رواية اصقلها شيطان الجزء الثانى الفصل الثامن بقلم سماح سماحه
عدة أسابيع مضت على سدرة مكثتهم في المنزل حرمت على نفسها الخروج وكانت معظم الوقت تسجن نفسها بغرفتها حتى تكف خالتها عن مطالبتها بالذهاب معها حيث تعمل، فميسرة لم تخبرها بعد بمكان عملها فهى تريد مفاجأتها بتلك المفاجأة التي ستفرحها وتسر خاطرها حين تراها، ورغم عناد سدرة وأصرارها على عدم الخروج حتى لا تلتقي بهارون ولو مصادفة الإ أن ميسرة صبرت عليها حتى تأخذ كامل وقتها لتكون مستعدة ولا تلومها بعد ذلك، قررا زهرة وميسرة أقامت حفل بمناسبة تكريم الدار وحصولها على لقب أفضل دار لرعاية الأيتام هذا العام من وزارة التضامن الاجتماعي، وساعدهما هارون في أعداد حفل كبير يليق بأسمه وأسم الدار، أخبرت ميسرة سدرة بالحفل الذي سيقام بمكان عملها وطلبت منها حضوره برفقتها في البداية تعجبت سدرة وسألت ميسرة.
- هو مش بابا كان رافض فكرة شغلك قبل كدا ليه وافق دلوقتي.
نظرت لها ميسرة وعلى وجهها ابتسامة عذبة.
- ما هو أنتِ لو تعرفي انا شغالة فين هتعرفي هو وافق ليه.
عقصت سدرة حاجبيها متعجبة.
- ليه أنتِ بتشتغلي فين يا ماما؟.
هزت ميسرة رأسها تمتنع عن إجابتها.
- مش هقولك فين لأنها مفاجأة مش هتعرفيها غير يوم الحفلة.
ضيقت سدرة عينيها محاولة سبر أغوارها.
- والله يا ماما اللي يشوف فرحتك بالشغل ده يقول أنك أشتغلتِ في واحد من الحرمين الشريفين.
تنفست ميسرة بعمق وسعادة.
- بصي كل اللي أقدر أقوله ليكِ أن شغلي ده ميقلش عن الشغل في الحرمين ثواب لأنه حاجة النبي صلى الله عليه وسلم وصانا بيها.
شردت سدرة تفكر في ماهية هذا العمل لكن ميسرة لم تمهلها الوقت وأمسكت يدها تسحبها خلفها.
- بقولك ايه تعالي شوفي الفتسان اللي أشتريته ليكِ تحضري بيه الحفلة.
ثم أمسكت علبة من الورق المقوى تخص إحدى دور الأزياء الشهيرة ترفع غطائها وتخرج منه فستان ستان لونه أوف وايت خفق قلب سدرة فتلك العلبة تشبه ما كان يحضرهم لها هارون سابقًا فنظرت لخالتها بضيق.
- انا مش هلبس الفستان دا يا ماما.
زوت ميسرة حاجبيها بدهشة.
- ليه يا حبيبتي مش عجبك؟.....
هزت سدرة رأسها بنفي.
- مش حكاية مش عجبني، انا مش هلبسه لأن هارون هو اللي جايبه.
أشارت لها ميسرة بسخرية.
- هارون ههههههه..... هارون مين يا حبيبتي اللي جايبه دا انا اللي أشتريته ليكي لما شوفته وعجبني لما روحت انا وأم حمدي نشتري لينا فساتين أمبارح، وبعدين هو هارون هنا أصلًا ولا بقى فاضيلك ما خلاص جت اللي شغلت باله وخدته لنفسها وخلته نسي نفسه.
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من يكُن في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أنا اليوم معكَ اسأل...
نظرت لها سدرة بلامبلاة.
- تقصدي أيه يا ماما؟.
زفرت ميسرة بنزق وهى تلوي شفتيها.
- يا حبيبتي هارون بقاله اسبوعين في أمريكا بيفتتح فرع لمجموعته هناك وعارفة مين اللي هتمسك ليه الفرع ده واحدة صاحبته وزميلته في الدراسة دا غير أن عيلتها وعيلة هارون كانوا جيرانهم زمان أسمها شاهندة، بس أيه لو شوفتيها حاجة كدا صاروخ على رأي شباب اليومين دول.
هزت سدرة رأسها بسخرية مبطنة بالغضب.
- تشبع بيه ويشبع بيها مش فارق معايا أصلًا.
أبتسمت ميسرة بضيق.
- عارفة أنه مش فارق معاكي المهم هتحضري الحفلة ولا لأ؟.
أمسكت سدرة الفستان من خالتها تطالعه وداخلها شك أن هارون هو من أختاره لها فذلك ذوقه هو لكن خالتها أقرت أنها هى من ابتاعته لإجلها لذا نظرت لخالتها وسألتها.
- هارون هيحضر الحفلة دي؟.
أومأت لها ميسرة.
- أه هيحضر هو وشاهي..... يوه قصدي شاهندة، دي خالته هتتكرم زي ما انا كمان هتكرم وهو قال لينا أنه لازم يحضر لأن الوزير جاي، هو كدا كدا راجع بكرة من السفر والحفلة بعد أربع أيام.
شردت سدرة وهى تؤكد لخالتها حضورها الحفل.
- وانا كمان هحضر يا ماما أن شاء الله.
وداخلها يموج بحزن لاح في أفق قلبها جعل نار الغيرة تتقد وتشعل الغضب داخل أوردتها وحدثت نفسها.
- خليني أشوف حبيبة سي هارون الجديدة اللي نسته نفسه وأما نشوف مين أحلى انا ولا هى.
قضت سدرة تلك الأيام القليلة الباقية تتقلب على جمرٍ مشتعل حرمها النوم والراحة والأمان وأبقاها ساهدة تفكر وتسأل نفسها هل وجد هارون راحته وسكنه مع غيرها فعلًا أم أن خالتها تبالغ وتقول ذلك حتى تجعلها تعود لكنف زوجها وحبيبها، نعم هو حبيبها فمهما أنكرت أمامه ذلك بسبب غضبها منه الإ أنه لا يزال حبيبها ومالك فؤادها الذي سكن قلبها وأبقاه له وحده وحرم على غيره دخوله، في يوم الحفل أستعدت سدرة وتأنقت بصورة مبالغ فيها حتى لا تفوز تلك الحرباء في طلتها عليها وستثبت لهارون ولخالتها أنها مازالت قادرة على خطف أنفاسه كما أعتادت منذ أن رأها أول مرة، وبعد أذان المغرب بساعة جاء سائق هارون بسيارته لكي يقلها كما طلبت من خالتها عند ذهابها لعملها صباحًا، وحين وصل بها لبوابة الدار ولمحت تلك اللوحة الكبيرة المعلقة عليها لم تصدق ما قرأته بها وطلبت من السائق التوقف حتى تتأكد مما رأت.
- استنى يا عم فايز وقف العربية بسرعة.
اطاع فايز أمرها وبعد توقفه نظر لها يسألها.
- خير يا ست سدرة فيه حاجة حصلت؟.
أشارت سدرة برأسها لأعلى.
- أيه اللي مكتوب على اليافطة ده.
أبتسم فايز وأومئ لها يؤكد لها ما رأته.
- دي دار أيتام هارون بيه عملها ليكِ وقت ما أختفيتي من سنة وسماها على أسمك يا ست سدرة أصله كان زعلان وحزين قوي عليكِ، ما هو معندوش أغلى منك يا بنتي، ربنا يهدي سركم ويجمعكم من تاني على خير.
رفعت سدرة رأسها لأعلى تنظر عبر نافذة السيارة على اللوحة بعدما خفق قلبها لإجله ونبض حبه مجددًا داخله، وبقيت عيناها تعيد طبع ما كتب عليها وتنسخه في عقلها حتى تكون بمثابة الرادع الذي سيوقف هجومه عليه كلما حن قلبها له، زفرت سدرة بقوة وطلبت منه التقدم.
- ماشي يا عم فايز أتفضل يلا أدخل بينا.
أستدار فايز يحرك عجلة القيادة ويتجه بالسيارة لداخل الدار وتوقف بها في الممر المسموح به ونزلت سدرة ترفع فستانها من أسفل قليلًا حتى لا يتسخ ذيله وخطت لتلك الناحية الذي أشار لها فايز عليها فوجدت الحفل يقام في باحة الدار الخلفية فمساحتها الكبيرة مكنتهم من نصب الألعاب الكبيرة التي فرح بها أطفال الدار كثيرًا وسارعوا للعب فيها بسعادة بالغة، كما أقاموا منصة لإلقاء كلمات الترحيب والتكريم، وقفت سدرة تنظر بأنبهار من روعة ما تراه وتفاجأت حين سلط عليها بؤرة الضوء وأصبحت محط أنظار الجميع ووقفت زهرة على المنصة تشير عليها بفخر.
- ياريت كلكم ترحبوا معايا بمدام سدرة صاحبة دار سدرة لرعاية الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
أسرعت الأطفال نحوها يحيطون بها ويحتضونها جميعهم في وقت واحد وهم يهتفون.
- ماما سدرة...... ماما سدرة....... جيتي من السفر أمتى؟.
بينما وقف ضيوف الحفل والعاملين بالدار يصفقون مرحبين بها، لمعت عين سدرة بعبرات لم تحبسها بل أطلقت لها العنان وفرت من عينيها كحبات عقدٌ منفرط، ورفعت يديها تمسح على رؤوس الأطفال بحب وحنو فيومًا ما كانت مثلهم لكن القدر ساق لها خالتها التي ربتها ولم تشعرها بمرارة اليتم، جاءت ميسرة لها وأقتربت منها تضمها برفق.
- أيه رأيك في المفاجأة دي يا حبيبتي عرفتي ليه بابا حسان سابني اشتغل؟.
تجرعت سدرة حلقها وهزت رأسها بتفهم.
- عرفت يا ماما، ليه خبيتي عليا ومعرفتنيش بالجمال والروعة دي.
أبتعدت ميسرة تمسح على كفها.
- كان نفسي تحسي بالفرحة اللي حستها أول مرة جيت فيها لهنا وشوفت المفاجأة دي.
أومأت سدرة لها بتفهم.
- عندك حق يا ماما الفرحة اللي حستها دلوقتي تساوي كل لحظة حزن عشتها في حياتي ومش بس كدا دي تساوي حياتي كلها كمان.
أمسكت ميسرة يدها وهى تطلب من الصغار العودة للعب وترك سدرة ترتاح قليلًا، ثم سحبتها خلفها حيث توجد زهرة ووزير الشؤون الاجتماعية الذي جاء من أجل تكريمهم ووقفت ميسرة تقدمهم لها ثم بعد ذلك جلسوا يتابعون باقي فقرات الحفل، كانت سدرة تختلس النظرات كل عدة دقائق في أتجاه مختلف باحثة عنه فالجميع كان متواجدًا الإ هو، شعرت ميسرة وزهرة بها وبتوترها وبحثها عنه فأبتسماتا لبعضهما وغمزنا بطرف عيناهما وبدءا في تنفيذ مخططهما للإيقاع بها في الشرك.
- قوليلي يا أم حمدي فين هارون مجاش ليه؟.
زفرت زهرة بقوة مدعية الضيق.
- كان جاي ومن بدري كمان بس هنعمل ايه بقى في سهوكة ودلع البنات.
ثم نظرت لسدرة وعبثت ملامحها بحزن.
- قال أيه شاهندة رجلها اتلوت ومش قادرة تدوس عليها فخدها على المستشفى يطمن عليها ولسه مجاش لغاية دلوقتي.
أفتعلت ميسرة صوت بفمها يدل على سخريتها.
- مصم....... قال أتلوت قال دي حركات انا عارفها كويس دي تلاقيها بتدلع عشان تمشي اللي في دماغها ومتخليهوش يجي الحفلة.
حاولت السدرة التماسك أمامهما وعدم أظهار غضبها وتوترها لكن فورة الغيظ التي تملكت منها جعلتها تنهض تستأذن منهما للذهاب إلى المرحاض، وهناك تركت دموعها تنزل حتى لا تنفجر، بينما نظرت زهرة لميسرة بعتب.
- قولتلك بلاش يا ميسرة البنت هتزعل لكن أنتِ مسمعتيش كلامي واهو البت مستحملتش وكمان هارون لو عرف اللي عملاناه هيزعل مننا جدًا.
هزت ميسرة رأسها بإصرار.
- لأ هارون مش هيزعل بالعكس دا هيفرح لما يلاقيها لسه بتحبه وبتغير عليه، وكمان انا عارفة بنتي كويس عنادية ودماغها ناشفة وهتفضل ترفض أي صلح بينهم لغاية ما تضيع جوزها من إيدها، ما هى طول ماهي ضمنه أن هارون مش هيبص لغيرها هتفضل تبعد عنه أنما لما تلاقي غيرها بتاخده منها هتفوق لنفسها وترجع لجوزها بقى، اسكتي يا أم حمدي نفسي أشوفها متهنية مع جوزها وكمان نفسي أشوف خلفها وأشيله على إيديه.
أومأت زهرة بتمني.
- عندك حق يا ميسرة وانا كمان نفسي أشوف خلفهم قوي وأفرح بأحفادي حواليا.
نظرت ميسرة حولها ومالت عليها تسألها.
- لسه حمدي والست نبيلة مجوش؟.
نظرت زهرة في ساعة يدها ثم نظرت لها.
- حمدي مكلمني من الساعة سبعة وقالي نص ساعة وإكون عندكم والساعة بقت تمانية ولسه مجاش.
ربتت ميسرة على يدها تطمأنها.
- متخافيش أن شاء الله خير زمانهم جايين.
جاء حسان لهما في تلك اللحظة.
- هارون فين الوزير بنفسه سأل عليه وكان المفروض يكون في استقباله.
نظروا جميعهم من حيث أنبعث صوت هارون يطمأنهم.
- متخافش يا عم حسان انا وصلت وهروح للوزير بنفسي.
نظرت ميسرة بضيق لتلك التي جاءت تتعلق بذراعه وكأنها غراء التصقت به، وسألته بنزق.
- أيه يا هارون كل دا تأخير أنت مش عارف أن دا يوم مهم مينفعش تتأخير فيه.
هز هارون رأسه بحزن.
- انا عارف يا طنط وأسف على التأخير بس أظن طنط زهرة قالت لك أن شاهي رجلها اتلوت وكان لازم إطمن عليها.
عبثت ملامح ميسرة بسخرية.
- وأطمنت عليها يا حبيبي ؟.
أومئ هارون لها برفق.
- أه الحمدلله الدكتور طمنا أنها بخير.
أبتسمت ميسرة بضيق وتعلقت بذراع شاهندة ققيد أغلق عليها ثم حررت ذراع هارون منها وأشارت له وهى تضع يدها على كتف شاهندة وتجبرها على الجلوس بجانبها.
- طيب يا حبيبي طالما أطمنت أتفضل روح أنت لسيادة الوزير وانا هاخد بالي منها متخافش عليها.
حاولت شاهندة الأعتراض والنهوض للحاق بهارون.
- نو هارون استنى بيبي انا جاية معاك.
لكن ميسرة أرجعتها لمكانها بالقوة.
- أقعدي هو أنتِ شابطة فيه زي العيلة الصغيرة اللي شابطة في أبوها ليه كدا.
ثم مسحت على فخذها الذي تعرى نصفه بسبب قصر ملابسها.
- وبعدين أيه الهدوم دي هو أنتِ مكنتيش لقيه قماش كفاية ولا دي الموضة؟.
نظرت لها شاهندة وعلى وجهها علامات استفهام كثيرة.
What are you saying -
أشارت لها ميسرة محذرة.
- بقولك أيه يا بت أنتِ متوطوطيش ليا كتير انا على أخري منك وبعدين في واحدة محترمة تقول لواحد غريب عنها ومتجوز يا بيبي لو مبعدتيش عنه انا هلسعك قلم على وشك يجبلك حول انا بقولك أهوه.
أتسعت عين شاهندة بخوف وهى تشير لها.
- No...... No
عقصت ميسرة حاجبيها بضيق ووضعت سبابتها وأبهامها على جانب فمها وقالت بنزق.
- أحنا لسه مخلصناش من الوطوطة هتفتح ليا في النونوة.
ضحكت زهرة على ما تفعله بضيفتهم وقامت تجلس بينهم لفصل ميسرة عنها قبل أن تقتلها، في ذلك الوقت استمعا لصوت هارون يصدح عبر مكبر الصوت يحي ضيفهم الوزير وباقي الموجودين ثم ألقى كلمة البداية وبينما هو يتحدث لمحها تأتي تتهادى في خطواتها وتنظر له بعتاب فتوقف لسانه عن التحدث وشرد بها يرسل لها سهام حبه مع نظراته تخترقها وتوصل لقلبها مدى أشتياقه لها، توجهت العيون إليها حيث ظل ينظر هارون الصامت فأصتبغت وجنتيها بحمرة الخجل وتوجهت تجلس بجوار خالتها، عاد لهارون تركيزه الذي فقده حين رأها وأكمل كلمته ثم جاء دور التكريم فصعد الوزير وقدم دروع التكريم للعاملين وعلى رأسهم حسان وميسرة وزهرة وأنصرف بعد ذلك، تجاهلت سدرة وجود هارون كما تعمدت تجاهل النظر إليه لأعتقادها أنه أستبدلها بغيرها، وأنشغلت سدرة بقدوم حمدي ومعه سهيلة ونبيلة فأستقبلتهم بسعادة وظلت تتحدث معها وتسألها عن حالها وحال صغارها، طمأنتها نبيلة أنهم جميعهم بخير ولا ينقصهم سوا وجودها معهم، كما تعرفت سدرة على سهيلة وأحبتها فهى تحمل طيبة والدتها كما تحمل ملامح وجهها، وفي ناحية أخرى ملئ الحزن قلب هارون لأنه ظن أن سدرة مازالت غاضبة منه وترفض مسامحته، فترك الحفل وذهب ينفرد بنفسه في مكان منعزل في حديقة الدار الأمامية، وعندما أفتقدت سدرة تواجده حولها بحثت عيناها عنه فأشارت لها زهرة وهى تقترب منها وتحدثها بخفوت.
- اللي بدوري عليه هتلاقيه قاعد في الجنينة قدام في تكعيبة العنب.
فسألتها سدرة بخجل.
- قصدك ايه يا طنط انا مبدورش على حد.
غمزت لها زهرة بطرف عينها.
- منا عارفة بس روحي إلحقيه قبل ما البت الملزقة على رأي خالتك تسبقك وتاخده منك.
ثم أعطتها ظهرها تواصل حديثها مع نبيلة وميسرة وبترت حديثها معها حتى تذهب له، أغتاظت سدرة منهم وقررت الذهاب له لكي تضع حد لتلك المهزلة وتطلب منه الطلاق فيكفيها ما جعلها تشعر به وتعانيه في الأيام القليلة الماضية، وقفت أمامه مرتبكة ومتوترة ونسيت ما جاءت لتقوله، نظر لها هارون بضيق ثم ترك المكان ودخل للمبني حيث توجد غرفة مكتبه فتبعته سدرة وهى تناديه بحنق.
- أنت مبتردش عليا ليه يا هارون.
هز هارون رأسه برفق.
- وعايزاني أرد عليكِ ليه؟......
- أيه اللي بينك وبيني عشان نتكلم فيه؟.
- مفيش صح؟.
أقتربت منه سدرة وهى تشير له بسبابتها.
- لأ فيه وفي كتير كمان بس أهم حاجة دلوقتي أنك تطلقني فاهم.
ضرب هارون سطح مكتبه بغضب عدة مرات وصاح فيها.
- كفاية بقى كفاية، أنتِ أيه مبتحسيش؟.
وتوجه للباب يغلقه حتى لا يخرج صوته ويفزع الأطفال، ثم رجع لها وأمسك ذراعيها بقوة.
- عايزة أيه هه؟.......
- عايزاني أطلقك حاضر هطلقك بس الأول أخد حقي منك يا سدرة.
حاولت سدرة التملص منه لكنها لم تستطع فصاحت به.
- أنت ملكش حقوق عندي فاهم، أنت واحد خاين ما صدقت أنك تخلص مني عشان يخلالك الجو مع غيري.
أتسعت عين هارون بحدة وأشار لنفسه بسببته وهو يبتعد عنها.
- انا......... بتقولي ليا انا الكلام ده؟.
- وبعدين أمتى خلصت منك دا انا من يوم رجوعك وانا بعمل كل حاجة تريحك ومش راضي أضغط عليكِ ترجعيلي وبقول كفاية اللي هى شافته تقومي تتهمني بالأتهام ده، انا هقولهالك تاني وتالت وعاشر انا لو مش عايزك هسيبك عادي وأخد اللي قلبي يرتاح لها لكن الظاهر أنك لغيتي عقلك ومش عايزة تشوفي أو تفهمي غير اللي ظنك السيء مصورهولك وبس.
هدأت حدة سدرة ولانت نبرتها وهى تبرر له.
- أنت كداب، أيوه كداب بأمارة ست شاهندة اللي راحة جاية متعلقة في دراعك، تقدر تقولي قربها منك دا ليه؟.
أرتفع حاجبي هارون بدهشة ورفع أصبعه يشير إلى الخارج.
- تقصدي أيه دي شا........
بتر هارون حديثه بعدما خفق قلبه فقد لمس غيرتها عليه وأقترب منها ينظر لها ثم أمسك ذراعيها مرة أخرى يسألها بفرحة.
- أنتِ بتغيري عليا يا سدرة؟.
لمعت عيناها بحزن ورفعت وجهها له تسأله
- أيه مش من حقي أغير على جوزي؟.
تشكلت أبتسامة على وجه هارون وأومئ لها برفق.
- لأ من حقك ومش من حق حد تاني غيرك أنتِ وبس.
نزلت عبرات سدرة وهى ترتكن بجبهتها على صدره.
- طيب ليه عملت كدا ليه؟.
وضع هارون سبابته تحت ذقنها يرفع وجهها له ولم يجبها لسانه بل إجابتها شفاتيه حيث بدأت في أنشار لمساتها الحانية والمتملكة على جميع وجهها حتى عينيها ثم أستقرت على شفتيها تمتص منهما أعترافها بحبها له وغيرتها عليه، توقف هارون ليتلقطا أنفاسهما وهو يجيبها بأنفاس متسارعة.
- مفيش ليه لأن مفيش في قلبي غيرك فاهمة.
لكن سدرة كانت مصرة على معرفة مدى علاقته بتلك الفتاة.
- وشاهندة وقربها منك؟.
ففجر هارون مفاجأته التي أخرستها.
- شاهندة تبقى أختي في الرضاعة.
نظرت له سدرة مندهشة.
- أختك في الرضاعة؟!!!!.....
أومئ لها هارون بإيجاب.
- أيوه أختي هى مولودة بعدي بكام شهر وكنا جيران وكانت مامتها صاحبة ماما جدًا، ولما مامتها تعبت وقت ولادتها ماما رضعتها طول الفترة اللي كانت مامتها تعبانة فيها.
خجلت سدرة منه بعد ظنها فيه وعبثت ملامحها ولم تنبث بحرفٍ واحد فأبتسم لها هارون وقربها منه ينظر بعينيها التي تركتهما سدرة تخبره بمدى أشتياقها له فوصل أحساسها له وأقترب بشفتيه من خاصتها يريد بثها مشاعره هو الآخر لكن طرقات متتالية على باب الغرفة أنتزعت الخصوصية التي تمتعا بها لدقائق، أبتعد هارون عنها وأذن للطارق بالدخول فدخلت أحدى العاملات بالأدارة تستأذن منه لجلب ورق مهم من جارور المكتب، فأومئ لها بصمت وبعد أن أخذت ما تريده وغادرت رغب هارون في إعادة الكارة مرة أخرى لكن الباب طرق ثانيًا فنظر لسدرة وزفره بضيق وأبتعد يأذن للطارق مرو أخرى فإذ به حسان يدخل يريد توقيعه على أحد الأوراق، وبعد خروجه نظرت له سدرة محذرة لكنه لم يهتم وأقترب منها يحاوط خصرها فسمعا صوت صراخ أحد الأطفال يأتي من الخارج فتركها وذهب ليطالع ما حدث فإذا به يعارك طفلًا من أجل الحصول على لعبته، فأقترب منهما هارون ونزل لمستاواهما ويوقف تشابكهما ويمنع ضربهما لبعض، جاءت أحدى الأمهات الحاضنات مسرعة وأعتذرت من هارون وأمسكت الطفل تعطيه لعبته.
- أسفة يا هارون بيه أصل سليمان وقع لعبته وفكر أن حمادة هو اللي خدها منه وانا روحت جبتها ليه.
أومئ هارون لها وأشار لها محذرًا.
- ماشي بس خدي بالك لتاني مرة ومتبيش طفل يضرب أخوه بعد كدا.
هزت رأسها بتأدب.
- حاضر يا هارون بيه.
ثم أخذتهما وأنصرفت وقف هارون ينظر لسدرة بنفاذ صبر وأقترب منها يمسك يدها.
- بقولك ايه أحنا هنا مش هنخلص من الدوشة تعالي معايا.
حاولت سدرة توقيفه.
- استنى يا هارون أنت رايح فين الحفلة لسه مخلصتش.
لم يستجيب هارون لأعتراضها وسحبها خلفه بالقوة.
- بالنسبة لينا خلصت ثم انا عندي كلام كتير عايز أقوله ليكِ قبل ما تحصل لينا مصيبة تانية انا أكتفيت.