رواية السر الملعون الفصل الثالث 3 بقلم حماده زهران


 رواية السر الملعون الفصل الثالث 


كنت واقف قدام الظل الطويل ده، حسيت بحاجة تقيلة على صدري، كأن العالم كله بيضغط عليا ومش عايزني أتنفس،عنيه اللامعة كانت بتبصلي..اتجرأت وسألته بصوت مرعوش:
-إنت مين..وليه أنا هنا.
الظل ما تحركش،لكن صوته جي من كل مكان حواليا بيقول:
-مش أنا اللي جبتك،إنت اللي كنت عايز تيجي.
وفي اللحظة دي،حسيت إن الدنيا بتتهد فوق دماغي،الحيطان بتتكسر كأنها زجاج، والأرض تحت رجلي بقت بركة طين بتحاول تبلعني.
وفجأة..الظل اختفى،لكن ضحكته لسه بتتردد في كل حتة في المكان. بصيت حواليا لقيت نفسي في أوضة ما أعرفهاش،الحيطة مليانة رسومات غريبة،خطوط عشوائية.
وفي وسط الأوضة، كانت فيه مراية كبيرة، لكن اللي ظهر في انعكاسها مش أنا..كان طفل صغير،عيونه مليانة دموع، وبيبكي بحرقة كأنه محبوس جواها.
مديت إيدي بخوف ولمست المراية، حسيت ببرودة غريبة بتدخل في عروقي.
فجأة..الطفل اللي جوا المراية سكت عن البكى،ورفع وشه وبصلي،وقال بصوت مكتوم:
-ساعدني.
رجعت لورا بخضة، بس في اللحظة دي،صورة الحجر اللي شوفته في القرية ظهرت فجأة في انعكاس المراية..وكان بينور بشكل أغرب من الأول، وعليه كتابة جديدة ما كانتش موجودة قبل كده:
"السجن الأبدي للمحاولة"
المراية بدأت تتهز بعنف، وشق كبير ظهر في نصها، ووراه؛ظهر مشهد لمكان تاني. كان فيه باب ضخم محفور عليه نفس الرموز اللي شفتها على الحجر، لكن كان الباب شكله غريب،كأنه مش مصنوع من خشب أو معدن،لكن من حاجة مش طبيعية،زي الظل كده. الرموز اللي عليه كانت بتنور وتطفي، وكأنها بتتنفس،وكل ما أقرب منه، الأرض تحت رجلي بتسحبني ناحيته.
الصوت اللي حواليا بدأ يهدى شوية، لكنه كان مليان همسات غريبة، أصوات ناس كتير بيتكلموا في نفس الوقت، ومفيش كلمة منهم مفهومة، إلا كلمة واحدة كانت بتتكرر باستمرار:
"البداية..البداية"
قربت أكتر من الباب، وكل خطوة كنت باخدها،كنت بحس إني بقرب من شيء مالوش رجوع.
فجأة..الباب بدأ يفتح لوحده، صوت المفصلات كان عالي،وجوه الاوضة كان فيه ضوء أحمر خفيف طالع،والجو كله اتغير، ريحة دخان وحرارة غريبة بدأت تهب في المكان.
جوا الباب كان فيه سلم بينزل لتحت، لكن مكنش ثابت،كأن كل درجة فيه بتتحرك، وكل ما حاول أنزل خطوة،كان بيتهيألي إن فيه حاجة بتتحرك تحت في الظلام.

وأنا واقف على أول درجة، سمعت الصوت تاني،لكن المرة دي كان واضح أكتر:
-لو نزلت مفيش طريق للرجوع..القرار قرارك.
وقفت مكاني محتار،الخوف بيشدني أرجع، والفضول بيقولي كمل.. وفي لحظة واحدة حسيت بحاجة على كتفي.
أتلفت بسرعة ورايا، لقيت إيد صغيرة ماسكة في كتفي..ايد الطفل اللي كان في المراية،لكنه دلوقتي قدامي ملامحه مش واضحة بسبب الظلام، لكنه بصلي وقال:
-إنت البداية..بس النهاية فين.
وكانت دي اللحظة اللي عرفت فيها إن اللي مستنيني تحت السلم مش مجرد إجابة..ده شيء أكبر من أي حاجة أتخيلها.
بصيت للطفل اللي اختفى قدامي فجأة وكأنه كان مجرد خيال، لكن صوته فضل يتردد في وداني. 
كان بيقول:
-إنت البداية..بس النهاية فين.
الظلام اللي تحت السلم كان بيناديني، والجو بقى أتقل وأتقل، وكأن المكان نفسه بيحاول يجرجرني لتحت..حاولت أرجع خطوة لورة،الأرض تحت رجلي كانت بتنهار، وكأني محبوس في خيار واحد..أنزل.
نزلت أول خطوة، وصوت الحجارة تحت رجلي كان عالي كأنها بتتألم،ومع كل خطوة كنت بحس حاجات بتلمسني..حاجات مش شايفها بس لامسها، زي هواء بارد بيمر حواليا بسرعة..ولما وصلت لآخر السلم، اكتشفت إن المكان كان عبارة عن بدروم ضخم،بس مش زي أي بدروم شوفته في حياتي.
الجدران كان محفور عليه رموز غريبة، مش بس محفور..الرموز كانت بتتحرك، بتنور وتطفي.
وفي نص البدروم كان فيه دايرة كبيرة مرسومة على الأرض،ومرسوم فيها نجمة خماسية وحواليها شمع بينور باللون الأزرق.
في وسط النجمة كان فيه كتاب كبير مفتوح على صفحة مكتوب عليها جملة واحدة بس:
"اللي يدور على الحقيقة..لازم يضحي"
وفجأة..حسيت بحاجة حواليا، كأن فيه عينين بتراقبني من الظلام..والصوت اللي كان بعيد في الأول بدأ يقرب، وبقى واضح أكتر، بيقول:
-أخيرًا جيت..انا كنت مستنيك.
بصيت حواليا بخوف وقلبي كان بيدق بسرعة مش طبيعية..ومن العدم ظهر قدامي نفس الظل اللي شفته قبل كده في الدور اللي فوق.
كان ضخم،أطول من أي إنسان طبيعي، وشكله مش ثابت،كأنه بيتغير كل لحظة..عينيه نقطتين  بينوروا أحمر زي شعلة نار في الظلمة.
قرب مني بهدوء وقال:
-فاكر لما قلتلك البداية..اقولك هي هنا،لكن النهاية بتاعتك أنت هتقررها ودلوقتي.
الظلال بدأت تتحرك بسرعة حوالينا، وكأنها بتستعد للهجوم..قال:
-عشان تكتشف السر،لازم تختار بين حاجتين..التضحية أو الهروب.. َلكن افتكر كويس ان اللي يهرب،الضباب هيطرده للأبد..واللي يضحي، الحقيقة هتستهلكه.
بصيت للكتاب اللي على الأرض،وإيدي بدأت تتهز..كنت عارف إن القرار اللي هاخده دلوقتي هيغير كل حاجة..بس إيه اللي ممكن أضحي بيه.
سألت وأنا حاسس بقلبي هيخرج من بين ضلوعي من كتر الخوف وقولت:
-أضحي بإيه. 
الظل ابتسم،حسيت إن الابتسامة دي فيها كل الألم والخداع اللي في الدنيا..قال:
-هتضحي بكل حاجة..نفسك وذكرياتك،حتى حياتك..وفي النهاية القرار قرارك،بس خليك فاكر ان انت مسؤول عن قرارك. 
وأنا واقف قدام الظل ده، كان في حاجة واحدة واضحة..اني أنا خلاص دخلت في دوامة ومهما حاولت أهرب، البيت مش هيسيبني.
قربت من الكتاب بحذر وعيني متثبة على الجملة المكتوبة:
"اللي يدور على الحقيقة..لازم يضحي"
صوت الظل ورايا كان بيرن في وداني، كأنه مستني يشوفني هعمل إيه.
 قربت إيدي من صفحة الكتاب، وحسيت بسخونة غريبة كأن الورق مش مجرد ورق عادي، كأنه بيحرقني وأنا لسه ما لمستهوش.
لما فتحت الصفحة اللي بعدها،لقيت رسمة كبيرة لدايرة ونجمة شبه اللي حواليا،ومعاها رموز كتير زي اللي على الجدران..بس في نص الصفحة كان مكتوب بخط كبير:
"اختيارك هيحدد مصيرك"
بصيت للظل وصرخت فيه وقولت:
-إيه المصير ده..هخلص من الكابوس ده إزاي.
رد بصوت هادي لكن مليان تهديد وقال:
-مفيش هروب من القدر..يا تكمل، يا تسيب كل حاجة وتهرب،بس افتكر أن اللي بيهرب مش بيعيش في أمان.
كانت اللحظة دي أكبر اختبار في حياتي..أضحي بإيه وأنا حتى مش فاهم إيه اللي مستنيني لو كملت.
 لكن شعور داخلي قالي:
-لو سيبت الكتاب ده،عمرك ما هتعرف السر،وهتعيش طول حياتك في الظلمة.
مسكت الكتاب أخيرًا وفتحته أكتر، وحسيت بدفعة طاقة قوية..الرموز على الجدران بدأت تلمع أكتر،والأرض تحت رجلي بقت زي الموجة، بتتحرك وتتموج..وفجأة صوت عالي هز البدروم كله، وصوت الظل قال:
-اختيارك اتعمل..استعد للنتيجة.
الأرض اتفتحت من تحت الدايرة، ودوامة ضخمة بدأت تسحبني لتحت..حاولت أقاوم،لكن كان واضح إني مفيش قدامي حل غير إني أستسلم.
وأنا بنزل في الظلام،صوت الطفل رجع تاني،بس المرة دي كان قريب جدًا،كان بيقول:
-كنت فاكر إنك هتعرف السر بسهولة..لكن لسه قدامك كتير.
لقيت نفسي واقع في مكان جديد..مش البيت،ومش البدروم..كان زي عالم موازي،السماء سودة والأرض كلها زي مرايا بتعكس صوري،لكن الصور كانت غريبة..كنت بشوف نفسي صغير، بشوف لحظات عشتها، وبشوف حاجات نسيتها.
بس أكتر حاجة شدتني..صورة ليا وأنا ماسك نفس الكتاب،لكن شكلي كان أكبر،وعيوني كانت مختلفة ومظلمة بشكل غريب.
الصوت اتكرر،والمرة دي جاي من كل اتجاه وبيقول:
-دلوقتي بس اللعبة تبدأ.
الظلال بدأت تتجمع حواليا،وأنا واقف مش فاهم إيه اللي مستنيني..كنت متأكد من حاجة واحدة بس،اني أنا دخلت في حاجة أكبر مني،والخروج منها مش مضمون...

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1