رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم منال سالم


 رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الثاني والخمسون

إستند أوس بظهره على جانب سيارته التي أوقفها على سفح جبل المقطم ليختلي بنفسه بعد تلك المواجهة القاسية مع زوجته ..
أخــذ أنفاساً عميقة لأكثر من مـــرة ليجبر نفسه على عدم البكـــاء .. ثم فرك وجهه بكفه ، ووضعه على فمـــه ليكتم تلك الشهقة الحارقة التي تعتصــــر صـــدره .. فقرار الإنفصـــال عنها ليس بالأمـــر الهين ، خاصة وأنه قد بذل المستحيل من أجل الظفر بها ، ولكن شعـــوره بالذنب يقتله ، ورؤيته لنظرات البغض والكره جلية في عينيها تذبحه بقســـاوة 
لم يدرْ كم مر عليه من الوقت وهو شــــارد في ذكرياته الموجعة .. 
ثم تنهد بحرارة حارقة تلهب جسده وصـــدى كلمات تقى المؤلمة له تتردد في أذنيه ...
كــــور قبضة يده في حنق ،  وإستدار بجسده للخلف ، ثم ضرب على سطح السيارة المعدني بقســـوة ، وركـــل بقدمه إطـــارها بكل عنف وهو يكز على أسنانه قائلاً :
-ليييه ؟ ليييه مش بتديني فرصة ؟ لييييه ؟!

-بالراحــــــة يا كابتن على العربية ، لأحسن صاحبها يكدرك ، وإنت مش أد تمنها ..!
قالها أحــــد الأشخاص بصوت متهكم وســـاخر قبل أن يطلق ضحكة عـــالية مستفزة ..

رفع أوس وجهه في إتجــــاه صاحب الصوت ، فوجد شابين يجلسان على مقدمة سيارتهما ، وممسكان بزجاجات " بيرة " في أيديهما ، ويتمازحان بطريقة مستفزة ..
فإحتقن وجهه بدمـــاء غاضبة ، وبرزت عروقه من عنقه ، وحدق بهما بشراســـة 

أشــــار أحدهما نحوه ، وهتف قائلاً بسخرية :
-ما بالراحة يا عمنا ، غرضنا مصلحتك 

ضحك زميله بصورة هيسترية ، ثم تجشــأ قائلاً :
-تلاقي المـــزة معلمة عليه ولا حاجة ، اشـــرب عشان تنسى 

ســـــار أوس نحوهما بخطوات عصبية ، وهو ينتوي لهما  شراً مستطراً ..
حيث قبض على ياقة الشاب الأول ، وسدد له لكمة قوية في وجهه ، جعلت أنفه ينزف دماءاً بغزارة .. وتبعها بلكمات أكثر عنفاً أفقدته الوعـــي من شدتها ..
إنتفض الشاب الأخـــر من مكانه مصدوماً ، ونظر له بذعـــر ، وأدار زجاجة البيرة التي كانت في يده في الإتجاه العكسي ليضرب بها أوس على رأســـه ، ولكنه كان الأســـرع في تفاديه ، ثم جذبها منه ، وحطمها على رأسه بقسوة ، فسقط على الأرضية الترابية .. وركله أوس أسفل بطنه بعنف لعدة مرات فتأوه الأخير من الآلم .. وصـــاح به بصوت غليظ :
-قبل ما تفكر تفتح بؤك الـ *** ده مع أسيادك ، اعرف انت أد كلامك ولا لأ .. يا *** 

ثم بصق فوقـــــه ، ونفض يديه ، وإتجه عائداً نحو سيارته ليركبها ، وينطلق بها بعيداً ............

...................................

وقف ممدوح أمـــــام وكيل النيابة وهو عاقد لكفيه معاً ، ومطرقاً لرأسه للأسفل ، ورسم على وجهه قنــــاع الندم الزائف .. ثم أردف قائلاً بصوت حزين :
-أنا مكونتش عاوز أتكلم ، بس لازم تعرفوا الحقيقة

رد عليه وكيل النيابة قائلاً بنبرة رسمية وهو يعبث بقلمه الحبر :
-اتكلم يا ممدوح ، قول 

إدعى ممدوح تردده وهو يتابع بحرج مصطنع :
-أنا .. أنا على علاقة بناريمان شوقي حرم الدكتور مهاب الجندي 

مط وكيل النيابة فمه ، وتوقف عن تحريك قلمه ، ونظر له بتفرس وهو يغمغم بـ:
-ممم.. علاقة ، وضح من فضلك

أكمل ممدوح حديثه بهدوء وهو يرمش بعينيه : 
-أنا كنت خايف اجيب سيرتها من الأول ، بس طالما الموضوع فيه اتهام صريح ليا بالقتل ، فأنا هاعترف باللي يخصها معايا لأني شاكك فيها !

هتف وكيل النيابة بجدية وهو يشير بإصبعه :
-حضرتك إحنا هنا اللي نقرر ونشوف إن كانت شريكة معاك ولا متهمة من عدمه 

تدخل المحامي نصيف قائلاً بتوتر :
-موكلي يا فندم يقصد آآآ...

قاطعه وكيل النيابة بصرامة وهو يشير بكفه أمـــام وجهه :
-من فضلك ، أنا عاوز أسمعه 

ابتلع ممدوح ريقه ، وأشـــار بعينيه نحو المقعد الجلدي مستأذناً بخفوت :
-تسمحلي أقعد ؟

أومــأ وكيل النيابة برأسه وهو يقول بإيجاز :
-اتفضل 

جلس ممدوح على المقعد ، وإنتصب في جلسته ، ثم فرك أصابع يده متوتراً ، وقال بصوت متقطع :
-حكايتي مع.. آآ.. مدام ناريمان من زمان ، إحنا أصدقاء ، بس في الفترة الأخيرة غيرتها زادت جداً عليا 
-أها

مسح ممدوح على صدغه قبل أن يتابع بهدوء يشوبه القلق بـ :
-وبقى في مشاكل مع جوزها كتير ، وعاوزة تطلق ، ولجـأت ليا عشان أساعدها في ده ، بس أنا رفضت ، ونصحتها تكمل معاه ، لكن لما اعترفتلي بحبها ليا ، أنا بصراحة مقدرتش أقاوم الشعور بتاعها ، واحدة وعاوزة حب وحنان ، وأنا محروم من ده كله !

ثم صمت للحظة ليلتقط أنفاسه ، وأكمل قائلاً بإرتباك :
 -احم .. بس .. بس بعد فترة جوزها شك في وجود علاقة بينا ، وآآ.. وآآ... وأنا خوفت عليها ، فقولتلها هابعد ، هي .. هي صممت إننا نكون سوا لحد ما تخلص منه !

ســـأله وكيل النيابة بإهتمام شديد وهو يوزع نظراته بينه وبين كاتبه الخاص ليتأكد من تسجيل أقواله بـ :
-هــا ، وبعدين ؟

نظر له ممدوح بقلق ، وأجابه بـ :
-كانت دايما بتجيلي الشقة ومعاها نسخة منه ، وكنا بنقضي وقتنا سوا 

أمـــره مجدداً وكيل النيابة بنبرة جـــادة وهو يرمقه بنظرات متفرسة :
-فسر كلامك !

نظر ممدوح في إتجاه محاميه نصيف ، وأطرق رأسه ليتابع بحرج :
-يعني .. كنا آآ.. يعني بنعمل علاقة مع بعض ، بس جوزها جالي وهددني إني لو مبعدتش عن مراته ، هاينتقم مني ، فأنا بعدت ، لكن هي لأ ..!

لــوى وكيل النيابة فمه مستنكراً ما سمعه ، وسأله بجمود :
-ممم .. وإيه تاني ؟

أضـــاف ممدوح قائلاً بخفوت :
-هي عرفت إني على علاقة ببنت من إياهم ، فهددتني بالقتل لو ماسبتهاش

إستند وكيل النيابة على مرفقيه بعد أن عقد كفيه أمامه ، وسأله مستفهماً :
-وده امتى حصل ؟ وفين ؟

رد عليه على عجالة بـ :
-من قريب و.. آآ.. وفي شقتي !

قطب وكيل النيابة جبينه ، وحل تشابك كفيه ، ثم أشـــار بإصبعه للخلف قائلاً بهدوء :
-شقتك اللي كانت بتدخلها بالمفتاح عادي 

أومــأ ممدوح برأســـه إيماءة خفيفة ، وأجابه بجدية :
-أيوه ، ما أنا نسيت أخده منها 
-مممم

ثم أضـــاف المحامي نصيف قائلاً بنبرة هادئة :
-موكلي يا فندم عاوز يتهم ناريمان شوقي إتهام صريح بإنها وراء مقتل المدعوة رحمـــة 

مط وكيل النيابة فمه قليلاً ، وتســـائل بنبرة رسمية :
-أهـــا ، عندك أقـــوال تانية ؟

هتف ممدوح بنبرة جادة وبإيجاز :
-أيوه .. !

أشــــار له وكيل النيابة بكف ليشرع في حديثه مرة أخرى قائلاً بجمود :
-اتفضل 

إرتسم على ثغر ممدوح إبتسامة لئيمة ، ثم أرخى كتفيه قليلاً ، وتابــــع ســــرد وقائع مغلوطة عن علاقته الآثمة مع ناريمان ليضمن توريطها بشكل تـــــام في القضية ...

وما إن إنتهى الأخير من حديثه حتى أردف وكيل النيابة قائلاً بصوت جـــاد للغاية :
-اكتب يا بني ، وبناءاً على أقوال المتهم ، يتم إستدعاء المدعوة ناريمان شوقي للتحقيق معها فيما هو منسوب إليها من إتهامات 
...............................

في مشفى الجندي الخــــــــاص ،،،،

حدق مهـــاب في اللوحة التشريحية المعلقة على حائط غرفة مكتبه بنظرات ثاقبة ، وعقد ذراعيه خلف ظهره ، وغمغم قائلاً بتهديد صريح :
-زي ما عالجتك زمان يا ناريمان ، وخليتك تقفي على رجلك ، وقدمتلك كل حاجة على طبق من دهب ، هاحرمك من ده كله ، وبمشرطي ! 

ثم إنتبه إلى صـــوت الدقات الخفيفة على باب مكتبه ، فصــاح قائلاً بصوت مرتفع :
-اتفضل 

دلف كبير الأطباء إلى الداخل وهو يرسم على محياه إبتسامة سخيفة ، وهتف قائلاً بحماس :
-خير يا دكتور مهاب ؟ كنت عاوزني في ايه ؟

ظلت تعابير وجه مهاب جامدة ، ثم ســـار في إتجاه مكتبه ، وإستند بكفه عليه ، و رد عليه بصوت جاد بـ :
-المدام عندي تعبانة ، وأنا عاوز أعملها عملية إستئصال !

عقد كبير الأطباء ما بين حاجبيه في إندهــاش ، وتسائل بتلهف قلق بـ :
-تعبانة ؟ من ايه ؟ وعملية استئصال ايه بالظبط ؟

رد عليه مهاب بهدوء مريب وهو محدق فيه :
-الكلى عندها بقالها فترة مأثرة عليها 

وضــع كبير الأطباء إصبعيه على طرف ذقنه ، وفركه في حيرة ، ثم هتف بإستغراب :
-بس على ما افتكر مدام ناريمان مش بتشتكي منها !!

صـــاح به مهاب بصوت جـــاد وهو يرمقه بنظرات حادة بـ :
-أنا بأقولك تعباها ، يبقى تاخد كلامي ثقة 

تنحنح كبير الأطباء بحرج ، وأرخى يده وهو يتابع بخفوت :
-احم .. إنت أدرى يا دكتور مهاب 

تحرك مهاب في إتجاه كبير الأطباء ، وقال بصوت جاد :
-المهم ، عــاوزك تجهزلي كل حاجة عشان أقوم بالعملية دي من غير ما حد هنا يعرف

انعقد حاجبيه للأعلى وهو يسأله بإندهاش :
-طب ليه ؟

رد عليه مهاب بحدة وهو يشير بإصبعه محذراً :
-من غير ليه ، أنا أمر وانت تنفذ 

هز كبير الأطباء كتفيه في عدم إكتراث ، ودس يديه في جيبي معطفه ، وقال بفتور :
-اللي تشوفه .. 

إبتسم له مهاب إبتسامة مجاملة ، وربت على كتفه وهو يقول بهدوء :
-المهم تبلغني بالميعاد في اقرب وقت 

أومـــأ كبير الأطباء برأسه إيجابياً ، وأجابه بنبرة عادية :
-حاضر يا دكتور مهاب  

................................

عند قصــــر عائلة الجندي ،،،،،

وقفت سيارات الشرطة أمـــــام بوابة القصر الرئيسية ليترجل منها عدداً من الضباط والعساكر ، وصـــاح أحدهم بصوت جهوري :
-افتح البوابة 

اقترب منه الحارس جمــــال ، وسأله بضيق :
-انت مين ؟

صـــاح به الضابط بنبرة قوية وهو يرمقه بنظرات مهينة بـ :
-ايه أعمى مش شايف إننا بوليس قدامك !

لوى جمـــال فمه قليلاً ، ورد بهدوء حذر :
-مقصدش يا باشا ، بس ليه ؟

أجابه الضابط بنبرة رسمية وهو يشير بيده :
-معانا أوامر بالقبض على ناريمان شوقي وتفتيش المكان ده كله 

جحظ جمـــــال بعينيه وهو يهتف بعدم تصديق :
-مييييين ؟

لكزه الضابط في صدره بقوة ، وصــاح بصوت آمـــــر و متصلب بـ :
-انت هتنح كتير ، افتح الباب وإلا هاخد على البوكس 

أشـــــار له بكفيه وهو يقول دون تردد :
-وعلى ايه يا باشا ، اتفضل ! 

ثم إلتفت برأســـه للخلف وصـــاح بنبرة عالية :
-افتحوا البوابـــــــــــة بسرعة 

ثم تنحى جانباً ليفسح المجـــال لسيارات الشرطة بالمرور ، وأخـــرج هاتفه المحمول من جيبه ليهاتف مهاب الجندي ، ويبلغه بما يحدث ...
................................

في منزل أوس الجديد ،،،،

جلست تقى على الفراش وهي ضامة ركبتيها إلى صدرها ، ومحدقة أمامها بنظرات فارغــــة من الحياة .. 

دلفت إليها عفاف ومعاها الخـــادمة ماريا وهي تحمل صينية الطعام ، ثم أشـــارت لها بيدها دون أن تنطق لتضعها على الفراش وتنصــرف ..
فنفذت ماريا ما طلب منها ، وخرجت من الغرفة ..

نظرت عفاف بإشفــــاق إلى تقى ، وجلست على طرف الفراش ، وإلى جوارها ، ثم مــدت يدها وأسندتها على ركبتها ، وهمست قائلة بصوت دافيء :
-قومي يا بنتي كليلك لقمة 

ثم هزتها قليلاً لعلها تستجيب لها ، ولكنها كانت كالصنم الجـــامد الذي لا حياة فيه ..
تنهدت عفاف بحسرة ، وتوسلت لها بـ :
-يا بنتي ماينفعش اللي بتعمليه في نفسك ، كلي أي حاجة ، ده إنتي الحالة دي من بدري 

صرخت فيها تقى بصوت منفعل وهي تركل الصينية بقدمها بـ :
-مش عاوزة أكل ، سبوني في حالي !

هبت عفاف مفزوعة من مكانها ، ونظرت لها بتوجس ، ثم أشــارت بكفيها لها وهي تقول بحذر : 
-حاضر .. حاضر ، إهدي يا بنتي ، أنا هاعمل كل اللي انتي عاوزاه !

هزت تقى رأسها معترضة وهي تهــدر بعصبية :
-محدش بيعمل اللي أنا عاوزاه ، ولا حد فيكم حاسس بالعذاب اللي أنا فيه  ، أنا محبوسة هنا ، مجبورة أكون مع أكتر واحد بأكرهه في الدنيا ، وعاوزيني أعيش حياتي عادي ، أكل وأشرب وأنـــام وأضحك ..!

دفنت وجهها بين راحتي يدها ، وأجهشت بالبكاء لتتابع بصوتها المتشنج بـ :
-ارحموني بقى ! ارحموني وسيبوني في حالي !
نظرت لها عفاف بأسف ، وردت عليها بنبرة حزينة :
-ماشي يا بنتي .. خلاص أنا هاخلي ماريا تنضف الأوضة ، ونسيبك على راحتك !

................................

في قصــــر عائلة الجندي ،،،،،

صــــاحت ناريمان بإنفعــــال جلي وهي تجــــر قسراً إلى خــــارج القصر مكبلة بالأغلال الحديدية بـ :
-انتو قابضين عليا ليه ، أنا معملتش حاجة ، بريئة ، سيبوني !

رمقها الضابط بنظرات ساخطة ، وهتف قائلاً بصرامة :
-حطوها في البوكس

صرخت بإهتياج وهي تقاومهم بشراسة بـ :
-لألألألأ .. أنا بريئة ، قتل ايه اللي بتكلموا عنه ، صدقوني !

دفعها العسكري من خصرها نحو مؤخرة السيارة وهو يقول بجمود :
-اطلعي يا مدام 

هزت رأسها بعصبية وهي تصيح صارخة :
-لألألأ .. سيبوني !

ثم سحبها عسكري أخــــر من ذراعيها للأعلى لتصعد إلى السيارة ..

رفع ضابط أخـــر يده بمفتـــاح ما أمام وجه زميله قائلاً بجدية :
-ده المفتاح يا باشا !

حدق الضابط فيه بدقة وســأله بهدوء :
-مممم.. مواصفاته مطابقة للوصف اللي معانا ؟

أجاب زميله بثقة بالغة بـ :
-ايوه !

تابع الضابط حديثه الجــــاد وهو يشير بعينيه :
-اتحفظ عليه ، ويتبعت للمعمل الجنائي 

أومـــأ زميله برأســـه موافقاً وهو يجيبه بإيجاز :
-تمام يا باشا 
...................................

في منزل أوس الجديد ،،،،

وضـــع أوس ساقه فوق الأخـــرى بعد أن جلس على الأريكة في صالة منزله الواسعة ، ثم أشعل سيجارته الكوبية ، وتسائل قائلاً :
-جهزتي شنط السفر يا عفاف ؟

ردت عليه بهدوء وهي تهز رأسه :
-حصل يا باشا !

ثم زمت فمها ، وأضافت قائلة بتردد :
-بس أنا .. آآ.. كنت عاوزة آآ...

نظر له بنظرات ضيقة ، وأمـــرها بصوت جاد وهو ينفث دخـــان سيجارته عالياً :
-قولي على طول

تنحنحت بخفوت وهي تجيبه بتوتر :
-يعني .. احم .. كنت عاوزة ألفت نظر حضرتك إن تقى محجبة ، والهدوم الموجودة مش آآ.. مش هاتنفع تلبسها 

لـــوى فمه للجانب ، وأخــذ نفساً مطولاً من سيجارته ، وتحدث قائلاً وهو يزفره بإيجاز :
-والمطلوب ؟

بإهتمام واضــــح في نبرة صوتها هتف بـ :
-يعني .. لنفسيتها ، هي أكيد هترتاح في لبس المحجبات ، لكن.. لكن ماظنش إنها هتلبس الفساتين اللي في الدولاب !
-مممم..

ثم تابعت قائلة بثقة بعد أن وجدت منه هدوءاً عجيباً :
-لو تأذنلي أنا أعرف محلات لبس كويس ممكن أنزل اجيبلها كام حاجة مناسبة !

أردف أوس قائلاً بصوت عميق وهو يرمقها بنظراته الجادة :
-رغم إني مابحبش حـــد يعمل حاجة أنا مش موافق عليها ، بس إنتي استثناء يا عفاف !

إبتسمت له مجــــاملة وهي تجيبه بصوتها الهاديء :
-شكراً يا باشا على ثقتك فيا 

أخـــرج أوس حافظة نقوده من جيبه ، ثم عبث بها ليخرج كارته البنكي ، ثم مــد يده للأمـــام وهو ممسك به بإصبعيه قائلاً بجدية :
-خدي الكريدت كارد بتاعتي ، وهاتي المناسب ليها 

هزت رأسها موافقة وهي تتناوله منه مضيفة بهمس :
-حاضر يا أوس باشا

ثم أولته ظهرها ، وســــارت مبتعدة عنه ، ولكن أوقفها صوته حينما صدح بـ :
-عفاف !

إلتفتت برأسها نحوه ، وأجابت على الفور بـ :
-ايوه 

تنهد بعمق ، وأكمل قائلاً بهدوء جدي :
-وجودك الفترة دي مع تقى مهم بالنسبالي ، فماتسيبهاش !

إبتسمت له بإمتنان لإعترافه الضمني بمجهوداتها ، فأجابته بإبتسامة خفيفة :
-اطمن يا باشا ، دي أكتر من بنتي والله 

هــز رأسه بخفة ، وأشـــار بعينيه قائلاً بصرامة :
-تمام ، روحي إنتي !
-عن اذنك !

ثم أكمـــل تدخين سيجارته وهو محدق أمـــامه في الفراغ ، وعقله لم يتوقف للحظة عن التفكير في قـــرار الإنفصـــال عن تقى بعد عدة أيـــــام ...
.................................

في مشفى الجندي الخــــاص ،،،،

رن هاتف مهاب لأكثر من مــــرة ، ولكنه لم يجبْ على إتصالات الحارس جمـــال المتكررة به .. فقد كان مشغولاً بالإعداد لتقارير مزيفة عن ســـوء تدهور حـــالة زوجته من أجل ضمـــان عدم الملاحقة القضائية له في حالة وفاتها ..

إلتوى فمه بإبتسامة شيطانية وهو يرى موظفيه ينجزون ما يريده على أكمـــل وجــه ، وحدث نفسه قائلاً بغرور :
-وكده محدش هايمسك عليك حاجة يا مهاب ، ماهو تزوير التقارير لعبتي من زمـــــان !

..................................

إنتهى الحرس الخـــاص من إعداد السيارات المصاحبة لأوس الجندي في رحلته إلى الساحل الشمـــالي حيث الجولة السياحية التي سيقوم بها مع الوفــد الأجنبي ..

وقف أحدهم على مدخل البناية منتظراً قدوم رب عمله .. وأشـــار للبقية بيده ليستعدوا ..

.................................

عــــاونت عفــــاف تقى في إرتداء ثيابها الجديدة التي إشترتها لها .. والتي راعت أن تكون مناسبة لها ..
في حين نظرت الأخيرة إلى نفسها في المرآة بنظرات خاوية من أي شيء ... 
ورغم هذا لفت أنظــــارها تلك الأناقة الغريبة التي لم تتعود عليها ..
فقد كانت ترتدي كنزة طويلة قطنية تصـــل إلى ما بعد ركبتيها من اللون البرتقالي .. وأطرافها مطرزة بقمــاش حريري بني لامع .. وفتحة صدرها مثلثة .. 
ومن أسفلها برزت ياقة قميصها الأبيض المعقود شريطيه على هيئة أنشوطة .. وكذلك إرتدت بنطــالاً من الجينز من اللون الرمــادي الفاتح ..

مـــدت عفاف يدها بحجاب حريري ذي اللون الزيتوني لتغطي رأس تقى به ، وإبتسمت لها إبتسامة رقيقة وهي تقول :
-ربنا يكفيكي شــر العين يا بنتي زي القمر

لم تبتسم لها تقــى ، بل إكتفت بتحريك رأسها بإيماءة خفيفة ..

أمسكت بها عفاف من ذراعيها ، وأدارتها في إتجاهها ، وتابعت قائلة بخفوت :
-ماتقلقيش يا بنتي ، الباشا أوس عمره ما هيأذيكي 

لــوت تقى فمها بسخط ، وتنهدت بحرارة .. وأغمضت عينيها لتبتلع تلك الكذبة على مضض ..

فهمت عفــــاف من نظراتها ، وتعبيرات وجهها الحزينة عدم إقتناعها بما تقـــول .. فإلتمست لها العــذر .. لأنها لم تعرف أوس جيداً كما عرفته هي .. وأيقنت أنه قد تبدلت أحواله مؤخـــراً بعد زواجه من تقى ودخولها للمشفى .. 
هزت رأسها بإشفاق وهي تغمغم لنفسها قائلة بحزن :
-يا ريتك تشوفيه زي ما أنا شايفاه الوقتي يا بنتي ..!

ولجت الخادمة مــــاريا إلى داخل الغرفة ، وهتفت قائلة بلكنة غريبة :
-الباشا أوس منتظرك مدام !

حدقت بها تقى في خـــوف ، ولم تجيبها ..
بينما نظرت لها عفاف ، وردت عليها قائلة بهدوء :
-قوليله هي جاية على طول يا ماريا 

-حاضر 
قالتها ماريا قبل أن تنصــرف إلى خــارج الغرفة ..

ثم ربتت عفـــاف على ظهر تقى ، وهمست لها بحذر :
-يالا يا بنتي 

شعرت عفاف بإرتجـــافة جسد تقى ، فحاولت أن تطمئنها ، فأضافت بحنو :
-أنا معاكي يا بنتي !

ســــارت تقى بخطوات بطيئة نحو الخـــارج ، وظلت عفاف واضعة لكف يدها على ظهرها لتبث لها الأمــــان ..
...........................................

وقف أوس بجــــوار باب المنزل منتظراً زوجته بترقب شديد ، وواضعاً يديه في جيبي بنطـــاله القماشي الأســـود .. 
ظل يهز ساقيه بعصبية ، وأجفل عينيه للأسفل لينظر إلى لمعـــان فردتي حذائه .. ثم رفع بصره للأعلى فجـــأة حينما سمع صوت عفاف يهتف بـ :
-احنا جاهزين يا باشا !

ســـلط أوس أنظـــــاره على تقى ، وتحولت نظراته إلى الإعجــاب بهيئتها المحتشمة .. وعلى الرغم من إعتياده رؤية أجســـاد النســاء – وخاصة عاهراته – عارية ، إلا أنه شعر بالغبطة لأن زوجته تختلف عنهن .. فهي جوهرته الثمينة .. 
إلتوى فمـــه بإبتسامة رضـــا ، ولكنها تلاشت سريعاً ليحل محلها الجمود وهو يتشدق قائلاً :
-تمام ، يالا 

أمســـك بمقبض الباب وأداره لينفتح قليلاً ، ثم وقف ملتصقاً به ، وأشــــار لتقى بعينيه لكي تتحرك 

نظرت لــه شزراً قبل أن تسير نحوه بإضطراب يسيطر على أوصـــالها .. 

مرت بخطوات حذرة من جواره ، وتحاشت النظر إليه ، في حين حـــدق هو بها بدقـــة رهيبة ، واستنشق عبيرها بكل حواســـه ، وأغمضت عينيه ليحفر في عقله جبراً تلك اللحظة العابرة ..

راقبتهما عفاف بنظرات متفائلة ، وتقوس فمها بإبتسامة أمــل .. 

وقفت تقى أمـــام المصعد ووجهها خالي من التعبيرات ، بينما وقف أوس خلفها ، على بعد سنتيمترات منها ، مسبلاً عينيه نحوها بشغف جلي ..
شعرت هي بحرارة جسده من خلفها ، فإبتلعت ريقها بتوتر .. 
وأجفلت عينيها للأسفل ، وظلت تحرك أصابع يدها بإرتباك ..

طـــال وقوفهما ولم يحضر المصعد ، فتسائل أوس بجدية :
-هو انتي دوستي على الزرار ؟

لم تجبه ، ولم تنظرْ نحوه ، بل ظلت جامدة كالصنم ..

سألها مجدداً بنبرة شبه متصلبة وهو محدق بها :
-دوستي ولا لأ ؟ 

لـــوت فمها ولم تجبه ، وعقدت ساعديها أمام صدرها في عدم إكتراث بما يقول ..

نفخ من الضيق ، وتابع قائلاً بنبرة مغتاظة :
-على الأقل عرفيني !

ثم إنحنى للأمــــام ليضغط على الزر مجدداً ، ولكنه إرتطم عمداً بظهرها ، فأجفلت هي مما فعله ، وحلت ساعديها ، وتجهم وجهها ، وإلتفتت برأسها للجانب لترمقه بنظراتها الغاضبة ، فوجدت وجهه يكـــاد يلامس وجنتها ، وعينيه مسلطتين عليها .. فتوردت خجلاً من اقترابهما الشديد ، وإبتلعت ريقها متوترة ..
إلتوى فم أوس بإبتســـامة صغيرة ، وهمس لها قائلاً :
-كده الأسانسير هايجي !

ثم تراجع للخلف ، فعضت على شفتها السفلى ، وعدلت من وضعية ياقتها بإرتباك ملحوظ ....
...................................

في مشفى الأمــــراض النفسية ،،،،

تجول عـــدي بصحبة الطبيب المعالج لليـــان في الحديقة الواسعة الملحقة بالمشفى ، وأردف الأخير قائلاً بجدية :
-هو في تقدم ملحوظ ، بس هانخد وقت لحد ما هي تكتسب ثقة من جديد في اللي حواليها 

تسائل عـــدي بإهتمام جلي في نبرته :
-طب هازورها امتى ؟

أجابه الطبيب بإيجاز بـ :
-قريب 

هز رأســـه بخفة وهو يردد :
-تمام 

حك الطبيب طرف ذقنه وهو يضيف بنبرة حذرة :
-أنا كان عندي سؤال !

قطب عدي جبينه مهتماً ، وتشدق قائلاً :
-اتفضل يا دكتور 

ســـأله الطبيب بنبرة جــــادة وهو محدق في وجــهه :
-مين تهاني دي اللي على طـــول بتقول اسمها ؟

ضيق عدي حدقتيه في إستغراب ، وهتف بصورة عفوية :
-تهاني !

حرك الطبيب رأسه مبرراً بـ :
-أهـــا .. هي ساعات كتير تفضل ساكتة مع نفسها ، وفجــأة تنفعل وتردد جمل زي " أنا مش بنتها ، هي بتكره ولاد تهاني ، احنا ولاد تهاني " ، وحاجات مشابهة لده 

هز عدي كتفيه في حيرة ، وتابع قائلاً بنبرة جادة :
-مش متأكد ، بس هســأل وأعرفلك !

إبتسم له الطبيب ممتناً وهو يقول :
-يا ريت ، أي معلومة بتقدمهالي حتى لو كانت صغيرة بتفيد في علاج الحالة 
-اوكي 
.......................................

فتح أحد رجــــال الحراسة الخاصة باب السيارة الخلفي ليلج أوس الجندي إلى الداخل بعد أن إستقرت زوجته في مكانها ، ثم أشــار له بيده ليغلق الباب ، ومن ثم أومأ بعينيه لينطلق السائق بهما ..
توقعت تقى أن تركب معهما عفاف ، لكنها تفاجئت بالسيارة تتحرك ، فنظرت حولها بذعــر ، وتلفتت برأسها في ريبة متسائلة بصوت محتد :
-فين عفاف ؟ هي مش هتركب معانا ؟

أجابها أوس بهدوء شديد وهو يسند مرفقه على جانب السيارة :
-لأ ، هي مش هاتيجي أصلاً السفرية دي 

إتسعت مقلتيها في ذعــــر ، وهتفت قائلة بصدمة :
-اييييييه !!!

ثم إلتفتت برأسها للخلف لتجد عفاف واقفة في مكانها ، وإبتسامة خفيفة مرسومة على ثغرها ، وتلوح لها بيدها ، فتلاحقت أنفاسها بخــوف ، ونظرت بطرف عينها إليه ، وهي تهز رأسها مستنكرة ....

هتف قائلاً بصـــوت رخيم وهـــاديء دون أن ينظر نحوها :
-زي ما وعدتك ، هاطلقك أما نرجع ، فمافيش داعي للإنفعال

إعتدلت بيأس في مقعدها ، وأشاحت بوجهها بعيداً عنه ، وعقدت ساعديها أمام صدرها ، وظلت تنفخ بإستمرار

إختلس أوس النظرات إليها ، وتقوس فمه بإبتسامة باهتة ، ثم عـــاود النظر إلى الطريق .....
.............................

في مكتب المحامي أمجد سعفان ،،،

أومـــأ أمجد برأســــه عدة مرات وهو واضع لهاتفه المحمول على أذنه ، ثم جاب غرفته ذهاباً وإياباً وهو يمط فمه متمتماً بكلمات غير مفهومة .. ثم أنهى المكالمة وإلتفت إلى سامي الجندي وهتف قائلاً بحماس :
-زي ما مصادرنا قالوا ، هو بنفسه اللي رايح الساحل الشمالي !

إتسع ثغر سامي بإبتسامة شيطانية ، وأردف بشراسة وهو يكور قبضته في الهواء :
-حلو أوي ، ودي فرصتي عشان أخلص منه من غير ما حد ياخد باله 

ســأله أمجد بإهتمام وهو يرمقه بنظرات حادة :
-فكرت في الخطة اللي هاتعملها ؟

رد عليه بثقة وهو يشير بيده :
-اه فكرت وهي استوت على الأخــــر كمان 

هــز أمجد رأسه بهدوء ، وتابع بجدية :
-تمام .. يبقى مش ناقص غير تحديد وقت التنفيذ 

إتسعت حدقتي ســـامي بطريقة مخيفة وهو يضيف بتهديد صريح :
-مش هاترجع من هناك يا ابن أخويا إلا جثة ! 
................................

في سيارة أوس الجندي ،،،،

ظلت تقـــى طـــوال الطريق صامتة ، ومحدقة بالنافذة الملاصقة لها ..
بينما كان أوس يدير رأسه ناحيتها بين الحين والأخــر لينظر لها بتفحص ..
لاحظ إهتزاز ساقيها بصورة متوترة ، ثم سكونها ، ثم تكرار تلك الحركة وكــأنها لازمة لها .. فإلتوى فمه بإبتسامة باهتة .. 
نظرت له فجــأة ورمقته بنظرات حــادة وهي تنهره بضيق :
-بتبص على ايه ؟

وضع أوس إصبعه على أنفه ليداعبه ، وأجفل عينيه قليلاً ، ولم يجبها ..
نفخت من تجاهله الرد عليها ، ونظرت للطريق من جديد .. 

أمســـك أوس بـ " التابلت " الخاص به ، وظل يتابع بعض المراسلات الإلكترونية الخاصة بشركاته ، ويرد عليها بهدوء تــام ..

شعرت تقى بثقل في جفنيها ، وأرادت أن تتثاءب ولكنها قــاومت بجهد كبير هذا الإحســـاس المغري للنوم ، ولكن حركة السيارة الثابتة والهادئة في آن واحد جعلت جسدها يسكن ويستجيب لسلطانه ..
أرجعت رأسها للخلف ، وأسندته على المقعد ، وحدقت بالطريق ، ثم إستسلمت للنوم تماماً ..

رن هاتف أوس ، فإلتقطه من جيب قميصه العلوي ، ثم نظر إلى المتصل ، ورد عليه بجدية :
-نعم !

ثم هـــز رأســـه بإيماءة خفيفة وهو يضيف بجمود :
-مش كتير ، حاجة بسيطة ، تقريبا تلاتربع ساعة بالكتير  .. مم.. أهــا !

وفجـــأة مـــالت رأس تقى ناحية كتفه ، وإستندت عليه ، فنظر لها أوس بإندهــــاش عجيب ، وتلعثم وهو يكمل مكالمته ، فهمس بصوت جــاد :
-هاكلمك بعدين ، سلام !

ثم أعـــاد وضع هاتفه في جيبه ، ورفع ذراعه بحذر شديد للخلف لتميل رأس تقى أكثر على صدره ، ثم أحاطها به ، وشعر بأنفاسها الهادئة تلفح عنقه وصدغه .. فإبتسم لها برضــا .. وحدق مطولاً في قسمات وجهها الدقيقة ، وتأمل ذلك الجمـــال النقي الذي أنهكه الحزن ..  

تنهد بحرارة شديدة وهو يحدث نفسه بنبرة عاشمة :
-آه لو تديني فرصة بس أصلح غلطي.... !!!

.........................

تمطعت تقى بجسدها وهي غافية في أحضـــان أوس ، ثم فتحت عينيها قليلاً ، فرأت عينين تحدقــان بها بشغف ، وإبتسامة صغيرة بادية على ذلك الوجــه المقترب منها ..
ظنت في البداية أنها لا تــزال في سباتها غير واعية ، فأغمضت عينيها مجدداً ، ولكن لإهتزاز السيارة بحركة قوية جعلتها تفتح عينيها فجــأة بإنزعـــاج ، ثم أمعنت النظر في وجهه فأدركت أنها تنظر إليه .. فإتسعت حدقتيها الزرقاوتين في ذهـــول ، وفغرت شفتيها للأسفل مدهوشة من تلك الوضعية التي كانت غافية عليها ..
هزت رأسها مستنكرة ما حدث ، وشعرت بقبضته ممسكة بها من ذراعها ، فإنتفضت من حضنه مذعورة ، وأزاحت يده بعيداً عنها ، وصاحت بإنفعال :
-إنت .. إنت عملت إيه ؟

هـــز كتفه في عدم مبالاة ، ورمقها بنظرات هادئة وهو يجيبها ببرود :
-ولا حاجة ؟

نظرت له بذعـــر ، وصرخت فيه بعصبية وهي تشير بإصبعها :
-إنت .. إنت خدرتني ! 

نظر لها بعتاب ، ثم أجابها بفتور :
-مش اسلوبي على فكرة !

ســألته بزمجرة قوية وهي تتلفت حولها :
-أومــال أنا جيت هنا إزاي ؟

نظر لها بتعجب وهو يرفع حاجبه للأعلى ، ثم عقد ساعديه أمــام صدره ، ورد عليها بنبرة عابثة :
-بمزاجك !

حدجته بنظرات محتقنة وهي تهتف بـ :
-نعم ؟

أمــال رأسه للجانب ، ونظر له بتسلية وهو يجيبها ببرود مستفزاً إياها :
-يعني إنتي جيتي هنا العربية على رجليكي ، وبعد شوية نمتي ، وبعدها ريحتي على كتفي ! 

ثم حل ســـاعديه ، وتحرك في المقعد ليقترب منها ويقلص المسافة بينهما ، فإنكمشت على نفسها بخوف ، ورمشت بعينيها بتوتر ملحوظ ، فهمس لها وهو يميل على شفتيها برأسه : 
-يعني مش أنا اللي قربت منك ! بس جايز عقلك الباطن عاوزني ! 

إبتلعت ريقها بخوف واضح منه ، ورددت بتلعثم :
-إنت .. إنت آآآ..

قاطعها بصوت جـــاد وهو مسبل عينيه :
-أنا عند كلمتي معاكي !

ثم صمت لثانية ليقترب أكثر منها حتى كاد أن يلامس شفتيها بفمه ، فتوردت وجنتيها بحمرة واضحة ، وهمس قائلاً وهو يغمز لها بثقة :
-إنتي بتتعاملي مع أوس الجندي يا.. يا بنت خالتي .......................... !!!!!! 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1