رواية لا تترك يدي الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم هند رفاعي


 رواية لا تترك يدي الفصل السادس والثلاثون 

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما تدخل يا خالد واقف كدة ليه؟"
"أنا تعبان وعاوز أنام. أنا بس حبيت أقول لك أني رجعت. لو عاوزة تقعدي عندك ماشي."
"لا خلاص أنا هأجي معك."
أقتربت فريدة منهما وقالت.
"خالد تعالى يا ابني واقف على الباب ليه؟"
"معلش يا ماما أنا هروح مع خالد شقتنا."
"ماشي يا حبيبتي."
خطت مريم خارج شقة فريدة وأغلقت الباب ورائها وسألت زوجها.
"مالك يا خالد أنت تعبان؟"
"لا أنا بس عاوز أنام."
فتحت مريم باب شقتهما بالمفتاح وتبعت زوجها للداخل.
"أنت مش رايح الدرس؟"
"لأ مش رايح في حتة النهاردة."
نظرت مريم له بقلق وجست جبهته بظهر يدها وسألته.
"أنت عيان؟ حاسس بحاجة؟"
"في أيه يا مريم؟ أمبارح كنت عمالة تقولي لازم ترتاح. لما أرتاح يوم افتحي لي تحقيق."
نظرت مريم للأسفل وقالت بصوت مرتعش.
"أنا أسفة."
ضمها خالد له وقبل رأسها وقال.
"أنا اللي أسف زعقت فيك تاني. معلش النهاردة حصلت حاجة ضايقتني في المدرسة وأنا تعبان وعاوز أنام."
"أيه اللي حصل؟"
"بقول لك عاوز أنام. بعدين أبقى أحكي لك."
"حاضر."
دخل خالد غرفتهم وتبعته زوجته بدل ملابسه ورقد على السرير. لمت مريم الملابس المتسخة وسألته.
"أجهز لك أيه غدا؟"
"اللي تعمليه. لكن أبوس أيدك اقفلي الشيش وسيبيني أنام."
"حاضر."
* * *
خرج خالد من غرفته يفرك النوم من عينه ووجد زوجته جالسة في الصالة تشاهد التلفاز. لم تنتبه مريم لوجود زوجها بجانبها على الكنبة إلا عندما همس في أذنها وسألها.
"بتتفرجي على أيه؟"
فزت مريم وشحب وجهها وقالت له.
"خضيتني. أنت صحيت من أمتى؟"
"بقالي ربع ساعة قاعد جنبك وأنت ولا هنا. فيلم أيه اللي شادك قوي كدة؟"
ضغطت مريم على زر الطاقة في جهاز التحكم وأغلقت التلفاز وأستادرت بجسدها ناحية زوجها وقالت له.
"سيبك من الفيلم. قول لي أنت عامل أيه؟ كويس دلوقت؟"
"طفيتي الفيلم ليه؟ ده كان باين فيلم حلو وعاجبك."
"ده فيلم رومانسي عادي. إن شاء الله هشوفه في الإعادة. المهم أنت طمني عليك."
وقفت مريم وأردفت.
"أكيد جعان أروح أجهز لك أكل."
"آه يا ريت بجد جعان. الأول كنت جعان نوم ودلوقت جعان أكل."
"خلاص قوم أتوضأ وصلي العصر والمغرب قبل ما العشاء تأذن وأنا هجهز لك الأكل على طول."
"أوك."
بعد نصف ساعة جلس خالد على المائدة وأنهمك في الأكل وقال لزوجته.
"الله يا مريم. بالرغم من أني بأكل كتير من أكل شيفات وطباخين محترفين لكن أكلك أنت لا يعلى عليه."
"بألف هنا وشفا. شكلك فعلا كنت جعان قوي."
"بصراحة آه. أنت مش بتأكلي ليه؟ أنت أكلت مع طنط فريدة؟"
أخذت مريم لقمة ووضعتها في فمها وبلعتها ثم أجابته.
"لا أنا ما خرجتش من ساعة لما أنت جيت."
"يعني ما أتغدتيش لغاية دلوقت؟"
"آه. أنت عارف بحب أستناك. وكمان إحنا بقالنا كتير قوي ما أكلناش مع بعض."
"معلش يا حبيبتي أنت عارفة الظروف."
"صح مش هتقول لي أيه اللي حصل النهاردة خلاك ترجع بدري كدة."
"الظاهر كلامك طلع صح. أنا مش هقدر أكمل بالطريقة اللي ماشي بها كدة. جسمي فعلا تعب ومحتاج للراحة. علشان كدة النهاردة قررت أني مش هروح المدرسة تاني. وكفاية علي الدروس والشغل."
أتسعت حدقتي مريم وتوقفت يدها في الهواء وهي ممسكة قطعة الخبز بالقرب من فمها وسألته.
"أزاي يا خالد؟ أنت في الدبلوم السنة ده. هتضيع السنين اللي فاتت ده كلها."
"لا طبعا. لكن لما فكرت لاقيت ان الحاجة الوحيدة اللي أقدر أستغنى عنها من الثلاثة هي المدرسة. مش هقدر أستغنى عن الدروس علشان شرح المدرسة ولا له أي لازمة. ولا هقدر أستغنى عن الشغل علشان نقدر نعيش. يبقى الحاجة الوحيدة اللي أقدر أستغنى عنها هي المدرسة."
"لكن يا خالد مدرست عملية وفيها غياب مش زي أي مدرسة."
"ما أنا إن شاء الله هقدم شهادة طبية علشان الغياب. النهاردة مستر محمد قال لي على الفكرة ده لما لاحظ أني بنام أغلب الحصص الأسابيع اللي فاتت. سألني في أيه وأضطريت أحكي له أني بشتغل مع الدروس والمدرسة. فأقترح علي فكرة أني أغيب عن المدرسة وأقدم شهادة من أي دكتور علشان الغياب."
"مش عارفة يا خالد. على العموم أنت اللي تفهم في المواضيع ده وأنت اللي تعرف أيه اللي ينفع معك. المهم بس ما تغيبش من المدرسة قبل ما تتأكد من موضوع الشهادة ده."
"أنا فعلا روحت الإدارة النهاردة وسألت وهم أكدوا لي على الموضوع ده. ومن بكرة إن شاء الله هروح الشغل في شفت الصبح بدل شفت الليل بالرغم من أن المرتب فيه أقل لكن بيكون أهدى وشغله أخف بكتير من شفت الليل. وده يديني فرصة للمذاكرة والراحة. يعني من بكرة إن شاء الله هرجع على المغرب كدة أو العشاء بعد ما أخلص الدروس."
لمعت السعادة في عيون مريم لسماعها هذا الخبر من زوجها وقالت له؟
"الحمد لله يحسن بجد أنت وحشتني قوي."
نظر لها خالد بنظرة ماكرة وقال لها.
"يعني كل الزن اللي فات ده على أني لازم أريح مش علشان خايفة على صحتي ولا حاجة. علشان أنت محتاجة لي جنبك. وأنا اللي كنت فاكرك قلبك علي."
نظرت له مريم بغيظ وقال له.
"نعم. طيب والله ربنا وحده اللي عالم أنا عاوزة راحتك وبتكلم علشان مصلحتك وبس."
ربت خالد على كتفها وقال لها.
"عارف يا حبيبتي. بهزر بس معك. بصراحة أنا فعلا كنت تعبان وبقاوح لغاية لما ما قدرتش. وكمان المدرسة بقت تعب ومشاكل على الفاضي والواحد قرف من اللي بيحصل فيها."
"ليه حصل أيه؟"
"النهاردة يا ستي. أكتشفت أن اللي كان بيسرقنا الفترة اللي فاتت كلها. اللي سرق موبايلي السنة اللي فاتت واللي سرق فلوسي في المصيف هو حسام صاحبي."
"نعم أزاي؟"
"من السنة اللي فاتت وناس كتير تشتكي في الفصل أن موبايلاتها وفلوس بتتسرق منها. النهاردة كنت في حصة إقتصاد وكنت مش قادر أقعد خالص فرجع لورا في أخر بنش في الفصل وريحت راسي على الديسك وحاولت أنام شوية. بعد شوية سمعت دوشة ورفعت راسي لاقيت واحد زميلي متنرفز ومضايق ويقول أن موبايله الجديد أتسرق. كان لسة من أسبوع شاري موبايل أي فون سفن."
"وبعدين ده موبايل غالي قوي."
"فعلا. المستر قال أنه هيفتش كل اللي في الفصل لأن شكاوي السرقة زادت قوي في الفصل ده. الكل أرتبك وكتير أعترضوا. بعد شوية لما المستر فتش الكل طلع الموبايل المسروق من وسط كتب بشوي."
"خير يعني بشوي ده الحرامي."
هز خالد رأسه نفياً وقال.
"لا. المشكلة أن قبلها بدقيقة كنت لمحت بطرف عيني حسام بيدس موبايل وسط كتب بشوي زميلنا اللي كان قاعد قصاده. أنا بقيت مش عارف أعمل أيه. أقوم وأفضح صاحبي وزميلي اللي معي من أيام أعدادي. ولا أسكت وأسيب بشوي يشيل الليلة وهو مظلوم."
"مش بشوي ده اللي كان على طول يعمل لك مشاكل؟"
"أيوة هو ولد خنيق وغلس لكن بصراحة ما أقدرش أستحمل أشوفه يتظلم في تهمة زي ده. فضل بشوي يحلف بالمسيح والصليب أنه ما سرقش الموبايل ولا شافه قبل كدة. وقفت أنا وقولت للمستر قدام الفصل كله أني شوفت حسام وهو بيدس الموبايل في كتب بشوي."
"يا لهوي يا خالد. يعني فضحت صاحبك."
"وأنا أعمل أيه يا مريم. ما كانش ينفع أسكت أبدا."
"طيب حسام عمل أيه لما أنت قولت كدة؟"
"ولا حاجة. وقف بكل برود وثبات ولا كأنه عمل أي حاجة وقال أنه لاقى الموبايل واقع قصاده وأفتكره موبايل بشوي علشان كدة شاله وسط كتب بشوي."
"وبعدين أنتهى الموضوع على أيه؟"
"مفيش زميلنا صاحب الموبايل أخد موبايله وسكت على الموضوع علشان مش عاوز شوشرة. أبوه كان رافض أنه ياخد الموبايل للمدرسة ولو عرف هتحصل له مشاكل في البيت. والمستر أنهى الموضوع على أن حسام لاقى الموبايل واقع على الأرض وحطه وسط كتب بشوي بحسن نية والموضوع عدى عادي."
"طيب ما يمكن يكون الموضوع فعلا عادي يا خالد ويكون حسام ما سرقش الموبايل ولا حاجة."
"يا مريم هو أنا عبيط. أولا لو فعلا هو أفتكر أن الموبايل بتاع بشوي ليه ما قالش لبشوي وأعطاه الموبايل عادي ليه يدسه وسط كتبه من غير ما بشوي يحس. وكمان أنا لما شوفته بيدس الموبايل كان طلع من وسط كتبه هو مش على الأرض زي ما قال."
"طيب ليه أنت ما قولتش الكلام ده؟"
"وأفضح حسام؟ لا طبعا. أنا لما أتكلمت ما كنتش عاوز أفضح حسام. أنا كنت عاوز أرفع الظلم عن بشوي. ومدام بشوي أتبرأ من التهمة وأنتهى الموضوع أيه الفايدة أني أفضح حسام وسط الفصل كله. لكن بعدين لما أفتكرت وقت ما أتسرق موبايلي كان حسام واقف جنبي ولما أتسرقت مني الفلوس في المصيف هو كان قاعد معي في نفس الغرفة. وقتها أتأكدت أنه اللي كان بيسرقنا الفترة اللي فاتت ده كلها."
"بس تفتكر يسرق ليه؟ أنا حسيت أنه مش محتاج علشان يسرق. من طريقة لبسه باين عليه من عيلة وابن ناس."
"السرقة مش لازم بتكون كلها من الفقر أو الإحتياج. في سرقة بتكون مرض أو حقد على الغير أن عنده حاجة مش عنده هو. حسام مستوى عائلته كويس مش وحش. لكن ظروف بيته صعبة وده ممكن يكون السبب أنه يسرق."
"ظروف أيه اللي تخليه يسرق؟"
"أمه ميتة وهو عنده سنة. كبر وأتربى في كل بيت شوية. شوية قاعد عند عمته وشوية عند جدته وشوية عند ابوه ومراته. ومحدش بيستحمل حد. كلنا عارفين ظروفه وكنا قابلين به وسطنا عادي وعارفين أنه عنده شوية حقد على أي حد تاني عايش حياة عادية. لكن كنا بنقول يمكن مع لمتنا مع بعض وأننا نحسسه بالإهتمام اللي فقده في بيته يمكن يتغير. عمري ما تخيلت ان الموضوع يوصل للسرقة."
"ومين فيكم يا خالد ظروف حياته طبيعية. ما كل واحد وعايش مشاكله بنفسه وساكت على همه. ما أنت أبوك وأمك ماتوا وسابوك عايش لوحدك. وجاسر أبوه مات وسابه هو أمه من غير ولا مليم. كل واحد بيعيش حسب ظروفه ده مش مبرر أبدا أنه يسرق."
"أنا مش ببرر له السرقة. أنا بس بقولك لك على الأسباب اللي خلته يوصل لكدة. أنت عارفة أنه أوقات كان بيجي يقعد معي هنا شهر كامل مفيش حد يتصل به يسأل عليه هو فين. أبوه فاكره عند عمته وعمته فاكراه عند جدته وجدته فكراه عند أبوه محدش فيهم بيهتم يسأل هو فين ولا راح فين ولا جرى له أيه. ربنا يتوب عليه ويغفر له يا رب."
"يا رب." 
********

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1