رواية جمر الجليد الفصل الثالث 3 بقلم شروق مصطفي


رواية جمر الجليد الفصل الثالث بقلم شروق مصطفي 


نزل الثلاثي إلى المطعم الخاص بالفندق وطلبوا وجباتهم. بعد قليل، وصل النادل بطلباتهم، وقرروا أن ينتهوا من تناول الطعام أولًا، ثم يكتشفوا المكان ويسألون عن مقر الشركة.

بعد أن أنهوا وجبتهم، قرروا التمشي قليلاً، وهم يثرثرون ويضحكون، حتى اقتربوا من حوض السباحة الكبير.

قالت مي: "نفسي أقعد هنا على طول، كل يوم أنزل في البسين ده، شكله رائع! ما تيجي ننزل شويه بعد ما نخلص شغلنا؟"

همسة همست: "الصراحة شكله مغري، بس مش مستعدة."

سيلا ابتسمت بخبث وقالت: "طيب، لو تحقق لكم أمنياتكم، هتعملوا إيه؟"

ردا مي وهمسة معًا: "إزاي يعني؟"

قبل أن يكملوا حديثهم، دفعتهم سيلا فجأة إلى الحوض. سقطوا في الماء وبدأوا في السعال.

سيلا ضحكت وقالت: "حققتلكم أول أمنية!"

مي: "بس لما أطلعلك يا زفتة!"

همسة: "ماشي يا سيلا."

استمرت سيلا في الضحك بصوت عالٍ حتى كانت بجانبهم في البسين، ما صدم مي وهمسة. رفعت سيلا وجهها للأعلى وصدمة أخرى عندما اكتشفت أنه نفس الشخص الذي دمر الكاميرا. نظر إليها بابتسامة انتصار ثم ترك المكان.

غضبت سيلا بشدة وضربت الماء بيديها وقالت: "ماشي، دا انت يومك مش معدي! يا أنا يا أنت!" ثم وجهت نظرًا ناريًا لمي وهمسة: "عجبكم كده؟"

همسة ضحكت قائلة: من حفر حفرة لأخيه وقع فيه. 
 بينما مي كانت تفكر للحظة في أين رأت هذا الشخص، لكن لم تتذكر. بدأت مي بنثر الماء على همسة، ثم اتجهوا جميعًا إلى سيلا. بعثروا الماء على وجهها وهي لم تندمج معهم، فتركتهم وخرجت لتنظف نفسها.

أخرجت نفسًا عميقًا وقالت بغضب: "أه لو شفتك تاني..."

اتجهت سيلا إلى غرفتها بغضب شديد، تلاحقها مي وهمسة. في المطعم، استمر هو في الابتسام لنفسه وهو يفكر: "دي البداية!" ثم أكمل طعامه وغادر.

سيلا في غرفتها، لم تتمالك نفسها، ودخلت الحمام تحت الماء البارد لتخفف من غضبها، ثم غيّرت ملابسها. لم تهدأ، وكانت تفكر في الانتقام منه.

ظلت تذهب وتعود في الغرفة، تحاول تذكر أين راته، وتقول بغضب: "لو شفته تاني مش هسيبه!"

دخلت مي وهمسة، وحاولتا تهدئتها. فقالت مي: "هو ليه يعمل كده؟ تعرفيه؟"

سيلا انفجرت: "وأنا إيه اللي يخليني أعرفه؟!"

ثم قالت بعنف: "لو شفته، مش هسيبه. هنزل أدور عليه تحت!" وحاولت دفعهما لتصل إلى الباب.

وقفت مي وهمسة أمام سيلا، يحاولان منعها من التوجه إلى الباب. قالوا لها: "استني بس، ما ينفعش تنزلي كده، اهدي الأول." هرولت مي وأغلقت الباب بالمفتاح وأخذته في جيبها.

سيلا، وهي غاضبة، قالت: "لا، أنا نازلة! أبعدوا عني." وصلت إلى الباب، ثم طرقت عليه بشدة: "أفتحي الباب يا مي، بقولك، غوري من وشي دلوقتي!"

همسة حاولت تهدئتها: "اهدي، طيب، هنيجي معاكي، نغير هدومنا ونيجي معاك." ثم دخلت همسة الحمام لتغيير ملابسها.

سيلا وجهت حديثها إلى مي: "سيبي المفتاح هنا."

مي، بخوف، قالت: "لا، خليه معايا، اطمني."

سيلا، رافعة حاجبها: "وأنا لو عاوزة أفتح الباب هغلب؟ ممكن أكلم روم سيرفس. أمشي يا مي من وشي."

خرجت همسة سريعًا، ثم تربت على ظهر سيلا لتهدئها. مي هرولت لتغيير ملابسها.

فردت سيلا جسدها على السرير، وهمسة حاولت تهدئتها.

همسة، وهي تحسس شعرها: "اهدي يا حبيبتي، هندور عليه كلنا، ونعرف عمل كده ليه. أكيد مش قصده."

غفت سيلا، بينما خرجت مي من الحمام. همسة أومأت لها بأن لا تتحدث، بينما مي حمدت الله أن سيلا نامت، ثم خرجت إلى الشرفة أمام البحر، تفكر في أين رأت هذا الشخص، وتحدثت مع نفسها: "مش غريب عليا، حاسة إني شوفته، بس فين؟"

سرحت قليلاً وهي تحاول تذكر أين رأت هذا الشخص. تذكرت حادثة المشفى، حيث حاولوا إنقاذ الفتاة التي كانت قد فارقت الحياة قبل أن تصل إلى المستشفى. أما الأخرى، فقد كانت فاقدة للوعي بعد تعرضها للاعتداء، وكان الأطباء في محاولات مستميتة لإنقاذها.

خرج الطبيب ليخبر مي بأن الفتاة قد فارقت الحياة بالفعل، ما أصابها بانهيار، فسقطت مغشياً عليها. بعد أن استفاقت، أخبرتها الممرضة أن حالة الفتاة الثانية خطيرة جداً وأنها بحاجة إلى دعم نفسي.

السرد الذي كتبته جيد، إليك بعض التعديلات الطفيفة لتدعيمه:

---

مي كانت في حالة صدمة شديدة، لم تستوعب بعد ما سمعته عن صديقتها. فبصوت يرتجف، سألَت الممرضة: "هي عايشة صح؟"

الممرضة أجابت بصوت هادئ، محمَّل بالتعاطف: "هي حية، لكن حالتها النفسية سيئة جداً."

مي، وقد بدأ ألمها يخف قليلاً، سألت بحيرة: "مين، ماتت؟"

الممرضة، بحزن، أجابت: "البنت اللي تعرضت للاعتداء."

لم تتمالك مي نفسها، وقلبها المثقل بالحزن والارتياح في نفس الوقت، قالت بصوت مرتعش: "الحمد لله، سيلا متقلقيش، أنا هكلم أهلها، وأخويا هيجي في الطريق. لكن البنت الثانية، ما عنديش فكرة عن أهلها."

الممرضة ابتسمت بلطف وقالت: "تمام ماشي أستريحي أنتي دلوقتي."

لكن مي، رغم التعب الذي بدأ يظهر عليها، قالت بحزم: "لا، خذيني إلى سيلا، أطمن عليها."

أومأت الممرضة برأسها، وأجابت: "تعالي معي."

دخلت مي الغرفة، وعندما رأت سيلا ممددة على السرير، تملأ دموعها عينيها. كانت عينا سيلا مغلقتين، وجسدها محاط بالأسلاك والأجهزة الطبية. قلب مي انقبض من الألم، لكنها حاولت أن تبقى قوية. قالت الممرضة برقة: "سيبيها دلوقتي، هي بحاجة إلى الراحة."

نظرت إلى سيلا قبلت جبينها وشعرت بأهتزاز هاتفها ليظهر اسم والد سيلا فغادرت وأجابت بصوت مهزوز ضعيف: "أهلاً يا أونكل."
ردت عليه بعد أن فهم توترها: سيلا أ.. سيلا تعبت شوية وجبناها المستشفى."

أخبرته باسم المستشفى وأغلقت الهاتف. انتظرت بالخارج، حيث حضرت الشرطة وأخذت أقوالها، وأوضحوا لها أنهم في انتظار الشاهدة التي رأت الحادثة.

رودي اتصلت بها وقالت: "إيه ده؟ البنات زعلوا منك، فين سيلا؟"

ردت مي بصعوبة: "إحنا في المستشفى، سيلا مش كويسة، لسه مفاقتش. ادعي لها، محتاجين دعواتك."

رودي قالت: "أنا هكلم أخويا أول ما يجي، وهخليه يوصلني."

بعد مرور ربع ساعة، وصل محسن ونرمين مسرعين إلى المستشفى. وجدا العسكري واقفاً أمام غرفة سيلا، فتوجهوا مباشرة للطبيب الذي أخبرهم بكل التفاصيل، مشيراً إلى أنهم في انتظار أن تستفيق سيلا.

نرمين، وهي ترى مي في حالة انهيار، احتضنتها وقالت: "مي، حبيبتي، طمِّنيني، أنتي كويسة؟"

مي حكَت لها ما حدث، وتبادلا الدموع معاً. ثم سألَت نرمين: "وأنتِ شُفتي اللي حصل؟"

مي هزت رأسها نفياً وقالت بتردد: "لا، ما شُفتش حاجة. بس سيلا راحت تلهيهم عن البنت اللي معاهم."

نرمين ربتت على كتف مي وقالت: "اهدي يا حبيبتي، إن شاء الله هتقوم بسلامة، كل شيء هيعدي."

بعد دقائق، وصلت رودي، واحتضنت مي بشدة، ثم دخلوا غرفة سيلا، حيث كانت مستلقية بوجه شاحب وعينين مغمضتين. نظرت رودي إلى مي وسألت: "إيه اللي حصل؟"

فاقت مي من شرودها عندما تحدثت همسة اليها: "ها بتكلميني؟"

همسة نظرت إلى مي وقالت بابتسامة: "أنتي مش هنا خالص! بقولك أكيد مش قصده يوقعها، مش كده؟"

مي ردت بحزن: "أنا شايفة إن اليوم كله راح على الفاضي. لا شغلنا اشتغلنا، ولا فسحنا استمتعنا. كل حاجة راحت."

همسة ضحكت وقالت: "بس أنا ما ضيعتش وقتي، استغليت لما كنتوا نايمين واشتغلت شويه. الصراحة، أنتو صداع قوي."

مي بابتسامة حزينة: "تصدقيني، كنت غلطانة إني بكلمك أصلاً. دلوقتي هنزل أتمشى شوية، تعالي نصحي سيلا وننزل. هتيجي معانا ولا هتفضلي ترسمي؟"

همسة: "أنا جايه معاكم. يلا نصحيها."

حاولوا يوقظوا سيلا، لكنها كانت ما زالت نائمة.

مي قالت: "ياسيلا، قومي بقى، اليوم هيروح واحنا هنا. يلا ننزل نسأل عن الشركة الجديدة."

سيلا فتحت عينيها بصعوبة وقالت: "آه، أنا مصدعة أوي."

مي ردت: "نمتي كتير، يمكن عشان كده."

سيلا: "ممكن تطلبي لي فنجان قهوة؟ دماغي هتنفجر."

همسة: "طيب، يلا قومي، ننزل نشربها تحت. إحنا جايين نقعد هنا."

سيلا أخيرًا حاولت النهوض: "طيب، طيب. هدخل أغسل وشي، وننزل نشرب قهوة مع بعض."
… 

داخل مكان مجهول، في جو يملؤه الغموض والرهبة، قال أحدهم بحدة:
"ها، قول اللي عندك."

رد الآخر متلعثمًا:
"ياباشا، الجريدة شغال فيها أربع شباب وثلاث بنات. ودي ورقة مكتوب فيها تخصص كل واحد فيهم، وورقة تانية فيها عناوينهم."

تناول الأوراق دون اكتراث، ثم قال بنبرة قرف:
"طيب غور انت بره، لو عوّزتك هندهلك."

رد الرجل بخضوع:
"أوامرك يا باشا." ثم غادر مسرعًا.

بدأ الرجل في تفحص الأوراق بعناية، ولمعت عيناه ببريق مريب عندما وقعت عيناه على اسم معين. قال لنفسه بنبرة مشوبة بالسخرية:
"ممم... طلعت بنت! شكلها هتحلو أوي."
نادى بصوت عالٍ:
"تعالى يا زفت هنا!"

دخل أحدهم مهرولًا:
"أؤمر يا باشا، خدامك."

ناول الرجل الورقة التي تحمل اسم الفتاة وقال بأمر حازم:
"خد دي، وهاتلي كل حاجة عنها. تحركاتها، بتاكل إيه، بتشرب إيه، بتروح فين... كل حاجة عنها. فاهم؟"

تردد الآخر قليلاً قبل أن يرد بخوف:
"ف... فاهم يا باشا."

صرخ فيه:
"امشي يلا!"

خرج الرجل مهرولًا، بينما انفجر رئيسه في ضحكات عالية، قائلاً بصوت مشوب بالسخرية:
"كده اللعب هيحلو أوي."

.....
بينما كانت سيلا تستعد لمغادرتها، رن هاتفها فجأة. رفعت السماعة وردت بحذر:
"ألو؟"

جاءها صوت متلعثم:
"أ... ألو."

سألت سيلا باستغراب:
"مين معايا؟"

رد الصوت:
"أنا... لازم أشوفك ضروري."

ضاقت سيلا ذرعًا وسألت بحدة:
"مين معايا الأول؟"

أجاب الصوت بعد تردد:
"أنا منى."

قالت سيلا بعد أن تذكرت:
"آه يا منى! في إيه؟ صوتك مش طبيعي."

ردت منى بتوتر:
"لازم أقابلك، الموضوع مش هينفع في التليفون."

سيلا:
"أنا مسافرة ولسه مش هرجع. قولي اللي عاوزاه هنا. في حاجة جديدة؟"

منى حاولت أن تسيطر على قلقها وقالت:
"أيوه، حد غريب كلمني. مش عارفة هو مين، بس واضح إنه تابعهم. هدّدني إني ما أروحش المحكمة وقال لو شافوني هناك، هيعملوا حاجة فيا، وقفل المكالمة."

سيلا بغضب:
"مش معقول! إيه الجبن ده؟"

منى:
"هما فاكرين إن الأدلة معايا، وده سبب التهديدات. أنا خايفة على نفسي وأولادي. مضطرة أختفي."

سيلا، بعد لحظة صمت:
"ومش هتحضري المحكمة؟"

منى بأسف:
"ماقدرش. أنا آسفة، كان نفسي أساعد أكتر."

ردت سيلا بغضب مكبوت:
"طول ما إحنا ساكتين، هيتمادوا أكتر. لازم حد يقف لهم." ثم أغلقت الهاتف بعصبية بعدما رمقته بنظرة غاضبة.

على وقع صوتها العالي وارتطام الهاتف بالأرض، دخلت همسة ومي مسرعتين:
"مالك؟ بتكلمي مين؟ في إيه؟"

لم تجب سيلا، وبدلاً من ذلك، تركتهم ودخلت الحمام. فتحت المياه على وجهها محاولة تهدئة غضبها الذي اشتعل من المكالمة.

بعد دقائق، خرجت وقد استعادت بعض هدوئها، ثم ارتدت ملابسها بسرعة وقالت بنبرة حاسمة:
"يلا بينا ننزل."

تبادلت مي وهمسة نظرات متسائلة، لكنهما لم تعلقا احترامًا لمزاجها، واكتفيا بالقول:
"يلا بينا."

نزلت سيلا برفقة مي وهمسة إلى الكافيه. جلسن وطلبن مشروباتهن، وبدأن الحديث، لكن سيلا كانت شاردة الذهن. فجأة، وقع نظرها على رجل يجلس أمامها منشغلًا بأوراقه وهاتفه. شعرت أن ملامحه مألوفة، فحاولت تذكر أين رأته.

عادت بذاكرتها إلى يوم أفاقت من الغيبوبة. كان والدها قد هرع للطبيب بعدما فقد الأمل، والطبيب أخبرهم أن حالتها الجسدية مستقرة لكن الصدمة أفقدتها النطق، وأنها بحاجة لعلاج نفسي عاجل.

في الغرفة، بقيت همسة بجانبها، لكنها خرجت لاحقًا لإحضار قهوة. خلال غيابها، دخل رجل إلى الغرفة. بخطواته الواثقة وصوت حذائه، انتبهت سيلا لوجوده. تقدم نحوها وقال ببرود:
"كلمة واحدة هقولها وأمشي."

نظر لها بازدراء وقال بحدة:
"عاوزك تقطعي علاقتك بأختي، سامعة؟"

لم ترد، فتابع بسخرية:
"فاقدة النطق زي ما بيقولوا؟ ولا بتمثلي زي التمثيلية البايخة اللي عملتوها انتي وصحبتك؟ بس للأسف صحبتكم ماتت... يا خسارة."

اقترب منها فجأة، أمسك وجهها بيده وقال ببرود:
"هنشوف إذا كنتِ شمال ولا لأ، والطب الشرعي موجود."

حاولت إبعاد يده عنها، لكنه أكمل:
"ما يشرفناش أن أختي تصاحب واحدة متهورة زيك. لو كنتي أخدتيها معاكي، كنت دمرتك بأيدي! تقطعي علاقتك بها وبصحبتك التانية، ومتحاولوش تكلموها تاني، مفهوم؟"

ثم غادر الغرفة بعنف، تاركًا إياها في حالة انهيار، تبكي وتتساءل بصوت مخنوق:
"ليه؟ أنا ذنبي إيه؟ بعد كل ده، هي ماتت؟!"

وأخيرًا تذكرته سيلا! ابتسمت ابتسامة غامضة، مما جعل الجميع يتساءل عن سببها. فجأة، قامت من مكانها، مما أثار قلق مي التي سألتها:
"مالك يا سيلا؟ في حاجة؟"

لكن سيلا لم ترد، بل أخذت كوب ماء من الطاولة وخرجت من الغرفة بهدوء.

تفاجأ الجميع بتصرفها المفاجئ، وظلوا يراقبونها بقلق. بعد لحظات، حدث ما لم يتوقعوه، مما جعلهم يضعون أيديهم على وجوههم من هول المفاجأة.

بعد الغداء، ذهب إلى غرفته ليأخذ قسطًا من الراحة. كان ماضيه يعصف به، ولم تنطفئ النار التي كانت تشتعل داخله منذ سنوات. حمل مسؤولية أسرته منذ أن كان مراهقًا، فافتقد طفولته ومراهقته. عايش شجارات والدته ووالده، وكان يسمع صراخهم يومًا بعد يوم، ما جعله يكره كل شيء وكل شخص.

تذكر كيف كان يحرص على حماية إخوته التوأم من هذه الصراعات، وعندما كانت تنشب مشاجرات بين والديه، كان يحاول إبعادهم عن الموقف.

ثم جاء اليوم الذي غيّر كل شيء. كان الأخ الأكبر في رحلة مدرسية، والأب مسافر للعمل. وفي تلك اللحظة، تلقى الأب مكالمة من ابنه الأصغر معتز، الذي كان خائفًا ويخبره بأنه سمع صوتًا غريبًا في البيت. طلب منه الأب أن يغلق باب غرفته ويحتفظ بأخته معه، وأوصاه ألا يخرج من الغرفة. لكن معتز كان في حالة من الذعر، وأخبره أن هناك شخصًا غريبًا في المنزل، وحاول التواصل مع عاصم ليخبره عن الموقف.

معتز كان يرتجف من الخوف وأخبر عاصم أنه سمع صوتًا غريبًا في غرفة والديه، مما جعله يشعر بالقلق. طلب عاصم منه أن يأخذ أخته ويغلق الباب بإحكام وأكد له أنه قادم فورًا.

وصل الأب بسرعة إلى المنزل، دخل مكتبه ليأخذ سلاحه ثم خرج ليجد عاصم أمامه، فطلب منه الصعود إلى غرفته مع إخوته وعدم الخروج مهما حدث.

عندما اقترب الأب من غرفة نومه، سمع أصوات غير طبيعية، ففتح الباب فجأة ليكتشف الموقف الصادم زوجته مع عشيقها! شعور بالغضب والخيانة دفعه إلى التصرف بسرعة، لإطـ.لاق النار عليهم ثم خرج مسرعًا ليطلب الشرطة، لكنه تفاجأ برؤية عاصم أمامه.

.الأب تحدث بصعوبة وهو يمسك قلبه: "أنت هنا من إمتى؟"
عاصم اغرورقت عيناه بالدموع وركض نحو والده قائلاً: "بابا".
احتضنه الأب بشدة، وطبطب عليه قائلاً: "آسف يا بني، آسف ليكم كلكم... كنت أتمنى لكم حياة أفضل، آسف... خلي بالك من أخواتك، اختك أمانة عندك".
ثم انهار الأب في البكاء. 

فجأة، سقطت أخته على الأرض مغشيًا عليها. بينما ظل معتز في مكانه، ساكنًا، ينظر إلى شيء أمامه، وكأن عقله قد شرد. أمامه صورة مؤلمة: والدته في وضع مهين مع شخص آخر.

عندما سمعوا صوت الرصاص، هرعوا إلى الغرفة ليجدوا الدماء تغمر السرير، والملاءة البيضاء قد تلوثت بالدم. الأب انهار من الصدمة، ولم يستطع الوقوف. عاصم ركض نحو أخته بينما بقي معتز فاقدًا للوعي، غير قادر على التعبير عن مشاعره.

اتصل الأب بشقيقه، وأخبره بما حدث، وأبلغ الشرطة. حضر أفراد الشرطة، وقاموا بتأمين مسرح الجريمة. تم القبض على الأب الذي اعترف بقتلهم دفاعًا عن شرفه.
ولكنه لم يتحمل الفاجعة، فسقط مغشيًا عليه بسبب أزمته القلبية، ورحل عن الحياة.

تنهد عاصم وأغمض عينيه، ثم غلبه النوم بسبب إرهاقه من طول اليوم.
بعد ساعتين، استفاق على اتصال من معتز.
معتز قال: "أنا خلصت وجاي في الطريق، هوصل الصبح إن شاء الله. عاصم، تيجي بسلامة؟"
أغلق معه على جلس على طرف السرير ونظر إلى ساعته، فوجدها العاشرة مساءً. غمض عينيه وأخذ يحرك أصابعه على جفنيه، ثم قام واتجه للحمام ليأخذ دشًا. بعد أن انتهى، ارتدى ملابسه، أخذ حقيبة العمل ونزل ليراجع بعض الأوراق.

 
أمسكت سيلا بكوب من الماء البارد، ثم اتجهت نحو الجالس أمامهم دون أن يأخذ باله، وسكبت الكوب كله فوق رأسه. قالت بلهجة غاضبة: "مش أنا اللي هيتعامل معايا كده."

ثم كادت أن تبتعد، لكن قبضته أمسكت بمعصمها بقوة، وقف فجأة وجذبها معه إلى الوراء. ركضت وراءه، بينما كانت تسبه بأفظع الكلمات. التفتت أنظار من حولهم إليهم، وزادت الهمهمات بين الناس.

كانت تتلوى تحت يديه من شدة قبضته عليها، وصرخت: "سيب إيدي يا حيوان، بقولك!"، لكن فجأة… 

الفصل الرابع من هنا


تعليقات



×