رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الواحد والاربعون 41 بقلم سميه عبد السلام




رواية صدفة ام قدر (العشق الخماسي) الفصل الواحد والاربعون بقلم سميه عبد السلام 


#صدفة_ام_قدر


#العشق_الخماسي


#البارت41


البارت خلص من بدري كان المفروض ينزل من امبارح بس حصل مشكلة في الفون ولما الحمدلله المشكلة اتحلت النت بقا زفت فضلت سهرانة لساعة واحدة لحد مازهقت ونمت.


بسم الله الرحمن الرحيم


البارت 41 (الأمور تتعقد)


كانت تقف أمام هذا الكم الهائل من فساتين الزفاف، تنظر لهم بفرحة عارمة لا تصدق أنها و اخيرًا ستصبح عروس و لمن؟ لمن عشقه فؤادها وتعلقت كل ذرة بجسدها به، عادت تنظر له تتأكد ان كان يقف بجانبها حقًا ام انها خيالات نسجها عقلها من فرط خوفها ان تفقده، وينفصل الرابط بينهم للأبد وعلى حين بغتة، قرصته «نرجس» من ذراعه ليتأوه «فارس» و تفاجأ من فعلها المجنون هذا ليقول بغضب حاول احتوائه حتى لا يفسد فرحتها:


"في اي يا نرجس هي لسعت منكِ ولا اي"


اما الاخرى فما كان عليها سوى الضحك ببلاهة و اعين غلفها الدمع من الفرحة لتتجاهل الرد على حديثه مردفة بعدم تصديق:


"انا مش بحلم يا فارس صح؟ انت موجود معايا وكمان بنختار فستان الفرح، قولي اني مش بحلم"


هدأت روعته عند رؤيته لهذه السعادة التي جعلتها تشعر كأنها تملك الكون بأكمله، ليبتسم بحب ناطقًا بنبرة هادئة مع بسمة زينت ملامح وجهه:


"لأ يا نرجس انتِ مش بتحلمي و احنا فعلًا واقفين نختار ليكِ الفستان و نختار ليا البدلة، عشان كلها كام يوم وتبقي في بيتي"


خجلت _على غير عادتها_ من اخر حديثه، لكنها شهقت بفزع عندما سمعته يقول بتوعد وصوت منفعل:


"و ساعتها هربيكِ يا نرجس على اللي انتِ عملاه فيا ده، منك لله رجلي ورمت من كتر اللف"


عادت لها ضحكتها من جديد ثم هتفت بدلال:


"عروسة بقا يا فارس ومن حقي اتدلع، الله!"


رد «فارس» بنبرة ساخرة يغلفها الوعيد:


"اتدلعي ياختي، ما انا هطلعه على عين اهلكِ، بس الصبر"


نظرت له بنظرات معاتبة وقبل ان تفتح فمها وتحرك شفتيها تخبره انها لن تقبل طريقته هذه في الحديث اكثر من ذلك، حتى و ان كان يمزح، لكن قد اقتربت منهم فتاة بشوشة الوجه يزين ملامحها بسمة ومن ملابسها يبدو انها تعمل في المكان، ناطقة بعملية مع نبرة صوت لينة:


"تحت امركم يافندم، في حاجة عجبت حضرتك؟ او في حاجة معينة حضرتك عايزها؟"


ظهر التشتت على ملامح «نرجس» واصابتها الحيرة فكل فستان اجمل من الآخر، لكن اردفت وهي تخرج هاتفها ناطقة بتردد:


"هو الحقيقة، انا شفت صفحتكم من على الفيس وعجبني الفستان ده أوي، بس لما جيت هنا لقيت في فساتين أحلى من اللي كانت في الصور على الفيس"


هزت الأخرى رأسها توافقها في الحديث، وهي مازالت مبتسمة الوجه بعد ان التقطت حيرة و توتر «نرجس» مردفة:


"كلام حضرتك مظبوط، و ده عشان الفساتين اللي شيفاها قدامكِ دي collection جديد مختلف تمامًا عن اي مجموعة فساتين كانت موجودة عندنا، لسه نازل، و من حسن حظنا ان حضرتكِ هتكوني اول حد يجربها"


نطقت «نرجس» بأندفاع من فرط سعادتها:


"ده من حسن حظني انا، ده انا امي دعيالي"


حمحم «فارس» يستأذن من الواقفة ان ينفرد بخطيبته لتتفهم الأخرى الموقف ناطقة بهدوء:


"طب انا هكون موجودة هناك، اي مساعدة تحتاجوها ممكن تنادوا عليا، بعد اذنكم"


تتبعها «فارس» بعينيه حتى ابتعدت بمسافة لا بأس بها، ثم عاد ببصره لـ «نرجس» التي ترمقه بتعجب، ثم هتف بضيق:


"نرجس احنا متفقناش على كده، الفستان اللي ورتهولي كان مكتوب سعره وعلى الاساس ده انا جبت الفلوس انما الفساتين دي شكلها غالي اوي وانا هيبقا شكلي وحش قدام الناس لو اختارتي حاجة و الفلوس عجزت معايا"


ردت الأخرى بلهفة تعرض المساعدة:


"انا عاملة حسابي ومعايا فلوس بزيادة خدهم ونكمل عليهم لسعر الفستان، فارس بالله عليك يا شيخ ما تبوظ فرحتي"


نطقت الاخيرة تستعطفه بها لكن هذا الحديث لم ينل إعجابه وظهر هذا واضحًا من ملامحه الجادة و نبرته الجامدة:


"انتِ بتقولي اي؟ لأ طبعًا انا مستحيل اقبل بكده، خلاصة القول احنا هنجيب الفستان على قد الفلوس اللي معايا، عشان لازم تفهمي حاجة مهمة اوي انكِ بعد كده هتعيشي معايا على قد ظروفي و امكانياتي، غير كده انا معنديش كلام اقوله"


شعرت «نرجس» بالاختناق لأنه يفسد فرحتها لتهتف بسخط و تبرم تعبر به عن انزعاجها:


"مش كفاية ان مش هيتعملي فرح زي بقية خلق الله و رضيت و سكتت مع ان ده حقي، كمان عايز تبوظ فرحتي واختار فستان مش عاجبني ذنبي انا اي في ده كله، مش معاك فلوس خلاص ماتتجوزش"


اهانته بجملتها الأخيرة وتقبلها هو كمن صفعه على وجهه ولكن الصفعة هنا كانت على قلبه، ليهتف بهدوء رغم الإحباط و الحزن الذي احتل وجهه ولاحظت هي ذلك وشعرت بالندم لقولها المتسرع:


"ذنبك انكِ وافقتِ من الأول، دي كانت اتفاقات رجالة ان مافيش فرح احترامًا لحزن الست فاطمة على مو'ت بنتها و انتِ قبلتِ بده ماحدش غصبك على حاجة، وبالنسبة لموضوع طالما مش معايا فلوس ما اتجوزش انا كنت مستني منك رد تاني غير ده مستني تقدري ظروفي و تقولي ان الحاجات دي كلها شكليات اهم حاجة اننا مع بعض دي هي فرحتنا الحقيقية"


صمت ثم تابع بأنكسار:


"الحج زكريا كان طلبني و عطاني فلوس عشان ننزل نجيب الفستان سوا و فلوس كتير، كتير اوي انا ما قلتلكش عشان كنت عايز اشوف انتِ اتغيرتِ ولا لسه الطمع و الجشع جواكِ"


اجتمعت العبرات بعينيها لتهتف بأستياء وانفعال لتعلو نبرة صوتها غير عابئة بكل الحاضرين بالمكان، تدافع عن نفسها و عن كرامتها:


"انت ليه مُصر تطلعني وحشة؟ ليه كلكم شايفين ان نرجس دي كائن شرير بيأذي اللي حوليه، زي ما اكون بعبع في حياتكم خايفين منها، انا مش هنكر و اقول مش طماعة لأ يا فارس انا طماعة، بس طمع من نوع تاني، لو كون اني عايزة اشوفك احسن واحد في الدنيا وشايف انت ان ده طمع ايوة انا طماعة لو عشان بقارنك بولاد المنشاوي عشان افهمك انهم مش احسن منك ولو بعدت عن كنفهم هتعرف قيمة نفسك ايوة انا طماعة، لو عشان عايزة افرح واخد حقي من الدنيا اللي منصفنتيش ولا مرة ايوة انا طماعة، لو عشان بحبك و كل مرة كنت بتحاول تنهي العلاقة دي و انا اجاي على نفسي و على كرامتي عشانك وفي الاخر تقول عني طماعة احب اقول لك يا فارس ايوة انا طماعة"


ظل الاخر صامت وهو يستمع إلى كلماتها التي جعلته يشفق على حالها، وانها بالفعل تفعل الشيء الصحيح ولكن بالطريقة الخطأ، نعم هو اخطأ كثيرًا في حقها بمحاولاته كلما يحدث خلاف بينهم يتجه للقرار السريع وهو الانفصال عنها حتى دون اعطائها حق التبرير لم يعلم انه يقسو عليها هو الاخر وطريقته دائمًا فجة معها، تنهد بعمق و هو يتمعن في ملامح وجهها الحزينة وقبل ان يتفوه بشيء تابعت هي بخيبة امل و البؤس غلف كلماتها:


"خلاص يا فارس ماعتقدش لسه في كلام يتقال و المرة دي و لاول مرة هقولها..."


صمتت لثانيتين ثم عادت تكمل تزامنًا مع خلعها خاتم الخطبة من يدها و امساك يده ووضعه في باطن يده:


"انا اللي مش عايزة الجوازة دي، دبلتك اهي"


لم يخطر بباله ان تفعل هذا او تقول هذه الكلمات، وقف كمن سقط على رأسه دلو ماء بارد في فصل الشتاء القارس، وقف متيبس الجسد و ابت الكلمات الخروج، لا يفعل شيء سوى مراقبتها وهي تخرج من المكان، ليستفيق من حالة اللاوعي التي كان بها على همهمات الناس من حوله و تثبيت أعينهم عليه، ليقول محدثًا نفسه وقد اصابته الدهشة و الذهول:


"ده شكل انا اللي طلعت بحلم"


__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__


" قولوا للي اكل الحرام يخاف، بكره اللي كَله يفسده"


كلمات اغنية صدحت من هاتف «عمر» الجالس على أحد المقاعد الملتفة حول طاولة الطعام و على بعد مسافة بسيطة كان يجلس «سليم» على تلك الأريكة المقابلة له يقابل نظرات «عمر» المغتاظة ببرود غير مكترث به و ما هذا إلا أنه يذيد من غيظ الاخر، بينما دلف «رحيم» داخل الشقة وهو ينظر للاثنين بتعجب، اقترب يجلس بجوار «سليم» يسأله وهو يضم حاجبيه:


"هو في اي؟ و عمر بيبص لك كده ليه؟"


لم يحيد ببصره عن «عمر» الذي ينفر من الحين والآخر، ثم أجاب بسخرية غلفها الانفعال:


"فاكرني حرامي المعفن"


وقبل ان يتفوه «عمر» بشيء قد خرج «احمد» من غرفته و القى بجسده على الأريكة لينضم لهم ثم سمع صوت شقيقه الحانق يهتف بسخط:


"انا معفن، يابن المقشفة"


نهره «احمد» مردفًا بتحذير:


"في اي يا عمر مالك؟ ده اكبر منك احترم نفسك"


نطق الاخر بلهفة كأنه يستغيث بشقيقه وهتف بأستعطاف تزمنًا مع دخول «مراد»:


"يا احمد، انا كنت شاري شيكولاتة وشايلها في تلاجتهم في كيس الخضار، جيت ادور عليها ملقتهاش، يبقا مين طفس غيره كلها"


سعل مراد بقوة وهذا لأنه هو من فعلها، جذب الأنظار إليه، لكن لم يعقب احد بل اندفع «سليم» في حديثه:


"و هو في حد يحط شيكولاتة في كيس الخضار؟! إلا لو ماشفش بربع جنيه سلكان"


ابتسم «عمر» بسماجة وهتف ليثير استفزازه:


"احسن ما اكون ماشفتش بربع جنيه تربية"


تأهب جسد «سليم» يلقي نظرات حارقة عليه وهتف بتحدي:


"طيب أي رأيك بقا أن أنا اللي كلتها وريني بقا هتعمل اي؟!!"


تدخل «مراد» في الحديث كـ الملاك البريء ناطقًا بهدوء:


"يا جدعان صلوا على النبي، مش هنقطع بعض عشان حتة شيكولاتة Galaxy امال لو كانت Dairy milk كنا هنوقف بعض في المحاكم"


تعجب «رحيم» وللحق جميعهم نظروا له، ليسأله «رحيم» بأستغراب:


"و انت عرفت منين نوع الشيكولاتة يا مراد؟!!"


ابتلع ريقه، ثم حول رأسه إلى «عمر» الذي فتح عينيه بأتساع يرمق ابن عمه بغير تصديق، و سرعان ما حلى مكانهما نظرات حارقة و حاقدة ولم يكن بيده شيء سوى ان يعيد تشغيل الأغنية من جديد ولكن هذه المرة كان المقصود به «مراد».


"قولوا للي أكل الحرام يخاف، بكره اللي كله يفسده"


علق «احمد» ساخرًا يقصد بحديثه ابن عمه:


"و نقوله ليه ماهو عارف"


انفجرت اسارير «سليم» من الضحك، وهو يراقص حاجبيه بأستمتاع ليثير حنق الآخر الذي قال مردفًا بضيق و انزعاج:


"ما تنشكحش اوي كده، يعني لو مراد حرامي فأنت شيخ منصر"


رفع «سليم» سبابته في وجه «عمر» يهتف بتحذير:


"ولا!! ماتتعداش مساحتي الشخصية في الكلام معايا"


نطق الآخر بأستهزاء من الجالس يلوح بيده في الهواء:


"ياشيخ اتنيل، مش لما تكون عندك شخصية الأول تبقا تعملها مساحة"


تأهب جسد «سليم» ليقف بأنفعال ونظراته تحمل كل معاني الشر في نيته التحرك و الوصول له و ضربه، ليمنعه عن ذلك يد «احمد» الذي وقف مقابلًا له ونطق بتهكم:


"رايح فين ياسطا هي هبت منك ولا اي؟ ده اخويا"


تدخل «مراد» في الحديث بعد ان وقف هو الاخر:


"و سليم أخويا"


رمقه «احمد» بوجه ممقت مردفًا بحديث يحمل في طياته السخرية:


" اه و انت بقا هتشتغل هنا و هناك محامي، مش كفاية ان المحماه شغلها حرام و بتاعت ناس نصابين و فلوسها مشكوك فيها"


تشدق «مراد» بفمه ساخرًا ناطقًا بطريقة سوقية اقل ما يقال عنها انها 'ردح':


"بس انت يا بتاع الفوايد و الربا ده انت هتولع في جهنم الحمرا"


كان يقصد بحديثه تلك الفترة التي عمل بها احمد في البنك لكن جده رفض هذا العمل، و بسببه لم يستمر فيه، بينما «رحيم» وقف في المنتصف لا يعلم اذا كانوا يتحدثون بجدية وما يراه الآن إلا انذار لشجار سيبدأ بينهم، ام انهم فقط يمزحون، لم يكن يعلم ان هذه طبيعتهم، وهي الشجار الدائم بينهم وعلى اقل الاشياء، و نتيجة لصوتهم العالي و صخبهم فُتح باب احدى الغرف وخرج منها «ادهم» الذي يرتدي ثيابًا منزلية ومن هيئته و شعره الساقط على جبينه يدل على انه كان نائم، و يبدو انهم ازعجوه اثناء نومه، توقف الجميع عما كان يفعل و ترقبوا ردة فعله التي اتت عكس المتوقع وهو يبتسم لهم مردفًا بنبرة هادئة للغاية:


"هو سؤال واحد بس عايزكم تجاوبوا عليه، ده بعد اذنكم طبعًا"


عند استماعهم لكلماته و نبرة صوته الهادئة، تنفسوا براحة و اخرج كلا منهم تنهيدة خشية من انه كان سينفعل عليهم الآن، لكن أصابهم الصم عندما صرخ «ادهم» في وجوههم بنبرة عالية اضحت كم هو غاضب:


"انـتـم مـلـت الـلـي خـلـفـوكـم ايــــه؟!! عشان تسيبوا البيت كله و تيجوا تتخانقوا قدام اوضتي"


اقترب منه «رحيم» يربت على كتفه في محاولة منه لتهدئته ناطقًا بصوته الرخيم:


"خلاص يا أدهم، ادخل كمل نوم انت، و انت مش هتسمع لنا حس بعد كده"


رد «ادهم» بسخط ونبرة رغمًا عنه خرجت منفعلة:


"انام إزاي بعد ما قلقتوا نومي، اللهي يقلق نومكم يا بعدة"


ثم مسح على وجهه بضيق و استطرد يهتف بتحذير لهم:


"انا طالع فوق السطح، عايز ألاقي كلب منكم جاي ورايا"


القى كلماته وتحرك ناحية باب الشقة، ليهتف «سليم» و عيناه تلمع بالشر اتجاه «عمر»:


"بقا انا معنديش شخصية، طب تعالى بقا اوريك معدوم الشخصية ده هيعمل اي"


فزع «عمر» وهو يرى اقتراب «سليم» نحوه ليركض و يختبأ خلف ابن عمه «رحيم» ليسخر منهم «سليم» ناطقًا:


"على اساس ان رحيم هيمنعني عنك، ده انا اشألطكوا انتم الاتنين في بعض"


شهق «عمر» بدهشة مصتنعة ناطقًا بخبث:


"قصدك ان رحيم ما يعرفش يضرب نملة و انه عيل خيخة"


تدخل «احمد» يسخر من شقيقه يحثه على الصمت:


"اهدى يا بوتجاز خمسة شعلة انت، هي مولعة خلقة مش ناقصة التاتش بتاعك"


بينما «رحيم» هتف بنبرة عالية:


"لأ لازم تعرف ان مش عشان انا من الزمالك تفتكرني لقمة طرية سهل تتاكل، ولا عيل خيخة بيركب مُرجيحة"


هتف «سليم» من بين ضحكه ناطقًا:


"لأ هو الحاجة الوحيدة اللي عرفتها ان مايتخفش عليك يا رحيم، اي يا راجل ده، ده انت ولا اجدعها سواق توكتوك "


ليضحك بعد جملته وشاركه الجميع في ذلك وكل هذا كان تحت نظرات «ادهم» الواقف على اعتاب الباب يتابعهم قبل خروجه ناطقًا بعد ان علت شفتيه ابتسامة:


"اقسم بالله شوية مجانين بس...جـامـديـن"


وبعدها تحرك للخارج حتى يصعد إلى سطح المنزل يجلس بمفرده حتى يخرج ضجيج رأسه الذي لم تتسع له غرفته، لم يرد ان يجلس معهم لأنه لن يكون قادرًا على مشاركتهم المزاح، يريد ان يبقى وحيدًا ينفرد بذاته فيبدو أن الأيام القادمة تحمل في جوفها الكثير و يجب ان يكون هو على اتم الاستعداد لمواجهتها.


__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:


عادت إلى منزلها تجر خلفها خيبة أملها، فـ منذ لحظات كانت الفرحة و السعادة تغمرانها، و الآن البؤس و التعاسة كانا رفيقي «نرجس» التي صعدت السُلم ذاهبة إلى شقتهم و عند وصولها للطابق المنشود وقفت قدامها اسفل السلم وهي ترى «علا» تقف امام عتبات بيتها و يبدو انها تحادث والدها الذي قال بلطف:


"نرجس مش هنا يا بنتي، هي ما قالتلكش انها راحت تأجر فستان الفرح مع فارس ولا اي؟!!"


قبل ان تنفي هي بخجل استدارت برأسها ورأت وقوف «نرجس» في نهاية السلم، لتقول بصوت مبحوح اعبر عن حزنها:


"نرجس"


لوت «نرجس» شفتيها بحنق ناطقة بهمس من بين اسنانها بعد ان التقطت حزن الأخرى:


"يالا، كملت ماهي ناقصة نكد أهلك انتِ كمان"


ثم تصنعت الود وهي ترفع من طبقة صوتها ترحب بالواقفة اثناء صعودها المتبقي من الدرج:


"علا! نورتِ والله العمارة كلها ضلمت...قصدي نورت بوجودكِ"


بعد مرور بعض الوقت جلست الفتاتان فوق الفراش بغرفة «نرجس» التي قصت للأخرى كل ماحدث معها منذ قليل، لتعقب «علا» بحزن حقيقي على صديقتها:


"وبعدين اي اللي حصل؟!!"


تشدقت «نرجس» بفمها مردفة بتهكم يحمل بين ثناياه الغيظ:


"خلعت الدبلة من ايدي و ادتهاله و استنيت شوية على سلم الاتيليه عشان التنح يجري ورايا و يلحقني بس مافيش، وقف مبلم للخاتم ابن مديحة الابيحة"


لو كانت «علا» في حالة اخرى غير هذه لضحكت على كلماتها، لكنها وجدت نفسها تربت على كتفها تواسيها بعطف رغم الألم الذي تشعر به داخلها:


"ماتزعليش والله فارس بيحبك، هو بس تلقيه من صدمة الموقف ماعرفش يعمل اي؟ بس صدقيني هيرجع"


اظهرت اللامبالاة رغم النيران التي تأكلها من شدة غيظها هي لم تكن تعلم انه اختبار منه لها و ان «زكريا» اعطاه المال لو كانت تعلم لما تصرفت هكذا و تصنعت الرضا المزيف حتى تنول ما تريده لكن كل شيء تلاشى بسبب غباءها و قرارها المتهور هذا الذي جعلها تشعر بالندم.


ثم تذكرت قدوم «علا» لها في هذا التوقيت، و خصوصًا انها لم تعاتبها على عدم أخبارها بشأن ذهابها مع خطيبها من اجل تأجير فستان الزفاف، ناطقة بحماس وهي ترى كم الحزن الهائل المبطن بعيني «علا» يبدو انها تشاجرت مع زوجها وبالطبع هذا يسعد «نرجس» كثيرًا و خصوصًا بعدما تم إفساد فرحتها ليس وكأنها هي المتسببة في ذلك.


"قولي لي بقا مالك حزينة ليه وشكلك معيط و المرة دي هتقولي لي مالك عشان المرة اللي فاتت لما رحنا عند جدك زكريا وكان باين عليك معيطة بردو مارضتيش تحكي حاجة، ها اتخانقتي مع احمد صح؟؟"


نطقت الأخيرة بحماس غريب تعجبت منه «علا»، توترت «نرجس» بسبب اندفاعها المبالغ فيه، لكن الأخرى لم تأبه كثيرًا وعندما بدأت تحكي لها كل شيء تذكرت خيانة زوجها لها و مع شقيقتها لتبكي بحرقة و تعلو شهقاتها ترتمي بين احضان «نرجس» التي رمقتها بفزع من حالتها تلك نعم هي تعلم ان صديقتها حساسة و عاطفية لدرجة كبيرة، لكن يبدو ان الأمر خطير للغاية، نحت خبثها ونظرة الشماتة التي كانت تخفيها خلف حزنها المصطنع على جانب و شعرت بالشفقة الحقيقية اتجاهها، لتؤازها في محنتها التي لم تعلم سببها حتى الآن.


وبعد مرور خمس دقائق لم تتوقف فيهم «علا» عن البكاء وهنا نفذ صبر نرجس التي خرجت من الغرفة ثم عادت وهي تحمل في يدها كوب عصير ليمون حتى تهدأ «علا» وتنهي وصلة البكاء هذه التي جعلت «نرجس» تشعر بالملل، لكن ما جعل جسدها ينتفض و اتساع مقلتيها وهي تسمع «علا» تسرد ما جعلها في حالة من الصدمة و عدم التصديق، يبدو ان مشكلتها هينة بجانب هذه المصيبة.


لم تخرج «نرجس» من حالة الاندهاش التي تلبستها بل ذاد فضولها اكثر وهي تحث «علا» على الاكمال رغم ان الأخرى تتحدث قليلًا و تبكي بعدها ثم تعيد الكَرة من جديد.


"طب و إزاي مراد شافك و اي وداه هناك اصلًا"


مسحت «علا» دموعها براحة يدها وهذا لأنها كلما تطلب من «نرجس» احضار منديلًا لها، ترد الاخرى بقول:


"كملي بس وبعدين نشوف حوار المنديل ده"


تنهدت «علا» بتعب ولكن لم يكن التعب بجسدها بل روحها التي نجحت «شوشو» في تمزيقها اربًا بكلماتها السامة تحدثت بوهن وصوت خرج ضعيفًا:


"مش عارفة، انا فجأة حسيت ان المكان بيلف بيا ووقعت من طولي ولما فقت لقيت مراد موجود ومعاه شهد دي ولما استوعبت اللي حصل سألني وقلت له انها صحبتي وجينا نقعد شوية بس نبهت عليه ما يقولش لـ احمد عشان متخانقين انا وهو ومش عايزة الموضوع يكبر و هو وافق، ولما سألته بيعمل اي هنا قال انه كان جاي يقابل عميل برى المكتب بناءًا على طلب من العميل ده، حتى هو ماسبنيش اروح لوحدي ووصلني لحد البيت بس انا ماقدرتش ادخل وانا بالحالة دي خصوصًا و وردة موجودة وجيت على هنا"


هزت الأخرى رأسها ببطء كأنها تفكر في شيء ثم استطردت تسألها وهي تضيق من وسع عينيها:


"طب و انتِ كده ناوية تعملي اي"


ردت «علا» بقلة حيلة و انكسار:


"هعمل اي يعني، لو احمد اتصل مش هرد عليه و وردة هتجنبها لحد ما اشوف الصور بعيني و اطلب الطلاق من احمد، حتى بكره الواقفة هياجي عشان نروح نختار لبس العيد مش هروح معاه"


ضربتها «نرجس» بخفة على ذراعها مردفة بتوبيخ حتى تجعلها تتراجع عن موقفها:


"غلط كل اللي بتقولي عليه ده غلط، لو هما خانوك ما تديهمش انتِ الفرصة بقا انهم يكسروك لازم تباني عادي ولا كأن اي حاجة حصلت و تتصرفي عادي خالص و اول ما الصور دي تبقا في ايدك تروحي بيها على جدك زكريا وهو هيتصرف وده راجل عادل هيجيب لك حقك وانتِ حاطة رجل على رجل وساعتها تطلبي الطلاق بعين واسعة مش عين مكسورة زي دلوقت"


شهقت «علا» و علَ صوت بكاءها لتزفر «نرجس» الهواء مردفة بأمتعاض:


"ما خلاص خلصنا بقا يا علا، اقعدي انتِ اندبي حظك هنا وهما الاتنين اصلا ولا على بالهم، كان عندي حق اكره اي حد من عيلة المنشاوي، عيلة بنت و*** عايزة الحرق"


حاولت ان تسيطر على شهقاتها و اردفت بصعوبة تعتذر من الأخرى:


"انا اسفة يا نرجس جيت ذودت هم فوق همك بس انا دلوقت مليش غيرك احكيله"


رسمت «نرجس» قناع الحب مردفة بود زائف ناطقة ببسمة صفراء لم تعي لها «علا»:


"ما تقوليش كده، وبعدين كويس انك جيتِ و حكيت لي انا بردو صحبتك وماحدش هيخاف عليك و يحبك قدي، بس بصراحة كان في حاجة كنت عايزة اقول لك عليها بس مترددة"


رغم انها تبدو بالفعل مترددة لكن لمعت عيناها بالمكر وهي ترى لهفة «علا» تشجعها على الحديث لتقول هي:


"انا بردو كنت حاسة ان فيه حاجة بين احمد و وردة بس كدبت نفسي، نظراتهم لبعض وتغيير احمد معاك في الفترة الأخيرة وخصوصا لما هي نزلت مصر"


ها هي صفعة جديدة لتثبت لها خيانته لتقول بصوت متحشرج وعيون حمراء تشبه الدم في لونها من فرط البكاء:


"ليه يعملوا فيا كده، دول اقرب اتنين ليا ليه يأذوني بالطريقة دي؟؟ انا ماستهلش منهم الوجع ده كله...انا والله مش قادرة اصدق حاسة انه هيكون كابوس وهفوق منه بس كابوس رخم شوية "


ردت «نرجس» على حديثها لتزيد من لهيب النار بداخلها بقولها:


"لأ ياختي انتِ مش في كابوس ولا بتحلمي ده واقع ولازم تصدقي عشان تتصرفي صح، وبعدين الموضوع ده سمعنا عنه كتير و اقرب ناس ليكِ هما اللي بيطعنوك في ضهرك و بسكينة تلمة كمان، انتِ بس اللي حساسة ذيادة عن اللزوم و اهو ده جه على دماغك واحدة تانية غيرك كان زمانها بتفكر تنتقم منهم إزاي، مش تقعد تولولي كده لحد ما جابت لي صداع"


استمرت الأحاديث بينهن و اغلبها من ناحية «نرجس» التي تبخ سمها في الكلمات التي تخرجها من فمها، ترى ان هذه فرصتها المناسبة للانتقام من عائلة «المنشاوي» التي تبغضها، وكذلك لأنها لن تترك احد يفرح وهي تعيسة هكذا وها هي اتت فرصتها على طبق من ذهب لترد لـ «احمد» الصاع صاعين، وهي تتذكر محاولتها مرة ان تفسد الامور بينه وبين زوجته عندما حاولت الاتصال به وادعت انها تسأل عن رفيقتها وهي قبل ان تهاتفه كانت قد اغلقت الهاتف معها ولكن كان الهدف كله ان تخبر «احمد» ان زوجته تخرج من دون علمه لكن الاخر فهم ما ترمي إليه وحينها أعطاها درسًا لم تنساه.


و في مكانٍ اخر صعد «ادهم» السُلم و ما ان وطئت قدمه على ارض سطح منزلهم، وقعت عينيه عليها تقف بجانب السور الملتف حول أطراف السطح وفوقه المزروعات و النباتات الخضراء وكان اكثرها هو ورق النعناع الذي انتشر رائحته في المكان كالعطر الفواح صاحب الرائحة النفاذة، مع نسمات الهواء الخفيفة التي تداعب خدودهم بلطف، و اضاءة خفيفة تصدر من حبل النور الذي يحتوي على مصابيح صغيرة ملونة كان المكان اكثر من رائع ناهيك عن ارض السطح النظيفة، وعن الطاولة المستديرة ومن حولها الكراسي وفوقها لوح خشبي كبير يشبه شبكة العنكبوت مسنود على اربع عمدان من الخشب ايضًا و يغطيه نبات اخضر ملتف في دوائر حلزونية.


من يتأمل المكان فقط يجعله يشعر بالراحة و الألفة، و يرخي اعصابه المشدودة، تنهد «ادهم» بعمق ثم سحب نفسًا قويًا من الهواء النقي الذي لا يخالطه عوادم السيارات كما هواء المدينة، و ابصرها تفعل مثله على الرغم من انها لا تراه هي فقط تعطيه ظهرها، ارتفعت شفتيه ببسمة خفيفة وعندما ادرك عقله انه يبتسم وأد بسمته وعادت ملامحه جامدة، ثم اقترب من مكان وقوفها بالتحديد على الرغم من وسع المكان، وقبل ان يستمتع برائحة النعناع التي تخلخلت إلى أنفه سمعها تهتف بسخرية و تحذير:


"خلي في بالك انا جيت هنا قبلك يعني مش هتعتت من مكاني، انا بقولك اهو"


كانت ترمي بكلماتها إلى موقف سابق حدث بينهم يشبه هذا لكن مع اختلاف المكان والذي كان بشقة عمها «مصطفى» وبالتحديد داخل الشرفة حينئذ اعترض «ادهم» من وقوفها بقوله وقتها:


"ده مكاني!!"


فتح «ادهم» عينيه على وسعهما ورفع حاجبيه مندهشًا الذي ظل صامتًا قبل قوله بأستنكار:


"يابنتي هو انتِ في حد جه جمبك، ما انا واقف في حالي اهو"


وبعد جملته لم يتحدث ايًا منهم حتى قطعت «قدر» هذا الصمت الممل بقولها الهادئ:


"المكان هنا جميل اوي و مريح، انتم إزاي كده؟!"


ختمت حديثها بتسأل تعجب منه «ادهم» لكنه اردف بثبات:


"إزاي إزاي؟! مش فاهم"


"ازاي يبقا.."


اردفت بها اثناء حركتها وهي تلتف تنظر له وما ان التقت عيناها البنية بعينيه الخضراء _كما الزرع_ اصابها الارتباك و لوهلة نست ماذا كانت ستقول لكنها اردفت بتعلثم وهي تهرب من نظراته المثبتة عليها:


"إزاي يبقا عندكم الجمال ده كله و تسبوه و تروحوا الشغل او حتى تخرجوا برى انا لو مكانكم مش هعمل حاجة غير اني اقف اسقي الزرع و اضحك"


يعلم انه يجب عليه ان يغض بصره عنها _كما تربى_ لكن طريقتها في الحديث و بساطتها حتى مرحها يرغمه على النظر إليها، انتظرت هي جوابه الذي ات بقوله المنسجم:


"بس كده مش هتبقا حياة، اكيد هتملي ولازم يبقا فيه تغيير، الجمال ده موجود عشان احنا نتأمله و نفتكر عظمة الخالق مش عشان نوقف حياتنا ومانعنملش حاجة غير اننا نقف نبص عليه، و لو عينك اتعودت على الجمال ده وماشفتش غيره هتمل منه و تزهق ومش هيبقا جميل بالعكس ده هيبقا حاجة عادية فقدت قيمتها، لكن لما الحياة تطحنك و توريكِ منها 100 شكل و لون، هييجي عليكِ وقت تحتاجي تفصلي فيه، وهنا ييجي دور كل اللي انتِ شيفاه ده، عشان يبقا ليكِ مهرب من الحياة و الدنيا كلها" 


ابتسمت وهي تستمع إلى كلماته ثم نطقت بدهاء وهي تسأله على حين بغتة:


"و انت بقا جاي هنا تهرب من اي؟!"


ضحك الآخر بسخرية وهتف بأستهزاء:


"يعني سبتِ كل الرغي اللي قولته ده و مسكتِ في دي؟!"


فهمت انه لا يريد الإجابة او ربما خشت هي من الإجابة لتقول بيقين:


"اجابتك دي بتأكد اني صح، و انكَ جاي تفصل من دوشة تعباك عشان كده هسيبك تقف مع نفسك شوية وبلاش ازعجك"


و قبل ان تتحرك قدميها وتبدأ الاحتكاك بالأرض اردف هو بأندفاع يوقفها:


"لأ استني ما تمشيش.."


لا يعلم لما تفوه بذلك وهو الذي ات إلى هنا حتى يختلي بنفسه بعد ان آمر إخوته بعدم الصعود إلى الأعلى، ربما يساعده هذا على التخلص من ضجيج رأسه و زحام الأفكار التي كادت تهلكه، لكن وجودها هنا كان مريح بالنسبة له ولم يشعر بالضيق لم ينخرط اكثر في هكذا افكار و ادرك ما قاله ليقول هو مصححًا:


"قصدي يعني وجودك مش مضايقني ممكن تفضلي، ده لو حابة يعني انكِ تفضلي"


كانت نبرته هادئة على عكس الجمود الذي تعودت عليه «قدر» منه، مما جعلها تشعر بالارتباك وشعورًا اخر لم تستطع هي تمميزه لكن لا يهم، بل ما يهم انه طلب منها عدم الرحيل لتعتدل في وقفتها مرة اخرى ناطقة بتلعثم حاولت هي جاهدة ان تكون طبيعية:


"هو يعني ممكن افضل شوية انا كده كده مش ورايا حاجة و لسه الامتحانات هنكملها بعد العيد"


تحدث «ادهم» بثبات لا يليق إلا به:


"بالتوفيق ان شاء الله، انتِ في اخر سنة تقريبًا مش كده، ناوية على اي بقا لما تتخرجي"


 كانت نبرته جادة غير تلك التي استخدمها منذ قليل في طلبه منها للبقاء وهذا اثار الدهشة في نفس «قدر» التي تجاهلت هذا وردت تجيبه على سؤاله بجدية مزيفة:


"والله انا كنت ناوية لما أكبر ابقى شخصية ناجحة"


ات سؤاله المتوقع وهو يقول متغاضًا عن ذلك الصوت الذي يخبره لما هو مهتم لامرها و يكثر معها الحديث وهو المعروف عنه قلة الكلام.


"و بقيتِ شخصية ناجحة؟!!"


نفت الاخرى وهي ترسم البؤس رغم نبرتها المرحة:


"لأ كبرت بس"


ابتسم على اداءها التمثيلي ونبرة الحزن التي قالتها بها رغم علمه بأنها تمزح لتعلق وهي ترى محاولته في عدم الضحك.


"اضحك ماحدش واخد منها حاجة اخرتها اي يعني هي متر في اربعة متر"


ضم حاجبيه بأستغراب وعقب بقوله المتعجب:


"هي مش كان اسمها متر في متر بردو اصل انا مش متابع بصراحة"


تحدثت الاخرى بجدية كأنها تشرح شيء هام:


"يعني ربنا يكون موسعها علينا بأرضه الواسعة نقوم احنا مضيقنها على نفسنا مش كفاية مخنوقين في الدنيا هنبقا مخنوقين في الدنيا و الأخرى"


لم يقدر هذه المرة على منع نفسه من الضحك، حتى ادمعت عيناه بعد ان نسي ما كان يشغل باله ويعكر صفوه.


__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:خرجت من شقتهم بعد ان انتهت من اداء صلاة العشاء و من بعدها صلاة التراويح، ثم ارتدت فستان باللون الاسود ومن فوقه خمار فرنسي من نفس اللون، تتحرك بخطوات مترددة لكن يجب عليها فعل ذلك وهي تحمل الطبق الذي اهدتها إياه والدة «اسامة» وكان يحوي على بعض انواع الحلويات، دقت الجرس و انتظرت هي فتح الباب وحينها نظرت إلى الطبق الذي تحمله ويحتوي على قطع من كيك الشيكولاتة من صُنعها، بدى شهيًا للغاية، تنفست براحة فـ بالتأكيد سينال إعجابهم.


سمعت صوت القفل يفتح من الداخل لتظهر بسمتها المتوترة لكن وأدتها وهي تراه يقف امامها بملامح مقتضبة لم ينتبه هو لما تحمله ونطق بضجر:


"خير؟؟! "


لم تنفعل من رده السخيف هذا بل اتسمت بالبرود اثناء قولها:


"تعرف انه لايق عليك"


انكمش حاجبيه بتعجب بعد ان اختفى ضجره منها واردف بتسأل:


"هو اي ده اللي لايق عليا؟!!"


اجابته بنفس نبرة صوتها الباردة:


"بواب، لايق عليك تكون بواب، عشان كل ما يتفتح باب الاقيك في وشي"


رفع احد حاجبيه مغتاظًا منها ليهتف بسخرية لاذعة:


"ده من حظي لسود عشان أشوفك"


لم تهتم لحديثه الساخط هذا بل اردفت بعدم اكتراث تزيد به من استفزاز الواقف:


"طب اجري يلا يا شاطر ناديلي حد من صحاب البيت اكلمه"


وقبل ان يتفوه بشيء سمع كلاهما صوت من الداخل يقول:


"مين يا أسامة"


ابتسم بخبث وهو يرى الموقف نفسه ينعاد امامه لكن هذه المرة في صالحه اراد ان يرد لها نفس الصفعة عندما كان يقف امام عتبات شقة «ياسمين» يحادثها بغيظ بسبب سكبها للماء عليه_دون قصدها_ ثم سمعوا صوت «عماد» والدها يسألها من الطارق لتجيب هي حينها بأنه:


"ده الزبال يا بابا"


نظرت له «ياسمين» بصدمة بعدما فهمت ما يفكر به لكن اتت والدته التي جعلته يلتزم الصمت في حضورها مهللة بترحيب بعد ان علمت هوية الطارق:


"ياسمين!! اتفضلي يا حبيبتي واقفة عندك كده ليه؟ ما تتلحلح من مكانك يا اسامة واقف زي عمود الخرسانة كده ليه؟"


ابتسمت هي بخفوت كأنها انتصرت ليرمقها هو بشر ثم اضاف:


"انا اصلًا نازل، سلام"


رحل «اسامة» لتبتسم هي لوالدته بود تمد بزراعها الذي يحمل الطبق ناطقة بلطف:


"اتفضلي يا طنط دي حاجة بسيطة من عمايل ايديا"


ردت «سلوى» والدة «اسامة» تسخر منها:


"كده بتردهالي يعني، انا اديتك الطبق عشان اعرفكم ان ليكم جيران ساكنين معاكم عشان لو احتاجتكم حاجة احنا موجودين، مش عشان تكلفي نفسك و تتعبيها"


نفت هي بسرعة مردفة بتلقائية:


"لأ والله الموضوع مش كده انا بس عملت الكيكة دي وقلت لازم تدوقوا منها، وبعدين دي حاجة بسيطة مكلفتنيش ولا تعبتني، اي هتكسفي ايدي ولا اي مش الجيران لبعضيها بردو"


نطقت الجملة الاخيرة وهي تمد زراعها من جديد وهي نفس الجملة التي استخدمتها «سلوى» حتى توافق «ياسمين» التي رفضت في البداية ان تاخذ منها الطبق حينها.


التقطت منها «سلوى» الطبق بسرعة وهي تقول:


"ياخد عدوينك يا حبيبتي"


كانت تلمع عيناها بحب وهي تراها انها ستكون خير زوجة لابنها لكن تذكرت انها ترتدي خاتم 'دبلة' في اصبع يدها، عبثت ملامحها بحزن بعد ان سقطت عينيها على يدها ورأت ان الخاتم لازال موجود استفاقت من افكارها على صوت «ياسمين» وهي تستأذن منها العودة إلى شقتهم لكن ابت الآخرى وهي تقول بأصرار:


"لأ والله ما ينفع لازم تدخلي تشربي حاجة حتى عشان اعرفك على خديجة اختي و بنتي لين هي سكر كده زيك بالظبط، وما تقلقيش مافيش حد من الرجالة موجود"


ردت «ياسمين» تنفي هذه التهمة عنها وان هذا لم يكن سبب رفضها لدخول لتقول «سلوى» من جديد:


"انا خدت بالي انكِ عايشة مع والدك بس، فرصة تيجي تقعدي معانا و تتعرفي علينا بدل ما تقعدي لوحدك"


لبت «ياسمين» دعوتها وخصوصًا بعد الحاحها في الولوج، بعد عدة دقائق وبعد ان تعرفت عليهم جلست «لين» تحادثها عن دراستها و عملها بعد ان شعرت بالراحة لها خاصة ان «لين» لم يكن لديها اصدقاء كثر غير «ندى» بسبب انتقالها إلى هنا منذ فترة قريبة وكان من وسط حديثهما ان قالت «لين» ببسمة خجولة تتناسب مع شخصيتها الهادئة:


"ممكن نبقا صحاب اصل انا حبيتك اوي، بس خايفة اكون تقيلة عليكِ"


يا "«الله»" كم لطيفة هذه الفتاة، وكم هي بريئة هكذا حدثت «ياسمين» نفسها التي قالت بمزاح:


"ياخبر تقيلة اي بس ده انا جمبك ويزو، يلا هاتي رقمك عشان اسجلك"


فرحت «لين» كثيرًا بهذا، بينما على الأريكة الاخرى كان يجلس عليها «سلوى» و «خديجة» التي تبتسم من رؤيتها للفتاة تبدو جيدة ثم سمعت «ياسمين» تقول بحرج وهي تنظر إليهن:


"انا كنت عايزة اعتذر عن طريقتي معاك المرة اللي فاتت لو ضايقتك انا بس مامتي كانت لسه متوفية وماكنتش في احسن حالاتي"


الآن فهموا السر وراء ارتدئها للون الاسود بشكل دائم لتقول بعدها «سلوى» التي اخبرتها انها تتفهم الامر ومعها شقيقتها يترحمن على والدتها المتوفاة بينما «لين» تأملتها بحزن حقيقي، لاحظته «ياسمين» لتعاود الحديث معها و الانخراط في شيء اخر حتى لا تضعف امامهم و تبكي، بينما «خديجة» همست لشقيقتها ناطقة:


"بصراحة البنت ماشاء الله عليها بس..."


عادت تكمل وهي تنظر إلى الخاتم المستوطن بأصبع «ياسمين»:


"شكلها مخطوبة ربنا يتمم لها على خير باين عليها شافت كتير"


لاحظت «ياسمين» نظراتهم للخاتم و همساتهم لبعضهم البعض لتبتسم بدهاء بعد ان فهمت ما يفكروا به، هي ليست بشخص خبيث او ماكر لكن هي لديها الذكاء الكافي حتى تفهم همهماتهم تلك، التي قاطعتها «سلوى» التي تملك منها الاحباط مردفة بأندفاع لم تقدر على منع فضولها:


"آل قولي لي يا ياسمين، هو خطيبك شغال اي"


رمقتها «خديجة» بصدمة من افعال شقيقتها وانها لن تكف عما تفعله، لتبتسم «ياسمين» مردفة بهدوء اثناء حركة يدها الاخرى على الخاتم تلمسه:


"لأ انا مش مخطوبة، الدبلة دي بتاعت ماما الله يرحمها انا لابساها عشان ذكرى منها وهي كانت بتحبها اوي"


تنفست «سلوى» الصعداء ثم زفرت الهواء بقوة ناطقة بدون وعي:


"ريحتيني إلهي يريح قلبك يا شيخة"


ضمت حاجبيه بأستنكار لاحظته «خديجة» التي نطقت بسرعة:


"قصدها يعني تقول ان القعدة معاك مريحة، كل لما تكوني فاضية تعالي اقعدي معانا اي رأيك"


هزت رأسها بموافقة بأحراج، ثم اضافت «لين» بلطف:


"تسلم ايدك بجد الكيكة تحفة"


ابتسمت بخفوت ترد على مجاملتها اللطيفة تلك:


"بالهنا على قلبك يا جميلة"


__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:__:جلست «هبة» على الاريكة الموجودة في ردهة المنزل ومن فوقها نافذة تطل على الحارة الشعبية بأجوائها الرمضانية، بدأت تخرج الهاتف الجديد من علبته بحماس، نال الهاتف اعجابها وهذا لأنه افضل و احدث بكثير عن هاتفها السابق، كان الهاتف مفتوحًا وهذا لأنه لم يتم وضع رقم سري له حتى الآن، ليهتز الهاتف في يدها ويرتفع صوت رنينه يعلن عن اتصال قادم من...


"مراد و كاتب الكتاب!!" 


كان هذا قول «هبة» المستنكر وهي تقرأ اسم المتصل و الذي لم يكن غير «مراد» الذي سجل نفسه بهذا الاسم، سحبت «هبة» على الشاشة تجيبه بتعجب:


"السلام عليكم"


اتاها صوته يقول بعبث:


"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مراتي وام عيالي وحشتيني"


ردت بأندفاع:


"يابني هو انت لحقت ده انت لسه ماشي من نص ساعة ولا تكون عايز تكون اول واحد تسمع صوتي من التليفون الجديد"


انخفضت نبرة صوتها في الجملة الأخيرة بخجل، لكن جحظت عينيها من الدهشة عندما استمعت إلى قول «مراد» الساخر:


"يعني هو صوت ام كلثوم؟!!"


انقلبت ملامحها بغيظ من ردوده التي تجعلها تشعر انها على وشك الاصابة بذبحة صدرية، ثم هتفت بضيق جلي:


"وبعدين تعالى هنا من بين كل الأسماء اخترت تسجل اسمك كده، على اساس يعني كل شوية تفكرني اننا متجوزين"


اجاب هو بثقة و برود:


"لأ عشان افكر خالك اننا متجوزين يمكن يكِن شوية، اصله عارفه حشري وهياخد منك التليفون عشان يعرف انتِ هتسجليني بأيه"


اعترضت «هبة» مردفة بقوة تحذره:


"مراد لو سمحت ما تتكلمش عن خالي كده تاني"


تبدلت نبرته سريعًا وهو يهتف بمشاكسة لم تعتاد «هبة» عليها منه:


"اي ده هو القمر زعل مننا، لأ انا كده مضطر اجاي بنفسي عشان اصالحه"


ابتسمت بخفوت لكن وأدتها ثم تصنعت الضجر منه بقولها:


"تيجي فين؟ انا مش زعلانة اصلًا عشان تيجي تصالحني"


هتف هو بهدوء لكن لم يخلو من مكره:


"لأ كده شكل الحضن بتاعي مفعوله مش قوي اي رأيك نجرب حاجة تانية؟"


لم تفهم إلى ما يرمي إليه لتتسأل بجهل:


"اي هي الحاجة التانية دي؟!!"


اتسعت بسمته وهو يجيبها بمرح وخبث:


"الـبـوس، وبصراحة انا محروم وامي ماكنتش بتبوسني وانا صغير"


اغلقت الهاتف في وجهه بصدمة صبغتها الخجل، ثم سمعت اشعار يأتيها من احد تطبيقات التواصل الاجتماعي واتساب وبالطبع من يكن غيره الذي بعث رسالة كان محتواها.


"حتى و انتِ مكسوفة قمر، كده القمر هيغير عشان عندنا زيه على الأرض"


توردت وجنتيها بخجل واحتضنت الهاتف بسعادة تغمرها مع بسمتها البلهاء التي تذداد كلما يردد عقلها جملته لتعود من حالة الهيام تلك على صوت زوجة خالها وهي تقول:


"يقطع الحب و سنينه"

حمحمت «هبة» بأحراج بعد ان انتبهت لوقوف زوجة خالها التي تبتسم بخبث لمع في عينيها لكن كان مصاحب له فرحتها برؤية «هبة» سعيدة هكذا، ترنحت ثم اضافت بتوتر حاولت ان تواريه خلف سؤالها:


"عايزة حاجة مني يا مرات خالي"


لوت الاخرى شفتيها بسخرية:


"عايزك بخير يا حبيبتي، بس الباب بيخبط بقاله ساعة و انتِ هنا حاضنة التليفون تقولش هيسيبك ويجري"


ارتبكت «هبة» وتجلجت في الحديث ناطقة بتلعثم:


"لأ والله ده بــس.."


بترت «هناء» حديثها تهتف بتهكم:


"انتِ لسه هتبسبسي روحي افتحي الباب زمان اللي بيخبط خلل على الباب"


تحركت «هبة» بسرعة تهرب من نظرات «هناء» التي تشملها بدهاء، ثم اقتربت من الباب تفتحه ووجدت الطارق «وردة» التي ابتسمت بخفة مردفة بهدوء:


"ازيك يا هبة عاملة اي"


رحبت بها «هبة» بحفاوة و فرحة ومعها زوجة خالها، وبعد مرور عدة دقائق، جلست «هبة» وبجوارها «وردة» على الأريكة وبعدها دلفت «هناء» وهي تحمل صينية بها كوب عصير تضعه امام ضيفتهم، اردفت «وردة» وهي تشعر بالاحراج:


"معلش يعني لو انا جيت في وقت مش مناسب او من غير استئذان"


عبثت ملامح «هبة» بضيق توبخها على وضعها للمسافات بينهن في التعامل قائلة بنبرة غلفها الحزن:


"عيب والله ياوردة اللي بتقوليه، احنا صحاب و ده بيت صحبتك يعني تيجي في اي وقت وبراحتك، عيب يبقا في تكليف بينا كده ده احنا حتى بقينا اهل"


ايدتها «هناء» في الحديث و اضافت:


"ما تقوليش كده يا حبيبتي البيت بيتك، انتِ مش ضيفة ولا غريبة ده انتِ حتى من ريحة الحبايب ولا اي يا هبة"


ابتسمت «وردة» بخفوت وهي ترى خجل «هبة» ثم اردفت بتبرير وهدوء:


"انا مش قصدي اتعامل معاكم على أنكم غُرب بس كل اللي في الموضوع اني بكلم نعمات مش بترد عليا ودي مش من عادتها قلقتني عليها رحت لها البيت، جوزها فتح لي الباب وقال انها هنا بس حسيت ان في حاجة حكالي اللي حصل و زعلت عشانها اوي وجيت عشان اتطمن عليها وكمان اسلم عليكم وعلى الست فاطمة"


انتبه الجميع لخروج «فاطمة» من الغرفة التي بها «نعمات» بوجه حزين ومكلوم اقتربت منهن بعد ان رحبت بـ «وردة» قالت:


"ادخلي لها يابنتي يمكن ترضى تاكل من إيدك"


اومأت «وردة» وتحركت على الفور ودقت على الباب وانتظرت الرد لكن لم يأتيها لذلك اخذت نفسًا قويًا ثم زفرته على مهل و ولجت لداخل، رأتها تجلس على الفراش تضم ساقيها على صدرها وتدفن رأسها بين زراعيها المستندة على قدميها، اغلقت «وردة» الباب خلفها واقتربت منها تجلس على الفراش ناطقة بأسمها:


"نعمات!!"


رفعت رأسها ببطء تطالعها بوجه شاحب خالي من الروح وعيون ذبلت من كثرة البكاء الذي لم يتوقف او ينقطع إلا عند وقت نومها، تجمعت العبرات من جديد تهتف بأسمها بصوت ضعيف متحشرج كان اشبه للهمهمة:


"ابني ما'ت ياوردة، ما'ت حتى من قبل ما اشوفه"


وعلى حين غرة سحبتها «وردة» في أحضانها لتعلو شهقات الاخرى تنتحب بألم يعتصر فؤادها، تبكي بحسرة و قلب مفطور، كادت تصرخ من فرط القهر الذي تشعر به لكن صوتها لن يساعدها على ذلك فقد فقد صوتها بحته، اخذت «وردة» تربت على ظهرها تارة و تمسح على خصلاتها تارة، كانت تهدهده كالطفل الصغير الذي فقد والدته وهو يعلم انه لن يراها مرة اخرى.


بالعودة الى الشباب ارتفع رنين هاتف «احمد» الذي ارتبك عند رؤيته هوية المتصل لينتفض من جلسته و استأذن منهم في الخروج لرد على المكالمة رغم التوتر البادي عليه لم يكترث احد غير «سليم» الذي شعر بالربية من توتر الاخر من مجرد مكالمة، وقف ليذهب إليه ولكن قبل وصوله له منعه صوت هاتفه، زفر بضيق لكن حالما رأى هوية المتصل فرج فاهه من الفرح حيث كان المتصل.


"سالم"


وبجانب الاسم ملصق على شكل وجه يغمز بعبث، رد على المكالمة يهتف بحماس:


"سلمى بجلالة قدرها بتتصل عليا، اي رضيتنا عنا ولا اي"


كانت تأكل اظافر يدها من الندم بسبب اتصالها لكنها بررت انها يجب عليها ذلك حتى تطمئن عليه لأنها السبب فيما حدث له، طال صمتها ليقول «سليم» بسخرية:


"طب خافي على الرصيد اللي بيضيع ده، و لا عشان عاملة باقة فـهي اللي مجمدة قلبكِ"


ضحكت بخفوت ثم اردفت قائلة بحزم:


"انا بس رنيت عليك عشان كنت عايزة اطمن بس بسم الله ما شاء الله صوتك ملعلع وبتهزر كمان"


رد «سليم» بسخرية وغيظ منها:


"انتِ متأكدة انك متصلة عشان تطمني عليا مش عشان ترشقيني عين تجيب آجلي"


لم تأبه بحديثه ثم اردفت بأختصار:


"انا رنيت عليك عشان بس كنت مديري في الشغل لكن اكتر من كده لأ ماتخليش خيالك يسرح لبعيد"


اتسعت بسمته وهو يقول يشاكسها بمكر:


"وخيالي يسرح لبعيد ليه و انتِ قريبة، ده خيالي حفظك من كتر ما بفكر فيكِ"


ارادت ان تنهي المكالمة قبل ان يسترسل اكثر في مثل هذا الكلام بقولها الصارم:


"سلام يا سليم، و الحمدلله انك كويس"


اردف بثبات:


"اهربي مني براحتك يا سلمى كده كده هياجي يوم اعرف ايه اللي مخبياه عني"


خرج «احمد» من الشقة كلها فقط من اجل هذه المكالمة والتي كان من ضمن حديثها قول «احمد» :


"قالت حاجة لـ مراد"


نفت «شوشو» وهي تلوي فمها بتهكم و سخرية:


"والله ياخويا انا رميت لها البوقين لقتها وقعت من طولها، بس لأ ما تقلقش قالت لمراد اني صحبتها و نبهت عليه ما يقولكش انه شافه عشان يعني انتم متخانقين وكده، لو كانت قالت كانت الخطة باظت"


اردف بجمود:


"تمام، اقفلي انتِ و لو في حاجة جديدة هبلغك بيها"


اغلق الهاتف ونظر إلى الفراغ وعيناه تملأها الشر، ثم عاد لشقتهم من جديد، لا احد يعلم هنا من الجاني ومن المجني عليه كل الخيوط تتشابك وتتعقد الأمور اكثر لتضيف لغز جديد إلى قائمة الالغاز التي لم تُحل حتى الآن، لكن ليس بيدنا شيء غير ان نتهمل لنرى ما الذي سيحدث في... 

الفصل الثاني والاربعون من هنا


تعليقات



×