رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد


 رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل الثالث عشر 

وقبل أن يضع الهاتف مكانه قد وصلت رساله ما! وتحركت عينه عليها ليقراها على الفور..
و توقف متوسع العينين لوهلة وهو يقرأ تلك الرساله التي وصلت الى زوجته وكان بها؟!.

«ندى حبيبتي ده الايميل الجديد اللي عملته وكل ما تبلكيني هعمل واحد جديد لحد ما تردي عليا وتديني فرصه و تسمعيني.. و تسيبي جوزك اللي خانك ده وتطلقي زي ما كنتي عاوزه، بس عشان خاطري اديني فرصه و اسمعيني ومن بعدها انا متاكد انك هترجعي زي ما كنا زمان»

جن جنون مصعب من التصريح الوقح والذي يؤكد شكوكه وكلام نرمين و مما أضرم نيران الغيرة الحارقة على عرضه وشرفه حتى وان كان فعل المثل و اكثر؟ ففعلتها ستكون اكبر منه فمن ذا الذي يراسلها ويعرف اسرارهم فمعنى ذلك أن علاقتهم بدأت من فتره وكان مقتربين لبعضهم البعض ومن يعلم الى اين مكمله الان... وكل تلك الظنون والشكوك جعلت الإدرينالين يتدفق داخل عروقه كالنار متغلباً لاشعاله اكثر... 

إلا أنه لم يرحمه إحساساً قوياً بالغضب طعن  رجولته، و زاد ارتجاف حدتة واشتعلت كل غرائزه ودون تفكير كان يصرخ بصوت عالٍ عنيف

= نــــــــــدى !!. 

تقدمت منه ندى من الخارج تركض بقلق وهي تتسائل بغرابة

= ايه يا مصعب في ايه بتنادي بصوت عالي ليه محتاج حاجه الأكل لسه ما خلصش لو جعت 

ألتفت مصعب بينما العرق يتصبب منه نحوها  وهو يهز بـرأسه عدة مرات ولا تزال الصدمة تضرب مراكز عقله فـ تمنعه من الإستيعاب ثم صاح يصرخ بانفعال

= ايه ده؟ ايه اللي مبعوتلك في الرساله ده بتستغفليني وتضحكي عليا انا يا ندى؟ وانا اللي عمال اقول فيكي اشعار وبثق فيكي و مستحيل تعملي كده؟ اقوم بالصدفه اشوف القرف ده على تليفونك انا عاوز دلوقتي حالا تفسير لده .

ارتدت برأسها إلى الوراء مرعوبة من السؤال، فكان معنى ذلك أنه قد كشف خيانتها بسبب تلك الرسالة التي تحتوي على تلميح واضح لما قاله عنها وحجم خطأها. تجمدت في مكانها بدهشة وقد شحب وجهها من الدماء، فخرج صوتها مرتجفًا

=تفسير لايه انت مجنون انت ازاي تفتش في حاجتي! هو التليفون برده هيتفتح بالرقم السري لوحده بالصدفه انت بتفتش ورايا صح؟ يبقى انا على حق تصرفاتك اللي فاتت ما تدلش إلا على شك.. ده انا عمري ما عملتها وفتشت وراك رغم المصيبه اللي عرفتها عنك وانك بتخوني .

بدأ يحتاج عليها ثأر لكرامته التي طعنته و لرجولته المهدوره بسبب فعلتها، ليهدر بنبرة ميتة 

= ما تغيريش الموضوع عشان تدري على عملتك انا سبحان ما مخليني ماسك اعصابي عليكي دلوقتي عشان ثانيه واحده ومش واثق هعمل فيكي ايه؟ مين الزباله ده وتعرفيه من امتى ويبعتلك ليه وكمان عارف ان احنا كنا هنطلق وان انا خنتك! كل ده تفسيره ايه يا هانم يا محترمه.. ده كمان بيقول لك اطلقي عشان نتجوز هو انا كنت مغفل للدرجه دي ومش دريان بتعملي ايه هناك 

إبتسم بتلك الطريقة الشرسة الملتوية و عينيه القاتمتين يتبدد منهما العنف ليحتل مكانها الرغبة المخالطة للغضب بجانب وحشية مذهلة جعلت كل عضلة فيها ترتعش مخدرةً إياها، بينما يده كانت تضغط بقسوة لا تُحتمل وهو يراقب ملامحها التي وعد نفسه يوماً ألا يجعل الحزن أو الهم يعرف طريقاً إليها فقال مزمجراً

=ده انا عمال احارب كلام نرمين واقول لا ندى ست محترمه ومتربيه وصاينه شرفي! واعاتب نفسي أن ازاي بفكر فيكي بالطريقه دي وكفايه أنها سامحتني وادتني فرصه تانيه رغم إللي انا عملته اتاريها سامحتني عشان هي كمان عامله ذيي.. ده انا غبي بشكل ازاي ما فهمتهاش و عرفت انك صحيح متوفرلك كل الحاجات اللي ما تخليكيش تكوني على ذمه واحد زيي و تسامحي بالسهوله دي إلا لو الحكايه فيها حاجه انا مش عارفها بقي .

هزت رأسها بآسى بذعر ودمعها كان ينهمر على خديها بينما تهمس بارتجاف

= انت في حد كان بيلعب في دماغك كمان و مين الزباله اللي انت خنتني معاها.. هو انت مش عاوز تطلع البنت دي من حياتنا ليه للأبد؟ 
لو لسه مشتاق للقرف ده فطلقني و روحلها ما انا قلتها زمان ما حدش بينضف بسهوله واللي عملها اولاني يعملها تاني وثالث عادي.. لا و كمان بتعاتبني عشان سامحتك بسرعه واديتك فرصه تانيه اللي ما تستاهلهاش اصلا

استمر مصدوماً مذهولاً ومقتطع الأنفاس حين عاد لإدراكه ووعيه ببطء ليعرف وضعه الجديد والحقيقة الشنيعة ونوعٍ من الغضب ممزوج بالعار تصاعد بداخله بينما الشراسة كللت عينيه الخضراوين وهو يقول بتهكم قاسي 

= هو انتٍ هتقلبي الترابيزه عليا عشان تنسيني القرف اللي شفته على تليفونك من شويه؟؟ انا مش هعدي الموضوع إلا لما اعرف كل حاجه حصلت بالظبط وكنتي مستغفلاني من امتى يا هانم بقي انا تخونيني يا ندى وانا قاعد متغرب هنا عشانك وعشان عيالك، مش انتٍ برده قلتيلي استاهل واحده زيي خاينه يعني كنت استاهلك عشان انتٍ خاينه بصحيح... اقسم لك بالله لو طلع إللي في دماغي صح لا هعيشك اسود ايام حياتك و مش هتشوفي عيالك وهفضحك عند اهلك 
والدنيا كلها 

إجاباته كانت صادمة اذ أخذت لبرهة تنظر له بتعجب كمن ينظر لانسان فقد عقله ثم انخرطت بالتدريج بضحك هستيري،نظر اليها بهدوء عجيب لم يستغرب كثيراً عندما انقطعت ضحكتها بنفس التدريج الذي بدأت فيه..ثم بدت انها تقاوم أن لا تطيع دمع عينيها الذي رفرف من بين اهدابها...وقالت بتعجب مرير

= ولله! دلوقتي بس اتحمقت أوي وعرفت يعني إيه خيانه بصحيح وصعبه قد ايه الواحد ينساها ويتصدم في البني ادم اللي كان ما أمله على كل حاجه في حياته، طب لو نفترض اللي شفته صح وانا عملت زيك ليه ما تعديهاش زي ما انا عديتلك و تديني فرصه وتسامح ؟؟. 

فغر فمه بمزيد من الصدمة بإستنكار فخرجت ضحكة مستهزئة من بين شفتيه وهو يقول بنوعٍ من التوهان والاحتقار صارخاً فيها 

= انتٍ هبله عاوزاني اعرف ان انتٍ كنتي على علاقه بواحد و أرجع اثق فيكي تاني عادي جدآ واسيبك تخرجي وتطلعي وانا مامن ان انتٍ ما تعملهاش تاني.. هو انتٍ فاكره نفسك مش متجوزه راجل ولا ايه؟ انا سبق وقلتها لك خيانه الراجل غير الست! وحتى لو انا خاين زيك وفيا كل العبر برده غلطتك مش هتعدي بالسهل وهتدفعي ثمنها كتير عشان مش انا يا روح أمك اللي اتقرطس واركب قرون على اخر الزمن .. يا بنـ***  

فتحت عينيها المتوسعتين سريعاً تحدق فيه بنوع من الهلع بينما تمتمت بعنف 

= حاسب على الفاظك واحترم نفسك انا اشرف منك ومن 10 زيك، ايوه كده هات اخرك وعرفني البني ادم اللي انا مرتبطه بيه قد ايه حقير وزباله وشايف نفسه متكبر و مغرور و مهما يغلط عادي الكل لازم يديه فرصه ثانيه انما غيره لا مش كده؟؟ وفي حكم مين بقى الكلام اللي انت بتقوله ده دين 
جديد اخترعته لنفسك اذا كان ربنا نفسه عمره ما قال عقاب الراجل غير الست في اي غلط تطلعي انت مين بقى عشان تمشي الدنيا على مزاجك انت ولا غيرك 

أعادها مكانها قبل أن يشرف عليها بكامل جسده قابضاً على معصميها بعنف واضعهما خلف ظهرها لتصرخ بألم ثم قال بجمود صادمها

= يا ستي انا واحد متخلف وما بفهمش و حقيره ومش متربي كمان لو عاوزه بس برده هتقوليلي كل حاجه حصلت بالظبط و هتتحسبي على كل اخطائك وكل حاجه كنتي مخبياها عليا وعامله لي فيها الطاهره الشريفه اللي ما بيطلعش منها العيبه 

قبض بشدة عليها فشهقت بنوعٍ من الصدمة  المخالطة بالخوف والرعب وهي تتألم 

=آآ ابعد عني انت كمان هتمد ايدك عليا لو فاكر هتعرف تتشطر عليا عشان انا لوحدي هنا في الغربه معاك تبقى غلطان، ولو كنت عاوز تحاسبني يبقى انت كمان تتحاسب قبليه 

دب بصدره نوع من الغل وهو يشعر نفسه كأن مجرد لعبه بين يديها وهي تخدعه، ليصيح صارخة فيها بعنف وتهديد شرس

= هو انتٍ لسه شفتي حاجه ده انا هكسر دماغك كمان هو انتٍ مش مستوعبه الكارثه اللي عملتيها؟ ما تنطقي وتحكيلي كل حاجه انتٍ مصممه ليه ما تتكلميش وتخبي ايه للدرجه دي بتحبيه؟؟ والله ما هسيبكٍ غير لما تعترفي بكل حاجه وهتدفعي تمن كل لحظه كنتي بتكدبي فيها عليا ومفهميني انك شايله مسؤوليه عيالك وبس فعلا مش دايره على حل شعرك 

جسدها كان ينتفض كالدجاجة المذبوحة التي ترفرف مخرجةً الروح طالبةً نجدة مستحيلة وهي لا تملك إلا التوسل ثم بزغ اسمه كالمعتاد
لذلك ظلت تقاوم إياه بعنف تحاول تبعد يديه عنها وهي تردد بخوف وقلق

= قلتلك أبعد بقى عني وسيبني وملكش دعوه بيا ولا... آآه

وفجأة، انقطعت كلماتها عندما أفلتت من يده وسقطت إلى الوراء متعثرة على رأسها وفاقدة للوعي وعندما نظر إليها عن كثب، لاحظ تسرب الدماء من أسفل رأسها وذلك كان مؤشرًا سيئًا للغاية.

رفع مصعب يده نحوها بنوع من البلاهة والصدمه قبل أن يقول مبتلع ريقه بخوف 

= نـدى!.

❈-❈-❈

في المستشفى، لا يعلم مصعب ما حدث لندى يؤلمه أم يجعله يرتاح لانه تخلص من تلك الخائنه، يكاد رأسه ينفجر من كثرة التفكير حزن كثيرًا وتألم أكثر عندما كشفت سرها إلا أن قلبه لا يزال ينبض لتلك الخائنه يُريد أن  يقتلع فؤادها من بين ضلوعه..يريد أن يُجبر قلبه على كرهها..أن لا يضخ في عروقه نبضها هي يُريد أن لا يتردد اسمه من بين شفتيها اسمه وحده يجعله يقع كل مره بحبها.. ولكن ليته لم يقع في حبها وظلت بعيداً عنه حتى لا تظل أحلام أو كابوس واقعه الأسود...

آفاق من شروده علي خروج الطبيب ليركض إليه متسائلاً بقلق

= طمني يا دكتور مراتي عامله ايه؟. 

أردف الآخر بعملية طفيفة

= ما تقلقش الإصابة بسيطه بس هي هتفضل يومين هنا تحت الرعايه.. شويه وهتفوق تقدر تشوفها.

مسح علي وجهه بتوتر مبالغ ثم هز رأسه بالايجاب باستعجال وابتعد عن الطبيب ليتصل علي والدته بستنجاد

= ماما الحقيني انا محتاجلك أوي شوفي أقرب طياره وسافريلي حالا .

❈-❈-❈

بعد مرور يوم في المستشفى نظرت إليه مديحه بأعين غاضبة ومطت شفتيها قبل أن تقول بامتعاض وعتاب 

= هو ده اللي قلت ربنا هداكم و قلتلي بقينا كويسين وما فيناش حاجه إيه اللي فتح كل المواضيع دي من تاني وبعدين هو انت كنت هتموتها ولا ايه انت اتجننت مش عارف تمسك اعصابك لحد ما تتأكد من كلامك .

أطلق تألماً وهو يفتح نصف عين ثم قال  بسخريته المريرة

=وهتاكد ازاي ان شاء الله لما اشوفهم مع بعض ما الرساله لوحدها دليل! وهي ما انكرتش وما رضيتش برده تعترف بس سكوتها لوحده أكبر دليل انها كانت مستغفلاني و بتضحك عليا كل السنين دي كلها.. انا مش قادر استوعب لحد دلوقتي ازاي قدرت تعملها وتخوني وإياكي تقوليلي زيها عشان انا خنتها غلطتها غير غلطتي و لو طلع فعلا اللي انا شفته صح والله ما هسيبها في حالها وهخلي أيامها جحيم 

هزت رأسها بيأس وضيق ثم هتفت بحده

=ممكن تهدى عشان نحل الأمور ونفهم اللي فيها، بطل عصبتك دي عشان ما توديش نفسك في داهيه على الفاضي.. و وريني الرساله دي فيها ايه بالظبط ولو طلع كلامك صح انا قبلك هعاقبها بس افهم .

مد يده بالهاتف وهو يقول بتهكم مرير

=اهو اتفضلي شوفي بنفسك باعتلها ايه؟ لا و شكلهم كان في حوارات بينهم من زمان ده عارف ان انا خنتها وكنا هتطلق وبينا مشاكل 
عاوزاني بقى لما مراتي المحترمه تجيلها رساله زي كده اعمل ايه .

لم تنصدم والدته من الرسالة انما تلعثمت تردد نافية

= تهدى وتسمعها زي ما انا هديت وسمعتها ده شريف زميلها من أيام الجامعه وزميلها برده في الشغل .

صُدِم مصعب بكل من معنى الكلمه وهتف قائلاً بذهول 

= نعم هو انتٍ عارفاه هو في ايه بالظبط هو انا شكلي كده الوحيد اللي كنت مغفل وسطيكم ولا ايه؟... 

❈-❈-❈

ربتت مديحة على كتف ندى الراقده فوق فراش المستشفى وهي تقول باهتمام 

= ازيك يا ندى اخبارك اية... وعامله ايه دلوقتي طمنيني عليكي.

الاستفزاز المعتاد كان ما يصدر منها عندما قالت ندى ببطء

= عايزه تطمني عليا بجد ولا إبنك اللي واقف وراكي مستني يشوف مت ولا لأ عشان يجي يكمل عليا؟ وينفذ تهديده ويحرمني من ولادي 
ما تنطق يا استاذ فكرت تعاقبني كويس ولا  لسه .

كشر مصعب ملامحه قبل أن يقول من بين أسنانه بعنفٍ 

= شفتي بجاحتها خاينه وكمان ليها عين تتكلم عادي، من ناحيه هعمل يا ندى فانا هعمل ما تقلقيش بس بلاش تكذبي الكذبه وتصدقيها انا ما جيتش جنبك انتٍ اللي بعدتي عني وانا بشدك واتخبطتي في دماغك انما اللي لسه هعمله هعترفي ما تقلقيش.

ارتعشت بينما لفت ملامحها الغموض المفاجئ 
وأطلقت ضحكة عصبيه أذهلته وهي تردد 

= هو ابنك ده عينته ايه عمال يتكلم على الخيانه كأنه ما شاء الله الشريف وسطينا وما لوش أخطاء ملاك بجناحات مش كده بذمتك انا اللي بجحه برده.. ماشي يا مصعب هنشوف مين فينا اللي هيدفع التمن في الاخر وهيندم! 

ضحك بقوة مثلها وهو يقول من بين أنفاسه

= ده بجد وهتندميني ازاي بقى يا حضره العفيفه الشريفه.. انا بقى عاوزك تستمري على كده لحد ما أشوف منظرك في الآخر قصاد عيالك واهلك هيكون ايه 

نظرت مديحه إلي الاثنين بضيق وهي تردف بصرامة 

= بس بقى احنا قلنا جايين نسمع بعض ولا نتخانق اديها تليفونها إللي قلتلك هاته معاك واسكت عشان تسمع وتفهم .

أخذ نفساً عميقاً ثم قال بنفاذ صبر وهو يخرج الهاتف الخاص بها 
  
= انا مش فاهم تليفون ايه اللي مصممه ادهلها ده، اتفضلي لما نشوف اخرتها ومبررات الهانم  

تجهمت ملامحها قبل أن تقول صادمة إياه هاتفه من بين أسنانها بحده 

= الرساله اللي عامل عليها القلق ده كله و اتهمتني بسببها ان انا خاينه وفسرتها على مزاجك! هي نفسها اللي هتكون دليل براءتي  دلوقتي؟ أول الرساله بتقول! ده الايميل الجديد اللي عملته وكل ما تبلكيني هعمل واحد جديد لحد ما تردي عليا وتديني فرصه وتسمعيني؟ يعني اهو واضح واحد بيبعالي اكتر من مره عاوز يكلمني وانا بصده! ومش بدي فرصه واسمعه زي ما هو طلب.. وبعد كده مكمل..وتسيبي جوزك اللي خانك ده وتطلقي زي ما كنتي عاوزه، يعني أهو مش واضح اني اتفقت معاه على الطلاق عشان اروحله زي ما انت اتهمتني .

تطلع نحوها مطولاً بغموض ثم تابع بنوعٍ من عدم التصديق

= لو نفترض كلامك صح عرف منين المشاكل اللي بينا؟ وبعدين في اخر الرساله بيقول نرجع زي زمان كنتم زمان ايه عشان ترجعوا أصلا 

هزت كتفيها بثبات وهي تقول بإهتمام وتمثيل احترافي  

= من رحمه صاحبتي اللي كنت بتكلم معاها و بفضفض لما جبت آخري، واللي بعتلي الرساله ده اسمه شريف كان بينا قصه حب من ايام الجامعه وما كملتش اول ما عرفت نيته بعدت على طول لأنه كان بيتسلى مش اكثر.. بس ليه  بقى واحده تسيبه قبل ما ياخد غرضها منه محاولته في الجامعه فشلت لما حاول يرجعني تاني عشان انا ثبت على رأيي عاوزني يبقى تروح تتقدم لاهلها في الحلال الا كده تبعد عني.. وبعد كده زهق وانا كنت اتخرجت واتجوزت و ما عرفناش حاجه عن بعض لحد ما رجعت اشتغلت ولقيته في نفس الشركه تجاهلته برده تاني وكان دايما لاما يحاول يوقع رحمه في الكلام او يتصنت علينا وانا بشتكيلها وهو لقاها فرصه يدخل من تاني لما عرف ان بينا مشاكل ولما حاول معايا زي زمان قلتها له بصراحه لو جوزي في العبر كلها عمري ما هتطلق عشان غيره عشان دي اسمها خيانه.. 

حكت رأسها بعجزٍ وألم قبل أن تقر بالحقيقة المُرة

= لا و كمان اللي اكتشفته ان طلع متجوز و مخبي ومخلف فده خلاني اتعصب عليه اكتر واهددوا ان افضحه اتلم بعدها شويه وخاف.. لكن ناره أدت اكتر لما عرف ان انا رجعتلك رغم كل المشاكل اللي بينا وسافرت وهو من ساعتها عمال يبعتلي بكذا ايميل واخرهم الرساله اللي انت شفتها واللي انت من غير ما تسمع حكمت لا وكمان بتفكر لي في العقاب 

نظر مصعب إليها قبل أن يقول بإمتقاع ساخر

= جزء من كلامك ممكن يكون صح بس مش عارف ليه برده مش مصدقك عشان لو كلامك صح ليه من الاول خبيتي كل ده وما قلتيش و مادخلتيني في الصوره؟ واحد وبيضايقك يا اما تسيب الشغل زي الشاطره و زي اي واحده متربيه لاما تستنجد بجوزها يوقفه عند حده.

صمتت ندى لوقتٍ طويل جداً بتوتر خفي ولكن لحقتها حماتها أخيراً وقالت مرتجفة

= عشان انا اللي قلتلها كده يا مصعب! انا عرفت بالصدفه ان في واحد بيطاردها لما سمعتها في مره وهي بتتخانق معاه في التليفون وبرده شكيت زيك بس مسكت اعصابي و قلت أسمع.. وقالتلي نفس الكلام ومش عارفه تعمل ايه عشان يبعد عنها وهي للامانه فكرت برده تستنجد بيك بس انا خفت لاتعمل فيه حاجه وتروح في داهيه فقلت لها استمري انك تتجاهلي لحد ما يزهق زي ما عملتها أيام الجامعه بس الظاهر بقى انه مش محترم وما لقاش اللي يربيه 

ابتلعت ندى ريقها الجاف قبل أن تقول بنبرة مهتزة

= وبالنسبه ليه ما سبتش الشغل لأني كده كنت هثبتله اني لسه بفكر فيه وخفت لاضعف زي ما هو كان دايما بيقولي وبعت لكن انا بالعند قعدت قدامه وبتعامل بكل برود وتجاهل معاه عشان يعرف انه مش فارق معايا وان لو فعلا بحبه كنت هضعف ولا هيبان  

تململ بوقفته و نظر إلي الاثنين بإستياء قبل أن يقول بنبرة مريبة

= طب شفتي دليل بعينك يا ماما ولا قالتلك برده مجرد كلام زي كده؟ ما هي ممكن بتعمل عليا فيلم انا وانتٍ 

بدأت تعود المأساة حولها بذاكرتها، فالذي يحدث ويقوله بدأ غير منطقياً على الاطلاق ولكن كان بداخلها خطر عجيب خطر أن ربما من بين كل ما يحدث من ضعف قد تربح ورقة تتلاعب بها كما تريد وتهوى فرددت بنبرة غريبة

= ماشي يا مصعب هجيبلك الدليل بس قصاد كده تعرف انك هتطلقني وهرجع مصر وما لكش دعوه بيا ولا بعيالي.. لان بعد اللي عملته والكلام اللي سمعته مستحيل اقعد على ذمتك ثانيه واحده كفايه أوي انك بتتعامل على اساس أن غلطتك يتغفرلها وانا لو كنت عملت زيك لا، في العقاب اللي انت كنت هتعمله عليا هيمشي عليك.

حاولت مديحة التدخل وهي تقول بحذر

= يا ابني استهدى بالله وما تخربش على نفسك تاني احنا لما بنصدق ان نلم الموضوع  خلاص يا ندى ولا عاوزين دليل ولا حاجه احنا عارفينك من زمانهم وعاشرينك وانت بقى اقفل على بابك وصالحها .

هز رأسه بكل رفض وتصميم وإصرار مرددا بجدية

=بعد اذنك يا ماما خرجي نفسك من الموضوع ده دلوقتي وانتٍ يلا هاتي ليا دليل عايز اشوفه بعيني مش مجرد كلام زي اللي انتٍ قلته لي دلوقتي .

❈-❈-❈

قبل عدة أسابيع، شددت ندى على الهاتف قبل أن تتحرك بحذر من أمام غرفة أطفالها التي تسمع همسهم حيث كانت تتحدث مع حماتها عبر الهاتف كعادتها وتستفسر منها عن كل شيء، وعندما إطمأنت تماماً لخلو المكان سألتها الأخري باستفسار هام 

= طمنيني على الاحوال عندك لسه برده بيشك وما عرفتيش مين اللي بيدخل في دماغه الكلام ده؟!. 

ازدردت ندى ريقها وهي تشعر بصدرها ينقبض لشيءٍ مبهم غامض قادم لكن لا تعرف ماهيته

= والله هو ساعات كده وساعات كده، بس انا بقيت حاسه فعلا كلامك صح وفي حاجه بس اعمل ايه مش عارفه وقلقانه جدا ليكون فعلا مرقدلي على كلامك وكل ده عمال يدور وبعد كده هيفاجئني بمصيبه 

كان صوت مديحه به بعض الثبات المخالط بالقلق وهي تتسائل 

= طب هو احنا هنعمل ايه بقى هنفضل كده قلقانين وعارفين ومتاكدين ان في حاجه ومش عارفين نتصرف؟ لا انتٍ لازم تعملي حاجه انا مش هستنى لما ابني يروح فيها.. مصعب لو عرف موضوعك ممكن يعمل فيكي حاجه او يعمل في البيه التاني اللي عمال يبعتلك كل فتره من ايميل شكل.. انا عارفه لما الغضب يتملكوا ما بيشوفش قدامه  

اهتز شيء في ملامح ندى برهبة والذعر يعود يتمكن من ملامحها وعينيها كانتا تدوران بغير ثبات وكأنها فقدت بوصلتها التي تستخدمها لتسيطر عليها، ثم تمتمت برهبة

= هو انتٍ بتقلقيني اكتر ما انا قلقانه في ايدي إيه اعمله وما عملتوش اكثر من كده، اروح مثلا اقول له إيه اللي مغيرك من ناحيتي و يخليك شاكك فيا عشان يتاكد ان فعلا في حاجه، ما انا مش بايدي حاجه تانيه غير اني استنى 

كانت غير متقبله تماماً النبرة التي حدثها أبنها بها قبل فترة كأنه مكتشفاً ما وراءها حقيقة لذلك قالت بحزمٍ

= لا غلط ان احنا نستنى.. احنا لازم نعمل حسابنا عشان لو حصل اللي خايفين منه و موضوعك اتكشف نعمل احتياطاتنا..افهميني كويس لازم نستعد ونعرف هنعمل ايه ونقول ايه عشان كلامنا يكون واحد وقتها لو اتكشفنا ساعتها مهما كان الدليل اللي يكون معاه مش هيصدق .

بدأ تركيزها يعود شيئاً فشيئاً و وجدت بأنها محقه بينما الخوف لم يترك محياها بعد عندما قالت بتفكير جاد  

=تصدقي معاكي حق! احنا صحيح لازم نستعد ونفكر هنقول ايه لو اتكشفت وانكرت.. الإنكار لوحده مش كفايه لازم افكر في حاجه ثانيه .

❈-❈-❈

ضبطت رحمه يدها بالهاتف وهي تتحدث مكالمه فيديو مع ندي بالخارج وسألتها مبتسمة 

= مش ناوي ترجعي مصر في اي وقت والله ليكي وحشه انتٍ والاولاد يا ندى قطعتي بينا أوي يا حبيبتي انتٍ كنتي صاحبتي الوحيده واللي ما ليش غيرها.. بس برده والله مبسوطه ان انتٍ خلاص استقريتي انتٍ وجوزك هناك وما بقاش في مشاكل بينكم .

ضحكت ندى بنوعٍ من الهم ثم قالت بصوت باهت 

= والله مين سمعك نفسي ارجع حتى اجازه بس مصعب هيخاف ان انا ارجع وما رضاش اسافر تاني، الحياه ساعات برده معانا مش بتستقر دايما زي ما انتٍ فاكره الظاهر المشاكل هتفضل ورانا ورانا .

عقدت حاجبيها قبل أن تقول بتعجب

= ليه بتقولي كده؟ ايه اللي حصل يا ندى تاني ما انتٍ الأيام اللي فاتت كنتي بتكلميني و كويسه وقلتلي خلاص الحمد لله مصعب ما طلعش وحش أوي زي ما كنتي فاكره وشخص كويس وطالما مش هيكرر الغلطه دي تاني اهو على الاقل الاولاد تتربى بينا.

ترقرقت عينيها بالعبرات وتحدثت بتنهيدة حزينه قائله باصطناع 

= اقولك ايه بس انا في هم كبير، بس زهقت من كتر ما انا ساكته وعاوزه افضفض لحد.. عارفه شريف اللي معانا في الشغل انا اعرفه من أيام الجامعه وكانت بينا قصه حب قبل ما اعرف نيته السوداء وابعد عنه .

اعتدلت رحمه بسرعه في جلستها وهي تتسائل باهتمام وفضول 

= نعم! لا احكيلي واحده واحده كده عشان أفهم من البدايه الموضوع..... 

❈-❈-❈

بعد مرور أسبوع، كانت ندى تبكي وهي تتحدث عبر الهاتف مع رحمه هاتفه من بين دموعها 

= رحمه انتٍ مش بتردي عليا ليه على طول الزفت اللي اسمه شريف مش سايبني في حالي وكل يوم يهددني ان هيقول لجوزي على العلاقه اللي كانت بينا وهيزود كمان كلام من عنده عشان يخرب عليا وارجعله مكسوره .

اهتزت ملامح رحمه بشيءٍ لم تراه ندى بالطبع ثم قالت بامتقاع

=بس يا حبيبتي اهدي والله نفسي اساعدك باي شكل انا مش قادره اصدق انه انسان واطي وزباله وكان حقير للدرجه دي بس تصدقي والله ما متفاجاه من ساعه ما مراته قربت مني وقالتلي خلي عينك عليه وانا فهمت اللي فيها انه شخص مش سهل وكان مدورها مع بنات كتير.. المهم اوعي تباني وتضعفي قدامه ده اللي خليه يتقوى عليكي اكتر وبعدين طالما مش معاه دليل يتفلق . 

هزت ندى كتفيها بعجز يخالطه قلة الحيلة ولم تجد ما ترد به حتي تكلمت مرة أخرى بحزنٍ بدل صوتها

= طب انا هفضل كده مستنيه لحد ما يجيب دليل في مره، كلامه لوحده لجوزي هيشككوا فيا لا يا رحمه انا لازم اعمل حاجه وبسرعة... 
يا ريتني معايا اي دليل امسكه عليه عشان اخليه يبعد عني تعرفي لو الوضع اتعكس انا اللي هكون كسبانه ساعتها وهعرف الوي دراعه.

عقدت حاجيبها بدهشة فردت برتابة 

= دليل!.. دليل زي ايه يا ندى لو في بدماغك حاجه يا حبيبتي قوليلي المهم بيتك ما يتخربش انتٍ من ساعه ما قلتيلي ان جوزك صعب وممكن يحرمك من ولادك وانا خايفه اوي عليكي عشان انتٍ مظلومه وما تستاهليش كده... وهو اللي لازم يكون عبره لكل الأشكال اللي بيصاحبهم بنيه الزباله .

تنهدت ندى مرخية كل حصونها مرة واحدة مع صديقتها الحقيقية الوحيدة

= بالظبط كده لازم انتقم على اللي عمله معايا وعمله في كل بنت زيي! عشان يحرم وياخد درس عمره وما يكررهاش تاني.. بس انتٍ اللي هتساعديني في كده يا رحمه انتٍ مش قلتيلي انك قريبه من مراته وهي معيناكي تعرفي كل تحركاته يبقى الحل في ايدك 

هزت رحمه رأسها موافقة دون أن تراها ثم قالت بعد برهة باستسلام

= يا حبيبتي انا لو في ايدي الحل مش هتاخر بس مش فاهمه ايه اللي ممكن اعمله يعني؟ هي آه الست قربت مني وخليتني صاحبتها بس ده إيه علاقته بأنك تمسكي عليه دليل و تخليه يبعد عنك ويبطل يخون مراته و يضايقك .

وهنا كانت فرصتها لتهتف بسرعه بكل خباثة

= انا هقول لك بس الأول عاوزاكي تفهميني ليه مراته متمسكه بيه أوي كده رغم انه خاين و قلتلي في مره انه بيخاف منها و وشه قلب اول ما جاتله الشركه..و ايه العلاقه اللي بينهم واصله كده.. حاولي تحكيلي كل كبيره و صغيره وانا بالطريقه دي همسك اي دليل عليه، وعاوزكٍ الفتره اللي جايه كمان تقربي منها اكتر وتحاولي توقعيها بأي حاجه ممكن تفيدنا .
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1