلها ويخمد نيرانها قبل أن تنفجر وتنهار مقاومتها، رفع يدها إلى فمه يلثم ظهرها بتأني أخلف من ورائه أنين خافت فقد اشعل بلمساته النار في أحاسيسها ورققت قلبها عليه ونسى غضبه منه كما أخمدت ثورة عقلها وبدأت في نشر الخدر في كامل جسدها وكادت تستسلم له حين همس بجانب أذنها برقة.
- وحشتيني لدرجة أن انا عايز أخدك ونروح لمكان بعيد محدش يعرفنا فيه ونعيش لوحدنا هناك نعوض فيه اللي راح مننا.
لم يخضع عقلها كثيرًا لتأثيره واستيقظ من ثباته المؤقت حين تذكر يوم طرده لها وأتهامها بالخيانة ويوم أختطافها ومكالمته مع زاهر حين أبلغه أن يقتلها أذا أراد ذلك فهى لا تعني له شيئًا، فنفرت عروقها الغاضبة بعدما تدفقت تلك الذكريات في دمائها وجعلتها تغلي، فنزعت يدها بقوة تعجب لها هارون وأشارت له محذرة.
- لو فكرت تلمسني تاني من غير رضايا صدقني المرة دي رد فعلي مش هيعجك فالأحسن تخليك بعيد عني.
زفر هارون بضيق وكظم غضبه عنها فهو يلتمس لها العذر فمازال يجهل ما حدث لها وما عانته أثناء أختطافها وهروبها ويعلم أنها ستحتاج لمعالجة نفسية حتى تتخطى ما مرت به وأثر على نفسيتها أن لم يكن دمرها ودمر ثقتها فيه أيضًا، لذا تركها ولم يحاول الأقتراب منها مجددًا طوال طريق عودتهما، وحين أتخذت السيارة الطريق لقصره صاحت سدرة معترضة تأمر السائق بأتخاذ طريق منزل خالتها أو أنزالها وهى ستكمل وحدها لهناك، رضخ هارون لقرارها وأومئ لسائقه بتلبية رغبتها وحين أستقرت بهم السيارة تحت بناية خالتها أمسكت ذراع القفل تسحبها فوجدتها عالقة فنظرت لهارون.
- أفتح قفل الباب يا هارون بيه خليني أنزل.
زفر هارون بنفاذ صبر لوضعها الحدود والمسافات بينهما لكنه لم يبدي ما تعتمل به نفسه وأمر سائقة.
- أفتح الباب يا عم فايز.
نزلت سدرة مسرعة فور أنسياب قفل الباب وركضت مسرعة لداخل البناية وصعدت درجه حتى وصلت أمام الباب ووقفت تدقه بقوة وهى تلتقط أنفاسها، فتحت ميسرة الباب وتلقتها بين ذراعيها بفرحة أم وجدت وليدها بعد أن فقد منها، وأجهشت في البكاء وعوانتها سدرة في أهدار المزيد من العبرات ثم جاء حسان يقف أمام بكائهما متحيرًا أيهدئهما أم يشاركهما دموع الفرحة هو الأخر، فأقترب يزيح ميسرة بمزاح.
- أبعدي شوية يا ست ميسرة عايز أخد البت في حضني أيه مفكراها بنتك لوحدك، وبعدين أنتِ زعلانة تعيطي فرحانة تعيطي أمال هتضحكي وتتبسطي أمتى؟!!.
أبتعدت ميسرة قليلًا تعطيه المجال ليضم سدرةهو الآخر.
- دي دموع الفرح يا حسان.
وأكملت وهى تقترب من هارون تضمه بحب وعبراتها تزداد أنهمارًا.
- ومش أي فرح دي بنتي ونور عنيا رجعت لحضني من تاني بعد ما كنت بعد الشر عليها فاقدة الأمل فى رجوعها تاني.
ثم أبتعدت عن هارون تربت على صدره برفق.
- والبركة في أبني الكبير وحبيبي ربنا يبارك ليا فيه.
أبتسم لها هارون بحب وأقترب يقبل جبينها.
- ربنا يبارك ليا فيكِ يا ست الكل.
نظرت سدرة بضيق له ولخالتها ثم تركتهم ودخلت لغرفتها وأغلقت الباب خلفها بقوة، أرتسم الحزن على ملامح هارون فأقترب منه حسان يطمئنه.
- معلش يا هارون أنت عارف اللي حصل ليها مش شوية ولازم كلنا نستحمل لغاية ما تقدر تنسى وتتخطى اللي مرت بيه.
أومئ هارون له متفهمًا.
- عارف يا عم حسان عشان كدا مرضتش أضغط عليها ووافقت على رغبتها وجبتها لهنا زي ما هى عايزة، وأن شاء الله بكرة هدور على دكتور نفسي يكون ثقة وهخليها تتابع معاه لغاية ما تتخطى أزمتها وحالتها تتحسن.
أبتسمت ميسرة له وربت على ذراعه.
- ربنا يبارك فيك يا أبني لتفهمك وصبرك.
أومئ لها هارون بأبتسامة.
- سدرة مراتي ودا فرض عليا أعمل لها كدا وأكتر كمان.
ثم أكمل وهو يزفر بقوة.
- انا ليا رجاء خاص، ياريت تاخدوا بالكم منها لأن انا خايف لفكرة الهروب تكون لسه مسيطرة عليها وتحاول تهرب تاني أنتم متعرفوش انا ضغطت عليها أزاي عشان أعرف أجبها من أسكندرية لهنا.
أشارت له ميسرة بيدها مؤكدة له.
- لأ من الناحية دي متخافش انا مش ممكن عيني هتغفل عنها ولو وصل بينا الأمر هنعمل انا وحسان نبطشيات عليها واحد ينام وواحد يفضل صاحي.
أومئ هارون لهما متفهما مقدار أهتمامهما.
- تمام وانا هرجع دلوقتي عشان أطمن خالتي على سدرة وكمان على وضع حمدي وسهيلة.
ثم تركهما ونزل يهاتف رئيس الحرس لديه يطالبه بجلب طاقم حراسة كامل ووضعه أسفل منزل خالة سدرة وشدد على ضرورة عدم السماح لسدرة بالذهاب وحدها لأي مكان دون مرافقتهم لها وحراستها جيدًا من أي خطر يداهمها، ثم ذهب لقصره وقص لخالته ما حدث معه خلال الساعات المنصرمة كما قصت عليه زهرة ما حدث مع أبنها بعد أن هاتفها حمدي وأخبرها بما حدث بينه وبين والدة سهيلة وطلبه منها السفر له حتى تطلب يدها من والدتها كي تنتهي تلك الأزمة على خير ويعود وعروسه في يده، وأخبرته أيضًا أنها ستذهب لرؤية سدرة والاطمئنان عليها أولًا قبل ذهابها إلى الأسكندرية فهى تشتاق لها كثيرًا.
فرضت سدرة حصارًا حولها وقطعت كل طرق التواصل بينها وبين هارون ففي قرارت نفسها لم تسامحه بعد فأتهامه لها بالخيانة وضربه وتطليقه لها وتخليه عنها عندما خطفها زاهر كل ذلك شكل مشاعر غليظة بداخلها تحضها على كرهه باستمرار وتحرم عليها تواجده في حياتها مرة أخرى، حاولت ميسرة مرارًا التحدث معها بشأنه حتى تلين قلبها وعقلها ناحيته لكنها كانت تصدها دومًا وترفض سماع أي حديث يأتي به أسمه، وعندما جاء هارون لمنزلهم يخبرها بميعادها عند الطبيب النفسي رفضت الذهاب وأخبرتهم جميعهم أنها بخير ولا تحتاج لطبيب نفسي بل تحتاج أن يبتعد عنها لكي تعود لطبيعتها، لم ييأس هارون من عنادها ورفضها رؤيته بل سيظل يحاول حتى تعود لكنفه من جديد، دخلت لها خالتها بعد رحيل هارون وجالستها بود تريد سحبها لتتحدث عما مرت به حتى تفضي ما في نفسها علّها تهدأ وتقل حدة غضبها، أخذت رأسها على فخذها وبدأت في تدليك رأسها برفق والتلاعب بخصلاتها كما كانت تفعل لها منذ صغرها، كانت ميسرة تفعل ذلك من قبل لتنام أما اليوم فتريد أن تشعر بها ومدى حبها وخوفها عليها، وبدأت في سؤالها سؤالًا تلو الآخر.
- مش عايزة تحكي لماما أيه اللي حصل لك طول المدة اللي فاتت دي يا حبيبتي.
تنهدت سدرة بصوت مسموع.
- لا يا حبيبتي انا مش عايزة أحكي عشان مزعلكيش بس.
مسحت ميسرة على ذراعها برفق.
- لا يا قلبي مش هزعل بالعكس انا عايزاكِ تخرجي اللي جواكي عشان نفسيتك تتحسن وتفوقي من الحزن اللي ملى قلبك.
أبتسمت سدرة وأستدارت تنظر لها.
- هو أنتِ فاكرة أني اللي حصل ليا مأثر عليا والجو ده.
هزت رأسها بنفي.
- لا يا حبيبتي مش كدا خالص بالعكس بقى التجربة دي رجعتني كأني أتولدت من جديد، انا هحكيلك اللي حصل عشان تعرفي أن رحمة ربنا بينا واسعة قوي بس أحنا اللي مش حاسين وديمًا نبص للأبتلاء ومنشوفش أيه الهدف منه، ربنا منّ عليا براجل أبن حلال كان سبب خروجي حية من تحت إيد المجرم ده