رواية غارقه فى بحر النسيان الفصل الثاني بقلم ساره عادل
#غارقه_في_بحر_النسيان
#بارت_2
آسفه على التأخير بسبب ظروف صحيه.
"إنه لأمرٌ صعب، صعب جدًا، أن يحارب الإنسان شعوره".💔
لا أعرف كيف حافظت على هدؤ أعصابي وارتجافي
كي ابدو بهذا الثبات أمام ميس وأنا أخبرها بوجوب عودتي إلى البيت ،ايدتني بتحريك رأسها مؤيده دون اعتراض بعكس ما تخيلت ونظرت لي نظرة أصابتني في الصميم ،وكانما لسان حالها يقول:
_ أنتي من جلب هذا لنفسه .
هل بات ما أشعر به يفضحني ؟ لم استطيع التحديق في عينيها كثيراً،سحبت نظراتي عنها ،خشية أن تنهار دفاعاتي وأبكي أمامها .
توقعت أن أتلقى منها بعض التوبيخ وان تلومني مثلما فعلت معي اول مجيئي ولا أظن بأني سأتحمل ان تجرأت وفاتحتني في الأمر ،أشعر بأني على صفيح ساخن.
طال سكوتها و لم تتحدث كلانا بعد ذلك خرجت من سكات وتركتني .
خلال الظهيره انتظرت إلى أن نامت الفتاتين دخلت إلى مهدهما انحنيت وقبلتهما بهدؤ كي لا اوقظهما، كانتا نائمتين بعمق وجوان كانت تحتضن ليليان، تحيطها بذراعيها، فتمنيت لو أنني أحضرت الكاميرا معي لكنت قد التقطت لهما الكثير من الصور وهما على هذه الوضعية.
هاتان الصغيرتان تأسرانني، جلست على قدمي أشبع عيناي منهما وألمس على شعر جوان وشردت في صفاء بشرتهما ونعومتها، كل الجروح تطيب وتشفى بوجود مثل هولاء المخلوقات اللطيفه، انحنيت مرة أخرى ونثرت هذه المرة قبلات خفيفه ،سأفتقدهما أشعر بأنهما جزء من روحي، ودون إدراك تساقطت عبراتي على خدي، وتسارعت أنفاسي حتى شعرت بإشتعال وجهي وتوهجه، ما هذا هل سأبكي الآن؟
نهضت سريعاً وقمت عن قربهما ،ثم خرجت وأنا
امسحها كي لا تراني ميس وتسيء فهمي .
وقفت وراء الباب لوقتاً طويل إلى أن استجمعت أنفاسي ثم عدت للغرفة المخصصة لي غسلت وجهي وخرجت في نفس اللحظة التي ظهرت فيها ميس كنت قد طلبت منها أن تحجز لي سيارة أجره قبلاً، اعلمتني بوصولها ،وكنت قد أحضرت جميع حاجياتي وبالقرب من الباب عانقتني :
_سنشتاق لكي...زوريني متى ما سنحت لك الفرصة
تعلمين أن خروجي صعب برفقة الفتاتين خصوصاً
وأنا حامل بشهري الرابع.
قالت وهي تمسك بيدي
ابتسمت لها وكنت قد تناسيت أنها حامل مجدداً
بسبب التؤمين.
حسنا ميس لا تجهدي نفسك وقبلي الفتاتين وأخبريهما بأنني سأعود.
انتهى الحديث وعدت بالسيارة، تائهة وحيدة
ضائعه وصلت خلال ساعتين فمنزل ميس يقع
جنوب العاصمه ، وبيتنا في وسطها.
ترددت قبل دخولي المنزل ،وعقلي يصور لي وجود علاء ، تخيلت ظهوره فجاة،وهو يقف على عتبة الباب متكاءا بكتفه على إطاره، نظراته العميقه،ابتسامته الساحرة، صوته وهو يناديني !! لكن المنزل كان كما تركته، ما اصعب الغياب والغراق !!.
حاولت تشتيت عقلي ، تركت الحقيبه جانباً ،وباشرت بحملة نظافة فوريه فقد بدى لي أن البيت في حاجة إلى ذلك ، فثمة بعض الغبار على الأرضية وعلى الصفرة، وبقية الأثاث.
ربما الأمر لا يستحق وأنني اتعزر بأي شيء كي ابقى مشغولة وألهي عقلي البليد عن التفكير في أمور خارجه عن السيطرة، استغرقت مني الحملة ما تبقى من نهار وحالما انتهيت كان الوقت قد شارف على المغيب ، قصدت غرفتي وبحثت عن الهاتف تفقدته على أمل أن أجد مكالمة من علاء ولكن! مجدداً ولخيبتي ،كل المحادثات كانت من ميس وأمي أيضاً .
أعدت الهاتف سأعاود الإتصال بهن لاحقاً .
ذهبت إلى الخذانه أخرجت بعض الملابس وتوجهت نحو الحمام ،الماء الدافئ أنعش جسدي واراحه قليلاً ،فشعرت بأني أفضل حالاً.
لم أشعر بالجوع ابدا فاعددت لنفسي كوب شاي وجلست في غرفة الجلوس احتسيه،لم أنسى مهاتفت ميس،فأعدت الاتصال بها لم ترد على مكالمتي فتركت لها مسج ،وأخبرتها أنني على خير ما يرام.
أمي لم أرغب في محادثتها الآن، ستسأل عن أحوالي وعن علاء وستفضحني نبرت صوتي ، فأجلت الأمر إلى صباح الغد.
لا أعرف كيف ومتى غفيت لكنني صحوت على أثر حلماً مزعج ،كانت الغرفه غارقة في الظلام وساخنه جداً ،وكنت اتصبب عرقاً، نمت دون أن أشغل التكييف ،تحسست هاتفي ،نظرت للوقت أشارت الساعة إلى الثامنه مساءاً، يا إلهي كيف نمت كل هذا الوقت؟
نهضت أشعلت الإنارة وتوجهت لغرفتي، اضأتها
وذهبت إلى خذانتي شيء ما دفعني لأخرج ألبوم الصور وقلبت فيه، صور زفافنا، وصوري ، علاء عندما كان شاباً ، وصور لجوان وليليان وهما رضيعتان ثم صورة لإياد، وتالا.
عندما طلبني علاء للزواج تزمان ذلك مع عشقي للأطفال ,كنت أفكر في كيفية شعور المرآة المتزوجه من رجل سبق له الزواج ولديه أطفال! أردت تجربة إحساس مختلف ،وطريقة التعامل مع تلك الأحاسيس ، ووسط رفض
عائلتي للفكرة تماماً ذاد إصراري.
حين ذاك كنت أعمل في مجال"التصوير الفوتوغرافي" واقوم بالتقاط صوراً للأطفال في المنازل.
وصادف أن قمت بتصوير إياد صاحب الخمس سنوات ،كان طفلاً حزيناً وجميل،كستنائي الشعر بندقي العينين ،اختطفت نظرته البريئه وابتسامته الساحره أنفاسي من الوهلة الأولى وكان تمهيداً لكي يدخل والده قلبي ،فقد التقيت به عند الباب وأنا مغادرة ، كان لا يقل سحراً وجاذبية عن إبنه ،لديه نظرات دافئه و آسرة ، تحيط به هالة من الهيبة والوقار.
ودار بيننا حديث قصير ، كان كله يدور عن أطفاله إلى جانب إياد عرفت أن لديه طفلة صغيرة لم تتجاوز عامها الثالث وتدعى تالا، هي مع والدتها ،فطلب مني أن أعود في وقتاً لاحق لإلتقط لها الصور الى جانب شقيقها.
أظن انهما الطفلان الوحيدان الذان غلبا حياتي 180 درجه
واثرا بها.
علقت في المنتصف المميت، ولا مجال للإنكار، أظن أن أختي كانت محقة عندما اتهمتني بالجنون ،فهي ما كانت لتسمح ل إيهاب بأن يقدم على خطوة واحدة دون أن تكون لها الكلمة الفاصله.
لا أعرف كيف كان سيكون رد فعل النساء وتفكيرهن في مثل هذه الظروف؟ إلا أنني لست مثلهن ،وهذا لا يعني بأنني لست أغار،ولكن عندما أنظر للأمر بمنظور الأمومه، تسيطر علي العواطف وأصبح حساسة جداً لمثل هذه المواقف الانسانية المتعلقة بحياة إنسان.
كل ما مضى الوقت تزعزعت ثقتي بنفسي وكبرت مخاوفي أغمضت عيناي وابتلعت غصة مؤلمه ، تمنيت لو اختفيت
عن هذا العالم، فلو كنت أعلم بأننا سندرك الأمنيات لتمنيت حياة عاديه وزوجاً عادي .
انا أحب الطفلين لكن علاء أخذ الحيذ الأكبر من مشاعري.
يا إلهي لقد قدمت زوجي الى طليقته على طبقا من ذهب
لم أفعل شيءٍ سوى أنني سهلت الأمر عليهما.
فتحت عيناي وسقط ألبوم الصور عن يداي وأنا أهب واقفه
التفكير في أنني ساذجة وغبيه زبحني....ماذا إن تحققت الشكوك وعلاء كذب علي؟هل كان علي أن ادعه يمضي ؟ ياالهي ان جرحي فوق طاقة احتمالي.
هل كان علي تجاهل كل شيء واتركه يذهب إلى إمرأة أخرى؟
رباه ما أثقل ما أنا فيه الآن!
صوت محرك سيارة هدر بقوه ،جعلتني اجفل ،هل عاد علاء كاد يغمى علي،وقد اطضربت مشاعري واحاسيسي ،بقيت واقفه في المنتصف اغالب تلك المشاعر ما بين التشتت والضياع توقفت كل الأصوات وما عدت أسمع شيءٍ وأنا اراغب الباب وتعلقت عيناي به،مرت اللحظات الأخيرة بطيئة جداً .
ثواني حتى خيل لي بأني سمعت حركة ،ثم خطوات ثقيله ومتباعده بعدها رأيت علاء...اتسعت نظراتي بغير تصديق، فهذا علاء حقا، وقف بمكانه بهيئته المهلكه ، وقد بدى حاله مثل ذلك اليوم الذي سافر به ، ثيابه غير مرتبه شعره مبعثر على جبينه،وعيناه! توقفت نظراتي بهما كانتا ،غاتمتين وكأنه لم يزق طعماً للنوم ،جالت نظراته بوجهي وابتسم
إبتسامته كانت كالمطر على قلبي .
_مرحبا
قالها بنبرة أشبه بالهمس ،كان هناك الكثير ،لكن تلاشى كل شيء بمجرد رؤيته:
مرحبا
قلتها بتردد وأنا أحاول إيجاد صوتي.
سكت وسكت أنا كلانا بات ينظر في وجه بعضنا ولا أدري من أين أبدأ ،تحرك قليلاً ليدخل فهو لا يزال عند باب الغرفه شعرت بأنه كاد يهوي فقد تعثر وكاد يقع ،الا أنه تمالك نفسه بسرعه أصبح أمامي الآن وبات قريباً مني :
_اذن لقد اتيتي إلى البيت؟
نظرت له بعتاب،بالتأكيد سأعود ماذا توقع ، سحب نفساً عميقاً
وعقد ما بين حاجبيه الكثيفين ثم تابع بنفس النبرة:
_ قصدت منزل إيهاب فاخبرتني ميس أنك غادرتي باكراً
تفاجأة:
هل حقاً فعلت؟
_ آسف سقط هاتفي وتحطم مني وانا في المطار
أدخل يده في جيب سترته وأخرج منه الهاتف، كانت الشاشه مهشمه كليا ، أحلت عيناي عن الهاتف،اليه ،لا تزال تراودني الشكوك ،خفق قلبي،لا أعرف إن كان يبرر عدم اتصاله أم آراد أن يؤكد شيء لكن رغم ذلك تجاهلت اعتزاره وسالت:
ل...ليلى....كيف حالها؟
هل هي بخير؟
كيف جرى الأمر؟
هل نجحت العمليه
رفع عيناه البندقيه ونظر لي نظرة جعلت قلبي يقوص:
_أنا متعب جداً...
ونحن بهذا القرب رأيت كم هو متعب حقاً تبدلت ملامحي من حزر إلى خوف وأصغيت اليه بإهتمام وأنا
أتوقع اسؤ الإحتمالت وافظعها،تجمعت الدموع على مغلتي رفعت يدي إلى صدري وضممتهما بقلق بدافع الحماية قلت بصوت مرتجف:
هل الأمر سيء؟
زفر زفرة قويه ضربت كياني، ولفحت وجهي فاحمر كانه صقيع خدرته:
أنا حقاً احتضر...
هذه الكلمه صفعتني بقوة واخرجتني من دوامة البرود إلى الصدمة، هل ماتت ليلى:
هل....هل...ماتت؟
سألته .
تغيرت ملامحه ما إن رأى تلك النظرات الخائقة والقلقه بعيني
تأملني بعينيه المرهقتين ثم أضاف:
ليلى بخير، ولكني لست كذلك؟
عاد قلبي يخفق بجنون،ويضرب كالطبل على مسامعي إذن
هناك أشياء أخرى تدعبه، أن كانت ليلى بخير فالأمر متعلق بي أنا؟ ظللت أنظر له، فصمتنا لثواني امتدت كأنها ساعات
كنت فيها أرتجف ،وانا أنتظر ماذا يقول؟ إن خيروه ما بيني وما بين الأولاد فسيختار أولاده دون شك ، فجأة جذبني إليه
وعانقني كطفل يحتضن أمه وسط زهولي ودهشتي، همس
فوق أذني:
هل كنت سأتعزب هكذا إن لم يخلقك الله لي وتصبحين
أكثر من رفيقه اقتحمت حياتي فجأة....واصبحتي دون ارادتي شيءاً لي لا يمكنني الاستغناء عنه و يخصني أنا... إن كانت روحي تجد السلام عندك فاليحترق العالم والترقد روحي بسلام .