رواية اصقلها شيطان الفصل التاسع 9 بقلم سماح سماحه
لم تستطع سدرة أن تحصل على نومة هنيئة فقد باتت ليلتها ساهدة متقلبة على جمر من شوك يلهب قلبها قبل جلدها، نهضت من فراشها باكرًا كي تأخذ حمامًا باردًا يعيد لها النشاط والحيوية وربما فلح في ضبط مزاجها المتعكر أيضًا، وبعد ساعة قضتها في حوض الاستحمام المليئ بسائل رغوي ذو رائحة عطرية مميزة اكتفت بها ووقفت تلف منشفة قطنية حول جسدها الغض وأتجهت للمرأة بعد أن أخذت منشفة أخرى صغيرة تجفف بها خصلات شعرها برفق ووقفت أمامها تنظر لنفسها ومالبثت أن زفرت بضيق فلم يفلح ما فعلته في أن ينسيها ما حدث من هارون وشعرت بنغزات مؤلمة بقلبها جعلت الدموع تترقرق في عينيها وأنهمرت مخرجة معها أهات حزينة نادمة على ما أقترفته في حق نفسها وظلت لفترة حتى نفذت عبراتها وجفت، تمالكت نفسها وتنفست بعمق تستجمع قوتها ثم فتحت صنبور المياه وأخذت القليل منه تغسل وجهها لتزيل أثار الدموع عن وجنتيها وخرجت لغرفة الملابس حتى تنتقي منها بعض القطع القطنية المريحة، أنتفض قلبها بصخب حين وجدت هارون يقف على باب الغرفة ينظر عليها بأعين تشتعل رغبة وشوق، لم تعيره سدرة اهتمامًا وقررت تجاهله حتى يذوق من نفس الكأس الذي سقاها منه، اختارت منامة من قطعتين وأخذتها عائدة للمرحاض مرة أخرى لكن صوت هارون أوقفها حين ناداها.
- سدرة
استدارت تنظر له بضيق.
- أفندم عايز أيه؟.
أقترب هارون منها ببطئ يمد لها يده بورقة مطوية.
- دا كشف حسابك في البنك جه أمبارح وأنتِ عند خالتك أتفضلي خديه وأعرفي رصيدك.
نظرت سدرة للورقة بيده ثم له وهزت رأسها بنفي.
- وانا قولتلك قبل كدا انا مش عايزة حاجة من الفلوس دي، دي فلوسك ومن حقك أنت مش انا.
أمسك هارون يدها رغم محاولاتها بالأفلات منه ووضع بها الورقة.
- وانا قولتلك أن انا خدت حقي كله ودا حقك أنتِ، وياريت تبطلي مقاوحة واسمعي الكلام من غير مناهدة.
أمسكت سدرة يده ووضعت الورقة بها ثم تركته متجة للمرحاض لكنه ترك الورقة تسقط أرضًا وأمسك بيدها يشدها ناحيته ثم أمسكها من ذراعها الثانية أيضًا وهزها برفق.
- هتفضلي عنيدة ومبتسمعيش الكلام لغاية أمتى أنا قولت لك قبل كدا أني مبحبش العند وتنشيف الدماغ ده، متضطرنيش أن أستخدم العنف معاكِ مرة تانية.
لم تستطع سدرة كبح عبراتها وأنهارت متألمة بسبب ضغطه القوي على ذراعيها، فزاد في هزها بقوة.
- بطلي عياط مش كل ما أكلمك تعيطي.
نطقت سدرة بصعوبة من بين شهقاتها.
- سيب إيديا أنت بتوجعني.
وكأنه كان مغيبًا لم يعي ما فعله الإ حين شعر بتألمها ورأى دموعها فترك ذراعيها ولم يقاوم شعوره نحوها كثيرًا فضمها له يربت على رأسها التي توسطت صدره تدفن وجهها به.
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من يكُن في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أنا اليوم معكَ اسأل...
- طب أهدي مخدتش بالي أن كنت ضاغط على إيدك لدرجة أني وجعتك.
بكت سدرة حتى بللت سترته وظل هارون يحتضنها وخافقه ينبض بألم على تألمها بسببه.
- خلاص أهدي بقى ومتزعليش حقك عليا.
حاولت سدرة تنظيم أنفاسها والسيطرة على نوبة بكائها وأبتعدت عنه قليلًا وأنحت تلتقط ملابسها التي وقعت منها حتى تذهب لارتدائها داخل المرحاض، وفي أثناء ذلك مسح هارون على وجهه كي يقلل من رغبته بها ويجاهد نفسه كي لا يلتقطها مرة أخرى رغمًا عنها ويذيقها بعضًا من العذاب الذي بات يذوقه كلما لفحته أنفاسها، حاول وحاول لكنه بشر ولديه قدرة على التحمل ومنذ رأها بتلك المنشفة التي لا تخفي كثيرًا من جسدها الصارخ بالأنوثة وقدرته بدأت في التداعي، نهضت سدرة من أنحنائها البسيط لتجد نفسها تغوص بين ذراعيه ثانيًا يغرقها في قبلة طويلة أفقدتهما الوعي وتحركت مشاعرهما الملتهبة ونزل بها لأرضية الغرفة بعدما تحررا من كل ما يعوق من تلاحم جلديهما، نزعه صوت هاتفه من تملكها والأنغماس في بحر عشقهما بعد أن دق عدة مرات، فوضعت سدرة يديها على صدره تبعده عنها وتطالبه بالأجابة عليه لعلّ الأمر طارئ، تذمر هارون في البداية لكنه استمع لها وألتقطه من جانبه يجيب عليه بضيق.
- خير يا بيه بتتصل دلوقتي عايز أيه؟.
أحمر وجه هارون بغضب وجحظت عيناه ونهض يسحب ملابسه كي يرتديها بعد أن وضع الهاتف بين صدغه وكتفه.
- أمتى حصل دا وأزاي متقوليش؟.
ثم قليلًا ثم هدر بصوت مرتفع بعض الشيء.
- يعني أيه مش عايز تقلقني، هتفضل طول عمرك غبي يا حمدي أزاي تبقى خالتي في المستشفى من أمبارح ومتقوليش، قولي أنت في مستشفى أيه؟..
أنتهى هارون من ارتداء ملابسه وأنهى المكالمة متوعدًا إياه عند رؤيته.
- متتكلمش كتير حسابك معايا بعدين وسلام دلوقتي انا جاي لك في الطريق.
نظر هارون بأرتباك ناحية سدرة التي أنتهت من لف المنشفة حولها ووقفت تحني رأسها بخجل.
- انا آسف يا حبيبتي مضطر أمشي خالتي في المستشفى ولازم أروح لها بسرعة.
تقدمت سدرة منه تمسك ذراعه مستفسرة.
- مالها ماما زهرة؟.
عبثت ملامحه وهو يخبرها بما أخبره به حمدي.
- كان عندها غيبوبة سكر والدكتور لحقها الحمدلله.
أمسكت يده تطلب منه رجاء
- طيب خدني معاك أشوفها وأطمن عليها.
هز رأسه برفض.
- لأ خليكِ لأن انا هجبها على هنا تاخدي بالك منها على الأقل لغاية ما تتحسن لأن حمدي معظم وقته مشغول معايا في المجموعة وهى مينفعش تقعد لوحدها.
أومأت سدرة بابتسامة وأقتربت منه تقبل وجنته.
- ماشي وانا أن شاء الله هحطها في عيوني وأخلي بالي عليها متقلقش.
ربت هارون على كفها ثم تركها وغادر.
- تسلم عيونك، انا همشي عشان متأخرش عليهم.
زفرت سدرة براحة بعد أن شعرت بالرضا يغمرها.
- مع ألف سلامة يا ....... يا حبيبي.
ثم شرعت ترتدي ملابسها وتهندم نفسها وأثناء ذلك استرعى نظرها شيئًا يلمع في أرضية الغرفة فأنحنت تلتقطه فوجدته خاتم هارون الفضة ذو الحجر الكريم الأزرق المفضل لديه فتعجبت من تواجده وخمنت سقوطه منه منذ قليل، أخذته وذهبت لغرفته لكي تضعه مع باقي متعلقاته الشخصية، أتجهت سدرة لخارج غرفته لكنها توقفت عندما لمحت الكثير من الأوراق مبعثرة على الطاولة فجلست على الأريكة تعيد تنظيمهم وترتيبهم ثم وضعتهم داخل الملف الأحمر الذي وجدته بجانبهم، دخلت حكمت عليها ومعها أحدى العاملات تعجبت من وجودها في غرفة هارون فهى تعلم أنها لا تدخلها، ونظرت إلى ما تحمله بيدها وسألتها بأهتمام.
- خير يا هانم في حاجة؟.
نظرت لها سدرة بضيق ووقفت تضع الملف على الطاولة بضيق.
- أفندم أيه خير دي، أنتِ هتمنعيني أدخل أوضة جوزي ولا هتفتحي ليا سين وجيم.
أحنت حكمت رأسها بأسف.
- مقصدش يا هانم انا آسفة.
ثم رفعت وجهها تنظر لها بنزق.
- انا بس مش متعودة على وجود حضرتك هنا، وعلى العموم دا وقت التنضيف لو تحبي نرجع ونيجي لما تخلصي.
زفرت سدرة وبراكين من حمم غاضبة تتفجر بداخلها.
- لأ أتفضلي خدي راحتك انا خلصت وكنت خارجة.
تركتهما سدرة وذهبت لغرفتها وهى تتوعد لتلك الشمطاء بالعقاب على معاملتها الفظة لها وستبلغ هارون بذلك حتى يضع لها حدود في تعاملها معها، وأمسكت هاتفها تتصل منه على رقم غير مسجل عليه وحين استمعت للصوت صاحت بسعادة.
- عندي ليك خبر بمليون جنيه اللي كنت عايزه حصل وقريب قوي هنجح وهثبت ليك ده.
وأنهت المكالمة واسترخت في فراشها تغط في نوم عميق بعد قضائها لليلة كئيبة حزينة قضتها في البكاء والسهد.
وفي المشفى أقترب هارون من فراش خالته يضمها بقوة ويقبل رأسها.
- ألف سلامة عليكِ يا حبيبتي.
ربتت زهرة على يده بيديها المجعدتين بحنو.
- تسلملي يا حبيبي ويسلم ليا عمرك.
جلس هارون أمامها يمسك كفها الضعيف بين يديه يقبله.
- سامحيني أن مجتش من بدري بس حمدي لسه قايل ليا من نص ساعة بس.
ثم نظر لحمدي بغضب.
- حسابك معايا هيكون كبير بس مش قدام خالتي.
أبتسمت زهرة ابتسامة عذبة وهى تمسح على وجنته.
- حمدي ملوش ذنب انا اللي منبه عليه أنه ميقلقكش عليا كل شوية كفاية عليك مسؤلياتك ومجموعتك دي ماشاء الله اللهم بارك لوحدها عايزة عشرة يدوروها، الله يكون في عونك يا أبني.
هز هارون رأسه بنفي.
- مفيش حاجة أهم منك ولا في حد يقدر ياخدني منك، أنتِ أمي اللي شاركت عمي في تربيتي بعد وفاة ماما وبابا بحنانك وحبك وخوفك عليا عمري ما أقدر أنسى دا وكمان عمري ما أنسى لما عمي طردني ملقتش حضن دافي يضمني غيرك وفلوسك ودهبك لما جبتيهم وحطتيهم بين أديا وقولتي خدهم أنت وحمدي وأعملوا شركة جديدة وأبدأ من تاني أحنا اللي بنعمل الفلوس مش الفلوس اللي بتعملنا، فضلك بعد ربنا كبير عليا قوي يا أمي.
أغمضت زهرة عينيها لثواني ثم فتحتها تنظر له بعتب.
- أنت كدا بتحسسني أني خالتك أو واحدة غريبة عنك لأن مفيش أبن بيشكر أمه على حبها له ولا خوفها عليه، اللي انا عملته عشانك هو اللي عملت زيه لحمدي لأنكم ولادي وحتة مني فاهم ولو سمعت منك الكلام دا مرة تانية ساعتها هزعل منك ومش هكلمك تاني.
أومأ هارون لها وأقترب يطبع قبلة طويلة على جبينها.
- ربنا يخليكِ لينا وميحرمناش ربنا منك.
ثم نهض وأقترب منها يمسك يدها كي يساعدها على الوقوف.
- الدكتور كتب لك على خروج وانا هخدك عندي في القصر عشان سدرة تاخد بالها منك.
نظرت له وأعترضت تريد الذهاب لبيتها.
- لأ يا هارون بلاش خليني أروح بيتي أحسن.
هز هارون رأسه برفض.
- لأ يا حبيبتي هتيجي عندي لأن انا وحمدي هنكون مشغولين الأيام الجاية وأنتِ محتاجة مراعاة وأهتمام ومينفعش تقعدي لوحدك وبعدين في شغالين في البيت كتير هيساعدوا سدرة لو خايفة على تعبها.
أذعنت زهرة أمام أصراره وذهبت معه لمنزله بعد أن هاتف هارون مدبرة منزله حكمت وطلب منها أعداد غرفة كبيرة في الطابق الأرضي لكي تقيم فيها خالته واستقبلتها سدرة بترحاب وسعادة غامرة فهى تحب زهرة لطيبتها وحنانها الكبير عليها فقد ساهمت في تطبيب بعض جروحها دون أن تدري عندما كانت تأخذها في أحضانها وتعاملها بشكل جيد حين لفظها وتبرأ منها الجميع بعد توبتها من تحالفها مع الشيطان الذي دمر حياتها، ومرت عدة أيام استتب الوضع وهدئ الحال بينهم دون أن يعود هارون لتقربه من سدرة لأنشغاله في الأستعداد لأتمام صفقة الطرق التابعة للقوات المسلحة فهو يعتبرها صفقة عمره نظرًا لأنها تتبع جيش بلاده وأكبر قوى حاكمة في الدولة ولكبر حجمها أيضًا، وظل هو وحمدي يخططان جيدًا وأعدا العدة لكشف كل المتلاعبين والمتآمرين في شركته وتقديمهم للشرطة لنيل عقابهم بعد ربحه تلك الصفقة الكبيرة حتى يفاجئ زاهر بضربته القوية له قبل أن يأخذ حذره ويهرب قبل فوات الاوان، وفي اليوم المحدد لفتح المظاريف وقفت كل مجموعة البنا على قدم وساق متوترين ومضطربين لقلق رئيسهم ينتظرون النتيجة بفارغ الصبر، ورغم تيقن هارون من الفوز لأنه وضع أقل سعر لتنفيذ الطرق بأعلى جودة الإ أن هناك حدس بداخله ظل ينبئه بالخسارة ويقف بينه وبين فرحة الفوز حتي يسمعها حقيقةً، لكن حدسه لم يكن مخطئ فقد صدق حين سمع من رئيس الجلسة فوز شركة زاهر المهدي بمناقصة الطرق التابعة للقوات المسلحة، لم يستوعب عقل هارون الأمر وظل يحدق أمامه بشرود لم ينتبه منه الإ حين سمع صوت زاهر المقيت يرن بجانب أذنه.
- ايه يا هارون مش هتهنيني على فوز شركتي بالمناقصة ولا هتفضل مصدوم كدا؟.ط
نظر هارون له بأعين غائمة مظلمة.
- أكيد لأ.
علت ضحكت زاهر الشامتة وهو ينظر له بحقد.
- كنت فاكر أن مفيش حد غيرك بيحط أقل سعر ويكسب لكن انا غفلتك وخطفتها من بوقك.
نظر له هارون بصمت يتمعن في ملامحه التي أصبحت أكثر قبحًا وبغضًا يتماثل شكله كشيطان أمامه، وأكمل زاهر متشفيًا به.
- ههههههههه ولسه ياما هتشوف مني يا أبن البنا هخليك متكسبش صفقة واحدة لغاية ما أخليك تشحت.
أومأ له هارون متوعدًا إياه.
- هنشوف يا أبن المهدي مين اللي هيشحت مين والأيام بينا والشاطر اللي يضحك في الأخر.
ثم نهض وأتجه للخارج وحمدي وأحد العاملين لديه يهرولان خلفه للحاق به، وحين صعدوا جميعهم للسيارة هدر هارون بهما وصاح بغضب.
- لازم أعرف النهاردة أزاي زاهر فاز بالمناقصة دي أكيد في سرب له سعر المناقصة بتاعنا، لأن عمره ما حط سعر أقل مننا ليه دلوقتي عمل كدا وأزاي يعمل دا كدا هيطلع من الصفقة دي زي ما دخل فيها، طب انا بستخدم خامات بنتجها في مصانعي هتغطي أي فرق سعر في السوق أنما هو لاعنده مصانع ولا حتى السيولة الكافية اللي تخليه يشتغل شهر على بعضه لو أتأخروا في تسديد الدفعات.
أومأ حمدي والموظف الآخر عدة مرات وشرع يتحدث كي يهدأه.
- حاضر مش عايزك تقلق أن شاء الله النهاردة هنعرف مين الخاين اللي بلغ زاهر بس ياريت تهدا.
ضرب هارون فخذه عدة مرات بغضب.
- متقوليش أهدا لأن مش ههدا غير ما أعرف مين الخاين مفهوم.
أومأ كليهما بصمت ولم يجادلاه كثيرًا فهارون يعميه الغضب ويجعله غير قادر على التفكير والتحكم في نفسه، وصلوا إلى المجموعة وبدأ حمدي التحقيق في الأمر حتى يتبين لهم الخائن وبعد بحث مضني لم يستطيعوا معرفة من الفاعل لأن هارون الوحيد الذي كان يحتفظ بمظروف المناقصة بعد انتهاء الأجتماع، دخل حمدي لمكتب هارون مترددًا وخائفًا من ردة فعله، وحين رأه وقف متصلبًا فهب الأخير مسرعًا ناحيته.
- ها أيه الأخبار عرفت مين اللي عمل كدا ؟.
هز حمدي رأسه بنفي.
- لأ معرفناش.
عقد هارون حاجبيه مستفسرًا.
- أفندم يعني أيه معرفتوش؟.
رفع حمدي عينيه ينظر له بحيرة.
- أولًا كل ورق المناقصة فضل معاك بعد الأجتماع اللي اتفقنا فيه على السعر ومفيش حد يعرف يوصله غيرك.
شرد هارون ينظر أمامه مطولًا.
- قصدك ايه ؟.
عبث حمدي بشفتيه وهز رأسه بحيرة.
- أنت أحتفظت بالورق فين بالظبط؟.
ضيق هارون عينيه قليلًا.
- عندي في البيت وفي أوضة نومي.
رفع حمدي كتفيه ثم أنزلهما.
- يبقى اللي سرب السعر لزاهر حد من عندك في البيت.
أتسعت عين هارون بصدمة وكاد يفقد عقله وهو يسأل نفسه هل فعلها زاهر ووجد خائن يساعده من داخل منزله أيضًا، لم ينتظر كثيرًا واسرع لبيته حتى يخرج ذلك العدو الذي يسكنه وفي وقت قياسي طوت عجلات سيارته الطريق خلاله كان داخل منزله يصرخ مناديًا حكمت بصوت جهوري هز حوائط القصر العتيدة، وفي لمح البصر كانت حكمت تقف أمامه مضطربة خائفة منه.
- أفندم يا هارون بيه.
أمسكها هارون من ذراعيها وهزها بقوة.
- قوليلي اداكِ كام زاهر عشان تبيعيني ليه أنطقي؟.
هزت حكمت رأسها بحيرة فهى تجهل ما يقوله.
- حضرتك بتقول ايه يا هارون بيه انا مش فاهمة؟.
صرخ بها هارون بقوة.
- أنتِ هتستعبطي أنطقي والإ قسمًا بالله ما هخلي الدبان الأزرق يعرف لك طريق جرة فاهمة.
دمعت عين حكمت وهى ترجوه أن يتركها.
- يا هارون بيه والله ما أعرف أنت بتتكلم عن أيه وأرجوك حاسب عليا انا ست كبيرة مش حمل بهدلتك دي.
تمالك هارون نفسه قليلًا وتركها ومسح على ذقنه ثم أشار بسبابته نحو الطابق العلوي.
- انا من كام يوم جبت ملف وحطيته في أوضتي فوق انا عايز أعرف مين اللي دخل أوضتي غيرك وفتح الملف دا وشاف اللي فيه.
نظرت حكمت حيث يشير ثم رجعت تنظر له بحيرة.
- مفيش حد بيدخل أوضة حضرتك غير انا وصابرين عشان تنضفها وبكون وقفة معاها وصابرين شغالة هنا من زمان عمري ما شفت منها حاجة مريبة بالعكس دي غلبانة وفي حالها وأأمن واحدة هنا عشان كدا بخليها تنضف أوضتك وأوضة المكتب.
كور هارون كفه وضربه بالأخر.
- أنتِ عايزة تجننيني لما مش هى ومش أنتِ أمال مين.
في ذلك الوقت نزلت سدرة هالعة على أثر صراخ هارون ووقفت تسأله بقلق.
- مالك يا هارون بتزعق ليه كدا؟.
نظر لها هارون بغضب وصاح بها.
- ممكن تسبيني دلوقتي.
ثم رجع ينظر لحكمت بعد أن جعل سدرة تنكمش على نفسها خوفًا منه وسألها بحدة.
- أنطقي يا حكمت وقولي مين تاني اللي بيدخل أوضتي؟.
نظرت حكمت لسدرة وتذكرت حين أمسكت بها في غرفة هارون صدفة ثم نظرت له.
- صدقني يا هارون بيه مفيش حد بيدخل غير انا وصابرين بس من كام يوم وانا داخلة كالعادة انا وصابرين ننضف لقيت سدرة هانم في أوضة حضرتك وكانت ماسكة في إيديها ملف أحمر.
جحظت عين هارون ونظر لسدرة يسألها.
- الكلام دا حقيقي؟.
أومأت له سدرة بخوف.
- أيوة أصل انا لقيت الخاتم بتاعك وقع منك عندي في الدريسنج فروحت أحطه في أوضتك ولقيت الورق متبعتر على الترابيزة فرتبته وحطيته جوه الملف دا اللي حصل.
أحمرت عين هارون بغضب وأقترب منها يعتصرها بيديه.
- وأنتِ من أمتى بتدخلي أوضتي ولا بتهتمي بترتيب أوراقي، عرفتي تضحكي عليا وتقنعيني أنك أتغيرتي وأنتِ لسه زي ما أنتِ قذرة وحقيرة.
هزت سدرة رأسها بنفي وبدأت عبراتها في التجمع بمقلتيها.
- والله أبدًا يا حبيبي انا أتغيرت فعلًا وأتغيرت لربنا ولنفسي قبل ما أتغير عشانك.
هزها هارون بقوة غاشمة.
- أداكِ كام عشان تبيعيني ليه يا مجرمة يا خاينة أنطقي؟.
صرخت به سدرة بعدما شعرت بأصابعة تنغرس في ذراعيها.
- هو مين انا معرفش أنت بتتكلم عن أيه؟.
دفعها هارون بعيدًا ثم صفعها بقوة جلبت الدماء لفمها.
- هو مين متعرفيهوش أزاي يا حقيرة، ليه دا انا خلاص كنت ناوي أبدأ معاكِ صفحة جديدة ونعيش مع بعض فيها بسعادة وراحة بال، لكن اللي زيك هيفضل مكانها مع الزبالة اللي زيها.
صمت سدرة كفيها برجاء وأقترب منه ترجوه أن يستمع لها.
- صدقني يا هارون انا بريئة ومعرفش أنت بتتكلم على أيه، متخليش الشيطان يدخل ما بينا ويخسرنا بعضنا.
هز هارون رأسه بجمود ونظر لها بشر.
- أنتِ خسارتك مكسب انا المفروض كنت سبتك تتحبسي مع المجرم اللي زيك للأسف وصية عمي وقلبي الطيب هما اللي خلوني أبقى عليكِ وأصدقك.
وقفت سدرة أمامه بعناد وجرئة أكتسبتها من حبها الكبير لها وصاحت به تدافع عن نفسها.
- أنت مش عايز تسمعني ولا تصدقني ومصمم تسمع صوت عقلك وبس، اسمعني كويس يا هارون انا تبت لربنا مش ليك فاهم يعني انا مش هكدب عشان تصدقني لأتي خايفة منك ومش هخاف من ربنا، انا معملتش حاجة تضرك ولا خونتك عايز تصدق صدق مش عايز أعمل اللي تعمله.
ثم نزلت دموعها وهى تشير له بسببتها.
- أنت من الأول محبتنيش ولولا وصية عمك كنت زمانك متجوزتنيش فعايز تخلص مني قولها بصراحة بدل اللف والدوران ومتخفش انا هطلع من البيت دا زي ما دخلته وهسيب كل حاجة حتى ورثي من عمك.
غلت الدماء بعروق هارون وأتسعت عيناه بشر من أتهامها المشين له فكيف تكون جانية وتقلب الأمر عليه حتى تخرج من فعلتها دون خسائر فهدر بها بصوت مرعب.
- أخرسي يا مجرمة مش هارون البنا اللي هيغلب في واحدة حقيرة ورخيصة زيك اي حد يشتريها بالفلوس لأ فوقي لنفسك دا افعصك تحت رجلي فاهمة.
وصم هارون أذنه عن سماع أي شيء سوا صوت شيطانه الأمار بالسوء الذي وسوس له بقتلها جزاء فعلتها الخبيثة وحملها كل ذنوب العالم لما لا أليست من خلعته عن عرشه وكانت السبب في طرد عمه له عندما كان يظنها ملاكًا وهى في أساسها شيطانة متلونة بوج أنسان ويبدو أنها لم تتب من ذنبها حقيقةِ وكانت تدعي التوبة والفضيلة أمامه، لم يشعر بنفسه وهو يصفعها على وجهها صفعات متتالية ويسبها بأقذع السباب لم يغيثها من يده سوا زهرة وحمدي الذي جاء خلفه حتى لا يتركه لتهوره وغضبه الأعمى، ولم يكتفي بما فعل بل رمى عليها يمين الطلاق ودفع حمدي بعيدًا عنه وأمسك بيدها يكبها خارج منزله كالقمامة ويصفع الباب خلفها بقوة.