رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الحادي عشر بقلم رحاب ابراهيم
وكيف لا يبتسم القلب الآن ! ، وكيف لا يترك لعشقه العنان ؟! .....جذبها من يدها بقوة حتى احاط وجهها بين يديه والتقت عيناهما في سيل من دفء الصمت الذي حاق بهم ...قال ببسمة حنونة على وجهه:-
_ عمرك ما كرهتيني ؟
دق قلبها كالدفوف حتى اصبحت عيناها بحيرة طل عليها ضوء الشمس الدافئء ليذيب جليد البُعد والحيرة ...لم تقوى على أي شيء حتى على اجابته وهي تحلق بسماء عيناه برجفة تمنت أن لا يشعر بها ...قالت بنبرة متهدجة بالكاد وكأن صوتها يأتي من البعيد :-
_ آ..آه
ازدادت ابتسامته عمق ودفء حتى اقترب أكثر ببطء وهي تترقبه وعيناها تتسع بإضراب وبعض الضيق ، لم يعترف ! ، لم يقل شيء يجعلها تطمئن ! ، حتى هربت بعيناها للأسفل مما جعله يتوقف بنظرة ضيقة ...تحرك عصب فكيه ضيقا ثم تروى قليلا وهو يرى لمعة حزينة بعيناها قد ادرك منها انها ليس اقل ضيقا منه وشعر برجفتها مما جعله يحملها بين ذراعيه للداخل....ابتعدت هي حياء واقترب هو عشقا وعندما ابتعد..ابتعد كبرياء ...
دلف للداخل حتى وضعها على الفراش بالغرفة العلوية ، للتو لاحظ أن تلك اللمعة الحزينة بعيناها نضجت حتى سقطت على وجنتيها بعبرة صامته حزينة ...وقف يترقبها بصمت حتى استدار ليخرج ولكن توقف مرة أخرى ...
اقترب مرة أخرى ليجثو على ركبتيه أمام جلستها على الفراش وقال وقد حاول أني يقف بنص الطريق وقلبه من دفعه لذلك القرار ...قال وهو يأخذ يدها ويقبض عليها بلطف :-
_ إيه رأيك نتفق اتفاق جديد ؟
بلعت ريقها وهي تجفف وجهها بيدها ثم قالت متساءلة بحيرة :-
_ اتفاق إيه ؟
ارتفع من مكانه وجلس بجانبها ولم تترك يداه يدها حتى تابع :-
_ اتفاق أول مرة تسمعي بيه ، بس انا شايف أنه مناسب ، وبردو ليكي حرية الاختيار توافقي أو ترفضي ...
صمت قليلا ونظر بعمق لعيناها المتساءلة ثم تابع :-
_ احنا كبرنا مع بعض لكن كنا زي الأغراب ، وما خدناش فترة خطوبة ، إيه رأيك نعملها احنا وده يبقى سر ما بينا ، إيه رأيك ناخد فرصة يمكن يحصل حاجة تانية مين عارف ....
رمقته بشك وحيرة وشعور مرح قد طاف حتى حاوط قلبها وهي تراه يفتح سبيل جديد لزواجهم الذي حكم عليه مسبقا بالفراق ...نظرت له ورأت بعيناه قلق من اجابتها بالرفض مما جعلها تريد أن تبتسم بسعادة ....هو يريد ..وهذا الأهم بالنسبة لها ....
ترقب اجابتها في توتر ولم يكن بُعده نابع من كبريائه فقط ولكن مراعاة سنها الصغير ...بل شعر وكأنه على وشك الزواج من طفلة لا تعي شيء ....لم يريد ذلك ، ارادها بموافقتها ...بإرادتها ....
ابتسمت في خجل ثم رفعت عيناها له وقالت ولم تعتقد أن صوتها سيكون بهذه القوة :-
_ موافقة
ابتسم حقا ليس فقط بالموافقة ولكن لرؤيتها سعيدة لذلك ، تنهد براحة وحمد الله في قلبه أنه وضعه على أول الطريق الصحيح وتابع بدعوة خفية أن يعينه على الصبر حتى تفهم تلك الساحرة الصغيرة ...عشقه
نهض من مكانه ثم وقف امامه بابتسامة واسعة وقال :-
_ كدا اتفقنا ، تصبحي على خير يا ..خطيبتي
ابتسمت بسعادة وهي تجيبه حتى خرج من الغرفة وما كاد أن يخرج حتى غمز لها بعيناه بمكر ثم أغلق الباب خلفه ..
ابتسمت بخجل شديد وقلبها يدق بعنف وشعرت حقا أن هذه الفترة ضرورية بينهم قبل أي شيء ...فهي تحتاجها ولم يسعفها الوقت كي تطلب فترة خطوبة اطول بسبب سفر والديها ...لم يكن ثمة حل انسب من ذلك ..
تذكرت مريم حديث والدها عندما نصحها أن تصبر عليه حتى يعود إلى نفسه القديمة حتى شعرت براحة غريبة تسري بأعماقها ...فرغم ما يعانيه وقوة الألم بداخله ولكن هو من أطلق راية السلام ....
تمددت على الفراش ثم فردت الاغطية عليها ولم تفارق الابتسامة وجهها وشعور بالاشتياق بشكل غريب رغم أنه خرج منذ دقائق...
مدت يدها لكي تطفئ الاضاءة حتى انتبهت لرنين هاتفها بجانب المصباح الصغير على المنضدة بجانب الفراش ....أخذت الهاتف وانتفضت حينما رأت رقمه ..اجابت سريعا بقلق :-
_ آدم ..مااالك ؟
سمعت فحيح ابتسامته ثم قال بصوت عميق ودافئ :-
_ وحشتيني
جحظت عيناها بذهول حتى تدرجت الابتسامة على وجهها لتصبح ابتسامة سعيدة وكأنها اكتشفت كنز ثمين ..لم تدري بما تجيبه حتى قالت غير مصدقة :-
_ بجد ؟!
لم تنتبه أنه فتح باب حجرتها ليرد بقوة وقد طاق صوته اشتياقا مؤكد ...قال وهو يقترب اليها:-
_ اه بجد
رفعت عيناها إليه وهي تنتفض من الارتباك حتى اقترب هو وقال ببطء متعمد :-
_ و ح ش ت ي ن ي
الجمتها الصدمة حتى سقط الهاتف من يدها وقد اتسعت ابتسامته بمرح وقال :-
_ انا خايف أقول كلمة كمان يغمى عليكي 😂
نظرت لجهة أخرى ولم تستطع كبح ابتسامتها الخجولة وظلت عيناه على ملامحها المرتبكة بتسلية ثم قال :-
_مش همشي غير لما اطمن أنك نمتي
قالت بقلق :-
_ هتنام فين ؟ الجو برد عليك أوووي في الاوضة اللي تحت !
ضيق عينيه بمكر ثم جر مقعد بجانب فراشها وقال :-
_ خلاص ، ما اقدرش اخالف كلامك ، هبات هنا
رمقته بذهول فهي لم تقصد ذلك ولكن قلقت عليه وقالت ذلك بعفوية حتى غمغمت بخجل وهي تصحح ولكن قاطعها بابتسامة وقال :-
_ انا فاهم والله ، بس مافيش هنا غير الاوضتين دول ، يبقى مافيش غير هنا ...وكمان ماينفعش اسيبك هنا لوحدك ...هتخافي
مطت شفتيها بسخرية وقالت :-
_ انا ما بخافش وانا لوحدي ، وكمان كيتي معايا
كتم ابتسامته وأجاب :-
_ كيتي اتعشت ونامت وسابتك ، وبعدين في الڤيلا غير هنا ، هنا مافيش حرس ، مافيش غيرنا
بدأت تقلق من حديثه ثم قالت وهي تظهر عكس ذلك :-
ما ..مابخافش بردو ، خليك هنا مافيش مشكلة ، صعبت عليا ...
اجابها ببسمته التي اشعلت غيظها :-
_ آه عارف ، فيكي الخير
القت رأسها على وسادتها بغيظ وتجاهلته تماما مما جعله يبتسم بمرح حتى بدأ يصفر بدندنة وتمدد على أريكة قريبةٍ منها .....اعتدلت بعصبية والتقطت بعض الاغطية ودفعتها عليه بقوة مما جعله يلقي عليها نظرة حذرة وقال :-
_ اتعاملي بأسلوب احسن من كدا ولا أرجع لأسلوبي القديم ؟!
تصنعت النوم بتقطيبة حتى نهض واقترب منها ببطء ثم قبّل رأسها برقة وقال هامسا :-
_ تصبحي على خير يا مريم
اطفأ الاضاءة ثم تمدد على الاريكة مرة أخرى والقى عليه الاغطية وهو موالي وجهه لها بنظرة هائمة بها ....
___________________________صلّ على الحبيب
عاد إلى المنزل بقلب يشع قلق وخوف وشوق لوالديه لشقيقته ...لآدم ....وفاطمة ..
انتظر مكالمة والديه عند الوصول ولم تأت إلى الآن ، اما آدم وشقيقته مريم فلا داعي لقلقه ولا لأزعاجهم بالاتصال ، ولكن فاطمة ...كيف يطمئن عليها؟ ..كيف يطمئن قلبه الملتهف بجنون لرؤيتها مجددا؟ ..نظر لفراغ الفيلا التي اصبحت موحشة بسبب خلوها من اصحابها ولم يستطع الانتظار. ، أسرع إلى الخارج مرة أخرى ودخل سيارته متوجها للشقة الخاصة به بوسط المدينة ....
___________________________استغفرك ربي وأتوب إليك
سمع انينها الخافت مما جعله ينهض بخوف ويقترب اليها وهو يضيء المصباح القريب منها ، مرر يده على شعرها وهو يتساءل بقلق :-
_ مالك يا مريم ، بتعيطي ليه؟
نظرت له ببكاء وقالت :-
_ ماما وبابا وحشوني أوي ، انا استنيت اتصالهم لكن لسه ما اتصالوش ...
ربت على رأسها بحنان ثم قال بحنو :-
_ ده سفر لبلد تانية يا مريم ، أول ما يوصلوا هيتصلوا بينا على طول ما تقلقيش ، انا كنت مستني اتصالهم ...
صدح رنين هاتف آدم حتى أخذه سريعا واجاب عندما رأى رقم دولي :-
_ الو
اجاب عمر سريعا :-
_ ايوة يا آدم ، احنا وصلنا خلاص ،وفي الفندق
ابتسم آدم وهو ينظر لمريم التي ابتسمت بشوق لسماع صوت والديها ..قال آدم :-
_ حمد الله على سلامتكوا ، كلم مريم عشان قلقانة وبتعيط
اخذت منه مريم الهاتف بقوة ثم هتفت بلهفة ودموع :-
_ وحشتني أوي يا بابا ، وماما وحشتني اووووي
قال عمر بمرح قد اظهره حتى يطمئن ابنته الحبيبة :-
_ وانتي كمان يا قلب وعيون بابا ، ما تخافيش راجعين قريب بالسلامة ...
خطفت ليالي الهاتف منه بعد أن خلجعت غطاء وجهها بمجرد أن دلفت للحجرة التي حجزت من قبل:-
_ وحشتيني موووت يا روما
اجابتها مريم بشوق غمر نبرتها :-
_ وانتي أوووي يا مامااا ، هتيجوا امتى بقى وحشتوني
تنهدت ليالي بحنين ثم قالت :-
_ هخلص الفحوصات اللي الدكتور طالبها وهشوف هيقرر ايه وهاجي على طول ، وأن شاء الله خير يا قلبي ما تقلقيش ..
بكت مريم وهي تهتف متذمرة :-
_ ما كان ممكن تعملي الفحوصات دي هنا وتبعتيهاله ، ماكنش لازم تسافري !
ردت ليالي بضيق :-
_ دكتور جون لازم يعمل الاشعة بنفسه وفي وقتها بيقرر ، ما بيستريحش غير كدا ، وبصراحة هو اكتر دكتور انا بثق في كلامه رغم أنه منظم بشكل زايد عن اللزوم ...
أخذ عمر الهاتف مثلما فعلت ثم قالت بتذمر :-
_ وانا بصراحة كنت نفسي اتفسح شوية 😒
ابتسمت مريم عندما سمعت جملة اباها وقالت :-
_ تيجوا بالسلامة يارب
اجاب عمر ببسمة ماكرة لليالي :-
_ الله يسلمك يا حبيبتي ، اديني آدم
نظرت مريم لآدم الذي يراقبها في صمت مطمئن واعتطه الهاتف ثم بدأ حديث عمر له :-
_ اوعى تزعل مريم يا آدم ، دي آمانة في رقبتك ، وانا عارف أنك قد الامانة
اجابه آدم بصوت يسبح به العشق :-
_ في عيوني ما تقلقش ، اديني امي اطمئن عليها
وكأنه عاد تلك الصغير وهو يحدثها قال عندما سمع صوتها :-
_ وحشتيني أوووي يا أمي ، ترجعي بالسلامة بأذن الله
قالت ليالي وهي تجفف عيناها :-
_ وانت كمان يا حبيبي وحشتني أوووووي ، كلكم وحشتوني وكأن بقالي سنة غايبة ...
ابتعد آدم إلى الشرفة ثم قال بصدق :-
_ خلي بالك من نفسك ، ومريم ما تقلقيش عليها ..
ابتسمت ليالي بتأكيد وهي تردد على مسامعه تأكيدها :-
_ عارفة ومش قلقانة ، ربنا يسعدكوا يارب ...
انا هقفل دلوقتي عشان اكلم فهد واطمنه ......
كانت نهضت مريم وخطفت الهاتف عندما شعرت بقرب انهاء الاتصال واودعت والديها بمحبة حتى عودة اباتصال بأقرب وقت.....
أغلق عمر الهاتف ثم القاه على المنضدة بنظرة ماكرة ، اقترب من ليالي حتى نظرت لها بحيرة وقد تبدلت نظرة الحزن للدهشة وهي تراه يقترب هكذا ...قال بخبث :-
_ تعرفي أول ما نخلص الاشعة والفحوصات بتاعتك مش هنسافر بردو 😂
رمقته بدهشة وقالت بتساءل :-
_ ليه ؟
جذبها إليه بنظرته العاشقة التي لم تتبدل رغم مرور السنوات وقال بهمس بأذنها :-
_ هنقضي شهر عسل ، اشمعنى ولادنا يعني
ضحكت وهي تدفعه بخفة وقالت :-
_ احنا كبرنا يا عمر ، شهر عسل إيه !
جذبها إليه من جديد وأراد اغاظتها :-
_ لا انا ولا انتي كبرنا ، انتي مش شايفة مضيفة الطيارة كانت بتبصلي أزاي 😊
عقدت حاجبيها بغضب ثم هتفت بعصبية :-
_ اه شوفت وكنت هقوم اضربها على خلقتها ، بس ماكنتش فاكرة أنك مبسوط ! ، عموما روحلها ، هو انت يعني هتقعد جنب مراتك المريضة وتسيب واحدة حلوة كدا !
اسودت عيناه غضبا وهو يقربها اليه بعنف ونظرت له بريبة وكأنه عاد سنوات ماضية وتذكرت لحظات انتقامه منها ...هتف بها :-
_ انا كنت بهزر معاكي ، مضيفة ايه اللي ابصلها وانا معايا واحدة بعشق الهوا اللي بتتنفسه ، عمرك ما هتبطلي غباء ابداً يا ليالي .....
أرادت ان تبتسم ولكن تظاهرت بالضيق حتى تستدرجه للحديث أكثر :-
_ انا مش غبية
ضغط على كتفيها أكثر وقال :-
_ لأ غبية ، بقى بعد السنين دي كلها لسه بتشكي أني ممكن ابص لواحدة غيرك !! ، انا مش عارف انتي بتفكري أزاي
بقلم رحاب إبراهيم
تركها وجلس على احد المقاعد حتى ابتسمت بخبث واقتربت منه كي تصالحه ولكن رنين الهاتف سبقها ...
رفع عمر سماعة الغرفة واخبره أحد الموظفين باستقبال الفندق أن هناك إمرأة تريد رؤيته ....
رفع عمر حاجبيه باستغراب وردد جملة الموظف حتى اندهشت ليالي من الأمر ثم ثارت من الغضب لاعتقادها أنها تلك المضيفة !!!
أغلق عمر السماعة ثم استعد للنزول وأرادت ليالي أن تخرج معه ولكن لم يجيبها متاظهرا بالتذمر ولكن هو استطاع بأعجوبة أن يخفي بسمته المرحة وهو يرى غيظها ....
_______________________سبحان الله العظيم
عادت مريم لفراشها مطمئنة وتمدد أيضا آدم على الأريكة بعد أن اطفأء المصباح وعاد تلك المشهد الصامت التي يسبح به كلا منهم في عالمه الخاص به بفكر شارد عبر الخيال ....
دخل عمر بهيئته التي لم تتغير كثيرا سوى بضع شعيرات بيضاء اختالت شعره الأسود لتزيد وسامة غامضة حتى اعلمه النادل بمكان المرأة المنتظرة ، التفت ليراها حتى لوحت له من بعيد مرحبة لتتسع عيناه بدهشة ...روزالين !
اقترب منها بنظرة جامدة ، فهو لم ينسى ما كادت أن تفعله به بالماضي ، فكادت أن توقعه في جرم لم يفعله وتؤدي بنفسها وبه إلى غيابات الظلمة والسجن ....
صافحها برسمية وقرر انهاء المقابلة قبل أن تبدأ حتى سمع صوت ليالي من خلفه تهتف بصدمة :-
_هو ااااانتي !!
التفت عمر بتعجب ونظر اليها محذرا ، فهذا كله في صفحات الماضي ولا ضرورة للانفعال الآن ....كادت ليالي أن تعنفها حتى قالت روزالين بعربية ركيكة :-
_ آسفة جدا ، كنت بإجتماع عمل بالفندق ورأيتكم ، لذلك استدعيت عمر إلى هنا حتى ارحب به في بلادي ليس أكثر من ذلك ، فربما يتقبل اعتذار لم يتقبله منذ سنوات ..
رمقتها ليالي بكره حتى قال عمر بجدية :-
_ خلاص انا نسيت الموضوع ، ومابقاش ليه اهمية دلوقتي زي زمان ، قبلت اعتذارك
هزت روزالين رأسها بابتسامة صادقة وقالت لليالي قبل أن تذهب :-
_ اتمنى أن تتقبلي أسفي
تركتهم روزالين حتى نظر عمر لزوجته بضيق وثال :-
_ هو انا طفل صغير عشان تيجي ورايا ؟!
ماثل اسوداد غضب عيناها مع ردائها الاسود الذي يخفي تعابير وجهها الغاضبة باستثناء عيناها ثم قالت بعصبية :-
_ وانت فاكرني هبلة عشان اصدق الكلمتين دول ، اعتذار ايه أن شاء الله اللي بعد السنين دي كلها ! ، أنا لولا أني في الفندق وفي بلد غريب كنت فرجتها قيمتها الصفرا دي...
ضحك عمر ملئ فمه وقال :-
_ الحمد لله انها مشيت وفلتت من ايدك يا متوحشة😂
نعمل شهر عسل ولا اروح اخلي روزالين تكمل اعتذارها؟
امتلئ المكر بعيناها ثم قالت بمراوغة :-
_ ماشي ، طالما انت مصمم يعني
هتف بضحكة :-
_ حبيب قلبي 😂💝
_____________________________سبحانك ربي سبحانك
بعد أن أغلق فهد هاتفه وذلك إثر مكالمته مع والداه ليطمئنوه عليهم ...وقف أمام شرفته ولم يحن النوم على عيناه ويأتي ....وكيف يترك فاطمة بخطر ويهنى براحة ..كيف ؟
كانت اوضح منه رغم صغر سنها ...
اعتطته سببا للبُعد في حين لم يعطيها سببا للاقتراب ولا ملاحقته لها ...
مر االليل بغموضه وحنينه القاسي الذي يشبه ظلمته حتى اتت شمس يوما جديد ، ليذهب إلى العمل كعادته مبكرا
__________________________لا حول ولا قوة إلا بالله
فُتحت غرفة المنزل البسيط بشكل همجي حتى استيقظت النائمين مذعورين ، واسرع مصطفي من المرحاض وبيده المنشفة الذي كاد أن يجفف وجهه المبتل بها حتى وجه حداد سلاحه لهم وقال :-
_ اللي هيفتح بقه مش هيقفله تاني غير وهو جثة
جحظت عين فاطمة بذهول مما تراه وأثار النوم على وجهها حتى ارتعش الصغار وارتموا بأحضان نعيمة التي ضمتهم برعب وخوف ....حتى قال حداد مجددا بضحكته الساخرة :-
_ كنتوا فاكرني مش هعرف مكانكوا ، بس انا مش غبي ، والسواق اللي وصلك يا حلوة انتي وابوكي من كام يوم ده كان تبعي ....
سقطت المنشفة من يد مصطفي وقال بخوف :-
_ احنا ما قولناش عليك حاجة ولا اذيناك في شيء
صوب حداد عيناه على فاطمة بجرأة وهو ينظر لشعرها المفرود قبل أن تلتف بطرحة قديمة كانت مُلقاة بجانبها وقال لمصطفي :-
_ ماهو عشان كدا عايز اكافئكوا ، انا طالب القرب منك
نظر الجميع له في ذهول وأن لم تكن فاطمة تخشي أذية أحد من عائلتها لكانت غرزت اظافرها في عنقه من الغضب ويحدث ما يحدث ....ولكن لابد من التفكر قبل أي فعل حتى تابع حداد بحدة :-
_ ده مش طلب انا ممكن اخدها ومن غير جواز وقدامكوا ، لكن انا ليا كيف في ده ، جهزي نفسك يا عروسة ، ومحدش فيكوا يفكر يهرب أو يبلغ البوليس...
نظر لأحد الصغار ثم جذبه بقوة من نعيمة وقال :-
_ الواد الصغير ده هيفضل معايا ، واللي هبلغ فيكوا أو هيهرب العروسة هقتل الواد ده ...رجالتي تحت مراقبين المكان ، انتوا ما تعرفوهمش لكن هما عارفينكوا ، واللي هيطلع من هنا على ما اجيب المأذون بليل وعلى ما العروسة تجهز نفسها ..انتوا طبعا عارفين هيحصل ايه ..
نهضت فاطمة وهتفت به بغضب وهي تقف امامه :-
_ سيب محمود يا حداد ، انا لو على جثتي مش هتجوزك
اشار لها حداد بسلاحه وهتف بها :-
_ لا يا حلوة مش هموتك ، انا هموت اعلك دول واحد واحد قدامك ، لكن انتي بقى هموتك بطريقة تانية ، وساعتها هتتمني الموت ...مافيش حد هيقدر يخلصك من إيدي
بلعت فاطمة ريقها بخوف لم تظهره وتألمت وهي ترى شقيقها الصغير يصرخ بخوف وهو يبتعد بيد هذا المجرم ...
قالت نعيمة مترجية ابنتها ببكاء وعويل :-
_ وااافقي يا فااطمة ابوس ايدك يابنتي احنا مش اده ، ده هيموتنا كلنا
ارتمى مصطفى مغشيا عليه على الارض حتى ركضت فاطمة بصرخة لأباها وهي تحاول افاقته .....
___________________________اذكروا الله
استيقظت مريم وهي تمد يدها بكسل وهي تتثاءب ، حتى لمحت ذلك النائم بهدوء على محياه .. نهضت ووقفت امامه بصمت تتأمله ثم تحركت متوجهة لتغسل وجهها ..
خرجت بعد أن جففت وجهها بالمنشفة الوردية اللون ثم القتها على الفراش وعادت تقف أمامه من جديد وسرها رؤيته وهو نائم ...هدوء ووسامة ملامحه آسرها ابتسمت بخجل حتى محت ابتسامتها وهي ترى الهرة تقفز على الاريكة لتقف على كتفه بمرح...اقتربت مريم لتدفعها بعيدا عنه حتى لا يستيقظ بغضب من ذلك ....
ابتعدت القطة ولكن اقتراب مريم كان قد اقلقه حتى صدمت بعيناه التي تنظر لها بغموض ....
ابتعدت بإرتباك وهي تشير للهرة وقالت :-
_ كنت ببعد القطة عنك و
اعتدل في جلسته ببسمته الخفية ثم جذبها من يدها لتجلس بقربه وقال وهو يدنو منها ويقرب اذنه لها وهو يقول بمكر :-
_ وايه ؟
اطرفت بعيناها برجفة وقالت متهتهه :-
_ والله كنت ببعدها ..عنك وانت اللي صحيت وافتكرت ...
رفع رأسه حتى نظر لعيناها بتسلية ثم قال :-
_ انا افتكرت ....صباح الخير يا روما
الجمتها الصدمة وهو ينطق اسمها المدلل الذي لم يعتاده ، حتى نهض وقال :-
_ هروح اصلي الضحى واحضرلنا الفطار ...
قالت بعد أن تمالكت نفسها قليلا :-
_ هو انت اللي هتعمل الأكل بعد كدا ولا إيه ؟
اجابها ببسمة حانية ولطيفة قبل أن يغلق الباب بهدوء :-
_ الاسبوع ده هتبقي اميرتي فيه
أغلق الباب وتركها تموج في موجات الخجل والسعادة التي تغمرها وتستحي أن تظهرها ...
شعرت بالنشاط حتى توضأت وادت صلاة الضحى و بدأت ترتب تنظيم الحجرة بعد ذلك ...
دلف آدم للغرفة وبيده طعام الافطار حتى وضعه على المنضدة وأشار لها بالاقتراب ...قال :-
_ الفطار
جلست بجانبه وبدأت تأكل بنهم وهي تتلذذ مذاقه الدافئ
قالت مبتسمة :-
_ حلو اوووي بجد تسلم ايدك ، بس سيبني انا اعمل الغدا عشان خاطري ...
نظر لها بحنان ورفع يده وازاح خصلة مسدلة خلف اذنها برفق وقال :-
_ الغدا النهاردة مش هيبقى هنا ، هنتغدى برا
اتسعت ابتسامتها وهي تتخيل مشهد لطالما تمنته وقالت بشرود :-
_ نتغدى برا وبعد كدا نطلع والدنيا تمطر ونجري واحنا بنضحك ...
عقدت حاجبيها بألم فجأة حتى لاحظ ذلك وتساءل بضيق :-
_ مالك يا مريم ؟
بلعت غصة مؤلمة بحلقها وقالت بحزن :-
_ مش هعرف اجري
ضيق عيناها وكأن يضمها ثم قال بقوة :-
_ طب مش لو شيلتك وجريت بيكي مش هيبقى احلى ؟ ، انا مش هقبل أنك تجري والناس تشوفك ، هخبيكي واجري بيكي انا مش مشكلة ....
فغرت فاها والتجمد الذي ظهر على قسماتها يناقض دقات قلبها سرعة حتى وضع قطعة خبز صغيرة بفمها وقال بضحكة :-
_ يلاا يا كسووولة ورانا جري
كما كانت تفعل مع اباها فعلت بشكل عفوي وارتمت على صدره شاكرة وقالت :-
_ انا مبسوووطة أووووي
اتسعت عيناها وتجمدت فجأة ثم ابتعدت عنه بنظرة مرتبكة وكادت أن تعتذر حتى قال بضحكة ماكرة :-
_ ٣ساعات فسحة زيادة
نهضت من مقعدها بخجل وابتعدت وهي تريد أن تصفعها نفسها على تسرعها هذا الغير مقصود ولكن ابتسمت لسعادته البادية على وجهه بهذا الشكل وكأن الروح بدأت تعود له من جديد ......
لم تستطع أن تجلس في الغرفة اكثر من ذلك وتحججت بالبحث عن قطتها بالأسفل حتى غمز لها بعيناه من بعيد لتصفق الباب بحدة في وجهه ثم هبطت السلم بخجل شديد ...
تنهد آدم ببريق سعادة يدب بعيناه وايقن أن هذا الطريق السليم ، فهي صغيرة ولابد أن يراعي ذلك ، والأكثر من هذا ، سيعلمها كيف تعشق حتى تسير معه وتحمله إلى البئر ليتقابل مع نفسه الحقيقية ويعود إليها ذلك العاشق الذي يقف الألم حائلا بينه وبين قلبه مرة أخرى ....
_______________________استغفروا الله
بعد أن افاق مصطفى من اغمائته سقطت دموعه وهو يندم اشد الندم بذلك العمل المشبوه الذي ادى به لتلك الكارثة وما خيار بين الموت والموت ....
واستمرت نعيمة تنتحب على صغيرها وتضم الآخر حتى نهضت فاطمة وقالت بصياح :-
_ انا تفكيري اتشل مش عارفة افكر ، لازم نعمل حاجة ، مش معقول هنفضل متكتفين كدا ....
تذكر مصطفى شيء وكأنه حبل النجاه حتى قام من مقعده وخرج من الغرفة ...ركضت فاطمة خلفه وقالت :-
_ رايح فين يابابا ، رجالة حداد برا ولو شافوك هيموتوك بعد الشر ...
دفع مصطفى يد ابنته ثم اغلق باب الحجرة بالمفتاح بجيبه وأشار لأحد جيرانه حتى يأتي إليه على السطوح المجاور، واطاع الرجل الآخر الأمر بصمت ....
بعد دقائق اتى الجار واقترب من مصطفى ولا يفصلهما غير سور متوسط الطول وقال مصطفى :-
_ عايز منك خدمة يا اسماعيل ، يمكن انا جار جديد هنا بس بستنجد بيك كأخ ، انا ماليش غيرك هنا اطلب منه مساعده ...
هز اسماعيل رأسه بتأكيد وقال :-
_ قول يا جدع اللي انت عايزه ، وهتشوف جدعنة اسماعيل اخوك ...
تنهد مصطفى قليلا وشرح لها ما يريد حتى هتف اسماعيل بغضب وقال :-
_ بقى عيل صايع زي ده يجي يتعدى على على حد من الحته واسماعيل موجود !!
اشار له مصطفى حتى يخفض صوته ثم قال بتحذير :-
_ ده قتال قتلا ومجرم يا اسماعيل ، بس انا هبعتك لواحد حداد ما بيخافش من حد اده ....