رواية وعد ريان الفصل السابع و الاربعون47 بقلم اسماء حميدة


 

رواية وعد ريان الفصل السابع و الاربعون بقلم اسماء حميدة


مراجل من الجمر مصدرها غيرة مميتة تشتعل بقلب أحدهم، تهز ثقته بحاله، وتستحضر شياطين الإنس والجن التي بعثت في روحه الغضب الممزوج بالقهر، فمن وقع لها مغرمة بغيره. 

زوجة ريان موسى الذي تتمنى أجمل نساء الأرض أن ينظر إليها تفضل رجل آخر عليه، وترفض خيانته.

زوجته وترفضه حتى لا تخن رجل آخر أي هزي هذا؟! 

بعد تدخل مصطفى للدفاع برجولة عن أنثى تهان أمامه غير عالم بالسبب لوقوع هذا الشجار المحتدم بينهما، وهو يظن أنه بسبب ما دار في بيت عم سارة. 

ولا يفقه شيئاً عن ما تفوهت به وعد من حماقات، لو قالتها همس أمامه، الله وحده يعلم ماذا كان سيكون رد فعله؟! 

بعد أن سدد مصطفى لكمة قوية بقبضته استهدفت فك ريان المشتعل غيرة وغضباً، فترك الثائر الرأس وأمسك بالذيل، وها قد وجد من يفرغ به ثورة سخطه، فهز رأسه يستعيد ثباته. 

ومن ثم كور قبضته ليرد اللكمة بقوة مضاعفة، تفادها مصطفى بدماسة وهو يصدر ساعده بطريق قبضته التي تستهدف بدورها وجه درش، يحول دون وصول قبضة الآخر إلى وجهتها. 

مستعداً لتوجيه روسية تستهدف جبهة ريان ولكن هناك صوت قوي ارتجت له جدران الدوار، ارتفعت صيحته وهو يقول بحدة ثبت إثرها طرفي النزاع:

-وجف منك ليه. 

الصوت مصدره معلوم بالنسبة لريان فهو صوت أبيه موسى نصار الذي وصل مع ماجد تواً، وقد تجمع كل من بالمنزل بما فيهم صقر وأنچيل على صوت الشجار. 
وكذلك مسعدة التي وقفت بخارج القاعة تتابع من بعيد، وصرخات الفتيات ومعهن صابحة ساعدت على تجمع تلك الجماهير الغفيرة. 

امتثل مصطفى لأمر المتحدث وهو يواليه ظهره عندما كان يستعد للهجوم، فنبرة الصوت وقوته تدل على هِرم صاحبه، وهذا ما تربى عليه مصطفى لا يصح تجاهل من هم أكبر سناً حتى لو كان هو صاحب الحق. 

ريان بخزي من الموقف ومن سيل اللوم والعتاب الذي سيلقاه من أبيه بسبب زواجه من تلك الخائنة دون علمه:

-حمد الله على السلامة يا بوي، وصلت ميتة؟! 

موسى بعتابٍ مبطن، فبالطبع لن يهن ابنه البكري أمام جميع المتواجدين رجال ونساء :

-ليه هو إنت معندكش خبر إني وصلت البلد من جيمة ساعة، وبدل ما تاچيني جاعد إهنه تتناجر إنت وهو، والحريم وجفين يتفرچوا عليكم إكده وصوتكم چايب لآخر الدنيا. 

مصطفى بتبجيل:

-يا سيدنا الباشا عاوز يمد إيده على واحدة ست وما عملش حساب لحد، بقوله عيب حتى لو مراتك عرفها غلطها بالأدب وهو راكب دماغه. 

-وأنا يا كبير لمؤاخذة في الكلمة مش هقف زي القفص واتفرج على واحد بيضرب واحدة، ده أنا أروح ألبس طرحة بقى. 

صقر بوقار، انتشت له تلك التي ترمقه بنظرات إعجاب وذلك بعد أن كادت تخرج من غرفتها بثيابها الملفتة التي كانت ترتديها بقاعتها بعد سماعها لتعالي أصوات الخلاف الذي نشب بالخارج، لولا مسعدة التي نبهتها لذلك، فارتدت الآخر عبائتها المعلقة على المشجب بجوار الفراش. 

فلو فعلتها لأصبح الشجار الزوجي بين ثنائي آخر وناهيكم عن غيرة الصقر الصعيدي الصميم. 

"على ما أعتقد كان ممكن يديها طلجة بين حواچبها تطلع من 🤔ما خبراش عاد، هسيبها لخيال القارئ عشان أنا ست محترمة🙈😂" 

صقر محاولاً السيطرة على الموقف وفض هذا التجمع ولكن قبلها سيرحب بأبو نسب الزغلول الكبير:

-حمد الله على السلامة يا حچ موسى، نورت الدوار والبلد كلتها.

بالطبع يعرفه الصقر، ولم لا؟! فهو من أوقف بحر الدماء بين العائلتين برفضه أخذ الثأر وهجرته إلى الخارج، وإن انتقده البعض وأتهمه بالجبن، فالصقر يرى موقفه هذا في منتهى العقلانية بل ويحتاج إلى الشجاعة لتنفيذه. 

فمن يقف أمام الجميع يقاوم معتقدات ثابتة أشبه بعقائد رافضاً الالتزام بها، حتى ولو نُبِذ، فهو حتماً ذو قلب جسور. 

وبالرغم من قوة وهيبة الصقر إلا أنه لن يقدم على فعلة كتلك خشية لوم من يعتبروه كبيرهم، أو اتهامه بالجبن،. 

الحج موسى بود فبالطبع هو على علم بشخص سيادة النائب صقر الزيدي:

-منورة بناسها يا صجر يا ولدي. 

ثم توجه ببصره إلى فاتنته قائلاً بنبرة لينة :

-عجولك خدي البنتة وروحوا جاعتك دلوك. 

رمته أنچيل ببسمة ساحرة، ترسل له خلسة قبلة في الهواء ونظرة تحمل الكثير من العواطف الجياشة الغير بريئة على الاطلاق. 
"اتهدي بقى الراجل جتته مش خالصة، ولا الفانز 😉" 

ولم تكتفي بذلك إنما ردت عليه قائلة بغنج:

-okey, honey

بينما الكتكوت حقها تاه بتلك النظرة الواعدة، والقبلة الطائرة باتت واقع يستشعر مذاقها، ذائبًا في عمق مشاعره وهي بين يديه، بينما تلك المغوية وجهت حديثها إلى الفتيات قائلة:

-Let's go girls

ولم تكتفي، فقبل أن تغادر القاعة مع الفتيات تصنعت عدم القصد وهي تصطدم بكتفه، ولنعد معًا بسمة وقبلة ونظرة وكتف قانوني لتنتهي تلك الجولة بفوز الضيف وخسارة صاحب الأرض (صقر) . 

وكان اللاين مان الذي يراقب عن كسب هو (ماجد) الذي نبه الكوتش والمدير الفني وهو بالطبع (الحج موسى) الذي التقط هيمنة الفرود  خاصته والمقصود هنا (أنچيل) على قيادة اللقاء ببراعة. 

ولكن من يحتاج المزيد من التدريب هو المهاجم (ريان) الذي كان على وشك إصابة مرماه بهدف يحسب عليه، هدف بنيران صديقة. 

وقف صقر يراقب بإمعان حركاتها سكناتها ايماءاتها، شاردًا بكل تفاصيلها وقلبه يتراقص على وقع خطواتها وكلما تراوده فكرة أنه دنى من وصالها، يقشعر بدنه استجابة لم تناغشه به من مقتطفات عن مسيرة حياتهما المستقبلية معًا.

الحج موسى بابتسامة خبير 
"يبدو🤔 أنه كان خاربها وهو صغير، عشان كده ريان عنده الچينات دهين من السيد الوالد، يلا أحسن ما تكون من الحجة أم ريو تبقى مصيبة؛ فهذا الشبل من تلك...🙈قصدي من ذاك الأسد🤝😂" :

-صجر. 

أين الصقر؟! 
الصقر معهم بجسده ولكن عقله وقلبه وروحه هاجرت الجسد تهفو إليها، بينما خرجت الفتيات وهي في المؤخرة
 "مش دهين لاء🙈أنا قصدي الأخيرة يعني😂" تتهادى في مشيتها وهو يحترق حتى أختفت عن مرمى بصره بنهاية ممر القاعات. 

أعاد موسى نداءه بصوت حرص على ارتفاع نبرته، حتى يفيق هذا الهائم:

-صجر!! واه إيه فيك أنت؟! 

لم ينتبه سوى على وكزت ماجد بمرفقه في ذراع المغيب، وما إن انتبه أشر إليه ماجد بعينيه قاصداً لفت انتباه إلى الحج موسى، وأخيراً نطق مجيباً برد غير متوافق، جعل ماجد ينفجر ضاحكاً متناسيًا انشغاله على من لم تظهر بالكادر الخاص بالتجمع النسائي الذي غادر القاعة توًا. 

صقر بتهتهة:

-نورتنا يا عمي. 

عدوى الضحك انتقلت إلى الحج موسي وهو يقول من بين ضحكاته، بينما من نشب بينهما الخلاف بعد تصالح يناظران بعضهما بضغينة. 

موسى:

-إيه يا صجر يا ولدي عنجضوها سلامات!! عاوزين نجعدوا ونتشاوروا في موضوع الچواز ده. 

الصقر بحرج من تعقيب موسى والضحك الذي بدى مبالغ به ولكنهما يراقبان ما غفل عنه ريان ومصطفى:

-اتفضل يا حچ نجعدوا في المكتب تحت أوسع وأروج. 

أومأ الحاج موسى بإيجاب لرأي الصقر، قائلاً لريان:

-تعالى يا ولدي عاوزك أنت كمان. 

ثم وجه حديثه إلى مصطفى فلا يصح أن يستثنيه من تلك الجلسة، إلى جانب إعجابه بشخصه ورجولته التي ظهرت باستياءه من فعلة ابنه المخجلة، فنخوة مصطفى يلقنها أبناء الصعيد لنسلهم منذ نعومة أظافرهم. 

موسى لمصطفى وهو يربت على كتفه بمودة:

-تعالى أنت كمان يا.... 

مصطفى معرفاً عن نفسه:

-مصطفى يا حج، وأبقى نسيب الباشا. 

قالها مصطفى وهو يشير إلى ريان، وبرغم ذكر لقب قبل اسمه ولكن لم يكن تفخيم بلا تجريح ساخر على ما شرع بفعله. 

لم يخفى على هذا الكهل المحنك الطريقة التي نطق بها لقب التفخيم، ولو لم يصدر من ريان ما صدر، لكن مصطفى الآن في مأزق كبير.

 فبالطبع لن يتغاضى موسى عن إهانة ولده، ونظراً لكون ريان لن يستطع تبرير موقفه، فلم يبدي أي استياء قولاً ولكنه يغل داخله كبركان على وشك الانفجار. 

موسى مستكملاً:

-تعالى يا مصطفى يا ولدي عشان توبجى شاهد على اللي عيدور في الجعدة دي بعد ربنا. 

مصطفى مربتاً على صدره استحسانا لتقدير هذا الرجل الكبير، قائلاً باحترام:

-تؤمر يا عم الناس، وكيلك ربنا. 

خرج الشباب للهبوط إلى حيث غرفة المكتب بالطابق الأول، بينما تجمعت الفتيات بقاعة أنچيل وأنيتا، وعد لصابحة:

-صبوحتي لفيني الصينية اللي حطيتها جوه. 

صابحة بتناسي، فما حدث جعلها لا تتذكر تلك الصينية المحملة بخيرات الصعيد وكرم أهله والتي أسندتها على تلك المنضدة المجاورة للباب قلب أن تنتبه إلى وجود ريان بالغرفة وصراخه عليها، فأردفت بتساؤل:

-واه صينية إيه دي؟! 

وعد وهي تلعق شفتيها بنهم:

-ايه يا صبوحة الصينية بتاعت الأكل اللي ريحتها ذكرها لسه ما خيشة في نغشيشي لغاية دلوقتي. 

جحظت أعين الفتيات وصابحة وجميعهن في نفس واحد:
-أكل "وكل" يا برودك!! 

لم تشغل بالها بانتقادهن وإنما افترشت الأرض تشيح إلى صابحة بيدها قائلة:

-روحي يا صبوحة بسرعة وتعالي عشان ما يفوتكيش حاجة من جلسة النميمة، وخبطي على أوضة الوارد الجديد خليهم ييجوا ينضموا لأولى حلقات يا نساء العالم اتحدوا، وخدي البت دهين في إيدك عشان دي تحت السن القانوني. 

قالت ذلك وهي تشير إلى أنيتا التي لن تصمت مثلما تقف الأخريات جاحظات الأعين بأفواه فاغرة، أنيتا بردح:

-إيه فيكي يا مفچوعة إنتي؟! بجى بالذمة چيلك نفس تطفحي والدوار كلاته اتلم على حسك وخليتي الچدعين كانوا هيجطعوا بعض من تحت چرايرك؟! 

-آني ما هطلعش من إهنه جبل ما اعرف عملتي إيه لريو خلتيه كيف التور الهايچ إكده؟! انطوجي يا مرة إنتي جبل ما أطفحك اللي لسه عتكليه؟! 
"مين دهين يا جودعان 🤔بقى أغفل عنها بارت أرجع ألقيها كدهون 😂" 

تحولت النظرات الجاحظة لتُصوَّب جهة أنيتا، وكلهن وكأن على رؤسهن الطير، بينما عادت وعد لمخاطبة صابحة قائلة :

-يله يا بوحة انجزي. 

هرولت صابحة لتنفذ ما قالته وعد، طارقة على باب الغرفة المجاورة قبل الذهاب إلى القاعة الأخرى حيث تركت حامل الطعام، فأجابتها تحية من خلف الباب، ملبية الطارق:

-ايوه حاضر. 

فتحت تحية باب الغرفة لتشرأب صابحة على أطراف أصابعها محاولة بفضول استكشاف ما يدور بالداخل، فأخذت تحية تضيق الخناق عليها محجمة تلك الفضولية بمواربة باب الغرفة، تسألها بتشدق:

-خير يا ست صابحة!! فيه حاجة؟! 

صابحة بضجر فقد حالت تحية دون إشباع فضولها المرضي قائلة باقتضاب :

-إيوه الست وعد عاوزاكم، هي جاعدة في الجاعة اللي چاركم دهي. 

قالتها مشيرة إلى الباب المفتوح بجوار تلك الغرفة. 

تحية بفتور:

-حاضر يا حبيبتشي روحي أنتي وإحنا هنحصلك.

ومن ثم أغلقت الباب بوجهها، والأخرى تتشدق لاوية ثغرها تتوجه إلى القاعة، لتحضر صينية الطعام وهي تتمتم بحنق:

-شوفوا المرة البومة جال بتجفل الباب في خلجتي جال، إلهي يتجفل في وشك باب الجصر العيني يا باعيدة، وأنت متشطحة على ضهرك. 
"ياي لوكل أوي😂" 

بينما نظرت وعد إلى مسعدة قائلة:

-وأنت تبقي مين يا شابة؟! ما تكشفي وشك خلينا نتعرف مفيش شوباب هنا، الشوباب كلهم تحت في مجلس الأمة. 

أجابت مسعدة بصوت رقيق بلكنة قاهرية كما تعلمتها من ملك صديقتها، تحاول تدريب نفسها على التحدث بها حتى يعتاد عليها لسانها، وهي ترفع بيدها برقع وجهها:

-أنا مسعدة أخت همام. 

استدارت أعين وعد بمحجريها وهي تنظر إلى مسعدة صاحبة الوجه البشوش بملامحها الجميلة وبشرتها البيضاء على نقيض أخيها همام، قائلة بعدم تصديق:

-همام مين؟! 

وأخذت تجسد بيدها أبعاد جسمه وهي توصفه بتهويل وكأنه مارد المصباح، قائلة:

-همام!! همام!! 

أومأت مسعدة بالإيجاب وهي تبتسم على تلقائية وعد فهي برغم اندفاعها، ولكن شخصيتها تشبه إلى حد كبير منصها، فكلاهما يتصرف على سجيته، ومن ثم استكملت وعد قائلة:

-بتهزري صح. 

مسعدة بضحكة رقيقة:

-لاه يا جلبي، آني مسعدة خيته لهمام. 

قالتها مسعدة وهي تجسد شكل ذلك العملاق الذي شخصته وعد تواً. 

وعد ضاحكة بهيستيريا وهي تصفق بيديها في استحسان، قائلة من بين ضحكاتها، وهي تشير إلى أنجيل :

-وخُط الصعيد حجها مفكر أنه كده بيكدر الدكتور منصور، دي بيضاله في القفص ابن المحظوظة. 

ابتسمت مسعدة، قائلة بمجاراة :

-وهو كمان مفكر زيك كده. 

بينما تشرست ملامح كلا من أنچيل وأنيتا، وكانت أولهما رداً أنچيل قائلة باستهجان:

-واه ما لك ومال الكتكوت حجي، يعمل اللي هو عاوزه على كيف كيفه؟! 

بينما ردت أنيتا بهجوم، وهي تقترب قابضة على ملابسها من الخلف، كما يفعل ريان قائلة:

-أنت چنس ملتك إيه؟! جاعدة تتريجي وتتمجلتي، ما لكيش صالح بأبوي. 

وعد بشراسة طفولية وهي تمسك بتلابيبها :

-إنتي يا بت، نزلي إيدك. 

أنيتا بعناد :

-ده آني هطبج في زمارة رجبتك، ومعسبهاش غير وهي في يدي. 

أنچيل متدخلة، بهجوم:

-وبعدين وياكي سيبي بتي؟! 

وعد بأعين جاحظة وهي تهب واقفة من جلستها أرضًا نافضة بحدة يد تلك المرأة بهيئة طفلة، مشيحة بيدها في وجه أنچيل وابنتها:

-إنتي حولة ده بدل ما تلمي بنتك بتزعقيلي أنا. 

ضربت أنيتا الأرض بقدمها وهي تندفع كالطلقة خارجة من باب الغرفة وهي تقول بتهديد :

-آني نازلة لأبوي ياچي يشوف صرفة مع مجصوفة الرجبة دي. 

انطلقت أنچيل لتلحق بابنتها، فقد أوصاها الصقر بأصطحاب الجميع إلى قاعتها، من أجل ذلك الاجتماع الخاص بالرجال، حتى أنه لم تسنح لها الفرصة للترحيب بموسي الذي تعتبره والدها وولي أمرها، وهي تنادي أنيتا ولكن الأخرى استكملت طريقها بلا توقف حيث غرفة المكتب بالأسفل. 

أما بالأسفل بعد أن هبط محمد بعد طرق صابحة لباب الغرفة متوجهاً إلى حيث الشباب بعد أن تقابل مع صابحة في ممر الغرف وسألها عن سيادة النائب وباقي الموجودين. 

وأرشدته إلى حيث مكان تجمعهم، فهبط متهرباً من نظرات الاتهام لها وله، قاصداٌ الصقر الذي التمس فيه الهيبة والوقار ونفاذ الأمر ليناقش معهما سيتم بشأن كتب الكتاب وحتى يوضح له وللجميع الصورة كاملة، ودوافعه ليلجأ إلى تلك الحيلة حفاظاً عليها وعلى حبها الذي نمى في قلبه منذ الصغر ولم يتفهم ماهية شعوره بها إلا بعد أن أحس بإمكانية فقدها. 

وذلك لما استشعره من سوء نية عمها ووالده ، وسيقر بخطأه ويتعلل بتلك الأسباب و الدوافع الواهية وسيبرأها ويبرأ حاله من تلك الوصمة معلناً امتثاله لأي حكم يراه كبير البلد تكفيرٌا على إدعاءه البطل هذا. 

فهو مستعداً لفعل أي شيء وكل شيء من أجلها وسيخضع لأي حكم، غير أن يتركها أو أن تصبح لغيره. 

طرق محمد باب المكتب، فأمر الصقر بدخول الطارق، فولج محمد إلى الغرفة منكس رأسه بخزي، قائلاً :

-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

بعد أن رد الجميع السلام، وجه محمد حديثه إلى الصقر :

-ممكن كلمتين على انفراد يا سيادة النائب. 

الصقر بعد أن استأذن من كبير تلك الجلسة سناً وهو الحج موسى نصار، صقر لموسى:

-لمؤخذاة يا حچ موسى، هشوف المشكلة دي وهعاود طوالي . 

موسى :

-خير ان شاء الله، كل مشكلة وليها حل. 

بعد أن رأى محمد توقير صقر لهذا الكهل، وتوسم به العقل والسماحة قرر الاستعانة به، فما رأه من حماس ورعونة الصقر في بيت سامح جعله يتراجع عن مصارحته سراً.

 وكذلك وجود مصطفى بحنكته ونباهته قد ينقذ الموقف إذا ما تعنت الصقر وتعسف في قراراته. 

محمد باحترام ونبرة صوت يشوبها اليأس:

-مشكلتي كبيرة أوي يا باشا، وشكلها بتتعقد وملهاش حل. 

الحج موسى بدعم:
-استغفر ربك يا ولدي، الاستغفار بيرفع الكرب. 

محمد بخشوع :

-استغفرك ربي وأتوب إليك. 

موسى :

-تعالى يا ولدي أجعد ونشوفه حكايتك إيه أنت التاني ده لو حابب تحكي، يمكن تلجى عيندي حل للمشكلة اللي أنت محتار فيها دي، ثم أكمل موجهاً حديثه للصقر، فبالأخير هم ضيوفا ببيته :

-ده لو مكنش فيها حرچ أو مضايجة ليك يا صجر يا ولدي. 

محمد بلهفة:

-ياريت يا باشا، ده بعد إذن صقر باشا طبعاً. 

صقر بامتثال ما دام صاحب المشكلة لم يمانع:

-اتفضل يا أستاذ محمد، وربك يوچد الحل من عينده. 

تقدم محمد إلى الداخل غير عابئ بغلق الباب الذي واربه خلفه، بينما تحمحم موسى يجلي صوته، مستهلاً تلك الجلسة بسؤاله الذي وجهه إلى كلاً من صقر وريان وماجد :

-ممكن تفهموني إيه اللي حوصل من  وراي وإيه الجصة بتاعت الچواز اللي چيه فچأة ده؟! 

ريان بتمويه آخذًا مجرى الحديث بعيدًا عن زواجه بتلك الكارثة التي حلت عليه دون علم أو سابق إنذار لتستوطن قلبه ومن ثم يلقى القهر والخذلان، قائلاً :

-يا بوي آني لجيت عقد چواز على سنة الله ورسوله بين رضوان الله يرحمه وسوسن الزيدي بت عم صجر، وطبعاً بعد الجصة الجديمة خمنت ان ده حوصل من غير علم أهلها. 

اتدليت مصر عشان اتوكد من الموضوع ده بذات نفسي، وأشوف إذا كان أخوي الله يرحمه عنديه ولاد منيها ولا لاه؟! 

ولم اتجبلت آني وصجر عرفت إن الچواز تم بدون علمه لا هو ولا حدى من أهلها، وأنت خابر موضوع زي ده ممكن يفتح نار ويحيي جصة التار من چديد. 

أومأ موسى هازًا رأسه كعلامة تفكير ومن ثم وجه حديثه للصجر باستفسار مزعوم فالقصة وما فيها من مبتدأها إلى خبرها هو على علم بها:

-ولدي الله يرحمه عينديه عيال من بتكوا. 

الصقر بحرج قائلاً باقتضاب :

-لاه يا حج. 

ريان مستكملاً:

-وطبعاً وما كانش فيه حل غير إن واحد منينا آني أو ماچد يتچوز بت عم صجر، ونخلصوا منيه الحوار ده ونجفلوا على اللي كان. 

موسى بخبث محبب:

-ده بالنسبة لچوازة ماچد، لكن إيه اللي خلاك ترمي خيتك في الجصة دي، ذنبها إيه هي في اللي كان، الچوازة دي لازمن تنتهي، أنچيل ما لهاش صالح. 

تولى الصقر الإجابة عن هذا السؤال تزامناً مع اقتراب أنچيل وأنيتا اللتان تسمرت قدميهما أرضاً لما قاله الصقر:

-كيف ده؟! وإزاي ملهاش صالح؟! وآني إيش ضمني أن ولدكم مش هيهين بتنا ويغدر بيها، وهو مغصوب على الچوازة دي. 

-بتكم جصاد بتنا واللي هيصير على لحمنا يصير على اللي منيكم. 

موسى باستدراج:

-تجصد أن چوازك من أنچيل ضمان لبت عمك مش أكتر؟! 

الصقر باندفاع أدى إلى تحطيم قلب من تستمع بالخارج لما يدور بالداخل، فالباب موارب يحجب رؤيته لها، ولكن لم يحجب وصول تصريحه الأخير إليها، وهو يقول:

-تجدر تعتبرها إكده. 
Boom
وما إن استمعت إلى ما لفظه بقسوة وقد اعتقدت أنه تزوجها لشخصها وقد أحبها كما عشقته من أول نظرة لحظة اصطدامها بسيارته، حتى هرعت مسرعة تبتعد عن المكان ، صاعدة وهي تسحب أنيتا خلفها إلى حيث القاعة عازمة على إنهاء تلك المهزلة. 

فهي لن تعيد تجربة زواجها الفاشلة لتلقي بحالها إلى زوج يتفنن في إهانتها أو تعيش في كنفه مثلها كمثل سند ضمان لاستقرار حياة أخرى. 

وذلك برغم علمها بأن ماجد على خلق ولن يؤذي ابنة عمه قط ولكنه بتصريحه هذا قد جرح أنوثتها وكبريائها بعد أن رسمت وحلمت لحياتها السعيدة مع شخص كصقر سيحبها ويحتويها ويعوضها عما عايشته سابقاً من جرح وألم. 
وبكده عرفنا ليه الصقر لن يوفق في ليلة الزفاف😏
#قادمون_وبقوة 
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1