رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل الثالث 3 بقلم خديجة السيد


 رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل الثالث 

استقام من فوق السرير وهو يلهث والعرق يتصبب من جسده بجنون لم يكن ذلك بسبب حبه لها، بل كان يحاول إخراج غضبه وحنقه مما يمر به ولكن عندما انتهت تلك الرغبة، عاد إليه شعور الندم والإحساس بالذنب وكأنه أدرك أخيراً أن هذا الفعل لم يخن زوجته فقط، بل خان ربه أيضاً

عندما استسلم لتلك الفتاة، نهض من جانبها بسرعة مرتدياً ملابسه، بينما استيقظت هي على حركته وبدأت تتطلع إليه بقلق، فقد بدت حالته غريبة وليس كما كانت ليلة أمس، وهو من طلب منها ذلك، هزت رأسها بعدم مبالاة وتحركت خلفه وهي تتحدث بدلال

= حبيبي انت صحيت لحظه واحده اعمل لك الفطار ونروح مع بعض الشغل 

زفر مصعب بإنهاك قبل أن يمسك ذراعيها بيديه بقوة ضاغطا عليها مما صدمها وهدر بها بصوتٍ قاسي ثابت

=ابعدي عني يا نرمين انتٍ هتصاحبيني اخذتي اللي انتٍ عاوزاه وانا كمان وخلصنا، يا ريت من هنا ورايح ما تورينيش وشك تاني ولا تحاولي معايا مره ثانيه.. انا ولا اتبسطت ولا ارتحت! لما عملت كده زي ما كنت فاكر.. بالعكس قرفت من نفسي جدا ومنك .

توحشت عينا نرمين بعنف لا يخرج منها إلا بعد ضغط شديد وهي تهتف باستنكار ونفاذ صبر 

= لا بقول لك ايه ما تبطل جو المثاليه اللي انت بتعملها دي وعايش الدور أوي هو انت لو مش واخد بالك احنا عملنا ايه امبارح فااحب افكرك أن انت عملت معايا علاقه زي المتجوزين بالظبط واكتر وكان بمزاجك؟ ولا لما خلاص طلع النهار واخذت اللي انت عاوزه هتقلب على الوش الثاني لا يا حبيبي خلاص بقيت دلوقتي زيي زيك ما فرقناش عن بعض حاجه مقرفين وخاينين زي بعض 

أخذ يصرخ بنيران الغضب والحنق تمتلئ داخله بسبب هذا الشعور بالذنب والاستحقار 

= صح انا مقرف وخاين اني طاوعتك كانت لحظه ضعف ويا ريتني ما سمعت كلامك ولا انتقمت زي ما كنت فاكر إلا من نفسي، الاحسن ليكي حتى لو انا جيتلك ترفضيني ده لو عندك دم فعلا ولسه في شويه احترام لنفسك .

ضغطت على شفتيها بغيظ شديد وهتفت بنبرة حادة

= كده ماشي يا مصعب هدفعك تمن اللي بتعمله ده غالي أوي.. وهوريك مين فينا إللي هيفقد احترامه.

لم يهتم اليها كثيراً و واصل رحيله... بينما راقبت إياه بأعين متواعده له بالشر ثم عندما تاكدت من رحيله ذهبت لتحضر الهاتف الذي كانت تخفيه ليسجل ما حدث بينهما! وسرعان ما ابتسمت ابتسامه إنتصار وهي تردد بصوت مغلول 

= فاكرني هبله زيك ما كنتش عامله حساب حاجه زي كده، وريني رده فعلك لما تشوف الفيديو ده.. ولا ليه لسه هبعته وهدده الاحسن ابعته على طول لمراته وامه و يبقي يوريني مين فين المحترم بقى لما يواجههم. 

❈-❈-❈

بعد مرور أسبوعين، تفاجأ مصعب بوالدته تتصل به منذ الصباح الباكر أجاب بصوت مخنوق 

= خير يا ماما عماله تتصلي بيا كتير في ايه عندي شغل كتير ومش فايق ودماغي مصدعه وبعدين عارف هتكلميني في ايه؟ ومش وقت خناق اهي عندك وتبقي عملتي فيا جميل لو عرفتي تقنعيها تسافر ليا

جاء صوتها وهي تقول بنبرة حازمه غير قابله للنقاش

=من غير كلام كثير ولا اعذار تنزل ليا حالا مصر ومش عاوزه اسمع اي اعتراض فاهمني!. 

اعتدل بسرعه من فوق الأريكة بمنزله وهو يقول بقلق

=ليه حد من الولاد جرى لي حاجه ماما انتٍ قلقتيني في ايه بالظبط؟!. 

❈-❈-❈

في منزل مديحة، بكت ندى كثيرة دون أن تقدر على كبت المزيد من الدموع المريرة وهي ترفع يديها بحالة الدفاع عن نفسها وهتفت مستنكرة 

= هو ده ابنك المحترم اللي يوم ما هيعملها هيعملها بالحلال؟ اهو عملها زي ما كلكم توقعتوا وكنتم بتنصحوا فيا وانا زي الهبله واثقه فيه وأرجع اقول هو في كل العبر إلا الخيانه.. اتاري البيه مقضيها هناك ومش فارقه معاه اصلا. 

حبس مصعب الصدمة داخله لثوانٍ، و لوهلة شعر بجنون الموقف، فهو لا يصدق أن نرمين قد فضحته أمام زوجته وأمه، مما وضعه في موقف محرج للغاية لا يحسد عليه، حيث كان يخجل من نفسه وهو يخفض رأسه

لم يكن ليخون دينه أو عائلته أو نفسه، لكنه في النهاية قام بذلك انتقامًا من عناد زوجته، ليجد نفسه في النهاية ينتقم من حالة وكان أكثر شخص لا يرغب في مواجهته هو والدته، لأنها الوحيدة التي كانت تثق به بشدة، فكيف يمكنه الدفاع عن نفسه أمامها الآن؟

أطلقت أمه مجدية أنفاسها المهتزة وذهولها يبلغ قمته لتستوعب بمنتهى الجنون ما يحدث الآن.. وسارعت تهمس له نافية بغير تصديق وهي تراه يقف مشرفا عليها بطوله لكنه يخفض رأسه من شعور المهانه والانكسار

= ادعي عليك بايه بس يا مصعب مش مخليني عارفه ادافع عنك ولا الاقيلك عذر ليه يا ابني تعمل كده؟ مين البنت المقرفه دي اللي كنت معاها في الفيديو تقربلك ايه ولا علاقتك بيها إيه ومن امتى؟ دي شكلها واحده بجحه ومش محترمه عشان تبعتلنا فيديو زي كده وما يفرقش معاها نفسها وفضيحتها اتعرفت عليها من اني داهيه .

وتاهت الكلمات على لسانها لتسأل مجدداً ذاهلة بصوتٍ مكتوم وعتاب شديدة 

=عارف لو قلتلي متجوزها ان شاء الله عرفي صدقني هقطعك فيها طول العمر عشان مش على آخر زمن هتيجي تضيع سمعه العيله و تخلي واحده زي دي تشيل اسمك.. ما تنطق وترد علينا ساكت ليه 

حاولت ندى الأخرى السيطرة على أعصابها، فهي التي تحملت المسؤولية بصمت رغم كل الصعوبات، لتتفاجأ به في الخارج يتسلى مع الآخرين بكل بساطة لم تكن تستحق منه ذلك، فقد طعنها بالفعل.. لكنها لم تتمالك نفسها وانفجرت بالبكاء وهي تعبر عن غضبها وسخريتها قائلة 

=هيرد يقول ايه؟ ما هي خلاص اتفهمت لو كانت مراته زي ما انتٍ فاكره ما كانتش هتبعت فيديو زي ده او اخرها شويه صور! وتقول اوقع بينهم عشان يطلقها لكن دي عاوزاني انا وانتٍ نتبرى منه عشان يفضلها الجو معاه و يعكوا مع بعض..اللي بعتاه واحده شبهه يستاهلها بجد لان انت يا مصعب عاوز كده اللي ما تصونش شرفك مش بقيلك ست سنين رميني هنا وانا اللي عماله اشيل واربي واجري هنا وهناك وانت خلاص بقى التعامل بينا ذي البنك تبعتلنا الفلوس و كده الإسم بتشيل مسؤوليه.. انا تخوني بعد كل ده؟ طب ليه؟ 

اتسعت حدقتيه مستنكراً ما تفعله ورده فعلها كما لو كانت انها تحبه أو تهتم لامره رغم انها السبب في ذلك...

اقترب ليجذبها من ذراعيها ليجعلها تصمت فضغط بيديه الممسكتان بها أكثر ليؤلمها مِمَّا جعل مقاومتها تحتد بل وتحاول ضربه بيديها بكل قوتها وهي تبكي بجنون.. إلا أنه لم تهزه قيد أنملة واحتدت خفقاته عندما صرخ بها وهو يرمقها بنظره غاضبه 

= انتٍ بالذات تخرسي خالص وكمان بتسالي ليه؟ عشان تعبت عاوز احس ان انا جنبي حد وراجل وليا حقوق وانتٍ البعيده ولا فاهمه و حتي يوم ما بنزل أجازه وأكون مفكرك هتعوضيني بتنكدي على أم اللي جابوني.. متوقعه مني ايه وزعلانه ليه اصلا ده انا ولا كنت فارق معاكي حتى المكالمات بطلتي تعبريني بيها وطول الوقت أمك ومشغوله والمسؤوليه اللي شايلاها لوحدك، ما انا قلتلك تعالي معايا بره عاوزة اعمل لك اكتر من كده إيه .

نظراته المصممة على التبرير جعلتها تحاول تحرير ذراعيها من قبضته بكل عنف قائلة باستخفاف وأنفاسها تكاد أن تنقطع 

= تقوم تخوني مش كده؟ هو انت مفكر انت لوحدك اللي كنت محتاج حد جنبك يطبطب عليك وياخدك في حضنه ويقول لك استحمل ومعلش! انا كمان كنت محتاجه؟ انا كمان بيجي عليا وقت وعاوزه انفجر واشتكي لحد 
كل اللي شايلاه جوايا ما بلاقيش، لكن ما رحتش عملت زيك وخنتك.

رغم ألمها النفسي و كرهها له وارتبطهم من البدايه كان زواج صالونات وليس عن حب إلا انه طعنها بألم الخيانه ولم تكن مبالية إلا بذهابه لفتاه اخرى يلهي معها، تحرك حلقها تتحدث وتلوم آثار الغبن والقهر والغضب ايضا 

= لو تفتكر في الأول كنت بحاول اشتكيلك تقولي هي الساعه اللي بكلمك فيها هتقضيها في الشكوى والعيال عملوا ايه وامي اللي تعبت من خدمتها؟ فاضطريت احط جزمه في بقك واسكت.. ياما كنت بحتاجك تكون جنبي قصادي مش حتي اكلمك؟ خلي امك تقول لك الفتره اللي ابنك تعب فيها دي كانت صعبه عليا ازاي انت ما جربتش اصلا تعيش يعني ايه طفل بيتعب قدامك وانت مش عارف في ايه ولا هو عارف يشتكي؟ كنت بتتصل بينا اخر اليوم نقول لك اه الحمد لله بقى كويس بعد ما يطلع عينينا طول اليوم واحنا بنلف على الدكاتره ونعرف في ايه و محتاج ادويه ولا عمليات عشان يخف.. حتى لما وضحتلك بطريقه غير مباشره ان انا عاوزاك جنبي عشان ابنك المريض جيتلي بعد شهرين لا والله فيك الخير.. وفي الاخر انا اللي شايله القرف كله لوحدي ويا ريت عاجب، لا وكمان جي تكسرني اكتر ورايح تخوني 

نظر إليها عابسًا ثم ابتسم بمرارة، فمثلها مثل الجميع يعتقد أن الغربة والعمل في الخارج سهله المنال دون تعب، بينما هو كان يعاني مثلها وأكثر. تحدث بصوت عالٍ يعكس شدة غضبه كرد على حديثها الغير منطقي

= وانتٍ كمان ما تعرفيش انا كان بيطلع عيني ازاي هناك في الشغل والمعامله الزفت اللي كنت بشوفها وانا لوحدي في الغربه وما ليش حتى ولا صديق ولا قريب، اوعي تكوني فاكره ان اول ما رحت خدوني بالاحضان وقوليلي تعالى خد مرتبك الكبير ده انا شفت معامله عمرك ما هتصدقيها ده الحيوان كانوا بيعاملوا احسن مني.. وكله كوم لما كنت بتعب لوحدي 
وما الاقيش حد يجيبلي العلاج ولا ياخدني المستشفى ولما كنت بتعب زي ولادك، على الاقل انتٍ لاقيه حد قصادك يطمن ويقول لك ايه الاخبار حتى لو بالكذب لكن انا حتى دي ما كنتش بلاقيها.. ولو اتصلتي بيا كنت بحاول اطمنكم واقول لكم انا بخير وممكن اكون لسه راجع من المستشفى لوحدي عادي.. انا احتاجت هناك اعمل عمليه الزيادة علي فكرة وانتم ما عندكوش خبر!, وكان الوجع بيزيد وبسخن ومش عارف اخدم نفسي حتي ولا اتسنت على حد يوصلني المستشفى.. وكنت بقوم غصب عني اعمل واكمل شغلي عشان ما يتحسبش خصم واقصر معاكم في الفلوس، و يا ريتك كان عاجبك كل ده حتى فبلاش انتٍ كمان تعيشي الدور عشان زي ما تعبتي هنا انا تعبت هناك 

لم تطعه بل استمرت دموعها تتدفق بجنون ودون اكتفاء وهي تعود تصرخ به فكانت في حالة دفاع عن نفسها عن كيانها عن كرامتها المهدورة.. وهي تهتف له باستحقار لاذعة 

= هو انت بتقارن ايه بايه معلش! وبتطلع مبررات ليك على اي اساس؟ انت خاين عملت علاقه مع واحده في الحرام فاهم يعني ايه بلاش بقى مبررات ولا الكلام اللي تفضل تعيد وتزيد.. وتمام يا سيدي احنا الاتنين شفنا ايام صعبه لوحدنا بس على الاقل انا صنت غربتك مش زيك اول ما واحده شبهك شاورتلك رحت جري ويا عالم في كام واحده غيرها ودي الوحده اللي اتكشفناها بالصدفه هو حد عارفلك حاجه هناك صحيح ولا بتعمل إيه ولا بتقابل مين؟!. 

تقدم مصعب المتجهم الغاضب عما تقوله واهانه وهو يمعن نظراته بشراسة 

= احترمي نفسك ولمي لسانك عشان ما امدش ايدي عليكي انا ساكتلك من ساعه ما جيت على كلامك المستفز لكن والله العظيم يا ندى لو ما اتلميتي هتشوفي مني وش تاني ما شفتوش انا على آخري اصلا ومش طايق نفسي ولا طايقك وانتٍ السبب في كل القرف ده.. كان هيجرا ايه لو كنتي ضحيتي وميلتي دماغك وسبتي واحده مع امك تخدمها و جيتي و وفرتي عليا الذنب ده وعلى نفسك انتٍ كمان 

اتسعت عينيها من جراءة الصريحة! رغم أنه يراها في حالة بائسة تكاد تموت جزعا الألم.. لتصيح بعدم تصديق ساخراً 

= والله انت بجد؟ لا انا مش مصدقاك بصراحه ولا مصدقه بجحتك بقيت انا السبب في انك تلمس واحده بتبيع نفسها لاي كلب شـ.ـهواني تقابله! وبعدين بلاش حجج فارغه عشان برده حتى لو كنت سافرت معاك كنت هتعمل نفس العمله عارف ليه؟ عشان الوسخ هيفضل طول عمره وسخ.

احمرت عيناه وكاد أن يقترب منها بتوعيد بينما كانت مديحه تتابع الوضع بغضب شديد وصاحت بتحذير شديدة

= بس بقي انتوا الاتنين ايه وانت اتلم هتضربها قدامي؟ ما انتوا حلوين أوي في عتاب بعض لكن في الحلول ما تعرفوش.. حلو أوي الفضايح دي مش كده؟ ندي اطلعي فوق شقتك يا بنتي وخدي عيالك عشان ما يحسوش بحاجه.. وسيبي لي البيه ده شويه اتكلم معاه

رفعت ندى يدها ومسحت عبراتها بعنف وهي تردد بتحدي منفعل 

= ما تتعبيش نفسك يا طنط هو اصلا مش معترف بغلطته حتى لا وكمان عاوز يضربني وهو اللي خاين! عشان نوفر على بعض بقى واللي كان المفروض اطلبه من زمان اننا لازم نتطلق.. ومعلش اديني هصلح الغلطة وبقول لك طلقني يا مصعب عشان انا مش هعيش مع واحد زيك 

تجلى الغضب في ملامحه بسبب إصرارها على موقفها ورفضها الاعتراف بخطأها أيضا، خاصة وهو يتذكر كيف كان يتوسل إليها للعودة معه عندما كان في وضع مشابه لذلك، تمالك نفسه بصعوبة ثم صرخ بصوت جهوري، نافذ صبره

= تصدقي معاكي حق كان لازم فعلا اعملها من زمان، هو انتٍ واحده تتعاشري يا شيخه ده انا كنت بتحايل عليكي اوقات انك تيجي معايا وانتٍ برده متبته على القعده هنا، وبلاش بقى انتٍ كمان حجج فارغة عشان مش موضوع امك ولا حاجه انتٍ عاجبك العيشه هنا و المفروض تكوني مكان جوزك يا هانم لو بتفهمي في الاصول فعلا .

توقفت مكانها بعد ان كانت سترحل والتفتت لتنظر اليه باشمئزاز وهي تردف بعناد كرد لكرامتها

=سيبنالك انت الأصول يا بتاع نرمين يا خاين 
بعلاقاتك المشبوهه.

اتسعت عينا بشراسة شاعراً بانها تسحق كرامته وهو يغلي من الغضب وهمس من بين أسنانه المطبقه

= يا بنت الـ** انا هوريكي دلوقتي الوسخ ده هيعمل فيكي ايه لو ما خفيتيش من قدامي.

كاد أن يضربها وهو يقترب منها بكل الغضب 
لكن توقفت والدته بينهما وهي تصيح بصرامة

= قلت بس بقى، يلا يا ندى على فوق وانت اتنيل اقعد.. عشان حسابك لسه معايا .

❈-❈-❈

بعد رحيل ندى حاولت مديحة ألا تظهر ضيقها وهي تقول بصوت حازم 

=ما فيش حاجه اسمها طلاق ولا انت ولا هي! سامعني ولو حصلت يبقى الورقه اللي هتمضيها عند المأذون اعرف انك بتكتب جنبها نهايه علاقتنا مع بعض وتنسى ان ليك أم 

رد أبنها وهو يعقد حاجبيه بشدة محاولا التخلص من ذلك الشعور المقيت الذي انبعث بداخله للتو مرددًا 

= هو حضرتك ما سمعتيش بنفسك كلامها و شكلها مصممه على الطلاق وبعدين خلاص فعلا مش هنعرف نكمل مع بعض بعد اللي عرفته عني وشافتني في الوضع ده في الفيديو مع نرمين وكلامها اللي جرح رجولتي 
وكرامتي

هتفت مديحة فيه بسخط وهي تقبض عليه من تلابيبه

=تتحرق رجولتك على كرامتك على الزفته اللي اسمها نرمين حطيلي كل ده على جنب دلوقتي! انا في البيت اللي هيتخرب هو انتم ما فيش دم ولا احساس مشكلتكم محدش منكم يبص لقدام؟ لو لا قدر الله اتطلقتوا هتعمل ايه يا مصعب بعد كده؟ اقول لك انا هتسافر وتكمل حياتك عادي ويمكن هتكمل مع الهانم اللي بعتتلنا الفيديو او مع غيرها ويبقى شيء عادي أو تتجوز وتنسى عيالك اللي هنا وتشوفهم بالصدفه زي ما كنت بتسافر اولاني وانتم متجوزين مش كده؟ ما هو انت ما نزلتش هنا وانتم متجوزين يبقى مش هتعملها وانتم مطلقين.

تجهم وجهه من رد فعلها، فهو لا يفهم لماذا تصر حتى الآن على الاستمرار في حياتهم بهذا الوضع بعد إهانتها الصريحة له، فرد قائلًا بصوت واضح ومنظم رغم إجهاد عقله

= يا ماما افهميني انا خلاص تعبت وجبت اخري بقيلي ست سنين مستحمل اعمل اكتر من كده ايه؟ وهي على نغمه واحده مش هسافر واسيب مصر! وانا نفس الحكايه مش عاوزه اسيب شغلي في السعوديه، وادي النتيجه في الاخر غلطت غلطه كبيره في لحظه ضعف وبالعند فيها.. يا جماعه ما انا راجل برده و ليا احتياجاتي وهي ما فهمتش كده ولا فكرت فيا ولا مهتمه يبقى اخليها على ذمتي ليه بعد كل اللي حصل.

استجمعت شتات نفسها سريعاً متحدثة بنفس القوه والإصرار

= تخليها على ذمتك عشان البيت ما يتخربش والعيال تتشرد! عندك عيل مريض بالقلب و الثاني كل يوم والثاني يرجعلنا بمشكله في المدرسه ويتعمله استدعاء ولي امر.. ما انت على رأي مراتك تعرف إيه عن العيال وانت مسافر و اما تتصل بنقول لك تمام كويسين.. ابنك سيليكو بقى عدواني و بيضرب في زمايله وبقى عنيف في التعامل ولما حاولنا نتكلم مع المشرفه قالت ان ماثر عليه مشاكل وخناق والده ووالدته وغير أن الأب مسافر طول الوقت.. العيال دي محتاجين ليكم وانتم جنب بعض حله مشاكلكم بقى مهما كانت 

أخرج مصعب تنهيدة متعبة ثم قال وعيناه تشتد بنظرة عازمة لامعة

= هنرجع لنفس الموال تاني وهي تقول مش هسيب امي وانا اقول مش هسيب شغلي و بعدين ازاي محدش كان بيقولي على المشاكل دي آآ فعلا بعرف الحاجات دي بالصدفه منكم، صدقيني الحل لينا الطلاق 

قال كلماته الأخيرة بتوتر وحرج وشعر حقا بأنه لم يتحمل مسؤوليه اطفاله ولا يعرف عنهم شيء، نظرت له بحنق هاتفة بغيظ

= هنقول لك فين وليه هتنزل مخصوص مثلا عشان تقول لابنك عيب وغلط وبتعمل كده ليه وتطبطب عليه وترجع تسافر تاني! وانا قلتلك من شويه ما فيش طلاق استحمل منها كلمتين او 10 حتى هي مقهوره ومش عارفه بتقول ايه،و انا لو مكانها اصلا و ابوك الله يرحمه كان عمل كده فيا كنت خلعته.. وبعدين لسه حسابك معايا هو انا هعديلك ببساطه كده تربيتي اللي ما طمرتش فيك وتعبي طول حياتي اللي ضيعته هدر لما لمست واحده زباله زي دي وبقيت زيها 

ابتلع ريقه بصعوبة بالغة وهــز رأسه مرددًا بندم ورجاء 

= ماما والله حقك عليا صدقيني انا ندمان من بعد ما عملت كده وفي نفس اللحظه لقيت نفسي فكرت فيكي وفي ولادي انا عارف ان ده متاخر بس ما حدش فيكوا هيفهمني! 

رمقت إياه بازدراء بينما ترد بقسوة عندما رأت وجهه قد احتقن بشده مما أكد لها صحة كلماتها تلك 

= افهمي إيه يالا اوعى تكون مفكرني عشان ابني هطبطب عليك؟ انت الغلط راكبك غلطتك ملهاش مبررات.. عارف لو كنت دخلت عليا و معاك واحده بتقول متجوزها كنت هزعق بس هرجع اقول الحمد لله عملها في الحلال! لكن انت فاهم يعني ايه تعاشر واحده في الحرام؟ يا ريتك ما فكرتش ولا فيا ولا في عيالك ولا حتى في مراتك بس كنت فكرت في غضب ربنا.. وعقابه! وان حتى لو ما عندكش بنات هتترد لك يمكن في مراتك او فيا.

هتف بصوت متلعثم بندم وهو يراه عينيها تلتمع بشئ لم تستطع فهمه لكنه بث الرعب بداخله من حدتها

= يا ماما بالله عليكي ما تزيدي عليا انا ندمان وبضرب نفسي بالجزمه اني طوعت واحده زي دي، انتم مش عارفين حاجه هي طول الوقت كانت بتقرب مني وانا بصدها اكثر من سنتين على الحال ده والله العظيم وانزل هنا اتحايل عليها ترجع معايا عشان كده ولما كنت احاول حتى اقرب من مراتي اللي مفروض تنتظر حاجه زي كده وتستعد ليها من غير ما اقول نقلبها خناق! بس انتٍ صح ما فيش مبرر للي انا عملته والله العظيم ندمت وربنا يسامحني على الغلطه دي، بس ابوس ايدك سامحيني الا انتٍ اكتر واحده زعلها هيفرق معايا 

زمجرت بقسوة و قد عادت النيران تشتعل بداخلها مجدداً فور تذكرها الفيديو الذي تم إرساله من قبل نرمين ومشهده الحميميه معها

= لسانك ما يخاطبش لساني الا في الموضوع ده بس عشان اعرف احله انما بعد كده تسيبني اعرف اتقبل وابص في وشك من تاني! انا هطلع اشوف مراتك و اهديها بس مش هتكلم معاها الا بعد يومين عشان تكون هديت.. و بعدها لك تاني لو طلقت مراتك يا مصعب تنسى ان ليك أم وما اعرفش بقى ازاي تحلها مهما تعند التانيه.. و آه تاخد اجازه شويه من شغلك وما ترجعش غير وانت مخلص الموضوع المره دي .

ابتلع ريقه ونظر إلي والدته بتوتر ممزوج بالخجل، حتى وقعت عينه في عينيها اللتين تتربصان به بتحدٍ وتهديد، كأنها تحذره من أن يتفوه بشيء لا تريده... وإلا ستقاطعه طوال حياتها.. فهو يعرف والدته جيدًا، فهي لا تقول شيئًا إلا وتفعله، فماذا كان يتوقع منها أن تتقبل تصرفه الشنيع؟

بادلته النظرات بتحدٍ دام لثوانٍ، وكأن ذلك كان دافعًا له للتراجع عن فكرة الإنفصال والتخلي عن الرحيل من هنا موقتاً، بحثًا عن حل مناسب.

أخفض رأسه بإحباط وحيرة ثم أردف بصوت مغلول

= منك لله يا نرمين وعلى الساعه اللي شفتك فيها ووافقتك، وحسبي الله ونعم الوكيل فيكي انتٍ كمان يا ندى.. اعمل ايه دلوقتي ولا احلها منين . 

❈-❈-❈

في منزل ندى، اختنق قلبها بعدما استمعت الى حديث حماتها وهي تحسها على سماحة هذه المره واخذ كل الشروط حتى لا يعود ويفعلها مجدداً لكنها لا يجب أن تفكر في الطلاق ابدأ 
وبالكاد خرجت أنفاسها وهي ترد باستنكار مرير

= بجد اسامحه! هو لو كان العكس وانا اللي عملت كده زي ما إبنك عمل بالظبط ولا انا إللي كنت بنتك فعلا وجوزي عمل فيا كده كنت هلاقي نفس رده الفعل.. وهتقوليله معلش استحمل يا حبيبي عشان البيت ما يتخربش وانا اللي خيانه 

صمتت لحظة دون تفكير ثم وصلها صوتها المحايد قائلة 

= أيوه يا ندى كنت برده هعمل كده سواء انتٍ بنتي او انتٍ اللي غلطتي!. طالما شايفه ان الطرف الثاني غلطان برده وخلينا نقول الصراحه زي ما ابني غلط انتٍ كمان غلطتي.

رمشت بعينيها وهي تحاول التخلص من تلك الغصة المسننة التي اعترضت حلقها ثم أردفت بصوت باهت بخيبة 

= طنط انا اسفه انتٍ مش بتقولي الحقيقه انتٍ بتقولي كده عشان تصبريني! بقي عاوزه تفهميني برده انا لو خنت مصعب هتعملي المستحيل وتحاولي تهدي زي دلوقتي ما بتعملي معايا.. ولا هتجيبيني من شعري و تقوليلي بره وحتى ولادك مش هتشوفيهم وما تشرفنيش واحده زيك تربيهم !!. 

تغضن وجهها بشيء من الضيق ثم بدلت ملامحها لأخرى بشوشة هاتفه بصراحه جاد

= طب يا ندى انتٍ معاكي حق، لو كنتي عملتي زي ابني كان ممكن فعلا رده فعلي هتكون صعبه بس برده يا حبيبتي غلط عن غلط بيفرق! يعني ممكن لو كنتي غلطتي غلطه شبهه كده كنت برده هاجي في صفك واحاول اعدي عشان خاطر العيال والبيت ما يتخربش.. و غير ان احنا مش ملايكه يا ندى وكلنا بنغلط

هزت رأسها وأجابتها وسط تشنجات وبكاء

= صح بس زي ما قلتي غلط عن غلط بيفرق وابنك عمل غلطه كبيره ومستحيل اسامحه انتٍ لو كان جوزك لسه عايش وعمل كده صدقني ما كنتيش هتسكتي وكنتي هتحسي بالوجع اللي انا حساه دلوقتي! عارفه يعني ايه تفضلي تبني في حاجه الكل عمال يقول لك مهدوده واللي انتٍ بتعملي على الفاضي وانتٍ مصره تكملي هو انا كنت بكمل ليه يا طنط مش عشان خاطر البيت ما يتهدش والعيال فاكراني فرحانه أوي بالطلاق ما كنت عملتها من زمان.. لكن انا اللي مصبرني كنت ببص فيه على الصفات الكويسه والحلو في بيتي وفي جوزي لكن حتى ده كمان راح يبقى افضل ليه معلش 

ربتت حماتها على كتفها برفق وحنان، وهي ترد مغمغمه بتعقل ظهر بنبرتها

= بس يا حبيبتي ما تعيطيش والله انا حاسه بيكي انتٍ فكراني هسكتله انا بدات العقاب من يومين اصلا، وكل شويه ابكت فيه واعاتبه على اللي عمله ومش هسكت عشان ما يكررهاش تاني.. وانتٍ كمان يا حبيبتي خدي موقف واعملي كل اللي انتٍ عاوزاه ازعلي اتضايقي بس بعد كده عديها واتشرطي كمان لو عاوزه.. بس بلاش حكايه الطلاق دي بقى ربنا يهديكم انتوا الاتنين .

صمتت لبرهه تحاول التحكم بعبراتها، وتابعت 
بحسرة وبعدم ثقة والحزن على وجهها 

=العامله اللي زي كده ما فيهاش تسامح عشان اللي عملها مره هيكررها تاني؟ وبعدين هو انتٍ ضامنه منين اصلا ان دي مش اول مره وانه مقضيها.. هو انا ولا حضرتك عمرنا سافرنا لي ولا كنا نعرف بيعمل ايه 

قاطعها بصرامة وحزم مشوب بالرزانة

= وهي دي تفوتني حلفته على المصحف! دي كانت اول علاقه لي و ما قربش منها الا مره واحده وبعد كده في نفس الوقت زعقلها و قالها ابعدي عني عشان كده بعتتلنا الفيديو، و عرفت كل حاجه عنها مطلقه وهربانه من اهلها تشتغل بره ومن ساعه ما اشتغلت معاه بنفس الشركة وهي نازله زن وتلزيق فيه وهو فضل سنتين يبعد فيها لحد ما غصب عنه ضعف في مره.. دي من بجحتها جابتها له بصراحه و قالتله عاوزاك والشيطان شاطر وهو وحيد ومحتاج ايد تطبطب عليه وانتٍ كمان سبتي جوزك برده صيده سهله للي زي دول 

أطبقت عينيها بقوه وبأسف و هدرت فيها بغضب مجنون 

=برده انا اللي غلطانه لا انا تعبت بجد منكم! انا لو غلطانه فعلا عشان بعدت غصب عني وراح عمل علاقه مع واحده في الحرام فعلى كده بقى انا كمان اعمل زيه عادي.. و ارجع اقوله ما انت السبب وبعيد عني انا كنت هنا من غير راجل برده مفكره في الشغل ولا في الشارع مش بقابل من الاشكال دي برده.. بس انا عشان ست محترمه ومتربيه بعرف اوقف كل واحد عند حده لكن ابنك لما صدق! ولو كان صدها من اول مره كويس ما كانتش اتجرات لكل ده.. و مش بعيد اصلا ما تكونش اول مره وبيكدب .

وفجاه آفاق الإثنين على صوت مصعب خلفهم، 
فكان يراقبهم من بعيد وعينيه تومض بوميض شرس وحقد دفين عندما صاح باستهزاء 

= بطلي بقى أم الاسطوانه دي خلاص يا ست المثاليه عرفنا ان انا ابن كلب ومش متربي وانتٍ اللي ما فيش زيك؟
تعليقات