رواية لا تترك يدي الفصل العاشر 10 بقلم هند رفاعي


 رواية لا تترك يدي الفصل العاشر

كانت الإستعدادات لزفاف خالد ومريم على قدم وساق في منزل إبراهيم. أستطاع إبراهيم بنفوذه ومعارفه إستخراج بطاقة شخصية لمريم بالرغم من صغر سنها. وسعاد كانت مشغولة بترتيبات الحنة لمريم. فقد حاولت أن تظهر أمام إبراهيم سعادتها الغامرة بهذه الزيجة.
أما مريم وخالد فكان يتملكهم شعور آخر غير السعادة. كل ما كان يتملكهم هو القلق والخوف. القلق من هذا القرار المصيري الذي أتخذاه في هذا السن المبكر. كيف سيؤثر هذا القرار على حياتهما. كيف ستكون حياتهما المستقبلية. هل سيندمان على هذه الخطوة. الكثير من الظنون والأفكار كانت تتملكهما. وكان مهربهما من هذه الظنون طريق واحد. اللجوء إلى الله والدعاء والصلاة والتضرع لله أن يلهمهما الخير وأن يعينهما على هذه الخطوة المصيرية في حياتهما.
دبر إبراهيم كل التجهيزات والإجراءات لإتمام الزواج. وقام صالح بكل الترتيبات للزفاف. أما هشام فأرتضى لنفسه بكرسي المشاهدة من بعيد دون التدخل في مجرايات الأمور. راقب بغيظ الفتاة التي رغبها وهي تتأهب للزواج من ابن عمه.
في الصباح السابق ليوم الزفاف، دخل إبراهيم غرفة هشام وقال له.
"عاوزك تاخد أمك ومريم النهاردة وتنزلوا وسط البلد. علشان أمك تشتري كل الحاجات اللي باقية لمريم. الفرح بكرة ومفيش وقت نضيعه."
"حاضر يا ابا. يجهزوا بس وأنا جاهز."
نادى إبراهيم على زوجته.
"سعاد يا سعاد."
دخلت سعاد غرفة هشام وأجابت زوجها.
"خير يا حاج، عاوز حاجة؟"
"أجهزي وأنزلي أنت وهشام أشتروا كل اللي مريم محتجاه. الفرح خلاص بكرة."
"حاضر يا حاج. بس مش كفاية اللي أشتريناه اليومين اللي فاتوا؟"
"لا مش كفاية؟ أنت جيبت لها طقمين خروج وجلابيتين مفيش غيرهم. خلي بالك أنها لما تسافر هناك هتبقى لحالها مش هتعرف تنزل تشتري حاجة. وخالد عمره ما أشترى حاجة لبنتة قبل كدة. فأشتري كل إحتاجاتها دلوقت."
"براحتك الفلوس فلوسك. لو عاوز نشتري السوق كله مش هاقولك لأ."
"لا مش فلوسي. ده فلوس خالد ما تخافيش. هو أصر أن كل حاجة تكون من فلوسه هو."
"ماشي يا حاج. أنا هأجهز دلوقت وأقول لها تجهز هي كمان علشان تيجي معي."
"خلاص أسيبكم أنا علشان أشوف الدبايح اللي هتدبح لبكرة."
خرج إبراهيم من الغرفة. سألت سعاد إبنها.
"مش ناوي تفرد وشك ده بقى؟ هتفضل على طول لاوي بوزك كدة."
"عاوزة مني أيه يا اما؟ مش عملت اللي في دماغك. سيبيني في حالي بقى."
"يا غبي أنا عملت ده كله لمصلحتك."
"مصلحتي؟ يعني هي كانت حرام علي وحلال على خالد. مش ده اللي كنت عمالة تقولي لي ما تفكرش فيها. أشمعنى فرحانة قوي وهي هتتجوز خالد؟"
"أقول أيه ما أنت ما بتفهمش. لو بتفهم كنت هتعرف ليه أنا فرحانة."
"فطميني. معلش ما أنا فهمي على قدي."
أقتربت سعاد من أبنها وقالت له.
"أنا من وقت ما البت ده دخلت البيت وأنا كنت بخطط لجوازها من خالد. ولما أنت عملت عملتك المهببة. خليتك تقول لأبوك أن خالد هو اللي أتهجم عليها مش أنت. علشان أقنع أبوك بالجوازة ده."
"وليه بقى؟ أيه الفايدة اللي هتعم علينا من جوازها من خالد؟"
"يا ناصح. البت ده من الشارع. يعني النهاردة ولا بكرة هتحن لأصلها. وهترجع تاني للشارع. لما تهرب وتسيب جوزها ولا لما تعمل له فضيحة ساعتها هيقدر يرفع عينه فيك ولا في أبوك."
اتسعت حدقتي عين هشام وسأل بدهشة.
"نعم؟"
"خالد اللي أبوك مالهوش سيرة غيره. اللي على طول يقول ده الغالي ابن الغالي. البت ده هي اللي هتجيب رأسه في الطين. بنت مالهاش أصل من فصل. لا نعرف لها أهل ولا حد. مفيش حد رباها ولا حكمها. أكيد هتجيب له مصايب وأكيد هتعره في يوم من الايام. لما يجي اليوم ده لا هيقدر يرفع عينه قصادك ولا يحط رأسه براسك."
"يااااااه يا أما ده أنت دماغك داهية."
ضربته على رأسه مازحةً.
"فهمت بقى يا أبو دماغ تخينة أنا ليه جوزتها لخالد."
"أيوة فهمت يا ست الكل."
"وأنا كمان فهمت يا عقربة."
أنتفضت سعاد وهشام لسماع صوت الحاج إبراهيم الذي كان واقفا بجانب باب الغرفة وسمع حوارهما.
"أبو صالح."
"أيوة أبو صالح يا عقربة. بقى خططت لكل ده علشان تكسري ابن اخويا. أنت أيه تفكيرك ده سم كدة ليه. أنت حية وبتبخ سمها في كل اللي حواليها."
أقترب إبراهيم منها ومسكها من ذراعها بعنف ووبخها.
"آه يا أبو صالح. حاسب ذراعي هتكسره."
"حاسب يا ابا. بالراحة عليها."
حاول هشام أن يخلص ذراع أمه من قبضة أبيه الحديدية.
"بالراحة أيه. ده أنا لو كنت بصحتي زي زمان كنت كسرت رقبتها مش ذراعها وبس. بتستغفليني يا حرمة. بتضحكي علي. يبقى أبنك ديله نجس ويتهجم على البت الغلبانة وتقنعيني أنت وهو أن خالد هو اللي عمل كدة. الظاهر أنك اشتقتي لعلقة من علقات زمان."
ألتفت إبراهيم لإبنه وصاح فيه.
"هات العصاية يا ولد."
بكت سعاد وترجته أن يتركها.
"لا أبوس أيدك يا حاج. بلاش يا حاج أرحمني."
"سيبها يا أبا. أمي كبرت على أنها تضرب يا أبا. أمي مش هتستحمل ضربة واحدة بالعصاية."
"عندك حق. أحنا كبرنا على كدة. لا أنا في صحة أضربها ولا هي تستحمل زي زمان."
تركها إبراهيم وتنفست سعاد الصعداء.
"سامحني يا أبو صالح. ما عتش أعملها تاني."
"لا أسامحك ولا تسامحيني. لمي خلجاتك وروحي على بيت أخوك."
"لا يا حاج. ما تطردنيش من بيتي."
"علشان تبقي تستغفليني وتكذبي علي تاني. وأبقي خدي معك إبنك الحيلة ده معك. أنا رايح أشوف البهايم اللي هنذبحها بكرة في الفرح لما أعاود مش عاوز أشوفكم هنا في الدار."
تركهم إبراهيم وخرج من الغرفة ومن المنزل بأكلمه.
* * *
في الليل، خالد كان جالساً في غرفة هشام وسمع طرق على الباب. فتح الباب ووجد عمه إبراهيم. فتنحى جانبا وأعطى المجال لعمه أن يدخل الغرفة.
"عمي! أتفضل يا عمي."
"أزيك يا خالد عامل أيه يا أبني؟"
جلس إبراهيم على السرير وخالد بجانبه.
"أنا بخير يا عمي. خير في حاجة؟"
"أنت مبسوط يا ابني؟ بكرة إن شاء الله فرحك."
"الحمد لله يا عمي. صح قول لي هو هشام فين؟ أنا ما شوفتهوش من الصبح."
"هشام مشي هو مرات عمك. راح عند خاله."
"خير في حاجة. أصل يعني غريبة أنهم يمشوا وفي فرح بكرة هنا في البيت."
"أنا طردتهم."
سأل خالد عمه بدهشة
"نعم! ليه حصل ايه؟"
"فاكر ليلة ما رجعنا من المستشفى ولاقيتك أنت وهشام بتتخانقوا؟"
"طبعا يا عمي فاكر."
"الليلة ده هشام قال لي أنك أتهجمت على مريم وحاولت تتقرب منها بالعافية. وأنه ضربك علشان ينقذها منك."
ارتسمت علامات الدهشة والصدمة على وجه خالد.
"نعم! لا طبعا يا عمي. مش ده اللي حصل. العكس هو اللي حصل. ولو عاوز ممكن أنادي على مريم وتحكي لك بالتفصيل كل اللي حصل ليلتها. أنا عمري ما أعمل كدة أبدا."
"عارف يا ابني. النهاردة سمعتهم وعرفت أنهم كذبوا علي."
"علشان كدة اشترطت علي أني أتجوز مريم لو هأخدها معي مصر؟"
"أيوة يا إبني. أنا خفت لا تضعف قدام شيطانك. ولما أنت صممت أنك تاخدها معك قولت لازم تتجوزها قبل ما تاخدها."
"أنا فهمت كل حاجة دلوقت. أنا كنت مستغرب لإصرارك على جوازي منها."
"سامحني يا ابني."
أنحنى خالد وأخذ يد عمه وقبلها.
"ما تقولش كدة يا عمي. أنت الوحيد اللي بعد أبويا وأمي اللي تراعيني وتخاف علي وعلى مصلحتي. وأنا متأكد أنك عمرك ما تعمل أي حاجة ضدي."
"المهم دلوقت يا ابني أنت في حل من الشرط ده. لو مش عاوز تتجوز مريم بلاش. أنا مش عاوز أشيل ذنبك طول عمرك لو أتجوزت بالغصب أو تعبت في حياتك بسبب الجوازة ده."
"مع إحترامي لك يا عمي لكن أنت ما غصبتنيش على الجوازة ده. أنا وافقت عليها برغبتي. هو أه الجواز ما كانش في دماغي أبدا ولو ما كنتش حضرتك اشترطته أنا عمري ما كنت أفكر فيه. لكن أنا لاقيت أنه فعلا الحل لمشكلتي أنا كمان مش مشكلة مريم وبس. أنا مش عاوز أعيش لوحدي."
"خلاص يا ابني. لو عاوز تتجوز أنا هاشوف لك أحسن بنت من البلد هنا. بنت نعرفها ونعرف عيلتها وأصلها وفصلها. بنت تكون متربية قصادنا وتحت عنينا. نبقى عارفينها وتطمن وأنت مسلمها أسمك وشرفك. مش لازم مريم. بلاش مريم اللي ما نعرفش عنها أي حاجة. مهما حصل برضه هي بنت من الشارع."
"ومريم ينقصها أيه يا عمي. هي عاشت هنا بقالها ثلاث شهور دلوقت. ما شوفناش منها أي حاجة حشة. بنت غلبانة ومنكسرة وكل أملها في الدنيا أنها تلاقي مكان تعيش فيه. جوازي من مريم هيحل مشكلتنا أحنا الاتنين."
"لو عاوز يا خالد أجوزك أي بنت تانية كويسة وما تخافش على مريم. أنا عند وعدي لك هأخد بالي منها ومش هسيبها لغاية لما أسلمها لبيت جوزها. هأشوف لها أي حد هنا من البلد يتجوزها لكن مش أنت يا خالد. أنت عاوز واحدة من مقامك ومريم مش من مقامك."
"وانا أرتحت لمريم مش لأي واحدة تاني يا عمي. وكمان يرضيك يعني بعد ما هي وافقت على جوازها مني وخلاص بكرة فرحها أجي وأقول لها أسف مش هأتجوزك علشان أنت مش من مقامي وهنجوزك أي واحد تاني من مقامك."
"يا ابني زي ما قولت لك قبل كدة. كويس أنك تساعد الناس لكن مش تضر نفسك يا ولدي."
"يا عمي مش أنا أستخرت وهي كمان أستخارت خلاص بقى سيبها على ربنا واللي أختاره ربنا لنا احنا الاتنين أكيد الخير كله. أكيد القرار ده مش ضرر لي وإلا كان ربنا منعني منه. أنا أستخرت وراضي باللي يختاره ربنا لي."
"ونعم بالله. خلاص يا ابني براحتك. أنا حبيت أقولك وأخيرك. اللي فيه الخير يعمله ربنا."
"بس يا عمي كل اللي محتاجه هو دعواتك."
"أسيبك بقى تنام بكرة يوم طويل علينا كلنا. تصبح على خير."
"وأنت من أهل الخير."
نهض إبراهيم وتوجه للباب ولكنه توقف عندما سمع ابن أخيه يناديه.
"عمي."
أستدار إبراهيم والتفت لخالد.
"أيوة يا خالد."
وقف خالد واقترب من عمه خطوتين.
"ممكن أطلب منك طلب؟"
"خير يا ابني. أؤمر ده بكرة فرحك وكل طلباتك لازم تنفذ."
ابتسم خالد وتشجع وطلب من عمه.
"ممكن مرات عمي وهشام يحضروا الفرح؟"
تجهم وجه إبراهيم. فاقترب منه خالد وحاول إقناعه.
"يا عمي بكرة الفرح وكل أكابر المركز هيكونوا موجودين. هيبقى شكلها مش حلو لو مرات عمي مش موجودة هي وهشام. الناس هتسأل والكلام هيكتر. أرجوك يا عمي. لو حضرتك مش عاوز تجيبهم بنفسك أسمحي لي أروح أنا اجيبهم من هناك."
أبتسم إبراهيم لطيبة قلب ابن أخيه وربت على رأسه.
"حاضر يا خالد. أنا هأتصل بأم صالح وأقول لها ترجع بكرة. ربنا يكملك بعقلك يا ولدي."
"شكرا خالص يا عمي."
"روح نام بقى دلوقت. تصبح على خير."
"وأنت من أهل الخير"
الفصل الحادي عشر من هنا 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1