رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل العاشر 10 بقلم خديجة السيد


 رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل العاشر 

هزت رأسها بنوع من المرارة وهي تقول

= لا انا فهمت قصدك صح! تحب اقول لك ان انت كلامك بره كنت بتحاول تحبسني هنا عشان خايف اعمل زيك واخونك! ما هو صحيح اللي بيعمل كده مفكر كل الناس زيه.. الغريبه ان انت من كام يوم كنت بتكلمني على الثقه وانك بتثق فيا قد ايه.. ايه اللي اتغير .

تجرأ ومد كفيه يمسك كتفيها برفق ثم أدارها نحوه وأعاد ببطء يتحدث بصوت متوتراً 

= آآ لا مش كده علي فكره كل الحكايه ان انا عاوز اريحك فعلا و انتٍ هنا ما تعرفيش حد وقلتي الكلام ده بنفسك وانك مش عاوزه تختلطي بالناس وتفضلي مع نفسك، فطبيعي هخاف واقلق عليكي لما تنزلي وتقابلي حد وانا مش عارف نيته ايه لكن انا واثق فيكي بجد.. خلاص انسى كلامي عايزه تنزلي براحتك اعملي اللي انتٍ عاوزاه . 

انتفضت محاولة الإبتعاد عنه وهي تقول من بين أسنانه وتملكها الغضب وهي تهتف به بشك 

= ما تخليك صريح معايا في ايه؟ انت يعني كنت شفت مني حاجه ولا حد قال لك حاجه ليه فجاه قلبت كده وبعد كده رجعت في كلامك 

لم يهتم بمقاومتها العنيفة وذراعه يتشدد أكثر حولها ساحقها على صدره ثم قال من بين أنفاسه الحاده 

= ما فيش حاجه يا ندى قلتلك انسي الموضوع مش عاوز اتكلم فيه خلاص او ما فيش موضوع اصلا، حاجه كده هبله وانا اللي غلطان فيها وحقك عليا خلاص .

عضت طرف شفتها بقوة وهي تهز رأسها نافية ثم تجهمت ملامحها وبان الامتعاض في نبرة صوتها وهي تقول 

= تمام بس بمناسبه الخروج، مدام حنان مرات صاحبك اللي عرفتني عليها اتصلت بيا الصبح قالتلي يعني عاوزين نرتب وقت ونخرج مع بعض لوحدنا.. وانا قلت لها ان انت مرحب بالفكره اصلا وانت اللي عرفتني عليها فمش هتمانع.. بس بما انك بقيت بتحسبلي الرايحه والجايه فشكلي كده هرجع في كلامي واعتذر وابقي أقول لها اي حاجه . 

اضطرب للحظات قبل أن يقول بصوت جاد 

= لا لا خلاص روحي هي شكلها ست محترمه وانا كمان واثق في جوزها، وبعدين انا قلتلك عاوزك تاخدي على الجو هنا وتكوني صداقات وطالما حد انا اللي عرفتك عليه يبقى واثق فيه.. روح واتبسطي براحتك بس حاولي ترجعي قبل ميعاد شغلي عشان خلاص اتعودت ارجع من بره الاقيكم واتعودت كمان على الاكل البيت من ايدك تمام .

هزت رأسها بقله حيله وعدم فهم من تقلباته الغريبة وهتفت بالموافقه 

= تمام من غير ما تقول انا اتفقت معاها مش هتاخر وبالمره عاوزها تعرفني على اماكن هنا للبس وللاكل اكيد تعرف طالما هي هنا في البلد قبل مني بفتره طويله .

❈-❈-❈

في أحد المولات الكبرى، كانت ندى تسير جانب حنان التي كانت تشاهد الثياب امامها وجانبها عربة الأطفال المزينة والتي وضعت فيها صغيريها النائمين بسلام ثم قالت ندى بإعجاب 

=المكان هنا فعلا حلو أوي انتٍ عرفتي المول ده منين ده في كل حاجه تقريبا.. انا كنت عامله حسابي هتفرج وبس ومش هلاقي حاجات كده حلوه تنفع للولاد 

تهللت ملامحها وضحكت عينيها وهي تقول بثقه 

= عيب عليكي يعني بقيلي هنا اكتر من 10 سنين وما اعرفش كل الاماكن اي حاجه قوليلي عليها وانا هجيبها لك المول هنا فعلا يجنن وهتلاقي كل حاجه محتاجها.. و عادي لو مش عامله حسابك ممكن تاخدي مني ونتحاسب بعدين 

نفت ندى سريعاً ثم قالت بخفوت

= لا خالص مصعب الصبح اداني واحده من الفيز اللي معاه وقالي عشان لو حاجه عجبتك جيبيها براحتك مش بيقبلوا هنا فيزا عادي.. انا بس كنت عايزه اجيب شويه حاجات للمدارس للولاد .

اعتدلت وهي تمسك احد الثياب بيديها تقيمها ثم ابتسمت بخبث وهمستها بمعاكسة ممتعة عابثة

=ايوه طبعا اكيد بيقبلوا فيزا براحتك، وبعدين هو اللي لفت نظرك بس حاجات للولاد يا بنتي قمصان النوم و اللانجري هنا فظيعه واحلى حاجه هنا في المول جربي وهتدعيلي.. ده دي هي اللي مخليه ابو ريان زي الخاتم في صباعي وكل طلباتي مجابه.

ارتبكت وإحمرت ملامحها ونهرتها قائلة بابتسامة محرجة 

= ده انتٍ فظيعه يا حنان بجد، بس انا فعلا لاحظت كام حاجه وعجبوني يبقى نشتريهم بعدين 

هزت رأسها باعتراض وهي تقول بصوت ماكر

= بعدين ايه دلوقتي حالا الحاجات دي بتتاخد هوا.. تعالي بس واشتريلك دسته على ضمانتي ولو ما جبتيش العيل الثالث ما بقاش انا أسمي حنان .

إرتعشت إبتسامة على شفتيها قبل أن تقول

= ثالث ايه فال الله ولا فالك لا انا كده كويسه جدآ لسه هعيده ثاني واربي، وبعدين هو كفايه قميص واحد وخلاص انا اصلا مش عارفه ازاي هلبس الحاجات دي قدامه ولا هقوله انا اشتريتها مخصوص عشانه ازاي.. مش متعوده على المواضيع دي معاه اصلا وحاسه كأننا لسه متجوزين وبنتعرف على بعض .

أدارت رأسها تنظر نحو حنان التي غمزت لها بعينيها وهي تحرك يدها مشجعة

= انتم مش متجوزين من ست سنين برده يبقي لسه بتتعرفوا على بعض ازاي؟ امال معلش في كلمه العيالين اللي معاك دول جم ازاي؟ ولا عمرك لبستي الحاجات دي خلال الست سنين خالص.. مش راجل يا حبيبتي وانتٍ ست لازم تدلعوا علي بعض امال لو ما عملتلوش الحاجات دي يبقى هتعملوها أمتي، خلي بالك من جوزك وحاوطي عليه يا حبيبتي بدل ما يلاقي إللي تلبسله الحاجات دي وتدلعه .

لوت شفتاها بتهكم مرير وهي تردد بهمس

= هو لسه ما لقاش اللي تدلعه اكتر من كده،
ما خلاص جت اللي سبقتني 

عقدت حنان حاجيبها باستغراب وهي تسألها

= بتقولي ايه ما سمعتكيش .

هزت رأسها بنفي وهي ترد بابتسامة ثابتة

= لا ابدا بقول هاخد ده عاجبني أوي وكمان ده لون مصعب المفضل.. ومتاكده انه هيعجبه هروح أحسب هناك عقبال انتٍ ما تخلصي الدسته اللي بتشتريها دي زي ما تكوني هتجاري فيهم مش عارفه كل دول على ايه .

غمزت حنان بعيناها بدلال و قالت برقة

= ما قلت لك لازم ادلع ابو ريان! بقول لك ايه استنيني احسن في الكافتيريا تحت عشان اخذ راحتي في الشراء عشان بحب اشتري الحاجات دي بمزاج. 

ضحكت ندى عليها وهي ترد بيأس منها 

= انتٍ مشكله مش عارفه ابو ريان ده اتعرف عليكي فين و ازاي.. ولا مش بعيد هو اللي خلاكي كده تنحرفي أصلا .

انطلقت همهمات ضاحكة منها قبل أن ترد بمرح 
يليق بشخصيتها 

=عقبال ما مصعب يخليكي انتٍ كمان تنحرفي يلا تحركي عشان انا هدخل اقيس كمان.

يعد فترة سارت ندى بالخارج بالفعل وفي ذلك الأثناء رن هاتفها برقم مجهول كانت ستتجاهله بالاول لكنها خمنت بان من الممكن يكون احد من عائلتها لذلك أجابت قائله 

= الو مين معايا 

جاء علي الفور صوت خشن قائلاً

= انا شريف يا ندى وبالله عليكي ما تقفلي انا متاكد ان انتٍ عرفتي كل حاجه عشان كده قطعتي معايا ورجعتي لجوزك بعد ما اتفقنا على كل حاجه بس عشان خاطري افهميني انتٍ ما اديتنيش حتى مبررات ولا فرصه ادافع عن نفسي.. بعد ما اديتيني الأمل من تاني كده تمشي حتى من غير ما تودعيني .

بإرادة من حديد تدربت على التحكم بها لفتره طويلة وتمكنت من ضبط مشاعرها كاملة ثم قالت باحتقار 

= انا في حياتي ما شفتش واحد في بجاحتك اسمعني كويس عشان مش عايزه اسمع اي كلمه ولا عاوزه اكلمك من هنا ورايح تاني، و بعدين مبررات إيه انت مجنون ده انا عرفت انك متجوز ومخلف؟ عرفت بقى انك واحد حقير وكنت بتتسلى بيا اولاني وثاني.. ده انا بحمد ربنا كل يوم ان ربنا نجاني منك وما وقعتش في واحد زيك 

لم يتنازل شريف عن إمساكه بإدعى الاهتمام وهو يقول بزعل زائف 

= انا عارف ان انا كدبت عليكي بس انا مش بتسلى بيكي و والله لو كنتي اتطلقتي كنت هتجوزك انا مش مبسوط معاها انتٍ مش عارفه انا اتجوزتها ازاي والظروف اللي اجبرتني كده.. 

فعادت تقول بوجوم وهي تبتسم بغل 

= آه لا انا بقيت خبره في الحاجات دي ما تقلقش ما لازم تدخل عليا بالاسطوانه دي اتجوزتها غصب عني اهلي اجبروني مش مرتاح معاها هي دي واحده تتعاشر ده انا حياتي جحيم وكل يوم في مشاكل وكنا كده كده هنطلق اصلا ومتفقين، مش كده وانا الهبله إللي مفروض اصدق؟ واخرب بيتي وفي الآخر كنت هتاخد اللي انت عاوزه وتلعب بيا شويه وترميني.. ده في احلامك يا شريف لو كنت فاكرني صيده سهله وكنت هقبل بالوضع المقرف ده واكون عشيقه ليك حتى لو جوزي عملها قبلي.

جز علي أسنانه مغتاظًا ثم رسم الثياب قائلاً

= طب يعني انتٍ دلوقتي رجعتي لواحد ما بيحبكيش وخانك وسبتيني عشان كذبه، طب اديني فرصه واسمعيني ما ينفعش تحكمي عليا كده، على فكره انا عندي استعداد لسه و متاكد ان انتٍ مش مبسوطه معاه ده واحد خاين اديني فرصه وانا المره دي مستعد اكتبلك اي ضمانات عشان تعرفي ان انا هتجوزك بعد ما تطلقي منه .

قفزت من علي الأريكة بمول الكافية سريعاً وهي تخبره غاضبة عبر الهاتف 

= ومين قال لك اني ناويه اتطلق على الاقل جوزي مكشوف و عرفت اخره فين وخليني احسن في اللي ضمناه وابو عيالي، شوفلك انت واحده تعك معاها تاني ويا رب المره دي مراتك تقفشك اللي ممشياك على المسطره وما تعرفش وسختك.. قلت لك مش هتضحك عليا تاني وما تحاولش تتصل بيا تاني بدل ما اتصل برحمه واجيب نمره مراتك منها واعرفها البيه جوزها عاوز ايه مني .

ارتعشت شفتيه رغما عنه عند سيره زوجته وهو يقول باضطراب

= على فكره رحمه فهمت الموضوع غلط انا مش بخاف منها ولا حاجه انتٍ لو تسمعيني هتعرفي هي مخليه حياتك جحيم معاها إزاي وكاتبه عليا ضمانات وشيكات قد كده عشان كده مجبر أكمل معاها... لكن انا بحبك انتٍ ومستعد...

بدأت تسير الى بعيد وهي تتحدث بالهاتف بكل عصبيه دون ان تلاحظ ذلك حتى بدأت ان تدخل في أماكن مظلمة وفارغه من الاشخاص، 
وصرخت فيه بغضب 

= ما خلاص بقى بلا مستعد بلا قرف قلت لك حل عن حياتي يا شريف وانسى في يوم انك كنت تعرفني.. ده انا في حياتي ما شفتش حد بجح وكذاب زيك سلام و اياك تـ..

لم تكمل جملتها وشهقت فجاه بعنف من وسط دوامتها لتشعر بنفسها مكبلة بين الحائط و شخص ما لا تعرف من اين ظهر لها، مكشراً عن أنيابه وملوحاً بإله حاده بيده وهو يهددها قائلاً 

=هشش ولا نفس، أبي كل اللي معكي وما ابغاكي تتكلمين ولا كلمه

❈-❈-❈

في العمل أظلمت نرمين ملامحها وهي تمسك الهاتف بيدها ثم لمعت عينيها بتشفي وهي تتحدث ببرود مستفز 

= سمعت الأخبار اللي ماليه السوشيال ميديا يا استاذ مصعب؟ بيقولوا في واحده كانت بتخون جوزها لسنين طويله وهو ولا دريان بيها وفي الاخر اصلا طلع اولاده مش من صلبه اصل كان متغرب بره لفتره طويله.. ولا يعرف عنها حاجه ولا بتعمل ايه ولا بتروح فين وكان واثق فيها جدآ.

وكأن كلماتها كانت تطعن قلبه مباشرة دون رحمة فيبدو أنها بدأت تفهم أنه بدأ شك بالاخير لكنه يصر على الإنكار!

ترك مصعب من بين يديه اوراق العمل فالأخري أصبحت تسجل هدفاً في مرماه ولكن سرعان ما كان يمسح وجهه يتمتم بإستغفار ثم ما لبث أن دق هاتفه و أجاب لياتي صوت حنان قائلة بقلق 

= استاذ مصعب معايا انا حنان مرات صديقك ريان فاكرني.

عقد حاجيبة وقال بنبرة هادئة وحازمة

= اه فاكرك طبعا يا مدام حنان هي مش ندى المفروض تكون معاكي زي ما اتفقتوا هتخرجوا سوا.. هي في حاجه حصلت. 

جاء صوتها وهي تهتف بصوت متردد

= لا هو الموضوع بسيط انا عاوزك بس تيجي على عنوان المول اللي اقول لك عليه دلوقتي لان مدام ندى اتعرضت للسرقه و واحد رافع عليها اله حاده وخد كل اللي معاها وهي حالتها صعبه اوي ومنهوره من العياط وقالتلي اتصل بيك حالا تيجي تشوفها لانها خايفه ومش عارفه تروح.

توجه مصعب على الفور نحو الخارج وهو يقول بقلق بالغ 

= قولي العنوان بسرعه انا جاي حالا وخليكي معاها لحد ما اجي معلش واوعي تسيبيها .

❈-❈-❈

شهقت بصوتٍ عالي كمن كانت تمتنع عن التنفس طويلاً وإنتفض جسدها بعيداً للخلف كما تعرق جبينها وهي لا تصدق ذلك الموقف الذي تعرضت له للتو، تعالت شهقات بكائها المكتومة مما جعل حنان تستشعر الخطر وهي تندفع نحوها وسريعا كانت تأخذها بين ذراعيها... دقائق و بدأ جسدها في الهدوء التدريجي فأبعدتها عن ذراعيها لتسألها بهدوء

= خلاص بقى يا ندى انا مش عارفه اصلا حبكت تردي على صاحبتك دي بره المول؟ ما الشبكه هنا كويسه كان لازم يعني تقعدي تتكلمي وتسرحي معاها لحد ما رجلك تجيبك لمنطقه ما فيهاش حد وحرامي يطلع عليكي الحمد لله انها جت على قد كده.. و انتٍ بخير اهو .

ثم كشرت وجهها بشقاوة واضافت بتلاعب وهي ترقص حاجبيها صعوداً وهبوطاً لتخرجها من تلك الاجواء 

= وبعدين المفروض تفرحي ان الحمد لله سرق منك كل حاجه بس القميص لسه زي ما هو.. 
جدعه انك نسيتيه هنا.. عشان بس نيتك صفية وهتلبسي في الحلال 

فغرت ندى فمها بذهول ثم قالت بإختناق من يوشك على البكاء

= انا في ايه ولا في إيه انتٍ التانيه، الموقف كان وحش اوي ده كان هيقتلني وبعدين انا اول مره اتعرض لحاجه زي كده الحمد لله ان ما كنتش جايبه دهبي معايا ما خدش بس غير التليفون وشويه فلوس والفيزا هنوقفها.. 

ثم أخذت نفساً عميقاً بينما قلبها يرتعش بين أضلعها وهي تقول بارتباك 

= المهم زي ما قلت لك يا حنان هتقولي لمصعب ان احنا طلعنا بره و انتٍ نسيتي حاجه وانا استنيتك بره عشان هيتضايق أوي ان انا بعدت عنك وانا مش عارفه المنطقه هنا 

هزت رأسها بالايجاب وهي تردد بصوت جاد 

= ما تخافيش يا حبيبتي حاضر اهدي انتٍ بس وبطلي عياط وشويه وجوزك هيجي دلوقتي..ولا اهو وصل اهو الحمد لله..

نهضت أول ما رأته حيث تصلب جسدها للحظات، ومن اقترب أمامها مباشرة خطفها بعناق محموم كاد أن يكسر عظامها من قوة ذراعيه على جسدها الصغير مطلقاً ترنيمات مهدئة ليمنحها السكينة وبدأ يتسائل بقلق بالغ 

= انتٍ كويسه يا حبيبتي مالك يا ندى الحيوان ده عامل لك حاجه أو اتعرضلك؟؟. 

❈-❈-❈

طول الطريق الى ان وصلوا المنزل، وهي تحضنه بقوة لتستمد منه الأمان طال عناقهما وكل منهما لا يود الإبتعاد عن الأخر لعل هذا العناق المحموم يهدأ ارتعاد قلبهما.. وفي غرفة نومهم ساد الصمت للحظات تقطعه صوت شهقاتها التي تجاهد للسيطرة عليها..رغم أن هناك جزء بقلبها أكثر من سعيد بخوفه هذا عليها.. إلا أن الموقف جعل الفزع والرعب يتملك منها بينما شعرت لاول مره بأنه خائف عليها أكثر من نفسه.. قرب يدها من شفتيه يقبلها وهو يردد بعتاب 

= كده حرام عليكي تخضيني ما تعرفيش كانت حالتي ازاي لما مدام حنان دي اتصلت بيا وقالتلي انك منهاره من العياط واتعرضتي للسرقه.

مسحت باقي دموعها وتنهدت بارتياح متمتمه 

= الموقف كان صعب أوي يا مصعب الحمد لله عديت على خير انا كنت حاسه اني هموت هو فعلا كان هيعملي حاجه لما لقاش معايا فلوس كتير و فاكرني مخبيها عنه لولا الحمد لله حنان جت في الوقت المناسبه نقذتني منه 

مال ليضع جبهته على جبهتها وأخذ نفساً عميقاً لثوانٍ قبل أن يقول بضيق من بين أنفاسه العابسه 

= طب يا حبيبتي كنتي دخلتي معاها لما هي نسيت حاجه جوه لازم يعني تستني بره وانا قلت لك انتٍ لسه بتتعرفي على المكان هنا .

إضطربت ملامحها ثم قالت بنبرة كاذبه بتوتر 

= خلاص بقى يا مصعب انا كنت عارفه ان ده هيحصل انا قلت استناها لقدام شويه واوفر عليها المسافه وهي برده تعبت معايا لف كثير وبعد كده قابلت الحيوان ده في وشي، كويس ان انا ما كانش معايا حاجات كثير حتى دهبي سبته هنا.. بس التليفون والنمر اللي عليه دي اكتر حاجه مضايقاني .

حاوطها أكثر قبل أن يقول بنبرة هادئة رزينة 

= فلوس وذهبي إيه دلوقتي الحمد لله انك كويسه واذا كان على التليفون هجيبلك واحد ثاني واحسن من القديم كمان وحاولي بقى تجمعي النمر من تاني واصحابك ما انتٍ معاكي الفيسبوك بتاعهم ادخلي وكلميهم.. كل ده مقدور عليه المهم انك بخير 

كان صوت ندى مختنق وهي تتمتم باهتمام من خلال رأسها المدفونة به صدره 

= خفت عليا بجد أوي كده.. ده انت تقريبا حنان كلمتك من هنا خلال 10 دقائق ما اعرفش جيت ازاي رغم المسافه بعيده 

أبعدها مصعب عنه ورفع وجهها بين كفيه ثم ما لبث أن قال بخشونة وحنان 

= ما اخافش عليكي يعني ليه مش مراتي وام ولادي اللي ما ليش غيرها، انا ما اعرفش انا سوقت ازاي اصلا لما مدام حنان اتصلت بيا، خفت ليكون حاجه خطيرة وهي مش عاوزه تقولي الحقيقه عشان كده جريت بكل ما فيا و اول ما شفتك كويسه قدامي وحضنتك اطمنت هنا انك بخير فعلا 

بصوت رجولي عميق جعلها ترفع عينيها سريعاً وتنظر لاول مره بدقة إلي ملامحه الجذابة، و عينان يطل منهما حنان العالم المخالط للرفق والاهتمام... هذا كان أول ما خطر على بالها لقوله بإبتسامة احتلت ملامحها أجابت بإندفاع 

= انا كمان اطمنت لما شفتك جنبي يا مصعب واول حاجه فكرت فيها لما حصلتلي الحاله دي وجت في بالي هو أنت و بقيت عماله أقول لحنان اتصليلي بجوزي دلوقتي حالا انا عاوزاه باي شكل يكون جنبي.. 

قال مصعب بصوت لم يفصح عن أي شيء من مشاعره الحقيقة متجنباً الرد عن الجزء الأخير

= جدعه انك عملتي كده وفكرتي فيا اول واحد بعد كده اي حاجه تحصل ألجأي ليا انا فعلا اول واحد.. وانا لو بايدي فعلا والله ما هتاخر عليكي، عشان احنا هنا لوحدنا وما لناش الا بعض في الغربه . 

هزت رأسها بقلق و وجهها يتجهم بعبوس

= تخيلي بقي لو الحاله دي كانت جاتلي وانا في مصر لوحدي كنت هموت من الرعب اكتر من كده اكيد، انا اصلا مستحيل انزل تاني خلاص انت معاك حق خليني قاعده .

رفع حاجبيه ثم إستدار يتأملها وقال ببداهة

= بعد الشر عليكي يا حبيبتي عادي حادثه زي ما بتحصل في اي مكان، المهم انك بخير واللي اسمها حنان دي ما اعتقدش هتسيبك هي بجد ايه الست دي اول ما قلتلها ان انتٍ خايفه تنزلي تاني قالت لك انزلي بالعند في الحرامي 
عشان لو بيراقبك ولا حاجه يخاف ان ما فيش حاجه اثرت معاكي وانك ست قويه.. وهو هيراقبك ليه أصلا ده زمانه ميت في جلده بعد المحضر اللي عملناه فيه .

ابتسمت ندى له وهي تقول

= حنان دي فظيعه بجد بس والله هي اللي هونت عليا الحاله اللي انا فيها و قعدت تهزر معايا، هي ست جدعه وهونت عليا الغربة شويه.. ده كفايه حتى أنها خليتنا نروح وهي اللي جابت الولاد من المدرسه مع ولادها النهارده .

هز رأسه بارتياح متحدثاً وهو يمسد بكف يده على ظهرها وكأنه يمتلك مفعول السحر لمحي الألم الحاد الذي يكمن داخل قلبها بحركته هذه التي بات تعشقها ندى مؤخراً

= الحمد لله انها عدت على خير وانتٍ وفي حضني.. خفت عليكي أوي بجد ما كنتش اعرف انك مهمه أوي عندي كده، حتي كان نفسي اسبق اكتر من كده واضرب الحيوان ده اللي خوفك وجابلك كل الذعر ده 

كلماته الصادقة جعلت قلب ندى يتراقص بسعادة، لتجيب عليه بصوتها العميق

= وانا كمان ما كنتش اعرف اني بطمن أوي كده لما تكون جنبي.. وفي عز خوفي هلجالك انت أول وأحد.

أنتقـل لخبثـه ولو لدقائق، دقائق ينتشلهـا من بين طيات تلك الهموم فأصبـح يستطرد بخبث تعرفه هي جيدًا

= بقول لك ايه بما ان الولاده ربنا هداهم و ناموا بدري ما تقربي شويه وتعالي انسيكي الرعب اللي شفتيه النهارده.. انا عندي علاج كويس أوي للموضوع ده..

نظرت إليه بأعين مبتسمة بخجل و إستفـاق على صوتهـا المُحـرج نوعًا ما قائلة 

= مصعب اتلم انت فيه ولا في ايه.. اهدي على نفسك شويه 

اقترب حتي وصل أمام شفتيها التي مسها برقة وكأنه يريد تحضيرها لخطواته التالية ثم قال من بين أنفاسه الاهثة 

= ايه اللي اهدي على نفسي يا حبيبتي ده انا بعوض اللي فاتني لسه انما بعد كده اللي جي حاجه تانيه.. وتستاهلي عشان تعرفي ترحميني منك المده دي كلها... وبعدين بلاش كلام كتير وقربي مش انتٍ بتطمني لما اكون جنبك انا هطمنك اكتر من كده.......... 

وكعادته ضرب علي أوتار أنوثتها المتيمة باحتياجها الجارف، وطغى ألمها العميق على كل شيء......

❈-❈-❈

في الصباح تملل بجسده أعلي الفراش بانزعاج وفرك عينه وهو يسمع صوتها تهتف 

= مصعب.. مصعب اصحي يلا.

أجاب مصعب الذي كان يستلقي على الفراش متثائبة بنعاس

= بس يا ندى سيبيني انام شويه انا قلت لك النهارده اجازه بتصحيني بدري ليه؟ احنا نايمين الفجر سيبيني انام شويه كمان مش قادر أقوم 

تنهدت ندى بقوه واردفت بإصرار 

= يا مصعب اصحى الباب بيخبط روح شوف مين، وبعدين هو انا اللي قلت لك اسهر مش انت اللي صممت تتفرج على فيلم ونسهر لحد الفجر قوم بقى ولا اروح افتح انا .. انا مش عارفه مين اللي بيخبط اصلا في وقت زي ده على الصبح كده .

انتفض برهبة حين دق الباب بالفعل دون انقطاع لحظة، هز رأسه برفض متحدثاً بغرابة قبل أن ينتفض بعيداً عنها قافزاً من السرير ليبحث عن ملابس يرتديها

= مين اللي جي على الصبح كده فعلا لا خليكي انتٍ انا اللي هفتح .. ما تطلعيش غير لما اتاكد مين اللي بره احتمال تكون الباردة نرمين جت تاني ما انا مش هخلص منها حتى بعد ما هددتها تبعد عني.

خرج بسرعه للخارج وصدم معصب كثيراً عندما فتح الباب و وجد والدته أمامه وتحمل حقيبة معها، اتسعت عينا بفرحه وهو يقول 

= ماما مش معقول.. انتٍ بجد هنا بنفسك في السعوديه؟؟؟. 

خرجت ندى في تلك اللحظه وتجهم وجهها عندما رأت حماتها أمامها هنا، في حين 
صمتت مديحة لبرهة قبل أن ترد بنظرة غامضة

= مفاجاه مش كده؟!. قلت ما ينفعش مرات ابني حبيبتي تتعرض لحاجه زي كده وما جيش بنفس اطمن عليها.. وعلى احوالكم.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1