رواية وعد ريان الفصل الثامن و الاربعون بقلم اسماء حميدة
بعد اندفع الصقر وجرحه لها هرعت إلى غرفتها وسط تجمع الحشود، وقد انضمت إليهن تحية وفتحية وهناء.
وها قد جاءت إليهن صابحة وبيدها حامل الطعام وتلك التي تحمل قدر من اللامبالاة والثبات الانفعالي تحسد عليه تلعق شفاهها بلسانها في نهم وجوع، وأعين بعضهن توجهت إلى غنيمتها بعد أن مالت صابحة بجذعها تضع ما بيدها أرضا أمامها، وأولى المتربصات بالغنيمة هي شقها الثاني همس.
استقامت بجذعها، تزجرهن بعينيها، قائلة بلكنة سوقية:
-اللي هتمد ايدها هفلقها نصين.
وفجأة اندفعت أنچيل من باب الغرفة كالطلقة، وخلفها النسخة المصغرة لكلا من ريا وسكينة في مزيج مزدوج يصب ببئر واحد.
"شامبو وبلسم 2×1😂".
وعندما رأت الغيوم المرسومة على ملامح وجهيهما، عقبت قائلة بتراجع:
-ما عدا آني حبيبة قلبي.
رمقتها أنيتا بنظرة استخفاف، ومن ثم تبعت والدتها، التي شبت على أطراف أصابع أقدامها بعد أن فتحت باب حاوية الملابس تلتقط حقيبة يدها تفتحها لتتأكد من جواز سفرها ومن ثم أغلقتها بعصبية تلقيها بإهمال على التخت، ووالتها بقطع الثياب التي كانت بحقيبتها القادمة بها إلى هنا تستثني تلك الملابس التي اشترتها بماله من الدلالة التي أرسلها إليها قبل عقد القران.
وهي تحاول منع الدموع التي مسحت آثارها قبل قدومها إلى هنا من التساقط مرةً أخرى.
توجهت أبصرهن إليها، والعصبية المفرطة التي عليها الآن لا تبشر بخير فتقدمت تلك المصيبة منها، تقصدها بالحديث، قائلة :
-مالك يا أنچيل؟! كل ده عشان هزرت مع أنيتا؟! ولا أنت كمان واخدة مني موقف عشان زعلت ريان؟!
وكأنها كانت بحاجة إلى من ينكشها حتى تبدأ بالنحيب من جديد وتلك المرة بانهيار أدمى قلوب من بالغرفة جميعهن من يعرفها ومن لا يعرفها.
اقتربت كلا من وعد ومسعدة وقد جذبتها وعد بين أحضانها، تربت على ظهرها بتعاطف، تتساءل باهتمام :
-إيه، فيه إيه؟! إيه اللي حصل لكل ده؟!
أنجيل بنبرة صوت مختنقة إثر نوبة البكاء التي سيطرت عليها وكسرة قلبها التي استمعت إلى صوت تهشم جدرانه بداخلها:
-حوصل كتير يا وعد، آني خابرة إني مليش بخت ويا الرچالة، آني لازمن أمشي من إهنه.
أبعدتها وعد من بين أحضانها ترمقها بنظرات مستهجنة، قائلة بنبرة ساخطة وصوت عال نسبياً :
-تصدقي وتؤمني بالله أنت ست جاحدة.
"وأنا كمان اتفق معاكي يا دودتها الوالية دهين مش وش نعمة😂ده آني منجيلها حتة خام بكرتونتها ما أضربش فيها مفك🤣🤣"
-بقى صقر بيه باشا زينة شباب النجع والنجوع المجاورة واقع في دبديبك وتقولي ملكيش حظ مع الرجالة؟!
-أنت كدهون تبقي بتكفري بنعمة ربنا، ده الواد مز مزمزة طول بعرض بحلاوة يخربيت جمال أمه.
" حصل وربونا يا أخت وعد 🤝😂، بس خيشي عشان أنت مش ناقصة 🤣🤣"
وفجأة استمعت إلى شهقات كل من بالغرفة، فاستدارت، لترى ما في الأمر وما كادت تفعل حتى تدلى فكها السفلي وقد قارب على ملامسة الأرض وآخر ما نطق به لسانها :
-ألبس🙃 هو أنا لو قولتلك أني ما أقصدش اللي قولته حرفياً عتصدقني🤔 أنا لو منك ما أصدقش😔.
و قبل أن تكمل جملتها كان من أمره والده بالصعود إلى عروسته ليطيب خاطرها، قد اندفع ينقض عليها كأسد وجد شاه شاردة عن القطيع وفي غفلة من الراعي، وهو بالأساس قد صعد امتثالا لأمر والده ولم يكن ليصالحها بل جاء ليؤكد على اتفاقهما السابق بإتمام الزواج أمام الجميع بشكل صوري.
فليس ريان نصار من يبقي على ذمته من تكن لغيره مشاعر ولو إعجاب فما بالكم بتصريحها بعشقها لآخر.
حتى ولو كان قد أحبها فكرامته وكبرياءه أبدى عنده من امتلاك جسدها وقلبها مع غيره.
وقبل أن تطالها يده التي استهدفت خصلات شعرها، وجد كلا من همس وتحية تقفان كحائل بينه وبينها.
فصرخ بهما بصوت جهوري وهو يجز على أنيابه، يزأر بغل وللحق بعد هيئته تلك كادت كلا من الداعمتين أن تبول على حالها.
-بعدي يا مرة أنتي وياها، آني ما عاوزش أمد يدي على واحدة منيكم، إنما جليلة الرباية دي ما عيعتجهاش من يدي ملاك منزل.
همس باستهجان بعد تعقيبه بلفظ معيب لدى القاهريين وهو "مرة" ، قائلة بحنق :
-hey, you!! Watch your langue,
?! Are you crasy
"هاااي، أنت، انتبه لحديثك، هل أنت مجنون؟!
أما المختبئة خلفهما، وكزتها في ظهرها تقول بعد أن لطمت خدها إثر تعقيبها على حديث من بدأت ملامحه في التحول وقد بدى وكأنه تنين على وشك أن ينفث نيران من فمه:
-الله يخربيتك، مش لما تواتشي"watch" أنتي اللي بتقوليه الأول, ده هيطلع ده كله عليا أنا.
ريان بغضب مستعر :
-آني مش عتحدت إمعاكي ليكي راچل يترد عليه، لكن الهديرة دي معيربيهاش غير علجة تتوب وتصلي عليها.
وعد بمشاكسة مسبلة جفونها ببراءة مصطنعة :
-أخص عليك يا ريو، أهون عليك يا قاسي؟!
ريان بشفاه مزمومة وقد تعالت وتيرة تنفسه بغضب من تلك المغيظة غير المبالية على الإطلاق للنيران التي تنهش ألسنتها قلبه وروحه فهي تمدح وتثني على جميع الرجال، وعنده تأخذه إلى أعالي قمم الخيال ومن ثم تقذف به إلى الهاوية كما فعلت منذ قليل وقد ظن أنها وقعت في شباك هواه وبعدها أغدقت عليه جردل ماء بارد وهي تخبره بعشقها لآخر.
ريان من بين أسنانه قائلاً بفحيح:
-إنتي چنس ملتك إيه يا بعيدة، ده آني عكسرلك ضبك ده ولفعك بلسانك اللي عاوز جطعه وجعتك أمهببة وتناكي طين!!
وعد بأهداب مسبلة :
-ما لك بس يا بيبي؟! أنت على طول نرڤز كده؟! وكل ما أطلب منك حاجة تتحجج أنك مش في المود ما أنت اللي مش مراعي مشاعيري كأنثى في ريعان شبابها!!
"أحيه 🤔وربونا عيدفنك مكانك😂وبعدين تجصدي إيه بحديتك الماسخ ده🤗يكونشي تجصدي 😉"
جحظت عيناه مما تقذفه به بالباطل وقد بدأت المتابعات بالنظر إليه بنظرات استهزاء ومنهن من أطرقت رأسها بخجل لما تحمله كلماتها من معان تلمح إلى كونه غير مؤهل للقيام بواجباته الزوجية!! 🤣🤣
وهنا لما يتمكن من التزام قواعد اللباقة والأدب وإنما أطاح بهمس وتحية وذلك عندما اخترقت يداه الفراغ من بين رأسيهما يقبض على مقدمة ثوبها ينتزعها من بينهما
فتعالت أصوات صرخات الفزع من أفواههما وحذت كل من بالغرفة حذوهما، وهمس تحول جذبها إليها من ذراعها القريب منها.
ولكن قبضته قد استماتت على ثياب بلوة حياته وأبى تركها، حتى تجمهر من بالأسفل على صوت صرخات النساء بالأعلى وذلك في ثاني تجمع على شرف هذا الثاني المثير للمشاكل يحطمان الرقم القياسي في أعلى حلقات النكد الزوجي منذ أن عرف هذا النظام المحدد للعلاقات المشتركة بين ثنائيان.
بينما من صعدت لتلملم ثيابها هي وابنتها لم تعبأ بما يدور، جل ما تريده الآن هو الرحيل من هنا، فقد تملكتها رهبة من تكرار مأساتها الأولى وتلك المرة ابنتها ستدفع الثمن معها نتيجة اختيارها السيء مرةً أخرى.
"سيء مين أبت 🤔ده أبو الصقور يا بنت الدزمة🙄صبرك طه🤫وربونا لا أخليه ينفضك، ماشوفتيهوش غير في الحونين جبلي بجى الكتكوت حجك لمن يجلب ديناصور🤣🤣"
بينما أسرع مصطفى وصقر وماجد ليروا ماذا يدور وقد رن صوت الجلبة ليفزع كل من في البيت حتى سوسن هبت من مرقدها لترى ماذا هناك.
بينما لم يتزحزح محمد من جوار الحج موسى بعد أن اطمئن أن هذا الصياح مصدره ريان وبقى هنا ليجد له داعم ومستشار لم فعل وما يريد أن يفعل.
بالأعلى حيث مسرح مصر، دخل مصطفى مسرعا ليجد همسه متعلقة بذراع أختها من ناحية وريان ممسك بتلابيب وعد من الناحية الأخرى.
فهز مصطفى رأسه يمينا ويسارا بيأس من تصرفات هذا الأرعن من وجهة نظره فهو لا يعلم ماذا قالت أو ماذا فعلت الأخرى!!
فهو وإن علم سيتركه يتصرف كما يحلو له، بينما اتسعت حدقتي ماجد مما يراه أمامه، فتلك أول مرة يجد فيها ابن عمه على تلك الحالة وقد تلبسته شياطين الأرض وما تحتها أجمعهم.
وكزه مصطفى بذراعه، قائلاً وهو يلوي ثغره بضجر مشيحا إليه بيده في اتجاه ريان :
-ما تشوف يا عم ماجد واد عمك، أنا لو أدخلت المرة دي عتبقى مدعكة.
ماجد ضاربا كف بآخر :
-استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، آني ما خبرش إيه فيه النهاردة؟!
مصطفى زافرا بضجر :
-يا عم أخلص أنت لسه هتتعجب، البت هتخلص في إيده.
أسرع ماجد محاولاً إزاحة يده عنها ولكن بات هذا مستحيل إلا إذا اجتسها هي من بين أصابعه القابضة بقوة على ثيابها كاللص المقبوض عليه بشيلته وقد تجمهر حوله الجميع، وبالطبع ذلك يتوجب على ماجد أبعدها هي عنه وهذا يتطلب ملامستها وتلك الطريقة لا يحبذها ماجد على الإطلاق، فأخذ قرارا بأنه لن يلمسها.
بل وقف وراءه يحاول تكبيل كلا ذراعيه من الخلف، وهو يصيح به :
-ما تعجل يا ريان؟! إيه چرالك إنت؟! چنيت إياك؟!
نفض ريان ذراعيه من بين يدي الآخر، وهو يزجره قائلاً :
-ماااااچد بعد إنت، ملكيش صالح بالحزينة دي، الله في سماه عدفنها موطرح ما هي واجفة.
ماجد وقد زاده إصرار الآخر عجبا :
-ما تهدى يا واد عمي الله يرضى عليك، عتركبنا العار، إيه عيملت عشان تعمل فيها إكده؟!
تصلب جسد ريان ولازال ممسك بها، وعيناه كماسح ضوئي لكل من بالغرفة ملاحظا همساتهن وسخريتهن التي تلوح بمقلتيهن جراء سؤال ماجد.
وتلك الواقفة أمامه في موقف لا تحسد عليه تبتسم بخبث بزاوية فمها، وعيناها ترمقه بتحد للمرة الثانية أقصد بالخناقة الثانية على أن يفصح أمامهم عن سبب احتدام ثورته عليها، فكيف سيقول أن زوجته تشكو تقصيره بحقها.
تبا بالطبع لن ينطقها😂😂
بينما دخل الصقر بكل وقار خلفهما وهو يقول بقوة انتبه لها كل من في الغرفة ما عدا هذا الفرس الذي لم يستطع أحد كبح جماحه.
وذلك بعد أن تحمحم بصوت عالي حتى تتخذ النساء بالغرفة حظرهن وإن كانت إحداهن على راحتها أو بدون حجاب، تكن لها كإشارة لتضع غطاء رأسها.
صقر :
-إيه فيه يا ريان؟! مالك من صباحية ربنا وأنت بتخانج دبان وشك؟! حتى لو فيه حاچة مضايجاك ذنبها إيه المسكينة دي تهب فيها كل ساعة والتانية؟!
-استهدى بالله يا راچل مش إكده!!
قال جملته وأنچيل قد أنهت ما تفعله، ومن ثم سحبت ابنتها في يديها تمر من أمامه بالحقيبة في اليد الآخر وكأنه هواء لا تراه.
صقر وقد لمح تلك الحقيبة ونظرة أنيتا التي يملأها الحزن والخيبة ودموع حبيبته أنچيل التي تكافح لحبسها كل هذا أنبأه أنها تنوي الرحيل بلا عودة، فترك ما عليه ريان وانصرف بنظره إليها قائلاً بصوت جهوري غاضب:
-وجفي عندك!! رايحة فين إنتي؟! هي وكالة من غير بواب؟!
أوبا ألبس يا معلم عشان خارجين