![]() |
رواية ميساء في قلب الصعيد الفصل الرابع بقلم صفاء حسني
ملك، فهمت كلام أبوها، ونزلت دموعها
عيونها حمرا من البكاء، وشها شاحب، شعرها أسود، ملامحها مُرهقة، بتُظهر حزنها على فقدان أمها، وخوفها على أختها الصّغيرة.
وهي بتسأله عن البالونات. عيونها مليانة حزن، وشها شاحب، صغيرة جدًا، بتسأل بصوت ضعيف:
"يعني روح ماما ملساء طارت في السماء زي البالونات، ومش هنعرف نشوفها تاني؟"
ميهتاب، انصدمت وعيطت، دموعها نازلة بغزارة، بتحضن أختها ، بتحاول تهديها، لكنها هي كمان منهارة.
ملهم نزل على الأرض وهو يحمل ميساء، بنته الصغيرة، ثم ضمّهم، وهو بيبكي أيضًا. دموعه بتنزل بغزارة، وجهه مُتعب، شكله مُنهار تمامًا. الكل بيبكى، صمت ثقيل، مليان حزن وألم.
، اتأثرت ميساء جدًا لما شافت ملهم وبناته بيبكوا. ادركت حجم الحزن اللي بيمرّ بيه، ثم راحت عند أبوها، لكن صدمتها كانت كبيرة لما سمعت الدكتور بيقول لفريد:
"لازم تعمل العملية وتستصل الورم، والّا هتوصل لمرحلة حرجة."
فريد، أبو ميساء، شكله تعبان جدًا، وجهه شاحب، عيونه مُرهقة، بيسمع كلام الدكتور، قلبه بيوجعه، لكن بيحاول يظهر القوة أمام بنته. الصمت بيخيم على المكان، الجميع مُصدوم، مُنتظرين ما سيحدث.
-
- ميساء: وجهها مُصدوم، عيونها مُتسعة، بتحاول تسيطر على مشاعرها، لكنها مُتأثرة جدًا بما سمعته، ملامحها بتُظهر خوفها على أبوها.
- فريد: وجهه مُرهق، عيونه مُظلمة، شكله تعبان جدًا، بيحاول يظهر القوة أمام بنته، لكن ملامحه بتُظهر قلقه الشديد على صحته.
كان ملهم جالساً امام قبر زوجته ملساء وهو حزين، يُحاول أن يُهدّئ نفسهِ، لكنّ ذكريات الماضي تُطاردهُ بلا رحمة. كان يُفكّر في أختهِ الصغيرة "ملاك" التي لم تُكمل الثامنة عشر من عمرها عندما أُجبرت على الزواج من ابن عمها. كانت تُحلم بالتعليم، كانت تُريد أن تُصبح طبيبة، لكنّ أحلامها تُحطّمت بسبب التقاليد الجامدة وإرادة أبيها القاسية.
أغمض ملهم عينيهِ وَتَذكّر ذلك اليوم
"بالله عليك يا بوى بلاش تجوزنى، أنا عايزة أكمل تعليمي، ليه عايز تحرمني منه؟" كانت ملاك تُترجّى أباها بصوتٍ خافت، وجهها شاحبٌ من الخوف والحزن.
"علام ايه وكلام فراغ ايه محدنش ابنت تكسر كلام ابوه، وانتي خلصت الثانوية عادي نقص ايه؟" صرخ الأب بكل قوة، عيونهُ تُشعّ غضباً.
تدخّل عمّها الكبير في الحوار، "عايزة تتسرمح في الجامعة وتجيبلنا العار هناك؟ ما أي جامعة هتكون برا البلد ومش بعيد تكون في القاهرة."
اقترب ملهم من أختهِ وقال، "وفيها ايه ما أنا كمان نازل القاهرة عشان أطلب طلب تعين في وزارة الزراعة والبيئة عشان أعمل مشروع يكون ناقلّة كبيرة في تطوير الزراعة، واجار بيت في القاهرة وهي تهتم بي ودراستها و أنا شغلي."
صرخ الأب بصوتٍ مرتفَع، "أنا قولت كلمة ومش أكسرها، بنتي هتتجوز ابن عمها وكفايا علام لحد هنيه، جهزيها يا سعاد."
رفض ملهم وقال، "أختي مش هتتجوز غصب عنها ولو على موتي."
وقف العم وَمسك المسدس وقال، "يبقى انت اختارت، وقف ضدنا وضد العادات والتقاليد عشان دراستك ليك كلمتني تكسر كلام الكبار."
تنهد ملهم وقال، "عادات وتقاليد ايه الا بتتكلم عنها كان زمان، دلوقتي البنت بقى منها الوزير والعالمة والدكتورة، اسمع كلامي يا أبي وخلي أختي تكمل تعليمها."
وقف العم أمام ملهم وقال، "وانا قولت لا يعني لا ويتم الزفاف اليوم."
وسحب يد أختهِ "ملاك" بالعافية وهو يمنعهم وهي مكسورة، لكنّ قرار ملهم أن يُنقذها واتفق مع صديق له يُجهّز عربية الزفة، لكنّ لم يلحق كانت أختهِ من الحزن جالها سكتة قلب وَ ماتت.
عاد ملهم إلى الواقع، دموعهُ تُنساب بحرقة
لم يُنسى ملهم أبدًا ذلك اليوم، يوم مُحطّم الأحلام وَ مُدمّر القلوب. كان يُدرك أنّ هروبَهُ من القرية لم يُنقذهُ من ظلال الماضي، لكنّهُ كان يُحاول أن يُبني مستقبلًا جديدًا في القاهرة، مستقبلًا يُحترم فيه الحلم وَ تُقدّر فيه قيمة الإنسان.
يرجع ملهم من القبر
قاعد في بيته ، عيونه حمرا من البكاء، بيحاول يهدّي نفسه، بس ذكريات الماضي بتطارده من غير رحمة. بيفكر في أُخته الصغيرة "ملك"، اللي ما كملتش 18 سنة لما أُجبرت على الجواز من ابن عمها. كانت بتحلم بالتّعليم، كانت عايزة تبقى دكتورة، بس أحلامها اتكسرت بسبب التقاليد الجامدة وإرادة أبوها القاسية.
"أنا مش هرجع في قراري.. مهما تقنعني إن الحياة اتغيرت هناك، لكن العقول هي نفسها اللي ما اتغيرتش.. معتبرين البنت مجرد فضيحة عار لازم تخلصوا منها على طول، من قبل ما عودها يخضر وعقلها ينضج.. كل ذنبها إنها بلغت وجسمها اتغير تبقى تتجوز" ملهم بيصرخ بكل قوّة، عيونه بتشعّ غضب[].
الحاج يسري بيحاول يهدّي ملهم: "صدقني دلوقتي، وخصوصًا بعد موت ملك، والكل حدانا اتغير، واللي عنده بنت دلوقتي مابتتجوزش إلا لما بتخلص جامعة.. وقتِها بتدخل بيتها." بيحاول يبرّر موقفه بنبرة ندم[].
ملهم بيرد بعصبية وحرقة دم: "وكان لازم أختي ملك تدفع الثمن علشان عقولكم تتفتح وتعرف إيه الصح وإيه الغلط؟ أنا مش حبيت على إيدك وراسك، بلاش تجوزوها دلوقتي.. قلت لك أختي ضعيفة وصغيرة مش هاتتحمل، وأنت وقتها رديت عليّ إزاي؟"
الحاج يسري بيرد: "معنديش بنات تقول لا، ولا لازم تتجوز الأسبوع الجاي.. صح قلت لك تخلص الثانوية، حتى رديت..." الحاج
ملهم بيرد: "في فرق يا حاج يسري من بنت عندها 17 سنة وجسمها ضعيف، وواحدة عندها 30 سنة.. أنا الفرق ما بيني وبين مراتي 3 سنين بس يا حاج، أما الفرق ما بين ملك وجوزها 16 سنة. كان هو في سني أنا دلوقتي، وعشان يكون في علمك مراتي ممتتش بسبب الحزن والقاهرة بسبب إهمالي أنا، سبتها وروحت اجتماع، وكمان العربية اللي كانت راكباها كانت مركونة من فترة و الفرامل مش شغالة."
"سبني يا حاج في حالي، أبوّس إيدك.. عاوز أهتم بالطفلة اللي على صرخة واحدة من يوم موت أمها.. 3 شهور وهي مستمرة بالبكاء لحد ما تنام من التعب، مش بتسكت مع حد غير في حضني أنا، وكل حالي متلغبط."
الحاج يسري بيرد:
"ما أنا بتكلم في كدة هناك، تلاقينا جنبك وفاطمة وحريم أخواتك، ومنهم سماح مرات سيد ولدت من شهرين وبترضع، ممكن ترضع بنتك معاها.. بنتك محتاجة صدر أم، ولا هاتدور على صدر خواجاية كمان لبنتك؟" الحاج يسري بيحاول يقدم حلًّا
ملهم بيفتكر شكل أُخته وهي بتبكي في حضنه زي بنته كمان، ويقول: "لا مش هدور، أنا اللي هكون الحضن دا، ومش هاغلط نفس غلطتك، وأكون لبناتي الأب والأم، ومش هيعيشوا في يوم في حضن مرات أبوهم."
الحاج يسري بيحاول يبرّر موقفه: "فاطمة طول عمرها كانت أم ليكم، وعمرها ما قصّرت معاك، تنكر دا؟"
ملهم بيرد بحزن: "لكن مقدرتش تكون أم لملك، ووافقت على كلامك وماوقفتش قصادك علشان مش بنتها، كانت عايزة تخلص منها وتجوزها علشان تركز مع أولادها، وأنا كمان ريّحتكم من همي وسافرت واتعلمت واشتغلت وبنيت نفسي."
الحاج يسري بوجع وقهر على كلام ابنه، هو غلط إنه اتجوز بعد موت زوجته، ولا غلط إنه ستر بنته؟ "ربنا يهديك يا ابني، ما كنتش متصور إن في قلبك كل الكره دا."
ملهم بيرد: "بص يا حاج، أنا ماعنديش كره من ناحيتك.. أنت أبويا، بس كمان ماعنديش استعداد بناتى يكونوا ضحايا لعادات قديمة، والحاجة فاطمة لسه عقلها زي ما هو، ومفيش مرة جات زارتني فيها إلا وقلبت عقل مراتي.. الولد عزوة الولد هو اللي هيربطك بجوزك، وما كنتش بعلق علشان ما تصورتش إن مراتي تركز في الكلام ده،
مُكمّل القصة: بين الحزن والاكتشاف
مشهد 1: ملهم يُعاني من فقدان زوجته
"لكن للأسف، اتأثرت، ورغم المجهود والتعب، والدكتور كان مانع الحمل، بس حملت، ولحد آخر نفس بتعتذر إنها ما جابتش لي الولد، يعني هي السبب للمرة التانية إني أخسر الشخص اللي بحبه بسبب الجهل.. ياترى لو رجعت، هاخسر مين كمان؟" ملهم بيقول الكلام ده بصوت هادي، عيونه بتلمع بالدموع، وجهه باهت، شكله تعبان جدًا.
مشهد 2: دخول فوكس
يسكت ملهم على دخول فوكس، شاب أمريكي من أصول أفريقية، وجهه مُشرق، ابتسامته واسعة، شكله هادي وبيُشع طاقة إيجابية.
"مرحبا" فوكس بيقولها بابتسامة.
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ابني، اتفضل." الحاج يسري بيرد عليه بترحيب.
"شكرًا جدًا يا جراندبا" فوكس بيقولها بلهجة محترمة. (جراندبا تعني الجد باللغة الإنجليزية.)
الحاج يسري بيضحك: "هه"
ملهم: "بيقول لك شكرًا يا جدّي."
الحاج يسري: "اه ماشي يا ابني، أروح أصلي العصر، هي القبلة فين في أم البلد دي؟"
مشهد 3: معبد الصلاة
ملهم: "يا كرويتي" (كرويتي هي الخادمة).
كرويتي، سيدة كبيرة في السن، وجهها فيه تجاعيد كتيرة، بتظهر.
"نعم يا مستر ملهم"
ملهم: "وصّلي الحاج على المعبد يا كرويتي."
كرويتي: "حاضر يا مستر ملهم."
الحاج يسري: "يعني إيه يا ابني؟"
ملهم: "دا مكان للصلاة يا والدي، مُحدّد فيه القبلة، زي جامع صغير خاص بالأسرة."
الحاج يسري دخل المعبد، لقى مصحف وسبحة، وكمان أسدال للصلاة على مقاس البنات الصغيرة، وحِجاب ل ملساء
، وجُلبية لملهم، فيه بخور، وكمان قرآن شاغل بصوت منخفض.
الحاج يسري
مُندهش من المكان.
: "الله أكبر، فعلاً زى الجامع!"
لقى على الجانب حمام خاص للوضوء، دخل اتوضّأ وصلى.
ملهم: "خير يا فوكس؟"
فوكس: "أخبار مش حلوة يا مستر ملهم."
ملهم: "قل لا يصيبني إلا ما قدر الله عليّ، قول."
فوكس: "طلع كان عندك حق في مستر ويليام.. فعلاً أصله الديانة Hالمتعصبة ، وكمان طلع هو ورا لعب الفرامل."
ملهم اتنفض: "فرامل إيه؟"